كشوفات طبية وتجارب عيادية رائدة تعزز آمال المصابين
السٌّكّري ليس مرضاً مزمناً
بل مرضاً غذائياً قابلاً للشفاء
طريق الشفاء التامّ والاستغناء عن الأدوية
حمية صارمة عن السِّكّريات وصيام منتظم
أدوية السكري تخفّض معدل السكر في الدم
لكنها لا تعالج المرض ومضاعفاته المميتة
د. جايسون فانغ: يحثّون الناس على الأكل في كل وقت
لأنه لا مصلحة لأحد في الصيام ولا أرباح تجنى منه
السُّكَّري ..كلمة تثير الخوف في النفوس بسبب ما يرتبط بهذا المرض من مضاعفات خطيرة على كافة أعضاء الجسد ووظائفه. لكن أخطر ما في السكري لم يعد تدميره البطيء لنسيج الصحة البشرية فحسب، بل ضعف الثقافة الصحية لدى المصابين به أو المعرضين للإصابة به لاحقاً ثم المفاهيم المغلوطة الكثيرة التي تحيط بأساليب المعالجة التقليدية له والتي تعتمد على الأدوية أو الحقن بالأنسولين لكن نادراً ما تهتم بالتركيز على نظام الغذاء وخصوصاً إتباع أنظمة حمية صارمة لا بدّ منها لحماية المريض بل للمساهمة بتحسن حالته المرضية.
إن مأساة المصابين بالسكري هي اليوم المأساة نفسها للمصابين بالكثير من الأمراض التي باتت المؤسسة الطبية والصيدلانية تدمغها باسم “الأمراض المزمنة” أي التي “لا أمل للمصاب بها من الشفاء” مما يعني أن عليه أن يصبح معتمداً على الأدوية ما دام حياً وفي هذا الوضع بالطبع فائدة عظيمة لهذه الصناعة الهائلة التي باتت قيمتها تقدر بألوف المليارات من الدولارات.
لكن هل مرض السكري مزمن فعلاً؟ هل لا توجد أي وسيلة للشفاء منه؟ الجمعية الأميركية للسكري والجمعية البريطانية للسكري وهما تتمتعان بنفوذ قوي بين المصابين تشددان على هذه الناحية، فالجمعية الأميركية “تبشر” المريض بأن السكري مرض مزمن بل و”يزداد سوءاً مع الزمن” وأن عليه بالتالي أن يتابع بانتظام تناول أدوية السكري، كما إن عليه على الأرجح أن يزيد الجرعات مع الوقت وأن ينتقل ربما في وقت ما إلى الحقن بالأنسولين.
صحوة الطب الغذائي
لكن هذه المسلّمة بدأ العديد من الأطباء الروّاد في علم الغدد في كندا والولايات المتحدة يثبتون أنها نظرية لا أساس لها إلا التأثير الهائل الذي تمارسه شركات الدواء الكبرى على الجمعية الأميركية للسكري والعديد من وسائل الإعلام، إذ إن 9 من أصل 10 شركات تموِّل الجمعية هي شركات دوائية بينما تهتم الشركة العاشرة بالتجهيزات والمعدات العلاجية للمصابين. وعلى نفس المنوال فإن العديد من الأبحاث الطبية بدأت تثبت أن العديد مما تسميه المؤسسة الطبية والصيدلانية “أمراضاً مزمنة” ليست كذلك وأن من الممكن شفاؤها عبر إجراء تغييرات أساسية في نمط الحياة ولاسيما الغذاء، وقد بات التأثير الحاسم للغذاء على الصحة الإنسانية أمراً متفقاً عليه أكثر فأكثر مما بدأ يُحوِّل التوجهات العلاجية للعديد من الأمراض من الأدوية الكيميائية المكلفة وذات الآثار الجانبية الفادحة أحياناً إلى الإدارة الطبية والعلمية للتغذية، وهذه المقاربة فضلاً عن كونها أقل تكلفة بكثير فإنها تجعل للمصاب نفسه دوراً مهماً في العناية بصحته، وتقوم على جعل الصحة الجسدية مسؤولية شخصية يمكن ويجب لأي فرد أن يتعلم أسسها ويقوم بموجباتها.
تضليل
إن من أبرز الأدلة على التضليل الذي تقوم به بعض الجمعيات التي تطرح نفسها تحت تسميات خادعة باعتبارها تمثل مرضى السكري مثل الجمعية الأميركية للسكري ولكنها في الحقيقة مجرد واجهات لشركات الأدوية هو النصيحة التي تعطيها على موقعها الشبكي والتي توصي مريض السكري بأن يأخذ ما بين 50 و60% من السعرات الحرارية التي يحتاجها من .. السكريات!! نعم الجمعية الأميركية للسكري لا تنصح المريض بالامتناع عن تناول السكريات، وهي المسبب الأول للمرض، بل على العكس تنصحه باعتمادها كمصدر غذاء أساسي، وهي تعتبر أنه لا مشكلة في ذلك طالما أن المريض يواظب على تناول الأدوية، فهل نفاجأ بعد ذلك إذا علمنا أن هذه الجمعية التي تدعي أنها الجمعية الرسمية لمرضى السكري ليست في الحقيقة إلا واجهة لشركات الأدوية؟
إن هناك مجموعة متزايدة من الأطباء المرموقين في الولايات المتحدة وكندا بصورة خاصة خرجت عن طاعة شركات الأدوية لتؤكد أنه من الممكن شفاء مرض السكري كليّاً وبالتالي اجتناب مضاعفاته الخطيرة والاستغناء بالتالي عن أدوية السكري بما في ذلك الأنسولين وذلك من خلال مزيج يجمع بين نظام غذائي قليل السكريات وبين الصيام لفترات محددة (تحدد حسب درجة الإصابة بالسكري ومدة الإصابة به)، وهؤلاء الأطباء الذين برز منهم بصورة خاصة الكندي الدكتور جايسون فانغ Jason Fung ليس فقط انهم أثبتوا نظريتهم في إمكان شفاء السكري علمياً وعبر عشرات الأبحاث بل هم أثبتوها عملياً عبر ألوف المرضى بالسكري أو المصابين بالبدانة الذين تمكنوا من شفائهم وبالتالي تخليصهم من وزنهم الزائد أو الارتهان بأدوية السكري أو الأنسولين، وهذه الحالات الموثّقة أصبحت متوافرة كقاعدة بيانات علمية واسعة يمكن للباحثين -أو للمشككين- أن يتحققوا منها ويدققوا في تفاصيلها، فهي تحتوي على ما يكفي لتكذيب إدعاء الجمعية الأميركية للسكري وشركات الدواء التي تقف وراءها، وهي كافية لمنح الملايين من مرضى السكري أملاً حقيقياً بالصحة والتحرر من شبح المضاعفات الخطيرة للمرض ومن قيود الدواء والأطباء وربما العيادات ودور الاستشفاء وغيرها.
الأسس العلمية للشفاء الممكن
لمرض السكري؟
يعتبر الأطباء الذين يتخصصون في شفاء مرض السكري أن ارتفاع السكر في الدم هو من أعراض السكري وليس المرض نفسه، وبالتالي فإن الأدوية التي يتناولها المريض بما في ذلك الأنسولين تركز على خفض معدل السكر في الدم لكنها لا تعالج المرض نفسه وهو مقاومة الجسم للأنسولين. صحيح أن معالجة معدل السكر بالعقاقير يحقق بعض النتائج لكن فعالية الدواء تخف مع الوقت فيصبح على المريض أن يأخذ علاجات أقوى أو يمزج بين أكثر من دواء، إن فشل “علاج” والأصح استعمال كلمة “إدارة” مرض السكري بالأدوية هو في أساس النظرية التي تصفه بالمرض المزمن، وهو سيكون حقاً مرضاً مزمناً طالما اقتصر في معالجته على الدواء ودون إجراء تغييرات جذرية في نظام الغذاء ونظام الحياة.


النقطة المهمة التي يثيرها الدكتور جايسون فانغ هو أن معدل سُكّر الدمّ قد يكون مسيطراً عليه عبر الدواء أو الأنسولين، لكن مرض السُّكري الذي هو مقاومة الجسم للأنسولين في غضون ذلك يتفاقم أكثر فأكثر، بل إن دراسة واسعة النطاق أثبتت أنه مهما كانت السيطرة حاصلة على معدل السكر في الدم فإن المضاعفات التي تنجم عن مرض السكري على الكلى والشرايين والعين وغيرها من الأعضاء لن تشهد تحسناً فعلياً، أي أن المصاب بالسكري وإن كان محافظاً على معدل سكري معتدل سيصاب عاجلاً أم آجلاً بالمضاعفات التي يتسبب بها السكري، وهذا الأمر في غاية الخطورة لأن العلاج التقليدي يعطي المريض انطباعاً خادعاً بأنه في مأمن من مضاعفات السكري لكنه في الحقيقة ليس في مأمن على الإطلاق.
قصور العلاج بالأنسولين
يشرح الدكتور فانغ مشكلة العلاج التقليدي لمرض السكري بالتشديد على أن ارتفاع معدل السكر ليس ما يجب الاهتمام به بل مقاومة الجسم للأنسولين لأن هذه المقاومة هي المرض الحقيقي الذي يحتاج إلى الانتباه. ولأن الطب التقليدي لم يفهم ظاهرة مقاومة الأنسولين فإن كل النظام العلاجي الذي أنتجه للتعامل مع السكري خاطئ بل مضر جداً للمريض في نهاية المطاف.
عندما تتناول السكريات بكثرة يقوم البنكرياس بإفراز كمية أكبر من الأنسولين من أجل تحويل السكر إلى الخلايا ، لكن مع الوقت تخف فعالية الأنسولين فيضطر الجسم لإفراز المزيد منه وهنا ندخل في حلقة مفرغة لأنه كلما زاد معدل الأنسولين في الدم كلما زاد مرض مقاومة الخلايا للأنسولين وكلما زادت مقاومة الأنسولين كلما عمد الجسم لضخ المزيد منه.
لذلك، فإن علاج السكري بالأنسولين ليس فقط يتميز بفعالية متناقصة بل إنه يزيد الأمر سوءاً لأن ضخ الأنسولين في الدم بهدف خفض معدل السكر يجعل الخلايا تزيد من مقاومتها للأنسولين ويصبح المريض محتاجاً لضخ المزيد من وحدات الأنسولين للحصول على نفس النتيجة وهذا هو تعريف مقاومة الأنسولين، ولهذا يشدد الدكتور فانغ على أن أسلوب معالجة السكري المطبق حالياً خاطئ وسيىء جداً لأنك عملياً تعالج السكري (الأنسولين) بنفس المادة التي تتسبب به باعتباره مرض مقاومة الأنسولين، وهذا يشبه معالجة مدمن الكحول بإعطائه المزيد من الكحول لذلك فإن علاج السكري بالأنسولين ينجح في خفض معدل السكر لكنه يزيد مرض السكري سوءاً لأنه يخلق مزيداً من مقاومة الأنسولين ويتسبب بزيادة في الوزن قد تصل إلى 10 كلغ في مدة قصيرة، كما إنه يزيد احتمال الإصابة بالسرطان وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم.
هذا ما بيّنته الدراسات التي قارنت بين الآثار الطويلة الأمد للأنسولين مع الآثار الطويلة الأمد لعقار متفورمين Metformin أو الجيل الجديد من أدوية خفض سكر الدم التي تعمل عبر كبح هرمون محدد والمعروفة بأدوية الغليبتين1 والتي تخفض معدل السكر دون زيادة معدل الأنسولين، إذ تبين أن هاتين الفئتين من الأدوية تخفضان بنسبة ملموسة احتمال الإصابة بالسرطان أو أمراض القلب بالمقارنة مع الأنسولين الذي يزيد بنسبة ملموسة تلك المخاطر.


دليل قاطع
يعطي الأطباء الذين يتولون علاج مرض السكري دليلاً على التضليل الذي تحمله نظرية “السكري مرض مزمن” من خلال تسليط الضوء على مثال بسيط ومعروف هو عملية ربط المعدة أو استئصال قسم منها من قبل بعض المصابين بالسمنة الزائدة والمصاحبة بمرض السكري المتأخر (Type II). إن الواحد من هؤلاء بمجرد إجراء عملية ربط المعدة يتخلص من السكري نهائياً وحتى قبل خسارة الوزن الزائد، وهذا الأمر يتم بنسبة 90% لدى المصابين وفي وقت قصير نسبياً. ويعلق الدكتور فانغ على ذلك بالقول: إذا كان مرض السكري “مزمناً” ولا أمل بالشفاء منه فلماذا يختفي السكري في هذه الحال وتختفي الحاجة لاستخدام أدوية السكري في عمليات ربط المعدة؟ الاستنتاج الطبيعي هو أن مرض السكري في هذه الحالة على الأقل أمكن شفاؤه وأنه بالتالي ليس حكماً مؤبداً.
لكن شفاء السكّري عبر عملية ربط المعدة يشير إلى مدخل مهم للتعامل مع المرض، لأن ربط المعدة يعادل بالنسبة الى مريض السكري إجراء خفض كبير في تناول الطعام، لأن عملية الربط تقلص حجم المعدة إلى أكبر قليلاً من ثمرة جوز فلا يعود في إمكان المريض عملياً تناول الطعام إلا بكميات قليلة، وأكثر مرضى السكري يسرفون في تناول الطعام، وها نحن نجد أنه بمجرد تراجع الإقبال على الطعام ذهب السكري تماماً.
هذا الرابط بين تراجع كمية الطعام واختفاء مرض السكري مهم وهو مدخل إلى فهم الأسلوب الممكن للشفاء من المرض. فالسكري حسب د. فانغ قابل للمعالجة لكن الأسلوب الحالي القائم على الدواء فحسب فشل تماماً في العلاج ولا بدّ بالتالي من استكشاف أسلوب آخر.
النقطة المهمة هنا هي أن السكري مرض ناجم عن أسلوب خاطئ في التغذية وهذا مؤكد في جميع الدراسات، لكن إذا كان المرض ناجماً عن نمط تغذية خاطئة فإن العلاج يجب أن يكون في تصحيح نهج الغذاء وليس في الأدوية، لكن الذي يفعله الطب التقليدي هو التعامل مع مرض غذائي ليس عبر معالجة الأسباب بل عبر أدوية مصممة للتعامل مع أعراض المرض وليس المرض نفسه، وهذا الأسلوب لن يحسّن حياة مريض السكري وهو فعلاً لم يحقق نتائج كما هو مؤكد من الدراسات والأبحاث خلال السنوات الثلاثين الماضية.
ما هي مقاومة الأنسولين
يمكن تعريف مرض السكري ليس بكونه ارتفاع معدل السكر في الدم (فهذا هو من أعراض المرض فقط) بل هو مقاومة خلايا الجسم للأنسولين ورفضها بالتالي فتح بابها للسكر الذي يحمله الأنسولين إليها. ويشبّه الدكتور لاستنغ هذه الحالة بالقول إن الأنسولين يطرق باب الخلية لكي يسلم السكر الذي يحمله لها لكن الخلية ترفض فتح بابها واستلام البضاعة، لماذا؟ لأن مريض السكري لفرط تناوله السكريات والطعام جعل خلايا الجسم محشوة بالسكر بحيث لا يعود هناك متسع للمزيد وعندها فإن الخلية تدافع عن نفسها بإغلاق المجال أمام الأنسولين، وهذه هي مقاومة الأنسولين. وعندما ترفض الخلية استخدام الغلوغوز كوقود وترد الأنسولين على أعقابه فإن السكر يبقى في الدم (وهنا تظهر أعراض السكري) ويقوم الأنسولين عندها بالطلب من الكبد أن يحوله إلى دهون يتم خزنها في الكبد نفسه أو في أنحاء متفرقة من الجسم، وهذا هو أساس ارتفاع الوزن أو البدانة المرضية Obesity.
إن الأساس الأهم لمقاومة الجسم للأنسولين هو التدفق المستمر لسنوات للمواد السكرية وهو ما يرهق الخلايا ويجعلها تغلق بابها أمام المزيد، والهدف الأهم في علاج حقيقي لمرض السكري ليس إعطاء أدوية تخفض معدل السكر في الدم بل اتباع نظام غذائي يؤدي إلى تراجع مقاومة الأنسولين وإحياء حساسية الخلايا للأنسولين، وهذا الأمر حسب الدكتور فانغ يتطلب أولاً أن يزيل مريض السكري السبب الأهم الذي أوصله إلى ما هو فيه وهو التناول المفرط للنشويات والسكريات، وهذه هي الخطوة الأولى في العلاج. ويذكر فانغ حالة كاتب بريطاني يدعى وليم بانتنغ عاش بين العامين 1796 و1878 ونشر كتيباً عن العلاج الناجع لمرض السكري عبر الحمية عن السكريات، وقد اعتبر كتيبه هذا لوقت طويل بمثابة الدليل الأمثل على سبل علاج السكري، وبقيت الحمية عن السكريات هي الأسلوب المعتمد لمعالجة المرض قبل هيمنة شركات الأدوية وتحكمها بالأجندة الطبية التي باتت مستندة بالكامل إلى الأدوية دون أي اهتمام بنظام الغذاء.
لقد أثبت أطباء العلاج الغذائي للسكّري والأبحاث العلمية أن أدوية السكّري تخفض معدل السكر في الدم ليس بالتخلص منه بل عبر دفعه بالقوة إلى الخلايا التي ترفض التعاون وأخذ المزيد، لهذا فإنك قد لا ترى السكر المرتفع في الدم لأن الفائض منه تم دفعه إلى خلايا الجسم، وهو موجود ويزيد من إرهاق الخلايا، وهذا يعني أن مريض السكري لا يجب أن يرتاح لأن معدل السكر معتدل أو مسيطر عليه بواسطة الدواء بل يجب عليه أن يعلم أن السكري يزداد أثناء ذلك سوءاً وأن الأسلوب الوحيد الذي يمكنه أن يخلص نفسه من السكري هو الحمية الشديدة وخفض معدل الأنسولين في الدم.




همية الصيام
يقوم العلاج الغذائي للسكري على فرضية أساسية هي أهمية خفض معدل الأنسولين في الدم وإعادته إلى معدّله الطبيعي. لقد ارتفع معدل الأنسولين وأدى إلى ما يسمى مقاومة الأنسولين (وهو الاسم الفعلي لمرض السكري) بسبب سنوات طويلة ربما عشرين سنة و/ أو أكثر من نظام غذائي خاطئ يتمثل بالإسراف في الطعام وتناول السكريات بصورة خاصة، ومرض السكري لا يحدث فجأة بل هو يتطور بصورة غير منظورة لسنوات قبل أن يظهر فجأة وهو يظهر عندما تكون خلايا الجسم قد تشبعت بالسكر ولم يعد للنظام الهضمي القدرة عل استيعابها، في هذه الحال فإن خفض مستوى الأنسولين في الدم يتطلب أولاً الحمية الشديدة عن السكريات، لكن الدكتور فانغ يعتقد أن خفض السكريات وحده لا يكفي بل المطلوب الصيام على الماء مثلاً لمدد قد تمتد لأيام أو ربما لأسبوع أو أكثر (حسب كل حالة) من أجل إجراء خفض دائم في معدل الأنسولين وتحرير الجسم من مخزون السكر الذي تشبعت به الخلايا.
إن الصيام لمدد متفاوتة قد تطول أحياناً لثلاثة أيام أو أكثر يهبط بالأنسولين إلى معدلات منخفضة جداً، والمهم أن هذا الهبوط يزيل مع الوقت مقاومة الخلايا للأنسولين فتصبح أكثر قابلية لأخذه وهو ما يمهد لزيادة فعالية الأنسولين وعملية التمثل الغذائي ويؤدي إلى خفض معدل سكر الدم إلى مستويات طبيعية من دون حاجة للدواء، أي أن الصيام وحده وليس الحمية عن السكريات وحدها هو الذي يمكّن مريض السكري من كسر الحلقة المفرغة لمقاومة الأنسولين والتمهيد للتعافي من السكري. أضف إلى ذلك أن المقاربة الغذائية لمعالجة السكري تقوم على تصميم برنامج علاجي حسب كل حالة فهي مقاربة مرنة وتأخذ في الاعتبار واقع المريض وليست مثل العلاج بالأدوية الذي يقوم على وصف العقار الصيدلاني دون اعتبار حقيقي للمريض لأن المهم إعطاء الدواء وخفض الأعراض الظاهرة دون المرض نفسه.
“الجمعية الأميركية للسكري واجهة لصناعات الأدوية ونصيحتها للمرضى : اجعلوا 60 % من غذائكم ســــكّريات لكن واظـــبوا على الأدوية !!”


الأعراض الجانبية للسكري
يحدث السكري تخريباً مستمراً للعديد من الأعضاء الأساسية في الجسم وهذا التخريب عندما يحصل يصعب إصلاحه. التخريب الذي يحصل للكلى مثلاً يتم على مدى سنوات طويلة ربما 10 أو 15 عاماً لكن عندما يحدث يصعب جداً علاجه مما يعني أن العطل بات دائماً. كذلك الأمر بالنسبة للعينين أو تهرّؤ القدمين أو تصلب الشرايين فضلاً عن مرض باركنسون أو ألزهايمر اللذين ينتجان عن نشاف شرايين الدماغ وموت الكثير من خلاياه الأساسية لوظائف الذاكرة والنطق والحركة وغيرها.. وبالطبع فإن حماية الكلى أو العينين أو القلب لمريض السكري أمر مستحيل إذا لم يتم علاج السكري نفسه لأن التخريب ناتج عن ارتفاع السكر المستمر في الدم وعن مقاومة الأنسولين، ولهذا السبب نجد أن مريض السكري قد يحافظ بواسطة الأدوية على معدل سكر معتدل لكنه يصاب لا محالة بأمراض القلب وعطل الكلى في المدى الطويل ولن ينقذه الدواء بالتالي من الأعراض الجانبية للسكري، وفي حال الأنسولين فإن استخدامه في علاج السكري يتسبب بزيادة كبيرة في احتمال الإصابة بالسرطان.
لماذا تفشل كل أنواع الريجيم؟
يبذل أطباء العلاج الغذائي للسكري جهداً خاصاً في شرح فشل عمليات الريجيم التي تعتمد على خفض السعرات الحرارية وبالتالي عدم صلاحية هذا النظام لمعالجة السكري أو خفض الوزن الزائد، السبب حسب د. فانغ هو أن الريجيم يؤدي إلى انخفاض في الوزن خلال أشهر معدودة لكن الجسم لا يلبث كردّ فعل على خفض عدد السعرات الحرارية أن يخفض معدل الاحتراق Basal Metabolic Rate ولهذا السبب يعود الشخص فيشهد ارتفاعاً في وزنه رغم محافظته على الريجيم، لذلك فإن السر الأهم لخفضالوزن والحفاظ على وزن منخفض يكمن حسب فانغ في الصيام، فالصيام يخفض معدل الأنسولين في الجسم ويمنع بالتالي خفض معدل التمثل الغذائي. ويستند فانغ إلى خاصية الصيام هذه لاستخدامه إلى جانب نظام الحمية عن السكريات كمنهج أساسي لخفض الوزن وعلاج السكري.


أسلوب عيش مشوّه
يربط أطباء العلاج الغذائي للسكري بين الانتشار الهائل للمرض وبين النمو الهائل في استهلاك السكريات في المجتمع الأميركي والذي انتشر منه إلى بقية دول العالم نتيجة التكاثر غير المحدود للمنتجات الضارة مثل الوجبات السريعة والأطعمة المصنّعة والمعلبة والسكاكر ومنتجات الحبوب المحلاة والمشروبات الغازية والكحول والتي حلّت محل الأغذية الطبيعية والصحية للأجيال السابقة والتي كانت أقل احتواء بكثير على السكريات، كما يربطون بين انتشار مرض البدانة المفرطة والسكري وغيرهما من الأمراض المعاصرة وبين تخلي الناس عن النظام السابق للوجبات الثلاث دون أي طعام بينها إلى نظام لا يتوقف الناس فيه عن تناول الطعام والأطعمة المسلية أو السريعة Snacks في كل مكان وفي كل وقت. ونتيجة هذا النظام المشوّه الذي تغذيه مصالح الشركات أصبح ثلثا عدد السكان في العالم الغربي يشكون من الوزن الزائد وثلثهم يشكون من البدانة والبدانة المفرطة ومن مرض السكري ويتوقع أن تبلغ نسبة البدانة في الولايات المتحدة نحو 80% من مجمل السكان بحلول العام 2030، ويتوقع خبراء أن تؤدي الأكلاف السنوية لمعالجة حالات السكري والأمراض الثانوية الناتجة عنه إلى إفلاس نظام الضمان الصحي الأميركي بحلول العام 2020.
ولا يشدد العالم الغربي، رغم تقدمه العلمي، على فوائد الصيام ولا يوجد في بلدان الغرب بالتالي دليل مرجعي واحد يساعد الشخص عليه، علماً أن الصيام ليس مجرد الامتناع عن الطعام، بل نظام غذاء متكامل له قواعده، لكن تلك القواعد والخبرات التي حملها السابقون وكانت تنتقل من جيل إلى جيل ضاعت اليوم وسط مجتمع الاستهلاك والتلذذ بالطعام وأنواعه. وفي مقابل التكلفة الباهظة للأدوية والأطباء وما يلحق ذلك، فإن الصيام علاج مجاني لا يكلف المريض قرشاً واحداً وهو حتماً أكثر فعالية من الأدوية ولا يتسبب بأي أعراض جانبية كما هي الحال مع جميع العقاقير الكيميائية.
يقول فانغ: يتم حثّ الناس على الأكل في كل وقت، لأن ذلك مفيد للاقتصاد وللشركات، أما الصيام فلا أحد له مصلحة فيه لأنه لا ينتج أرباحاً، لذلك يتجاهلون أهميته الطبية الكبيرة. ويضيف أن الحكومات المعاصرة يمكنها توفير ألوف مليارات الدولارات التي تنفقها على علاج السكري ومضاعفاته والعديد من الأمراض الأخرى في ما لو نصحت بالصيام وأدخلت أنظمة توعية تدرب الناس على خفض الوزن وعلاج السكري بالطرق الغذائية وخصوصاً عن طريق الصيام والحمية الصارمة عن السكريات وعلى العكس من ذلك فإنهم في الغرب ينشرون خرافات وأساطير حول الصوم وعن أثره على ضمور العضلات والطاقة الجسدية أو الفكرية، وهي نظريات تضعها شركات الغذاء لأنها لا تريد لتقليد الصيام أن ينتشر، علماً أن جميع الأديان العريقة مثل الإسلام والمسيحية والبوذية والهندوسية وغيرها فرضت الصيام لمدد متفاوتة بسبب إدراك أصحاب الرسالات السماوية وحكماء الأزمنة القديمة لأهمية الصيام في التوازن الصحي.


خلاصة
على سبيل الاستنتاج، نذكر بأن الطب الغذائي الحديث أثبت أن مرض السكري ليس مرضاً مزمناً ولا يحتاج لمعالجته بالأدوية مدى الحياة، بل هو خلل هرموني ناجم عن نظام فاسد في الغذاء وعن إسراف مزمن، لهذا فإن معالجة السكري ممكنة جداً من خلال تبديل جذري في النظام الغذائي تم عرض خطوطه العريضة في هذا المقال.. إن على مريض السكري أن يرفض مقولة بأن مرضه مزمن ولا أمل بالشفاء منه، بل هو مرض قابل للشفاء التام من خلال نظام الحمية عن السكريات والصيام المنتظم. ومن أجل مساعدة القراء الذين يحتاجون إلى المزيد من المعلومات نورد في نهاية هذا المقال سلسلة من المراجع والمواقع الشبكية الطبية الموثوقة التي يمكنهم زيارتها والاطلاع على مادتها وبعض هذه المواقع مثل موقع الدكتور فانغ يمكن التواصل معه والتسجيل لديه للحصول على برنامج علاجي مراقب ومتابع منه شخصياً.
1. https://intensivedietarymanagement.com
2. http://www.drperlmutter.com
3. http://www.mercola.com
4. http://drleonardcoldwell.com
5. http://www.ketogenic-diet-resource.com
6. https://usf.academia.edu/DominicDAgostino/Papers