الإثنين, كانون الثاني 6, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الإثنين, كانون الثاني 6, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

جسر القاضي

جسر القاضي أقدم الجسور اللّبنانية وأكثرها شهرةً.
القاضي عماد الدين التّنوخي أوّل من بناه والأمير زين الدين التنوخي أعاد ترميمه.
المتصرف واصا باشا شيّد الجسر القديم والوزير وليد جنبلاط بنى الجسر الجديد.
أهميته التاريخية والاسترتيجية، أنّه نقطة وصل بين الساحل والجبل وملتقى لأقضية الشوف وعاليه وبعبدا.
أهميته السياحية أنّه محطة جذب سياحي فريد من نوعه في لبنان
أهميته الاجتماعية أنّه عنوان للتعايش الدرزي – المسيحي
تحوّل الجسر إلى قرية صغيرة في العام 1966 بقانون صادر عن مجلس النواب يحمل الرقم 25 على 66
كادت حكومة فيشي أن تفجّره إبان الحرب العالمية الثانية سنة 1943 ولكن الهدنة أنقذته.

جسر القاضي هو بين الجسور اللّبنانية المهمة والتاريخية الواقعة فوق مجاري الأنهر، وفي الأودية السحيقة – وما أكثرها في لبنان نظراً لطبيعة تكوينه الجغرافي. وفوق ذلك، هو الجسر الوحيد الذي يحمل اسم الأمير الذي شيده في بداية القرن الرابع عشر الميلادي.

شكل جسر القاضي على مدى العصور والأزمنة نقطة وصل بين منطقتي الشوف وعاليه، أو بما كان مُتعارف عليه في ذلك الوقت منطقتي المناصف والشحار الغربي، لوقوعه في نقطة تلاقي الأنهر التي تنساب إليه من نبعَي الصفا والغابون المشهورَين ومن الينابيع الأخرى التي تُشكل بعد أن تلتقي فيه نهرَ الدامور.

يكتسب جسر القاضي أهميتين:

الأولى جماليّة، لوجوده في أجمل بقعة جغرافية في محافظة جبل لبنان الجنوبي، لتكتمل جماليته الطبيعية، وسحرها الآسر، عند مُلتقى النهرين الشهير أسفل الوادي القريب من الدامور، مشكلاً محميّة طبيعية فريدة من نوعها.

والثانية، تاريخية وجغرافية معاً، إذ إنّه يربط الساحل والشحار الغربي بالجبل والبقاع ووادي التيم منذ زمن الإمارة التنوخية والمعنية ومن ثم الشهابية وصولاً إلى المتصرفية، إلى ما بعد إنشاء دولة لبنان الكبير في العام 1920. فالقوافل كانت تأتي إليه قديماً محمّلة بالغلال من وادي التيم عبر سهل البقاع مروراً بثغرة مرستي إلى ما كان يُعرف بطريق البلاد المتدرّجة من المختارة وسهل بقعاتا وبيت الدين، ودير القمر وصولاً إلى جسر القاضي حيث كانت تقوم مطاحن مائية وخانات للاستراحة؛ ومن هناك عَبر قبر شمون ودرَج عيناب فعين عنوب، فإلى بعبدا مركز المتصرفية وبيروت. ولا تزال معالم تلك الطريق ماثلة للعيان وخاصة في مناطق عين السمقانية، وادي بيت الدين، المنشية في دير القمر، ودرج عيناب وادي شحرور بعبدا.

يتفرع من جسر القاضي عدة طرق رئيسة هي: جسر القاضي، دير كوشة، الكنَيْسة، عمِّيق كفر قطرة، دير القمر. كذلك، جسر القاضي، بشتفين، كفرفاقود، دير بابا، بيدر الرمل، كفرحيم، بعقلين، وكفرحيم دير القمر. وإلى ناحية الشمال الشرقي، جسر القاضي، سلفايا، عين تراز، رشميّا، الغابون، عاليه.
جسر القاضي، رمحالا، مجدليا، بيصور.
جسر القاضي، قبر شمون، عيناب، شملان، سوق الغرب عاليه.
جسر القاضي، قبر شمون، كفرمتى، عبيه.
جسر القاضي، قبر شمون، البساتين، عرمون، الشويفات، خلدة.
جسر القاضي، عين كسور، عبيه، بعورته، الدامور.

تاريخ بناء الجسر

باني جسر القاضي هو الأمير عماد الدين حسن بن القاضي جمال الدين أبي الجيش البيصوري، بن القاضي عز الدين أبي العز أبي اليقضان خطّاب من قرية كفر زبد الواقعة بين البنيّه وقبر شمون. فلما قلَ الناس فيها انتقلوا إلى بيصور وعمّروا فيها عمايرهم المعروفة. قال ابن سْباط: كان عماد الدين حسن التنوخي جليل القدر فاق سلفه بالسيادة، ولم ينشأ بينهم مثله، ولم يسلك أحد منهم طريقه، مع أنّ سلفه كانوا أجواداً أمجاداً. جنح إلى عمل الخير، وكان كثير الصّدقة، وكان يفصّل كل سنة قماشاً ويوزّعه على فقهاء بلاده وأعيانها، ممّا يفوق على ألف ذراع، واثنتي عشرة غرارة قمح خارجاً عن الخبز. كان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر. وافر الحُرمة صغير النَّفس ذا كرم ومروءة وهو الذي عمّر الجسر بين الغرب والشوف الذي بات يعرف باسم «جسر القاضي». والسبب المباشر لبنائه الجسر المذكور، كما يُروى، هو أنَّ بعض النسوة كن يجتزن النهر في تلك المحلّة فرفعن أثوابهن قليلاَ كي لا تتبلل بالماء فتوجهت أنظار العمال الذين يعملون عنده نحوهن فأمر القاضي بالتوقّف عن بناء المطاحن وأصر على بناء الجسر المذكور أوَّلاً. وكانت وفاته رحمه الله سنة ثماني وستون وسبعماية للهجرة، ثم أعاد ترميمه القاضي جمال الدين يوسف بن القاضي زين الدين عبد الوهاب؛ وكان ربّاه جدّه الأميرجمال الدين عبد الله بن سليمان خال والدته، فأصلح الجسر الذي بناه جد أبيه القاضي عماد الدين حسن بعدما كانت المياه قد اقتلعت مدماكين من ظهره وخشي عليه، فأصلحه من ماله الخاص للأجر، وهو شقيق الست نفيسة. ويذكر ابن سباط أنه في سنة 909 للهجرة جاء سيل عظيم ومطر غزير عمّ الأقطار واستمر نحو 27 يوماً وذكر أنّ المياه ارتفعت فوق الجسر المنسوب إلى القاضي ما ينوف على القامة.

وفي حقيقة الأمر وبحسب ما جاء في كتاب «الأُسر في جبل لبنان» للمحامي سليمان تقي الدين ومشاركة الباحث نائل أبو شقرا: «أنه وبعد مئتين وخمس سنوات على إنشائه أي في العام 963هجري الموافق 1556 ميلادي قدّر فيه السميع العليم والمولى الكريم والرب الغفور الرحيم أنْ أجرى سحاباً عظيماً وسيلاً جزيلاً، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ولا خبّر المخبّرون على سيل جارف مثله ولا ما يشبهه في كل ما فعل، حتى أن الأنهار الشتوية التي هي عبارة عن مجاري وسواقي وجداول غمرتها جميعها مياه السيول الجارفة؛ منها نهر الحوايب المتصل بنهر الصفا فأتى على أملاك مثمرة وغيرها ما لا أحد يحصيه، وأخذ طاحون الشيخ زين الدين القاضي بن الشيخ بدر الدين القاضي العنداري، وبعد مسيره إلى نهر الصفا جرف طاحون الشيخ بدر الدين العنداري التنوخي من بيصور، وكان يسكن عين دارا، والطاحون التي فوقا بيت الواحد والبيت الآخر حتى كادت الطاحون تخرب. كما جرف أيضاً طاحون الشيخ أمين الدين، وطاحون حرفيش جرفها من أساسها حتى وصلت إلى فوق الجسر الذي كان على بعد مسافة أمامها سالمة كما هي، ولدى ارتطامها انفلشت وبقيت كل حجرة لوحدها. أما طاحون الشيخ بدر الدين التحتا فامتلأت بالتراب والحصى وكادت تخرب واحدة أخرى في أرض القسيس المسيحي المغروسة توت وعريش وجوز وشجر جوي وبري. ولم وصل تحت البصيّه المعروف اليوم بالبصَّيْل قور تحت الشقيف الأزلي حتى تفسّخ وتفسخت معه الحارات التي على جنب الشقيف حتى أخليت من ساكنيها ومن هناك إلى ملتقى الأنهر في جسر القاضي وأخذ من البساتين والأشجار والحجارة الثقيلة والعظيمة ما لا أحد يقدر عليه. وأما نهر شمليخ فقد أخذ أشجاراً لا تحصى، حتى قيل أن بعضهم أخذ من التوت ماية رطل، وبعضهم أكثر من ذلك، وبعضهم أقل، وجرف الجسر القائم على درب شمليخ، وأحدث النهر فوق الجسر زلزلة في أرض جلاب، ومرج وشُقفان شيلة قوس عرض وطول، حتى تقطعت الشقفان العظام كما تقطع بالبولاد، وأخذ هذا النهر من الحجارة الكبيرة شيء كثير من بينها صخرة لو دار حولها مئة رجل لم يديروها إلّا بالحيلة أخذها من أرض شمليخ الواقعة تحت العزّونية. وأما الحجارة العظيمة التي لا سبيل لقلعها من الأرض، بل إلى ديرانها، قلعها ودارها رأساً على عقب. ولدى مروره بأرض العزونية وأرض شارون وأرض المشرفة اتصل بنهر بتاريح فخرّب بأرض هذه القرايا خراباً لا يُحصى ونزل بعض جماعة من شارون يتفرجون على الطوفان فوقفوا على الطريق عند عين المسن، وأخذ رجل منهم تحت العين وبدأ يغرف بيده من ماء النهر، ومثل ذلك الموضع كثيراً، وأما الطواحين فتعطلت جميعها. وأما نهر بتاريح الذي أصله من عين صوفر، ما كان أحد من المخلوقين يخطر بباله أن يفعل كما فعل هذه المرة، لأنه عبارة عن ساقية لا عبرة لها، وكان على هذا النهر جسر ما أحد يعلم مدته فجرفه وجرف طاحون مجدل بعنا، وكان رجل يحدل على سطح الطاحون ساعة الطوفان ولما ارتطمت المياه بالطاحون قفز عن سطحها وتاه ولما التفت وراءه كانت المياه اقتلعت الطاحون لدرجة أنّ بعضهم شكك بوجودها في هذا المكان. ولدى مروره بأرض مجدل بعنا وأرض بدغان والمشرفة فعل ما فعله نهر شمليخ بل أكثر، لأن على جانبيه أملاك كثيرة ولما التقيا في معصريتي شكلا نهراً واحداً وبقيا عبرة للمعتبرين وفرجة للمتفرجين ورزيَّة للمتملِّكين، حتى أن بعضهم لم يبقَ له شيء يزيد عن درهمين بزر قز وفعل هذان النهران ما لا فعلاه في مبداهم إلى أن التقيا بنهر الصفا المذكور وبقيا كالبحر الطامي، وأخذ بساتين المغيثا، وقيل أنهم لما اصطدموا ببعضهم البعض انحسرت المياه حتى وصلت إلى حائط طاحون عمِّيق فخربت معظم الأراضي من حوله، وكان على هذا النهر جسر يدعى جسر نزهة من النزهات وطرفة من الطّرفات وفرحة من الفرحات، وقيل إن الذي عمَّره عزم عليه أكثر من مئتي سلطاني فجرفه أيضاً، وقيل أنّ الذي هدمه هو النهر الكبير فرماه إلى فوق لأن بعض الناس كان يراه وفعل هذا النهر ما فعلته الأنهر التي تقدم ذكرها. وكان عند هذا النهر الكبير شجرة خروب كبيرة غمرتها المياه، ما بقي منها فوق بسط الغربال وكان بقربها طا حون كبيرة فجرفها ووصلت ماء هذا النهر إلى تحت جسر القاضي فوصل أرتفاع المياه عنده إلى ستة وثمانين شبراً، أربعون شبراً تحت الجسر وستة أربعين فوقه، وأمّا عمق المياه فيزيد عن ألفي شبر. وأخذت المياه من تحت هذا الجسركل المطاحن الواقعة على جانبي النهر ومنها طاحونة الغوارسنة التي يعود تاريخها الى أكثر من الف ومئتي سنة وقيل إن المياه جرفت إلى مكانها صخرة طولها بقياس ثلاث بيوت وعرضها أربعين شبراً. وقيل إن برّاكها وجدوه في الدامور على شاطىء البحر سليما معافى من أية خدوج كما وجدوا هناك بعض حجارة الطواحين سالمات ووُجدت في الدامور من الأشجار والأخشاب المقطعة بما يوازي حمل خمسة آلاف جمل ولا يستطيع الجمل أن يحمل منها أكثر من عود واحد نظراً لضخامتها وطولها. وما حصل في الدامور حصل شبيهاً له في بيروت بسبب فيضانات أنهار المتن وبلاد الغرب حيث ضاق ميناء بيروت بالأشجار والتقوضات مع ما تفرق على شاطىء البحر يميناً وشمالاً وأمّا نهر الباروك فقد فعل مثل هذه الأنهر بل أعظم حتى إنّه ما ترك غير اليسير من الطواحين والجسور عمّا أخذ من الأشجار المعظمة الكثيرة حتى قيل إنه ملأ مرج بسري أتربة وحجارة».

أهمية جسر القاضي والدافع الأساس لبنائه

يربط الأستاذ عدنان أمين الدبيسي مختار جسر القاضي مؤلف كتاب «جسر القاضي تاريخ ورجال»، تاريخ الجسر بتاريخ وجود المطاحن المائية في تلك المنطقة وهي قديمة العهد. فالجسر القديم بُني في الممر الوحيد الذي كان يعبر عليه سكان الشحّار ومنطقة الغرب والساحل إلى منطقة المناصف ومنها إلى الشوف والجُرد والبقاع. ولقد بنى هذا الجسر الأمير عماد الدين حسن التنوخي الملقب بالقاضي المتوفي سنة 786 هجرية الموافق سنة 1357 ميلادية، منذ مطلع القرن الرابع عشر الميلادي. وعُرف هذا الجسر باسم القاضي وسمِّيت القرية باسمه. لم يكن لقرية جسر القاضي خراج عقاري خاص بها، فأراضيها كانت تابعة عقاريًّا لبلدة البنيَّه من الجهة الغربية للنهر، وبلدة دير كوشة من الجهة الشرقية. كما أنّه لم يكن لها سجل نفوس خاص بها. فسكانها كانوا مسجّلين في القرى التي قدموا منها حتى كانت سنة 1966 حين تقدم آل الدبيسي وبقية العائلات المقيمة في الجسر بطلب إلى الحكومة اللبنانية لإنشاء قرية جديدة باسم جسر القاضي، حيث صدر قانون بذلك يحمل الرقم 66 على 25 بتاريخ 31 أيار 1966.

اشتُهرت قرية جسر القاضي بصناعة الفخار التي بدأت بعد الحرب العالمية الأولى. هذه الصناعة التي يعود تاريخها لأيام الفينيقيين. إلى ذلك فقد عُرفت القرية بإنشاء معمل لصناعة الحرير حيث كان يعمل فيه عدد كبير من أبناء المنطقة. أمّا بشأن الزراعة ونظراً لموقعها الجغرافي على ضفتي النهر فقد نشطت زراعة الفواكه على اختلاف أنواعها، وهي التي تزينها غابات من الأشجار الحرجية، ومن الصنوبر وغيرها. أمّا طريق جسر القاضي فقد شُقَّت أيام العثمانيين في عهد المتصرف واصا باشا لتكون صلة وصل بين بعبدا مركز المتصرفية وبيت الدين وبعقلين مركز القائمقامية. عُرفت هذه الطريق بتعرجاتها الخطيرة التي شقّت بالأصل لتسهيل سير العربات التي كانت تجرها الخيول صعوداً باتجاه قبرشمون غرباً ودير القمر شرقاً. وأقيمت في جسر القاضي خانات مؤلفة من عدة أبنية عقد لاستراحة الخيول وغُرف لاستراحة المارّة. أمّا سكان القرية فهم من الدروز والمسيحيين، كانوا ولا يزالون يحافظون على التقاليد والعادات التي تجمع فيما بينهم كسائر أبناء الجبل. عدد سكان جسر القاضي اليوم لايتجاوز 120 نسمة معظمهم مقيم خارج البلدة؛ أمّا عائلة الشيخ الجليل أبو أمين سليم الدبيسي الذي توفي عن عمر 106 سنوات، كان رحمه الله من وجهاء المنطقة، فهو في الأصل من مواليد المختارة ومن السكان الأوائل في جسر القاضي منذ أكثر من مئة سنة، وهو من الرجال القلائل في طائفة الموحدين الدروز الذي يجمع في شخصه الدين والأمور الزمنية كما يؤكد عارفوه. كان حلاّل مشاكل من الطراز الرفيع وكان منزله في جسر القاضي محطة لكل الزوار من الشرق والغرب.

الموقع والتسمية

تقع قرية جسر القاضي على مجرى نهر الصفا المعروف بنهر الدامور الذي يفصل بين قضائي عاليه والشوف، القسم الأكبر من القرية يقع في الجهة الغربية التابعة لقضاء عاليه يحيط بها من جهة الشرق قرى المناصف، ومن الغرب قرى الشحَّار الغربي، ومن الشمال سلفايا وعين تراز، ومن الجنوب مجرى النهرالذي يفصل بين المناصف والشحار باتجاه الدامور. ترتفع عن سطح البحر 300 م.

جسر القاضي قرية هادئة في واد فسيح حفرته الطبيعة عبر ملايين السنين فاتخذ النهر منه مجرى ذوَّب الصخور وصقلها مرايا فإذا وقفت على الجسر ليلاً وتأملت النجوم في السماء المتمازجة بين نور الكهرباء في القرى وعلى التلال المجاورة، خلت نفسك تعانق السماء. أما النهر الذي ينبعث منه خرير ناعم يشكل مع حفيف أوراق الأشجار على ضفتيه والمياه المنسابة بينهما فيشكّل أروع سمفونية طبيعية. في هذا الوادي البديع يتجلَّى سحر الطبيعة وتروق الجلسة على ضفافه كصفاء مائه، وقد غمرته أحلام التاريخ، حتى كأنك تقرأ على صفحاته وحواشيه تقلب الأزمان ومسار الأيام ما يدل على أن الوادي من عمر الزمان.

وكثيراً ما كان هذا الجسر عرضة سنوياً لأن تغمره المياه أبتداء من منتصف فصل الخريف ولغاية الشهر الأول من فصل الربيع نظراً لقلة ارتفاعه وغزارة المياه الهاطلة ما يؤدي إلى إلحاق الضرر به. وفي أواخر القرن السابع عشر الميلادي قام الأمير زين الدين التنوخي بترميمه بعد أن خربت قسماً منه مياه النهر. ما يعني أن تاريخ بناء الجسر مرتبط بوجود المطاحن المائية وهي قديمة العهد ولم يُعرف بالضبط تاريخ إنشائها لأنّ الجسر الذي بُني بالقرب منها كان يعبر عليه سكان الشحار الغربي والساحل إلى منطقة المناصف والشوف والبقاع وكان الجسر لأكثر من ستين سنة خلت تقريباَ مطروقاً من أهالي المنطقة لطحن الحبوب، لا سيما القمح، والطاحونة الوحيدة التي استمرت لفترة قريبة، هي طاحونة القناطر الشهيرة التي كانت تعمل على خمسة أحجار للطحن دفعة واحدة ولكن بعد إنشاء المطاحن التي تعمل على الكهرباء تراجع زمن المطاحن على الماء فأصبح غابراً.

بناء الجسور

شهدت منطقة جسر القاضي بناء ثلاثة جسور
– الجسر الأول: هو الذي بناه القاضي عماد الدين التنوخي سنة 786 هجرية الموافق سنة 1357 ميلادية. وقد بنى هذا الجسر في مطلع القرن الرابع عشر الميلادي، وعُرِف باسم جسر القاضي وهو بطول 25 متراً وعرض مترين ونصف المتر، وارتفاع أربعة أمتار وقد بُني من الحجارة المغموسة بالزَّيت والكلس.

– الجسر الثاني: بُني سنة 1885 ميلاديّة في عهد المتصرف واصا باشا، ويقع شمالي الجسر الأول وكان أوسع منه وأكثر طولاً وارتفاعاَ. كان ذلك بعد أن شُقَّت الطريق بين بعبدا وبيت الدين. يقوم الجسر على ثلاث قناطر واحدة كبيرة في الوسط واثنتان على الجانبين أصغر من الأولى. يبلغ ارتفاع القنطرة الكبيرة ثمانية أمتار وعرض الجسر خمسة أمتار وطوله 25 متراً وقد بُني من الحجر المقصوب. وقد أقيم بالقرب منه عدد من الخانات لاستراحة العابرين بين المنطقتين واستراحة خيولهم ودوابهم. وما زالت بقايا هذه الخانات قائمة.
وقال فيه إبراهيم بك الأسود، تكريماً لـ واصا باشا وإشادة بعمله:

وجعلت ذا الجسرَ الجديدَ يقول في
تاريخه إني بفضلك أشهد
وقال فيه شعراء الزجل الأبيات التالية:
يا جسر من بين الجسور بتنعرَف
بفضل قاضي العُمرك الدهر اعترَف
من أجل حُرْمي النهر بلّل ثوبها
عمَّرو حتى يحافظ عا لشرف
شحرور الوادي
ياجسر كم لكْ عَ الجسورَة سيطرة
نشَّقتني نسمة هواك معطّرة
لو كان بالإمكان يوم العمروك
لوضعت قلبي بدل قفل القنطرة
علي الحاج
ياجسر قلبي للتلاقي ناطرك
دوّبت جسمي عند كلمة بخاطرك
مهما على الشلال بتقب الصفا
بمر حاني الراس تحت قْناطرك
وديع الشرتوني
جسر القاضي وآثارو
من عُمْر بعلبك صارو
حَرْدَب تيخلِّي الأجيال
تُمرق من فوق حجارو
خليل روكز
خمسة من العهد الماضي
أمضى من السيف الماضي
بعلبك وجعيتا والأرز
وصنِّين وجسر القاضي
زين شعيب

– الجسر الثالث: بُني هذا الجسر إبّان الحرب الأهلية عام 1984، قام بتشييده معالي الأستاذ وليد بك جنبلاط حيث كان يتولّى وزارة الأشغال العامة في حينه، شمال الجسر الثاني؛ وتم بناؤه بتصميم حديث: واسعاً ومتيناً يتحمل مرور الآليات الثقيلة وهو بطول 48 متراً وعرض 12 متر وارتفاعه حوالي عشرة أمتار.

المطاحن

في جسر القاضي ثلاث مطاحن مائية:

  • مطحنة الجسر: وهي من أقدم المطاحن، تعود لأيام التنوخيين، وقد بُنيت في أواخر القرن الرابع عشر للميلاد، أي بعد بناء الجسر ببضع سنين لأنها تحمل اسمه وهي لا تزال قائمة إلى يومنا هذا، ويظهر فيها حجران لطحن الحبوب، ومطروف لعصر الزيتون.
  • مطحنة القناطر: وهي أكبر المطاحن المائية في جسر القاضي، يوجد فيها خمسة أحجار للطحن، أربعة منها للطحن ومطروف واحد لعصر الزيتون. وقد جُرَّت المياه إلى هذه المطحنة من النهر على مسافة كيلو متر، تتميّز مطحنة القناطر بارتفاع مصبات مياهها وهي تقع في الضفة الشرقية للنهر لناحية الشوف في ملك آل حمدان، ويعود بناؤها إلى أواسط الحكم العثماني. وقد توقفت عن العمل بحدود سنة 1950 بعد أن خف الإقبال عليها بسبب انتشار المطاحن التي تعمل على الكهرباء.
  • المطحنة الجديدة: وتقع شمال شرق مطحنة القناطر، واسمها يدل على أن بناءها حديث وليست قديمة العهد.
مصانع الفخار

مصانع الفخار في المنطقة قديمة العهد ويمكن أن تكون منتشرة منذ أيام الفينيقيين حيث يستدلُّ من ذلك تسمية قرية دير وكوشة. فكلمة كوشة تعني (ياتون الفخار). أمّا في جسر القاضي فكان يوجد خمسة مصانع فخّار، بقيت تعمل حتى اندلاع الحرب الأهلية سنة 1975 تعود ملكيتها إلى كل من الشيخ أمين الدبيسي وكامل أندراوس وأمين القادر، ولم يبق في جسر القاضي بعد انتهاء الحرب الأهلية إلّا واحدة، وهي فاخورة الشيخ أمين الدبيسي التي أُنشئت في العام 1924 وكانت في البداية تنتج الفخار التقليدي، أي القدور والصحون على أنواعها، بالإضافة الى أحواض الزهور ومقالي البيض وغيرها وقد راجت هذه الصناعة في بداية الحرب العالمية الثانية وكانت تصدر إلى سورية وفلسطين والأردن.

في العام 1962 عَرفت هذه الصناعة نقلة نوعية لافتة لجهة إدخال الألوان إليها وتحسين الأشكال وصناعة أواني الطبخ على أنواعها وبشكل مُتقَن، الأمر الذي اجتذب الزوار والسواح على اختلاف مشاربهم، وخصوصاً الأجانب المقيمين في لبنان على مدار السنة، حيث يشاهدون بأم العين كيف تتم صناعة الفخار على الدولاب وباليد (الصناعة اليدوية) وليس بواسطة القوالب.

وبالإضافة إلى السيّاح والأجانب كانت طبقة من اللبنانيين تأتي لشراء هذه الأواني إلى بيوتهم في الجبل أو للشاليهات على البحر. وقد استمر الإقبال على شراء هذه الأواني إلى ما بعد الحرب الأهلية عام 1975 إلى أن توقفت نهائياً بسبب الاجتياح الإسرائيلي والحصار الذي كان مفروضاً على الجبل.

في تسعينيّات القرن الماضي وبعد توقف الحرب الأهلية وحفاظاً على التراث أعيد تشغيل فاخورة الدبيسي ولو بشكل جزئي ومحدود في ظل أوضاع ليست مستقرة في غالب الأحيان.

طريقة صناعة الفخار

بداية يُستخرج الطين من التربة الدلغانية الموجودة داخل طبقات الأرض، ويوضع في بركة خاصة حيث تُضاف إليها المياه. يقوم العمال بتحريكها بواسطة مجرفة خاصة لتصبح لزجة كـ اللبن، بعدها تُنقل الى بركة أخرى بواسطة قناة صغيرة، وتترك لفترة إلى حين ركود الطين في أسفل البركة، ثم يتم سحب الماء منه. وأخيراً يُنقل الطين إلى الفاخورة حيث يتم دمجه بالرمل وعجنه جيداً، وبعدها يُقطّع كُتلاً بحسب الحجم المطلوب. يضع الفاخوري الكتل على دولاب يدعى «سِندان» ليصنع منها الأشكال المناسبة. كان « السندان» قديماً يدار بواسطة الأرجل، ثم أصبح يُدار بواسطة «زند» خاص من قبل الفاخوري، ومع تطور الأيام أصبح يدار بمحرّك كهربائي.

بعد الانتهاء من صنع الأواني على اختلاف أشكالها، توضع على ألواح خشبية مستطيلة مُعدّة لهذه الغاية حتى تجف، ثم تُطلى بالدهان وتوضع في فرن خاص يسمى « ياتون» يُصار بعدها لشي الفخار بواسطة الحطب أو المازوت بحرارة إلى 800 درجة مئوية، وبعد ثلاثة أيام يتم استخراج الفخار منه ويصبح جاهزاً للبيع.

طريق جسر القاضي

شُقَّت الطريق إلى جسر القاضي منذ عهد المتصرفية، وبالتحديد في أيام المتصرف واصا باشا لتكون صلة وصل بين بعبدا ومركز المصرفية شتاء وبيت الدين المركز الصيفي. في البداية كانت الطريق بين بعبدا وبيت الدين مخصصة للمشاة والدواب والخيول ثم تحولت في عهد المتصرفية إلى طريق للعربات. وكانت تتميز بكثرة تعرّجاتها ومنعطفاتها الممتدة من قبر شمون الى جسر القاضي، بما يزيد عن 32 كوع وذلك لتسهيل سير العربات عليها التي كانت تُجَر بواسطة الخيول تحاشياً قدر الإمكان من الصعود الحاد. ولم تختلف هذه الطريق حتى الآن صعوداً باتجاه قرى المناصف وصولاً إلى دير القمر. وبفضل وجود الخانات في جسر القاضي المُخصّصة لاستراحة الخيول الآتية من الغرب والساحل قبل صعودها إلى دير القمر وبيت الدين، كانت تجري عملية تبديل الخيول على الجسر لتتمكن من الاندفاع صعوداً، كما أقيم في المكان عدد من الحوانيت الصغيرة والمطاعم البدائية لسد حاجات العابرين، وخصوصاً أنّ حركة المرور في تلك المرحلة شهدت نشاطاً ملحوظاً، باعتبار أنّ الجسر كان المعبر الوحيد بين عاليه وبعبدا إلى الشوف باستثناء معبر عين زحلتا.

بعد الاستقلال وبحكم العلاقة التي كانت تربط الشيخ أبو أمين سليم الدبيسي بالرئيس بشارة الخوري، وبعد المراجعات الحثيثة التي قام بها الشيخ أبو أمين جرى شق الطريق من قبر شمون باتجاه جسر القاضي وتأهيلها والحد من المنعطفات والتعرجات التي كانت قائمة عليها. لكن لسوء الحظ لم يُستكمل المشروع فقد أُنجز حتى مستديرة رمحالا، لأن الرئيس بشارة الخوري لم يكمل ولايته، وبعد استقالته في العام 1952 توقف العمل بشق الطريق. ولم يُستكمل طيلة عهد الرئيس كميل شمعون رغم المراجعات المتكررة بهذا الشأن. ويروي المعمرون نقلاً عن الذين عاصروا تلك الحقبة إنّ هذا الطريق إبان الحكم العثماني والانتداب الفرنسي كان مرتعاً لقطاع الطرق. وقد كانت المنطقة التي تسمَّى دكان الشحار، في مستديرة رمحالا مخبأ للصوص وقطاع الطرق حيث يتم سلب وتشليح المارّة ما جعل جماعة المكارية الذين يسلكون هذه الطريق لطحن الحبوب في مطاحن الجسر يضطرون لسلوكها جماعات معاً خوفاً من تعرضهم للسلب.

تجدر الإشارة أنّ أول سيارة كبيرة «بوسطة» لنقل الركاب سلكت طريق جسر القاضي من المناصف إلى بيروت كان يملكها ويقودها نسيب فياض من بلدة بشتفين. كما اشترى الشيخ أمين الدبيسي من جسر القاضي أول سيارة فورد بودعسة.
لقد تم تعبيد طريق جسر القاضي لأوّل مرة سنة 1964 ثم جرى توسيعها وتعبيدها سنة 1985 أيام تولي وليد بك جنبلاط وزارة الأشغال العامة. وفي العام نفسه تم إنشاء الجسر الجديد.

وبسبب من أحداث الحرب الأهلية بدءاً من سنة 1975 أصبحت طريق جسر القاضي الشريان الوحيد الرابط بين بيروت والشوف، والجنوب والبقاع، بخاصة بعد الاجتياح الإسرائيلي للجبل ولبنان سنة 1983، إلى أن أعيد فتحها سنة 1985 بعد انكفاء الاحتلال الإسرائيلي عن الجبل وعودة أهالي الشحار الغربي إلى قراهم.

جسر القاضي قرية صغيرة بمرسوم جمهوري

لم تكن قرية جسر القاضي ذات كيان خاص بل كانت ضمن خراج البنيّه، وكانت هذه المحلّة تقتصر في البداية على المطاحن فقط. وبعد أن بنى العثمانيون الجسر الثاني وأقاموا الخانات وبسبب هذا التطور الذي حصل، رأى بعض الذين قدموا إلى هذا المكان واعتبروه مكسباً للعيش لا يُستهان به فأقاموا فيه بعض الدكاكين والمطاعم البسيطة تأميناً لحاجة المارين والمكارية وعربات الخيل الذين كانوا يبيتون ليلتهم هناك قبل أنتقالهم شرقاً أو غرباً. اشترى بعض أصحاب هذه المتاجر والخانات أراضي في جسر القاضي من آل أمان الدين، وآل حمدان دون أن يبنوا منازل لهم. وفي نهاية القرن التاسع عشر بدأ الشيخ سليم الدبيسي بشراء الأراضي في تلك المحلّة وأنشأ دكاناً للحدادة العربية قرب الجسر، وفي بداية القرن العشرين أقام أول مسكن له في جسر القاضي فكان بذلك أول السكان الفعليين في المحلة، وكان بعض الأخوة المسيحيين من قرى الجوار قد تملكوا أراض أيضاً زرعوها بمختلف أنواع الأشجار المثمرة كـ الزيتون والكرمة معتمدين على مياه النهر التي تغذي الأراضي بواسطة أقنية متفرعة من أقنية المطاحن المائية.

جسر القاضي اليوم قرية صغيرة أُنشئت بموجب قانون في مجلس النواب تحت رقم 25 على 66 بتاريخ 31 – 5 – 1966 وأصبح لها كيان خاص يتولّى المختار عدنان الدبيسي إدارة شؤونها المحلية خلفاً لشيقيقه الأستاذ كمال الدبيسي ووالده الشيخ أمين الدبيسي.

عدد سكان جسر القاضي ما يقارب 120 نسمة يعيش معظمهم خارج البلدة، وتقتصر إقامتهم على أيام الأعياد وعطلة نهاية الأسبوع وقضاء فصل الصيف.
تعلو قرية جسر القاضي عن سطح البحر حوالي 300 م، وتبعد عن بيروت 32 كلم عن طريق خلدة – عرمون، و36 كلم عن طريق عاليه – بيروت

الطرق التي ترتبط بجسر القاضي هي:
جسر القاضي – قبر شمون.
جسر القاضي – المناصف – كفرحيم.
جسر القاضي – بخشتيه – عاليه.
جسر القاضي – كفرمتى – عبيه وهذه الطريق شُقّت من قبل المرحوم كمال بك جنبلاط سنة 1975.
في العام 1943 إبّان الحرب العالمية الثانية حيث كانت قوّات حكومة فيشي تحتل لبنان، قام الأسطول الإنكليزي بمهاجمة تلك القوات وقصفها من البحر، فعمد الفرنسيون إلى تلغيم الجسر ووضْع أكثر من طنّين من الديناميت بجانب ركائزه الأربع لتفجيره عند قدوم القوات البريطانية من جهة الدامور ولحسن الحظ نجا الجسر من التهديم بحلول الهدنة عام 1944.

فيضان النهر

باستثناء الطوفان الكبير الذي جرى سنة 1556 ميلادية، لم تشر المراجع التاريخية إلى طوفان غيره، إلّا طوفان 1942. حيث غمرت المياه قنطرة الجسر الكبيرة بالكامل فتعرضت المطاحن المجاورة لمجرى النهر لأضرار جسيمة.

جسر القاضي نقطة أمنية

بالنظر إلى موقع جسر القاضي الجغرافي كنقطة وصل بين منطقتي الغرب والشوف فقد أقيمت عليه في فترات متباعدة ومتقاربة عدة حواجز ومخافر أمنية نذكر منها:
في أيام الحكم العثماني والانتداب الفرنسي أقيم مخفر ثابت للدرك على الجسر.
في العام 1975 مع بداية الحرب الأهلية أقيم حاجز لقوى الأمن الداخلي، ومن ثم حاجز للجيش اللبناني.
حاجز الجيش اللبناني من العام 1991 حتى العام 2006.

نهر الدامور

إنّ النهر الذي يمر بقرية جسر القاضي المعروف بنهر الدامور ينبع من نبع الصفا شمالي عين زحلتا وينحدر من هناك إلى وادي معصريتي رشميّا حيث أقام الفرنسيون عليه في عهد الانتداب معملاً صغيراً لتوليد الكهرباء في وادي رشميا لا يزال سليماً إلى اليوم، ومن نبع الغابون فيلتقيان في جسر القاضي ويشكلان نهر الدامور.

لم تقتصر أهمية النهر الاقتصادية على إقامة المطاحن المائية كما ذكرنا بل أتاح للأهالي أن يستثمروا الأراضي على جانبيه بالزراعات المختلفة كالسفرجل والحمضيات والدراق والتفاح والليمون. وذلك من خلال أقنية الري التي تتفرع من المطاحن. أما زراعة التوت فقد كانت من الزراعات الأساسية الرائجة في مطلع القرن التاسع عشر في لبنان وفي جسر القاضي بالذات، حيث أنشأ معملاً لصناعة الحرير يعرف بالكرخانة، وكان يعمل فيها عشرات العمال كانوا يفدون إليها من القرى المجاورة وقد نتج عن ذلك حركة كبيرة على الجسر، أحيت المنطقة وأنعشتها. أما زراعة الزيتون فهي قليلة لكون الأراضي في محيط الجسر «شحّارية» لذلك زُرعت كل الأراضي غرب النهر بالصنوبر، وأكثرها اليوم يندرج في ملكية الوقف الدرزي الذي كانت نواته في الأصل الأملاك التي وهبها الشيخ أحمد أمان الدين من عبيه إلى وقف الدروز.

مقاهي النهر

في جسر القاضي عدد من المقاهي أبرزها:
– مقهى الجسر الكائن بالقرب من الجسر العثماني.
– مقهى القناطر وهو موجود في مطحنة القناطر.
– مقهى الجسر الجديد وهوبين الجسرين القديم والجديد.
– مقهى ملتقى النهرين وهو بالقرب من جسر نهر الغابون.

المحيط الحيوي

– يكتسب جسر القاضي أهمية جمالية كبيرة قد لا يضاهيها أي مكان في لبنان، ليس فقط لأنَّه صلة الوصل بين مناطق الشوف وعاليه وبعبدا، بل لأنه يقع كذلك على امتداد جغرافي فريد من نوعه بالنظر لتعرجاته وللطبيعة الخلّابة المحيطة به، والقرى المشرفة على واديه الساحرالمنتشرة على جانيه، حيث تشكل من حوله حزامأ عمرانياً من القرى الفائقة الجمال قلّ نظيرها.

– وأنّى أتجهت من النبع إلى المصب في وادي جسر القاضي يأسرك سحر الطبيعة وجمالية المكان، فمن عين زحلتا والصفا شرقاً إلى قرى الحرف والكنيسة ودير كوشة وبشتفين وكفرفاقود ودير بابا وكفرحيم ودميت فملتقى النهرين بالقرب من الدامور. يقابلك من الغرب قرى وبلدات كفرمتى والبنيه وقبر شمون ورمحالا والغابون وسلفايا وبوزريدة وصولاً إلى رشميّا ومعصريتي والرملية ووادي بدغان، حيث تنتشر قرى عامرة تضج فيها الحياة وتشكل المدى الأخضر لجسر القاضي، فتخالها جنائن معلقة أو قناديل مشعة بين السماء والأرض فيأخذك سحر المكان، كما لو كنت في جنة الله على أرضه……

.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي