“درب بتلون بطول 20 كم مع مكتب إرشاد للسياح ومرشدين وخطة لتحويل مخلّفات تقليم الأشجار الحرجية إلى قوالب مضغوطة مع جفت الزيتون للتدفئة”
“مشكلة النفايات العضوية لم تحلّ بعد والبلدية تدعو المقيمين للتخلص منها محلياً عبر تحويلها إلى تورب مخصِّب للأرض”
بتلون على خارطة السياحة البيئية
درب جديد وفرص تنمية لخمس قرى شوفية


في إطار توجيه مساعدات التنمية للأولويات الجديدة، تهتم المنظمات غير الحكومية في الدول المتقدمة بالمشاريع التي تدعم السياحة البيئية، ورغم أن لبنان لا يحصل على قدر وافر من تلك المساعدات (ربما بسبب أوضاعه المقلقلة) فإن هذه السياسة ترفع حظوظ القرى الشوفية في الحصول على حصة ولو يسيرة من تلك المساعدات بسبب ما تتمتع به من طبيعة خلابة وتراث ونشاطات بيئية.
بعد المعاصر والباروك وعين زحلتا وبمهريه تستعد بتلون لتنضمّ إلى لائحة القرى الشوفية التي تستقبل الزوار من هواة المشي بمدخل جديد من مداخل درب الجبل اللبناني. والدرب البتلوني جزء من مشروع أنشطة ميدانية سياحية- بيئية أطلقته مؤسسة رينيه معوّض في بتلون ضمن برنامج “بلدي” لبناء التحالفات بهدف دعم التنمية وتشجيع الاستثمارات المحلية، وسينفّذ المشروع تحت إشراف المؤسسة الراعية وبتمويل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) .
وضعت بلدية بتلون هذا المشروع مع المجتمع المحلي والمناطق المجاورة، بهدف تعزيز السياحة البيئية والمساعدة على ضمان إدارة سليمة ومستدامة للغابات، أما الهبة المقدّمة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، والتي تبلغ قيمتها 175 ألف دولار، فستستخدم لتأهيل وتجهيز درب للمشي بطول 20 كم وبناء مكتب للمعلومات السياحية بالإضافة إلى تدريب المرشدين السياحيين على استخدام معدات تقليم الأشجار وتحويل مخلّفات التقليم من أغصان مقطوعة إلى قوالب للتدفئة.
ومن المتوقع أن يوفِّر المشروع فرص عمل ويولّد دخلاً سياحياً، ويساعد سكان بتلون وأربع قرى مجاورة (بطمه، الباروك، خريبة الشوف، ومعاصر الشوف) على خفض تكاليف تدفئة منازلهم عن طريق تدوير وتصنيع مخلفات تقليم الأشجار.
درب بتلون البيئي سيبدأ من ساحة بلدية بتلون مروراً بوادي بتلون والجسر العثماني على نهر الباروك، ومنه إلى حرش دلبون في معاصر الشوف فبطمة؛ وستعتمد طريق المشي القديمة في إنشاء وتطوير درب المشي الجديد كما سيتم تجهيز مدخل الدرب لاستقبال الزوار من خلال مركز للاستعلامات واستراحة.
يتخلل المشي في الدرب عرض للمشاحر في حرش دلبون في معاصر الشوف، حيث سيتولى المرشدون السياحيون شرح المراحل التي تمرّ بها المشحرة عبر نماذج عينية على الأرض، للتعريف كيف كان الأهالي يصنعون الفحم في تلك المنطقة بالذات.
ويتم حالياً تنظيف الدرب وتأهيله، ومن المتوقع أن ينتهي العمل عليه في أواخر شهر آب المقبل، وسيعطى موضوع السلامة أولوية في التنفيذ الذي تشرف عليه مؤسسة رينيه معوّض.
حطب بيئي وحماية للأشجار
من ضمن المشروع، سيتمّ تقليم الأحراج الموجودة في القرى التي يربطها الدرب، بالإضافة إلى بلدة الخريبة المتاخمة للمعاصر، وسيقوم فريق عمل محمية أرز الشوف بتجميع الأغصان وإرسالها الى معمل في بشتفين حيث يتمّ فرمها وإضافة جفت الزيتون إليها لإنتاج الوقدات البيئية Briquettes. وينتج المعمل حالياً مليون وقدة بيئية، ومن المتوقع أن يؤدي المشروع إلى زيادة الكمية المنتجة من وقدات التدفئة بنسبة كبيرة، وسيوزّع جزء من هذه الوقدات مجاناً على أهالي القرى المشاركة في المشروع، والباقي سيباع بكلفة أقل من كلفة الحطب والمازوت. يذكر أن الوقدات البيئية هي عبارة عن حطب صديق للبيئة، وإنتاجه يعمل على حلّ مشكلة قطع الأشجار عشوائياً لغاية التدفئة شتاء، فضلاً عن أن تشحيل الأغصان ورفعها عن الأرض يساهمان في منع الحرائق.
فرص عمل للشباب
تتوزّع فرص العمل التي سيخلقها المشروع على أعمال التشحيل وتجهيز الممرات وصيانتها، هذا فضلاً عن الفرص التي سيوفرها مركز المعلومات المقرر إنشاؤه في بتلون، كما سيتم إنشاء جسور خشبية في الأودية حيث يتعذر المرور وعليه، عندما يبدأ الدرب باستقبال الزوار ستكون هناك حاجة لأعمال الصيانة على مدار العام.


من هي الفئة المستفيدة من فرص العمل التي سيؤمنها المشروع؟
يقول رئيس بلدية بتلون مروان قيس إن الشباب هم المستفيدون من هذه الفرص بشكل عام، فالمرشدون السياحيون للدرب الجديد سيكونون من أبناء بتلون، وسيتم تدريبهم بالتنسيق بين البلدية ومحمية أرز الشوف.
وهنا يشجّع الطلاب من عمر 18 سنة وما فوق على العمل في الإرشاد السياحي في مواسم الربيع والصيف، لافتاً الى أن هذا العمل سيكون تطوعياً بالمبدأ ولكن سيُعطى المتطوعون مقابلاً رمزياً (pocket money).
الحديث عن دروب المشي في الطبيعة يجرّ إلى موضوع بيوت الضيافة التي تستقبل الزوار القادمين من أماكن بعيدة. وهنا يلفت قيس إلى أن هناك بيوت ضيافة موجودة أصلاً في الباروك وعين زحلتا، وتعمل البلدية بالتعاون مع نادي بتلون الثقافي على تجهيز بيوت ضيافة في بتلون.
سألناه عن القيمة المضافة للمشروع بالنسبة الى بلدة بتلون.
قال: قد يكون الأهم بالنسبة لنا هو الإضاءة على البلدة، غير المعروفة نسبياً، إذ ستكون هناك إشارات تدلّ الناس على كيفية الوصول إلى بتلون من مداخل الشوف، كما سيكون هناك إعلان ترويجي للدرب، وعليه سيظهر اسم البلدة في هذه الإعلانات ونحن في البلدية ندرس مشروع إنشاء مركز قروي تباع فيه منتجات بتلون من المونة البيتية.
فرز النفايات
بالتوازي مع مشروع الدرب، تعمل بلدية بتلون على إنشاء مشغل لسيدات البلدة يقوم على إنتاج رقائق التفاح (Apple Chips) بثلاث نكهات، وذلك بالتنسيق مع الجامعة الأميركية في بيروت. المشروع الذي أوشك على الانتهاء اختير له عنوان معبِّر هو “تمكين المرأة اقتصادياً”، وعليه فإن مردود المشغل سيعود إلى السيدات العاملات فيه.
تتابع بلدية بتلون أيضاً إدارة ملف النفايات، وهي بدأت العمل على فرز النفايات الصلبة عند المصدر منذ استلام مهامها السنة الفائتة. ويقول رئيس البلدية في هذا الصدد إنه يمكن الحديث عن تحقيق أكثر من ستين في المئة فرزاً عند المصدر. وتقوم البلدية بجمع النفايات الصلبة في أرض تابعة أقامت عليها مركزاً لفرز وكبس هذه النفايات، وبعدها يتم ترحيلها الى معامل التدوير. ويلفت إلى أن الناس باتوا، الى حدّ ما، مقتنعين بفكرة الفرز.
أما النفايات العضوية فلم تحلّ مشكلتها في بتلون بعد، إذ يتم تجميع هذه النفايات في موقع مؤقت. وعن ذلك، يقول قيس: “لا يمكن للبلدية أن تحلّ كل المشاكل بعصا سحرية”، مشيراً إلى أنها في طور تشجيع الأهالي وتوعيتهم على التخلص من نفاياتهم العضوية بطريقة بيئية ومفيدة للأرض، علماً أن النفايات العضوية يمكن أن تكون سماداً طبيعياً للأرض، ويمكن أن يستفيد منها الأهالي من دون تكبّد أي عناء، علماً أن أكثر المضار التي تنجم عن انتشار روائح النفايات والجراثيم التي تولّدها إنما تحصل بسبب عدم فرز النفايات العضوية عن أصناف النفايات الصلبة الأخرى.
عن أولويات المجلس البلدي، يقول قيس إنه يعمل على تأمين متطلبات وحاجات البلدة الأساسية كتوفير المياه لفترات أطول، فضلاً عن صيانة الطرقات، كما تأمل البلدية إقامة الأرصفة على جانبي الطريق العام تسهيلاً لحركة المشاة ومنعاً للحوادث.