السبت, شباط 22, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

السبت, شباط 22, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

الشّاعرُ الحداثيّ نعيم تلحوق

آثَرَت “الضّحى” دوماً في القسم الثقافي والأدبي، أن تُفرِدَ مكاناً بارزاً لشعراء وأدباء بلغوا مرتبة عالية في فنونهم وإبداعاتهم، ولا سيّما من تجاوز منهم النّطاق اللبنانيّ إلى آفاقٍ إقليميّة ودولية، كالشاعر الحداثي الطليعي نعيم تلحوق. فمن هو هذا المُبدع؟ وعلى ما انطوى شعرُه؟ وبما تميّز أدبُه؟

منذ البدايات، أواسط الثمانينيّات ظهر نعيم تلحوق شاعراً مُختلفاً عمّا كان مألوفاً حينها، ثائراً في فكره المتوثِّب على كلِّ التراكيب الاجتماعية التي كان يرى ضرورة تغييرها (قيامة العدم).

وما لبثت الصورة الشعريّة الجديدة أن تبلورت لديه، واستقرّت أخيراً زاهيةً حرّة، سحابة نيِّفٍ وثلاثين عاماً مع مؤلّفاته الشعرية العشرة: قيامة العدم – 1986، هي القصيدة الأخيرة – 1990، لكن ليس الآن – 1992، وطن الرَّماد – 1994، هو الأخير – 1999، أظنُّه وحدي – 2001، يغنِّي بوحاً – 2005- 2013، فرس الكتاب – 2015، وغيرها.

ليست صياغات نعيم تلحوق الشعريَّة بأسلوبيَّته الجامحة خيالاً وفكراً، سهلة المأخذ، فهو اختطَّ لنفسه، تبليغيةً معيَّنة لا تشبه في مزاوجة المفردات غيره من الشعراء في قطفه المعاني والرُّؤى المُراد إيصالُها إلى عقل وقلب القارئ، فتتمّ الغاية منها تلقائياً وطازجةً، فيفوز الشّعرُ كما الأدبُ بالصور البيانية الفريدة، وهذه في ميزان الفنون الإبداعية، يقيّدها النقّاد لصالح العمل وصاحبه. ونعيم تلحوق صاحب خيال واسع يعينه على البراعة في قنص الأفكار والمعاني التي تحفل بها مؤلَّفاته… نعيم تلحوق الذي وصلت كتبُهُ إلى العالميّة، صاحبُ سيرةٍ عمليّة ناجحة، بدأها من عَيْتات، قضاء عاليه – لبنان مسقط رأسِهِ. أتمَّ دراساته العليا في الجامعة اللبنانية – 1986 – 1987، رأَسَ دائرة الإنتاج الفكريِّ والأدبي في وزارة الثقافة اللبنانية وما زال.
ترأس تحرير مجلة شؤون ثقافيَّة الصادرة عن وزارة الثقافة اللبنانيّة – عُضو الهيئة الإدارية لاتِّحاد الكتاب اللبنانييِّن، وعضو اتّحاد الكتاب العرب، ترأَّسَ تحرير مجلَّة “فكر” اللبنانيّة، الفصليّة، عَشْرَ سنوات، كتب في الصحف اللبنانيّة والعربية ما يزيد على ربع قرن، له برنامج في إذاعة لبنان الرسميّة بعنوان: “أوراق ثقافيّة”.

كُتُبٌ صدَرت عنه:
  • نعيم تلحوق، دراسة في شعره – رجاء كامل شاهين، دار الينابيع، دمشق، 2006.
  • أنطولوجيا الشعر اللبناني، بالفرنسيّة – ناديا كريت – مكتبة بيسان.
  • ديوان الشعر اللبنانيّ المعاصر – حمزة عبود – دار الفارابي – 2008 – بيروت.
  • التّجربة الشعريَّة عند نعيم تلحوق، بين المُزاوجات الصوتيَّة والانتهاكات اللُّغوية – دراسة بحثية – عصام شرتح – إدلب.
  • أنطولوجيا الشعر العربي الألماني – فؤاد آل عواد – دار شاكر ميديا، أخن، ألمانيا – 2011.
  • تُرجمت، مجموعته الشعريّة السابعة – يُغنِّي بوحاً 2011. والتاسعة “شهوة القيامة” 2015 إلى الألمانية، د. سرجون كرم وسيباستيان هانية وجويل هولاند.
  • تُرجمت مجموعته – وطن الرَّماد إلى الفرنسية – 2008 – ناديا كريت.
  • صدر عنه كتاب بعنوان “سيزيف، لعبة الدائرة في شعر نعيم تلحوق للكاتبة ناديا كريت -2015.
  • كتاباته الأدبية والشعرية محور أبحاث ورسائل ماجستير ودكتوراه في الجامعة اللبنانيَّة.
أدب نعيم تلحوق وثقافته

إضافة إلى ما كَتَب هو وما كُتِبَ عنه، مِنْ كُتب، نلمسُ بالحديث معه، أمراً واضحاً، هو تمتُّعه بذاكرة قويَّة، ولَسَانَةٍ لافتة، وثقافة كبيرةٍ، وفكرٍ مُولِّد يتنقّل به في العصور قديمها وحديثها، مُطَّلعاً، هاضماً مُعظم الفلسفات الشرقيّة والغربيّة مُطَعِّماً كتاباته بها.

ولعلَّ ما كتبته ناديا كريت في مقدمة كتابها “سيزيف” لعبة الدائرة في شعر نعيم تلحوق، خير تأكيد على عمق تجربته الإنسانية وبما يتلاءم مع تحديد سترابونسكي، وهو ناقد غربي مشهور، أنَّ الدائرة هي الصورة الأكثر كمالاً بالنسبة للإنسان، لأنَّه ليس من شكل مُنجَز وتام أكثر منها، وهي أكثر الأشكال ديمومة، أمّا علاقة الدائرة في نتاج تلحوق الشِّعري، فهي تحتلُّ مكاناً أساسيّاً، بالغ الأهمية، حيث يُقسم شعره إلى مجموعتين دائريتين، كلٌّ منها تتضمَّن خمسة دواوين. فمن خلال مطالعاته الصوفيَّة عرف تلحوق معنى الدائرة عند ابن عربي، ومعنى النون، والنقطة في قلب الدائرة، وعرف أنَّ للأحرف الشمسيّة في النقاط مكاناً كرويّاً أو دائريّاً، ويتطوّر النّص والتحليل المعرفيَّين لديه، إلى أن نصل إلى نعيم تلحوق الأزيتريكي، وذلك بمعرفة النواحي الخفيّة اللّامنظورة في معناها اللّامحدود. هل حقّاً أنَّ التجربة الإنسانية التي رسمها نعيم تلحوق في دواوينه العشرة كانت من فيض المعاني العاصفة في ذاكرته. وهل لم يتغير نعيم تلحوق، لا بنظرته ولا بتوْقِه إلَّا نحو المزيد من التوحُّد وحِدَّةِ البهاء.

في ختام ما نصف به شعر نعيم تلحوق ما قاله الأديب محمّد زينو شومان: كلَّما تأمَّلْتَ عمارته الشعرية الشاهقة، ازددت يقيناً على يقين، بمهارة البناء، وروعة مشروعه الهندسي الضَّخم.

ولعلَّ مَن شاء أن يتبيَّن خصائص هذا المشروع يكتشف سرَّ العدد فيه وتحديداً العدد خمسة. هذا إذن هو الشاعر الفيتاغوري نعيم تلحوق وسرّ ثقافته الشعريَّة والأدبيَّة.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي