الجمعة, نيسان 26, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, نيسان 26, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

أيها الشيخُ الجليلُ المقتدى

أيها الشيخُ الجليلُ المقتدى
شيخُ عَقْلٍ حَسْبُهُ أَعْمَالُهُ
ناصراً للحقِّ دَوْماً، دِرْعَهُ
ثَابتَ القلبِ على نَهْجِ الأُلَى
في تَعَاطِيهِ، خَلُوقٌ، صادقٌ
إذ نوى أمراً، فَعَدْلاً مُنْجزاً
شيخُ قَوْمٍ عَزَّ لبنانُ بِهِمْ
هُمْ سُيُوفُ العُرْبِ، سَلْ تاريخَهُمْ
هم بنو معروفَ، هذا دأبُهُمْ
عَاشَرُوا دَوْماً بِإحْسانٍ، ولم
قد صَفَوا عِرْقاً، وسَامَوا مَحتِداً
شخصُهُم حُرٌّ، شجاعٌ، صادقٌ
حَرَّموا في الشِرْكِ فعلاً مُنكراً
في وَصَايَاهُمْ تَجِدْ حِفْظَ الوَفَا

رَمْزُنا في الدين والدُنيا مَعَا
ما أَتى منها لخيرٍ أو سَعَى
راسخاً فِكْراً وفِقْهاً، مَرْجِعَا
كرَّسُوا التوحيدَ دِيناً رائِعا
لَم يَكُنْ يَوْماً لِغَيْرٍ تابِعا
واجداً فيهِ صلاحاً جامِعَا
فيه كانوا شارياً لا بائعا
مَا رَضَوا ذلاً، وَرَدُّوا طامِعا
يُؤثِرونَ العَقْلَ نَهْجاً وادِعا
يَعْتدوا يوماً، وكانوا الجامِعا(1)
وارتَقَوا بالخُلْقِ حدّاً ناصِعا
مثلما يَقْضي نُهَاهُم(2) طائعا
والزِنا والقَتْلَ نَهْياً قاطِعا
شيمةً فيهم وَفْضلاً ذائعا

شروحات:

(1): العاملون للوحدة الوطنية.
(2):العقل عندهم سيد الأحكام.

أَتَيْتَ على نهجِ الأُلى سائراً

أَتَيْتَ على نهجِ الأُلى سائراً
عَلَوْتَ مقاماً أنتَ أهلٌ له
جَمَعْتَ إلى التَوْحِيدِ إِحْسَانَهُ
وَعَقْلُكَ مطبوعٌ على حِكْمَةٍ
بَرَزْتَ أديباً، شاعراً مُبدعاً
رَفَعْتَ لواءَ العدلِ صوناً له
رَصَفْتَ طريقاً لم يزل قائماً:
زَرَعْتَ سلاماً حيثما ينبغي
وإنك شيخٌ عالمٌ صالحٌ

وليس بخافٍ… للهدى حاملُ
وما لك مِثْلٌ بالتُقى نائلُ
وداعةَ نَفْسٍ ضوؤُها كاملُ
ومَعْرِفَةٍ مفهومُها شاملُ
وقدرُكَ في عين الورى شائل
ودورُك فيه ناصعٌ، ماثلُ
معاهدَ عِلْمٍ نورُها طائلُ
وخُلْقُكَ مفتاحُ الصفا فاعلُ
أُعِدَّ لِفَضْلٍ عَوْدُهُ هائلُ

 

هي عبــرَ القرونِ كُشوفُ نورٍ

هي عبــرَ القرونِ كُشوفُ نورٍ
ولــولا أنتَ شيخُ العقلِ قـِــدْماً
فُطِـرْتَ نـزاهةً ووُهِبْـتَ عقلاً
وبـالعلـم ارتقيــت إلى مَــراقٍ
بـك اتّســمت فعـالٌ ســامياتٌ
ثقافـتُــك الأصـيــلةُ مُبْتَنـــاها
ويشهد بابُــك المفـتوحُ دومــاً
إذا الشُّبُهات طالت بعضَ قومٍ
سَــمَوْتَ عـن المطامعِ باقتدارٍ
وزكَّيْــتَ الحِوار لنَـهج عقــٍل
فَسِـفْـرُك شــاهدٌ ودليــلُ فِعْــل
لئـــنْ حكامُ هــذا الكون دانوا
يقـولُ العقـل أن هبُّــــو إليــه

ألا يـــا شيخَ ســــامي أنـتَ سـامٍ
فحقَّــــاً أنـت شـــيـخُ العقـلِ زاكٍ
يضيـقُ مَدى العبارةِ عن مــزايا

وإرشــادٌ إلـى مــن يستـطيــعُ
لَمــا جاءتك عــن شَوْق تُطيعُ
وعِــرفــانـاً لـه دانَ الجـميـــعُ
لهــا فــي عالم العقل السطوعُ
عــلى التـــوحــيد مبنـاها رفيعُ
طبـــاعُ العقلِ عاطرةٌ تضوعُ
بــأنّـك نُصـــرةُ العاني، يُذيـــعُ
فــأنت مُبَـــرَّأٌ مـنـــها مـَنــــــيعُ
فلـم يُـغْرِرْكَ مــن بـاعوا وبيعوا
بـــه الأديـــانُ للحُسْــنى تطــــوعُ
ونـــورٌ تستضيئً بـــه الجـموعُ
بما تــــدعـو إليــه فلـــن يَضيعوا
وإلّا قـــد يســــوؤكــم الـــصّنيــعُ

بـك التَّــوحيدُ تَحضُنهُ الـــرّبـوعُ
بــك احْتَفَتِ المنــــابرُ والشّـمـوع
حَـبـــاكَ اللهُ خــــــلّاقٌ بـــديـــــــعُ

 

ياهذا الوجْدُ البدويُّ ألا أوْقِدْ

ياهذا الوجْدُ البدويُّ ألا أوْقِدْ
ناركَ في برْدِ الليلِ
في غفوة هذا الرّملِ
في هذي العشيّهْ
وابحثْ عن جملٍ يأويك إلى حُلُمٍ
أنبئني كيف ينوء الرّمل بقطرةِ ماءٍ عربيّهْ
الرّمل مضتْ
وأحبّكَ…كلّ سياط البحر
وأحبّكَ… يغدو البحرُ قرنفلةَ الرّيحِ
برّ الرّوحِ
مرساةَ الأشواق المذعورهْ
وأحبّكَ… يغدو الرّمل قوافل عشقٍ تصحو في كفٍّ مقهورهْ
ناصرْ
جرّةُ حزنٍ عربيّهْ
تحملها خولَهْ
تسقي عشق الأزهار البرّيّهْ
تسقي عطَش الماءْ
تفصح للجرح الأبكم قَوْلَهْ
تزرعُ في عُنُقِ الصحراءْ
شامةَ فرَحٍ أبديّهْ
ناصرْ
جرّةُ حُزنٍ عربيّهْ
تحملها خَوْلَهْ
مثْلَ صوفيٍّ يُتعب نولَهْ
وتعانق في وضَحِ العتمِ سبايا
قيل مرايا
قيل امرأة تدعى رابعة العدويّهْ
تحرثنا الأرضُ
ما أخصبنا
تمتم صوفيٌّ خبّأ مِنْجَلَهُ
قال: قرونُ الأرض قد امتدّتْ بين اللهِ وبيني
فلماذا أحملُ عَيْني؟
تحملها كي تبصر كيف قرون الأرض هوتْ
كيف المحراثُ يصلّي
«سبحاني ما أعظم شاني»
كيف الماءُ ينادي: أين الجبّةُ؟ أين أنا؟
كيف الجبّة تَخلع لابِسَها
وسرابُ العشقِ يُخادعنا
آهٍ ما أصْعَبَنا
نحن البدويّينْ
من صِفّين إلى حطّينْ
ذاكرةٌ
لم يتعبها هجرٌ ورحيلْ
غيمةُ قهرٍ
تمطر في نهْرٍ
سمَّوْهُ النّيلْ!

أُعيذُ ذُرى حورانَ من وقع صدمةٍ

أُعيذُ ذُرى حورانَ من وقع صدمةٍ
رويداً أبا منصور هذي منازلٌ
أتتركُها في كَرْبةٍ من زمانها
وأنت الذي مازلتَ غَوثاً لأهلِها
حملتَ همومَ الناس طبعاً وخَصلةًهنا صلخدُ العَليا ويَبكيك أهلُها
هنا جبلُ الريان حزنٌ مُخيِّمٌ
وهذي السُّويدا في عظيم مُصابها

زمانٌ تهاوى القومُ فيه كأنّهم
جسومٌ بلا رأسٍ يسوسُ ضَياعَها

أناجيكَ من دنيا يزول نعيمُها
وقد كنتَ فيها الكفَّ يسخو مُواسياً
فكَم في طِلابِ العلم وفّرتَ فرصةً
وغالبتَ ذا السّرطانَ مشفًى وعُدّةً
زرعتَ المكرُماتِ كلّ أرضٍ حَللتَها

ومن تَعَسِ الدنيا افتقاد ُ أماثلٍ
ستذكرُك الأزمانُ يا أنورَ النَّدى
تَغمّدَك الباري بما قد زرعتَهُ

ويجمعُها مع طَودِ لبنان جامعُ
على ساحة التاريخ منها وقائعُ
يحيطُ بها غازٍ وغاوٍ وطامعُ
على سَكَراتِ الموت والموتُ والِعُ
اذا عسَرَت حالٌ فأنت المُدافعُقلوبٌ هنا تَدمى وتهمي مدامعُ
يفيض على ما حولِه وهو خاشعُ
تهون لديها الصادماتُ الفواجع

بقيّةُ جيشٍ بعثرتهُ المعامعُ
وقد سادَ فيه المُفسدون الصنائعُ

كظلّ سحابٍ مزّعته الزوابعُ
لكلّ مريضٍ ضيَّمتهُ المواجعُ
لطلّابِ علمٍ اعجزتهم موانعُ
فِعالٌ لوجه الله والله شافعُ
لك البصَماتُ البيِّناتُ السواطعُ

غيابُهُمُ خُسرٌ مُبينٌ وفاجعُ
كريماً نبيلاً وأهباً لا يُضارَعُ
لانكَ راعي الخيرِ نِعْمَ المُزارعُ

 

لا للوجود

لو أوجدوا سكاكينَ

من وردٍ وعطرٍ مميز
لو صنعوا أسلحة ترش الكون

عطرَ ورد
ورائحة ريحان
لو صنعوا مسدسات

ترش الفكر في كل مكان
لو صنعوا قذائف من مسك وعنبر
يشتمها كل كائن فيصبح إنسان
لكان عالمنا أفضل . . .
فهنا مُتَّسع للجميع إذا أسميناه إنسان

*  *  *

لو صنعوا مسدّساً واحداً

لا يحمله سوى السلطان
وقيدوا يداه بمشاعر البسطاء
ورفعوا من حوله حدائق معلقة
وحجبوه عن الناس
وجعلوا في العالم شبعاً واحداً
يُلْغِي الحَاجَة للمال، للناس، للسلطان
لَبَقِيَ الكون سالماً
لا يعتري الفكر سوى النضج والخير

والعفوية ومحبة الرحمن…

*  *  *

قلْ لي ماذا أفعل يا ولدي ويولد في العالم
إنسان لا يشبه الإنسان
طماع جشع مريب
لا يفهم سوى لغة الموت

والآخرة والشهداء…
يقدس المكان والحجر

يقدس الموت

ولا يفهم سوى لغة قطع الأعناق
والاغتصاب…
هل من أجل هذا وُلدنا
أم من أجل رغد الحياة
ومتسع الفكر

وأفق التسامي لمحبة الإنسان

بِتُّ يا ولدي لا أفهم
فلا تقف في سبيل الجهلاء
وقف حتى لو كنت وحيداً
مع فكرك وقلبك النابض

بمحبة الإنسان محبة الإخوان

والرحيم الرحمن…

*  *  *

المُجِدُّ المجاهد

ألا أيُّها الشيخُ المُجِدُّ المجاهدُ
حسيبٌ، وحسبُ الدارِ أنْ ذاعَ صيتُها
وعارفُها الصِهرُ الأمينُ على التُّقى
تباركَ بيتٌ َضمَّ فيه ثلاثةً

حَمَلتَ التُّقى إرثاً سما فيه والدُ
بأسعدِها، والشيخُ في القومِ رائدُ
بمسلكِه، وهْوَ التقيُّ المُكابدُ
وهل مثلُهم في الزُّهدِ زاهٍ وزاهدُ

بنَوا في حمى الرحمنِ خلوةَ ذكرِهم
أيا خلوةَ الشيخِ المُعمَّمِ بالنَّدى
سواعدُ أهلِ الحقِّ جادتْ وجاهدتْ
على دربِ حِفظِ الدينِ ساروا وشمَّروا
ففاضتْ بليلِ الذِّكرِ منها الفوائدُ
ويا معبداً ترنو إليه المعابدُ
وأعلتْ مقاماً، والشيوخُ روافدُ
فصانُوه من عصفِ الرَّدى وتعاهدوا
فما قيمةُ الدنيا، ولو فاض مالُها
وهل ينفعُ الأبناءَ جاهٌ وحُظوةٌ
بنى الوالدُ الفذُّ القصورَ بخلوةٍ
بساطةُ عيشٍ آمِنٍ، وأخوَّةٌ
ومعظمُ مَن فيها عدوٌّ وحاسدُ
إذا لم يحفظوا ما قد بَنتْه السواعدُ
وزيَّنها بالذِّكرِ قارٍ(1) وقائدُ
هي البيتُ، أمَّا غيرُها فزوائدُ
ألا يا حسيبٌ مذ حسِبتَ بأنَّها
فلم تُعنَ إلَّا بالثِّمارِ ولم تُعِرْ
هو الحقُّ والمعبودُ، لا حقَّ غيرُه
فمَن عاش قرناً كاملاً، وهْو راسخٌ
 

جناحا بَعوضٍ حرَّكتكَ المقاصدُ محاسنَها
بالاً، وفي البالِ واحدُ
ويا سعدَ عبدٍ، وهْو للهِ عابدُ
رسوخَ الروابـــي، فهْـــــــــو بـــــــــاقٍ وعـــــــــــــائدُ

صَرعتَ الهوى يومَ الشبابِ، مُقاوِماً
فشوقٌ إلى الأُخرى وتَوقٌ إلى النُّهى
ولم تَلوِكَ الأهوالُ يوماً، وفي الحِمى
إذا ما عوادي الدهرِ بالشرِّ زَمجرتْ
وما كنتَ إلَّا السَّيفَ، والصوتُ راعدُ
وما غيرَ ذاكَ الهمِّ هَمٌّ يُطارِدُ
فؤادٌ له كلُّ القلوبِ وسائدُ
حكتْ عنك دوماً بالثباتِ العوائدُ
هُمامٌ، ولو بانَ المَشيبُ، فلونُه
كذلك همْ أهلُ المكارمِ والتُّقى
حياةٌ مع الرحمن عاشوا بهاءَها
فحزمٌ وعزمٌ إنْ قضى الحقُّ والحِجى
صفاءٌ ونُبلٌ، حكمةٌ وقواعدُ
اْلأجاويدُ، نعمَ الأتقياءُ الأماجِدُ
فَجادوا وسادوا، ما لَواهُمْ تَقاعدُ
ولينٌ ودِينٌ دائماً وتعاضُد
أيا مُعصريتي أنتِ دوماً عَليَّةٌ
وواديكِ يَحكي ما حكاهُ شيوخُنا
ويا قمَّةً تعلو بإرثٍ مبارَكٍ
لئنْ غابَ عنَّا سيِّـدٌ قامَ سيِّـدٌ
تُحاكيكِ من أعلى الجبالِ الهَداهدُ (2)
وفي كل جِيدٍ من غِنـاهمْ قلائدُ
وسرٍّ من التوحيــدِ عالٍ وصامدُ
وصوتُ بني معــروفَ كالحقِّ سائدُ
أيا صائغَ التقوى بنفسٍ أبيَّةٍ
فمعهدُ إيمانٍ يُحاكي بعلمِه
ومعهدُ أخلاقٍ ولُطفٍ وحَنوةٍ ومعهدُ
جِدٍّ، والمواقفُ شيخُها
سبائكُها بين الأنامِ معاهدُ
اْلمعاهدَ جوداً، منهُ تالٍ وتالدُ (3)
على القومِ إمَّا هدَّدته المكائدُ
كريمٌ على دربِ الكرامةِ صاعدُ
أبيٌّ متى يُرجى الإباءُ، وزاهدٌ ومثلُ
الأبِ المِفضالِ عاشقُ حكمةٍ
عشقتَ الكتابَ المُستطابَ، كأنَّه
فعادةُ ختم النصِّ في كلِّ ليلةٍ
غفَوتُم، وإنْ تَغفُ العيونُ، فإنَّما
وفي كلِّ حالٍ عن حِمى الحقِّ ذائدُ
تجلَّتْ، ولا تَثنيه عنها الموائدُ
غِذاءٌ وماءٌ، دونَه العيشُ بائدُ
ويومٍ لها عندَ الكبارِ مَذاوِدُ (4)
على نغمةِ الآياتِ، والقلبُ ساهدُ
سلامٌ على مثواكَ، والقومُ حبُّهم
وسيلٌ من الأنوارِ يَهمي على الثَّرى

زَرعتَ الحقولَ السُّمرَ خيراً وحكمةً

شهاداتُ إخلاصٍ لكم، وشواهدُ (5)
فيُنعِشُه، والزَّرعُ بالخيرِ واعدُ

وها أنتَ جانٍ ما زرعتَ وحاصدُ

شهِدتَ لدين الحقِّ، حقَّاً، فأثمرتْ

وسيلاً من الرَّحْماتِ من كلِّ جانبٍ

شهاداتِ إخوانٍ لكم تتزايدُ

وفاءً لروحٍ طهَّرتْها الشدائدُ

هنيئاً أيا شيخَ الأجاويدِ والصَّفا
وبُشرى أيا شيخَ الجبالِ، لك الهنا
تسامَيتَ حتَّى توجَّتْكَ المحامدُ
عَلَوتَ، وما زادتْ عُلاكَ القصائدُ.

 

شروحات:

(1): قارٍ أي قارئٍ (مخفَّفة)
(2):الهداهد: جمع هدهُد
(3):التالد: الموروث أباً عن جَدّ
(4):المِذوَد: اللسان, جمع مذاوِد
(5):الشاهد جمعه شواهد: الدليل والبرهان

شيخٌ من الجُرد

شيخٌ من الجُردِ، عبدُ الخالقِ النَّسَبُ
الشيخُ الجليلُ سُليمانٌ، تُزيِّنُه الـ
من دوحةٍ صلُحتْ، من خلوةٍ صدَحتْ
أكرِمْ بخيرِ أبٍ، من سيِّدٍ وأبٍ
الشبلُ كاللَّيثِ، والتوحيدُ مَملكةٌ
أبو المحامدِ، نِعمَ الكُنيةُ؛ اللَّقَبُ
تقوى، ويُغنيهِ من أجدادِه الحَسَبُ
والشيخُ فيها أخٌ، بل قُدوةٌ وأبُ
أبي الفوارسِ محمودٍ، فلا عجبُ
فيهـا الرجالُ ومنهـا السادةُ النُّجُـبُ.
أبا المحامدِ، يا ذا الهمَّةِ، انتصرتْ
ما جئتُ أَرثيكَ، لا، بل جئتُ مُمتدِحاً
ما جئتُ أُغنيكَ بل قد جئتُ مُغتنياً
فلا الجواهرُ بالكنزِ الثمينِ، ولا
حتى القصائدُ لا تَعنيكَ، ما نُظِمَتْ
فيكَ الخصالُ، وأهلُ الجاهِ قد غُلبوا
ماضيكَ، أُهديكَ شعراً، منكَ يُستلَبُ
من جوهرٍ فيكَ، لا ماسٌ ولا ذهبُ
مظاهرُ الجاهِ عندَ اللهِ تُحتسَبُ
لتحتويكَ، ولن يُعليكَ ما كَتبوا.
أبا المحامدِ، يا إرثاً غدا قِيماً
بساطةُ العيشِ كنزٌ لا تُبدِّلُه
نشأتَ في كنَفِ التوحيدِ، مُرتقياً
فأنبتتْ فيك شيخاً سيِّداً علَماً
وتاجُكَ العقلُ، والتوحيدُ دُرَّتُه
من عُمقِ ذاتِكَ حيثُ الجحفلُ اللَّجِبُ
وليس يُغريكَ لا شَهدٌ ولا رُطَبُ
بالذِّكرِ والفكرِ، تَروي زرعَكَ الكتبُ
ثمارُكَ السدقُ والإخلاصُ والأدبُ
وليس تَقوى على تقوى الحِجا الرُّتَبُ.
مَجدانِ مجدُكَ يا شيخَ الثِّقاتِ هُما
الجردُ يَبكيكَ، والأشوافُ شاهدةٌ
مشايخُ الدينِ في التيمَينِ في غُصَصٍ
وفي فلسطينَ أشواقٌ يُرنِّمُها
جرحُ السُويداءِ يَبكي والصدى ألمٌ
الكلُّ للكلِّ، في حُزنٍ وفي فرحٍ
والقومُ سيرتُهم تَروي مسيرتَهم
مجدُ المكان، ومجدٌ منكَ يُكتَتَبُ
والمتنُ كالغربِ، كالشحَّارِ مُكتئِبُ
وفي قرى الشيخِ دمعَ الحبِّ قد سَكبوا
صوتٌ بعيدٌ بلونِ الحُبِّ يَختضِبُ
تُعيدُه هَضْبةُ الجَولانِ أو حلَبُ
ويَجمعُ الكلَّ في صَونِ الحِمى غضَبُ
إنْ غابَ عينٌ فعينُ الكلِّ تَنتحبُ.
ويسألُ الناسُ هل في الناسِ مَن بَلغوا
وهل يسودُ على الأقرانِ أبسطُهم
ومن قضَوا عمرَهم في حُبّ خالقِهم
وشاهدوهُ بمرآةِ النفوسِ، متى
فأدركوا أنَّ نيلَ الفوزِ مُرتَهَنٌ
والسعدُ ليس غِنىً بالمالِ والجاهِ، بلْ
مقامَ عزٍّ، وما في عيشِهم صخَبُ
حالاً، ومَن تَركوا الأقداحَ، ما شرِبوا
بالجِدّ والجَدِّ خيلَ الكَدِّ قد رَكِبوا
لهم تجلَّى، فزالتْ عنهمُ الحُجُبُ
بطاعةِ اللهِ، والتقوى هي السببُ
في حُبِّه، فهناكَ القصدُ والأرَبُ
يا أيُّها الناسُ، ها كم مرةٍ جُمِعتْ
كم دعوةٍ لَمعتْ، كم نجمةٍ سطَعتْ
تَعمى البصائرُ، والأبصارُ ناظرةٌ
ولا نُبالي، ولا نَسعى لآخرةٍ
وليس يُوقِظُنا من نومِنا خبرٌ
لكنَّما الشيخُ أفنى عمرَه يَقِظاً
تلكَ الفراخُ، فصَدَّ القومُ، ما رَغِبوا
والأُذنُ ما سمِعتْ، والناسُ ما طَلبوا
والعينُ حائرةٌ، والوعدُ يَقتربُ
ولا نُداري ولا نَنهى ونجتنبُ
ولا تُحرِّكُنا الأهوالُ والنُّوَبُ
يحيا التوازُنَ؛ يَستغني ويكتسبُ.
لِذاكَ يا شيخَنا نَأسى لفُرقتِكم
وفاقدِ الضَّوءِ في الظَّلماءِ يَطلُبُه
لكنَّ ذِكرَكَ يَروينا ويُنعِشُنا
فأنتَ مدرسةٌ تُرجى، ومبدَؤها
صدقتَ عهدَكَ واستبسلتَ من صِغَر
كم همَّةٍ نهضَتْ، والشوقُ أقلقها
تَسابَقتْ في ميادينِ التُّقى هِممٌ
كفاقدِ الفَيءِ في الصحراءِ يَلتهبُ
وفاقدِ الماءِ في الرَّمضاءِ يَضطربُ
نَأوي إليه إذا ما حاقَنا تعَبُ
كُنْ صادقاً، إنَّ رأسَ الخَيبةِ الكذِبُ
جاهدتَ ليلاً نهاراً، والمدى رحِبُ
والخوفُ أحرقَها، والوعدُ مُرتَقَبُ
وأنتَ أوَّلُها، بل أنتمُ النُّخَبُ.
جِهادُكم زادَكم خوفاً ومعرفةً
حفِظتَها خلوةً من شرِّ فانيةٍ
فكنتَ في العجزِ محفوظاً على سُرُرٍ
تقولُ: فَلْيرحمِ الرَّحمنُ مَن صَدقوا
ولْيرحمِ اللهُ مَن بانوا ومَن رَحلوا
فعُدتَ منه وفي أعماقِكَ الطرَبُ
حَفِظتَ فيها من الآياتِ ما يَجِبُ
من السعادةِ، تهفو نحوكَ الشُّهُبُ
ولْيرحمِ اللهُ مَن للخَلوةِ انتُدبوا
ومَن لهم في الحنايا تُرفَعُ القِببُ.

 

مَلحمةُ الكَون

وعندَ الفجرِ
إذ تصحو،
لتعبُدَ
ربّك فيهِ،

وصدرُكَ
نحوَهُ تشرَحْ
بما ضمّ
وما فيهِ،

وقلبُكَ
مخلصاً يفتحْ،
جناحاً
كي يُلاقيهِ،

وعقلُكَ
إذ تجِدْ يسرحْ،
فسِرُّ الكونِ
يُدنيهِ

وكونٌ
لامرِىءٍ فكّرْ،
تبصّر
في أحاجيهِ،

عجائبُ
كيفما ينظرْ،
يقاربها
تناديهِ،

سماواتٌ
بغيرِ مدىً،
يخاطِبُها
فتأتيهِ،

وأنجُمُها
مناراتٌ،
شموعٌ
في حواشيهِ،

محيطاتٌ
تحِفّ بهِ،
ووسْطَ اليمِّ
تبقيهِ،

مجرّاتٌ،
وأنجُمُها ملايينٌ،
تسامِرُهُ،
تواسيهِ،

كواكبُ
قد جرتْ دوماً،
تقارِبُهُ،
تُدانيهِ،

تسبّحُ
خالقَ الأكوانِ
تعبُدُهُ
وترقى في مغانيهِ،

وإنسانٌ
سما عقلاً،
تناهى في معانيهِ،

وطَوعُ
بنانُهِ كونٌ،
يكَيّفُهُ
بما فيهِ،

وسِرُّ صنيعهِ
عِلمٌ،
تبحّرَ
في مراميهِ،

فصار الكون مطواعاً
وعبداً
في أياديهِ،

المـــزاد

ليلَى تُنادي في المــزاد
ليلَى تبيعُ ضفائرا
ليلَى تبيعُ أصابعا
وتبيع أطفالاً لها
وتودُّ بيْعَ جنينها
ذاك الذي في رحمها
كانت تُقبّل بطنها
……………………………..
في الدمعٍ أمس توضّأت
ياقوم … قد فتح المزاد
……………………………
الله أكبر كبِّروا
رجلُاً ضريراً جائعًا
عذراء فاتنة هنا
ونبيع كحلاً حارقا
ونبيع أسراراً لكم
ونبيع شِعراً ماجنا
وقصائداً ثكلى بدمع
ونبيع أقلاماً بها
ووثائقاً أوصى بها
قمصانكم سنبيعها
أكواب دمعٍ هاهنا
وخرائب لأوابدٍ
وحقائبُ الأطفال مَن
والمصطبات وكم لنا
سنبيع حتى ثوبنا
إلاَّ الكرامة وحدها
ورغيف خبزٍ طازجٍ
كم خبّأتْه لطفلها
قد مات حين تأخرت
جاؤوه بالموت الرحيم
ليلى تنام كلبوةٍ
وتضمُّ عِطر بلادها
علَّ الإغاثةَ في السما

مَن يشتري رحم البلاد
وتبيعُ تاريخَ العباد
داست على شرف الزِّنــاد
ناموا بأقبيةِ الفساد
كيْ تشتري ماءً وزاد
شربَ السوادَ على السواد
ليلاً … ويغلبها العناد
………………………………..
صَلّت … وأعلنتْ الحداد
ياقوم … قد بدأ المزاد
……………………………….
ناشدتُكم أن تشتروا
أولاده قد هُجِّروا
مِن لحظ عين تُبهر
لنسائكم فلتحذروا
قد سرَّبوها العسْكَر
ما قال يوماً عنتر
تمائمٍ تتعطّر
الأجداد مجداً سطروا
للإرث جَدٌّ أكبرُ
بالذات ذاك المئزرُ
ودم لجرح يقطر
جدَي وجَدّك عمّروا
بالأمس صُبحاً فُجّروا
في الذكريات نثرثر
نعرى فإنَّا ننذر
يا سادتي لن تشتروا
مِن كَف ليلَى يعبرُ
المحموم جوعًا يسهر
مرّت عليهِ الأشهُر
فلا يثور ويثأر
مِن وهج جرحٍ تزأر
مِن عُريها تتدثر
تأتي ولا تتأخَّر!

مت نقيّاً

إن تملك خيراً وزّعهُ
إن تملك مالاً قدّمهُ
إن تملك حبّاً انثرهُ
إن تملك علماً انشرهُ
وقلبكَ بالصّدق فعطّرهُ
وجسدكَ الذي تجمّله
لديدان الأرض مرجعه
….
فعلام تكنزُ أموالك ؟
وتحصي وتجمع أرقامك ؟
وإلام تؤجّل أحلامك ؟
وتحرق أجمل أيّامك ؟
عش لحظتك الآنيّة
في حبّ وحريّة
في الآن تحيا فقط
وغداً نسيّاً منسيّا
….
عانق أحبابك في الآن
فهم بيد الرحمن
جسدكَ طعامٌ لدود الأرضِ
وروحك خالدة أزليّة
وإلام تخفي أسرارك؟
والعشق شعلة إلهية
….
عش لحظتك بكلّ صدقٍ
فعمرنا مكتوب مرسوم
على لوح إلهيّ مرقوم
جسدنا طعامٌ لدود الأرض
وحياتنا رسالة إلهية
حياتنا رسالة إلهية

نُريد عربيّاً آخر

ماذا يبقى بعد اليأس
وقد تَخاذل الشّرق
وقـُـتِلت بالعُنـْفِ الأفكار
نحنُ بشرٌ بُسَطاء
نَعيشُ ولا نأبه لكلِّ أحداث الأعْمار
نحن نريد والله (عز وجل) يريد
لكنّنا وبرضانا أصبحنا بُؤساء
نـُـريدُ عربيّاً آخر يكتـُبُ حرفاً
يقرأ لغة
ويدوِّن تاريخ الأجداد . . .
نـُـريد عربيّاً يصنع قمراً
يطير من دون جناح
يُربّي أُمّاً تكتب جيلاً
لكلِّ تاريخ الأمجاد . . .
وينْحَت في السماء
قوسّ قُزَحٍ في كل الألوان
ويحرثُ بسنابكِ روحه
رملَ الصحراء
ويزرع في الصّخر
أشجار الزيتون
كي تـُـطعمَ أحفاد الأحفاد . . .
ويُرَبِّي مجتمعاً صالحاً
يروي الفرح من دمْعِ عينيه
ويُضْحِكُ مِلْءَ القلب
أولئكَ الأطفالُ الجياع
نـُـريد عربيّاً يُفكـِّرُ ويَبحثُ
في كتُب الفلسفة
وتاريخ الأمجاد
ولا يُضَيِّع ما نكتبُ
في إبداع الزّمان
نـُـريد عربيّاً يُفَكـِّرُ
ويقود العالم بالعدلِ
إلى آخر المطاف . . .

قصائد