الثلاثاء, آذار 19, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الثلاثاء, آذار 19, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرَّقوا

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ للّه الذي هدى فأهدى وعفا فأعفى وجاد فأجاد،
الحمدُ له في كلِّ بَدءٍ وختام، حمداً على الدوام، ما شقَّ فجرٌ وما ليلٌ دجا، وما غرّد طيرٌ وما طيرٌ شجا،
الحمدُ لله على نعمةٍ كنَّا عنها غافلين، وعلى بليَّةٍ كنَّا منها هاربين، حمداً لا منَّة فيه ولا كللا، ولا غنى عنه ولا بدَلا.

إخواني القرَّاء الأعزَّاء،

عامٌ جديد وعددٌ جديد، ورحلة العطاء تستمرُّ من محطةٍ إلى محطة، في توقٍ دائمٍ نحو الأفضل والأكمل، مع غروب شمسٍ وشروق شمس؛ نغوص في بحر التأمُّل ونحلِّق في فضاء التفكُّر، مدركين أنّه إذا كان الثبات على الإنجاز المحقَّق أفضل من التراجع عنه فإنَّ التقدُّم إلى الأمام هو الأفضل، سائلين أنفسَنا ومتسائلين ما إذا كان الموتُ نهايةً أم بداية، وهل أن كلَّ من مات مات وكلَّ من هو على قيد الحياة حيٌّ.

هي ذي المعادلة العادلة، فإمَّا موتٌ وإمَّا حياة، فماذا نختارُ؟ أليس من الأجدى والأجدر أن نرومَ الحياة في كل ما نفكِّر به أو نقولُه أو نفعلُه؟ لكي لا يكون أُفولُ سنة وحلولُ سنة سوى انتقال من أعلى إلى أعلى، وسوى استكمالٍ لمسيرة الترقّي والمسافرة في درجات الخير والمعرفة، وكي لا يكونَ الموتُ نهايةَ الحياةَ، بل الولادة الجديدة لرحلة الروح: «نموتُ لنحيا، عندنا الموتُ مولِدُ».

صحيحٌ أنّ أوضاعَ البلاد تسيرُ من صعبٍ إلى أصعب، ومن أزمةٍ إلى أزمات، عاماً بعد عام، في سنواتٍ سبعٍ عجافٍ أو أكثر أو أقل، لكنّنا وإن خسرنا ما هو غالٍ ونفيس لا نتذمّر ولا نتفجّع ولا نركن لليأس والإحباط:
«لكنَّنا نأبى التفجُّعَ كاليمامْ»،

ولا نرضى بأن يأخذنا الواقعُ المريرُ إلى الإحباط واليأس، بل نريدُه أن يدعوَنا إلى تعزيز الثقة بالله تعالى وإلى المزيد من شحذ الهمم والمثابرة وتحمُّل المسؤولية، أليس التاريخُ مليئاً بمحطاتٍ عديدةٍ معقَّدة ومراحلَ متكرّرة مؤلمة كمثل تلك التي نمرُّ بها اليوم، وقد تجاوزتها الشعوب وتخطّتها، ونهضت من كبوتها وتابعت مسيرة الحياة والتقدُّم، فرُبَّ كبوة أنتجت صحوة، ورُبَّ ضارَّة نافعة، أمَّا الواجب فيقضي بالإتّكال على الله وتثبيت الإيمان في القلوب وترسيخ اليقين في النفوس وعقد العزم على تجاوز المحن والصعاب، والتعاون في مواجهة الواقع بالتكيُّف معه وعدم الإستسلام أمام تحدياتِه وبذل الجهد للنهوض ومتابعة السير إلى الأمام.

رسالتي إلى إخواني وأبنائي الموحِّدين أولاً أنِ ارجِعوا إلى الآية الكريمة القائلة:

«واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرَّقوا»،

وكونوا معاً قلباً نابضاً بالمحبة وفكراً طامحاً للخير ويداً عاملة بجدٍّ واجتهاد، غنيُّكم سخيٌّ كريم وفقيرُكم متعفِّفٌ قانع، شبابٌ لا يعرف الخمول والكسل، وكهولةٌ لا تتوانى عن العطاء والنصح والتوجيه. حذِّروا بعضكم بعضاً واحذروا من أن تتسلَّل إلى بيوتِكم ومجتمعكم الآفات القاتلة وأن تجرفكم التيارات الفاسدة، فخطر تلك الآفات والتيارات أشدُّ تأثيراً من خطر الحروب وأخطار المجاعة، إذ لتلك دروعٌ تُصَدُّ بها وملاجئ تقي من أهوالِها وحِيَلٌ ووسائلُ تحمي منها، ولكنَّ مجاعة الأرواح ومخاطرَ الآفات الفكرية والقلبية والروحية والأخلاقية تخترق الدروع والحصون والملاجئ ما لم يكن هناك رادعٌ من إيمان ووازعٌ من قِيم وحارسٌ من تربية صالحة وثقافةٍ رفيعة وإرادةٍ صلبة لا تقوى عليها الإغراءاتُ ولا ينالُ منها تهديدٌ أو وعيد، ولا ترهيبٌ ولا ترغيب.

ورسالتي إلى اللبنانيين جميعاً؛ مسؤولين ومواطنين، أنِ ارتقوا بلبنانيتكم إلى مستوى المواطَنة الحقَّة، لتكونوا موحَّدين غير متفرّقين، متعاونين ومتّحدين لإنقاذ البلاد من الفراغ الدستوري والشلل الإداري والإنهيار المالي والعدوان الإسرائيلي الجاري، اصغوا لصوت الحكمة في عقولكم ولنبْض الأخوَّة والمحبة والرحمة في قلوبِكم، فالمهمُّ وحدتُكم وولاؤكم الخالص للوطن، فهذ هو أمضى سلاحٍ لمحاربة العجز والفساد والترهُّل والإعتداء الخارجي على البلاد، فكلُّ المشاكل والتحديات قابلة للحلّ وللمواجهة إذا ما كنتم أقوياء في وحدتكم وصادقين في ولائكم، أمَّا إذا كان الخلل موجوداً في ذلك فهو إذاً في أساس وطنكم، وإذا ضعف الأساس يُخشى على البناء من السقوط، وهذا ما لن يحصل، بعونه تعالى، طالما أنّ هناك حكماء وعقلاء ووطنيين أصيلين من كل المذاهب والقوى السياسية والاجتماعية والروحية اللبنانية.

وما بين عددٍ وعدد من «الضّحى»، كي لا نقول ما بين عامٍ وعام، أملٌ يتجدَّدُ وعملٌ يتضاعفُ، علّ العمل يحقِّق الأمل، فيتزيَّن العدد القادم بنبأٍ مفرحٍ وصورٍ مبشِّرة بالخير لرئيسٍ جامعٍ مقتدر ولقادةٍ ومسؤولين يملؤون الفراغ في المواقعَ العسكرية والأمنية والإدارية فتنتظم مسيرة الدولة وينتصر لبنان بأبنائه ومؤسساته، وتحلو المعايدةُ إذّاك والقول: «كلُّ عام وأنتم بخير».

الحصول على نسخة من الأعداد

احصل على أحدث الأخبار

تم الاشتراك بنجاح! حدث خطأ ما!

الحصول على نسخة من الأعداد

Instagram