كثيرون هم الناجحون في الحياة، لكن المبدعين قليلون. تراودنا الكثير من الأسئلة عن أسباب نجاح شخصيّات في مجتمعنا وبلوغهم أعلى المراتب، في حين أنّهم يتحدّرون من عائلات فقيرة ومجتمعات قرويّة ضيقة.. إنّها قِصص نجاح يسطُّرها بعض الناس فيخطّون بذكائهم ووعيهم مسيرة حياتهم ويتوّجونها بالنجاحات والإبداعات.
ومن هنا، استوجب الأمر أن نسلّط الضوء عليهم كي نتعلّم من تجاربهم وخبراتهم في الحياة. لذلك كان لنا لقاء مع الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال ورئيس تحرير مجلّة «الاقتصاد والأعمال» الأستاذ رؤوف أبو زكي، وهو أيضاً عضو مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة في بيروت وجبل لبنان وعضو استشاري في العديد من المدارس والجامعات، وقد حاورته راغدة الحلبي وطرحت عليه الأسئلة التالية:
حدّثنا عن بداياتك في عالم الصّحافة والإعلام؟
إنّني صحافي بالشّغف والموهبة وليس بالعلم، ففي ذلك الوقت عندما بدأت أمارس المهنة، لم يكن هنالك اختصاص جامعي للصّحافة والإعلام. لكنني كنت أعلم ماذا أريد منذ الطفولة، إذ قررت أن أكون صحافياً – كنت أكتب خواطر ووجدانيات وأنشرها في الصحف باسمي أو بأسماء مستعارة – إلى أن توافر لي مركز شاغر لوظيفة محرّر في وكالة الأنباء المحلّية حيث تخصصت بتغطية أخبار النقابات والنشاطات العمالية. بدأت العمل براتب مقداره 15 ليرة لبنانية في الأسبوع، وكان ذلك في عام 1962. ثم انتقلت إلى وكالة أنباء بيروت حيث أصبحت أغطّي النشاطات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والعمالي وارتفع راتبي الشهري إلى 150 ليرة لبنانية.
متى بدأت العمل مع جريدة «النّهار»؟
في تلك الأثناء، صِرت أعطي تحقيقات لجريدة «النهار»، إذ كان هدفي الأساسي العمل فيها، وكنت أتقاضى 25 ليرة وأحيانا 50 ليرة لبنانية عن كل تحقيق، وبعد مدّة عرضوا عليّ العمل كمتفرّغ في «النهار»، فوافقت على الفور، وعندما سألوني كم أتقاضى من الوكالة التي أعمل بها، خجلت أن أخبرهم بالحقيقة، فقالوا لي سندفع لك 350 ل. ل.، وهكذا ربحت المركز الذي أريد وأصبح معاشي أكثر من الضّعف، علما بأنني كنت مستعدّاً للعمل في النهار ولو من دون مقابل لأنّها كانت الحلم الذي أسعى لبلوغه.
أخبرنا عن دورك في تطوير القسم الاقتصادي في «النهار»؟
في «النّهار»، بذلت مجهوداً كبيراً في العمل، إذ كنت وعلى مدى خمس سنوات أحرّر صفحة كاملة في القسم الاقتصادي، بعدها تم إحضار شخص آخر للعمل معي في القسم الاقتصادي ثم أصبحنا ثلاثة، وبدأ القسم الاقتصادي – الاجتماعي في الجريدة يكبر ويحتل مركزاً طليعيّاً في الصحافة اللبنانية. والواقع أنَّ تخصّصي في شؤون العمال والنقابات كان له دور رئيسي في وصولي إلى «النّهار»، إذ كانت إدارة الجريدة تبحث عن تغطية ذلك الجانب. وما يُميّز جريدة «النهار» أنها كانت تمنحنا مساحة واسعة من الحرّية، وهذا ما ساعدني على تكوين خبرات وتجارب واسعة، ومن حسن حظي كان مدرائي في تلك الفترة من جهابذة «النهار»، منهم: رئيس التحرير لويس الحاج، وعميد «النّهار» غسان تويني، ومدير التحرير فرنسوا عقل الخ..
في المرحلة الثانية من عملي في «النهار»، بدأت أسلّط الضوء بقوة على القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة. وفي العام 1972 طلبت من الأستاذ غسان تويني بأن يُصدر عدداً خاصاً عن الصناعة، فرفض طلبي قائلاً: «وين في صناعة بلبنان يا ابني؟». فانكفأت، لكن مع الوقت ازدادت قناعتي بأهمّية الموضوع، ففاتحته مجدّداً بالأمر، وعندما رآني مصراً على رأيي وافق وأعطاني الضوء الأخضر للانطلاق. وبعد فترة أطلعته على التحضيرات ففوجئ بالنتيجة، وقال لي بأنه يريد أن يكتب افتتاحية العدد. كانوا قلّة من الإعلاميين يعلمون واقع الصناعة في لبنان. ففي ذلك الوقت كانت مصر وسوريا قد أمَّمتا المؤسسات، فهرب الصناعيون منهما وجاؤوا إلى لبنان، الأمر الذي خلق حركة صناعية واقتصادية في لبنان. وهكذا، كنت أوّل من أوجد الإعلام الصناعي في لبنان من خلال جريدة «النهار»، بل صار لدينا عدد سنوي عن الصناعة.
وفي انتخابات غرفة الصناعة والتجارة في بيروت وجبل لبنان العام 1972 كانت هناك لائحة ذات طابع تجاري برئاسة ڤيكتور قصير وعدنان القصار، ولائحة ذات طابع صناعي برئاسة رفيق غندور، فأخذت موقفاً مؤيّداً للائحة الصناعيين، وطبعاً كان حظها بالفوز ضئيلاً، ذلك لأنّ عدد الصناعيين أقل بكثير من عدد التجار، وهكذا فازت لائحة التجار.
في الواقع، كان لي دور كبير في نتائج انتخابات جمعية الصناعيين اللبنانيين لدورتين متتاليتين إذ ساهمت بمجيء رئيسين للجمعية، هما: جورج عسيلي وفؤاد أبي صالح.
ما هي الأمور التي اكتسبتها من عملك في «النهار» وجعلت لك حضوراً قويا؟
من خلال عملي في «النهار»، استطعت أن أكون عنصراً مؤثّراً فقد أطلقت حملة ضخمة ضد التكتلات الاحتكاريّة في لبنان، فسلَّطت الضوء على محتكري اللحوم والدجاج والأدوية وعلى المرابين وغيرهم. وأقيمت ضدي وضد «النهار» الدعاوى في المحاكم، لكنّ إدارة الجريدة كانت تساندني. وقد تركت هذه الحملة أثراً كبيراً في مختلف الأوساط. وكنت، أيضاً، قد واكبت ولادة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وقمت بتوظيف أوّل موظف في الصندوق، وكان زميلاً لي في الدراسة. ثم واكبتُ إعلاميَّا نشاط صندوق الضمان ومجلس إدارته واجتماعاته. وقد ساهمنا كثيراً في تصويب الأمور، خصوصاً، وأنَّ «النهار» كانت ولا تزال كلمتها مؤثرة.
أمضيت 15 سنة من العمل في جريدة «النهار»، وقد جاءني خلالها الكثير من العروض المُغرية، لكنني كنت أرفضها. ففي إحدى المرّات أرسل لي أحدهم صديق مشترك عارضاً عليّ العمل في صحيفته، وقد أبدى استعداده لتقديم شيك أبيض تاركاً لي القرار بتحديد المعاش الذي أريد، فأرسلت له شكري وتقديري ورفضت عرضه المغري ماديّاً لأنني كنت مرتاحاً في «النهار»، ولم أكن أؤمن بتغيير الأمكنة سيّما وأنني كنت في المؤسسة الإعلامية الأولى في لبنان بل وفي العالم العربي.
متى أسّستم مجلّة «الاقتصاد والأعمال»؟
في عام 1975، أسستُ شركة إعلامية مساهمة صدر عنها مجلة «الاقتصاد والأعمال»، ولَم يكن لديّ المال، بل لديّ أفكاري وخبراتي المهنيّة وثقة المساهمين وجميعهم رجال أعمال، واستطعت أن أكسب دعمهم، فبدأنا العمل بمبلغ مليون ليرة لبنانية. ثم بدأت الحرب وأدركنا أنّها ستكون طويلة ولا مجال للعمل في لبنان، فانتقلنا في عام 1982 إلى باريس حيث أسّسنا مكتباً للمجلة، وكان عبارة عن غرفتين، وهناك أمضينا عشر سنوات من العمل.
بعد ذلك بدأت أستجلب مساهمين عرب لزيادة رأسمال الشركة، فكانت انطلاقة أُخرى مميّزة بحيث أصبحت مجلة «الاقتصاد والأعمال» شركة مساهمة لبنانية عربية تضم نحو 40 مساهماً. وبالطبع فإنّ وجودنا في فرنسا ساهم في تطويرنا. فانطلقت باتجاه فكرة المؤتمرات، ونظمنا أوّل مؤتمر في العام 1988 في تونس، والمؤتمر الثاني في باريس العام 1991. وبعدها كانت الانطلاقة الكبرى في بيروت مع تولِّي الرئيس الشهيد رفيق الحريري رئاسة الحكومة في لبنان. وهذا المؤتمر الذي بدأ العام 1993 في بيروت مستمر حتى اليوم ونحن نستعد لتنظيم الدورة الـ 28 وهو يحمل اسم «منتدى الاقتصاد العربي». كما أقمنا مشروعاً مشتركاً مع جريدة Financial Time وهو عبارة عن نشرة تصدر بالعربية، وأطلقنا عليها اسم نشرة «الأعمال». وقد ساهمت هذه النشرة في ترويجنا إعلانيّاً في الأسواق الدولية، لأنّها مشروع مشترك مع صحيفة عالمية مرموقة. وبعد 10 سنوات من العمل في باريس عدنا إلى لبنان مع تولي الرئيس الشهيد رفيق الحريري رئاسة الحكومة.
كيف كانت علاقتك مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟
تعرّفت على الرئيس الحريري عام 1981 عندما اشترى بنك البحر المتوسط، ذهبت حينها إلى الرياض بناء على طلبه حيث كتبت له الخبر عن شراء البنك، ومن يومها تكوّنت علاقة صداقة وطيدة بيني وبينه. وقبل استلامه رئاسة الحكومة بأربعة أشهر، كتبتُ مقالاً ناديته فيه بدولة الرئيس، والسبب أنني وبينما كنت أتناول معه طعام الغداء في قصره في جدة، استشارني حينها بموضوع خطاب سيلقيه في حفل تخرّج لطلاب الجامعة الأمريكية في بيروت، فأوضحتُ له مُقترحاتي، وإذ به ينادي أحدهم لإحضار الكلمة التي أعدّها للمناسبة، فعندما قرأتها قلت له: «مبروك دولة الرئيس». بمعنى أنها بيان – إعلان ترشّحه لرئاسة الحكومة في لبنان.
وبعد تسلّمه رئاسة الحكومة ببضعة أشهر اقترحت عليه تنظيم مؤتمر يستقطب مستثمرين خليجيين وعرب، فأجابني قائلاً: «كبّر عقلك مين رح يجي يستثمر، فلا يوجد مطار ولا كهرباء». كان ردّي له:
«دع الأمر لي، وإنني سألتزم بإحضار 100 مستثمر خليجي». وبعد فترة ذهبت إلى باريس حيث كانت لاتزال عائلتي وعائلته هناك، فالتقيته في منزله في عيد الأضحى وكان معنا مدير البنك مصطفى رازيان، فأخبرته بأنني أمَّنت 90 مشاركاً لحضور المؤتمر، وأطلعته على اللائحة، فإذا به يُفاجأ بنوعيّة الشخصيات المشاركة الرفيعة المستوى، وحينها أكّدت له أنّه بعد العيد سيُصبِح العدد 150. وقد شارك حينها 225 شخصيّة في المؤتمر الذي عقدناه في فندق السمرلاند – بيروت، وهو الفندق الوحيد الذي كان مؤهّلاً لعقد هذا المؤتمر، علماً أنّ القاعة كانت مخصصة للسباحة الشتوية وتمّ تأهيلها لاستيعاب المؤتمر.
ماهي أهم النتائج التي حصدتَها بعد تنظيم هذا المؤتمر؟
إنّ هذا المؤتمر حجر الأساس لصناعة المؤتمرات في لبنان والعالم العربي، وأصبح مؤتمراً سنويّاً. وفي هذه السنة نظمنا الدورة 27 في بيروت، وكان ضيف المنتدى جمهورية مصر العربية التي تمثلت برئيس حكومتها ومعه 6 وزراء، وحاليّاً نحن بصدد التحضير للدورة الـ 28 التي ستنعقد في حزيران 2020. وقد استطعنا طيلة هذه السنوات تكوين شبكة علاقات واسعة ومهمّة في لبنان والعالم العربي، خصوصاً وأنني كنت ولا زلت على سفر دائم للمشاركة في المؤتمرات والنشاطات الدولية، واستطاعت مجلة «الاقتصاد والأعمال» أن تكون همزة وصل بين رجال الأعمال العرب، واكتسبنا ثقة مجتمع الأعمال.
هل هناك تركيز على بلدان أو قطاعات معيّنة في مؤتمراتكم؟
ثمّة حكايات وخلفيات كثيرة لكل مؤتمر نظمناه في أي بلد لكن لا مجال لعرض التفاصيل في هذه العجالة. لقد نظمت مجموعة الاقتصاد والأعمال حتى نهاية العام 2018 نحو 350 مؤتمراً في 30 دولة. ومعظم المؤتمرات يتكرّر سنوياً. والعمل الناجح وحده قابل للتكرار.
تترأَّسون اليوم مجلس الأعمال اللّبناني-السعودي الذي يضمّ نخبة كبيرة من رجال الأعمال، كيف تقيّمون العلاقات السعودية – اللبنانية اليوم؟
هنالك علاقة متينة كانت تربط مجموعتنا مع المملكة العربية السعودية. وتتويجاً لهذه العلاقة تم اختياري لترؤُّس الجانب اللبناني من مجلس الأعمال اللبناني-السعودي الذي يقوم بدور فعال في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وبالمناسبة أتذكّر أنّه خلال الملتقى الاقتصادي السعودي-اللبناني الذي نظّمناه العام 2003 فاجأ الملك سلمان الحضور بخطاب مرتجل تحدث فيه عن دور اللبنانيين في المملكة وقد دعوناه ليكون ضيف شرف في الملتقى التالي في بيروت، ولكن الحادث الأليم الذي وقع في مجمع المحيا في الرياض وما تسبب به من أضرار ومن ضحايا ومن بينهم لبنانيين، جعلنا وبالتنسيق مع الرئيس الحريري نبادر وتضامناً مع المملكة إلى تكرار عقد المُلتقى في الرياض مما لاقى ترحيباً وشكراً من الملك سلمان.
وفي كلمته في الملتقى قال الملك سلمان، الذي كان أميراً للرياض يومها: «إنّ العلاقة بين البلدين أخويّة وقويّة ومع مختلف الطوائف مع ساحله الجميل وجبله الأشم وسهله المنيع». وذكّر الملك سلمان برجال من لبنان كانت لهم علاقة قوية مع المملكة منذ تأسيسها منهم مؤرخ المملكة أمين الريحاني ومستشار الملك عبد العزيز فؤاد حمزة وجميل بارودي الذي شغل منصب مندوب السعودية في الأمم المتحدة. وقال الملك سلمان يومها «إنّ طموح اللبناني مثال يحتذى فهو لا يقول عجزت أو لا أستطيع بل يقول أجرّب». وفي هذا السياق ذكّر الملك بأمثال الحاج حسين العويني الذي بدأ تاجراً في جدّة وأصبح رئيساً للوزراء وبالرئيس رفيق الحريري، الذي كان يجلس إلى جانبه في الملتقى، وقال إنّه يمثل الطموح اللبناني مشيراً إلى أنّ «الحريري دخل المملكة وبدأ من الصّفر وكان مدرّساً وموظفاً ثم رجل أعمال، ولم يسجّل عليه أيّ شيء يمسّ بالمملكة ولبنان».
بماذا تميزت مجلة «الاقتصاد والأعمال» عن غيرها من الوسائل الإعلامية المطبوعة؟
مجلة «الاقتصاد والأعمال» لعبت دوراً رياديّاً في مجالات عديدة أبرزها الآتي:
إنّها أوّل مؤسّسة إعلامية عربية ولدت كشركة مساهمة فعلية لا تملكها عائلة أو فرد. وكنت قد كتبت مقالاً تحدثت فيه عن كيفية تحويل النجاح الفردي إلى نجاح مؤسّساتي، فالفرد مهما كان ناجحاً سيأتي يوم ويغادر الحياة، لكن المؤسسة تبقى. وأحد معايير نجاح المؤسسة هي مأسسة النجاح بحيث تتجاوز مؤسّسها وتتمكَّن من الاستمرار معه ومن دونه.
إنّها أوّل مطبوعة أعمال عربية شاملة بمعنى أنها غير محصورة في محتواها وفي توزيعها في بلد عربي واحد.
إنّها أوّل مؤسسة إعلامية عربية تطلق صناعة المؤتمرات في لبنان والعالم العربي. صحيح إنَّه كانت توجد بعض المؤتمرات، لكنها كانت تُنظّم من جهات أجنبية، وهكذا أصبحنا أكبر وأقوى مؤسسة عربية في صناعة المؤتمرات في عالمنا العربي لأنّ أهل مكة أدرى بشعابها.
هل كنت ترى نفسك في بداية مشوار حياتك المهنية في المكان الذي أنت فيه اليوم؟
كنت أرى نفسي صحافيًّا بالفطرة، لكن آخر أمر كنت أفكّر فيه أنني سأكون في صحافة الأعمال والاقتصاد، بل القدر هو الذي قادني اليها. كل ما كنت أفكّر فيه أنني سأعمل صحافياً، وقد منحني الله ملكة الكتابة. وهنا أتذكّر حادثة طريفة، فعندما كنت تلميذاً في مرحلة الثانوية أجريت مقابلة مع نفسي ونشرتها في المجلة المدرسية.
ما هي أهم الصّفات والمزايا التي يجب أن يتمتّع بها كل إنسان يطمح لأن يحقق النجاح ويبلغ أعلى المستويات في مجال عمله؟
أوّلاً: وضوح الرؤية، فالإنسان يمتلك قوّة كبيرة عندما يكون عالماً بما يريد. ثانياً: أن يكون مُجَهّزاً بمقوّمات شخصية وبكفاءة علمية تساعده على بلورة الرؤيا ونقلها من الحلم إلى الواقع. ثالثاً: إرادة العمل. رابعاً: المهنيّة العالية. وخامساً: الدقّة في العمل وإتقانه مهما كان نوع العمل. فشرط النجاح هو الإتقان، والإتقان هو الاعتناء بالتفاصيل، والتفاصيل هي فن الحضارة.
هل لديك صداقات مع رؤساء وملوك عرب؟
طبعاً، لدي علاقات ممتازة مع معظم الحكام والرّؤساء العرب، لكن يوجد علاقة صداقة مع القليل منهم، وأفضّل عدم ذكر الأسماء.
لماذا نلحظ في السنوات الأخيرة أزمة مالية تطال الكثير من الوسائل الإعلامية؟
هنالك عدة أسباب جعلت بعض الوسائل الإعلامية اللبنانية تمرّ بأزمة مالية بل وأن بعضها قد أقفل. فالسوق اللبناني صغير، والوضع اللبناني مأزوم، فبلدنا محاصَر، وهنالك مقاطعة من دول الخليج، والحرب السورية على حدوده، ومن الطبيعي أن يتأثر الاقتصاد بسبب هذه الظروف. كذلك، لم تعد صحافة لبنان هي صحافة العرب كما كانت، إذ أصبح للعرب صحافتهم.
إنّ التحول التكنولوجي أثّر على صناعة الورق، والمشكلة أنّ المواقع الإلكترونية لم تستطع أن تخلق مدخولاً يوازي مدخول الورق أو يكون بديلاً له. وأعتقد أن الأزمة ستزيد، وسيتغربل السوق ولن يبقى هنالك مؤسسات كثيرة. المؤسسات الإعلامية المموّلة سياسيّاً ستستمر والمؤسسات الإعلامية الممتَهِنة وذات المحتوى المطلوب ستستمر أيضاً، وكلّ ما عدا ذلك فإلى زوال على ما أعتقد. المؤسسات الإعلامية تمرّ بأزمة مصيرية وبنيوية، لذلك فإنَّنا نحتاج إلى رؤية جديدة وأفكار جديدة لنرى أيَّ نوع من الصحافة ستبقى في المستقبل، وما هو المردود ومن أين سيأتي..
إلى أيِّ مدى يساهم الإيمان عند الإنسان في مساعدته على تجاوز المحن والصعاب وبلوغ هدفه وأمنياته وتحقيق طموحاته؟
الإيمان يمنحنا القوة النفسية، ويجعلنا لا نخاف الصعوبات، ويجعلنا قادرين على مواجهة الأمور بواقعية وثقة. كما أنّه يعزز فينا الإرادة والثقة والصمود وهذه المقومات تساعد على النجاح. والإيمان هو مصدر قوة كبيرة جدّاً.
ما هو دور الإعلام في حماية الشباب والمجتمع من ظاهرة التطرّف، وتوجيههم نحو الانفتاح والحوار؟
الإعلام هو أداة ووسيلة، فإذا كان محتواه إيجابيّاً فإنّه بالتأكيد سيلعب دوراً إيجابيّاً، فيعزّز القيَم والثقافة والوعي والإيمان ويساعد على انتشارها بين الناس. أمّا إذا كان محتواه سلبيّاً، فإنّه بالتأكيد سيؤثِّر بشكل سلبي على المجتمع، فيساهم في بثّ الأحقاد والتفرقة والتطرف بين الناس، فعلى سبيل المثال، ساعد الإعلام داعش على الانتشار بسرعة.
وهكذا فإنّ الإعلام أمرٌ لا بد منه ولا غنى عنه، فهو يسهّل انتشار الأفكار والوعي والثقافة مثلما له دور في انتشار التطرّف، فوسائل الإعلام مجرّد أدوات والمهم هو المحتوى.
ما هي النّصيحة التي توجهّها إلى شباب اليوم، وكيف يمكن تحقيق النّجاح في الحياة برأيكم؟
النجاح يتحقّق بالعمل الدؤوب، والرؤيا الواضحة، وأن نعرف ماذا نريد، وأن لا شيء مستحيل في الحياة، وأن نسعى دائما لخلق الأمل، وأن نتمتع بقوة الإيمان والثقة بالنفس، وأن نوقن بأنّ دوام الحال من المحال.. فعندما أفكر أين كنت، ومن أي بيئة أتيت، عندها أقول: «لا يوجد شيء مستحيل». ففي طفولتي، كنت أعمل في الصيف كي أجني المال لأشتري الملابس وكتب المدرسة. وكنت كغيري من أولاد القرى أمشي في كل صباح من بلدتي إلى بلدة أخرى لأتعلم في المدرسة. وكنت واثقاً من نفسي وأعرف ماذا أريد. وهكذا، تمكّنت من تجسيد أحلامي.
رسالتُنا هي رسالة أمل لكل الذين يعتقدون أنّهم ومن واقعهم المعيشي الصعب الذي هم فيه لا يمكنهم تحقيق مطامحهم وأحلامهم. ّ إنّ تجربتي في «الاقتصاد والأعمال» هي، في ذاتها، رسالة أمل لكلّ هؤلاء. ومن سار على الدرب وصل.