الكولسترول صديق الصحة!؟
أكبر مرجع صحي في الولايات المتحدة يبدّل موقفاً عمره 40 عاماً:
لا علاقة بين الكولسترول وأمراض القلب
والمشكلة في السكريات وليست في الدهون
شهدت الأوساط الطبية قبل عامين ما يمكن اعتباره أكبر انقلاب علمي في تاريخ علم الغذاء وعلاقته بالصحة وما زالت أصداء ذلك الانقلاب تتردد في مختلف أنحاء العالم. حدث ذلك عندما أعلنت أكبر جهة أميركية معنية بوضع قواعد الغذاء للأميركيين بأنها “لن تطلب بعد الآن خفض معدل كولسترول الدمّ أو اتباع نظام غذائي قليل الدهون”، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنه “لا توجد علاقة سببية بين الكولسترول وبين صحة القلب”. لقد جاء ذلك الإعلان بمثابة تحول 180 درجة عن مواقف سابقة لتلك الهيئات كانت تعتقد بالعكس وبأهمية العمل على خفض كولسترول الدم من خلال الأدوية المصممة لذلك ولاسيما الدواء المعروف
بـ “ستاتِن”.
على العكس من ذلك، فإن الهيئة الأميركية نفسها أعلنت انها “لن تصدر بعد الآن توجيهات تعيِّن حداً أعلى لمعدل الكولسترول في الدم” والأهم من ذلك كان إقرارها بصراحة ولأول مرة “أن الأدلة المتوافرة لا تقدّم دليلاً ملموساً على وجود صلة بين الاستهلاك اليومي للكولسترول وبين معدل الكولسترول في الدم”، و”أن الإفراط في استهلاك الكولسترول ليس مسألة تستدعي القلق وأن النصائح الغذائية يجب أن تتركز على تحسين أنواع الدهون الغذائية وليس بالضرورة على خفض المعدل العام للدهون”، على العكس فإنه من الضروري حسب الهيئة “صرف المستهلكين عن الأغذية القليلة الدهون أو الخالية من الدهون لكن التي تحتوي على نسبة عالية من الحبوب المكررة والسكريات”.
لقد حسم الموقف الجديد للعلم وللسلطات الأميركية نقطتين مهمتين أثرتا طويلاً على موقف السلطات الطبية من الكولسترول وهما:
• إن الكولسترول الغذائي (أي الناتج عن تناول الدهون المشبعة مثل الزبد والدهون الحيوانية) لا يؤثر على مستوى كولسترول الدم.
• إن معدل كولسترول الدم لا علاقة سببية له بأمراض القلب
المشكلة مع ذلك هي أنه وعلى الرغم من هذا التبدّل الجذري في موقف الحكومة الأميركية من الكولسترول فإن العديد من الأطباء لم تصلهم “الرسالة” أو ربما وجدوا صعوبة في إنكار ما كانوا يقولونه لمرضاهم حول “خطر” الكولسترول، وهؤلاء قد يستمرون على الأرجح في إقناع مرضاهم بتناول عقار “ستاتِن” الخافض لكولسترول الدم لأنهم اعتادوا على ذلك ولأن خفض الكولسترول تحول إلى “عقيدة طبية” منذ أكثر من ثلاثة عقود.
إن أكثر من ثلاثين أو أربعين سنة من السياسة الخاطئة والتوصيات الضارة بالصحة إذاً انتهت بتصريح بسيط من أعلى هيئة أميركية لتوجيه النظام الغذائي للأميركيين تقول فيه بين السطور: آسفون، لقد كنا على خطأ! لكن الملفت أنه بينما أعطت الحكومة الأميركية الإشارة لتبديل التوصيات الغذائية التي كانت تتهم الدهون دوماً بالتسبب بالكولسترول وتتهم الكولسترول بالتسبب بأمراض القلب والشرايين فإن هيمنة شركات الدواء وثقافة الخوف من الكولسترول ما زالت تروِّج لعقار “ستاتِن” الذي ثبت تسببه بأعراض جانبية ومخاطر تفوق مرات عدة أي ضرر قد ينجم عن ارتفاع معدل كولسترول الدم.
هذا التحول في توصيات الغذاء من أعلى هيئة صحية أميركية ستترتب عليه نتائج مهمة جداً على العالم لأنه سيبدّل بصورة جذرية المذاهب الغذائية السابقة وخصوصاً الموقف من الدهون المشبعة ومن السكريات وكذلك الموقف من الأدوية المصممة لخفض الكولسترول في الدم.
إن أحد أكبر النجاحات التسويقية لشركات الأدوية بني على ركيزتين أساسيتين:
1. تعميم الإفتراض الخاطئ بأن ارتفاع معدل الكولسترول ولو بنسبة بسيطة فوق المعدل (240 ملغ في الدسيليتر) يمكن أن يتسبب بأمراض القلب وربما بأزمة قلبية، مما يعني أن خفض معدل الكولسترول يحمي من أمراض القلب.
2. التعتيم شبه التام على المخاطر الكبيرة للجسم المقترنة بتناول أدوية خفض الكولسترول ولاسيما “ستاتِن” Statin والتي تمثل لائحة مخيفة من الأعراض الجانبية والتأثيرات المباشرة على الجسم والعضلات والكبد والدماغ والغدد التناسلية بل على القلب الذي يدعي مروجو “ستاتِن” أن الدواء مصمم لحمايته..


الكولسترول صديق للصحة وليس عدواً
هل الكولسترول عدو للصحة؟
للإجابة على هذا السؤال لا بدّ أولاً أن نعرف ما هو الكولسترول وما هي أهميته لوظائف الجسم الحيوية.
فما الذي يعمله الكولسترول لجسمنا ولصحتنا؟
1. الكولسترول هو غذاء أساسي للجسم بل لكل خلية من خلاياه ومن دونه لا يمكن لتلك الخلايا أن تنمو أو أن تعمل بصورة طبيعية، لأنه أساسي لبناء الغلاف الحامي لتلك الخلايا.
2. الكولسترول هو شبكة اتصالات الخلايا: إن جسم الإنسان مكون من تريليونات الخلايا التي تحتاج للتواصل في ما بينها وجزيئات الكولسترول توفّر “البيئة الموصلة” التي تسهل حصول هذا التفاعل.
3. الكولسترول هو المادة الأولية لبناء خلايا الدماغ وخلايا نظامنا العصبي، لهذا فإن دماغنا المعتمد إعتماداً كبيراً على الكولسترول يحتوي على 25% من مجموع الكولسترول الموجود في الجسم، وتحتاج خلايا الدماغ الكولسترول لتكوين العقد العصبية وشبكات الاتصال بين الخلايا العصبية، وهذا الترابط هو الذي يمكّننا من أن نفكر وأن نتعلم أشياء جديدة وأن نُكوِّن ذاكرة. وهناك الآن أدلة قوية على أن أدوية خفض الكولسترول تؤدي إلى إضعاف الخلايا الدماغية بحرمانها من مكونها الأساسي وأن هذه الأدوية قد تكون سبباً أو عاملاً مساهماً في مرض الألزهايمر، وقد جرى الربط أيضاً بين انخفاض مستوى الكولسترول في الدم وبين السلوك العنيف للأفراد نتيجة تأثير أدوية “ستاتِن” على التوازن الكيميائي في عمل الدماغ.
4. الكولسترول مهم لإنتاج الهورمونات الستيرويدية مثل الإستروجين والتستسترون والهرمونات الأدرينالية.
5. الكولسترول هو المرحلة السابقة لإنتاج عصارة المرارة ومن دون توافر كميات كافية منه فإن نظامنا الهضمي لن يعمل كما يجب.
6. الكولسترول أساسي لتحويل أشعة الشمس إلى فيتامين (د) D وهو من أهم الفيتامينات لتدعيم نظام المناعة وصحة العظام والأسنان والوقاية من السرطان، وذلك من خلال عنصر قريب جداً منه هو 7-dehydrocholesterol..
الدهون المشبعة
لقد ثبت أخيراً أن الزعم بأن الدهون المشبعة Saturated fats (مثل زيت جوز الهند أو الزبد أو الدهون الحيوانية) ترفع معدل الكولسترول في الدم غير صحيح، وهذا الزعم استند إلى دراسات مغلوطة أطلقها باحث أميركي يدعى أنسل كيز في خمسينيات القرن الماضي وتحولت بفعل تأثير مجموعات ضغط قوية مثل شركات الأدوية الكبرى وصناعة الزيوت النباتية والسكر إلى حقائق لا يمكن النقاش فيها، فبقيت الحقيقة حول الكولسترول مخفية كل تلك المدّة. لكن أرشيف الأبحاث العلمية في الولايات المتحدة وخارجها زاخر بالدراسات التي أثبتت عكس ذلك أي أنه لا علاقة بين تناول الدهون المشبعة وبين ارتفاع معدل الكولسترول في الدم، وهذه الحقيقة عاد أنسل كيز في آخر أيامه وقبل بها في تصريح شهير له سنة 1997 قال فيه: “لا توجد علاقة من أي نوع بين الكولسترول الموجود في الغذاء وبين الكولسترول في الدم، وهذا الأمر كنا نعلمه طيلة الوقت. إن الكولسترول في الطعام لا تأثير له ما لم تكن دجاجة أو أرنباً!”


75% من الكولسترول يصنع في الكبد
إن أحد أبرز الأمثلة على خطأ النظرة السابقة إلى العلاقة بين الدهون المشبعة والكولسترول هو أن 75% من الكولسترول في جسمنا يتم إفرازه في الكبد، وهذا يعني أنك وإن لم تتناول أي غذاء فيه كولسترول فإن جسدك سيكون محتوياً عليه بل أنه سيقوم بصنعه لأنه في حاجة إليه، ويعني ذلك أن 25% فقط من الكولسترول في جسمنا يأتي من مصادر الغذاء.
لكن الأمر المهم هنا هو أن الجسم يتولى من خلال الكبد تنظيم معدل الكولسترول في الدم، فعندما ننتج مزيداً من الكولسترول عن طريق تناول أغذية دهنية فإن الجسم (أي الكبد) يقلل نسبة إفراز الكولسترول، وعندما ينخفض تناولنا لأغذية تنتج الكولسترول فإن الكبد يزيد من إنتاجه لكي يبقى على المعدل الصحي الضروري لعمل الجسم، وهذه الآلية الطبيعية هي جزء من التصميم الإلهي الأمثل والكامل للإنسان وهي تشبه كل الآليات والوظائف الحيوية التي تقوم بها أعضاء أخرى في الجسد مثل القلب أو البنكرياس أو الغدة النخامية أو الجلد أو الكلى أو غيرها، وهذه الواقعة تؤكد أن الجسم ينظم نفسه بنفسه لأنه مصمم لهذا الغرض وهو ليس بحاجة الى عقار “ستاتِن” أو غيره لتنظيم معدل الكولسترول، ولأن ما يفعله الدواء هنا هو تدخل عشوائي في الوظائف الطبيعية للجسد لا يمكن أن ينتج عنه إلا هدم الصحة.
يقول الدكتور إيمانويل كالدويل وهو أحد أشهر أطباء الطب الطبيعي إن الجسم يحتاج الكولسترول لكل شيء وإن خلايا دماغنا بصورة خاصة مكوّنة بنسبة 93 إلى 95% من الكولسترول، كما إن الجسم يجدد خلاياه باستمرار عبر استخدام مادة الكولسترول مضيفاً:”لا يوجد شيء اسمه معدل كولسترول مرتفع في الجسم والإنسان يموت من انخفاض معدل الكولسترول وليس من ارتفاع معدله، وهناك أشخاص معدل الكولسترول لديهم يفوق بكثير المعدل الوهمي الذي حددته صناعة الدواء، وهم يتمتعون بصحة أفضل من غيرهم. على العكس من ذلك، فإن تناول أدوية تخفض الكولسترول عمل شديد الخطورة لأن هذه الأدوية تؤدي إلى ضمور خلايا الدماغ المؤلفة بأكثرها من الكولسترول كما تؤدي إلى إعاقة الإنجاب لأنها تؤثر على إنتاج الحيوانات المنوية وفضلاً عن ذلك فإنها تؤدي إلى أمراض القلب وخطر السكتات القلبية.
ويؤكد كالدويل أن ما يسمى “معدل الكولسترول” أمر مصطنع قام به باحثون دون أي سند علمي وربما بتأثير شركات الأدوية التي تريد الترويج لأدوية خفض الكولسترول مثل “ستاتن” وهؤلاء الباحثون اجتمعوا وقرروا بصورة اعتباطية تماماً أن معدل الكولسترول في الدم يجب أن يكون 250 ملغ مثلاً وهذا القرار يضرب بعرض الحائط التنوع الهائل في التكوين البشري وفي خصائص كل شعب ومنطقة في العالم، كما إنه يعالج مشكلة غير موجودة بل يخلق مشكلة من خلال التدخل في عمل الجسم والكبد خاصة الذي يقوم بتنظيم ما يحتاجه من كولسترول في كل دقيقة وكل يوم دون حاجة لتدخل الصيادلة والأطباء.


الكولسترول بريء
تجمّعت في السنوات الأخيرة عشرات الدراسات والآراء العلمية التي تثبت ومنها دراسة عالمية شاملة قامت بمراجعة وتقييم 11 دراسة عن أثر معدل الكولسترول على الصحة توصلت إلى الاستنتاج التالي: “ لا يوجد مطلقاً أي علاقة بين معدلات الكولسترول الإجمالية وبين حالات الوفاة نتيجة لأمراض القلب أو أي أمراض أخرى”، وإضافة إلى نتائج الأبحاث الطبية أضيفت جملة من البراهين والملاحظات الاختبارية مثل:
• إن النساء يتعرضن إلى أمراض قلب بنسبة 300% أقل من الرجال لكنهنّ يتميّزن بمعدلات كولسترول أعلى منهم.
• السكان الأصليون في أستراليا Aborigines يتمتعون بأقل معدلات كولسترول في العالم لكنهم بين الأكثر إصابة بأمراض القلب بين السكان.
• السويسريون هم على العكس من ذلك بين الأقل إصابة بأمراض القلب في العالم رغم أنهم يسجلون معدلات كولسترول هي بين الأعلى في العالم.
• ما ينطبق على سويسرا وأستراليا ينطبق على بقية بلدان العالم وهو أنه لا علاقة بين معدل الكولسترول في شعب معين وبين معدل الوفيات من أمراض القلب.
هذه البراهين الواقعية ونتائج الأبحاث دفعت الدكتور فردريك ستير أحد أعضاء الجمعية الأميركية للقلب الذين تبنوا في السابق نظرية العلاقة بين الكولسترول وبين أمراض القلب والشرايين لتبديل موقفه تماماً إذ أصبح يقول: “إن معدل الكولسترول ليس عاملاً مهماً في تلك الأمراض، وأن هناك عوامل أهم بكثير مثل التدخين وارتفاع ضغط الدم والسمنة الزائدة والسكّري وغياب الجهد الجسدي والرياضة وأخيراً التوتر النفسي”.
“إن تحديد 250 ملغ كمعدل للكولسترول لا أساس علمياً له لأن الجسم (من خلال الكبد) يقوم بتنظيم ما يحتاجه من كولسترول في كل دقيقـــة وكل يوم من دون حاجة لتدخل الصيادلــــة والأطباء”
المذنب الحقيقي
لكن إذا كان الكولسترول بريئاً من التسبب بأمراض القلب فما الذي يسبب تلك الأمراض؟
الرأي الغالب بين الباحثين اليوم هو أن السبب الرئيسي لأمراض القلب ليس الكولسترول بل الالتهابات وما يمكن تسميته الإجهاد التأكسدي oxidative stress وهو الناجم بصورة خاصة عن تناول مختلف أنواع الأغذية السكرية (الكاربوهايدرات).
“خيارات لا بديل لها لحماية القلب وخفض الكولسترول : نظام غذاء صحي، لياقة بدنية وترك السكريات والنشويات”
أدوية خفض الكولسترول خطرة
وعديمة الفائدة
أجرى الباحثون 40 تجربة لمعرفة أثر خفض معدل الكولسترول في الدم على أمراض القلب وقد تبيّن أنه لا توجد علاقة بيت الأمرين، فقد ظهر من بعض التجارب أن خفض الكولسترول يخفض خطر الإصابة بالأزمات القلبية بينما ظهر من تجارب أخرى أنه يزيد في خطر الإصابة بها، وعندما تمّ دمج نتائج كل تلك الدراسات تبين أن نسبة الذين ماتوا من أمراض القلب في فئة الذين تناولوا العقار الخافض للكولسترول كانت مماثلة لحالات الوفيات من أمراض القلب في فئة الذين لم يتناولوا أدوية خافضة للكولسترول، وهذا يعني أن الخفض المصطنع لمعدل كولسترول الدم عن طريق عقار “ستاتِن” لم يخفض أبداً خطر الإصابة بأمراض القلب.
كما أكدت دراسة حديثة لمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا MIT أنه لا يوجد أي دراسة علمية تمكّنت من إثبات أن عقار “ستاتن” يمكنه أن يساعد على خفض احتمالات الوفاة من أمراض القلب أو غيرها، وهذا يعني أن مفعول “ستاتِن” لا يختلف عن المفعول الذي ستحصل عليه لو أنك لم تتناوله أصلاً، على العكس من ذلك وبدلاً من تحسين مستوى صحتك أو إطالة عمرك فإن أدوية خفض الكولسترول تساهم في تدهور نوعية الحياة بتدميرها للعضلات والكبد والكلى ووظائف القلب. بحسب ستيفاني سينيف مُعدَّة تلك الدراسة فإن أدوية “ستاتِن” تعمل عبر إحباط عمل أنزيم مساعد أساسي هو المسمى conenzyme A reductase HMG وهو المسؤول عن الخطوة الأولى من أصل 25 خطوة يتطلبها إنتاج الكولسترول، وهذه الخطوة تتلوها عادة مجموعة عمليات يتم خلالها تركيب عناصر تقوم بدور أساسي في تنظم عمل الخلايا ومضادات الأكسدة في الجسم، وأحد هذه العناصر هو الأنزيم المعروف بـ Q10 والذي يوجد بأعلى نسبة كثافة في القلب ويعمل بالتالي كمضاد محتمل للأكسدة.
يتدخل “ستاتِن” أيضاً في آليات التواصل وإطلاق الإشارات بين الخلايا باستخدام بروتينات معروفة بإسم G-proteins والتي تنسق رد فعل الجسم الحيوي تجاه أنماط مختلفة من الإجهاد التي يتعرض لها، وأحد العناصر البالغة الأهمية التي يعطلها مكوِّن ستاتِن عنصر دوليكول dolichol الذي يلعب دوراً حيوياً في حياة الخلية ومبادلاتها. ويقول الدكتور جوزف مركولا وهو يدير أبرز موقع في العالم في الطب الطبيعي إن المرء لا يستطيع أن يتخيل الآثار المتعددة التي يمكن لهذا النوع من الاضطراب الذي يحدثه عقار “ستاتِن” على قدرة خلايا الجسم على العمل نتيجة تدخله في عمل الأنزيم المساعد HMG coenzyme A reductase وبالتالي “لا يوجد أي شك في أن عقار “ستاتِن” سيجعل من أيامك الباقية على هذه الأرض أقل انشراحاً بكثير عما يجب أن تكون”.
ومن المعروف أن “ستاتِن” يخفض العنصر CoQ10 من خلال تعطيل العملية التي يستخدمها الكبد لإنتاج الكولسترول، كما إن “ستاتِن” يخفض قدرة الدم على نقل هذا العنصر الحيوي لحياة الخلايا وغيره من مضادات الأكسدة التي تعمل بالاتحاد مع المواد الدهنية.
إن خسارة عنصر الـ CoQ10 يؤدي إلى خسارة الخلايا لطاقتها على العمل وإلى زيادة كبيرة في الجذور الحرة free radicals وهذه العناصر المخربة المسؤولة عن الشيخوخة تقوم بدورها بإيذاء مركز طاقة الخلية في ما يسمى الـ mitochondriom وهو الجزء المسؤول عن توليد الطاقة الكيميائية التي تعيش عليها الخلية، وهو ما يطلق بدوره المزيد من الجذور الحرة ويزيد في تدهور وضع الخلية.
رغم أن هذه المضاعفات الخطرة في عمل عقار “ستاتِن” معروفة فإن الدواء الذي يباع في الولايات المتحدة لا يحمل أي تحذير بشأنه، كما إن العديد من الأطباء الأميركيين الذين يصفون “ستاتِن” لا يلفتون المرضى إلى تأثيره في استنزاف العنصر الحيوي CoQ10. على العكس من ذلك، فإن العلب التي يباع فيها “ستاتِن” في كندا تحمل تحذيراً واضحاً حول هذا الموضوع كما إنها تحمل تحذيراً من أن النقص في هذا العنصر الغذائي قد يؤدي إلى التأثير على عمل القلب لدى المرضى الذين يعانون احتمال الإصابة بفشل القلب.
كيف تنظم معدلات الكولسترول؟
توصّلنا إذاً مما سبق إلى نتيجتين أساسيتين:
إن الجسم قادر على تنظيم معدل الكولسترول الذي يحتاجه من خلال عمل الكبد.
إن العقارات الخافضة للكولسترول تتسبب بأضرار فادحة للوظائف الحيوية للجسد من دون أن ينجم عنها أي فائدة في الحؤول دون الإصابة بأمراض القلب.
لكن لا يعني كون الجسم قادراً على تنظيم معدل الكولسترول عدم اتخاذ أي احتياطات أو تدابير للمساعدة على بناء صحة قوية ومتوازنة، كما إنه لا ينفي أن في إمكاننا عبر سلوكنا الغذائي والجسدي مساعدة الجسم على عملية تنظيم الكولسترول بصورة طبيعية تماماً.
وفي الواقع هناك طريقتان لا ثالث لهما للمساعدة على تنظيم معدلات الكولسترول وكذلك الاحتياط ضد إصابة القلب وهذان الخياران هما بكل بساطة في متناول الجميع وهما:
1. الأخذ بنظام للتغذية الصحية
2. الحفاظ على اللياقة البدنية من خلال النشاط الرياضي والجسدي
والمهم هنا أن نضع في الاعتبار أن 75% من الكولسترول يتم إنتاجها في الكبد وأن عمل هذا الأخير يتأثر بقوّة بمستويات الأنسولين في الدم.
ولهذا، فإن الهدف الأول يجب أن يكون الإحتفاظ بمعدلات أنسولين صحية، فإن تمّ ذلك فإنك ستتمكن بصورة أوتوماتيكية من تنظيم معدلات الكولسترول وبالتالي خفض احتمال إصابتك بالسكري وبأمراض القلب.
حماية القلب عملية وقاية شاملة
لا يوجد “دواء سحري” لشفاء أمراض القلب في غياب اتباع سياسة غذائية سليمة، لأن السبب المستمر لتراجع صحة الجسم والقلب هو تطور مقاومة الأنسولين على مستوى الخلايا Insulin resistance نتيجة استهلاك الكثير من منتجات السكر والحبوب ولاسيما سكر الفريكتوز، لذلك فإن النصائح الأهم التي يقدمها أطباء الغذاء اليوم من أجل تنظيم معدلات الكولسترول هي :
• إبدأ بخفض كبير في ما تتناوله من مواد سكرية أو حبوب بما في ذلك الخبز والكعك والمعجّنات الشعبية جداً في بلادنا، وانتقل – إذا كنت مصمماً فعلاً على إنهاء معضلة الكولسترول المرتفع في الدم- إلى إلغاء كل هذه الأطعمة الضارة من لائحة طعامك. ومثل هذا النظام الغذائي المسمى Low Carb Diet سينعكس في وقت قصير على معدل الكولسترول (خصوصاً من خلال انخفاض كبير في التريغليسريد) كما إنه سيخفف خطر الإصابة بالسكري وأمراض القلب وغيرها من الأمراض المزمنة.
• أدخل في غذائك الكثير من عنصر (أوميغا 3) omega 3 ومن الدهون العالية النوعية وتجنّب الزيوت المهدرجة والزيوت النباتية المحمّاة واستخدم خصوصاً زيت الزيتون النيئ وجوز الهند وزيت جوز الهند ومنتجات الألبان من الحليب العضوي وخصوصاً من الغنم أو الماعز وبيض الدجاج السارح المربى على الحبوب والأغذية الطبيعية، والأفوكادو والمكسرات غير المحمصة مثل الجوز واللوز والصنوبر والكاجو وغيرها وكذلك اللحم العضوي من الحيوانات المسمنة على الأعشاب الطبيعية.
• إنتبه إلى معدل الفيتامين (د) Vitamin D من خلال التعرض بصورة كافية إلى الشمس أو استخدام سولاريوم من نوعية جيدة، وفي حال تعذر ما سبق تناول معدلاً مناسباً من فيتامين D3 مع جرعة ملازمة من فيتامين K2 الذي يساعد على امتصاص الجسم للفيتامين (د) ويكمل وظائفه.
• مارس الرياضة (رياضة المشي خاصة) بصورة يومية
• اجتنب الكحول والتدخين وغيرهما من العادات الضارة بالصحة.


مضاعفات الأدوية
المخفِّضة للكولسترول
يمكن لعقار “ستاتِن” والأدوية المصممة لخفض الكولسترول التسبب بالأعراض الجانبية التالية:
1. شعور دائم بالتعب
2. ضعف وآلام العضلات
3. مرض الموت التدريجي للعضلات
4. زيادة الأنزيمات في الكبد وهو ما قد يؤدي إلى تلفه
5. تلف الأعصاب في اليدين والقدمين
6. تآكل نظام المناعة
7. العجز الإنجابي
8. زيادة احتمال الفشل القلبي