الجمعة, نيسان 26, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, نيسان 26, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

شروط اختيار المحكّم/القاضي الخاص ومهاراته اللازمة

في هذه المقال سيتم التعريف بالتحكيم/القضاء الخاص، واستعراض الشروط والمهارات الواجب توافرها في المحكّم/القاضي الخاص.

ما هو التحكيم

التحكيم هو عملية يتفق فيها طرفان أو أكثر على حل نزاعهما من قبل محكّم/قاضي خاص، وليس من قبل المحاكم والقضاء. والتحكيم هو عمليّة خاصّة، مما يعني أنه لا يخضع لنفس القواعد والإجراءات التي يخضع لها التقاضي أمام المحاكم، وهو ما يجعل التحكيم وسيلة أكثر كفاءة وفعاليّة لحل النزاعات، وذلك لعدة أسباب أهمها، أن التحكيم يعد خياراً أبسط وأسرع وأقل تكلفة من التقاضي. وعمليّة التحكيم تتصف بالسريّة ولا تخضع لنفس قواعد الإثبات والاستدلال مثل القواعد التي يستند إليها أمام القضاء.

الشروط التي يجب توافرها في المحكّم/القاضي الخاص

إنّ أهم الشروط التي يجب توافرها بشكل عام في المحكّم/القاضي الخاص هي:

١- يجب ألا يكون قاصراً أو محجوراً عليه أو محروماً من حقوقه المدنية بسبب الحكم عليه فى جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو بسبب شهر إفلاسه.
٢ – أن يكون حسن السيرة والسلوك.
٣- أن يكون حاصلاً على الأقل على شهادة جامعيّة، وإذا كانت هيئة التحكيم مكوّنة من أكثر من محكّم فيكتفى بتوافر هذا الشرط في رئيسها.
٤- يكون تعيينه من بين المحكّمين المعتمدين والمقيّدين بسجل قيد المحكّمين بالجهة المعنيّة.
٥- ألا يكون عضواً في مجلس الأمناء أو الجهاز الإداراي لمؤسسة التحكيم المختصة بتنظيم الدعوى التحكيميّة في الدولة.
٦- على من يبلّغ بترشيحه لتولي مهمّة التحكيم أن يصرّح كتابةً بكل ما من شأنه أن يثير شكوكاً حول حيادته أو استقلاله، وعليه منذ تعيينه وخلال إجراءات التحكيم أن يبادر دون أي تأخير بإخطار الأطراف وسائر المحكّمين في حال نشوء أي ظرف قد يثير الشك حول حيادته أو استقلاله، وذلك ما لم يكن قد سبق له إحاطتهم علماً بذلك الظرف.
٧- يجب أن يكون عدد المحكّمين وتراً وإلا كان التحكيم باطلاً.

أهم المهارات الواجب توافرها في المحكّم.

المحكّم هو طرف ثالث محايد، يتم تعيينه للمساعدة في حل النزاعات بعيداً عن النظام القضائي. ومن أجل أن يكون محكّماً فعالاً، يجب أن يمتلك مجموعة من المهارات التي تمكّنه من تقييم الأدلة بنزاهة، والاستماع إلى الحجج التي يقدمها الأطراف، واتخاذ قرارات عادلة ومستنيرة. وتشمل هذه المهارات:
١. المعرفة القانونيّة.
٢. المهارات التحليليّة.
٣. مهارات التواصل والقدرة على إدارة المواقف المعقّدة.
٤. قادراً على البقاء محايداً.
٥. أن يكون لديه فهم عميق لمبادئ التحكيم والقوانين واللوائح التي تحكم النزاع الذي يتم الفصل فيه.
٦. الصبر والتفاهم والمرونة والاستماع الفعال. ٧. منح جميع الأطراف فرص متساوية لتقديم حججهم وشرح دعواهم.
٨. الفهم الكامل لإجراءات التحكيم.
٩. تجنب إطالة النزاع دون داعٍ.
١٠. تجنب خلق نفقات إضافية على الأطراف المعنيّة.
١١. مراعاة الإجراءات القانونية المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالتحكيم.
١٢. مهارات الكتابة القانونية، لأن من واجبه جعل قرار التحكيم مفهوماً وقابلاً للتنفيذ.
١٣. يجب أن تكون المستندات المرسلة إلى الأطراف المتنازعة في شكل مكتوب، سواءً كانت اتفاقيّة أو ملفّات أو حتى رسائل بريد إلكتروني أو قرارات صدرت خلال إجراءات التحكيم، لذا يجب أن تتم كتابتها بطريقة واضحة ومتسقة ولا لبس فيها.
١٤. مهارات التخطيط والإدارة بشكلٍ فعّال، فالتحكيم هو مشروع مدته تتراوح في الغالب بين 6 إلى 24 شهراً. لذا يجب على المحكّم أن يحسن إدارة عملية التحكيم بحيث يتم إنهاء النزاع خلال أقل مدة وبأقل تكلفة، والتي تعد الميزة الأساسية التي تميز التحكيم عن القضاء كوسيلة قانونية لفض المنازعات.
١٥. مهارات صياغة اتفاق التحكيم.
١٦. مهارات إدارة جلسات التحكيم.
١٧. مهارات صياغة حكم التحكيم

 انهيار الأخلاق يعيد البشر إلى ما دون مستوى الحيوانات

في عدد حزيران من مجلة Nature العلمية المعروفة نتائج استفتاء جرى على 12 مليون مستجوب من 60 بلداً، أجاب 83% منهم أن العالم، في معظم أجزائه، ومنذ فترة، يشهد انهياراً أخلاقياً. إلى ذلك، برز توافق واسع في تعيين مظاهر الانهيار ذاك، وأهمها الفساد المتزايد في العلاقات الاجتماعية، فقدان متزايد للعدالة الاجتماعية، تراجع فكرة الدولة ورجل الدولة المسؤول، وانهيار منظومات القيم.

وفي الأسباب، جرى تحميل نمط العولمة التجارية الذي سيطر منذ أواخر القرن العشرين، على وجه الخصوص، مسؤولية إفساد ثقافة المجتمعات والأفراد والأنظمة. فقد غدا الكسب المالي والمادي عموماً هو الهدف الأخير للاقتصادات الجديدة، وبات رأس المال العالمي والشركات العابرة للحدود والبلدان يتحكمان بتوجّه الدول والمجتمعات، حتى في أنظمتها التربوية والاجتماعية، إضافة إلى أنظمتها السياسية والاقتصادية. أدّى ذلك إلى سيطرة “ثقافة” جديدة، غير تلك التي بشّر بها عصر “الأنوار”.

لم يعد تقدّم المجتمعات، وترقي الأفراد، وتحويل العلم والتكنولوجيا أداة لتعزيز رفاه أكثرية أفراد المجتمع وتحقيق سعادتهم وتحرّرهم من الحاجة أو الارتهان لقوى عمياء مستبدة طاغية، هي الغاية الأخيرة من الأنظمة الاقتصادية والسياسية. لم يعد التقدّم غاية حركة التاريخ، بل الأسواق الحرة، ونزع الحواجز والقيود أمام حركة الرساميل والشركات ورجال الأعمال. وباتت الحرية تعني رفع أي قيد من خارج حركة السوق على تدفق السلع ورأس المال، وعدم تدخل الحكومات لحماية منتجاتها وصادراتها وثرواتها القومية، أو حماية مواطنيها من ارتفاع أسعار السلع المستوردة.

لم يعد الفساد نزوة جشعة لموظف عام هنا، أو حالة فردية هناك، مستهجنة ويعاقب عليها القانون. بات الفساد في ظل نظام العولمة التجارية الطاغي إفساداً، يجري القبول به بل والتشجيع عليه من قبل الشركات الدولية وممثليها المحليين. بات الفساد والإفساد نظاماً دولياً متكاملاً متسانداً، ثقافة جديدة في حقل الأعمال، و”صناعة” متقنة، رائجة، لها أربابها، وصنّاعها، ومحاموها، وإعلامها، والمستفيدون من فُتاتها أيضاً.

بين مظاهر الفساد بل الإفساد الكثيرة، نتوقف حصراً عند ما يُخطط له من تدمير ممنهج لنظامنا الأخلاقي والقيَمي، وبكل وسائل الإغراء المالي والإكراه الاقتصادي والضغط الإعلامي. فلنظام العولمة التجارية الفاسد، المُفسِد ذاك، من أدوات الضغط والإكراه ما لا يخطر ببال، وبخاصة الإغراء المالي والمادي من جهة، و”غسل الأدمغة” الجاري على قدمٍ وساق، من جهة ثانية.

ولأن الأسرة، أو العائلة، في بلادنا والشرق عموماً، هي الحصن الأخلاقي والمعنوي الراعي لقيام عائلة طبيعية سوية، والحارس خصوصاً لتنشئة أبناء وبنات طبيعيين، سويين؛ بات ضغط مراكز العولمة والشركات الدولية، بكل الوسائل، يتركّز الآن على الأسرة أو العائلة في بلادنا.

إلامَ أدّت الضغوط تلك؟

يجب الاعتراف، أن الأسرة الشرقية، ومنها اللبنانية، تشهد هذه الأيام، وتحت ضغوط اقتصادية واجتماعية وإعلامية لا تحتمل، مظاهر تراجعٍ كبير في تماسكها واحتفاظها بأدوارها المختلفة. الأسرة اللبنانية عرضة الآن لاختراقات وتداعيات لم تكن موجودة في ذروة سنوات الحرب الأهلية (1975-1990).

الحرب الإعلامية والنفسية الشعواء التي تُشنّ على الأسرة أو العائلة اللبنانية اليوم أقوى من الحرب العسكرية أو الاقتصادية التي تعرضت لها في سنوات التأزم الأهلي.

وإذا قيل أنها الأزمة الاقتصادية والمالية، قلنا أن سنوات الحرب الأهلية شهدت من الأزمة تلك أصنافاً وأصنافاً، ومع ذلك لم تفقد الأسرة دورها أو فاعليتها الحاسمة في حياة الشريكين وأبنائهما.

ما الذي تغيّر إذن؟ وما الذي استجدّ من عناصر بدت أقوى من الأسرة؟

ما تغيّر باختصار هو أولاً المتغيّر المادي، الذي دخل عالمنا منذ ثلاثة عقود، إذ حلّت مرحلة جديدة من الفردية القاتلة، والنفعية المطلقة، والأنانية الجشعة، والحض على الاستهلاك المجّاني في حدّه الأقصى. وثانياً، المتغيّر العلمي والتقني الذي اخترق غرف نوم أطفالنا فسحرهم بصورٍ خادعة، وفصلهم عن واقعهم، عن أسرتهم، بل فصل الأخ عن أخيه، أو أخته (نتفليكس نموذجاً واحداً بين ألاف التطبيقات). تلاعب التطور التقني المجنون بعقل الطفل في سريره، فانفصل عن واقعه، صار أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع؛ بات يعيش شخصية غير شخصيته، يقضي نهاره وليله مع أصحاب غير موجودين وتحت سيطرة مراكز تأثير وتوجية شيطانية خبيثة.

تحطّمت الآن، بعد المجتمع، العائلة، أي النواة الصغرى التي كانت إلى وقت قريب الحضن الدافئ لأفراد الأسرة وحصن الطفل الحصين على وجه الخصوص. انكسرت الآن صورة الوالد أمام أسرته، أمام أطفاله. لم يعد المثال لهم. بل ربما باتوا يخجلون به أمام رفاق وهميين، وصور وهمية، يظن أنها حقيقية، ويعيش أوهامها فلا يجني منها في آخر الأمر غير التعاسة واليأس وربما ما هو أخطر من ذلك. لم تعد الأم المثال لابنتها. صارت قديمة، تقليدية، متأخرة: فهي لا تحمل في حقيبتها أحدث منتجات الـ أي فون، ولا تصبغ شعرها بثلاثة ألوان كما باربي، أو كما “الساحرات” التي تقدمهم شاشات الموبيل والتطبيقات الخادعة.

ويزيد الطين بلة في مجتمعنا وبلادنا نمط “المسؤول” الذي يراه أولادنا في وسائل الإعلام، فإذا هو فاسد تكاد رائحته النتنة تخترق الشاشة إلى أنوفنا، أو هو طائفي مذهبي متزمت مُقرف، أو غبي. والثلاثة يزيدون في دفع أبنائنا بعيداً عن مجتمعهم وواقعهم، ويغدون أرضاً خصبة لكل شيطان خبيث متربصٍ بعائلاتنا وأولادنا الشرّ وينتظر الفرصة المؤاتية لينقض عليهم.

حتى المدارس تخلّت عن واجباتها حيال أطفالنا: فهي إما فاشلة لا تعلّمهم ولا تربيهم ولا تثقفهم، أو هي ناجحة في تعليمهم العلوم واللغات، لكن من غير قاعدة أخلاقية أو وطنية – بل إن مدارس أجنبية معينة منتشرة لا تخفي تحريض طلابها على أسرهم وعلى قيم مجتمعهم الأخلاقية.

هذه صورة بسيطة لمجمل الضغوط التي تحاصر الأسرة في لبنان الآن – وربما في غير لبنان من بلدان المنطقة. فأين الأسرة اللبنانية الشرقية من هذه الضغوط التي لا تقاوم. كيف تستطيع الأسرة في لبنان (وسوريا والعراق ومصر وسواها) أن تواجه تحدي خسارة أبنائها اجتماعياً وثقافياً وأخلاقياً، ولم تُبقِ الأزمة في أيدي الغالبية الساحقة من عائلاتنا الحد الأدنى من المقومات المادية والحصانة الشرعية في دولة استقال مسؤولوها من كل مسؤولية!

العائلة في لبنان تدفع الآن فاتورة الانهيار الأخلاقي الجاري، بعد الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي. وربما الآتي أعظم!

غياب الأخلاق بداية سقوط الحضارات والمجتمعات، ووجودها هو العاصم الأكبر من الانهيار

ونصل أخيراً إلى ما أدهى من ذلك كلّه: إدخال ثقافة الانحلال الجنسي، وممارساته، إلى مجتمعنا اللبناني، بكل وسائل الإكراه والضغط غير المشروعة وغير المسبوقة.

أما الطريق الأقصر إلى ذلك فكان مزدوجاً:

استغلال الضائقة المالية الخانقة التي تتحكم بحياة اللبنانيين، من جهة، وتدمير العائلة في لبنان الحصن الأخير أمام انحراف الأفراد وشذوذهم في ما خصّ الحياة الجنسية والزواج عمّا هو طبيعي وشرعي في أخلاقنا وثقافتنا ومجتمعنا.

وبزعم المساعدة المالية، تقوم سفارات غربية وجهات دولية مشبوهة بتمويل سخي لكل الجمعيات (ميم عين، وسواها) التي تأخذ على عاتقها علانية العمل على إزالة العوائق القانونية أمام حركة الشاذين والمنحرفين وما شابه من حثالة نتنة وأمام تجمعهم وتحوّلهم إلى النشاط العلني. وكان آخر الأنشطة المشبوهة تلك ما دعت إليه “الدولية للتربية” بإقامة ورشة تدريب في أحد فنادق بيروت “لتقبّل المدرسين المثليين في المدارس اللبنانية”. وكافأت المنظمة كل رابطة حضرت بمبلغ 800 دولار، و40 دولار لكل فرد حضر الورشة.

كذلك أمكن لهؤلاء، بالضغط المادي والمعنوي، الوصول إلى بعض غاياتهم بإجبار قضاة ومحاكم (القاضي ربيع معلوف، محكمة المتن، 31-1-2017) على إصدار أحكام قضت بعدم اعتبار المثلية الجنسية والتحول الجنسي جرائم جزائية وإنما حقوق طبيعية. إن مراجعة بسيطة لميزانيات الجمعيات العاملة على تشريع الانحراف والشذوذ الجنسي في بلادنا تظهر أن ملايين الدولارات تصرف لها من منظمات مشبوهة في الولايات المتحدة وأوروبا.

وبسبب من الطمع والفساد نفسه، (على الأرجح) انضم حزب لبناني يميني صغير إلى حملة “مناهضة أفعال الكراهية ضد المثليين”. وبسبب من الإغراء المادي نفسه (على الأرجح) انضم قبل فترة قصيرة بعض النواب في البرلمان اللبناني إلى الحملة المنظمة المدعومة (بل المطلوبة) من الخارج الرامية إلى الدفاع عن حقوق المثليين والشاذين جنسياً.

واشتركت “الجمعية اللبنانية للطب النفسي” في حملة الضغط تلك (وهل تستطيع غير ذلك؟) فأصدرت في وقت مبكر (11 تموز 2013) تقريراً طلبت فيه التوقف عن اعتبار المثلية مرضاً يتطلب العلاج”. وكان لبنان بذلك أول دولة عربية تتوقف عن اعتبار المثلية مرضاً!

وكان آخر ما يُستغرب حقاً أن يكسر مجلس شورى الدولة في حزيران 2022 قرار وزير الداخلية القاضي مولوي “اعتبار تجمع المثليين بناء لدعوة من “ميم” و “المفكرة القانونية” تجمعاً غير شرعي.

أخيراً، لم تتورع الأمم المتحدة نفسها (وبسبب من التمويل المشبوه نفسه) عن إصدار بيان علني في 17 أيار 2021 يدعو إلى “مناهضة أفعال الكراهية ضد المثلية الجنسية” وضمان حماية الجماعات تلك.

غض النظر الرسمي ذاك جعل بيروت – مع الأسف – ثالث وجهة سياحة مطلوبة للمثليين على مستوى العالم!

بل شجع هؤلاء على إصدار مجلات الكرتونية ومنشورات، وسمح لهم بالمشاركة العلنية في انتفاضة 17 تشرين!

وبعض الأعلام فتح الهواء والصورة لهؤلاء ليستخدموا في واحدة من إطلالاتهم مصطلحاً بل مطلباً في منهى الوقاحة لغةً قبل المضمون، إذ طالبوا: “أن تكون منازل الشركاء المثليين، ومنازل الأزواج المغايرين ” على السوية نفسها لجهة المعاملة القانونية والخدمات! تخيلوا مبلغ الوقاحة: الفارق عادي جداً بين زواج مناف للطبيعة، شاذ، أحد أشكال الرذيلة؛ وبين زواج طبيعي شرعي موثّق بالأنظمة الدينية والاجتماعية! هو فقط حسب زعم هؤلاء الوقحين “زواج مغايرين”!.

وآخر انتهاكات القانون دفاع بعض وسائل الإعلام ومثقفون عن عرض فيلم “باربي”، الذي يناقش مشكلة المثلية عند الأطفال، وكأنما أطفالنا لا مشاكل (تربوية وأمنية واجتماعية) لديهم غير المثلية!

وننوه هنا بالموقف العلمي والأخلاقي الشجاع لمعالي وزير الثقافة، القاضي مرتضى. شكراً.

ماذا عن ردود أفعال سواد اللبنانيين الأعظم على حملة الضغط الشرسة من الجماعات المثلية ومحاموها؟ 

هناك لا مبالاة رسمية تكاد لا تصدّق، بل هي أقرب إلى الموافقة، لولا أن اخترقها قرار الوزير المولوي!

في مقابل اللامبالاة الرسمية تولت المرجعيات الدينية اللبنانية التنديد العلني بالنشاط المحموم للمثليين في بيروت. فكانت بيانات منددة من مشيخة العقل لطائفة الموحدين الدروز ودار الفتوى والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وسواهم، محذرة من أي تعديل في قوانين الأحوال الشخصية بهدف تشريع أفعال الشذوذ والانحراف الجنسي. ومطلب المرجعيات ومها كل اللبنانيين (السويين) التمسك بالتطبيق الدقيق للقانون (وبخاصة المادة 534) التي تحظر هذا الشكل من العلاقة المضاد للطبيعة.

وتبقى مهمة التصدي للأفعال الشاذة تلك، “المخالفة للطبيعة”، (وفق القانون، كما وفق بيان البطريركية المارونية)، واجب جميع اللبنانيين المدركين مخاطر المثلية وسائر أشكال الشذوذ الجنسي على مجتمعنا، وعائلاتنا؛ وعلينا كبشر – إذا كنا لا نريد حقاً الهبوط إلى مستوى الحيوان، الذي لا يرضى بعض أنواعه العليا بالشذوذ الجنسي! حتى الحيوان نفسه لا يرتضي الإخلال بنظام الطبيعة.

إلى ذلك، يتصدى اللبنانيون يومياً، بالمقالات والبيانات والتجمعات، لنشاط أصحاب الشذوذ أولئك، ولا يتوانون عن إظهار فضائحهم وخطورتهم في آن معاً.

اخترت من مظاهر التصدي الإعلامي مقاطع من مقالة للكاتبة ألسي خوري في 2 آب 2023، تحت عنوان “لا للعبث بهوية أطفالنا – نرفض تشريع المثلية الجنسية في لبنان”.

رأت الكاتبة أن مخاطر الشذوذ الجنسي صارت على الأبواب في لبنان، من المثلية الجنسية والتحول الجنسي إلى التلاعب بتسجيل جنس المولود. وهي ترى أن التطور ذاك هو تدمير لـ “قدسية العائلة”، وأنها حرب شرسة على اللبنانيين وقيمهم تريد أن تفرض على اللبنانيين بالإغراء المالي والتهويل الإعلامي ما لم تستطع الحرب العسكرية فرضه عليهم، من تفكيك للعائلة وللقيم التي يؤمن بها اللبنانيون. تضيف الكاتبة: “تتسلح هذه الحرب المشينة ضد المجتمع والقيم بالإعلام المرئي والمسموع والمكتوب لتضلل أولادنا، هو هجوم مسلّح على فلذات أكبادنا لقلب المجتمع وتغيير القوانين”. وتضيف: “الوقاحة في هذا الموضوع وصلت إلى حد تخييرنا بالمطالبة بحقوق أولادنا بعدم شطب كلمة أب وأم عن الهوية واستبدالها ب parent 1 و parent 2، وحتى العبث بتعريف الذكر والأنثى”.

إنها حرب أخلاقية، تقول الكاتبة، “لتغيير أفكار أولادنا وهويتنا وثقافتنا وإيماننا وسط سكوت تام من الجهات المعنية”.

تضيف: “لا لن نجعل من الباطل دستور حياتنا، وسندافع عن قيمنا ومبادئنا مهما كلّف الأمر… إذا لم تستحِ فافعل ما شئت، وإذا فعلت فلن تستطيع المجاهرة به علناً أمام أولادنا… إن الله أنزل العقاب عبر التاريخ بقومٍ آتوا الفاحشة حتى أبادهم عن بكرة أبيهم، وهو يُمهلُ ولا يهمل”.

وتختم ألسي خوري: “انتبهوا لأولادكم على هواتفهم، أولادنا بخطر”.

لا حاجة لأية إضافة إلى صرخة الأم تلك، المرتعبة بحق من شبح المخاطر التي يمثله ممارسو الشذوذ الجنسي (على أنواعه) ودعاته، ومحاموهم المرتشون، على عائلات اللبنانيين ومستقبل أولادهم.

إن عدم التساهل، بأي شكل من الأشكال، مع الممارسات والدعوات المشينة تلك هو حق اللبنانيين وواجبهم في آن معاً، ولا حلول وسط في المسألة هذه. فإما نكون مع كل ما هو طبيعي وحق وشرعي في وضوح الشمس، أو نكون مع ما هو خطأ وباطل وضلال وحرام وارتكاب الفاحشة.

الرحمة” فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ،

يحلُّ عَلَيْنَا شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُبَارَك، وَلُبْنَان والأمُّة العربيَّة تتراحم بِالْبَرَكَة والتآزر وَالتَّعَاوُن، رَغِم الْأَوْضَاع الاقتصادية غَيْر الْمَسْبُوقَة الَّتي يختبرها وطننا الْحَبِيب لبنان، والَّتي تُرخي بثقلها عَلَى جَمِيعِ فئات المُجتمع، وَتُطَال القطاعات الإنْتَاجِيَّة اقتصاديًّا ومعرفيّاً وثقافيّاً وتربويّاً وأكاديميَّاً، وطبيّاً، وغذائيّاً، وفنيّاً وثقافيّاً وحِرفيَّاً، وتكنولوجيّاً. كلُّ هَذَا مَعَ تَعَاظَم الْمآسِي عَلَى الْمُسْتَوَى العالميّ مِن حروبٍ وَتَهْجِيرٌ وعُنف وتطرُّف، نَاهِيك عَن تَغْيِيب عُنْصُرٌ “التراحم” بَيْن النَّاس.

مِنْ هُنَا تجدر الْإِضَاءَة فِي هَذَا الشَّهْرِ الفضيل، عَلَى دِينِ التراحم وَالتّعَاطُف والإنسانيَّة، كَوْنِ الإِسْلاَمِ ديناً يُراعي أَحْوَالِ النَّاسِ وحوائجهم فِي الدَّنيا وَالْآخِرَة، وَيَدْعُو إلَى التَّعَاوُنِ وَالتّعَاطُف والتلاحم بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعات كافَّة، لِمَا يُحقِّق خَيْرَهَا وَيَظْهَر وُجُودِهَا الْفَاعِل. ويُطالع المتمعِّن فِي النصِّ الْقُرْآنِيّ وبألفاظهِ وكلماتهِ وَمَعَانِيه، تركيزه عَلَى إظْهَارِ الخُلق مِن مَنْظُورٌ مُتجدِّد دوماً ، مُضيئاً عَلَى قِيَمِ الْأَخْلَاق وَالتَّسَامُح بِوَجْه عَام، وَقِيَم الرَّحْمَة وَالرَّأْفَة وَالتَّوَاصُل بَيْنَ الأفْرَادِ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ ، وَمَا تُشكِّلهُ بِاجْتِمَاعِهَا مِن قيمٍ إنسانيَّةٍ ودينيَّةٍ جَامِعَةٍ، سَيَكُون لَهَا بَالِغ الْأَثَرِ فِي بِنَاءِ أَجْيَالِ الْأُمَّة العربيَّةِ والإسلاميَّة ، فِي عَصْرٍ تجتاحه مَوَاقِع التَّوَاصُل الاجْتِمَاعِيّ ، وَتِلْك الْمَوَاقِع بمُنظماتها الًتي تَقُوم بتشتيت ذِهْن الْإِنْسَان وتغريبه عَنْ ذَاتِهِ وكينونته وَعَن مُحِيطَةِ، هَذَا مِنْ جِهَةٍ، وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى قِيَامِهَا بتعريةِ المُجتمعاتِ المعولمة وَتِلْك الريفيَّة أيضاً، مِنْ إيجَادِ أَي فاعليَّة مُجدية فِي صَيْرُورَةِ حَيَاتِهَا المستقبليَّة ، وافساحاً فِي الْمَجَالِ أَمَامَهَا للتفكّر بفاعليَّتها الوجوديَّة والحضاريَّة والثقافيَّة والدينيَّة والتاريخيَّة والإنسانيَّة ، إلَى فاعليَّتها فِي الِاقْتِصَادِ أَوْ التَّنْمِيَة أَو التحفيز أَو الِابْتِكَار والتطوُّرٍ والانتاجيَّة ، أَو حتَّى فِي مَجَالِ مَحْو الأُميَّة . . .لَا بَلْ هِيَ تَسْعَى جاهدةً _ وَمَن خِلَال تشييء الْمُجْتَمَعات كَي تُصبح جَمَاعَةٌ “هجينة” دُون ذَاكِرَة جماعيَّة ،وَدُون قَوَانِين تسترشد بِهَا أَثَرَ الصَّالِحِين هَهُنَا ، يستدلُّ البَاحِث أنَّ لَفْظُة “الرحمة” قَدْ وَرَدَتْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ أَكْثَرَ مِنْ 268  مَرَّةً وَفِي غَيْرِ مَوْقِع ، وَهِي تتبوَّأ ، فِي كِتَابِ اللَّهِ الْعَزِيزِ، محوريَّةً مُتقدِّمة نابعةً مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الحُسنى وَصِفَاتِه عزَّ وَجَلّ شَأْنُه .وَالرَّحْمَةُ بِمَعْنَى الْقُرْآنِ ، الْمَطَر والغيث ، النِّعْمَة والرِّزق ، الِابْتِهَال وَاسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ ، النَّصْر وَالْعَافِيَة وَالْخَيْر ، الْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ ، الْمَوَدَّة وَالْعَطْف ، وتنحو لِتَشْمَل الْعِصْمَةَ مِنْ اقْتِرَافِ السَّيِّئَات ، فِي صِفَاتِهِ الذَّاتيَّةِ والمعنويَّةِ وَفِي سُلُوكِه مَفَاعِيل الْوُدّ وَالْعَطْف ، فَيَكُون رحيمًا عطوفًا مَعَ مَنْ حَوْلَهُ .بِيَد أنَّ الرَّحْمَة الَّتي هِيَ أَسَاسُ كُلّ تَعَامُلٍ إِنْسانِيٍّ ، تحمِلُ فِي طيَّاتِهَا مَبدأي الثَّوَابِ وَالْأَجْرِ ،وَسِوَاهَا الْكَثِيرِ مِنْ الصِّفَاتِ الأخلاقيَّةِ والإنسانيَّةِ والمُجتمعيَّةِ الَّتي تَرْتَقِي بسُلَّمِ أخلاقيَّاتِ المُجتمعِ.

مِنْ هُنَا ، يُعدُّ جَمَالُ الْإِنْسَان بِسموِّ ورِفعة أَخْلَاقِهِ .وانطلاقاً مِمَّا تقدَّم ، يَسْتَرْشِدُ المُتمعِّنُ فِي النّصِّ الْقُرْآنِيّ مِن صِفات اللَّه الرَّحْمَة ،”الرَّحمن الرحيم” ؛ ويُستدلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، الْآيَة 105 ، قَوْله تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ﴾؛ ﴿ مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ بِمَعْنَى أنَّه مَا يُحبُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا المُشركين أَنْ يَنْزِلَ عليكُم مِن خيرٍ مِن ربِّكم. وَعَلَيْه، يَكُونُ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْأَمْنِ بالمواثيق وَالْعُهُود، وَمَا يَحْصُلُ مِنْ الْخَيْرِ يُنْتَفَعُ بِهِ الْكَافِرُ والمُسلم. وبناءً عَلَيْه، أَرْسَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَوَصَف (عَزَّ شأنه) النبيّ ﷺ بأنَّه رَسُولٌ إلَى الجنِّ وَالْإِنْس وَإِلَى الدُّنْيَا؛ وخصَّه كَذَلِك بِصِفَة “الرحمة”. إذْ يرَدُّ فِي سُورَةِ سَبَأ، الْآيَة 28، قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾؛ كما في سورة الأعراف، الآية 158: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾. ويُرشد اللَّهُ تَعَالَى رَسُول (ﷺ) إلَى التمتُّعِ بالحِكمةِ وَطِيب الْقَلْب وَاللِّسَانِ وَالرَّأْفَة والمحبَّة، وَالْخَلْق الطَّيِّبِ فِي تَعَامُلِهِ مَع النَّاس، حتَّى لَا تَنْزِلُ الْكَلِمَات الْقَاسِيَة عَلَيْهِم وكأنَّها سِيَاطٌ، فينفضُّون عَنْه. بِقَوْلِه في سورة آل عُمران، الآية 159: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾.

وجاء في الحديث الصحيح أنَّ الرسول (صلعم) قال: “إن الله حرم على النار كل هيِّنٍ لينٍ سهلٍ قريبٍ من النَّاس”. وَعَلَيْه ، تتعدَّد مضامين “الرحمة” الْوَارِدَةِ فِي الْقُرْآنِ وَآيَاتِهِ الْكَرِيمَةِ وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ فِي بَابِ الْعَطْفِ وَالْحُنُوّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْيَتَامَى وَالْعَجَائِز وَالْمَرْضَى وَالضُّعَفَاء، وَالرَّحْمَة بِالصَّغِير وَالْأَرْمَلَة ، وَالْجَاهِل ، وَالْأَسِير ، وَالْأَقَارِب ، ورَحِمَة الْأَبْنَاء بِالْوَالِدَيْن ؛ وَالرَّحْمَة بِالْحَيَوَان وَالطَّبِيعَة .فِي قَوْلِهِ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الضّحَى ، الْآيَات 6-11: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى * فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾.﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ في سورة الإنسان، الآية 8.فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : “الساعي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . وَأَحْسَبُهُ قَالَ: كَالْقَائِم لَا يَفْتُرُ وَكَالصَّائِمِ لَا يفطر”. (صحيح الْبُخَارِيّ ، الْجُزْء الرَّابِع ، ص93) وقَوْله تَعَالَى فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ، الْآيَة 159: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾وفي هَذَا الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ، الَّذي أخرجه مُسلم في باب “فضل الرفق” _ حديث (2594 ) أن: رَكِبَتْ عائِشَةُ بَعِيرًا، فَكانَتْ فيه صُعُوبَةٌ، فَجَعَلَتْ تُرَدِّدُهُ، فقالَ لها رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَلَيْكِ بالرِّفْقِ .وهذا يردُ عن عَائِشَة (زوج الرسول ﷺ _ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ) رضي الله عنها: أَنَّ النبيَّ ﷺ قَالَ: إنَّ الرِّفْقَ لا يَكونُ في شيءٍ إلَّا زانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شيءٍ إلَّا شانَهُ.

ويُبيِّن الرَّسُولَ الْكَرِيمَ (ﷺ)  أنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إلاّ زَانَه ، بِمَعْنَى زيّنه وَجَعَلَه جميلاً . والمُراد بِالْمَعْنَى هُنَا، يكمُن فِي تَيْسِيرِ الْأُمُورِ والرِفق بِالْإِنْسَان، وبالحيوان. لِذَا تُعتبرُ الأخلاق جزءاً وثيقاً مِنْ الِاعْتِقَادِ وَالْإِيمَانُ، الْأَمْر الَّذي يُعدُّ فِي صُلْبِ الْأَخْلَاق الإسلاميَّة وَفِي صَمِيم جَوَاهِرَهَا النَّفِيسَة. كلُّ عَام وَلُبْنَان والأمَّة العربيَّة والإسلاميَّة تتراحم فِي مَا بَيْنَهَا، فِي رَمَضَانَ الْخَيْر وَالْبَرَكَات.

المعاني الاجتماعيّة لانتفاضة 17 تشرين

انتفاضة 17 تشرين هي نتيجة معاناة شعبٍ في كل الميادين وخاصة الميدان الاجتماعي. فالحالة الاقتصادية التي نشأت وانتشرت بسرعة أصابت الفئات الفقيرة لا الميسورة، فباتت العملة الوطنية في أسوأ أزمة عرفتها. ومع انهيار سعر الليرة مقابل الدولار، انهارت مداخيل الطبقة الوسطى، فبات صعباً عليها تأمين الأساسيات من حاجاتها. وهكذا دخلت الفئات الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة في قطار انتفاضة 17 تشرين إلى جانب فئات اجتماعية أخرى.

أمّا أسباب الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي فكثيرة، لكن أبرزها الفساد السياسي والمالي، وانعدام المسؤولية لدى من تولّى السلطة لسنوات كثيرة فقد انهارت الأوضاع العامة أمام أعين المسؤولين دون أن يحركوا ساكناً، بل ركضوا يحمون ودائعهم التي تبلغ المليارات من خلال تهريبها خارج البلاد ما قاد إلى انهيار القطاع المصرفي. وكانت كارثة المرفأ في 4 آب 2020 ذروة نتائج الفساد والإهمال الرسمي.

كيف تخرج البلاد من هذه الأزمة؟ لا شيء يُخرج البلاد من أزمتها إلّا عودة الضمير إلى المسؤولين، والترفّع عن الفساد الذي كانوا فيه، والتخلِّي عن المحاصصة وتبادل المنافع على حساب المسؤولية التي يتولونها.

لا شيء يُخرج البلاد من أزمتها إلّا بتساوي الجميع أمام القانون، حيث لا ميزة لإنسان على آخر غير ميزة المعرفة والنشاط والعمل.

لا شيء يخرج البلاد من أزمتها إلّا قيام سلطة تتمتع بالنزاهة فتضرب السارق وتعين المقهور والمحروم، فتعيد الأموال المهرّبة، وتصادرها وتستثمرها في مشاريع توفر فرص العمل أمام الشباب…

ولكن هل يتحقّق ذلك. الجواب سلبي حتى الآن. فالقيّمون على السلطات عاجزون عن تحقيق الإصلاح: كيف لفاسد أن يحقق الإصلاح؟ مطلوب إذن سلطة جديدة من الشباب ذوي الكفاءة والنزاهة، وهم موجودون، لو أتيح لهم أن يساهموا في إعادة بناء وطنهمٍ.

مشروع الدّولة الدرزيّة: مخطّط إسرائيلي، رفضه الدروز فلم يُكتَب له النجاح!

أعادت الأحداث الأخيرة في المدن الفلسطينية المحتلّة القضية الفلسطينية إلى الواجهة من جديد. وتصدرت أخبار الانتهاكات الإسرائيلية للحقوق الإنسانية لشعب فلسطين الصحف العالمية ومواقع التواصل الاجتماعي في سابقة في تاريخ التغطية الإعلامية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. هذه الانتهاكات التي شملت التهجير المُمَنهج والتطهير العرقي واستهداف المدنيين، أعادت إلى الأذهان المؤامرات والمشاريع والحروب التي شنتها إسرائيل لا على الشعب الفلسطيني فحسب، بل على شعوب المنطقة قاطبة، لتبرير وجودها وتثبيت شرعية كيانها كدولة طائفية عنصرية استيطانية شرقي المتوسط. وقد تكون أخطر هذه المؤامرات تلك التي يروي قصتها الصحافي السوري الراحل محمّد خالد القطمة في كتابه «قصة الدولتين المارونية والدرزية» الصادر عام 1985. قضت المؤامرة الإسرائيلية المذكورة بتقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية بهدف إضفاء الشرعية على كيانها وتشكيل حلف أقليات طائفيّة في منطقة ذات غالبية سنّية، وبالتالي مفاقمة الصراعات بين الشعوب وتعميق الشرخ الطائفي بينها. وتقرَّر بموجب المخطط إقامة دولة مارونية وأخرى درزية تضم جبل لبنان الجنوبي، الجنوب اللبناني، جبل حوران، الجولان، والسويداء والمناطق الواقعة بينها.

ويركز الكتاب على سرد حكاية قيام وسقوط مخطط إقامة الدولة الدرزية بالذات. أما بطلا قصّة فضح وإفشال المؤامرة التي يكشف خيوطها القطمة فهما كمال يوسف أبو لطيف المحامي والسياسي والعسكري اللبناني السوري، وكمال أسعد كنج أبو صالح ابن بلدة مجدل شمس ووريث زعامة سياسية متجذرة في منطقة الجولان. في معرض سرده لقصة «الكمالين»، يستخدم القطمة مصادر متعدّدة، فيلجأ إلى تقارير كتبها كمال أبو لطيف لمسؤولين عرب ووثائق احتفظ بها كمال جنبلاط صاحب الدور الفاعل في إحباط المخطط، وشهادات شفوية لبعض المقرّبين من كمال كنج أبو صالح إضافة إلى حوارات أجراها القطمة مع نقيب الصحافة الأسبق الشهيد رياض طه الذي توصل إلى اكتشاف معلومات قيّمة عن هذا المخطط وسبق أن أفشى عنها في مقالات وأحاديث صحفية قبل وفاته.

رغم أن حلم تقسيم وفرز المنطقة طائفياً راود القادة الإسرائيليين منذ قيام دولتهم، إلا أنّ النكسة العربية عام 1967 شكّلت بالنسبة لهم الفرصة الذهبية للمباشرة بتنفيذ المشروع. في تلك السنة المذكورة اجتاح الجيش الإسرائيلي مرتفعات الجولان فسقطت بلدة مجدل شمس وبقي سكانها صامدون. وفي السياق، يروي القطمة أن شيخ عقل فلسطين المرحوم الشيخ أبو يوسف أمين طريف كان قد بعث برسالة شفوية إلى دروز الجولان يحثهم فيها على استخدام السياسة مع الاحتلال الإسرائيلي تفادياً للتهجير وكسباً للوقت. أعقب الاحتلال فترة زمنية حاولت فيها السلطات الإسرائيلية التودد للسكان الدروز بشكل مُريب ومثير للشكوك. وتُعزى هذه المعاملة المميزة إلى رغبة إسرائيلية باستمالة الدروز وضمّهم إلى حلف الأقليات، تغذية الانقسامات الطائفية بين العرب، والأهم من كل ذلك: دفعهم إلى الموافقة على إقامة دولة درزية تمهد لقيام دويلات طائفية مشابهة للنموذج اليهودي في المنطقة العربية.

في منزل كمال الكنج في مجدل شمس، قدّم ضباط مخابرات إسرائيليين عرضهم هذا أمام عدد من الوجهاء وقد خيروهم بين دعم مشروع الدولة الطائفية الدرزية أو التهجير القسري من مناطقهم. وفي كلتا الحالتين مصلحة لإسرائيل إذ إنهما يخدمان الغرض ذاته: تطهير الدولة من غير اليهود. ولعل هذا الغرض شكّل الهاجس الأكبر لزعماء الصهيونية فهم يعرفون حق المعرفة أن التطور الديمغرافي يصب في صالح السكان العرب ويهدد وجود إسرائيل، فكانت الطريقة المثلى لمواجهة هذا الخطر بالنسبة للإسرائيليين هي التهجير القسري. وبالعودة إلى الاجتماع الذي عُقد في منزل الكنج فقد تقرّر فيه أن يدّعي الدروز الموافقة على العرض والمماطلة لكسب المزيد من الوقت، ريثما يتوصلون للمخرج المناسب. كما وتم الاتفاق على تكليف كمال الكنج بالاتصال بسلطات الاحتلال والتنسيق معها.

في خريف عام 1967 توجه كمال الكنج إلى تل أبيب للقاء مسؤولين إسرائيليين (منهم الوزيران موشيه ديان وإيغال ألون) والبحث في الخطة المقترحة وتحديد دور الكنج في تنفيذها. هناك، حيث وافق الكنج ظاهريا على التعاون مع الصهاينة، دخلت العملية البطولية التي فضحت المؤامرة الإسرائيلية حيّز التنفيذ. طُلب من الكنج التواصل مع إحدى الشخصيات الدرزية الموثوقة للتنسيق مع الإسرائيليين والتعاون معه في تأدية الدور المطلوب منه. فاختار الكنج صديقه وقريبه كمال أبو لطيف لهذه المهمة. التقى الرجلان في أحد فنادق روما يوم 27 تشرين الأول من العام 1967 حيث كان من المفترض أن يحضر اللقاء ضابط «الشين بيت» (جهاز الأمن العام الإسرائيلي) المرافق للكنج. غير أن هذا الأخير تمكّن من الاجتماع بأبو لطيف على انفراد والإفصاح له عن مهمته المُفترضة وعن حقيقة نواياه. اتفق الرجلان على إظهار التعاون مع الضابط المسؤول عن العملية، «الكولونيل يعقوب»، على أن يحاولا انتزاع أكبر قدر ممكن من المعلومات العسكرية والسياسية المتعلقة بالخطة وإيصالها للمسؤولين العرب.
توالت الاجتماعات في العاصمة الإيطالية بين الكولونيل و»الكمالين» تمكن فيها الأخيران من استدراج الأول، فجمعا معلومات قيّمة عن الحيثيات العسكرية والزمانية والسياسية للعملية المخطط لها: كانت إسرائيل تنوي افتعال الأحداث على الجبهتين السورية اللبنانية لخلق ذريعة لاجتياح الجنوب والجبل اللبناني وجبل الدروز في سورية. حتى إذا تقدمت القوات الإسرائيلية واحتلّت هذه المناطق أعلن الزعماء الدروز انفصالهم عن لبنان وسوريا وتأسيس دولتهم الدرزية. الجدير بالذكر أن وثائقيّاً أعدّته الجزيرة أكّد استعداد الولايات المتحدة الأميركية للاعتراف بالدولة المُزمع إنشاؤها فور إعلان قيامها. وهذا ما أكده أيضا الكولونيل الإسرائيلي للكمالين بحسب قصة القطمة.

في المقابل، حرص العربيّان على الإجابة عن أسئلة الضابط بمعلومات عامة وسطحية حول بعض القضايا السياسية والعسكرية والاجتماعية في بلديهما كي يقنعاه بتعاونهما معه. ويعود نجاح الدرزيان في سحب المعطيات من الضابط، حسب كتاب القطمة، إلى ذكاء الرجلين وتنسيقهما المستمر فيما بينهما، ورغبة الكولونيل بإتمام مهمته بأسرع وقت ممكن لإرضاء رؤسائه في إسرائيل. إشارة إلى أن المسؤولين عن الكولونيل يعقوب في «الشين بيت» كانوا على اتصال دائم بمرؤوسهم في روما لإيفائهم بالمعلومات التي يتلقاها من الدرزيين، ما يدل على اهتمام إسرائيلي كبير بالمشروع. من جهة أخرى، وفور عودته إلى لبنان، اجتمع أبو لطيف بالزعيمين كمال جنبلاط وشوكت شقير وأحاطهما بتفاصيل اللقاءات التي جمعته بالكنج والضابط الإسرائيلي، فأظهرا دهشة عظيمة لهول المخطط المُحَضّر وسارعا بإبلاغ الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي أبدى بدوره اهتماما بالغاً بالموضوع. ثم توجّه أبو لطيف إلى دمشق حيث التقى مدير المخابرات السورية عبد الكريم الجندي واضعاً معلوماته في تصرّفه.

 

وفي تشرين الثاني 1967 كلّف الإسرائيليون أبو لطيف بالتواصل مع الأمير حسن الأطرش وحثّه على تبنِّي مشروع الدولة الدرزية، مستغلّين خلاف الأمير مع النظام البعثي السوري. تعذّر على الأمير الذهاب فآثر إرسال حفيده حمد لتلبية دعوة أبو لطيف في روما (دون أن يعلم الهدف من الزيارة). وسرعان ما انضم الأمير حمد إلى الكمالين في مسعاهما لإفشال المؤامرة. كانت اللقاءات المتتالية بين الإسرائيلي والثلاثة العرب كفيلة بالإجابة على الكثير من الأسئلة العالقة في أذهان الكنج وأبو لطيف والاستفسارات التي طلب بعض المسؤولون العرب الإجابة عنها، فقد كان «يعقوب» يكشف لهم تدريجيا المزيد من المعلومات العسكرية والاستخباراتية عن المشروع. من جهته، لم يتأخر أبو لطيف في إبلاغ السلطات اللبنانية والسورية والمصرية وكمال جنبلاط بكل جديد في تقارير مفصلة هي التي اعتمد عليها مؤلف الكتاب لاستقاء معظم معلوماته. وفي كانون الأول 1967 سافر كمال أبو لطيف إلى بيروت ومنها إلى دمشق حيث قدم المزيد من المعلومات الهامة لمدير المخابرات السورية الذي أبلغ بدوره الرئيس السوري نور الدين الأتاسي.

بعد انتهاء المباحثات مع الثلاثة الدروز في روما، عاد كل منهم إلى بلده على أن يبقى التواصل قائما بينهم وبين الكولونيل من خلال الرسائل المُشَفَّرة. وظلت القضية سريّة لا يعلم بها سوى عدد قليل من المسؤولين العرب رفيعي المستوى الذين تواصل معهم أبو لطيف. وظل هذا الأخير يتنقّل بين لبنان وسوريا والعراق ويدلي بما لديه من معلومات للمسؤولين، حتى أن كمال جنبلاط طلب منه سحب ترشيحه من انتخابات 1968 النيابية والتفرغ لمتابعة هذه القضية الخطرة. في تلك الفترة، كان يعقوب يبعث لأبو لطيف رسائل مشفرة من أوروبا طالباً منه العودة للقائه، دون أن يلقى جواباً واضحاً. لكن عندما اتّخذ جمال عبد الناصر قرار الرد على المؤامرة عبر تعزيز المواجهات العسكرية في مواقع المحاور الوارد ذكرها في تقارير أبو لطيف التي كانت إسرائيل تعتزم التحرك منها لتنفيذ مخططها، أدركت هذه الأخيرة انفضاح مشروعها فاعتقلت الكولونيل واتهمت الكنج وأبو لطيف بإفشاء أسرار المخطط لدول عربية، وأصبحت حياتهما معرضة للخطر. وسرعان ما أُلقي القبض على كمال الكنج في بلدته المحتلة مجدل شمس ثم أُفرج عنه بعد بضع سنوات ضمن صفقة تبادل أسرى سورية إسرائيلية. وعُلق تنفيذ مشروع إنشاء الدولة الدرزية حتى تحين الفرصة الملائمة لذلك.

يذكر القطمة في نهاية كتابه أن كمال الكنج فضل متابعة النضال داخل منطقته بعد تحريره، واعتُقل مرات عدة حتى وفاته في 15 أيلول 1983 بسبب ما تعرض له من تعذيب في السجون الإسرائيلية. لكن تغيب عن كتابه حادثة مقتل كمال أبو لطيف الغامضة. ففي 20 تموز من العام 1985 أي بعد عام من صدور الكتاب، قُتل كمال أبو لطيف أثناء محاولته فض نزاع مسلح بين أهالي بلدته وقيل آنذاك أنه أصيب عن طريق الخطأ.

إن مؤامرة إنشاء الدولة الدرزية، هي بلا شك إحدى أخطر المؤامرات التي حاكتها إسرائيل في المنطقة، بيد أنها واحدة فقط من مئات وربما آلاف المخططات غير المكشوفة التي أعدتها منذ قيامها حتى اليوم. لقد أعيد إحياء هذا المشروع الخبيث إبّان الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 وما تبعه من انهيار مؤسسات الدولة وتفكك الجيش وتقسيم لبنان غير المعلن إلى كانتونات طائفية لكنه فشل في بلوغ هدفه. أمّا اليوم، وبالرغم من أن مشروع حلف الأقليات وتقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية يبدو أنه لم يعد على رأس قائمة الأوليات الإسرائيلية، على اعتبار أن اسرائيل تمكنت من تشريع وجودها عبر التطبيع العلني والضمني مع معظم الدول العربية، إلّا أنه من الضروري في هذه المرحلة بالذات، التذكير بهذا المخطط الذي لم يأخذ حقه في النشر، للإضاءة على النوايا الإسرائيلية الحقيقية التي تخفيها تجاه العرب غير اليهود. لقد مارست إسرائيل عبر عقود سياسة تطهير عرقي تهدف إلى تطهير إسرائيل من غير اليهود، وجعلها دولة يسكن فيها «شعب الله المختار» الذي يتفوّق على غيره من الشعوب. وقصة المؤامرة هذه، إن دلّت على شيء، فهي تدل على عدم تردد الإسرائيليين في ممارسة السياسة المذكورة حتى على الدروز، الذين يجمع الاسرائيليين بهم «حلف معمّد بالدم» على حد زعمهم، في حين أنّ المخطط المذكور هدف إلى طرد الدروز من مناطقهم في فلسطين وكشف حقيقة نواياهم التي بدأ يدركها دروز فلسطين بعد ما طالهم من تمييز عنصري وطائفي من دولةٍ عنصرية تقوم على التمييز الديني والعرقي.

 

 

التوحيد والفكر الديمقراطي

دخلنا اليوم في عالم الموضة السياسية، وولِجنا الفكر الديمقراطي، نحن شعوبَ السمع والطاعة. فالسياسات القمعية التي مورست ضدّنا كشعب على مرّ العصور، حشرتنا في حالة انسلاخية، انفصلنا فيها عن إرادتنا ومشيئتنا، بل عن ذواتنا، وتعلمنا أن نقول ونفعل ما يريده منّا أهل الحكم، لا ما نريده نحن. الأمر الذي أورثنا إرادة هلامية ومشيئة زئبقية، نكيّفهما حسب المطلوب، بعيدا عن قناعاتنا الفردية. ولقد حصرنا قدوتنا في شخص «بطرس» الرسول، لحظة إنكاره لمسيحه، وفي العالم الفلكي المشهور «غاليلو»، عندما تراجع عن الحقيقة خوفا من الإعدام، ورمى في سلّة المهملات قوله بكروية الأرض ودورانها، وفي الفرنسي «فولتير»، عندما استجاب لأموال الطغيان، وانشغل عن مبادئه.

نحن شعوب السمع والطاعة، الذين استسلمنا لمرض التعوُّد المزمن وتجمُّد الضمير، فاستسغنا ما لا يستسيغه حرٌّ عاقل، تماما كحال «نيرون»، الذي قال عندما اضطر في بداية حكمه لتوقيع حكم الإعدام بحقّ أحد المجرمين: «ليتني ما عرفت الكتابة»، لكنّه بعد أن أودع ضميره في ثلاّجة السلطة، أزهق روح أمِّه، وأحرق «روما».

ومع أنّنا التزمنا بكلّ هذه الملوِّثات، لم نأخذ بوصيَّة «إمرسن» في قوله: «تذكَّر غيرك.. فإنَّ العواطف معدية»، لأنَّ عدوى التعلُّم من الغير لم تصلنا حقيقة، بل وصلتنا على شكل موضة تقليد الغير، فدخلنا عصر الديمقراطية لا بدافع ذاتي، بل بفعل السيولة، متأرجحين على ظهر تيارات عالمية، جرفتنا دون إرادتنا.

يجب علينا الاعتراف بأنَّ ثمّ فارقا كبيرا، بين العقل العربيّ والعقل البريطانيّ مثلا، فالأوّل، قد أدمن الاضطهاد والظلم، وما زال محتفظا في ذهنه بشبح السيّاف «مسعود»، بينما الثاني قد بنى قبل حوالي تسعة قرون، ما يسمى العهد العظيم، الذي كان يقطعه الملك على نفسه عند تولّيه الملك، بقوله: «إذا لم نقم بتصحيح ما عساه يقع من مخالفة (أيَّة مخالفة على الإطلاق).. فمن حقِّ جميع الناس بالمملكة أن يحجزوا، ويضيِّقوا علينا بكلِّ الوسائل الممكنة. وذلك بمصادرة جميع قصورنا وأرضنا وسائر ممتلكاتنا، حتَّى يتمُّ تصحيح ما وقع من مخالفة»! نعم؛ ذلك ما كان يقسم به الملك البريطاني، قبل أن يحمل تاج المملكة فوق رأسه، وصولجان الحكم بين يديه.
وقبل الدخول في تفاصيل الديمقراطية، يجب التأكيد على أنّ الديمقراطية إلى جانب كونها فكرا نظريّا، فهي سلوك عمليٌّ، وتربية مدرسية. ويبدو من غير المعقول أن يتعلَّم الإنسان الديمقراطية من الكتب النظرية وحدها، بل هو بحاجة إلى تربية ذات طابع ديمقراطي خاصّ، تؤهِّله لممارسة احترام الغير والتعاون معه. فالشخص اللّبنانيّ مثلا يسبقنا كسوريين في الحقل الديمقراطي، لأنَّه سبقنا حوالي نصف قرن من الزمان في ممارسة الديمقراطية عمليا، وهذا ما لمسته شخصيا أثناء جولاتي في المهجر، حيث يقف الموحِّدون السوريون متخوِّفين من التعاون، وبعيدين عن المشاركة في التجمُّعات والجمعيَّات، التي هي حكر تقريبا على إخواننا اللّبنانيين.

صحيح أنَّ الناس ينقسمون تحت مظلَّة الحكم غير الديمقراطي في شيطانين اثنين؛ شيطانٍ أخرس، خائفٍ من قول كلمة الحقّ، وشيطانٍ ناطقٍ يزخرف الباطل ويدافع عن غرور الطاغية، ومن غير الممكن أن يحمل هذان الشيطانان لواء التعاون والديمقراطية، إلّا بعد تأهيل طويل، يخضعهما إلى برنامج تربويّ جديد.

تعود الديمقراطية في أصل تسميتها إلى اليونانية، وهي مؤلفة من مقطعين اثنين؛ الأول، «ديموس»، ومعناه «الشعب»، والثاني، «كراتوس»، ومعناه السيادة؛ أي بما يعني «سيادة الشعب». والديمقراطية منذ نشأتها مثلَّثة الرؤوس؛ سياسية، واجتماعية، واقتصادية، ولسوف نقتصر البحث هنا على ذكر الاجتماعية منها، لأنّ السياسية والاقتصادية يتم بحثهما من خلال بنية كيان سياسي معيّن، والتوحيد لم يكن كذلك في يوم من الأيام، إنّما هو ينظّم المجتمع بإرساء القواعد الأخلاقية اللازمة. ومع أنّنا سوف نرى طبيعة اقتصادية لبعض هذه القواعد، مثل إلغاء نظام الرقّ، لكنَّ التوحيد عالجها من حيث طبيعتها اللاأخلاقية الظالمة، والتي تقف سدّا منيعا في طريق تطبيق المبدأ التوحيديّ الأساس؛ «مبدأ التخيير».

والديمقراطية تستند في طبيعتها إلى حكم العقل والمنطق، باعتبارها أفضل أسلوب من أساليب أنظمة الحكم، أخذت بالحسبان التجربة الإنسانية التاريخية، وهدفت في غايتها إلى تحقيق العدالة بشكل عام. وليس العقل والعدل، اللّذان استندت الديمقراطية إليهما، سوى ركنين اثنين رئيسين، يقوم عليهما الفكر التوحيدي عامّة. فالتوحيد باختصار هو مذهب العقل والعدل، وهو يعتمد اعتمادا كليّا على هذين الركنين. يمكن تأكيد إيمان التوحيد بالعقلانية والعدالة من خلال حديث العقل، الذي  جاء على لسان الرسول (ص) بقوله: «عندما خلق الله العقل، قال له: أقبل فأقبل. ثمّ قال له: أدبر فأدبر. ثمّ دعاه وقال له: إذهب، فأنت لعبادي سلطان، وعليهم شهيد. إيّاك أسأل، وإيّاك أعطي، وبك أحاسب».

وإنّني إذ أتحدّث هنا عن الجانب التوحيديّ الديمقراطي، فإنّي أتحدّث من واقع ما ورد عن الديمقراطية المطلوبة داخل المجتمع التوحيدي، باعتباره مجتمع القيم العقلانية والحقائق البرهانية، الذي يُتوقّع أن يسود في نهاية المطاف، بسيادة العقل جميع سكّان المعمورة.

كما أنّني عندما أتحدّث عن العقل في الفكر التوحيدي، أقصد العقل الكليَّ الروحانيَّ، غير المكوَّن من مادّة، لأنّ ما هو من مادّة فإلى فساد. ذلك العقل بمعناه التجريدي، الذي يمتدُّ في النفوس البشريّة، على شكل عقل روحانيّ جزئيّ. وعليه فالتوحيد من خلال كتبه وتراثه، يقوم على قاعدتي العقل والعدل.

نظر التوحيد إلى العدل والعقل كمفهومين مترادفين، باعتبار العدل، نتيجة طبيعية للعقل. وكلٌّ منهما مؤيِّد للآخر، فمرَّة الأوَّل يقطع، والثاني يوجب، ومرّة أخرى العدل والعقل كلاهما يوجبان، ومرّة ثالثة يتّحد كلٌّ من العقل والعدل في فروض التوحيد، وهي آداب الدين، التي تتقدّم مكانتها على الدين، في أساس الفكر التوحيدي.

وإقامة العدل هي بحدّ ذاتها غاية من غايات كشف التوحيد، وهدفا من نشره بين الناس. ومن ذلك وصف الموحّدين بأنّهم أهل العدل، لأنّ العدل صفة أهل العقل بالضرورة، وبأنّهم أهل الألفة والاتّفاق.

كذلك ومن هذا المنطلق أيضا ارتبط قيام الحقّ والعدل، وهما تعبيران مترادفان، بقيام العقل؛ إذ كلّ ما هو خارج عن نظام العقل، فهو خارج بالضرورة عن العدل.
وأخيرا فإنّ العقل هو المؤهَّل الوحيد لإقامة العدل، وحمل سيفه المعنوي.

وجدير بالذّكر أنّ الفكر التوحيدي، كرّس في تعاليمه عددا من القواعد الديمقراطية الأساسية، أوجزها على الشكل التالي:

أ- إحلال السلام الاجتماعي، وعدم حضّ الموحّدين عمليّا على القتال، فإنّه على الرغم من المحن التي مرّ بها الموحِّدون، كما لم تمرّ طائفة في مثلها على مدى التاريخ، فإنّما المطلوب من الموحّدين الصبر على المحن، باعتبارها امتحانا لأنفسهم، ومحكّا للتفاضل بينهم. ومن خلال هذه القاعدة أرسى التوحيد قاعدة مهمّة، هي قاعدة التسامح مع الغير، وذلك انطلاقا من سببين اثنين: الأوّل، احترام رأي الآخرين، الذين لم يقبلوا الدخول في التوحيد، والثاني، انكفاء الدعوة التوحيدية إلى السّتر، فأصبحت دعوة مغلقة غير تبشيرية، لا تزاحم الدعوات الأخرى في تعبئة التابعين والمريدين.

ب- اعتماد التوحيد على مبدأ التخيير، باعتباره قاعدة من قواعد عدالة الحساب، أي أنّ الحجّة لا تقوم بالعدل على البرية جمعاء، إلّا بعد تطبيق مبدأ التخيير.
ولقد انبثق عن التزام التوحيد بمبدأ التخيير، مناداته بحرية الأديان، وربّما كان أوّل المنادين بهذه الحرّية، وأوّل من قاوم إجبار الناس على ولوج دين الأكثرية الأقوى، فآمن بأنّ الفكر الديني يجب أن يُعرض على الناس أوّلا، ولهم بعد ذلك اعتناقه أو رفضه مختارين، اعتمادا على القاعدة التوحيدية التالية: ليس في الدين إكراه ولا إجبار، إنّما هو عرض على الأمم واختيار.

ت- ساوى التوحيد بين جميع أتباعه، وجعل أفضلهم من ساوى نفسه بالآخرين.

ث- ساوى التوحيد بين المرأة والرجل، باعتبار النفس البشرية جوهرا، لا يجوز فيه التذكير والتأنيث، وكذلك ساوى التوحيد بين الرجل والمرأة في الحقوق الزوجية.

ج- لم يعترف التوحيد بنظام الرقّ والعبوديّة، وأمر بإلغائه، لأنّه مجاف لمبدأ التخيير والعدل.

ح- أنكر التوحيد نظام الخلافة الفاطمية الذرّي الوراثي، ومن بعده كلّ نظام وراثي، وهذا ما كرّسه الشعار التوحيدي المطروح في أوائل خطوات الدعوة نحو الكشف، وهو: يحكمنا أعلمنا. فالحكم قد نحا نحوا جديدا بالمفهوم التوحيدي، حيث أصبحت الأولوية في الحكم للشخص الأقرب من العلم والمعرفة، بعد أن كان للشخص الأقرب نسبا للإمام.

الوباءُ تحت مُجْهِر القانون

تواجه البشرية اليوم فيروساً قاتلاً هو فيروس كورونا أو ما يُعرف بـ (Covid-19) بعد أن كان أوّل ظهور له في مدينة ووهان الصينية. وأصبح العالم بأجمعه تحت رحمة هذا الفيروس الغامض، والذي أطلقت عليه منظمة الصحة العالمية صفة»جائحة» نظراً لإنتشاره السريع، عابراً بذلك كافة الحدود التي عرفها الإنسان، حاصداً آلاف الأرواح بسبب سرعة انتشاره وتعدد طرق الإصابة به وسهولتها. إذ يمكن أن ينتقل الوباء نتيجة السعال، أو العطس، أو المصافحة، كما يمكن أن ينتقل ايضاً عن طريق ملامسة شيء لمسه المصاب ثم لمس الفم، أو الأنف، أو العين.

لذا، ونظراً لخطورته، عمدت مختلف دول العالم إلى اتخاذ العديد من الإجراءات والتدابير الوقائية لمحاصرته بهدف التقليل من الإصابة به ولعل أبرزها «العزل الصّحي» للذين ثبتت إصابتهم مخبرياً أو يُشتبه بحملهم له.

ولعل السؤال القانوني الذي يطرح نفسه بشكل صارخ في هذا الإطار هو:
المسؤولية القانونية وخاصة الجنائية لحاملي هذا الفيروس في حال تسببهم بنقل الوباء للغير إمّا عمداً أو خطأً بسبب الإهمال والتقصير؟!!

تكمن الإجابة على هذه الإشكالية القانونية المهمة في المادة /604/ من قانون العقوبات اللبناني حيث نصت على ما يلي:
«من تسبب عن قلّة احتراز أو إهمال أو عدم مراعاة للقوانين أو الأنظمة في انتشار مرض وبائي من أمراض الإنسان عُوقب بغرامة تتراوح بين خمس وعشرين ومئتي ليرة، وإذا أقدم الفاعل على فعله وهو عالم بالأمر من غير أن يقصد موت أحد عُوقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات فضلاً عن الغرامة» كذلك، نص الفصل الرابع من قانون الأمراض المعدية الصادر بتاريخ 31-12-1957 على تجريم وملاحقة كل من يُهمل الإخبار عن أي مرض من الأمراض الانتقالية، وكل من يُخالف أو يُعرقل تدابير العزل وسائر التدابير الوقائية. وأجاز لوزارة الصحة ملاحقة المخالفين أمام القضاء، ونص على إنزال عقوبات تتراوح بين الحبس والغرامة بحق مرتكبي هذه الجرائم.

إلّا أن هذه الأحكام قد يتعذر تطبيقها في الوضع الراهن بسبب عدم تعديل لائحة الأمراض الإنتقالية الواردة حصراً في نص المادة /6/ من هذا القانون لأن فيروس كورونا غير مشمول بها لعلة عدم وجوده سنة 1957. غير أن المادة /11/ من القانون ذاته نصت على أنه يحق لوزير الصحة العامة بناءً على اقتراح المدير العام أن يصدر قراراً بإجراء التعديل اللازم على لائحة الأمراض الانتقالية المبينة في القانون وعلى لائحة الأمراض المتوجب عزل المصابين بها الواردة في المادة/6/ منه.

ومع الإقرار بمسؤولية مؤسسات المجتمع والدولة، إلّا أن ذلك لا يعفي من تحمل المسؤولية الفردية روحاً ثقافية وسلوكاً واقعياً، فهناك نمط من التفكير عقيم، يتمثل في التهرب من المسؤولية الفردية والاختباء خلف المسؤولية العامة، فترى انتظاراً لحلول جماعية فوقية تمليها القيادات العليا وهو ما يُغرق الفرد في المنطق التبريري ويجسد عمق القصور في إدراك المسؤولية الفردية.

كما تزخر بذلك النصوص الشرعية، وعند التأمل في قوله تعالى:
«إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم» نجد أن سُنّة التغيير ناتجة عن الفعل البشري في ممارسة أقصى طاقاته الذهنية والعملية. فالآية عامة في كل إنسان يريد التغيير وبالتالي فهي تعبر عن قانون إنساني مجرد لا يُعفي أحداً من تحمل المسؤولية. فالتوازن بين الحرية والمسؤولية في أزمة كورونا يتجسد في أن نعمة الحرية في السلوك الفردي أو الجماعي لا تعفي الإنسان من تحمل مسؤولية الوقاية والعلاج من هذه الجائحة تجاه النفس والغير، إذ إن حرية الفرد تنتهي عند بداية حريّة الآخرين، وأنه مهما تميز الإنسان بالخصوصية في السلوك الفردي إلّا أنه مُؤاخذ في تحمل المسؤولية عن الأثر المتعدي لها دنيوياً أمام القانون وأخرويّاً أمام الله تعالى.

التّحليلُ النفسيُّ للوَهَنُ الأخلاقيُّ في مجتمعنا

ممّا لا شكّ فيه عبر العصور، لطائفة الموحّدين الدروز ميزة «أصالة، محبّة، نضال، وتفانٍ».

مع تطوّر الزمن، والانفتاح، أُدخل على المبادئ الانصهار بالتخلّي عن العادات التي تربّى عليها السلف القديم، وذلك بالـتمدّن في اللباس والعلم الجامعي للمرأة لتكون بجانب إخوانها في المجتمع.
لكن خروج شريحة ٍلا بأس بها من تلك العادات، أدخلت طابع الغرور، والحقد لدرجة تغييب العقل عن اللاعب الكومبارس «الأنا، اللاوعي، الغريزة» ليحتل المرتبة الأولى الآمر المتحكّم بالمشاعر والأحاسيس لتلبية اللذات المدمّرة للإنسانية…
وهنا العجب، من خلال السلوك والتصرّف، لكأننا في مستنقعٍ موحل خالٍ من الشِّيَم. لذلك نرى انحراف المجتمع المدني المعروفي النقيض للسّلف.

فالمجتمع انبثق من أهلٍ وتربية، لكنّه مخالف كُليّاً…
فالنفس الأمّارة التي لا تهدأ ولا ترتوي تريد المزيد المزيد شراهة لها فقط…
ومع ذلك، فإنّ تلك الفئة، الشريحة النسبية تأتي من مجتمع سعيد فيه تجسّدت المحبة والطيبة والثقافة والعيش الرغيد، لم يحرمهم من حقوقهم إطلاقاً..
فكم نحن بحاجة إلى ندوات تثقيفية توحيدّية لترويض «الأنا الباطني» لتهذيبه، ولردعه من التعدّي على حقوق الآخرين عمداً وملتبساً.

لتلك الحالة شغب ما في باطن الروح التدميري للغير.
من أهم حالات العصيان «التمرّد النفسي»، ووجود عيّنة فيا للعجب، الكل يهتم ويساعد كي لا يُحرم من أبسط الحقوق، … لكن ردّة فعل الفرد المهووس أتت معاكسة كليًّا…فهو يعيش في روبصة المحروم، وهو في نعيم النعيم ينعم بكل خيرات وجاه، ومال لا معارض ولا ممانع..

عكس ما يدلّ سلوكه المبطّن الذي يخرج عن المكبوت في أعماقه مخزون الحقد التدميريّ، «كقنبلة موقوتة تنفجر أسىً، وأذى للمشار إليه في عقله الباطن» (كأنّه مجرم يريد التخلص منه بأبشع الوسائل..

يدخل بمديح ومحبّة كلصٍّ يريد الهجوم على طريدته…
يجعلك في حَيْرة من أمره لأفعاله وسلوكه… عيناه تكشفان المستور، ووجنتاه كتاب غامض لمن يقرأه بين السطور..
والحيلة فطنة ودمية للصيد الوفير…
الحقد، الوهن الأخلاقي لعيّنة في مجتمع طائفة الموحّدين الدروز «مخالف للنهج الإنسانيّ، وهو مرض عُضال فتّاك، لا بدّ من البحث لردع هؤلاء المزيّفيين المجبولون بالكذب والخدعة والرياء والتزوير…

هنا دور الأهل، إنْ كان الأهل من الصالحين.
إن نفسية الفرد طبع غلب التطبّع، وهو من الصعب التعايش بودّ وإخاء. أمام. نقيض الإنسانية.
فترى الحاقد منفتح على كل الجبهات يُخفي من أفعاله… مؤسَّس بشكل وهمي على النصب والاحتيال، بارع في هذا المجال.

السؤال التالي:
«هل هو جنون العظمة، أم تسلّط وكبرياء تدميري للآخر…!!!
ومدمّر للذات، ذاته أوّلا..
كونه الجاني، الحاقد والغيّور، يعيش بسعادة بلا حدود… لا يهدأ باله إلّا بالأذيّة.

هل النفس البشرية تشرد عند حصولها على مباهج الدنيا !!!.
هل الأنا الطاغي للشر والشرور في حلقة تنويم العقل، وتفخيخ الجهل بزمن تفتّحت براعم الحرير والياسمين
على كل المعمورة
على أرض المعمورة.

هل لبنان جاهز للتعلّم من بُعد؟

وفق تقارير الأمم المتحدة فإن حال الإغلاق لثلث سكان العالم قد عرقل انتظام التعليم لثلاثمائة مليون طالب وتلميذ على الكوكب. الملايين من الأساتذة والمدرسين، والهيئات الإدارية، وصنّاع القرار، وجدوا أنفسهم، في مشهد وُصِف بأنه “غير مسبوق”، مدفوعين دفعاً نحو التعليم أون لاين (التعليم من بُعد من خلال الشبكة)، مع الاعتراف أنهم جميعاً لم يكونوا على الأغلب مهيّأين لتعليم كهذا، أو على الأقل التحول إليه بين ليلة وضحاها، للمرة الأولى على نطاق واسع على ما نشهد الآن.

بخلاف الولايات المتحدة، حيث إقفال المؤسسات التعليمية التقليدية وإبدالها بصفوف متحركة على الأون لاين – وهو ليس بالأمر غير الاعتيادي في حالات الطوارئ من مثل الأعاصير والزلازل – فقليل جدا على مستوى العالم، وليس لبنان فقط، من كان مستعداً لوجستياً وتربوياً وإدارياً لقرارات إدارية اتخذت على عجل بالتحول مؤقتاً من نمط التعليم الكلاسيكي (محاضرات/قاعات) إلى نمط مغاير كلياً. وعليه فلبنان يختبر الآن التعليم أون لاين، على نطاق واسع، وللمرة الأولى في تاريخ التعليم العالي في لبنان الذي يعود لسنة 1866 (الجامعة الأميركية) و 1875 (جامعة القديس يوسف).

لبنان يكتشف القيمة العملية للتعليم أون لاين:

بمعزل عمّا إذا كان الأمر سيقصر أو يطول، فإن التحول المفاجئ أعلاه فرض تحدياً حقيقياً على الجامعات باتجاه العمل السريع على توسعة وتحديث تقديمات الأون لاين، في ظروف أقل ما يقال فيها أنها ليست مثالية بل صعبة، ما سيدفع البلاد كما أعتقد لإعادة النظر في كثير من مفاهيمها التربوية المسبقة، وإحدى نتائجها المزيد من التقدير والاحترام لهذا النمط من التعليم، والذي كان يُنظر إليه في الغالب على أنه نوع من الترف غير الضروري، بل إنه لاقى في حالات محددة تقييدات عدة.

وهكذا أسرعت الجامعات بحثاً عن منصّات للتواصل في وسعها تحقيق أوسع وأوثق صلة ممكنة بين الطالب وجامعته، من مثل Blackboard Collaborate, Adobe Connect, & Microsoft Teams ، بهدف الاستثمار الأفضل لمكونات التعليم الألكتروني لديهم من مثل Moodle & Blackboard،  وتطويعها لتناسب الوظائف الجامعية ومنها تحديداً: التحول نحو امتحانات – في – البيت، وما يتبعه من حرص على نوعية الامتحان، أمن الامتحانات، دقة النتائج، وسواها، من خلال برامج عملية حسنة الفاعلية والحماية على الأون لاين. أدّى التحول بالأساتذة والمشرفين لإعادة هيكلة محاضراتهم وحتى دروسهم العملية على نحو مختلف، دافعين بالطلاب أنفسهم ليتعلموا أدوات وتطبيقات جديدة من مثل: Screen recording, Voiceover, Recording Sessions Offline, Collaborate online Bulletins, etc.، وليكونوا خلاقين في تصميم مجموعة أنشطة معاً، ولاختبار تقنيات تربوية جديدة. أما النتيجة وكما هو متوقع فعمل إضافي متزايد، اهتمام بالتفاصيل، وحتى الخوف من عدم القدرة على المتابعة الصحيحة واحتمال الرسوب – فيما الغرض الأصلي ليس النجاح أو الرسوب بالمعنى الحصري الضيق، وإنما استمرارية العملية الجامعية من خلال التعلّم من بُعد.

لذلك لعله من المفيد التذكير بالنتائج التي توصلت إليها في هذا الموضوع من خلال بحث ميداني أجريته أواخر سنة 2018 ومطلع 2019 حول مدى جاهزية النظام التعليمي في لبنان، الجامعي تحديداً، لقبول التحول من التعليم التقليدي محاضرة – في – الصف، إلى نمط جديد، نمط التعلّم من بُعد، وقد كان البحث الميداني جزءاً من أطروحتي للدكتوراه (تربية، باللغة الإنجليزية). تناولتُ بالمسح الميداني، من خلال استمارتين، مدى جاهزية الطلاب لقبول التحوّل أعلاه، ومدى جاهزية أعضاء هيئات التدريس لشروط التحوّل ذاك.

جاهزية الطلاب لقبول التحوّل إلى نمط التعلّم من بُعد

تناولت الاستمارة الأولى Questionnaire 1 التي أعددتها، وبعد اختبار صدقيتها على النحو المعروف، عينة من 305 طلاب في جامعات لبنانية عدة، الجامعة الرسمية وجامعات خاصة. قاست استمارة الطلاب وعلى نحو كمي مدى جاهزية الطلاب من خلال scale questions، ألحقت بها أسئلة مفتوحة النهايات open-ended بهدف القياس الكيفي لمواقف الطلاب وأرائهم. قاربت الأسئلة جاهزية الطلاب من حيث الكفاءة الذاتية، الخبرة السابقة، الدافعية، التوقعات،  والجانب المالي (وقد أفصح الطلاب عن مخاوفهم تلك بوضوح). ثم جرى تحليل موضوعاتي  thematic analysis للإجابات. كان حوالي 80% من المجيبين بين 17 و24 سنة، من مستويات جامعية مختلفة، بكالوريوس، ماستر، ودكتوراه. ومن دون إغراق القارئ بتفاصيل ونسب تقنية، أظهر تحليل الإجابات أن أكثرية الطلاب هم على ألفة بالعمل على الحاسوب الشخصي، والإتصال بالشبكة، وأدوات التواصل، وعلى معرفة عموماً بالسوفتواير المطلوب واستعمالاته، وفي كيفية التغلب على التحديات التقنية. وعليه كان مدهشاً موقفهم الإيجابي من نمط التعلم من بعد، لجهة فوائده العملية وإنتاجيته العلمية. إلا أن ما يقلق الطلاب هو احتمال أن يحول هذا النمط من التعليم دون حصولهم على قروض مالية من المصارف أو الجامعة، علماً أن القروض تلك لا تموّل امتلاك حواسيب أو تجديدها.

جاهزية أفراد هيئات التدريس ومواقفهم:

 في دراستي الحقلية التي أشرت إليها آنفاً، تفحصت أيضاً مدى جاهزية أفراد هيئات التدريس الجامعية في لبنان من فكرة “التعلّم من بعد”، وقبل سنة كاملة من التحول القسري الجاري حالياً. وللتحقق من جاهزيتهم ومن أفكارهم الإضافية، صممت استمارة خاصة بأعضاء هيئات التدريس تكوّنت من 35 سؤالاً بهدف استكشاف الخطوات المتخذة، الخبرات السابقة، الجاهزية التربوية والتقنية، وقد ختمت الأسئلة المقفلة، بأسئلة مفتوحة لتغطي طريقة تفكير الأساتذة من الموضوع، إضافة إلى أرائهم ومواقفهم. وبعد اختبار صدقية الأسئلة وفاعليتها، جمعت ردود عينة من 121 أستاذا من جامعات لبنانية مختلفة، 69% منهم يحملون الدكتوراه، وأعمار نصفهم تقريباً فوق ال 47 سنة. تبين من الردود، وباختصار، أن أكثريتهم (79%) لم تمارس هذا اللون من التعليم والتدريس من قبل، والقلة الباقية مارست بدرجات مختلفة التعليم من بُعد. ولكن بالمقابل بدا من الإجابات أن قوة هيئة التدريس في المجموعة المفحوصة تكمن في تعودهم على استخدام تقنيات elearning ، وإدماجهم عنصر التكنولوجيا في تعليمهم؛ وغني عن القول أن جميعهم يمتلك أجهزة كومبيوتر في المنزل والمكتب، ولديهم خبرات بقدرات السوفت وير، عدا وعيهم بأهمية الشبكة والإفادة منها في تطوير عمليات التعلّم، والتركيز كما أشار معظمهم على ضرورة تعزيز الوعي ومهارات التفكير النقدي لدى المتعلّم من بّعد، مع تشديدهم، بوضوح، على ان التعليم أون لاين ليس أفضل الأنماط، بل الأفضل هو دمج الأون لاين مع تعليم وجهاً لوجه في القاعات.

موقف الأساتذة أمر إيجابي جداً، بل أكثر من نصف الطريق نحو نجاح عملية التحول (القسرية) الجارية الآن في الجامعات من تعلّم محاضرات – في -الصف إلى محاضرات ودروس عملية على الأون لاين.

توصيات لتعلّم من بُعد فعّال وناجح:

يبقى، إذاً، بعض الاقتراحات العملية، التي يمكن أخذها بعين الاعتبار من جانب أفراد هيئات التدريس والإدارات.

تتعدد أراء الخبراء في كيفية زيادة فرص تقديم تعلّم من بُعد، وظيفي، فعّال، ويحقق بنجاح الأهداف المتوقعة منه؛ وهو أمر يعتمد جزئياً على مواقف الطلاب (وقد رأيناه إيجابياً وفق الردود على استمارة الطلاب، وقبل وقت قصير من اندلاع الأزمة الأخيرة). لكن النجاح التام، نسبياً بالطبع، يعتمد بدرجة أكبر على استطاعة الأساتذة، ومساعديهم، والمؤسسات، إدارة عملية دقيقة وحساسة، من خلال تحسين نوعية ما يجري تبادله، في الاتجاهين، على الأون لاين.

لا حاجة للقول أن صفوف التعلّم من بعد تختلف عن صفوف brick- and- mortar الصفوف التقليدية التي تجري وجهاً لوجه في  قاعات التدريس. من أجل تجاوز الاختلاف ذلك، وتجاوز الألفة التي يشعر بها الطالب بإزاء نظام التعليم التقليدي، يُنصح ببعض الخطوات الآيلة إلى خلق سيستام تعلّم من بعد ناجح ومتكامل:

  • التشجيع على الحوار، دون أن يُخرج العملية عن سياقها الأصلي، بل حوار مخطط له، يشعر الطالب بحضوره الشخصي، ويطمئنه للعملية، ولكن باستمرار تحت إشراف الأستاذ، أو مساعده، وبالتوقيت الذي يراه مناسباً.
  • يمكن إدماج الطلاب في العملية الجارية على نحو ناجح من خلال استثارة دوافع تعلمية بطرق مختلفة يتقنها الأستاذ جيّداً، وتتبدّل بحسب الرصيد اي المادة موضوع الدرس. إلا أنها تعتمد عموماً على تجميع تدريجي للحوافز، النقاش، التعاون، فيديوات عامة (أو مصممة من المدرسين): مقاطع صوتية، واختبارات مع مساعدة، ثم من دونها، على نصوص منتقاة – دون نفي إمكانية تقديم محاضرة لكن شرط الاختصار الشديد بهدف عدم تشتيت تركيز المتلقي.
  • على صفوف التعلم من بُعد المستحدثة أن تخلق بيئة تعلّم نشِط وليس مجرد محاضرة أخرى ولكن على الأون لاين هذه المرّة. ويكون ذلك بتشجيع الحوارات، والتفاعل، والنقاش الحيوي، وتبادل المعرفة، وبخاصة تمكين الطالب المتلقي من الشعور بلذة اكتشافه للمعلومة، أو استخلاصه للنتائج. وهذا أفضل زاد له في الاندفاع أكثر وبسعادة في صفوف التعلّم من بُعد.
  • لجهة التفاعل، يمكن الإضاءة على ثلاثة أنواع: طالب – طالب، طالب – أستاذ، و الطالب – المحتوى. والعملية الناجحة هي التي تحسن استثمار الأنواع الثلاثة بالتبادل، والتوقيت، والوقت المناسب. وهنا يبرز من جديد الدور الحاسم للأستاذ في الإعداد لعملية التعلّم من بعد، وهو أصعب بكثير من دوره في نمط محاضرة – في – قاعة الصف.
  • تشجيع استخدام فوروم forum طلابي مفتوح وعام، منتدى، يتيح للطلاب التقدّم بيسر بأسئلتهم، وملاحظاتهم، وأفكارهم؛ وإظهار تعاونهم ومساعدة بعضهم بعضاً. ومن ذلك تحضير صفحات أو أجزاء منها للطلاب تمكنهم من لصق بوستاتهم، أو إجاباتهم حين يطلب منهم ذلك، وفي كل الأحوال إظهار أن حضورهم المرحب به، وتعزيز فاعليتهم وأشكال تعاونهم، ونقاشاتهم.
  • يفضل جعل الدروس في مقاطع محددة chunks، هو الأكثر ملاءمة في التعلّم من بُعد. أما المحاضرات الطويلة فليست بالتأكيد الطريق الأفضل لتأمين حسن اندماج الطالب في الصفوف العادية، فكيف على الأون لاين. وينصح خبراء كثيرون بأن لا تتعدى المعلومات المقدّمة من الأستاذ أو من يدير صف الأون لاين في كل مرة ال 10 – 15 دقيقة، فيديو، أو كلاماً، وذلك لتجنب شعور الطالب أنه “معزول”، أو “منقطع”.
  • جعل المجموعات صغيرة. ينصح الخبراء تقسيم الصف إلى مجموعات صغيرة، بين 4 و 6 طلاب، كما لو كانوا في مجموعة بحثية أو دراسية، فيكون في وسعهم الشعور بالراحة حيال بعضهم بعضاً، وتوقع الدعم من واحدهم للآخر، مع تعيين دقيق للمصادر والمراجع المساعدة التي يمكن بسهولة العودة إليها. ويجب إدارة العملية بانتباه، أي تخصيص موضوع أو جزء منه، في الجلسة الواحدة لكل مجموعة.
  • يجب توقع صعوبة التفاعل في البدء؛ والحل ببعض الصبر ثم المساعدة في خلق جو الثقة، من خلال الإسهام في حل المشكلات التقنية واللوجستية، وتشجيع الطلاب أن يقدّموا المساعدة بعضهم لبعض الآخر ما يمنحهم ثقة أكبر بالنفس، والتركيز على عملية بناء القدرات الذاتية لكل فرد في المجموعة ولو استغرق الأمر بعض الوقت، وتجنب الأحكام السريعة، وبخاصة السلبية في كل الأحوال.
  • كن حاضراً!!! أن يكون الأستاذ أو مساعده حاضراً في موقع الدرس الذي يجري اقتراحه والعمل عليه هي الخطوة الأكثر أهمية بين كل الخطوات. فالأساتذة الأفضل على الأون لاين، برأي الطلاب، هم الحاضرون أكثر من مرّة في أثناء إنجاز العمل أسبوعياً، حتى لا نقول يومياً، أو على الأقل حين يتوقع الطالب أن يكون أستاذه موجوداً…إلا إذا كان غياب الأستاذ أحياناً هو من طبيعة العمل نفسه، ويجب إخبار الطالب ذلك بوضوح.
Online Education Infographics with Flat Icon Set for Flyer, Poster, Web Site Like mortarboard, books, Microscope and computer. isolated vector illustration
وزّع وقتك على نحو حكيم:

كما قلنا فإن وجود الأستاذ، أو مساعده، أمر مهم جداً لنجاح الطالب في صف الأون لاين. حضوره ضروري ولكن ليس عند كل إشارة أو منشورمن الطالب. على الأستاذ تدبّر أمر حضوره، وغيابه، بطريقة منطقية. ليس سهلاً إدارة صف من ثلاثين طالياً أون لاين، ولا يتوقع منه أن يجيب كلمة كلمة، بل هو يختار وينتقي متى وكيف يتدخل، فيجيب على البوستات والأسئلة.

أدخل نصوص من وسائط التواصل Multi Media Assignments

تتعلم المجموعة على نحو أفضل حين يجري تقديم تنويع من الأنشطة والخبرات، وتشجيع الطلاب على إكمال عملهم بمختارات أو حتى مسابقات من خلال أدوات الأون لاين الرقمية ما يجعل صفوف الأونلاين أكثر ألفة وفاعلية وإمتاعاً؛ وبعضها أن يستطيع الطالب إظهار نفسه أيضاً.

بعض المواقع التي ينصح بالرجوع عليها:
  • https:/ padlet.com  “Designing classwork, quizzes, assignments, polls, etc.”
  • https:/ www.bookwidgets.com (could be linked to Microsoft)
  • https:/ socrative.com
  • https:/www.wix.com “Creating a free and easy website (website builder)
  • https:/Wordpress.com “Creating free Blogs”
وأخيراً، استخدام أنشطة على نوعين: Synchronous and Asynchronous 

أنشطة النوع الأول  synchronousتقتضي تعلّماً في زمن حقيقي مستخدماً تبادل الأراء chats ، وحلقات نقاش عبر الفيديو videoconference، بينما أنشطة التعلم الآخر يمكن تنفيذه من خلال قنوات الأونلاين من دون تفاعل زمني حقيقي real-time interaction، أو بينما الطلاب خارج المشاركة في درس حيّ على الأونلاين. إن استخاماً لتنويع مناسب ومدروس بين الأسلوبين معاً يساعد في خلق بيئات تعلّم فعّالة وممتعة. ويمكن القول أخيراً أن ليس هناك ما هو أفضل من تعلّم من بُعد يقوم على تفاعل وتبادل للمعرفة والخبرات والأفكار (والأخطاء)، في خطين، ما يحفّز في النهاية طلب التفكر والمراجعة والاستخلاص والتصميم وكتابة خلاصة في النهاية، تقرير مثلاً، التحقق مما أنجز حقاً، وهو ما يهدف إليه التعليم والتعلّم في كل الأحوال.

المستقبل للمدارس الذكية، هل نتوجه نحوه؟

حقاً، لقد أصبح إيقاع السرعة والتغير السمة البارزة لهذا العصر. وإذا كان هذا الإيقاع يفرض على أهل السياسة والاقتصاد يقظة مستمرة، وسعياً إلى التفكير الدؤوب فإنه واجب محتوم على التربويين من باب أولى، حيث أن الحاجة إلى التطوير والإصلاح التربوي أصبحت أكثر إلحاحاً من ذي قبل، ولكنها في الوقت نفسه أصبحت أكثر حاجة للتخطيط السليم المبني على التقويم الصحيح للواقع التعليمي، والتقييم الفعلي للمؤثرات المختلفة والشفافية التي تربط بينهما.

نحن أمام اللحظات الأخيرة من نهاية 2019م، لنتوجه بشكل متسارع إلى بداية العام الجديد؛ وفي خضم هذه النهاية وتلك البداية تواكب المجتمعات المعاصرة التطور العلمي المذهل بفاعلية؛ لتشكل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بكافة أشكالها السلاح الحقيقي لمواجهة التحديات العديدة، ولا يكاد يختلف اثنان على أن التحدي الكبير الذي يواجه مدارسنا اليوم، هو كيف تتغير المدارس لتواجه متطلبات المرحلة القادمة، وكما قال البروفيسور لاري كيوبان من جامعة ستانفورد بولاية كليفورنيا: “إن التقنيات الجديدة لا تغير المدارس، بل يجب أن تتغير المدارس لكي تتمكن من استخدام التقنيات الجديدة بصورة فعالة”.

إن النظر إلى مدراس المستقبل بواقعية يمنحنا الحكمة في التعامل مع المعطيات المختلفة لتطوير مدراسنا بما نستحق، وما يستحق أن يبدأ به لأهميته، وما يمكن تأخيره، وما يمكن تطبيقه وما لا يمكن تطبيقه، وما يصلح لمجتمعنا وما لا يصلح، وما يبنغي تغييره وما لا ينبغي. وفي النهاية، فإن الجهات التي ستتفوق على غيرها في حقبة ما بعد عصر المعلومات هي تلك الدول التي توخت جانب الحكمة باستثمارها في تطوير رأسمالها الفكري.

ومن هنا انبثق مفهوم المدرسة الذكية كأساس لتطوير التعليم العام والذي يهدف إلى خلق مجتمع متكامل ومتجانس من الطلبة وأولياء الأمور والمعلمين والمدرسة وكذلك بين المدارس بعضها البعض مرتكزاً على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحديث العملية التعليمية ووسائل الشرح والتربية وبالتالي تخريج أجيال أكثر مهارة واحترافية، كما أن مفهوم المدرسة الذكية يعتمد على المشاركة الفاعلة بين كافة قطاعات المجتمع، بما في ذلك تنشيط دور القطاع الخاص في تقديم الأجهزة والمعدات والوسائط المتعددة والدعم اللازم لخدمة المدارس مما يغذى الاقتصاد الوطني بالشركات المتخصصة التي تقدم خدماتها بشكل احترافي متميز، وبالتالي يتم إيجاد فرص عمل جديدة في ظل هذا المشروع القومي الراقي.

كما يتضمن مشروع المدرسة الذكية تزويد المدارس بما تحتاجه من تكنولوجيا المعلومات، والعمل على تطوير المناهج وإبداع البرامج التعليمية في صور متعددة، وتزويد المدرسين ببرامج تدريبية في التكنولوجيا والتعليم وأساليب الشرح الحديثة مما يدعم انتشار تكنولوجيا المعلومات وتوظيفها بشكل سليم في تطوير منظومة التعليم ككل ونجاح مفهوم المدرسة الذكية.

وتأتي خطوات إنشاء الشبكات اللازمة لربط الأنظمة الداخلية للمدارس المختلفة والربط بين المدرسة والمعلمين والآباء والطلبة والمجتمع بالإضافة للربط بين المدرسة وشبكة مدرسة أخري بل والجهات الإشرافية وفق الاحتياجات لتيسر ترابط أطراف العملية التعليمية وتعاونهم الناجح فضلا عن الاستفادة من موارد الحواسيب المتاحة في المدارس الذكية لخدمات المجتمع في ساعات ما بعد الدراسة مما يجعل المدرسة مجتمعا تقنيا متكاملا لخدمة المجتمع.

ومن خلال نظرة فاحصة لما يحدث في الدول العربية من محاولات عملية لتطبيق المدرسة الذكية وصولاً لمدارس المستقبل الرائدة، يبقى هذا الجهد في بدايته، ويتحتم مع انطلاقة العام القادم أن نتوجه الى تطبيق فعلي وفق رؤى وخطط استراتيجية مدروسة لمشروع المدرسة الذكية في قطاع التعليم العام بمراحله الدراسية المختلفة بهدف تنمية مهارات الطلاب وإعدادهم إعداد جيدا يتناسب مع المتطلبات المستقبلية، ورفع مستوى قدرات المعلمين في توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في كافة الأنشطة التعليمية، مع توفير البيئة المعلوماتية بمحتواها العلمي الملائم لاحتياجات الطلاب والمعلمين، وإتاحة مصادر التعليم المباشر، لتكون نواة لصناعة تقنية المعلومات المتقدمة، ونشر المعرفة بين أفراد المجتمع.

ومع هذه الرؤية لمدارسنا الذكية، فإن النظرة العلمية تجعل المستقبل مشرقاً أمام المعلمين الجيدين، كما يقول جيتس (رئيس ومؤسس شركة ميكروسوفت): “إن مستقبل التدريس – وخلافاً لبعض المهن – يبدو مشرقاً للغاية. فمع تحسين الابتكارات الحديثة، كانت هناك دائماً زيادة في نسبة القوة العاملة المخصصة للتدريس، وسوف يزدهر المربون الذي يضفون الحيوية والإبداع إلى فصول الدراسة، وسيصادف النجاح أيضاً المدرسين الذين يقيمون علاقات قوية مع الأطفال، بالنظر إلى أن الأطفال يحبون الفصول التي يدرس بها بالغون يعرفون أنهم يهتمون بهم اهتماماً حقيقياً، ولقد عرفنا جميعاً مدرسين تركوا تأثيراً مختلفاً.

لو أنصفوك

في زيارتي الأخيرة لبيروت سنحت لي فرصة ذهبية لزيارة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان سماحة العلامة الجليل الشيخ نعيم حسن وبحضور كل من الأستاذين الفاضلين الأستاذ الدكتور محمد شيا رئيس قسم الفلسفة في الجامعة اللبنانية والدكتور رائد القاقون الباحث في الفلسفة، وقد لمست لدى سماحة الشيخ نعيم حسن عمق التفكير وسعة الصدر والثقافة الموسوعية العالية والخلق الرفيع والحس الوطني اللا محدود واهتمامه بشؤون الأمة وشجونها وتطلعاتها المستقبلية لغد أفضل يحفظ حقوقها وحريتها وكرامتها ويعلي شأنها بين الأمم كما استعرضنا في هذا اللقاء أبرز رموز الأمة وقادتها وفي مقدمتهم الأمير سلطان باشا الأطرش(1891_1982) والذي يكن له الجميع محبة خاصة واحتراما كبيرا كونه من أبرز رموز الثورة العربية عام 1916 ورجالاتها الأفذاذ و لدوره القيادي للثورة السورية الكبرى عام 1925 ضد الانتداب الفرنسي وأحد أشهر الشخصيات الدرزية في العصر الحديث وبمناسبة الذكرى السنوية لرحيله حيث وافته المنية بتاريخ 26 آذار 1982 أهديه هذه القصيدة تكريما لنضاله البطولي وإرثه الجهادي الخالد على مر العصور .

أ.د جبار جمال الدين

لو انصفوك لكنت في الجوزاءِ
يا بيرق الاحرار والعظماء
سلطان يا رمز الأصالة والنهى
يا ليثَ غابٍ جال في البيداء

طالعتُ تاريخ الدروز فلم أجدْ
الا صحائفَ عزةٍ وثناء
وشرعت أستافُ العبيرَ بروضهم
وأهيمُ في دنيا من العلياء

يا شبل ذوقان وأنت رسالة
فاحت بطيب شذى وسحر بهاء
تلقى المنايا الكالحات بوثبة
لتذود عن حق بسيل دماء

قف في سويداءِ البطولة هاتفاً
هذا محطُّ رجولةٍ واباء
وهنا على الجبل الأشمِّ تسابقت
هممُ الرجالِ بصولةٍ وفداءِ

وعصائب يتهافتون على الردى
في كل موقعة وكل لقاء
يا شام كنت مدى الزمان ندية
كالثلج أو كالفضة البيضاء

لله درك أي وجه مشرق
رغم الخطوب وقسوة الأرزاء
من ميسلون وربع مجدك شامخ
يهفو لتحرير وعيد جلاء

في كل معترك عرينك ثابت
يوفي الديون سلمت أي وفاء
سلطان عزمك لم يزل في أوجه
ميراث آباء إلى الأبناء

يا آل معروف وإن بخافقي
شوق المتيم والهوى بإزائي
بادلتكم شوقي وفيض مشاعري
ووهبتكم وجدي برغم عنائي

فلقد وجدت بكم طلائع أمة
ورعيل توحيد وبحر عطاء
سلطانُ يا رمز َ الجهاد تحيةً
في يوم فَقدِكَ موحش الارجاءِ

لا لن تموت فأنت سر ٌّ خالدٌ
يبقى بكل ثرىً وكلِّ سماءِ
ولسان حالك لم يزل في مسمعي
للآن يهتف في ربى الفيحاء

خلفت غاشية الخنوع ورائي
وأتيت أقبس جمرة الشهداء

الضّحى في عُيون الرّائداتِ

الشاعرة غادة جهاد بو فخر الدين

“لمجلّة الضُّحى كلّ الشكر والتقدير لأنَّها أضاءت على موضوع حِيك في عتمة المعاناة فأشرق في النفوس، إذ إنّ كلّ نفس توّاقة إلى النور وإلى المشاركة في بناء المجتمع والوطن. أكره أن أقسّم الإنسانية “فكل إنسان يُعتبر من ذوي الاحتياجات الخاصة”، كما يقول الفنان المبدع جورج خباز. والجدير ذكره، أنّ هناك فئة من الأشخاص عاجزة جسديًا لكنّها تماثل الجميع وأحيانًا تتفوّق عليهم عقليًّا وفكريًّا، فنحن جزء لا يتجزّأ من هذا المجتمع، لنا حقوق وعلينا واجبات. وممّا لا شكّ فيه أنّ نظرتنا تجاه أنفسنا تعكس نظرة المحيط إلينا… بنا يرقى المجتمع ومعنا ينمو ويزدهر. أكرّر شكري وتقديري للجهود التي تقوم بها مجلة “الضّحى”…إلى الأمام وأتمنى لكم التوفيق”.


الشاعرة والرّوائية سوسن حسن الرمّاح

“سلم الفكر الذي خطى هذه الكلمات وأشكر الدرب الذي قادني إليكم. وإذ أنحني احترامًا لمرض جسدي، أشكر الله على هذا المرض، لقد جعلني إنسانة صادقة واضحة مع ذاتها ومع الآخرين، لا تُجَرِّح ولا تهمّش، بل تُسامح وتزرع المحبة في كلّ درب تخطو به. إنسانةٌ كافحت وواجهت أحكام المجتمع ونظرته تجاه إعاقة الحواس، غير مُدركة لما يحتويه من إعاقاتٍ نفسية وفكرية. لذلك، وبكل فخرٍ أخصّ مجلة “الضحى” بالشكر لمبادرتها إلى إلقاء الضوء على موهبةٍأشعلت شرارة الأمل وألهبت لديّ إرادة الفرح والحياة، فكان أن تعمّقتُ في بحور الأدب والشعر. ختامًا تمنياتي لكم بكل التوفيق والنجاح”.


الشاعرة والكاتبة جنان اسماعيل سعيد

“كتبتم عن أقلام الإرادة في صفحات مجلة “الضّحى”، وكان المقال قنديل الفرح لتلك الإرادة، وكان الضوء لذاك الظلام الكامن في هذا العالم… نعم إنّها رسالة “الضحى” لأنّها كُتبَتْ عن تحدّي النقص لترك بصمة في تلك القلوب علّها تحيا بالروح والرّجاء العظيم، وكتبَتْ عن شاباتٍ تضحّي بأقلام الحب والإبداع للحدّ من تلك”النظرات المعوّقة” فيغدو الإنسان كاملًا بها. شكرًا لالتفاتة مجلة “الضحى”، إنّها حقًّا صرخة من الروح منحتنا بلسمًا وقوّةً أكبر…بوركت أناملكم المبدعة ودمتم رمزًا لنبض الرسالة ونور الأمل”.


الشاعرة تغريد يوسف ضو

“رُبَّ أشخاص تجمعك بهم الصّدفة فترتقي بمعرفتهم لتجاور الأنجم… ألف شكر للقيّمين على مجلة “الضحى” الذين أوجدوا في جدار الظلمة كوّة من نور. تحيَّة من القلب لكم جميعًا”.


الفنانة التشكيلية هيفاء سليم معضاد

“كلَّ الشكر والتقدير لمجلة “الضحى” التي ألقت الضوء على مسيرتي المتواضعة، والأهم من ذلك أنّها تؤمن بإرادة المرأة اللبنانية وقدراتها…شكرًا على مواكبتي وتشجيعي ودعمي… وإلى مزيدٍ من التألُّق والتميُّز”.

مساهمات حرة