الإثنين, كانون الثاني 6, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الإثنين, كانون الثاني 6, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

الحِوار عندَ المُوَحِّدين الدروز

المُقدَّمة

حين يَعتبر بابا رومه الأسبق القديس يوحنا بولس الثاني سنة 1997 أنّ لبنان «رسالة سلام للعالم»، وعندما يصفه الرئيس الإيراني محمّد خاتمي سنة 2003 أنه «أرض الحرية والحوار»، تشعر كلبناني بمسؤولية عميقة نحو مفهوم الحوار، ودوره في تكريس الحرية والسلام، وليس فقط على صعيده الداخلي، بل كأنموذج يُحتذى به في العالم.

إنّ المؤسسات العاملة في مجال الحوار في لبنان متنوعة، والشخصيات التي تعاطت الحوار أيضاً متعدّدة. ولكنّ اختيار شخصية الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، أتى كأنموذج لبناني للحوار، من طائفة الموحّدين الدروز، وذلك للتركيز بعمق على دوره في هذا المجال، وخاصة في الحوار الديني بين المذاهب والطوائف اللبنانية، بهدف الاستفادة من مفاعيله الإيجابية، على صعيد الامتثال بصفات هذه الشخصية ومسلكها في ممارسة هذا المفهوم.

المبادئ الأساسية للشخصية لتحديد سقف الحوار وأهدافه

وُلد الشيخ د. سامي أبي المنى سنة 1957، في قرية شانيه من قضاء عاليه في محافظة جبل لبنان، في عائلة تعود بجذورها إلى التنوخيين؛ عائلة ملتزمة مذهبيّاً، ورثت من أحد الأجداد (الشيخ أبو حسين شبلي أبي المنى، ت 1272 ه)، وهو شيخ تقوى، المنزلَ والرسالة. لم يمنع التزام العائلة المذهبي الشيخ الفتى وأخاه من إتمام دراستهما في المدرسة الداوودية في عبيه ومن ثم في ثانوية بعقلين الرسمية في المرحلة الثانوية، ليكونا من أول مجموعة من الشباب المشايخ الذين يلتحقون بصرحها.

بدأ التدريس في مؤسسة العرفان التوحيدية، مساهماً بإدخال ثقافة المواطنة إلى برامجها، وكذلك «التربية التوحيدية» التي جعلت شعارها «تهذيب أخلاق الناشئة وصقل حسّها الإنساني»، مركّزةَ على القيم المشتركة بين جميع الأديان، ومنها التقوى وتوحيد الخالق وتعداد مكارم الأخلاق من كرم وشجاعة وصدق… مستشهدة بذلك بآيات قرآنية وأقوالٍ إنجيلية وعِبر من سير الأنبياء والصالحين.

انطلاقاً من صفات مسلك التوحيد «كمسلك ارتقاء ومسافرة في عالم المعرفة لبلوغ الحكمة»، عمل الشيخ على معرفة ذاته أولاً، ومسلكه التوحيدي تالياً، قبل الولوج في عملية معرفة الآخر من خلال الحوار.

معرفة الذات أصبحت لديه ثقافة ذات «سلوك ومسلك». رسم مسلكه التوحيدي من خلال ما تعلّمه من فكر إخوانه «الشيوخ الموحدين وتجاربهم»، ليحيا التزامه الروحي «مقتنعاً بأن العمل يجب أن يكون مجرّداً وهادفاً إلى إيصال الحقيقة وتقديم المعرفة الأمينة»، وعندما أنارت المعرفة طريقه، اختار تسطير كتابه «المظاهر الثقافية عند الموحدين الدروز الخصوصية والاندماج». وضع القاضي الشيخ محمّد النُّقَّري هذا الكتاب في «قائمة المراجع الأساسية التي ستفتح لأبناء المذاهب الإسلامية ولأتباع الديانات الأخرى آفاق المعرفة الصادقة والأمينة لطائفة الموحدين الدروز». أثار هذا المؤلَّف د. نايلا طبَّارة التي اعتبرت أن «هذا الكتاب يدعو إلى الحوار على قاعدة التوازن بين الخصوصية والاندماج من خلال الحفاظ لكل طرف على حقّه بمساحته الخاصة حين يذهب بموازاة ذلك إلى المساحة العامة بصدق النيَّة وبإيمان بأهمية الشراكة والأخوّة في الوطن» مطالبة «اعتبار هذا الكتاب جزءاً من الإرث الثقافي اللبناني المشترك والجامع ليس فقط لإكمال المعرفة بطائفة الموحدين الدروز بل بالهوية اللبنانية الجامعة».

أصرّ الشيخ د. سامي على معرفة الآخر والحوار معه، فكان كتابه «الحوار الإسلامي المسيحي في لبنان: رؤية الموحدين الدروز» خير معبِّرٍ عن ذلك، وقد قال فيه د.سليم دكاش «جعل من معرفة الذات من الوجهة السقراطية سبيلاً لمعرفة الآخر واحترامه لأن الصدق مع الذات يقود حكماً للصدق مع الآخر». أمّا د. أحمد حطيط فاعتبر أن الشيخ تصدّى في كتابه «لمسائل شائكة، قضّت مضاجع الحوار، فدرس ماهية هذه المسائل وعلّل أسبابها، متوقفاً عند ظروفها التاريخية وخلفياتها السياسية الداخلية والخارجية، وقارب حقائقها». أكّد د. عباس الحلبي، وهو أحد أركان الحوار الإسلامي المسيحي وأوّل من سلك هذا الطريق بجدارة، أن الكاتب كان جريئاً حين ذكر «الفتن الطائفية كمحطات مأساوية موضحاً أن لبنان لا يقوم ولا ينهض إلّا بوحدة أبنائه وبنسج علاقات راقية قائمة على الود واحترام الآخر»، ليفيد د. سهيل مطر أن الشيخ يكمل بذلك «مسيرة المصالحة بتنقية الذاكرة وبدونها تبقى حزازات الصدور كما هي»، حين عمل على إزالة المفاهيم الخاطئة عن الموحدين الدروز، وأبرز هويتهم الحوارية، وبيّن خياراتهم حول الدولة والوطن والسلام وقضية العيش المشترك والمواطنة.

ورث الشيخ موهبة الشعر عن والده، ولُقّب بـ «شاعر الجبل وخطيب الموحّدين». استغل الشيخ هذه الموهبة في تثمير منهج الحوار، والانفتاح على الآخر وقبوله، مسمياً إياه بـ «الأخ» في كل قصائده، مظهراً القيم الأرقى في الديانتين الإسلامية والمسيحية، ناشداً السلام، نابذاً التخوين والتعصّب، معتزّاً بهويته اللبنانية وبتاريخها العريق.

لم يقتصر النشاط الحواري للشيخ سامي على صعيد لبنان، بل تعداه إلى المحيط العربي والإسلامي، حين وُجّهت له دعوة شخصية لحضور مؤتمر تحت عنوان «الحرية والمواطنة،…التنوع والتكامل» بتاريخ 28 شباط والأوّل من آذار سنة 2017، في الأزهر الشريف في القاهرة بدعوة من مجلس حكماء المسلمين، إلى جانب 55 شخصية لبنانية من بين 200 شخصية عالمية تمّت دعوتها إلى هذا المؤتمر.

السعي إلى المعرفة من خلال كليّة العلوم الدينية في جامعة القديس يوسف

تابع الشيخ د. سامي دراسته الجامعية في الجامعة اللبنانية؛ الإجازة والدراسات العليا في اللغة العربية وآدابها، خلال فترة حرب لبنان، وبعد انتهاء تلك «الحرب المشؤومة»، وانسجاماً مع شخصيته الداعية إلى «الحوار والمصالحة»، وسعياً إلى «العلم كهدف دائم الذي لا تحدّه حدود»، وجد غايته أي «التقريب بين المسلمين والمسيحيين» في جامعة القديس يوسف وتحديداً في كلية العلوم الدينية – معهد الدراسات الإسلامية المسيحية، ليتخرج منها بشهادة دكتوراة في العلاقات الإسلامية-المسيحية، انسجاماً مع «سمات حقيقة الجبل ورسالته» مندفعاً بفرح «في مجالات الحوار والعلاقات والمصالحة مع أخيه الذي تصادم معه»، ليكون المتخرج الأول من طائفة الموحدين الدروز من هذه الكلية، مشجعاً وداعماً للعديد من إخوانه الموحدين لمتابعة هذا الاختصاص.
كتب في نشرة «في رحاب الحوار» في الجامعة ما يؤكد سعيه إلى معرفة الذات والتعريف عنها في سبيل الانطلاق إلى معرفة الآخر والحوار معه، وشارك في صياغة مقالات نُشرت في سلسلة «دراسات ووثائق إسلامية مسيحية»، ومنها على سبيل المثال، في النشرة الصادرة تحت عنوان «وجوه حوارية إشكالية ورواد كبار وتوقعات مقارنة».

قرّر «مكتب اليونسكو الإقليمي- بيروت» سنة 2008، بالتعاون مع «كرسي اليونسكو للدراسات المقارنة وللحوار بين الأديان، جامعة القديس يوسف- بيروت»، إصدار كتاب «المظاهر الثقافية في الديانتين المسيحية والإسلامية». أشرفت على إعداد هذا الكتاب لجنة استشارية ضمّت الشيخ د. سامي أبي المنى الذي شارك ايضاً بالكتابة والصياغة.

دور الشخصية في الحوار من خلال مؤسسة العرفان التوحيدية

شكّلت مؤسسة العرفان التوحيدية، بصفتها المؤسسة التربوية الأولى عند الموحدين الدروز ذات الطابع الديني، والتي كما ذكرنا أن الشيخ سامي انتسب إلى عائلتها التربوية، نقطة الوصل له مع المؤسسات التربوية الأخرى، والتي فتحت له باب التعارف معها. إنّ تجربة الحرب الأهلية (1975-1989) دفعت الموحّدين الدروز إلى تبنّي فكرة الحوار، وحمّلت المؤسسة التربوية المسؤولية بمساعدة هذا التوجه العام، فكان التكامل بين شخصية الشيخ سامي والمؤسسة.

ساهم، بصفته الأمين العام لهذه المؤسسة، بتشجيع طلاب العرفان على المشاركة في نشاطات طلابية، تلاقي فكرتي الحوار والعيش المشترك، في حرم المؤسسة أو تلبية لدعوات من مؤسسات تربوية أخرى، تتبع إلى مرجعيات دينية مختلفة. وشارك الشيخ سامي، بمختلف النشاطات التي رعتها مؤسسة أديان وجمعية تصالح، عبر طلاب العرفان، تثميراً لفكرة معرفة الآخر والحوار معه لترسيخ العيش المشترك.

دور الشخصية في الحوار من خلال المجلس المذهبي للموحدين الدروز

ترأس الشيخ د. سامي أبي المنى اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي للموحدين الدروز، لثلاث دورات انتخابية. عملت هذه اللجنة على إقامة النشاطات الثقافية وساهم الشيخ سامي كرئيس لها في قِمم ولقاءات روحية، كما قامت اللجنة بتحضير لقاءات حول مواضيع حوارية متنوعة.

كلّ ذلك ساهم ببروز شخصيات عدة من الموحدين الدروز تتابع عمليات الحوار إلى جانبه. وبما أنّ «الثقافة أوسع من الدين»، عمل الشيخ على تكريم أوجه ثقافية متعددة، ساهمت في نقل المعرفة، وتوسيع ميدان الثقافة.

السعي إلى تحقيق الحوار من خلال مؤسسة أديان

بدأت علاقة الشيخ د. سامي أبي المنى مع مؤسسة أديان، من خلال تمثيله لمؤسسة العرفان التوحيدية خلال المشاركة بأنشطتها المتنوعة، والتي تنطلق من مفاهيم حوارية، ليصبح عضو شرف فيها، وأتت مشاركته في العديد من نشاطاتها، ومنها؛ مشاركته كممثل لمؤسسة العرفان التوحيدية في وثائقي «عكس السير» سنة 2011، ومواكبته مشروع «التربية على المواطنة الحاضنة للتنوع الديني»، بمراحله المتعددة.

أثمرت الشراكة بين مؤسسة أديان، ومنتدى ويلتون بارك البريطاني للحوار الاستراتيجي، ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، ومقرّه في الإمارات العربية المتحدة، «انطلاق سلسلة مؤتمرات تهدف إلى الحوار بين القيادات الدينية والسياسية، حول المواطنة الحاضنة للتنوع، وكيفية تأصيل هذا المفهوم دينياً وتطبيقه عملياً، خاصة في الدول العربية». انعقد المؤتمر الأول في أبو ظبي من 12 إلى 14 تشرين الثاني/ نوفمبر2018، باجتماع 50 شخصاً من القيادات الدينية وصانعي السياسات، من 18 مؤسسة إقليمية ودولية و11 بلداً مختلفاً، ومن بينهم الشيخ سامي، ليتمّ استكمال الحوار في مؤتمرات متتالية، بهدف التوصل إلى إطلاق «الشرعة العربية للمواطنة الحاضنة للتنوع»، والمتوقع التوقيع عليها في صيغتها النهائية سنة 2021.

بعد توقيع قداسة البابا فرنسيس- بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الدكتور أحمد الطيب – الإمام الأكبر للأزهر الشريف، بتاريخ 4/2/2019، على وثيقة «الأخوّة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك» في عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة أبو ظبي، وتعزيزاً لهذه «الحركة الإنسانية الحوارية» في لبنان، عملت اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز بشخص رئيسها الشيخ د. سامي أبي المنى، بالاشتراك مع مؤسسة أديان، وبالتنسيق مع السفارتين البابوية والإمارتية، على تنظيم «ندوة حوارية» حول هذه الوثيقة في مكتبة بعقلين الوطنية بتاريخ 23/3/2019.

الدور في ترسيخ مصالحة الجبل

منذ العام 2007، تحتفل مؤسسة أديان بيوم التضامن الروحي «في السبت الأخير من تشرين الأول/أكتوبر من كل سنة»، بلقاء شعبي بين الأديان للاحتفاء بالقيم المشتركة فيما بينها. من بين هذه اللقاءات، تبنّى الشيخ سامي إقامة لقائين لـ«أديان» بإشرافه، أولهما جرى سنة 2012 في قرية عبيه، إحدى قرى العودة في قضاء عاليه، الذي حضر في جزء منه سماحة شيخ العقل الشيخ نعيم حسن مستقبِلاً، في ما شارك الشيخ سامي في هذا اللقاء حضوراً وتحضيراً له، بصفته رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز، والثاني في قرية بريح الشوفية سنة 2016، حيث تمّ في نهاية الاحتفال تسمية الشيخ سامي عضو شرف في مؤسسة أديان تحت لقب «شاعر التضامن الروحي» لشهادته المميزة في «خدمة التنوع الديني الذي يبني الوحدة».

شارك الشيخ سامي في متابعة مصالحة الجبل في قلب المجتمع بالتعاون مع جمعيات أهلية وشبابية، من خلال مشاركته في المؤتمرات التمهيدية الأولى في بيت الدين ودير القمر، ومن خلال دعوة «لقاء أبناء الجبل» في عبيه سنة 2017، حين أُطلق على هذا اللقاء لقب «العامية» الذي انعقد تحت شعار «سوا ما منترك جبلنا…»، بمشاركة جمع من أبناء الجبل مسيحيين وموحّدين في دار مقام الأمير السيد جمال الدين عبد الله التنوخي في عبيه، والذي انبثق عنه وثيقة تضامن تاريخية لأبناء عبيه والجوار. بدعوة من لقاء أبناء الجبل أيضاً، وبمشاركة الشيخ سامي، تمّ عقد ندوة في جامعة سيدة اللويزة (NDU) تحت عنوان «دور المدرسة والجامعة في ترسيخ العيش المشترك»، وندوة أخرى في الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم (MUBS) في عاليه بتاريخ 5/8/2018 بعنوان «مصالحة الجبل في قلب المجتمع».

المساهمة في تأسيس كلية العلوم التوحيدية ودورها في عملية الحوار

باحتاج الموحدون الدروز إلى مؤسسة جامعية تنظّم تلقي العلوم التوحيدية لديهم، وقد كان ذلك حلماً قديماً لكمال جنبلاط كان يراه على مثال «دار الحكمة» القائم في القاهرة في زمن الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله. عمل الشيخ سامي مع القيّمين في العرفان على تنظيم مخطط تربوي لكلية جامعية بالتعاون مع الدكتور سامي مكارم والشيخ غسان الحلبي، لكنه بقي بين طيات الورق حتى نقله الشيخ سامي كعضو مجلس إدارة في المجلس المذهبي إلى مشيخة عقل الطائفة، التي تبنته في ما بعد وتابعت اللجنة الدينية تفاصيله، بتوجيه من سماحة شيخ العقل، مع الإدارات الرسمية حتى تأسيس «كلية الأمير السيد عبد الله التنوخي الجامعية للعلوم التوحيدية» سنة 2018. ينتسب إلى هذه الكلية طلاب موحدّون يسعون؛ إلى معرفة الذات من خلال اكتساب المعرفة ونقلها كأساتذة فيما بعد إلى تلاميذ المدارس التي تحتاجهم، وإلى معرفة الآخر وحمل راية الحوار حين اللقاء معه، مزوّدين بعلوم دينية وتاريخية واجتماعية وثقافية متنوعة.

الحوار مع الآخر من خلال علاقته بالجنس الآخر
د. نايلة طبّارة

تميّزت شخصية الشيخ سامي، بالتوازن بين موجبات الالتزام الديني الذي يحمله، ومتطلبات الحياة المهنية والاجتماعية التي يمارسها. لم يمنع هذا الالتزام الشيخ المتديّن من التعاطي مع السيدات باحترام ووقار ونِدِّيَّة تحكمها معايير العلم والمعرفة. تراه يشارك في نشاطات ثقافية لتقييم أعمال سيدات ارتقين في المجال الأدبي، أو داعياً لأساتذته ومن بينهم النساء لنقد كتابٍ أنتجه. لم يتجنب يوماً الجلوس على منبر واحد مع سيدات يقدّمن حفلاً ثقافياً، أو يناقشن عملاً تربوياً، ولكن وفق ما تفرضه عليه ظروف وضعه الديني. تراه يشجع مدرّسات مؤسسة العرفان التوحيدية على إكمال تحصيلهنّ العلمي، ويكرمهنّ في المؤسسة حين ينلن أرقى الشهادات. تجده ينصح ويوجه ويرشد سيدات طلبن المشورة في أمور استعصت عليهنّ، دون تمييز لهنّ عن الرجال.

الخاتمـة

إنّ مسلك الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، في موضوع الحوار، جعلني أصيغ الخاتمة بما أفاد عنه عارفوه، حين تقول د. نايلة طبَّارة إنّ «الشيخ د. سامي لعب دورًا أساسيا ومِحْوَريا في الحوار، إذ كان أهم من أطلق الحوار من جانب الموحّدين الدروز مع الفئات كافة. فكان بشخصه الواضح وقيمه الثابتة ودقّته في الحوار والمفاهيم، ما ساعد إلى اطمئنان جميع الأفرقاء، مسلمين ومسيحيين من كافة الطوائف إليه. كما أن منهجيته التي تقول بوضوح ما يمكن مشاركته عن تاريخ وقيم وإيمان الموحّدين الدروز وما لا يمكن مشاركته، أيضًا ساهمت في ارتياح الجميع إليه وإلى الطائفة من خلاله. فعمل الشيخ على توضيح وإظهار صورة الموحدين الدروز، المبهمة عند الكثير من المسلمين والمسيحيين، وكان من رجال الدين الموحّدين الذي أكدوا أن الطائفة هي بالفعل مذهبٌ من مذاهب الإسلام. أراحت هذه الخطوة التعامل بين الجميع وأسهمت في تقارب إسلامي – إسلامي كما إسلامي- مسيحي من جهة الموحدين الدروز».
كما اعتبر د. أنطوان مسرَّة، أن ما يميز الشيخ د. سامي أبي المنى، هو ارتقاؤه في الحوار، لأن الحوار لديه هو «حوار إيماني أي يرتقي إلى ما فوق العقائد»، استناداً إلى مقولة إن «كل ما يرتقي يلتقي». كما التميُّز لديه في غَوْصِه في الجوانب الثقافية من خلال فكره وسلوكه، كما أنك في الحوار ترتاح إليه لأنه «لبناني أصيل، عربي أصيل، مؤمن أصيل، ومتجذِّر في التراث الوطني اللبناني».


المراجع:

  1. هذا البحث هو ملخص لدراسة أكاديمية نُشرت في مجلة «تحولات مشرقية» تحت عنوان «من رحاب الحوار إلى فلك الدولة»، في عددها الصادر في كانون الثاني 2021، بعدد من الصفحات بلغ 29 صفحة، تضمّ المصادر والمراجع التي استندت إليها الدراسة.
  2. أستاذة محاضرة في الجامعة اللبنانية.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي