حَصلَ آخرَ مرّة قبل 780,000 سنة
قُطبا الأرض سيتبادلان موقِعَيْهما والنتيجةُ مُخيفة للحضارة البشريّة
القطـــبان يبتعدان بسرعة عن مكانهما المُعتاد
والخوف الأكبر هو زوال الغلاف المغناطيسيّ للأرض
زوال «الدّرع المغناطيسيّ» جَرَّاء الإنقلاب القطبي
قد يبيد الحضارة ويعود بالبشر إلى العصر الحجريّ
{يوم تُبدّلُ الأرضُ غير الأرضِ}
(إبراهيم: 48)
كتب المحرّر العلمي
كأنّ المخاطر المتزايدة للتغيّر المناخي وذوبان الغطاء الجليدي للمناطق القطبيّة وارتفاع منسوب المحيطات والبحور وغير ذلك من الكوارث المناخية ليس كافيا،ً فقد برز للعالم في الفترة الأخيرة موضوع جديد…
إذ تركّز إهتمام العالم وعلماء الفضاء والمناخ فجأة على موضوع لم يخطر في بال أحد وهو اتّجاه القطبين الشمالي والجنوبي لتبادل موقعيهما بحيث ينتقل القطب الشمالي إلى طرف الكرة الجنوبي وينتقل القطب الجنوبي إلى ما يسمى الآن القطب الشّمالي. علميّاً هذا التبادل بين القطبين لموقع كلّ منهما ليس جديّاً على الكرة الأرضية، إذ هو حصل مئات المرات منذ تكوّن الأرض قبل ما يزيد على ثلاثة مليارات سنة ويقدّر العلماء، بناء على دراسات الخصائص المغناطيسية للتّرسبات الجيولوجية ولفلزات البراكين أنّ ما يمكن تسميته الانقلاب القطبي Pole shift يحصل كل 200,000 إلى 300,000 عام، علماً أنّ آخر انقلاب لموقعي القطبين حدث قبل نحو 780,000 عام وهي مدّة أطول من المعتاد. فما الذي يعنيه تبادل القطبين لموقعيهما على الكرة؟ كيف ومتى سيتمّ ذلك؟ وما هي النّتائج المتوقعة على الحضارة البشرية والحياة على وجه الأرض نتيجة لهذا الحدث العظيم بكل مقياس؟
لماذا انشغل العالم فجأةً بموضوع الإنقلاب القطبيّ؟
لأنّ الدلائل تتزايد على أنّ انقلاباً قطبيّاً يمكن أن يحدث للأرض في وقت قريب وربّما في حياتنا كأفراد، وأهمّ الدلائل على اتّجاه الأرض نحو حدث من هذا النّوع هو أن القطبين الشّماليّ والجنوبيّ بدآ يبدّلان موقعيهما: الشّماليّ يتجه تدريجيّاً نحو الجنوب والجنوبيّ باتّجاه الشمال والأهمّ من ذلك هو تزايد سرعة إنزلاق القطبين عن مكانهما بصورة مُلفتة، فقد سجّل العلماء في أواخر القرن التّاسع عشر انزلاق القطب الشّماليّ نحو الشّرق والجنوب بمسافة لم تكن تزيد على سنتمترات معدودة في السّنة، ثم ازدادت سرعة إنزلاق القطب الشّمالي بحيث بات العلماء يقدّرون أنّه يبتعدُ عن مكانه الأصليّ بمعدّل 40 كلم في السّنة (في مقابل 15 كلم في السّنة في مطلع القرن العشرين).
ونتيجة لتلك الظّاهرة، فإن القطب المغناطيسيّ الشّماليّ إبتعد عن محوره الجغرافيّ التّاريخيّ أكثر من 920 كلم حتى الآن وهو يتّجه شرقاُ وجنوباً نحو سيبيريا في روسيا.
بالطّبع هذه المعلومة ستفاجئ الكثيرين لكنّها صحيحة، فالقطب الشماليّ الفعليّ لم يعد في مكانه وقد بلغ حجم التّغيير في الحقل المغناطيسيّ وموقع القطبين أن اضطُرّت أكثرُ مطارات العالم لتغيير الإحداثيّات والتّعليمات المتعلّقة بعمليّات الهبوط والإقلاع لأنّها لم تعد صحيحة بالنّسبة إلى حركة الطّائرات.
متى سيحصل التّبادل القطبيّ؟
العلماء متّفقون ووكالة الفضاء الأميركيّة (ناسا) يؤكّدون جميعاً أنّ الأرض دخلت في مسار الإنقلاب القطبيّ منذ عقود لأن المؤشّرات على ذلك تتزايد كلّ يوم، لكن متى سيحصل هذا الإنقلاب فهذا ما لم يستطع العلماء الجواب عليه بالتّحديد، لأنّ التّبادل القطبيّ يحصل في البدء بصورة تدريجيّة لكن عند نقطة معيّنة يبدّل كلٌّ من القطبين الشّماليّ والجنوبيّ موقعيهما فجأة، وعندها يكون التّبادل القطبيّ قد أصبح ناجزاً فينقلب القطب الشّماليّ إلى القطب الجنوبيّ والعكس بالعكس.
بعض التوقّعات تشير إلى أنّ هذا الأمر قد يتمّ في غضون المئة سنة المقبلة، بينما يعتقد علماء آخرون أنّ التّبادل القطبيّ قد يفاجئنا وأنّه أصبح أقرب إلينا من أيِّ وقت سبق ممّا يعني أنّه قد يحدث في حياة هذا الجيل ويشهد عليه أهل الزّمان أنفسهم.
” لا توجد معلوماتٌ أو آثارٌ مؤكّدةٌ يمكن أن تنبئنا بالذي حدث للأرض وللحياة قبل 780,000 عام وما الذي يمكن أن يحدث قريباً، لكن الجميع خائفون “
تآكلُ الغلافِ المغناطيسيِّ
بناءً على الأبحاث والبيانات العلميّة المُجَمّعة بواسطة نظام أقمار وكالة الفضاء الأوروبية المسمّى Swarm، فإنّ الغلاف المغناطيسيّ للأرض دخل مرحلة من الضّعف المتسارع، ومن بين الأدلّة على ذلك، الطيور التي تفقد حسّ الإتجاه في هِجرتها وتغيّر اتجاهها فجأة في السماء أو تموت بالألوف نتيجة فقدها لخطّها الملاحيّ، أو تزايد عدد النّيازك التي تتساقط على الأرض، أو موت بعض الدلافين بسبب ما يبدو أنّه نتيجة لإضاعة الاتّجاه.. وأبرز ما في نتائج أبحاث الوكالة الأوروبية أنّها وجدت نقاط ضَعف كبيرة في الحقل المغناطيسيّ للأرض خصوصاً فوق الجانب الغربيّ للكرة في الوقت الذي زادت قوة الحقل المغناطيسيّ فوق مناطق مثل جنوب المحيط الهندي. وأحد التّفسيرات التي أعطيت لهذه الظّاهرة هي أنّ القطبين الشماليّ والجنوبيّ يقتربان من لحظة تبادل المواقع أو ما يمكن تسميته “الإنقلاب القطبيّ” ونتيجة لذلك، فإنّ البوصلة التي كانت إبرتها تشير إلى الشّمال ستشير بعد ذلك إلى الجنوب، كما أظهرت أبحاث وكالة الفضاء الأوروبيّة أنّ تراجعَ كثافة وفعاليّة الغلاف المغناطيسيّ للأرض (نتيجة للإنزلاق القطبيّ الحاليّ) أصبح الآن أسرع بعشَرَة أضعاف ممّا كان الحال عليه في مطلع القرن.
من جهة ثانية، أعلن عالمان من جامعة كاليفورنيا هما غاري غلاتسمايراند وبول روبرتس أنّهما توصّلا إلى الاستنتاج بأنّ التّبادل القطبيّ سيحصل في حياتنا أي قبل مضيّ وقت طويل بينما حذّر عالم سابق في وكالة الفضاء الأميركيّة في مقابلة خاصّة نُشرت على اليوتيوب من أنّ الانقلاب القطبيّ أصبح وشيكاً وأنّه سيؤدّي إلى نتائج كارثيّة على الكرة الأرضيّة.
سيناريوهاتُ الكارثةِ!
إنّ حادثاً طبيعيّاً هائلاً بحجم انقلاب القطبين لا بدّ وأن يترك المجال واسعاً للتكهّنات بنتائجه، وهناك تباين واسع في الآراء بين من يقلّل من خطورته وبين من يعتبره مقدّمة لنهاية الحضارة الإنسانيّة. لكن نظراً إلى أنّ آخر انقلاب في القطبين المغناطيسيّين للكرة الأرضيّة حصل قبل 780,000 عام فإنّه لا توجد حقيقة أيّة معلومات أو آثار مؤكّدة يمكن أن تقول لنا ما الذي حدث وما الذي يمكن أن يحدث عند حصول الانقلاب القطبيّ القادم. ومن الواضح أنّ آخر انقلاب قطبيّ حدث ربما قبل ظهور البشر كما نعرف وحتماً قبل وجود المجتمع البشريّ، كما بدأنا نعرفه منذ ستة أو سبعة آلاف عام وهذا زمن “قصير” جدّاً بالنّسبة إلى حياة الأرض (أكثر من ثلاثة مليارات عام) وبالنّسبة إلى آخر انقلاب قطبيٍّ حصل عليها. وأيّة آثار قد تكون رافقت آخر انقلاب قطبيٍّ لم تصادف مجتمعات بشريّة وحضارات متطّورة كما هي حالنا اليوم، لذلك فإنّ تلك النتائج لا بدّ كانت محدودة بسبب حياة الإنسان الأوّل البدائيّة جدّاً على الأرض، أمّا الآن وبسبب التطوّر الهائل في الحضارة البشريّة والتّزايد السكّاني وقيام المدن الهائلة والاعتماد الشبه التّام للحياة الأرضية على الأقمار الصّناعية وشبكات الكهرباء والاتّصالات فإنّ الانقلاب القطبيّ المقبل يعتبر حادثاً خطيراً وغير مسبوق وهو بالتالي سيفسح في المجال لكافة التّكهّنات والنّظريات.
وكالة الفضاء الأميركيّة (ناسا) حرصت في بيان مفصّل على موقعها الشّبكيّ على تهدئة المخاوف من الآثار المحتملة للتّبادل القطبيّ، وقد استندت إلى ما أسمته تحليل الطّبقات الرّسوبيّة وفلزات البراكين القديمة الهامدة تحتَ البحر للقول بأنّ تلك الأبحاث لم تقدّم أدلّة على أنّ الانقلاب القطبيّ ترافق مع أحداث كارثيّة للحياة على وجه الأرض. لكن في المقابل حذّر علماء آخرون ومواقع علميّة من أنّ الانقلاب القطبيّ سينعكس بنتائج بعيدة على الحياة الأرضيّة نتيجة لجملة من الأحداث التي سترافقه على شكل زلازل غير مسبوقة في قوّتها وموجات تسونامي هائلة تغرق إلى الأبد قسماً كبيراً من اليابسة في أنحاء كثيرة من العالم تقع أراضيها على مستوى محاذ أو غير مرتفع عن سطح البحر. وهناك من يذهب إلى أبعد فيعتبرُ أنّ الانقلاب القطبيّ المقبل سيؤدي إلى نهاية معظم أشكال الحياة على سطح البسيطة.
الدّرع المغناطيسي
لكن بينما تتضارب التّنبّؤات حول الظواهر الكارثيّة التي سترافق الانقلاب القطبيّ فإنّ هناك على الأقلّ أمراً أساسيّاً يتّفق العلماء عليه وإنْ بنسب متفاوتة، وهو أنّ الانقلاب القطبيّ سيتسبب في ضعف شديد للغلاف المغناطيسيّ الذي يحيط بالأرض وهذا الغلاف الذي يسمّى أحياناً “الدّرع المغناطيسيّ” للأرض (أو “حزام فان بلت” ) هو الذي يحمي الحياة على وجهها من الأشعّة القاتلة التي تندفع باتجاه الأرض نتيجة للإنفجارات الشّمسية التي تحدث على سطحها الملتهب بإستمرار.
حتى وكالة (ناسا) مثلاً التي طمأنت إلى أنّ الانقلاب القطبيّ لن ينعكس بكارثة على الإنسانيّة اعترفت في البيان نفسه الذي نشرته على موقعها عبر الإنترنت بأنّ انزلاق القطبين عن موقعيهما الجغرافيّين المعتادَين سيترافق بضعفٍ “ملموس” في الغلاف المغناطيسيّ للأرض، لكنّ الملفت هو أنّ الوكالة التزمت الغموضَ حول النتائج المتوقّعة على الحياة جرّاء ضعف الغلاف الجويّ الحامي للأرض وما يعيش عليها من كائنات حيّة أو نباتات، علماً أنّ هذه النتائج تدخل ضمن الأمور المتّفق عليها بين العلماء وهي في حدّ ذاتها تحمل مخاطر وجوديّة على الحياة البشريّة بل على الحياة الأرضيّة في الإجمال.
7 حقائق حول الانقلاب القطبي
1. القطب الجنوبيّ إبتعد عن موقعه الأصليّ في المحيط المتجمّد الجنوبيّ بينما ينزلق القطب الشماليّ بدوره بعيداً عن موقعه عبر المحيط المتجمّد الشماليّ
2. القطبان المغناطيسيّان للأرض (الشّمالي والجنوبيّ) في طريقهما لتبادل موقعيهما على الكرة، بحيث ينتقل القطب الشماليّ إلى مكان القطب الجنوبيّ وينتقل القطب الجنوبيّ إلى القطب الشماليّ، وذلك حسب البيانات المجمّعة من نظام الأقمار الصّناعية الثّلاث لوكالة الفضاء الأوروبيّة المسمّى SWARM
3. الغلاف المغناطيسيّ للأرض بدأ يضعف في القرن السابع عشر وهو ضعف بنسبة 10% عن كثافته الأصليّة ما بين العامين 1800 و2000.
4. تآكُل الغلاف المغناطيسيّ أصبح يتسارع بقوّة، إذ بينما كان هذا الغلاف يضعف بنسبة 5% كل 100 سنة فإنه أصبح الآن يضعف بنسبة 5% كل عشر سنوات أي إنّ سرعة تآكُل الغلاف المغناطيسيّ للأرض زادت عشر مرات منذ العام 2000 وإذا استمرّت هذه الوتيرة (وربّما تتسارع أكثر مع اقتراب لحظة تبادل المواقع بين القطبين) فإنّه لن يبقى الكثير من الغلاف المغناطيسي للأرض في غضون عقود من الآن.
5. بالفعل ابتداءً من العام 2014 بدأ الغلاف المغناطيسيّ للأرض يضعف بسرعة.
6. يقدّر العلماء أنّ الانقلاب القطبيّ سيحصل في حياتنا أو في غضون عقود لاحقة لكن هذا الوقت عند قياسه بعمر الأرض فإنّه يعني أنّ الحدث أصبح وشيكاً.
7. الانقلابُ القطبيّ قد يؤدي في حال ترافق مع عواصف شمسيّة إلى فناء نسبة كبيرة من الكائنات الحيّة والنباتات وإلى زوال الحضارة كما نعرفها اليوم.
هذه الأرض ليست ملاذا !
الموضوع حول احتمالات تبديل القطبين الشمالي والجنوبي لموقعيهما يجب اعتباره دليلاً آخر من الأدلة المتزايدة على هشاشة موقع الإنسان على هذه الكرة وخطأ النظر للأرض كثابت كوني وإلى الحياة عليها كأمر مغرق في القدم ومهيّأ للإستمرار لآلاف السنين القادمة. وقد أصبحت هذه النظرة “العلمية” أساس الثقة الواهمة التي تغذي المعتقدات المادية والإلحادية التي تعتبر الإنسان مركز الكون وتحلم بمستقبل تعتقد أن البشر يمتلكونه بأيديهم بفضل العلوم والتقنية والإبداع البشري.
المفارقة هي أننا بفضل المعارف المعاصرة بتنا نعلم أن هذه النظرة هي مجرد غرور واهم كما إننا وبفضل ما أصبح بين يدينا من معلومات عن الأزمة الخطيرة التي يعيشها كوكب الأرض بتنا مدركين أن وجودنا عليه محفوف بمخاطر كثيرة،كما إننا عندما نقيس عمر البشر على الأرض بمقياس الزمن الفلكي نجد أن عمر الإنسانية هو فعلاً مجرد “برهة” بالنسبة لعمر الأرض. ولقد تعرض كوكبنا إلى عشرات الأحداث الكبرى التي بدّلت وجه الكرة أكثر من مرة، وآخر هذه الأحداث الكونية مثلا العصر الجليدي الذي استمر ملايين السنين وانحسر عملياً قبل 10 آلاف سنة فقط مما يعني أن المجتمع البشري يبدو طفلاً بمقياس حياة الأرض التي تقدّر بمليارات السنين. وها هو خطر الانقلاب القطبي الذي يحدث لأول مرة منذ 780,000 عام مع ما قد ينجم عنه يقدّم الدليل على أن وجود البشرية على هذه الأرض تمّ لحكمة ربانية وأنه قد يتغير أيضاً لحكمة ربانية
}وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا { (الأحزاب: 63)
الخطرُ الحقيقيُّ
هذه الآثار المتوقّعة على صحّة البشر جرّاء ضعف الغلاف المغناطيسيّ للأرض تحدّث عنها جانيس ل. هاف العالم في برنامج الإشعاع الفضائيّ في وكالة ناسا بالقول إنّ عمليّة تبادل القطبين الشّماليّ والجنوبيّ لموقعيهما ستترافق مؤكّداً مع انكماش كبير في الغلاف المغناطيسيّ المحيط بالأرض، وبالنّظر لأنّ العمليّة قد تأخذ وقتاً فإنّ الانكماشَ أو حدوث فجوات كبيرة في الغلاف المغناطيسيّ سيجعل الأرض عمليّاً بلا حماية من الإشعاعات الشّمسيّة أو مقذوفات لهب الهالة الشّمسيّة Coronal Mass Ejections التي تنجم عن الانفجارات المستمرّة على سطح الشمس، وهذه الانفجارات تُنْتِج أيضاً ما يسمّى بالرّياح الشّمسيّة وموجات الطّاقة التي تصيب جوّ الأرض وسيكون لها (من دون حماية الدّرع المغناطيسيّ) تأثير كبير على الكائنات الحيّة التي ستكون مكشوفة للآثار القاتلة للإشعاعات الشّمسيّة وهذه الطاقة الهائلة تتفاعل مع جوّ الأرض وكذلك مع قشرتها. لهذا السّبب، وحسب العالم الأميركيّ فإنّنا سنشهد مع اقتراب الانقلاب القطبيّ مزيداً من العواصف والتقلّبات المناخيّة والزلازل والتسونامي وانفجار البراكين التي قد تكون خامدة منذ زمن.
” وكالةُ الفضاء الأميركيّة تهدّئ الخواطر :
لا أدلّةَ على أنّ الانقلابَ القطبيَّ سينعكس بنتائج كارثيّة لكنّه سيضعف الغلافَ المغناطيســــيَّ الحامـــــي للأرض “
لكنْ ما هي الآثار التي يُخشى منها أكثر من غيرها على الإنسان؟
يجيب العالم “جانيس هاف” إنّ تعرّض الكائنات الحيّة ولاسيّما الإنسان لهذا المزيج من الإشعاعات الشّمسية دون حماية من الغلاف المغناطيسيّ أمر غير مسبوق في الذّاكرة البشريّة، لكن بالإستناد إلى الأبحاث العديدة المتوافرة، فإنّ أحد الأخطار الكبرى هو ما سيصيب جسم الإنسان ودماغه من ضرر فادح نتيجة اختراقه من تلك الإشعاعات. ومن هذه المخاطر مثلاً احتمال فقد الذاكرة لأنّ دماغنا يعمل على الطّاقة الكهربائيّة وكذلك دم الإنسان يعمل على الأيونات الكهربائيّة الموجودة في الدّم. والضّرر المتوقّع هنا لا يقتصر على التّأثير الخطير للأشعّة ما فوق البنفسجية UVA لأنّ اندفاعات اللّهب الشّمسيّ CMEs تُنتِج أيضا أشعّة إكس X rays وأشعة المايكروويف Microwave وموجات الراديو التي تنبعث عند الانفجارات الشّمسيّة من سطح الشّمس.
كلّ هذه الأشعّة المدمّرة ستجد فضاءنا مفتوحاً بالكامل لدخولها جوّ الأرض عندما يتلاشى الغلاف المغناطيسيّ الحامي للكرة التي نعيش عليها. وحتى قبل حدوث الانقلاب القطبيّ (المتوقع) فإنّ صحّة الإنسان تتأثّر بصورة ملحوظة بالتحوّلات الجارية في جوّ الأرض بسبب ما يجري على سطح كوكب الشمس. فقبل أعوام ضربت الأرض موجة رياح شمسيّة صغيرة نتيجة انفجارات على سطح الشمس؛ وعلى الأثر قامت الحكومة الأميركيّة بالتعاون مع وكالة الفضاء الأميركيّة وعدد من المؤسسات العلميّة بتقييم الأثر المحتمل لتلك العاصفة الشمسيّة على المسافرين بالطّائرة الذين تعرضوا بسببها إلى أشعة اللّهب الشمسيّ الخفيفة في الطبقات العليا للجوّ، وتوصّل الباحثون إلى أنّ ما بين 4 و6 من ركاب الطائرات الذين كانوا في الجوّ في تلك اللّحظة زاد احتمال إصابتهم بسرطانات قاتلة خلال السّنوات الأربع التّالية لوجودهم في الطائرة على ارتفاع شاهق.
وحسب العالم “هاف” فإنّه لو كانت العاصفة الشّمسيّة أقوى من ذلك فإن ركّاب الطائرات الذين سيتعرضون لخطر الإصابة بالسّرطانات في تلك اللّحظة سيكون بالمئات وربما بالألوف، وبصورة عامة، فإنّ جميع المسافرين بالطّائرات على ارتفاعات شاهقة سيكونون في خطر وكذلك ركّاب المحطّات الفضائيّة، وفي حال التعرّض لعواصف شمسيّة قويّة فإن انعدام الحماية الكافية من الغلاف المغناطيسيّ للأرض سيضع جميع سكّان الأرض في
دائرة الخطر وخصوصاً سكّان المرتفعات العالية.
ويشير العالم هاف إلى أنّ الاحتمال المخيف هو أن ينزلق القطب الشماليّ جنوباً في اتجاه البرازيل بينما ينزلق القطب الجنوبي شمالاً باتجاه أندونيسيا على الجهة المقابلة لكن دون أن يعود القطبان إلى حيث كانا فإنّ الأرض ستكون عمليّاً ولسنوات طويلة من دون درع مغناطيسيّ على الإطلاق، مما سيجعلها هدفاً يوميّاً للإشعاعات الشمسيّة القاتلة التي تنبعث بإستمرار من الشّمس لكن يتم حرفها والتصدّي لها من قبل الغلاف المغناطيسيّ الذي يحيط بالأرض مثل “فقاعة هائلة” وهو يمثل بالتالي حاضنة الحماية التي يوفّرها الله تعالى للأرض وللحياة البشرية منذ فجر التّاريخ المعروف.
لكنّ الخطر الأكثر فداحة، والذي لم يحصل أبداً للبشر أن تعرضوا له في السابق، حسب جانيس هاف، هو الموجات القاتلة المسمّاة النبض الإلكترومغناطيسي Electromagnetic Pulse وأي موجه منها تفوق في قوّتها ما يمكن أن تنتجه القنابل النّووية، وعلى سبيل المثال، فإنّ أيَّ انفجار على سطح الشّمس يفوق في حجمه عادة حجم الأرض ويمكن أن ينتج بسبب حجمه الهائل “شموسا” مصغَّرة داخله. رغم ذلك فإنه وبوجود الدّرع المغناطيسيّ فإنّ هذه الموجات تقوم الأرض بحرفها عن مسارها ومنعها من دخول أجوائها، لكن في حال أدّى الانقلاب القطبيّ إلى ضَعف شديد في هذا الغلاف الحيويّ فإنّ عاصفة شمسيّة من هذا النّوع يمكنها وحدها أن تقضي على الحضارة الإنسانيّة وتعود بالبشر -أو ما يتبقّى منهم فعلاً- إلى العصر الحجريّ.
العاصفةُ الشمسيّةُ هي المسألة
لا أحدَ يعرف الكثير عمّا سيحصل في حال الانقلاب القطبيّ، والكثير مما يقال عن النتائج الكارثيّة لسيناريو نهاية العالم لا يستند إلى سوابق موثّقة، فالموضوع وهو بمجمله “تكهّنات علميّة” وليس علماً، لكن مع ذلك، فإن الانكشاف المحتمل للأرض للعواصف الشّمسيّة نتيجة تآكل الغلاف المغناطيسيّ الذي يحمينا هو المسألة الحقيقيّة التي قد تجعل من الانقلاب القطبيّ كارثة على البشريّة وهذه العواصف الشّمسيّة ليست في حاجة إلى تبدّل موقع القطبين الشّماليّ لأنّ مجرّد حدوث عاصفة شمسيّة قويّة (من عيار X20 مثلاً) أو أكثر كفيل بتدمير البنية التّحتيّة للكهرباء وأنظمة الأقمار الصّناعيّة والاتّصالات ومعها عمل الأسواق الماليّة والحكومات والجيوش والطّيران والملاحة وعمليّاً كافّة وجوه الحياة المعاصرة. ويتّفق العلماء على أنّه لو أُصيبت الأرض بعاصفة شمسيّة بقوة “عاصفة كارنغتون” التي حصلت في العام 1859 فإنّها ستدمّر أسس الاقتصاد العالميّ والحياة المعاصرة وقد تُكبِّد العالم أضراراً لا تقلّ قيمتها عن 10 تريليونات دولار ويحتاج إصلاحها إلى ما لا يقل عن 10 سنوات أو 20 سنة ولاسيّما شبكات الكهرباء والأقمار الصناعيّة وشبكات الاتّصالات، لأنّ الكثير من الأعمال التي تتطلّب إصلاح شبكات الكهرباء أو شبكات الاتّصالات في حدّ ذاتها تتطلّب وجود الطاقة الكهربائيّة.
يقول العلماء: إنّ الأرض تمكّنت بوجود الغلاف المغناطيسيّ الحامي من أن تتحمّل عواصف شمسيّة بقوة X5 أو حتى بقوة X10 لكنّ الأرض يصعب أن تتحمّل عاصفة شمسية بقوة X20 مثلاً، وفي حال حصلت تلك العاصفة في وقت يكون الغلاف المغناطيسيّ فيه قد تلاشى أو أصيب بضعف (كنتيجة للانقلاب القطبي) فإنّ ذلك قد يؤدّي إلى نتائج مخيفة لا يمكن تصوّرها. وقد أبدى أحد علماء ناسا ملاحظة قال فيها: إنّ الخطر هو أن تُصاب الأرض بعاصفة شمسيّة مُميتة ثم تصاب بعد ذلك بسلسلة من الكوارث الطبيعيّة التي يتوقع أن ترافق الانقلاب القطبي مثل الزلازل والبراكين والعواصف المدمَّرة.
مصادر
2008 – NASA Magnetic Breach: http://science.nasa.gov/science-news/science-at-nasa/2008/16dec_giantbreach/
2011 European Space Agency Magnetism Article: http://www.esa.int/Our_Activities/Observing_the_Earth/The_Living_Planet_Programme/Earth_Explorers/Swarm/Overview/
Magnetic Field Animation: http://wdc.kugi.kyoto-u.ac.jp/igrf/anime/index.html
2003 NASA Pole Shift Article: http://science.nasa.gov/headlines/ y2003/ 29 dec_magneticfield.htm/
2008 Kyoto Pole Shift Animation: http://geomag.org/info/Declination/magnetic_lines.avi
2010 Kyoto Pole Shift Visual: http://wdc.kugi.kyoto-u.ac.jp/poles/figs/pole_ns.gif
2011 Discovery Pole Shift Article: http://news.discovery.com/earth/weather-extreme-events/earth-magnetic-field-north-110304.htm