الإثنين, كانون الثاني 6, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الإثنين, كانون الثاني 6, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

المناهجُ التربوية نظرَة تقويمية

التربية هي عملية شاملة لكل مُندرَجات المجتمع ومعظم قطاعاته الاقتصادية، والاجتماعية، وكما التربية يكون المجتمع. فالمناهج تهدف في الجوهر والأساس، تهيئة الشخصية الإنسانية لمواجهة الحياة.

على أن تكون قابلة للتطبيق وأن تهيئ الجهاز التعليمي القادر على إيصالها وتطبيقها، وأن تخضع باستمرار للتقويم والتعديل.

كانت لي ملاحظات أساسية على المناهج التربوية أثناء وبعد وضعها حيّز التطبيق، بصفتي عضواً في لجنة المناهج، فهي تختلف عن مناهج العالم في تعاملها مع اللغة العربية، انطلاقا من أنها لغة الأم والتاريخ والثقافة وصانع وحدة الشعب وكيانهم بل استمرارهم، فهي تحلّ ضيفاً غير مرغوب فيه على المناهج بحيث تحتل نسبة ضئيلة فيها، بينما تحتل اللغة الأجنبية الحيّز الأكبر والأرفع والأجمل. والأجنبية لغة أساسية وبها تُدَرَّس مُعظم المواد الأخرى في بعض المدارس كلها، حيث تسود حرية التعليم، وهكذا تنشأ أمَّة متناقضة لا متعددة، كما أضيفت لغة ثانية على المناهج، اعتماداً على نظرية بأن معرفة الأجنبي يجب أن تتمَّ بلغته. ولكن نرى أنه ليس بالضرورة أن يفرض على الجميع معرفتها، إنما يدرسها من يحتاج إليها في معهد خاص.

١- يشكّل هذا الكم الكبير من مواد المناهج عبئاً على الطلاب، ويبقَون عاجزين عن إنهاء البرنامج، ممّا يُضطر المسؤولون إلى إهمال مواد وحذف أُخرى لا صفية هي الأجمل، تنمّي ذوق الطلاب ورغباتهم لاختيار اختصاصات نخبويّة .

عندما نتناول تثقيل المناهج بالأجنبي فإننا لا نقلل من أهمية اللغة الأجنبية، التي يجب أن تُدرّس كلغة أجنبية وحسب، بينما الواقع أنّ اللغة العربية الأم أضحت لغة بدون أم.

يَدرُس الطالب في لبنان لغة أجنبية وتوابعها ما يزيد على ١٢ سنة، لكنه عامة، بالكاد يحصل على علامة نجاح في امتحان الدخول، لا في العربيّة ولا في اللغة الأجنبية، عدا نخبة ضئيلة تُوفَّر لها ظروف استثنائية للنجاح.

من حيث توقيت المناهج أي ساعات التدريس فهي لا تنسجم مع المناهج ولا أوقات العمل، مما ينعكس سلباً على وتيرة الحياة وصعوبة التطبيق. وساعات العمل في القطاع العام هي ٨ _ ١٥ بينما في القطاع الخاص حتى الرابعة أو السادسة، بينما الدوام في المدارس ينتهي عند الثانية والنصف عامة، ماذا يفعل الأهل العاملون. لقد اقترحنا آنذاك أن يبقى الطلاب في المدارس إلى ما بعد الدوام وأن ينهوا الواجبات المدرسية بإشراف الأساتذة، ممّا يُريح الأهل من شر مساعدة أبنائهم بعد ساعات عمل طويلة، تكون مُضنية للطرفين، بخاصة وأنّ الأهل غير مُعَدِّين بيداغوجياً للتدريس،( طرق التدريس) من معايير فشل المناهج، إنّ المادة لا تصل إلى التلميذ دون مساعدة طرف ثالث، دروس خصوصية، الأهل تقوم على الدروس الخصوصية، عمارات شاهقة من المعاهد الخاصة، الليليّة أو النهارية، بالإضافة إلى مدرّسين يأتون إلى المنازل أو يذهب الطلاب إليهم يعتاشون على طحالب المناهج. وكثير من المدارس الفاشلة تُلزم الأهل الاستعانة بمساعدة خارجية لعجزها عن إيضاح المواد وتفهيمها لطلابها. حيث يواجه الطلّاب معضلة جديدة. مُعظم الأهل ومعاهد الدروس الخصوصية والمدرسين الخصوصيين غير معدين منهجيّاً للتدريس. والمدرّس يجب أن يكون خرِّيجاً من كليّات التربية أو معاهد إعداد المعلمين كشرط أساسي للتدريس، وهذا ما تشترطه المناهج أيضاً. إنّ مناهج مناسبة وهيئة تعليمية مُعَدّة للتدريس كفيلة في إيصال المناهج للطلاب بدون أيّة مساعدة خارجية. كما أن المناهج في وضعها الراهن تتسبب في تسرب إعداد كبيرة من الطلاب المحرومين من إمكانات المساعدة الخصوصية. وهكذا تتمظهر المناهج وكأنها مُعَدّة لفئة محددة تتمكن من إنهاء تعليمها والانتقال إلى التحصيل العالي، وهذا هو الواقع، فالمناهج الشاملة لمنهج عربي وأجنبي ومواد أخرى لاصفية تحتاج إلى إمكانات وأجواء خاصة لترجمتها يمكن أن توفرها فئة معينة فقط،.ومن هنا نكتشف الأيديولوجية التي تقف وراء المناهج، وتضخيمها بالأجنبية وتقليل العربية، لغة الناس. لنأخذ مادة ما يسمى بيولوجيا، وفي العربية دروس أشياء والرياضيات وكان اسمها مادة الحساب، وكانت موجودة في المناهج القديمة، تم إلغاؤها والآن تُدرَّس بالأجنبية، الفرنسية أو إنكليزية. يُدرَس جسم الإنسان فقط بلغة أجنبية، فالرأس هو بالإنكليزية:Head والعين Eye لنفترض أنَّ مدرِّس المادة هو إنكليزي، كيف ستُعرِّف الطالب على جسمه بالعربية، وفي الرياضيات، المعروف أنّ معظم الطلّاب لا يعرفون الأرقام العربية، على الدكنجي أن يتعلم الإنكليزية أو الفرنسية كي يبيع ويشتري. وعلى هذا المنوال ينسى المواطن ،مع الزمن لغته، وثقافته، ينسى ماضيه وحضارته، ربّما من أجل شرق أوسط جديد.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي