السبت, شباط 22, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

السبت, شباط 22, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

في بساتين الضحى

في بستان «الضحى»

إخترنا لغلاف هذا العدد موضوعاً غير مسبوق أعطيناه عنوان: “فيزياء الكوانتوم تجد الله” وهو كما لن يخفى على القارئ عنوان مجازي المقصود به هو أن فيزياء الكوانتوم وجدت الأدّلة التي تشير إلى دور الله- الوعي المطلق في كينونة الوجود ولا يعني أن فيزياء الكوانتوم أو أن العلم “أثبت” وجود الله حاشاه تعالى وهو الخلّاق العظيم أن يقع تحت علم مخلوق وهو الذي يصف نفسه بصورة قاطعة بأنه يتعدى العقل مهما عظمت علومه ومهما تطورت وسائله }لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ{ (الأنعام:103) }لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ{ (الشورى: 11).

دخل علماء الفيزياء عالم الوجود ما دون الذرّي محاولين استكشاف غياهب الكون في أدق مكوناته، وقد كان ظنهم أنهم سيجدون عالماً يمكنهم مراقبته أو قياسه وفق ما يحدث في عالم فيزياء الأشياء، لكنهم وجدوا عالماً آخر أدهشهم وقدّم لهم الدليل على أنهم كلما غاصوا بوسائل قياسهم المتطورة في غياهب الوجود كلما تلاشت المادة أمامهم وتلاشت معها قدرة الإنسان على معرفة المزيد. وفي هذه الإستحالة ما يذكِّر بطلب فرعون من وزيره هامان أن يبني له برجاً يعتليه ليتأكد بعينيه إذا كان رب موسى موجوداً }اجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ {(القصص: 38) لقد كان فرعون مثل ماديي هذا العصر يعتقد أنه لو كان إله موسى موجوداً فعلاً فإنه يجب أن يكون ممكناً له أن يراه إن اعتلى برجاً عالياً، وقد أنكر الماديون والمبشرون بالإلحاد وجود الله تعالى بظنٍّ سخيف يشبه ظنّ فرعون عندما قالوا إنه لو كان الله موجوداً فإنه يجب أن يكون إثبات ذلك ممكناً بالوسائل الحسية!

من رحمة الله بقوم موسى أن أرسله إليهم بالمعجزات المُبيِّنة لكي يصدقوا رسالته ويأخذوا صراطه المستقيم، ومن رحمته أيضاً بأهل هذا الزمان الذين اغترّوا بعلمهم وبما سخره الله لهم من وسائل وأسباب، أن قاد علماءهم إلى طريق يطلون منه على عظمة الملكوت لعلهم يرجعون إلى الناس فيخرجون من له نصيب من ظلمات الفلسفة المادية للوجود إلى حقيقة الخالق العظيم فيخشعون لعظمته ويعترفون بفضله. لكن فيزياء الكوانتوم لن يمكنها أن تصلح ما أفسد الدهر، وقد بات العالم اليوم أسير وثنية من نوع جديد ولا أمل بتجاوز هذا التقهقر الروحي والأخلاقي إلا بمعجزة عظمى أي بأن يقضي الله تعالى أمراً كان مقضياً.

توقفنا قليلاً عند موضوع الغلاف ربما على سبيل المزيد من التأمل مع القارئ في أبعاده لكن واقع الأمر أن هذا العدد زاخر بمحطات كثيرة سيجد القارئ متعة في التوقف عند كلٍّ منها، والجائل في مواضيع “الضحى” مثل الجائل في بستان حافل بشتى صنوف الأزهار والثمار الطيبة، ومن توفيق الله أن جعل قلوب المزيد من الكتاب والمفكرين تميل إليها وتحرص على المساهمة فيها.

سعادة السفير الصديق حسان أبو عكر صاحب التجربة الغنية في اليمن كانت له مساهمة ثمينة في عدد سابق عندما سلط الضوء على الحياة الحافلة في ذلك البلد العريق لموظف عثماني كبير هو يوسف بك حسن في مرحلة ترنح وبدء انهيار السلطنة، وهو اليوم يضيء على شخصية معروفية، هي المرحوم نجيب أبو عز الدين، لعبت أدواراً في اليمن الشمالي كما في السلطنات الجنوبية التي كانت تحت الحماية البريطانية. أما الدكتور حسن البعيني فيتابع إسهاماته الغنية في توثيق تاريخ الدروز والجبل ولبنان عبر البحث الموضوعي والتنقيب في المصادر. وفي هذا العدد إضاءة على سيرة كاتم أسرار الأمير حسن الأطرش سليمان أبو علي حسن ووقفة أمام شخصية معروفية فذة من جبل العرب هي المرحوم سلامة عبيد، كما نعود إلى موضوع التصوف مع مقال عن رمزية المرآة في كتاب فريد الدين العطار الشهير: منطق الطير. أوردنا أيضاً موضوعاً مفيداً عن الدور السيّئ للإستشراق في التمهيد لحركة الاستعمار. ومن المواضع الشيقة والطريفة مساهمة الكاتب الدكتور أديب خطّار عن المسبحة في التاريخ وارتباطها خصوصاً بتقليد الذكر الصوفي والحياة الخشنة للصوفيين. في باب الصحة أوردنا موضوعاً بالغ الأهمية عن مرض السكري يبيّن بالاستناد إلى أحدث أبحاث وتجارب الطب الغذائي أنه قابل للشفاء التام عبر مزيج من الحمية الصارمة عن السكريات والصيام المنتظم.

نترككم أيها القرّاء الأعزاء مع هذا العدد الثري من “الضحى” في الوقت الذي نستعدّ لتسليم أمانة هذه المجلة إلى من يتابع مسيرتها آملين أن تبقى “الضحى” ضالة كل باحث عن الحقيقة وكل مستزيد من الثقافة والعلم .

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي