الأربعاء, أيار 1, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الأربعاء, أيار 1, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

حقوق الملكية الفكرية والفنية:
هل لا تزال محميّة؟ وكيف؟!

يشعر قارئ الكتب ومثيلاتها، والمستمع إلى الألحان وما شابهها، والمشاهد للشاشات على أنواعها. بأن ثمة تعدّ يصيب مثيلاتها بطريقة أو بأساليب أصبحت مبتكرة، وتؤدي إلى التعدي بالضرر على أصحابها فيقعون بالخسارة المادية والمعنوية معاً، وقد قيل منذ زمن طويل، إن من يفقد مالاً، فإنه فاقد بعض الشيء، أما من يفقد أفكاراً، فإنه فاقد كل شيء؛ كون المال المفقود ممكن تعويضه، بينما الأفكار المبتكرة من المستحيل المجيء بما يعوّضها ولو من زمن بعيد.

من هنا، عمل المشرع الدولي والمحلي معاً على وضع نصوص قانونية مبتكرة من شأنها، ووفق أحكام رادعة، أن تتدارك الخسائر المحكي عنها والحؤول دون التمادي في ارتكاب الجرائم المؤدية إليها ولو لمجرد الردع بفرض غرامات أو تعويضات تحول دون حصولها أو بإعادة الحال إلى ما كانت عليه، قبل ارتكاب فعل التعدي المشكو منه؛ مع مساعي الاجتهاد القضائي للوصول إلى حلول عملية في حال حصل الفعل الضار؛ كما كان للتحكيم ووسائل حل النزاعات البديلة الأخرى الدور الفاعل في هذا المجال…

فماذا عن النصوص والمؤسسات الدولية، الحامي لحقوق الملكية الفكرية؟!

ماضياً وحاضراً؟ وسيكون لجوؤنا إلى نصوص بعض التشريعات والاتفاقيات والاجتهادات الدولية والعربية، دون الدخول في تفصيلاتها المتفرقة والمتشعبة، وإنما العمل على استنتاج مكوناتها منذ العمل على استخراجها وحتى الوقت الحاضر وإلى الحدود التي تخدم معرفة مضمونها، وبالشكل الواضح والمفهوم لغوياً وتشريعياً.

قد يكون ناقل القول ترداد ما أحدثته «ثورة المعلوماتية» من تغييرات أساسية ملفتة في اللجوء إلى أدواتها المختلفة لمعرفة الكثير من الأمور التي كانت طي الكتمان، والاطلاع زمن عدم وجود تلك الآليات، ومن هنا أهمية الحديث عن القوانين التي تنظم كيفية التعامل معها بالنظر لأن الإنسان يبقى هو المرجع الأساسي للتقصي عن تلك المعلومات سواء إيجابياً أو سلبياً ولا سيما فيما يتعلق بالمساس بحياة هذا الإنسان اليومية وملامسة الأمور الشخصية من تلك الحياة في كل ما يتعلق بتصرفاته أباً وأخاً وصاحب عمل وعامل إلى غيرها من مواقع مختلفة فرضت آليات التواصل الاجتماعي اللجوء إليها في كل لحظة وعلى مدار الساعة.
من هذه المنطلقات نقرأ الاهتمام البالغ بالجانب الحقوقي للتعاطي مع مصادر المعلومات المستحدثة وخاصة في الجوانب الإلكترونية منها؛ إلا أن ما يستدعي الانتباه كأولوية وجوب حماية أصحاب الملكية الفكرية، الأدبية والفنية منها، وهذا ما عملت التشريعات على تنظيمها بالشكل الذي ينظم الحماية المطلوبة، لتصبح مرجعاً هاماً لضمان حقوق التأليف والنشر والتوزيع وعلى مختلف مراحل الإنتاج الفكري، وهو ما من شأنه تعزيز تلك الحماية بما يشكل رادعاً للغير عن سرقة الملكية المعنوية، والتي قد تكون الملكية الوحيدة التي يقتات منها مالكها هو وربما عائلته معه لمواجهة متطلبات حياته المادية، الأمر الذي يحول بالطبع دون تمادي البعض من «تجار الورق» في هذه التعديات على أنواعها والتي كثرت في الآونة الأخيرة وفي مختلف البلدان سيما المتنامية منها أو ما يسمى الدول المنتمية إلى العالم الثالث.

إن أصحاب الحق بالحماية يتطلعون إلى الجهات المعنية بحمايتهم تجاه من يعتدي على حقوقهم المشروعة والواضحة ماضياً وحاضراً ومستقبلاً؛ وهي بالطبع المحاكم صاحبة الاختصاص والصلاحية بالموضوع، والتي لم تغيّر لديها حتى الآن، وإلا فيما نذر على اجتهادات ملفتة وبالأعداد المطلوبة لطمأنة أصحاب الحقوق، لا بل بالعكس، نلاحظ تمادياً من المعتدين لضربهم، غير عابئين بالجهات المسؤولة عن ردعهم، وهذا أبشع ما يواجه النصوص الجيدة تجاه الحماية السيئة أو المنتقصة المضمون.

هذا ما سنعالجه بقدر الإمكان في الواقع الحقوقي القائم حالياً سيما في بعض الدول الأوروبية (فرنسا وإنكلترا) وبعض البلدان العربية المعنية بالموضوع (مصر، لبنان، الأردن)، إن هذا يستتبع العرض للطبيعة القانونية لحق المؤلف بشكل عام في النظام الفرنكفوني والأنجلو ساكسوني على حدّ سواء…

طبيعة حق المؤلف

يقسم الفقه عادة الأموال، إلى أموال مادية؛ وأخرى غير مادية، أما الأولى منها فهي الأموال التي لها وجود مادي والتي يمكن إدراكها بالحس، والأموال المادية، إما أن تكون أموالاً منقولة، أو أن تكون غير منقولة أي عقارات، والتي لا يمكن إدراكها بطريق المشاهدة والحس وإن صح أن تكون محلاً لبعض الحقوق كحقوق الابتكار أو الاختراع بالمعنى الواسع للكلمة.

هذا وقد ذهب العلاّمة عبد الرزاق السنهوري في موسوعته المعروفة إلى أن الشيء هو ما يصلح أن يكون محلاً للحقوق المالية، فشرط الشيء – كما يعتقد – أن يكون خارج عن التكامل، أي أنه قابل للتعامل…
إن حقوق الابتكار، سيما في التأليف بمختلف أشكاله وصوره، تعتبر من الحقوق المستحدثة في معارف القانون، إن برزت أهميتها نتيجة تطوّر العلم والفن والأدب وتطور وسائل نقلها للجمهور، لذلك فإن الفقه لم يستقر على رأي واحد في تحديد طبيعة حق المؤلف هذا، وانعكس هذا الاختلاف على قرارات المحاكم، فذهبت هي الأخرى إلى اتجاهات مختلفة في تحديد طبيعة المؤلف، مما أسهم في تباين النزعات الفكرية وظهور المذاهب الفردية أو الجماعية التي نظرت إلى طبيعة حق المؤلف نظرات متباينة بظروف المجتمع ومنطق تطوره.

وواقع الحال، إن النظريات المعنية بتحديد طبيعة حق المؤلف متعددة ومتباينة، ذهب بعضها إلى القول، أن حقوق المؤلف المعنوية والمالية من طبيعة واحدة؛ غير أن أصحاب هذا الاتجاه اختلفوا في تحديد هذه الطبيعة، فمنهم من رأى أن حقوق المؤلف المعنوية والمالية حقوق ملكية، ومنهم من اعتبرها جمعاً حقوقياً لصقيه بشخصه، وذهب البعض الآخر إلى التمييز بين حقوق المؤلف المعنوية وبين حقوقه المالية.

ومع تحفظنا الدائم لعرض النظريات المجردة، لا نجد مفراً من الاطلاع على بعضها، لما لهذه النظريات من انعكاس واضح في فهم مضمون مواد القانون المعني بالموضوع لاحقاً.
– فماذا عن هذه النظريات؛ ودائماً باختصار مفيد؟!

1- نظريّة وحدة حق المؤلّف:
ذهب أصحاب هذه النظرية، إلى أن حقوق المؤلف المختلفة عن طبيعة واحدة، لكنهم لم يتفقوا على تحديد طبيعة هذه الحقوق، وإن اتفقوا على وحدة طبيعة مختلف حقوقه.

لقد ذهب فريق من هؤلاء إلى أن حقوق المؤلف المعنوية والمالية تعتبر حق ملكية، بالنظر لما لهذه الحقوق من مزايا حق الملكية، كحق احتكار واستثمار المؤلف إنتاج فكره، والحقوق التي يمارسها على إنتاجه، غير أن هذا الجانب من الفقه وبعض القضاء لم يتفق على وضع حقوق المؤلف هذه من نوع واحد من أنواع الملكية، فمنهم من ذهب إلى اعتبارها من أقدس أنواع الملكية، لا بل تعلو ملكية العقار، وذهب رأي آخر إلى اعتبارها حق لملكية منقول، كما نادى رأي رابع بأنها ملكية خاصة قائمة بذاتها تختلف عن أنواع الملكية الأخرى.

فيما اعتبر البعض الآخر أن حقوق المؤلف تنحدر من منبع واحد هو شخصية أو ذات المؤلف، إذ لم ينظر إلى المادة المنتجة وشكلها المادي المحسوس، وإنما إلى هذا الإنتاج باعتباره جزءاً من شخصية منتجة متأصلاً فيه، لأن الابتكار ينطوي على براعة موهبة، ويتوقف على مقدار من المعرفة يمتلكها المؤلف نفسه، وتكون الفكرة جزءاً من شخصية ويطلق على هذه النظرية، النظرية الشخصية.

2- نظرية حق المؤلف؛ حق الملكية:
إن تشريع حماية الإنتاج الذهني، يعتبر حديث الظهور حتى في المجتمعات الغربية، والتي سبقتنا في هذا المجال، إذ سارت هذه الحماية جنباً إلى جنب مع احترام الحريات والحقوق الفردية والعامة معاً، فقد كان أصحاب المكتبات والتجار في روما القديمة في أوائل عهد المسيحية يبيعون كتب المؤلفين المشهورين بعد شرائهم الأصول من أصحابها، ويلجأ الناشرون من جهتهم إلى إبرام اتفاقيات مع المؤلفين فينتشرون بها الأصول من أصحابها، ويلجأ الناشرون من جهتهم إلى إبرام اتفاقيات مع المؤلفين فينشرون بها الأصول منها بمبالغ يحددها الاتفاق ويريدون الكثير من النسخ لطرحها في السوق، وبذلك كان المؤلفين يفقدون حقوقهم من ثمار انتاجهم، لأن الكتاب بمجرد صدوره، ومتى اشتريت أصوله، اعتبر في متناول يد الجميع (الدكتور أحمد العمري؛ «إبرام الاختراع» القاهرة، دون ناشر أو سنة الصدور).

ظلّ الوضع على هذا النحو حتى اندلاع الثورة الفرنسية، وهو وضع يفهم منه، أن حق المؤلف هو حق ملكية، ينتقل بالبيع إلى الغير بصورة كاملة، ويعقد صاحب المؤلف عندئذ جميع حقوقه على إنتاجه الذهني، معنوية كانت تلك الحقوق أو مادية، ويتغير الوضع مع الثورة المذكورة تغير الوضع، ذلك لأن القوانين التي صدرت في الفترة ما بين عام 1791 – 1793 أكدت حق استثمار المؤلف بحق التأليف: (P. Roubies; Le Droit de propriete industrielle. Paris. 21 No 1952).

ومنها تشريع نابليون الصادر في العام 1791 المتعلق بحماية حق الملكية الفنية والأدبية والذي جاء فيه: «كل اكتشاف وابتكار جديد أياً كان نوعه يكون ملكاً لمؤلّفه».

بناءً عليه، إذا ظهر المصنف إلى الوجود اختص به الفنان وحده وحقّ له احتكاره؛ كما نص القانون الفرنسي الصادر عام 1793 في مادته الأولى على ما يلي:
«يتمتع المؤلفون الذين يدبّجون كتباً من أي نوع، والملحنون والموسيقيون والمثالون ومبدعو الصور على اختلافها الذين يرسمونها أو يحفرونها، بحق الاستئثار ببيعها وتوزيع منتجاتهم في مختلف أنواع الجمهورية الفرنسية طوال حياتهم وبحق التنازل عن ملكيتها كلاً أو عن جزء منها للغير».

وبذلك تكون هذه النصوص قد حددت طبيعة هذا الحق بأنه ملكية حقيقية تتحول في ظل القانون إلى كسب مادي يحتفظ به المؤلف، وفي ذلك يقول الشاعر الكبير «لامارتين» في تقرير رفعه إلى الجمعية الوطنية عن الملكية العلمية والأدبية في 13/4/1841 بمناسبة النظر في مشروع قانون حماية الملكية الأدبية: «إن فكرة المؤلف مستمدة من روح الله وهي بمثابة الإلهام، وهي تهبط إلى عقله لتساعد البشر، ثم تعود إلى قواعدها الأولى وتترك أثراً لامعاً في ذهنه وذهن من انتفع بعبقريته كما تتناول أولاده من بعده، وعليه؛ إذا الكتاب نزل إلى السوق التبادلي التجاري، تحوّل إلى قيمة منتجة ورأسمال له ربحه، شأنه في ذلك شأن أي شيء آخر له قيمته ويمكن بما له من قيمة ويمكن بما له من قيمة أن يصبح من عداد الممتلكات الخاصة» (د. العمري، المرجع السابق نفسه ص 17 وما بعدها).
ويقول «روسكو باوند»: «إن الملكية الأدبية هي أقدس أنواع الملكية وإن قانون الملكية يشمل في أوسع معانيه الملكية الأدبية المذكورة».

أجهزة الوعي

أحياناً… عندما لا يكون للوقائع والأحداث تفسير منطقيّ (يقتنع به فكرنا) يصبح من الأسهل أن نقول مصادفة.
ربّما تكون مصادفة… ربّما لا.

منذ أيامٍ قليلة إستوقفتني عبارة لمحي الدين بن عربي تقول: «الزمانُ مكانٌ سائلٌ، والمكانُ زمانٌ متجمّد». عبارة إختصرت الكثير من العلوم، وأفضت إلى تأمّلاتٍ عميقة في عملية الإحتواء، إحتواء السائل للجامد أو الجامد للسائل، إحتواء النقطة للدائرة أو الدائرة للنقطة، إحتواء البذرة للشجرة أو الشجرة للبذرة، إحتواء النسبي للمطلق أو المطلق للنسبي، وغيرها الكثير الكثير من الإحتواءات التي تشمل كلّ منظور وغير منظور؛ لدرجة يصبح فيها المُحتوي والمُحتوَى كياناً واحداً لا يختلفان إلاّ بإختلاف درجة تذبذبهم في الكون. وقد يتوافق هذا مع ما أظهرته الدراسات التحليلية للعلوم الدينية على إختلافها من أن الوجود هو تجلٍّ للطاقة الإلهيّة غير الظاهرة، وإظهار مجال تمدّدها في المادّة الظاهرة. وبذلك من الممكن القول أنّ مفهوم الزمان والمكان لا وجود لهما إلاّ في حدود العالم النسبيّ المنظور، وفي حدود الفكر المادّي البشري. هذا الفكر الذي ليس باستطاعته العمل إلاّ بحدود هامش معيّن، تماماً كالهامش الذي ترى من خلاله العين، أو تَسمع من خلاله الأذن، وكل ما عدا هذا الهامش أو يتجاوزه، يُعتبر غير موجود بالنسبة للفكر، لأنه ببساطة لا يستطيع ترجمته بواسطة الحواس الخمس.

إن التسارع بوتيرة الإكتشافات والأبحاث العلمية، تثير اليوم أكثر من أي وقت مضى حفيظة الفكر الهائج الذي، لو سلّم جدلاً بوجود أبعاد غير منظورة لامتناهية، عليه أن يسأل كيف يمكن تأكيدها أو الإحساس بها؟

محي الدين ابن عربي

يقال بأن الإنسان لديه من الأجهزة ما يكفي لمعرفة كلّ حركة بالكون، وهذه الأجهزة تسمى أجهزة إستشعار. وعملية الإستشعار هي عملية ميكانيكية في الجسم البشري مرتبطة بمدى قدرة أجهزة الجسم على نقل المعلومات إلى الفكر، ومرتبطة أيضاً بمدى إنفتاح وإتساع الفكر ليلحظ كلّ المتغيرات من حوله. لكن ما يعيق عمليات الإستشعار هو إنجذاب العقل وحصره دوماً بالعالم المادّي، وعدم إدراك حقيقة الكائن خلف هذه المظاهر الماديّة. وبحسب العالم الطبيعي «آرثر أدينجتون Arthur Eddington» الذي قال بأن البشر ليس لديهم أدنى فكرة عن معنى حقيقة الوجود لأي شيء سوى ما تراه أعينهم. وهذا ما يؤكد أنه في حالات الوعي العادي، هناك ما يزيد عن 99% من الذبذبات الكونية غير مرئيّة. لذلك إن إدراك اللامنظور يتطلّب معرفة المنظور أي العالم المادّي ومصدر قوانينه.
كل شيء في الكون يتمدّد ويتقلّص، إنه قانون الكون وسرّه (التمدّد والتقلّص) وقد جاءت النظريات والعلوم الحديثة لتُقرّ بأن الإنسان جزءٌ متمدّدٌ من هذا الكون، وأن الفكر البشري قادر على التمدّد بشكلٍ يستطيعُ تجاوزَ محدوديته، وبالتالي تجاوز حدود الزّمان والمكان. وفي هذه الحالة من التمدّد، يشعر الإنسان بأنه موصول بالكون، ويستمد طاقته من هذا الكون بإعتباره جزءاً لا يتجزأ منه.

أن حالة التمدّد هي عمليات كيميائية في الجسم تحدث نتيجة الوعي، والشعور بالحبّ، والرضا، والإنسجام مع موسيقى الذات ومع قوانين الطبيعة… من هذا المنطلق، كل حركة وكل معلومة تصدر من الكون، تتسرّب إلينا بطريقة إنسيابية عبر ما يسمى «أجهزة الوعي»، من دون أن تتعرض لحواجز الفكر الكثيف؛ لأن الفكر في هذه الحالة، يكون أيضاً بحالة تمدد، ممّا ينتج عنه قبولاً وتسليماً لأيّ فكرة، أو حالة، أو معلومة، دون تحليلٍ أو تعقيد. فيحدث أحياناً أن نكتب أو نتكلّم أشياءً بشكلٍ إنسيابي عفوي دون تحضيرٍ مسبقٍ لها، وكأن أحدٌ ما يمليها علينا، أو كأن الكونَ يكتبُ أو يتكلّم من خلالنا. ويَحدث أحياناً أن تصلُنا معلومات عن أحداثٍ قبل وقوعها، فنستغرب ولا نجد لها تفسير. هذا ببساطة عمل أجهزة الوعي بالإنسان.

شهر كانون أول، ذكرى مولد: الأمير شكيب أرسلان (الرابعة والخمسون بعد المئة)، والمعلّم كمال جنبلاط (السادسة بعد المئة):
ما مثّلا؟ وما الباقي من نهجهما وتراثهما المشترك!

كان الإمام الغزالي يقول (في المنقذ من الضلال): «لا تعدم أمتي من مصلحٍ على رأس كل مئة».

استشراف الإمام الغزالي ينطبق، وعن حق، على قادة ومفكرين ومصلحين عظام، في غير زمان ومكان، ولدى معظم الشعوب؛ وهذا دأب البشرية، لا تعدمُ أملاً وهي في مستنقع اليأس، ولا نورًا ولو ادلهمّت الظلمة.

وهو حالُ الأمير شكيب أرسلان، وبعده كمال جنبلاط، لدى شعبنا بالتأكيد.

الأمير شكيب أرسلان، (1869-1946)، «أمير البيان وشيخ العروبة والإسلام»، هو المجاهد «الأممي» في سبيل حاضر قومه ومستقبلهم، بكل طريقة كانت متاحة، ومهما غلت التضحيات.
ناصبَ الاستعمار، وبخاصة الإنجليزي والفرنسي، العداء الشديد، لأنّه أدرك باكرًا بحسّه السياسي الرفيع أنّ مزاعم الحرية التي جعلاها عنوانًا لحربهما على السلطنة العثمانية عشية الحرب العالمية الأولى لم تكن صادقة. لقد كانت الفخ الذي وقع في الإستقلاليون العرب، وبخاصة مؤتمر باريس (1912) الذي جمع الإستقلاليين العرب المطالبين بالخروج من الحكم العثماني، وحركة الشريف حسين في الحجاز التي تحوّلت لبعض الوقت قبلة كل الأحرار العرب، إلى أن تكشّف غدر الإنجليز بها وإعطائهم الوعد بدولة يهودية في الوقت الذي كانوا يعدون الشريف حسين بمملكة عربية مستقلة.

ما بقي من شكيب نضاله الأممي في سبيل كل قضية تخص العرب والمسلمين بين نهاية القرن التاسع عشر وإلى اندلاع الحرب العالمية الثانية، 1939. بعضُ تجليات هذا النضال الأممي، بعضها فقط، أن كان في حوزته أربعون تكليفًا من جمعيات وهيئات استقلالية عربية كي يمثّلها أمام عصبة الأمم في جنيف، وكانت أحد أسباب انتقاله من منفاه الطوعي في برلين (1919-1925) إلى جنيف ليكون قريبًا من مقر عصبة الأمم ومداولاتها.

ما بقي من شكيب في نضاله العملي الميداني هو قيادته سنة 1911 لكتيبة من متطوعة جبل لبنان (حوالي 500 مجاهد) سار بهم من مقره الصيفي (صوفر) إلى بئر السبع في فلسطين، حيث أوقفه الإنجليز، إلى أن تمكن مع بعضهم من متابعة مسيرتهم (تحت ستار الصليب الأحمر) إلى ليبيا للقتال مع المجاهدين الليبيين ضد الغزوة الإيطالية على ليبيا. وحين سأله صحافيّون في مصر، لماذا تأتي من بلاد الشام لتقاتل في بلد بعيد؟ ذهب جوابهُ مثالاً لكل القوميين العرب لاحقًا؛ قال: «إن لم ندافع عن صحارى طرابلس الغرب، لن نستطيع حفظ جنائن طرابلس الشام».

يضيق المجال عن سرد تأثير شكيب في العالمين العربي والإسلامي، من أندونيسيا إلى طنجة. وواحدٌ فقط من الأدلة أنّ كتابه «لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدّم غيره، أعيد طبعه أكثر من مرّة. لقد آنس هؤلاء فيه الرجل الموثوق الذي لا يسعى لمصلحة شخصية أو فئوية، وإنّما لمصلحة شعبه وأمته. قال فيه الأمير عبدالله، أمير شرق الأردن، في مهرجان تأبينه في حيفا سنة 1947: «لقد مات الذي لم يكن فوقه فوق؛ لم يكن كرجال هذا الزّمان الذي يسعون وراء مآرب شخصية».
وما بقي من شكيب أكثر من عشرين كتاباً، بعضها موسوعي (حاضر العالم الإسلامي)، وأكثر من ألفي مقالة، في دوريات العالم العربي، من مشرقه إلى مغربه، وفي كل باب فكري أو أدبي أو سياسي يخص العرب والمسلمين.

أمّا كمال جنبلاط، وكان «المعلّم» بحق، فيختصر في شخصه كلّ الميزات الأثنتي عشرة التي رآها الفارابي ضرورية في «رئيس المدينة الفاضلة» عنده. ولأنّ الاثنتي عشرة ميزة تلك يصعبُ اجتماعها في شخص واحد، قال: إنّ ستًّا منها تكفي ليستحقّ رأس المدينة الفاضلة مكانه. لكنّ المثير أنّ الاثنتي عشرة ميزة اجتمعت كلّها في شخصية المعلّم كمال جنبلاط: من امتلاك الفهم العميق والشجاعة والفضيلة الأخلاقية وسائر القيم، إلى الزهد في الدينار وسائر متاع الدنيا. وهذه لم تجتمع لشخص كما اجتمعت في كمال جنبلاط، المعلّم.
وهاكم بعض القيم التي جسّدها كمال جنبلاط، أي لم تكن شعارات ومُثُلاً فحسب، على سبيل المثال لا الحصر:
– قيمة الحرية في معانيها، لا يساوِم عليها، ولا يتخلّى عنها، مهما كلفه ذلك.
– قيمة التقدّم السياسي والإقتصادي والإجتماعي والثقافي بما يساعد شعبنا على السير إلى الأمام.
– قيمة الحداثة، بما تعنيه من فكر عقلاني وعلم ونظام بعيدًا عن الخرافات والشّخصنة وعبادة الشخص أو الفكرة، وبعيدًا عن الفوضى.
– قيمة الأخلاق الصارمة، إذ لا شيء يغدو ذا معنى إذا افتقد قيمته الأخلاقية، أو إذا ساوم عليها.
وأولها قيمتا الصدق والإخلاص، إضافة إلى رفض مظاهر الإنحلال كافة، إلى التعفف، في أقصى ما يحمله من معنى، والذي غدا مثالاً!
– قيمة الشجاعة، حين يكون على حق، لا يهاب سلطانًا أو قوة ولو كانت أعتى قوى الأرض.
– قيمة المثابرة والعمل المباشر، فكان ينتقد الكثيرين بوصفهم «كلامويين» و«كسالى»، وقد طبّق العمل المباشر على نفسه، شخصيّا، في أكثر من مناسبة.
– قيمة القوة في الحق، وإعلانه، والتضحية في سبيله؛ مع شجاعة الإعتراف بالخطأ والاعتذار.
– قيمتا المثالية والواقعية في آن معًا، فالمثالية المطلوبة يجب أن لا تعني الطوباوية والابتعاد عن الوقع والوقائع؛ كذلك ليست الواقعية التنكر للمثل والقيم الصحيحة والمفيدة.
– قيمة النقد الصارم، العميق، لا للآخر فقط، بل لنفسه أيضًا، وبكل قسوة كما رأينا في كتابيه: «الممارسة السياسية» و«هذه وصيتي»؛ كتابان لم يُستفد منهما بالقدر الكافي.

وأخيراً، قيمة محبة الناس، وبخاصة الفقراء، الذين منحهم كل ما يملك تقريبًا؛ من راتبه في مجلس النواب الذي وقفه للمحتاجين طوال حياته، إلى منحه ما يملك من أراضٍ للفلاحين أو الساكنين فيها، إلى منح قضية الفقراء حياته، في النهاية!
ألم يقل الشاعر الجنوبي شوقي بزيع يرثيه: «…أبا المساكين، إرجع نحنُ ننتظرُ»
أمّا ما يجمعهما، أو المشترك النضالي والثقافي بينهما، فالمقال الموقوف للذكرى فقط يعجز تعداد المشتركات تلك.
بعض ما جمع المعلّم كمال جنبلاط إلى الأمير شكيب أرسلان، على سبيل المثال لا الحصر:
– مناضلين مخلصين لشعبهما وأمتهما.
– زهدهما بكل المراكز والمناصب السياسية
– عداؤهما الشديد للاستعمار ومخططاته وسياساته
– ثقافتهما العالمية الواسعة
– إنتاجهما الفكري الكثيف: 20 كتاباً و 2000 مقالة لشكيب، ورسائل في كل بيت تقريبًا، قال فيها البعض، لو جمعت لكان وزنها طنّا من الورق!
وأكثر من 4000 فقرة ثقافية من كمال جنبلاط، بين كتبٍ (جاوز عددها الستين) ومقالات ومحاضرات.

وأخيراً، فقد جمعهما الإخلاص لفلسطين وقضيتها الكبرى المحقة؛ وبعض ذلك عند شكيب:
– أن آخر كلمتين نطق بهما، بل كتبهما وقد أعياه المرض النطق قبيل وفاته بساعات، «أوصيكم بفلسطين»!
– أمّا كمال جنبلاط فقد كان نصير القضية الفلسطينية الأكثر إخلاصًا لها، في لبنان وسائر العالم العربي على الأرجح. وقد كافأه أصدقاء فلسطين في العالم العربي بأن كرّسوه «الأمين العام للجبهة العربية المشاركة للثورة الفلسطينية».
وكافأه شعب فلسطين في الداخل بأن جعلوا اسم كمال جنبلاط لميادين ومدارس ومؤسسات، ( في نابلس وسواها) بل جعل شارة الحداد على روحه على سور المسجد الأقصى في القدس الشريف.
وبعد، فنحن نظلم شكيب أرسلان وكمال جنبلاط حين نحشرهما في إطار ضيّق، هنا أو هناك،
وبالمقابل نحنُ نطلق قيمتهما الفكرية والأخلاقية كاملة حين نرنو إليهما باعتبارهما نهجًا يستحثنا على متابعته، ومدرسة في أكثر من باب نتعلم فيها ومنها باستمرار.

التّربية الإيجابية للأبناء

في ظلّ التقدم التكنولوجي والتّقنية الحديثة، أدّى سوء استخدامهما إلى انعدام القِيَم ،فكان يَجدر بنا في أُسرة وطب أن نتحدث عن التربية الإيجابية وأهميتها، ووسائلها فالتربية الإيجابية بمختَلف مُسمَّياتها هي كيفية تعامل الوالدين مع أبنائهم وهي وظيفة لا تحتاج لشهادة بل عمل يحتاج إلى أن تكون على معرفة بعلم النفس، وعلم الاجتماع، وفنون الطهي، فهي مسؤولية تحتاج لاكتساب الخبرة والمهارات، فكما نهتم بالعلوم الطبية للحفاظ على صحتنا بشكل يومي، علينا أن نكون على علم بعلوم التربية الإيجابية لكي نمارس دورنا كوالدين بطريقة أفضل.

اعتقادات مغلوطة وأخطاء بشأن التربية الايجابية:

وقبل أن نتطرق إلى موضوع التربية الايجابية علينا أن نتعرف على بعض الاعتقادات الخاطئة، ومنها ما يلي:

  • أن التربية الايجابية فطرية: حيث يظن كثير من الآباء أن التربية بالفطرة، ولا تحتاج لخبرة وهذا اعتقاد خاطئ، فعلى الوالدين أن يكونوا على علم بعلوم وأسس التربية الايجابية.
  • التقليد الأعمى في التربية الايجابية لأساليب موروثة حيث يستخدم كثير من الآباء الطرق التقليدية في التربية الايجابية، ولكن لكل زمان أسلوب فتختلف أساليب التربية باختلاف العصر ومن جيل لآخر.
  • التقليد الأعمى في التربية الايجابية للآخرين حيث إنّ التقليد الأعمى للغرب دون النظر لما يتفق مع دين أو ثقافة أو ما يناسب العادات والتقاليد والأعراف.
  • تحقيق الأمنيات الشخصية في الأبناء دون النظر لما يحبُّونه وما يتمنَّوْنه.
  • الآباء الصالحون دومًا ينتجون أبناء صالحين.
  • من السهل غرس القيم الأُسرية والتربوية، وهذا اعتقاد خاطئ فالقيم تحتاج لوقت طويل لغرسها، وتأسيسها ولكي يتم غرس القيم لابد من وجود قدوة ومثل أعلى.
  • إن التربية حرب بين الوالدين والأبناء، ولابد من كسب الحرب، وهذا اعتقاد خاطئ تمامًا فـالتربية الايجابية ليست معركة علينا الانتصار فيها بل هدف مُشترك نسعى سويًّا لتحقيقه.
  • معاملة جميع الأبناء بطريقة واحدة، وهذا اعتقاد خاطئ فعلى الوالدين استخدام الأسلوب الذي يناسب كلًا منهم.
  • معاملة الأطفال أنهم كبار ناضجون.
  • تلبية جميع رغبات الأبناء ممّا ينتج عنها التدليل الزائد، والأنانية، وأفراد غير متحمّلي المسؤولية.
ما هي أهمية التربية الإيجابية؟
تكمن أهمية التربية الايجابية أنها أداة لتعديل وعي المجتمعات والشعوب من حيث قيمها وثقافتها وعاداتها وأعرافها بل في جميع موروثاتها فهي عملية يتم فيها تعزيز العاطفة، والشعور، والتنشئة الجسدية السويّة عند الطفل، فالعوامل الوراثية والبيئة المحيطة من حيث الأسرة، والأصدقاء، والمجتمع، وما فيها من أفكار روحانية تؤثر في شخصية الطفل؛ لذا على الوالدين اتِّباع طرق التربية الإيجابية السلمية لإنشاء فرد صالح قادر على التعامل والخروج إلى المجتمع.
وقد بيّن نبيُّنا الكريم أهمية التربية فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (كلّكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته)، وتتمثل أهمية التربية الايجابية في الآتي:
  • ينتج عن التربية الايجابية الصالحة تنشئة فرد صالح للمجتمع، والمساعدة في إعلاء القيم والأخلاق، فكلما ارتفع مستوى التربية الايجابية الصالحة ارتفع مستوى الأخلاق وانخفض مستوى الجرائم في هذه المجتمعات.
  • ينتج عن التربية الصالحة فرد قادر على العطاء والبذل من أجل الآخرين، ويكون على قدرٍ عالٍ من الإحساس بهم.
  • تُنتج التربية الايجابية الصالحة إنسانًا قادراً على تكوين علاقات اجتماعية سليمة وسويّة.
  • تعمل التربية الايجابية السليمة على غرس القيم والمبادئ مما ينتج عنها أفراد يميّزون بين الحلال والحرام، والصواب والخطأ، والحق والباطل؛ مما يحقّق الأمن، والطمأنينة، والتقدم المجتمعي عامة، والاقتصادي خاصة.
  • تُقوّي التربية الايجابية الصحيحة العلاقات الاجتماعية بصفة عامة والعلاقات الأسرية، والعائلية بصفة خاصة.
تعرّف على التحديات التي تواجه التربية:

هناك عدد من التحديات تعوق عملية التربية الايجابية بطريقة صحيحة فلنذكر بعضاً منها:

  • قلة الخبرة سواء قلة المعلومات أو قلة الخبرة العملية تؤدي إلى إعاقة عملية التربية بشكل سليم.
  • الضغوط اليومية المستمرة التي يعاني منها الآباء، فينتج عنها عدم الاستمرارية في أساليب التربية الايجابية الصحيحة.
  • عدم الاتفاق على أسلوب محدد من قبل الوالدين ينتج عنه شخصية غير متزنة.
  • البيئة المحيطة بالطفل تعوق عملية التربية الايجابية السليمة ، من حيث وجود أصدقاء السوء، وانعدام القيم في المجتمع.
  • التكنولوجيا، والتقنيات الحديثة، واستخدامها بطريقة سلبية.
  • غرس مفاهيم خاطئة للطفل بدون قصد من قبل الوالدين.
ما هي أسس التربية الايجابية؟

هناك عدد من التوجيهات من قبل علماء النفس، والاجتماع، وعلماء التربية الايجابية، وذلك من خلال دراسات أُجريت على ألفين من الآباء، وكانت عن عشر مجموعات من المهارات الأساسية في تربية الأبناء، حيث أُثبِتَ أن هذه المهارات لها أثر بالغ في أن الأبناء يتمتعون بالصحة، والسعادة وتتلخّص المهارات الأساسية في الآتي:

  • وجود الحب الأسري والتعبير عنه، وذلك بالاحتواء داخل الأسرة، والمصاحبة بين الوالدين والأبناء، والاستماع وحُسن الاصغاء لهم، والتقبيل اليومي لهم، فعن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قبَّل الحسَنَ بنَ عليٍّ، والأقرعُ بنُ حابسٍ التَّميميُّ جالسٌ فقال الأقرعُ: إنَّ لي عشَرةً مِن الولدِ ما قبَّلْتُ منهم أحَدًا قطُّ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن لا يَرحَمْ لا يُرحَم.
  • تعليم الاعتماد عن النفس، والاستقلال الذاتي، وتحمّلهم المسؤولية بحسب السن، وتعزيز الثقة بالنفس وذلك بتجنب التدليل الزائد.
  • التحكم في التوتر أثناء الغضب حيث إن الآباء عندما يفقدون أعصابهم وقت الغضب في المحيط الذي يوجد فيه أبناؤهم فذلك مؤشر على سوء التربية مع أولادهم، وللتحكّم في الغضب هناك عدة مهارات مثل التأمل، وتمرينات التنفس التي يمكن تعلُّمها بغض النظر عن الميول الطبيعية للإنسان.
  • الحفاظ على العلاقة الزوجية والأسرية، وتجنب الخلافات حيث إن الأطفال بصفة خاصة، والأبناء بصفة عامة لا يحبون الصراعات، وبخاصة عندما يكون طرفي الصراع أكثر شخصين لهما أهمية في حياتهما فهناك دراسة أثبتت وجود علاقة بين الحفاظ على سلامة الأبناء وبين التحكم في التوتر وتجنب الخلافات الزوجية.
  • بدء تعليم الأطفال في سن مبكر استخدام أسلوب الرفق واللين ووجود القدوة، وعدم استخدام العنف وخاصة أثناء تعليمهم لأنه يؤدي إلى نتائج عكسية، كما ينبغي تعليم الأبناء في سنٍ باكرٍ الحلال والحرام والطقوس الدينية التي تُعزز التربية السوية لدى الأطفال، فمن السائد أن ما أفسد الأبناء هو الإهمال، والتفريط من جانب الوالدين فى تعليم الدين، والعقيدة الصحيحة وقد ثبت أن الطفل في مراحل السبع سنين الأوائل يخزن المعلومات التي يتلقاها من قبل الوالدين أو من المجتمع لذلك علينا الاستغلال الأمثل لذلك.
  • تخصيص وقت للعب، والمشاركة معهم، فمن أهم وسائل التربية والتعليم هو التعلَّم عن طريق اللعب حيث باللعب تنمو قدرات الأبناء، ومعارفهم.
  • تنمية المهارات المتنوعة، وملاحظة المواهب، واستغلال أوقات الفراغ في ذلك، وبخاصة مع المراهقين.
  • استخدام التكنولوجيا في التربية الايجابية بطريقة صحيحة، وذلك بالاستماع إلى البرامج الثقافية الهادفة.
  • توفير الأمن النفسي للأولاد.
  • الاهتمام بصحة الطفل، وذلك بتعويد الأبناء على العادات الصحية الجيدة.
  • الاتفاق على قواعد أساسية للتعامل بين أفراد الأسرة، ومن هذه القواعد (التحدث بأدب بين أفراد الأسرة، والتعاون في كل أمور المنزل، اهتمام كل فرد بممتلكاته الشخصية).
ما هي أنماط التربية؟

هناك عدد من أنماط التربية نذكر ما يلي:

  • النمط التسلّطي من قبل الوالدين مما ينتج عنه الطاعة المُطلقة وتكون على أساس الخوف وليس على أساس الحب والاحترام، وينتج عن هذا النمط إما فرد جبان يهدر حقه أو فرد تسلّطي طمّاع.
  • النمط التساهُلي من قبل الوالدين ويوصف بالإهمالي يعني تصرف الأبناء كما يريدون دون محاسبة أو تعقيب، وعدم تعليمهم القيم الأخلاقية مما ينتج عنه أفراد غير قادرين على تحمّل المسؤولية كما ينتج عنه تعلّم الأنانية، والجشع .
  • النمط المرجعي ويعتمد في الأساس على مبدأ المساومة.
  • النمط الديمقراطي ويعتمد هذا النمط في الأساس على المشاركة، والحوار بين الوالدين وأبنائهم مما ينتج عنه أبناء قادرين على تحمل المسؤولية ولديهم ثقة بالنفس قوية.
  • وللوصول إلى أفضل نمط، فعليك اتباع النمط الحازم حيث الجمع بين الأنماط السابقة وتكون على علم بكيفية استخدام كل نمط في وقته المناسب.
ما هي أساليب التربية الايجابية؟

تعددت أساليب التربية الايجابية وتنوعت، ومن أهمها بل في مقدمتها المحاكاة والتقليد وخاصةً في مرحلة الطفولة المبكرة لذلك يجب أن نكون على حرص عند التعامل أمام الطفل فهناك دراسات أثبتت أن العوامل الوراثية لا تؤثر في شخصية الطفل بقدر البيئة المحيطة به وفيما يلي سنعرض الأساليب الصحيحة في التربية:

  • القدوة الحسنة في التربية الايجابية لكي يتم غرس القيم يُنصح بعدم الاكثار من الكلام عن القيم بقدر ما تُطَبَّق أمامه مع مُراقبة الوالدين للأبناء.
  • الرفق واللين في المعاملة وخاصة عند تقويم السلوك، وتعليمهم القيم.
  • النقاش، والحوار والإقناع ومشاركة الأبناء في وضع القواعد الأساسية للتعامل وفي وضع الثواب والعقاب وفي تحديد السلوكيات السيئة.
  • التغافل عن بعض الأخطاء.
  • تحديد جلسة اسبوعية للاجتماع بين أفراد الأسرة يتم فيها النقاش والحوار ونقاش ما تم في الثواب والعقاب.
  • اتفاق الوالدين على أسلوب محدد للعقاب، والثواب، والثبات عليه فعدم الاتفاق على أسلوب محدد من قبل الوالدين يؤدي إلى تشتت الأبناء.
  • استخدام أسلوب التشجيع والتحفيز، حيث تشجيع السلوك الإيجابي سواءً كان تشجيعًا معنويًا أو تشجيعًا ماديًا بالهدايا ويُفضل عدم الإكثار من التشجيع المادي فالتشجيع على سلوك إيجابي يؤدي إلى استمرارية هذا السلوك وتطويره كما يفضل استخدام ما يسمى بلوحة الشرف، وهي تناسب من سن ثلاث إلى تسع سنوات فمن يلتزم بالقواعد والقوانين يتم وضع نجمة في لوحة الشرف ويثاب عليها في الجلسة الأسبوعية.
  • استخدام أسلوب الثواب بعد الفعل مباشرة.
  • استخدام أسلوب العقاب بحسب حجم السلوك ويكون بعد الفعل مباشرة مع الحذر من استخدام الأسلوب التسلّطي أو العدوانية، والعنف، والقسوة لأنه يؤثّر على الشخصية حيث يؤدي لعدم الثقة بالنفس، وكثير من العادات السلبية.
  • تجنب التدليل الزائد في التربية الايجابية حيث يؤدي إلى عدد من العادات السلبية .
  • احترام مشاعر الأبناء أمام الآخرين، وتجنّب الحديث عن عاداتهم السلبية، وأخطائهم أمام الآخرين؛ لأن النقد والسخرية يؤديان إلى ضعف الثقة بالنفس والانطواء، وأحيانًا إلى العنَد، واستمرارية السلوك السلبي.
  • احترام الوالدين لبعضهما البعض، وتجنب الخلافات.
وهناك خطوات في التربية الايجابية للتعامل مع الأخطاء وتقويم السلوكيات ومنها ما يلي:
  • تحديد السلوكيات السيئة التي يقوم بها الأبناء ويُكررونها باستمرار، وذلك بهدف تغييرها ويتم تحديد السلوكيات على حسب العمر فمثلا من ثلاث إلى ثماني سنوات تُدوّن خمسة سلوكيات، ومن تسع سنوات إلى سن السادسة عشرة سنة تُدَوّن عشرة سلوكيات.
  • وضع قواعد تُحجّم السلوكيات السيئة فمثلا مشاهدة التلفاز لوقت متأخر، يقوم الوالدان بتحديد قوانين لمشاهدة التلفاز والمكافأة بأنواعها لمن يتبع القواعد ومن الأفضل العمل على تغيير القناعة أفضل من العمل على تغيير السلوك وذلك بالحوار والمُناقشة السّوِيّة.

وادي التَّيم أرضُ القداسة

«سبحانَك الله»، (كلمة القداسة)، كم هي بليغة روحانيّاً وعميقة فكرياًّ، ومُفعمة بالطُهر والإيمان إنسانياً.
«سبحانك الله»، كم يستريح إليها الفكر والفؤاد والجنان.
«سبحانك الله»، كما ترتاح لذكرها القلوب وتطمئن إليها النفوس وتشعّ إيماناً بين النصوص عبر الزمان.

فكيف بالأحرى أنّنا نعيش في أرضها المُسمّاة باسمها وبين أفيائها وعلى هضابها وسهولها ووديانها ونشرب من ينابيعها وأنهارها. ولا شك منذ كوني فكانت مسكنُ النّسّاك الصالحين والعبّاد القانتين المؤمنين الصادقين الصابرين وغيرهم وغيرهم إلى أوان الأوان وعبر الأيام والسنين.

وهذه التسمية (أرضُ القداسة) عائدة لوجود العديد من المزارات والمعابد للأنبياء والأولياء، ولربما بعضها ما يحفظ رِفاتهم منذ عهد آدم الصفا عليه السلام، أي منذ نحو سبعة آلاف سنة ونيّف إلى ظهور الدعوة التوحيدية عام 1017م، 408 هـ وما تبعها من ظهور أولياء كان من جراء ذلك لشد عزيمة الإيمان والتمسّك بأهداب الدين بين الأهل والأخوان. وهذا ما ينطبق على سائر الملل والأديان.

وما هذا كلّه إلا لخير البشرية وخلاصها وصلاحها وتنقيتها من جور بني الإنسان لبعضهم البعض، إذ كلّما تباعدت تاريخ الرسالات السماوية كلما عاد الإنسان إلى همجيته البربرية من أخلاق سيئة وتسلط وهيمنة وفرض شريعة الغاب وسواء ذلك، وهذا ما نعيشه في عصرنا الحاضر وعسى أن نكون على أبواب التغيّير للعودة بالبشرية إلى أيام الطُهر والخلاص كما هو الحال مطلع كل دعوة سماوية أرسلها الخالق الدّيّان.

وقد نطق القرآن الكريم أنّ عدد الأنبياء والرسل الكرام خمسة وعشرين نبيّاً منهم من له مزارات في وادي التيم ومنهم من قدّسه بمروره أو إقامته بين أبنائه وهذا ترتيبهم:
-آدم – إدريس – نوح – هود – صالح – إبراهيم – لوط – اسماعيل – اسحاق – يعقوب – يوسف – شعيب – أيوب – ذو الكفل – موسى – هارون – داود – سليمان – الياس – أليسع – يونس – زكريا – يحيى – عيسى – محمّد
ومن بين هؤلاء أربعة أنبياء عرب هم: هود – صالح – شُعيب ومحمّد (١)

والأنبياء والرسل (٢) هم الذين اصطفاهم الله تعالى من بني خلقه يحملون دعواته لعباده ويبشرون من آمن بهم وعمل عملاً صالحاً يُجاز لهم الأجير والثواب في الدنيا والآخرة. وينذرون الذين كفروا بتعاليم خالقهم ودعوات أنبيائه بالعقاب وسوء المصير. وقد نطق القرآن الكريم أيضاً في هذا الصدد «وما نرسل المرسلين إلاّ مبشّرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون» {سورة الأنعام – الآية 48}.
أمّا الفرق بين النبي والرسول (٣) : فالنبوّة قد تكون مقتصرة على صاحبها ويُسمّى حينئذ نبيّاً، وقد تكون مقترنة لتقويم سلوك جماعة من الناس، وهذا التكليف رسالة ويُدعى صاحبها رسولاً وعلى هذا فكل رسول نبيٌّ وليس كل نبيّ رسول.

الأنبياء جمع نبيّ والاسم مشتق من نبأ، وفي شرح القاموس والنبي بالهمزة هو المُرسَل من الله تعالى وقد أطلعه على توحيده وأعلمه عن الغيب وأخبره أنه نبيّ ورفعه عن البشر.(٤)

وهنالك أيضاً رسُل آخرون لم ترد أسماؤهم في القرآن ولكن أشار الله إليهم بقوله مخاطباً رسوله محمّد (ص) «ورسلاً قد قصصنا عليك من قبل ورسلاً لم نقصص عليك» {سورة النساء – الآية 164}.

والأنبياء ليسوا بدرجةٍ واحدةٍ من الفضل والمكانة بل قد فضّل الله تعالى بعضهم على بعض بقوله: «ولقد فضلنا بعض النبيّين على بعضهم». أما أولياء العزم من الرسل، كما نعتهم القرآن الكريم (بأولي العزم)، والذي أمر الله رسوله محمّداً بالاقتداء بهم وفي جهادهم بقوله: «فاصبر كما صبر أولو العزم من الرّسل» وإنما سُمّوا بأولي العزم لأنَّ عزائمهم كانت قوية وابتلاءهم كان شديداً وجهادهم كان شاقاً وهم: نوح – ابراهيم – موسى – عيسى – محمّد، والإسلام الحنيف جعل الإيمان بالأنبياء من أركان العقيدة الإسلامية كما نطق القرآن الكريم «قولوا آمنّا بالله وما أُنزل إلى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والأسباط، وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربّهم لا نُفرّق بين أحدٍ ونحن له مسلمون» {سورة البقرة – الآية 131}.

قصر قديم في بلدة راشيا الوادي ويبدو من خلفه جبل حرمون مطلع العشرينات.

تكريم الوادي عند أبنائه

هذا في المناسبات الاجتماعية كالأفراح والأتراح والزيارات وسواء ذلك كانت هناك أناشيد وزغاريد شعبية تُردَّد تكريماً وتمجيداً لذُرى وادي التيم ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما زغردته نساء بلدة مشغرة للأمير فخر الدين عندما حضر إليها ليصلح بين الأميرين الأخوين الشهابيين علي وأحمد بعد أن استفحل الخلاف والتقاتل بينهما على الزعامة للوادي، وقد وفّق في مصالحتهما بعد تقسيم الوادي بينهما.

إذ أعطى الأمير علي حاصبيا ومنطقتها أي جنوب وادي التيم وأعطى الأمير أحمد راشيا ومنطقتها أي شمالي وادي التيم، فكانت تلك الزغرودة التي أنشدتها السيدة فيروز بين أعمدة بعلبك (في أوبريت فخرالدين) حتى أنّ النسوة في منطقتنا، منذ عهد قديم، كنّ يرددنها لأبنائهن أمام أسرتهّن قصد المنامة.
« يا قمر مشغره
يا بدر وادي التيم
يا جبهة العالـــي
ومزنّرة بالغيـــــم
انشالله انشالله القمر يبقى قمر
وما يصيب عزّك ضَيم
وكذلك حقاً أنه «مَلفا الغيم» إذ تتجمع الغيوم المليئة بقطرات الندى صيفاً وبالأمطار شتاء والآتية جميعها من البحر كتاجٍ في أعلى قمة جبل الشيخ لتتحوّل فيما بعد خيراً وبركة فوق هضابه وشعابه.

ومشكى الضيم، إذ كان وما زال حصناً منيعاً للمضطَهدين والبائسين ينضوون بين كهوفه ووديانه وحتى مغاور قممه اتّقاءً لشر الحكام المتسلّطين والظالمين، وهرباً من جيوشهم الغازية والتي تستبيح شتّى المحرّمات وخاصة الِعِرض، وما له من كرامة وهذا ما حدث مع أهلنا أيام الغازي ابراهيم باشا المصري والأحداث والمعارك التي نشبت بينهما في معارك وادي التيم كمعركة بكّا والبيرة وحاصبيا وسواهما، ممّا حمل أهلنا في راشيا ومنطقتها إلى الانتقال إلى بلدة شبعا الحصينة والنزول عند أهلها. وهذا ليس مستبعداً أن يصبح مقراً أو ممراً للعديد من الأنبياء والأولياء وهم في تنقّلاتهم بين بلاد الشام وإلى بلاد كنعان، مهد التاريخ ومسرحاً للمعارك والقتال عبر الزمان.

حدود وادي التّيم الجغرافية كما حدّدها الأقدمون

أثبت العديد من المؤرخين ومنهم المؤرخ الشهير كمال الصليبي رئيس دائرة التاريخ في الجامعة الأميركية عن وادي التيم في كتابه «لبنان بمنازل كثيرة»، أن قبيلة بني تيم، والتي هاجرت إليه من شبه الجزيرة العربية في القرن الخامس الميلادي، قد استوطنت السفوح الغربية لجبل الشيخ ومن هنا كانت تسميته عملاً بالمبدأ الشائع «لا تُعرَف الأرض إلاّ بقاطنيها».

وحيث إنّ بني تيم من أجداد الموحدين الحاليين، لذا يمكننا القول ونقرّه إنّ القرى التي يقطنها الموحدون الحاليون في هذا الوادي هم النواة الأولى لمن سكن الوادي وعُرف فيما بعد باسمهم وإن تغيّرت معالم بعض القرى ديموغرافياً بسبب الحروب والفتن أو إنها بقيت كما هي.

إذاً يبتدئ الوادي المذكور من أقصى قرية توحيدية شمالاً وهي قرية حَلوى والتي يمر في أرضها وادي القرن أو وادي الحرير وتسلكه حالياً طريق دمشق بيروت الدولية. والدليل الثّابت لذلك أن المكان الذي يتواجد به مقام النبي هابيل عليه السلام والذي يقع على تلّة تشرف شمالاً على الطريق المذكورة وهي مُلك أصحاب بلدة حلوى، وأن صاحبها المرحوم الشيخ نسيب الداود شخصياً قد تبرّع من أرضه بمساحة 72 دونماً للمقام الشريف وعند أسفل المنخفض بجانب الطريق يقع مقام شقيقه القاتل قايين.

ثم يتدرج الوادي المذكور من هنالك جنوباً وملاصقاً لجبل الشيخ في القسم الغربي منه وهو جزء لا يتجزأ من وادي التيم لينتهي جنوباً عند القرى والمزارع الملاصقة لهضبة الجولان المحتلة والتي تُعرف بقرى العرقوب حالياً.

بالإضافة إلى ما يشير إليه الكاتب سعيد نفاع في كتابه (العرب – الدروز) (٥) ابن بلدة المطلّة اللبنانية التيمية والتي باعها صاحبها جبّور رزق الله من صيدا إلى البارون روتشيلد اليهودي الفرنسي عام 1875، كانت تشمل أيضاً قرى شمالي فلسطين الدرزية حتى بلاد الجليل. ومن القرى التي بيعت كالجاعونه وملبس وسواهما ما يدل على أن الوادي كان يتصل بالجليل ديمغرافياً ومذهبياً .

أمّا غرباً فتحدّه قمم وهضاب السلسلة الوسطى بين الوادي ومجري نهر الليطاني، وكما يعرّفها قاطنوها، إذ يبتدئ من بلدة مجدل عنجر شمالاً ثم يتدرّج جنوباً إلى بلدة السلطان يعقوب ثم البيرة والرّفيد والمحيدثة وكفر مشكي وصولاً إلى مرجعيون ثم المطلة المحتلّة والقرى التي تحيط بها وجميع هذه القرى في هذه البقعة الجغرافية من الأرض، كان سكانُها من طائفة الموحدين أو مختلطة في بعضها، إلاّ أنه حدثت بعض التّغيّرات الديموغرافية بين مقيميها، كما ذكرنا سابقا، من خلال الحروب والفتن وليصحّ القول عند العامة أنّ حدود وادي التيم من وادي الحرير شمالاً حتى جورة الذهب جنوباً أي الحولة المحتلة حالياً.

وهذه أسماء القرى التيمية وهي على الوجه التالي من الشمال إلى الجنوب:
حَلوى – دير العشائر – ينطا – بكا – كفر قوق – عيتا الفخار – مجدل عنجر – المنارة – الصويرة – بيادر العدس – الفالوج – السلطان يعقوب – عزّة – مدوخة – كفر دنيس – خربة روحا – عين عرب – البيرة – الرفيد – المحيدثة – ظهر الأحمر – راشيا – الفاقعة (دارس) – بكّيفا – بيت لهيا – تنورة – يذما (دارس) – عين حرشا – عين عطا – كوكبا أبو عرب – كفر مشكي – مرج الزهور – القنعبة – حوش القنعبة – ميراميس – العقبة – مزرعة جعفر – السفينة – الكفير – ميمس – الخلوات – عين ثنته – عين قنيا – شويّا – حاصبيا -الفرديس – عين جرفا – أبو قمحة – كوكبا – برغز – إبل السقي – بلاط – دبين – مرجعيون – القليعة – برج الملوك – دير ميماس – كفر كفلا – المطلة – الخيام (الخيم سابقاً) – سردة – العمرة – عين عرب – الماري – المجيدية – وادي خنسا – حلتا – مزارع شانوح وبسطرا – والسلامية- كفر شوبا – كفر حمام – شبعا – الهبارية والبالغ عددها نحو 75 قرية. (٦)


المراجع:

1- سميح عاطف الزين، قصص الأنبياء في القرآن، ص 5.
2- عاطف الزين، قصص الأنبياء في الكريم، مرجع سابق، ص 5.
3- عاطف الزين، قصص الأنبياء في القرآن الكريم، م.س.، ص 5.
4- عفيف طباره، مع الأنبياء في القرآن الكريم، ص 11.
5- سعيد نفاع، العرب الدروز، منشورات الدار التقدمية، ص 42 – 42.
6- غالب سليقه، كتاب وادي التيم أرض القداسة ( قيد الطبع).

مقالات - اجتماعيات

يشعر قارئ الكتب ومثيلاتها، والمستمع إلى الألحان وما شابهها، والمشاهد للشاشات على أنواعها. بأن ثمة تعدّ يصيب مثيلاتها بطريقة أو بأساليب أصبحت …

أجهزة الوعي

أحياناً… عندما لا يكون للوقائع والأحداث تفسير منطقيّ (يقتنع به فكرنا) يصبح من الأسهل أن نقول مصادفة. ربّما تكون مصادفة… ربّما لا. …

كان الإمام الغزالي يقول (في المنقذ من الضلال): «لا تعدم أمتي من مصلحٍ على رأس كل مئة». استشراف الإمام الغزالي ينطبق، وعن …

في ظلّ التقدم التكنولوجي والتّقنية الحديثة، أدّى سوء استخدامهما إلى انعدام القِيَم ،فكان يَجدر بنا في أُسرة وطب أن نتحدث عن التربية …

«سبحانَك الله»، (كلمة القداسة)، كم هي بليغة روحانيّاً وعميقة فكرياًّ، ومُفعمة بالطُهر والإيمان إنسانياً. «سبحانك الله»، كم يستريح إليها الفكر والفؤاد والجنان. …

منذ إنشاء دولة لبنان الكبير وحتى تاريخه، لم يعمل اللبنانيون على تأسيس دولة ووطن، فقامت الدولة الناشئة على أساس تجميع طوائف بهويّات …

تزامنت انتفاضة راشيّا (1878) مع انتفاضةِ أخرى في قرية المطلّة أسفل وادي التّيْم ذات السكن الدرزي وشيخها وقائدها علي الحجّار الذي ضاقت …

ما انفكّ الشأن الاجتماعي في لبنان (تشرين أول 2019 – تشرين أول 2021) يتصدر على وجه الإجمال المشهد الوطني الاقتصادي والسياسي الرئيسي، …

عند حافّة الرّصيف في أحد شوارع العاصمة بيروت، يتّكئ رجلٌ ستّينيٌّ، باحثًا عن ظلّ يقيه أشعة الشمس الحارقة، ريثما يحين دوره لتعبئة …

يحاول هذا البحث الوصول إلى الإحاطة بالعوامل والمحدِّدات النفسيّة والاجتماعية الداخلة في انحلال الرابطة الزوجية، فالرّهان المطروح في إطار هذا العمل، هو …

تربية الأبناء هي عملية سهلة، ولكن هي في الوقت نفسه صعبة ودقيقة، لذا فإنّ نظرتنا للأشياء تختلف، فكلّ شخص ينظر لها بطريقته، …

الموحّدون (الدروز) طائفة إسلامية يقيم أبناؤها في الدول التالية من المشرق العربي: لبنان وسورية وفلسطين وشرق الأردن، ويتواجد مغتربوهم في الكثير من …