فيزياء الكوانتوم
فيزياء الكوانتوم تجـــــــد الله!
كيف قوّضت الفيزياء الحديثة
النظرية الماديّة الساذجة للكون
رشيد حسن
فيزياء نيوتن وفّرت الأسس لانتشار المادية وفلسفات ا لإلحاد لاعتبارها الكون نظاماً ذاتي الحركة لا يحتاج إلى محرك من خارجه
قرر عباقرة فيزياء القرن العشرين استكشاف عالم ما تحت الذرة
فوجدوا عالماً عجيباَ يحكمه الوعي ولا يخضع لحتمية أو لقياس
“لابدّ أن يكون هناك كائن خارج الكون يراقبه لكي تنهار الحالة الموجّية للكون لتصبح الواقع الذي نشاهده، إذ إنه من دون هذا المراقب الخارجي سيتبخر هذا الكون إلى مجرد حالة احتمال”
(عالم الفيزياء والفلكي البريطاني العالمي ستيفن هوكنز)
كانت الفترة ما بين إصدار اسحق نيوتن لكتابه حول “الأسس الرياضية للفلسفة الطبيعية” سنة 1687 ونهاية القرن التاسع عشر العصر الذهبي للعلوم ولتطبيقاتها في كافة أوجه الحياة اليومية للإنسان، ولهذا السبب ربما فإن هذه الفترة المهمة من تاريخ الحضارة الإنسانية كانت العصر الذهبي للنظريات المادية التي أشاحت عن المسلمات الدينية وأهملت الفلسفة والميتافيزيقيا لتحتفل بالإنجازات المتوالية للعقل البشري. شعر الإنسان أكثر من أي وقت مضى بثقة كبيرة بالعقل الإنساني وأدى التقدم العلمي والمادي إلى تعزيز الفكرة القائلة بأن الإنسان هو الذي يصنع زمنه وظروف عيشه، وبينما أدى نمط الحياة الزراعية المعتمد بشدة على الظروف الطبيعية وصعوبة التنبؤ بها إلى الحفاظ على تقاليد الإيمان والعبادات برعاية مباشرة من الكنيسة والبنى السياسية لإقطاعية، فإن انحسار العمل في الزراعة والتركز المتزايد في المدن أدى على العكس إلى نشوء أجيال شديدة الالتصاق بظروف التمدن والصناعة وأكثر ميلاً الى تبني النظرة الواثقة للفلسفة المادية والتي باتت تعتبر الإنسان هو سيد نفسه وترى (كما رأى لوثر في ألمانيا الكاثوليكية) في الدين بصيغته الرعوية الخانعة عقبة أمام التقدم الاقتصادي والعلمي والاجتماعي.
هذا التقدم الاقتصادي والعلمي وهذا التنوير الثقافي الذي أعلى كثيراً من قدر الإنسان وطاقته العظيمة جاء بدوره على أثر ثورة علمية خطيرة تمثلت خصوصاً في انهيار بعض أهم المعتقدات البالية للكنيسة والتي رفضت القبول بالعديد من المكتشفات أو الحقائق العلمية مثل القول بكروية الأرض أو موقع الشمس في مركز المجموعة الشمسية وغير ذلك من نتائج العبقرية العلمية الإنسانية، وكاد العالم الفلكي الشهير غاليليو يخسر حياته على محرقة كنسية لولا أن قبل على مضض التراجع عن النتائج العلمية التي توصل إليها، لكن العقل البشري كان، بفعل التطور العلمي والاقتصادي قد شبّ على الطوق وبات مستعداً أكثر فأكثر، عبر مفكري وفلاسفة عصر الأنوار، لتحدي الأفكار الجامدة للمؤسسة الكنسية، وأدى الاستقطاب بين العلم من جهة وبين الجمود الديني إلى تصوير الفكر الديني باعتباره مناقضاً للعلم وعامل تأخير للنهضة العلمية وحركة التطور بصورة عامة، كما ساهم في صرف فئات من الرأي العام عن الدين دافعاً بها إلى أحضان الأفكار المادية التي لم تكن الماركسية في أواسط القرن التاسع عشر سوى ذروتها الطبيعية.
نيوتن والنظرية المادية للكون
وقبل الثورة الصناعية وظهور المدنية الغربية بقرنين تقريباً كان العالم شهد حدثاً علمياً كبيراً هو قيام الفيزيائي والعالم البريطاني اسحق نيوتن في تموز/يوليو من العام 1687 بوضع المبادئ الأساسية لعلم الميكانيكا الحديث ولقوانين الحركة والجاذبية الكونية، وأبرز ما جاء به نيوتن هو إثباته أن الأشياء على الأرض كما الأجرام والكواكب تحكمها نفس مبادئ الحركة والجاذبية بدقّة ومنذ الأزل البعيد، وأدى هذا الكشف إلى تعزيز الفكرة القائلة بأن الكون “نظام قائم بذاته” ثم وبالاستناد إلى مبادئ نيوتن طور العالم الفرنسي دي لابلاس نظريته عن “الحتمية العلمية” والتي تقول “إننا لو عرفنا مواقع وسرعات كل جسيمات الكون في أحد الأوقات فإن قوانين الفيزياء ستتيح لنا أن نتنبَّأ بما ستكون عليه حالة الكون في أي وقت آخر في الماضي والمستقبل”، فكل شيء قد تحدد مسبقاً في الزمن، والكون عبارة عن آلة ميكانيكية ضخمة تسير وفق قوانين حتمية وسببية.
بذلك، تحولت قوانين نيوتن مع الوقت إلى المرتكز الأهم للنظريات المادية التي تقول بأزلية الكون وقدمه وأنه مسيّر بقوانين طبيعية دقيقة وقديمة وإنه بالتالي لا حاجة لهذا العالم إلى قوة من خارجه تنظم حركته أو تحكم عالم الأشياء والأفلاك.
لا بدّ من التوضيح مع ذلك أن نيوتن على الرغم من أن وضعه لقوانين الحركة والجاذبية الكونية كان بريئاً من النظريات المادية التي وضعت بالاستناد إلى قوانينه، بل إنه حذر من استخدام تلك القوانين بهدف تصوير الكون كآلة، فقال: “إن الجاذبية تفسِّر حركة الكواكب، ولكنها لا تفسر من الذي يجعلها تتحرك. فالله يحكم كل شيء ويعرف كل شيء كان وما يمكن أن يكون.”
اكتشاف الإلكترون يفتح أبواب المجهول
لم يؤدّ اكتشاف الذرة كجزيء متناه في الصغر إلى إضعاف النظرة المادية بل على العكس كرّسها لأن الماديين استعاروا فوراً من ديموقريطس تعريفه للذرة كأصغر جزيء للمادة باعتبارها اللبنة التي يتكون منها الكون، وقد اعتبر ديموقريطس أن كل شيء في العالم مكون من ذرّات ومن فراغ، وقد يظهر الشيء بلون معين أو بطعم معين لكن كل الاختلافات تعود إلى اختلاف في تراكب الذرّات.
لكن في العام 1897 حقق العالم البريطاني جوزيف جون طومسون كشفاً علمياً ثورياً باكتشافه للإلكترون، وبهذا الاكتشاف تأكّد أن الذرة ليست أصغر جزيء يتكون منه العالم الظاهر إذ إن محيط الإلكترون يقدر بنحو واحد من مليار مليار من الذرة (مليار مليار يجب أن يكتب على الشكل التالي:
1/1,000,000,000,000,000,000
أي واحد يتبعه 18 صفراً، مما يظهر الحجم اللانهائي في الصغر للإلكترون عند مقارنته بالذرة. وحرك اكتشاف الإلكترون طموحات فيزيائيي مطلع القرن العشرين لاستكشاف هذا العالم الجديد ومحاولة اختراق حجب المادة الكونية، لكن حتى في ذلك الحين، ورغم اكتشاف الإلكترون باعتباره جزيئاً للشعاع الكاثودي في اختبار العالم طومسون، فقد بقي الافتراض السائد في أوساط علم الفيزياء هو أن ما ينطبق على عالم الأجرام من مبادئ وقوانين نيوتن لا بدّ وأن ينطبق على عالم الجزيئات المتناهية الصغر الذي أصبح من الممكن استكشافه مع التطور الكبير في تقنيات المراقبة والاختبار والقياس.
عجائب العالم الخفي للجزيئات
بهذا الاعتقاد، بدأ هؤلاء العلماء إجراء أبحاثهم على عالم الجزيئات، لكنهم ما إن خطوا خطواتهم الأولى في هذا العالم حتى أصابهم الذهول مما شاهدوا وبدأوا يعتبرونه من الأسرار والأعاجيب.
اكتشفوا أنهم دخلوا عالماً لا يخضع إطلاقاً لقانون الحتمية أو السببية




“إن العِلم لا يمكنه أن يفكّ اللغز الكبير للطبيعة، لأننا وفي التحليل الأخير جزء من اللغز الذي نحاول أن نفكّ طلاسمه”
(ماكس بلانك مكتشف الكوانتوم)
وأن الانتظام البديع الذي أثبت نيوتن وجوده في سلوك الأجرام والأجسام الكبيرة غير موجود في عالم الجزيئات الغامض، وعند كل تقدم في البحث كان العلماء يفاجأون وتزيد حيرتهم، إذ يجدون أنفسهم في عالم لا يمكن التنبؤ بسلوكه، فهو عالم من موجات طاقة يمكن أن تنقلب إلى جزيئات أو جزيئات يمكن أن تنقلب إلى موجات طاقة، وهو عالم لا يمكن فيه تحديد موقع الجزيء أو سرعته في آن معاً وإنما وضع احتمالات فقط لمكان وجوده، وهو عالم يمكن للجزيء أن يكون موجوداً في أكثر من مكان في وقت واحد، كما إنه عالم ينتقل من الاحتمالية إلى الوجود الحقيقي بمجرد رصده من الإنسان، فالموجة تبقى موجة احتمالية حتى يبدأ العالِم رصدها وعندها فإنها تصبح جزيئاً يمكن التعرّف عليه، لكن ما إن يتوقف الرصد حتى يرجع الجزيء إلى حالته السابقة كموجة، كما لو أن قوة خفية هي قوة الوعي المطلق تلاعب العلماء وتخاطبهم أن ارجعوا عن أفكاركم المادية وثقتكم المطلقة بعلمكم وتقنياتكم لأن هذا الكون له أسراره وقد جاء في القرآن الكريم في هذا الموضوع قوله – جلّ من قائل:
}وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا{
(الإسراء:85)
وقد أدرك العلماء أنهم بتطفلهم على عالم الجزيئات المتناهية الصغر إنما دخلوا في ملكوت الخلق المبهر للخالق المطلق القدرة، مثلما حدث عندما اكتشفوا تمدد الكون وبالتالي كونه غير قديم بل محدثٌ ومخلوق.
وكان استكشاف العلماء لعالم الأجزاء المتناهية الصغر هو الطريق الذي سيقودهم إلى التأكّد علمياً من أن الوجود المادي ليس بالصلابة التي يظنّونها، وأن كل حركة في الكون وكل جزء وكل موجود إنما هو وجود لطيف في حقيقته وأنه يسير ويظهر كوجود صلب أو ظاهر بطاقة كامنة وواعية تظهره من عالم الاحتمال إلى عالم الوجود وإنه لا يمكن من دون هذا الوعي (أو “الراصد” كما أسماه علماء فيزياء الكوانتوم) لأي شيء أن ينتقل من عالم الاحتمال إلى الوجود العياني، أي أنه من دون عامل الوعي الذي يمكن اعتباره العقل الأرفع فإن الوجود سيتلاشى في لحظة ليعود إلى عالم الاحتمال. وقد أكّد ستيفن هوكنز أكبر فيزيائيي وفلكيي العصر الحاضر هذه الحقيقة عندما قال: “لا بدّ أن يكون هناك كائن خارج الكون يراقبه لكي تنهار الدالة الموجية للكون لتصبح الواقع الذي نشاهده، فبدون هذا المراقب الخارجي سيتبخر هذا الكون إلى مجرد دالة احتمال”.
المدهش أن الله تعالى خالق هذا الكون أنبأنا بهذه الحقيقة العلمية بوصف بات في إمكاننا أن نعي مغزاه الحقيقي اليوم عندما يقول – جل من قائل:
}إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ{
(فاطر:41)
ومن هذه الزاوية، فإن فيزياء الكوانتوم واكتشافاتها المدهشة جعلت عدداً من العلماء الصادقين يشعرون بالتواضع ومدى عجز الحواس والفكر البشري عن إدراك حقيقة الوجود وقد توصل أكثرهم وإن بطريقة غير مباشرة الى الاعتراف بوجود قدرة مطلقة تحرك الكون كما عثر بعض العلماء الذين كانوا من المؤمنين بوجود الخالق أدلة قاطعة تعطي للإيمان ولأول مرة براهين علمية لا يمكن الجدال فيها.


صَدَق الحكماء وأهل العرفان
بذلك، فإن فيزياء الكوانتوم في نظر الكثيرين أثبتت أن الحكماء والأنبياء عرفوا منذ ألوف السنين، وبالعلم اللدني والكشف العرفاني، الحقائق التي توصل إليها العلم الحديث بأسلوب الاختبار والبحث العلمي، وهؤلاء الحكماء الذين سبقونا بألوف السنين كانوا ومن دون حاجة لعلم الرياضيات أو تقنيات البصريات والفيزياء الحديثة، على اطلاع تامّ على العالم اللطيف الذي لا يختبر بالحواس وهم قاموا بوصف ذلك العالم وتحدثوا عنه.. لقد دار العلم دورة كاملة ليصل في نهاية المطاف إلى ما اختبره أهل الأسرار من حكماء العرفان، وتم بذلك وبفضل فيزياء الكوانتوم حل التناقص بين الاختبار العرفاني أو الروحي المباشر وبين العلم ، وبين الحدسي أو العرفاني وبين العقلاني.
لكن فيزياء الكوانتوم تسببت بصدمة كبيرة للفلسفة المادية التي وبالاستناد إلى فيزياء نيوتن ودي لابلاس أنشأت نظرة متكاملة عن عالم قديم غير مخلوق ويتحرك وفق حتمية مادية وقوانين ظهرت منذ الأزل، وقد تهاوت هذه المسلمات مثل بناء من ورق أمام الاكتشافات القاطعة علمياً لعالم فيزياء الكوانتوم (أو ميكانيكا الكوانتوم حسب تسمية أخرى) وكلما كان هؤلاء العلماء يتقدمون أكثر في استكشاف أغوار الجزيئات كلما كانوا يرون أمامهم عالماً لا يخضع للسببية أو للحتمية العلمية التي اعتادوا على التعامل معها في الفيزياء التقليدية. لقد اكتشفوا أن الجزيئات تتصرف بـنوع من “الحرية” وأنها لا تخضع لقانون السببية بقدر ما تعمل وفق مبدأ الاحتمالية، كما اكتشفوا – وهذا هو الذي أذهلهم- أن الجزيء يتصرف بأسلوب عندما لا يكون مراقباً لكنه يتصرف بأسلوب آخر إذا تمت مراقبته، وبدا لهؤلاء العلماء أن هذا العالم الذي يبدو صلباً وكثيفاً للحواس هو في حقيقته مؤلف من موجات طاقة لا كتلة مادية لها لكنها يمكن أن تتحول إلى جزيئات يمكن قياسها تحت ظروف معينة. وباختصار فلا شيء في عالم الجزئيات مقرّراً سلفاً مما يعني أن الحتمية العلمية التي استخلصها العلماء الماديون من قوانين نيوتن هي في عالم الجزيئات مجرد وهم، وأن عناصر الكون تتصرف وفق حكمة لا أحد يمكنه التنبّؤ بها، وهي حكمة خارجة عن أي نظام ميكانيكي مفترض يمكن قياسه أو توقع مساره المستقبلي. هنا بالتحديد طرح السؤال ما هي القوة التي تمسك بفعالية تامة وبصورة محكمة بالكون وبحركة الجزئيات والموجات وتنظّمها بصورة تعطي للأشياء والأجسام التي تبدو لنا صلبة هيئاتها وخصائصها ووظائفها؟ وهذه القدرة الذكية التي ظهرت في حركة الجزيئات وسلوكها ولاسيما صعوبة التنبؤ بما تقوم به أو بمكانها أو سرعتها أو غير ذلك من الخصائص، لا يمكن أن تكون قوة عشوائية أو عامل صدفة بل لا بدّ أن تكون قوة كلية القدرة تتخلل كل شيء وتتحكم بحركة كل شيء بدءاً باللبنات الأساسية للوجود وحتى أعظم الأجرام والأفلاك.
فيزياء الكوانتوم تجد الله
بذلك، وكما كانت قوانين نيوتن منطلقاً لازدهار التفكير اللاديني في الغرب، فإن مكتشفات علم فيزياء الكوانتوم فتحت عيون العلماء على حقيقة الغيب وأسرار الوجود وأطلقت تيارات فكرية بين العلماء أنفسهم تعتبر أن فيزياء الكوانتوم حققت التصالح بين العلم وبين الفلسفات الروحية حتى السحيقة القدم منها، ومن أجل إعطاء صورة عن حجم الصدمة التي وجهتها نظرية فيزياء الكوانتوم للنظريات المادية، يكفي استعراض القناعات التي عبّر عنها عدد من رواد ذلك العلم والذين ساهموا بصورة أساسية في تطوير فرضياته ومبادئه وقوانينه.
العالم الألماني ماكس بلانك الذي يعتبره البعض مكتشف عالم الكوانتوم في فجر القرن العشرين وبالتحديد في العام 1900 انتهى من تجاربه إلى هذا القول العميق : “إن العِلم لا يمكنه أن يفك اللغز الكبير للطبيعة، لأننا وفي التحليل الأخير جزء من اللغز الذي نحاول أن نفك طلاسمه”. ويقول بلانك أيضاً بما يدحض تماماً نظرية الحتمية العلمية “ليس من حقنا أبداً أن نفترض في عالم الفيزياء أي وجود لقانون محدد، أو أن وجود مثل هذا القانون في وقت معين يعني أنه سيستمر قائماً على نفس المنوال في المستقبل”.
فرنر شرودنغر العالم النمساوي الذي يعود له الفضل في تطوير نظرية المادة كموجات طاقة، انتهى في سنواته الأخيرة من نشر كتاب سماه “ما هي الحياة؟” وفيه توصل إلى استنتاج يتوافق مع التعليم التوحيدي الفيدانتي الذي يعتبر الروح الفردية جزءاً من “روح أوحد” هو في حقيقته أساس الحياة كلها.
أما نيلز بوهر الذي يعتبر من أبرز الذين ساهموا في تطوير فيزياء الكوانتوم فإنه تأثر بأفكار المفكر المسيحي الصوفي كيركغارد واختار لنفسه شعاراً مميزاً يمثل التفكير الفلسفي الصيني القديم للينغ واليانغ مع صورة فيل (مستوحاة من الإرث الهندوسي) وشعاراً يقول “المتضادات متكاملة في ما بينها”.
ماكس بورن العالم الألماني الذي ساهم في تطوير نظرية “عدم اليقين” في فيزياء الكوانتوم خاطب مستمعيه في حفل منحه جائزة نوبل في العام 1952 بهذه الكلمات:
“إنني أؤمن بأن أفكاراً مثل اليقين المطلق أو الصحة المطلقة أو الحقيقة النهائية الخ.. هي محض خيالات يجب عدم السماح بها في حقل العلوم، من ناحية أخرى فإن أي استنتاج حول احتمال معين يحتمل أن يكون صواباً أو خطأ من منظور النظرية التي يستند إليها. وهذا “التساهل” أو “الرخاوة الفكرية” هي في نظري أكبر نعمة منحتها العلوم الحديثة لنا، لأن الإيمان في حقل العلم بحقيقة وحيدة مطلقة وبامتلاك جهة واحدة لها، هو أصل كل الشرور في عالم اليوم”..
ويقول الفيزيائي الأمريكي فريد آلان وولف: “إن الوعي هو العنصر الخلاق في هذا العالم لكن ما هو هذا الوعي؟…إنه ذلك العنصر الذي يقع خارج العالم المادي والذي يقلص موجة الاحتمال مستخرجاً النتيجة المرصودة”.
ويقول الفيزيائي الأمريكي يوجين فيجنر: “عندما تم توسيع نطاق النظرية الفيزيائية لتشمل الظواهر الذرية من خلال استحداث ميكانيكا الكوانتوم عاد مفهوم الوعي إلى المقدمة، إذ لم يعد ممكناً صياغة قوانين ميكانيكا الكوانتوم بشكل متسق كلياً دون الرجوع إلى الوعي”.
لكن بينما أمكن تدريس قوانين نيوتن في المعاهد والجامعات وكذلك النظرية النسبية لأينشتاين فإن نظرية فيزياء الكوانتوم لن تكون في متناول الأفراد العاديين لأنها ليست نظرية بالمعنى المتعارف عليه في النظريات العلمية، بل هي “إطار” لمجموعة من النظريات والمكتشفات التي توالت وتكاملت في ما بينها بحيث كانت كل نظرية تبني على ما سبقها وتضيف إليها اكتشافات جديدة، وبهذا المعنى فإن فيزياء الكوانتوم لم تكن ثمرة عبقرية شخص واحد (كما كانت نظرية النسبية)، بل ساهم فيها العديد من العلماء خلال مدة ربع قرن على الأقل، وقد اجتمع على تطوير نظرية فيزياء الكوانتوم أعظم العقول الرياضية والفيزيائية في تاريخ البشرية وعمل هؤلاء خصوصاً منذ مطلع القرن العشرين على تطوير النظرية وعقدوا المؤتمرات العلمية لاستعراض نتائج عمل كل منهم إلى أن تمّ في مدينة كوبنهاغن العام 1925 ثم في مدينة سلوفاي في بلجيكا في العام 1927 التوصل إلى تفاهم عريض بين العشرات من علماء ذلك العصر على تعريف أهم مبادئ فيزياء الكوانتوم وقوانينها.
وبهذا المعنى، فإن علم فيزياء الكوانتوم الذي بدأ مع ماكس بلانك في العام 1900 لم تكمل ما سبقها أو تبني عليه بالطريقة التي تطور فيها تاريخ العلوم بل جاءت بفرضيات جديدة تنسف كل ما قبلها وتنسف بصورة خاصة أهم قواعد الفيزياء الكونية كما وضعها نيوتن والذين جاءوا بعده، ولهذا السبب فقد شكلت اكتشافات فيزياء الكوانتوم صدمة هائلة للعقل وحتى للتفكير العلمي، حتى إن عالماً فذاً مثل أينشتاين وجد في البدء صعوبة في القبول ببعض كشوفاتها التي بدت منافية للمنطق أو قانون السببية، وإن كان قد
التصرف الغريب لجزيئين متشابكين يظهر أنهما يتواصلان عن بعد وأن الكون كلٌّ مترابط وأن الرابط الخفي بين مختلف أجزائه هو نوع من الوعي الكوني الصــرف
أذعن لاحقاً بعد أن تم إثبات تلك النتائج التي قد لا يقبلها العقل بصورة علمية لا تقبل أي شك.
أدت ولادة فيزياء الكوانتوم إلى صدمة كبيرة للنموذج القديم للفيزياء الكلاسيكية وهي أجبرت العلماء على إجراء إعادة نظر جذرية بكل ما كانوا قد تعلموه عن الواقع من الألف إلى الياء، حتى أكبر علماء البشرية اعترفوا بأنهم لم يفهموا فيزياء الكوانتوم، ليس فقط لأن كل ما فيها لا يطابق البداهة الفكرية بل لأنها تخالف بعض أهم مرتكزات “المنطق الإنساني”. لقد أظهرت فيزياء الكوانتوم أن ما ينطبق على عالم الأشياء المنظورة أو الكبيرة لا ينطبق على عالم ما دون الذرة الذي تحكمه في الواقع قوانين مختلفة تماماً وهي قوانين تبدل فهمنا للعلاقة بين السبب والنتيجة ما هو هنا وما هو هناك مفهوم الحاضر والمستقبل. إن فيزياء الكوانتوم تدعونا لأن ندرك ليس فقط بأن حقيقة الأشياء تختلف عمّا تظهره للحواس بل إنها قد تكون أي شيء ومما لا يخطر على بال.
نأتي الآن إلى شرح فيزياء الكوانتوم محاولين جعل هذا الموضوع المعقد في متناول الناس قدر الإمكان، وسنبدأ بتعريف أساسي هو أن فيزياء نيوتن التي تلقيناها في المعاهد تهتم بالقوانين التي تحكم الأشياء الكبيرة الظاهرة للحواس مثل المجرات والأجسام والميكانيكا.. أما فيزياء الكوانتوم فإنها تهتمّ بدرس عالم الأشياء المتناهية الصغر مثل الإلكترونات والفوتونات، وعلى سبيل التبسيط وكمدخل للموضوع فإننا نعرض هنا لأهم المبادئ التي تحكم كلاً من هاتين المدرستين وتفرق بالتالي جذرياً بينهما:
أولاً: المبادئ الأساسية للفيزياء الكلاسيكية
1. العالم كله مصنوع من المادة
2. العالم يسير وفق قوانين لها طابع الحتمية
3. العالم مجموع لا نهاية له من أشياء منفصلة عن بعضها ولا يربط بينها سوى قوانين الجذب والحركة
4. العالم موجود ومستمر من تلقاء ذاته وباستقلال تام عن الوعي البشري
ثانيا: المكتشفات الأساسية لفيزياء الكوانتوم
1. العالم ليس مكوّناً من مادة صلبة بل هو عبارة عن طاقة وموجات من الوجود الاحتمالي
2. العالم ليس عبارة عن ساعة كونية دقيقة بل وجوداً تحكمه العفوية ودرجة كبيرة من الحرية في حركة عناصر هذا الوجود.
3. العالم ليس مكوناً من أشياء مستقلة تتفاعل في ما بينها في إطار الزمان والمكان بل من مكونات متشابكة من كلٍّ لا يتجزأ ويجمعها وعي واحد.
4. العالم لا يوجد بذاته كماهية مستقلة عن المراقب بل يبدل شكله وفقاً للطريقة التي يراقب بها من الوعي البشري، فالوعي إذاً ليس مجرد شاهد بل عامل فعل في الوجود.
العالم كله موجات طاقة
كان ماكس بلانك أول من لاحظ الخاصية المزدوجة للموجة- المادة وذلك عندما وجد في اختبار أجراه في العام 1900 أن توزيع الألوان المنبعثة من لهيب مضيء مثل المصباح الكهربائي يتبع نظاماً معيناً يشير إلى أن الضوء لا يأتي كموجة متواصلة كما يقول نيوتن وإنما في “كميات” Packs وبالتالي فإن الضوء يمكن أن “يتخذ صفة كمية” أي يصبح Quantized، ومن أجل إعطاء تعريف للوحدة من تلك “الدفعات” المتوالية من “كم” الضوء أطلق بلانك عليها اسم Quanta واشتّقَّ اسم فيزياء (أو ميكانيكا) الكوانتوم في ما بعد من تلك التسمية.
من دون أن يدري كان بلانك يكشف النقاب عن أحد أغرب الحقائق في تكوين الوجود والتي ستأخذ محاولة فهمها عقوداً من الزمن وهي مسألة الطبيعة المزودة للوجود كمادة وكطاقة في الوقت نفسه مع إمكان تحول المادة إلى طاقة والطاقة إلى مادة، وبما أن مادة الكون ليست في النهاية بالصلابة التي نظن وإنما هي موجة أو طاقة في الوقت نفسه فإن الاستنتاج الذي بني على هذا الكشف هو أن الوجود الظاهر بكامله ليس المادة التي نراها بحواسنا فلا الجبال جبالاً ولا البحار بحاراً بل الكلّ هو محيط لا نهاية له من تلك اللبنة الصغرى للكون وهي مجرد طاقة أو نور، لكنها طاقة لطيفة يمكن أن “تتكثف” وطاقة كثيفة يمكن أن “تتلطف” وقد فضل بعض العلماء القول إن اللبنة الأساسية للوجود لا هي طاقة ولا هي مادة بل هي شيء فريد يسمونه الكوانتوم Quantum للدلالة على تكوينه الهيولاني الذي تصعب الإحاطة به وبحقيقته.
إنهيار الحتمية المادية
لكن هدم الفرضية المادية لحقيقة العالم لم يكن سوى أولى وأهم النتائج التي توصلت إليها فيزياء الكوانتوم، ذلك أن اعتبار الوجود المادي مجرد محيط لا نهائي من الموجات الاحتمالية هدم أيضاً الحتمية المادية للفيزياء النيوتنية، فهذا التكوين المعقد الذي يمثل


بنية الوجود الظاهر لا يمكن التنبؤ بأي من سماته بيقينية علمية، وبدل النظر إلى المادة كبنية أو كنظام تحكمه قوانين دقيقة اكتشفت فيزياء الكوانتوم أن الآلة الكونية تتصرف، عند مستوى الجزيئات المتناهية الصغر بقدر كبير من العفوية وضمن حيز من الحرية يجعل من المستحيل التعامل معها وفق المعايير اليقينية للفيزياء النيوتنية التي بدت قابلة للتطبيق على الأنظمة الكونية الكبيرة.مبدأ عدم اليقين بحسب هذه الخاصية في طبيعة الجزيئات والتي اكتشفها هايزنبرغ في العام 1926 فإن هناك عدم يقين أساسي في جميع الكميات المتناهية الصغر التي نرغب في قياسها، فنحن لا يمكننا أن نحدد بدقة موقع جزيئات الكوانتوم بسبب طبيعتها الموجية الضبابية وغير المستقرة على حال، وحسب مبدأ عدم اليقين فإن من المستحيل على المراقب أن يكون متأكداً من مكان الجزيء particle ومن سرعة حركته في آن واحد، وبهذا المعنى كلما تمكّنا من إزالة عدم اليقين بالنسبة الى مكان الجزيء فإننا نزيد إلى الحد الأقصى درجة عدم اليقين بالنسبة الى سرعته والعكس بالعكس، وعندها فإن الدارس يمكنه فقط أن يحدد نسب احتمال معينة لكافة الأمكنة التي يمكن أن يوجد فيها الجزيء وللسرعة التي سيكون عليها، وقد تمكن العالم الألماني شرودنغر من وضع حل لهذه المسألة عبر ما سمّي بمعادلة الموجة Wave function.
هذه الخاصية في الجزيئات أمر محيّر فعلاً لأنه يناقض ما اعتدنا عليه في عالم الأشياء التي نتعامل معها، فنحن نعلم أن كل شيء يجب أن يكون في مكان معين يمكن أن نعلمه وأن يكون له وزن أو قيمة معينة يمكن قياسها ووضعية حركة معينة يمكن التثبت منها ووقت معين للحدوث. أما في مراقبة الجزيئات فإن هذه الأمور غير متوافرة بسبب مبدأ عدم اليقين، وقد توصل العالم الألماني ديفيد هيلبرت في العام 1904 إلى وضع معادلات رياضية احتمالية معقدة للتعامل مع هذه الخاصية في فيزياء الكوانتوم.
ظاهرة التشابك Entanglement
أحد أغرب مبادئ فيزياء الكوانتوم هو المسمى مبدأ “التشابك” وبموجبه فإنه عندما يقترب جزيئان من بعضهما فإنهما يتشابكان، بمعنى أن خصائصهما تصبح مترابطة، وعندها فإنهما سيبقيان على ترابطهما حتى ولو أرسلنا كلاً منهما في اتجاه مختلف أو لو باعدنا بينهما بمسافات ضوئية!..بذلك وعند قياس زوج من الجزيئات تم تشابكهما فإن كل خاصية تظهر في أحدهما يظهر عكسها في الجزيء الآخر، وهذه الخاصية جعلت العلماء يعتقدون أن الجزيئين الذين قد تفصل بينهما مسافات خيالية لديهما وسيلة للتواصل عن بعد عبر الفضاء ويظهر من سلوكهما أنهما يعلمان كونهما يخضعان لعملية قياس، والأغرب أن كلاً منهما يقوم بتعديل موقفه بناء على “معرفته” بما يحصل للجزيء “التوأم” على الطرف الآخر وإن كان بعيداً جداً.
إن أي نقل معلومات مفترض من جزيء إلى آخر مترابط لا يفترض أن يتم بسرعة تفوق سرعة الضوء، فكيف يحدث أن يتمكن الجزيئان المتشابكان من التواصل الفوري رغم أن ما قد يفصل بينهما قد يكون مسافات فلكية؟ ألا يدلّ ذلك على أن هذا الترابط أو التناغم الفوري بين الجزيئين يدلّ على أن الوجود كله وبكل أجزائه متصل اتصالاً تاماً وأن هناك وعياً واحداً يدير جميع ذرّات وجزئيات الكون كما لو كانت كلاً واحداً؟
تعني ظاهرة “التشابك” أيضاً أننا بمحاولة قياس أحد الجزيئين المتشابكين إنما نُبدِّل حالة الآخر كما لو أن المسافة غير موجودة بينهما. ونظراً الى أن موقع الجزيئات لا يبدو قابلاً للتحديد أو التنبؤ به وبالتالي بسبب خضوع ذلك لمبدأ “عدم اليقين” فقد ذهب بعض علماء فيزياء الكوانتوم إلى حدّ القول إن الجزيئات لا تكون موجودة في مكان أو في حالة محددة قبل قياسها. بناء على ذلك، فإننا بمحاولة قياس الجزيء إنما “نجبره” على أن يتخلى عن كافة الأماكن (أو الحالات) التي يحتمل وجوده فيها وأن يختار مكاناً واحداً محدداً أو حالة معينة يمكننا أن نجده عليها. مثلاً قبل مراقبتهما فإن الجزيئين قد يبدوان وهما يدوران


معاً في اتجاه عقارب الساعة وفي عكسه في آن واحد وهو ما يسمى بحالة “التراكب” Superimposition لكننا ما إن نبدأ تجربة الرصد فإننا سنجد أن كلاً من الجزيئين سيختار مداراً معيناً فإذا بدأ أحدهما يدور في اتجاه عقارب الساعة فإن الآخر سيبدأ في الدوران في عكس اتجاهها.
هذه المفارقة المدهشة تكاد تقدم البرهان على أن هذا الكون الذي لا تبدو له بداية أو نهاية إنما هو كل مترابط وأن الرابط الخفي بين مختلف أجزائه هو نوع من الوعي الكوني الصرف.
دور المراقب
أحد أهم الاختبارات التي أجريت في نطاق استكشاف ثنائية الموجة-الجزيء هو المعروف باختبار الثقب المزدوج ‘double split experiment’. تم في هذا الاختبار إطلاق دفعات متتابعة من موجات الضوء (الفوتون) من خلال لوح معدني أحدث فيه ثقبان، وقد تبين خلال التجربة أنه وعند إطلاق فوتونات واحداً بعد الآخر فإن الفوتون كان ينقسم على نفسه ويمر من خلال الثقبين في وقت واحد مما يعني أنه كان في وقت واحد يتخذ شكل الموجة وشكل الجزيء.
المفاجأة الأهم في تلك التجربة كان ما اكتشفه العلماء من الدور المهم للمراقب في الاختبار إذ إن وضع جهاز مراقبة للفوتونات عند مرورها في الثقب يجعلها “تقرر” التحول إلى جزيئات وهو ما سمي بانهيار “موجة الاحتمال”.. وحتى ذلك الوقت فإن التجربة بالنسبة الى عالم الفيزياء هي مجرد ملاحظة للواقع وهو لا يفعل إلا متابعة التجربة وتسجيل النتائج وليس لوجوده بالتالي أي تأثير على نتيجتها، أما في فيزياء الكوانتوم فإن مجرد النظر إلى الفوتون أثناء درس سلوكه ليس فقط يبدل الطريقة التي نفهم بها التجربة بل يبدل سلوك الفوتون وبالتالي نتيجة التجربة ذاتها.
الفيزيائي البريطاني برايان غرين حاول أن يشرح مفارقة دور المراقب في كتابه “الحقيقة الخفية” بالقول :”إن التفسير المتفق عليه من قبل نيلز بوهر ورفاقه والذي سمي في ما بعد “تفسير كوبنهاغن” هو أنه في كل مرة يحاول المرء تتبع إحدى الموجات الاحتمالية للمادة من أجل درسها، فإن فعل التتبع في حدّ ذاته يحبط التجربة”، كأن هذه اللبنة الأساسية للوجود تعلم بأن بشراً يحاول كشف سرّها فتقوم بإحباط مسعاه، أو كأنما الوعي الكامن خلف هذا الكون يترك للإنسان أمر الدخول في ظاهر الوجود لكنه يبيّن له في الوقت المناسب أنه سيكون عاجزاً عن كشف حقيقة الوجود ولو باستخدام أحدث التقنيات والمعارف البشرية لان ذلك الجانب هو ما يصفه الله تعالى بـ :” عالم الغيب” كما يصف نفسه وحده بـ “عالِم الغيب” بكسر اللام كما في قوله – جلّ من قائل:
}وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ{ (الأنعام: 59)


العالم الظاهر قد يبدو صلبا وخاضعا لقوانين الجذب والحركة حسب فيزياء نيوتن لكنه حسب فيزياء الكوانتوم مجرد موج احتمالات وطاق
صعوبة التنبؤ بالنتيجة
إحدى النتائج الأخرى التي نجمت عن تلك التجربة هي أن العلماء وجدوا أنفسهم عاجزين عن التنبؤ أين يحتمل للفوتونات أن تستقر على الشاشة، وهذا مناقض تماماً لـ “الحتمية” التي تبنتها الفيزياء الكلاسيكية والتي تقول بأننا إذا عرفنا عدداً من المتغيرات في حركة الشيء مثل نقطة انطلاقه وسرعته عند الانطلاق واتجاهه وعوامل أخرى يمكن قياسها فإنه سيكون في إمكاننا أن نتنبأ بدقة بمساره وبالنقطة التي سيصل إليها وفي أي وقت. لقد تبين أن الجزيئات لا تخضع لتلك الحتمية وأنها تتصرف بقدر كبير من الحرية لأن الجزيء لا يتميز بخاصية يمكن تحديدها، فلا هو موجة بالمعنى المحدد ولا هو جزيء بل هو “موجة احتمال” تحتوي في داخلها على إمكان أن تكون في هذا المكان أو في مكان آخر، وبحسب فيزياء الكوانتوم فإن السؤال يكون عادة ليس “أين يوجد الجزيء الآن؟” بل ما هو احتمال أن نعثر عليه في الحقل المكاني الذي نبحث فيه؟ وبهذا المعنى فإن فيزياء الكوانتوم هي علم احتمالات وليس علماً تقريرياً كما هي الحال في الفيزياء الكلاسيكية.
بين نيلز بوهر وأينشتاين
إن تغيير الجزيء لحاله من موجة إلى جزيء عند النظر إليه يسمى “لغز الكوانتوم” وهو لغز لم يجد العلم له تفسيراً حتى الآن وقد استفز ذلك عالماً كبيراً ساهم في تطور الفيزياء الحديثة هو ألبرت أينشتاين الذي اعتبر “اللغز” دليلاً على أن فيزياء الكوانتوم علم غير مكتمل، وهو عبّر عن ذلك بالقول:”إنني أحب أن أفكر بأن القمر موجود حتى عندما لا أكون أراقبه، كما اشتهر بقوله أيضاً “إن الله لا يدير الكون بلعب النرد” وذلك إشارة إلى أن فيزياء الكوانتوم تقوم على علم احتمالات وليس على مسار مقرر سلفاً، وقد ردّ الرائد الأول لفيزياء الكوانتوم نيلز بوهر على أينشتاين بالقول:”صحيح يا ألبرت، لكن لا تقل لله ما الذي ينبغي عليه أن يفعله”..
وبسبب ذلك الإشكال أصدر ألبرت أينشتاين مع عالمين آخرين في العام 1935 ورقة بحثية اعتبر فيها أن ظاهرة التشابك تدل على أن نظرية فيزياء الكوانتوم ليست كاملة ويشوبها النقص، لكن مجموعة متتالية من الأبحاث والاختبارات أكدت مع الوقت أن ظاهرة التشابك صحيحة لأنها تتكرر في كافة الاختبارات، وكان آخر اختبار عملي أثبت الظاهرة بصورة تامة جرى في العام 2015.
الكوانتوم وخاصية اختراق الأشياء الصلبة
إحدى الخصائص الأخرى لسلوك الكوانتوم يدعى “سلوك الأنفاق” quantum tunneling والمقصود هنا هو قدرة الكوانتوم (أي الجزيء المتناهي الصغر) على إحداث “نفق” في حاجز واختراقه، وهي خاصية مناقضة لمبادئ الفيزياء الكلاسيكية. مثال على ذلك، لو تم إطلاق إلكترون باتجاه جدار سميك فإنه قد يتوصل إلى المرور عبر الجدار مع أن المنطق هو أنه لا يتمكن من ذلك، وأحد التفسيرات التي قدمها فيزيائيو الكوانتوم لذلك هو قدرة الإلكترون على “استعارة” طاقة من محيطه الفوري في الجدار مستخدماً تلك الطاقة كجسر يسمح له بعبور الحاجز ثم يقوم الإلكترون بـ “تسديد” الطاقة التي استعارها عند بلوغه الجانب الآخر. ومهما يكن التعليل العلمي لهذه الظاهرة فإنها قائمة وتمّ إثباتها علمياً وهي ظاهرة تناقض تماماً فيزياء نيوتن والأشياء الظاهرة أو الكبيرة وقد لا يكون للعلم حتى الآن تفسير مرض لها.
إن الموجات التي تكوِّن بنية المادة التي يتألف منها الكون ليست موجات عادية ، فمثلاً موجات الماء أو الصوت تتكون من ذبذبات لوسيط ذي حقيقة فيزيائية، لكن موجات الكوانتوم ليست ذبذبات لوجود فيزيائي أو مادي بالمعنى المتعارف عليه، كل ما هنالك أن المادة “ذابت” في موج غير مادي من الوجود الاحتمالي، فالكوانتوم لا يقدّم وصفاً للخصائص الفيزيائية للجزيء لكنه يصف فقط خصائصه الاحتمالية وبالتالي فإن المدار الذي يتخذه الجزيء ليس المدار الحقيقي بل فقط موجاً لاحتمال وجود الجزيء في عدد من الأمكنة، وبدلاً من وصف حركة تلك الجزيئات كما يحصل عند تطبيق قوانين نيوتن فإن قوانين الكوانتوم يمكنها فقط أن تصف موجات الاحتمالات التي يمكن لتلك الجزيئات أن تتبعها، فالجزيء الفعلي غير موجود. فقط إمكان وجوده في هذا المكان أو المدار أو ذاك هو ما يمكن أن نحصل عليه من المراقبة، وبهذا المعنى فإن الجوهر الصلب الذي بني عليه اليقين العلمي للفلسفة المادية تبخر تماماً في موج من معادلات موجية تصف فقط الاحتمالات القائمة لظهور الجزيء.
خلاصة: هل العالم متعدد أم وجود واحد؟
حسب التصور المادي الميكانيكي للكون فإن العالم مكوّن من عدد لا نهائي من الجزيئات المنفصلة عن بعضها والمستقلة لكن المرتبطة فقط بقوانين الحركة والجذب وغيرها من المبادئ التي بلورها اسحق نيوتن والذين جاءوا من بعده، لكن فيزياء الكوانتوم أظهرت من خلال ولوج “العالم التحتي” للجزيئات المتناهية الصغر وبالبرهان العلمي وجود وعي كوني خفي لا يخضع في سلوكه لقوانين سببية أو لحتمية بل يتصرف بحرية خلاقة ويرسل لنا الرسالة تلو الرسالة بأن هذا العالم الذي يبدو للحواس متعدداً ومجزّأً ليس في الحقيقة إلا وجود واحد لكنه وجود مهندس بأسلوب يجعلنا نطمئن على هذا الكوكب الصغير الذي لا يمثل حتى قترة غبار بالنسبة إلى الكون الشاسع، فنشعر بالثقة والأمان لأن أشياء العالم الخارجي التي نعتمد عليها يجب أن تظهر مستقرة وثابتة كما إن تمكين الإنسان في الأرض يتمثل في وجود قوانين دقيقة يمكنه بواسطتها أن يسخِّر الموارد لعيشه وحركته، لكن الوعي الذي يشكل مادة الكون الشاملة خبأ لهذا الإنسان آيات ومفاجآت مُعجِزة عندما أراد الانتقال من درس عالمه المباشر إلى تفحص كنه الوجود عبر درس الجزيئات المتناهية الصغر ، لأن الإنسان اقترب بذلك من ملكوت القدرة وسر الخلق فجاءته العبرة وأدرك أنه يقترب بذلك من الكنز المخفيّ الذي وصف الله تعالى به نفسه عندما قال حسب حديث قدسيّ
“ كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن اعرف فخلقت خلقاً فبيَ عرفوني ”
ولقد اقتربت فيزياء الكوانتوم من حمى الكنز المخفي فجاءها من الآيات المعجزات ما ردّ العلم إلى حدود قدرته الإنسانية وذكّر الإنسان باستحالة الدخول في غياهب الخلق بما يتعدى عتبة الدار. “فالإنسان، كما قال بلانك، لا يمكنه حلّ لغز هو نفسه جزء منه” مثلما أن من المستحيل للكمبيوتر أو أي آلة صنعها الإنسان أن تدرك حقيقتها هي أو سر الإنسان الذي صنعها ..
أخيراً، فإن فيزياء الكوانتوم، عدا عن هدمها للنظرية الساذجة حول مادية الكون وأزليته، أعادت فضيلة التواضع إلى ساحة العلوم وأعطت العلماء أول درس إيضاحي –وبالبراهين- عن حقيقة القوة الواعية التي تحرك الكون، مقدمة البراهين العلمية التي تؤكد ما جاءت به فلسفات التوحيد الفيدانتي أو الفيثاغورسي أو الهرمسي منذ ألوف السنين وهي أن الكون موجود واحد ووعي واحد وأن كل ما نراه من تعدد ما هو إلا أمثلة لتجليات الخلّاق العظيم في بحر القدرة اللانهائي والذي هو المصدر الواحد لجميع الموجودات في هذا الكون.
} مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ{(لقمان:28)
صدق الله العظيم
خلاصة: هل العالم متعدد أم وجود واحد؟
حسب التصور المادي الميكانيكي للكون فإن العالم مكوّن من عدد لا نهائي من الجزيئات المنفصلة عن بعضها والمستقلة لكن المرتبطة فقط بقوانين الحركة والجذب وغيرها من المبادئ التي بلورها اسحق نيوتن والذين جاءوا من بعده، لكن فيزياء الكوانتوم أظهرت من خلال ولوج “العالم التحتي” للجزيئات المتناهية الصغر وبالبرهان العلمي وجود وعي كوني خفي لا يخضع في سلوكه لقوانين سببية أو لحتمية بل يتصرف بحرية خلاقة ويرسل لنا الرسالة تلو الرسالة بأن هذا العالم الذي يبدو للحواس متعدداً ومجزّأً ليس في الحقيقة إلا وجود واحد لكنه وجود مهندس بأسلوب يجعلنا نطمئن على هذا الكوكب الصغير الذي لا يمثل حتى قترة غبار بالنسبة إلى الكون الشاسع، فنشعر بالثقة والأمان لأن أشياء العالم الخارجي التي نعتمد عليها يجب أن تظهر مستقرة وثابتة كما إن تمكين الإنسان في الأرض يتمثل في وجود قوانين دقيقة يمكنه بواسطتها أن يسخِّر الموارد لعيشه وحركته، لكن الوعي الذي يشكل مادة الكون الشاملة خبأ لهذا الإنسان آيات ومفاجآت مُعجِزة عندما أراد الانتقال من درس عالمه المباشر إلى تفحص كنه الوجود عبر درس الجزيئات المتناهية الصغر ، لأن الإنسان اقترب بذلك من ملكوت القدرة وسر الخلق فجاءته العبرة وأدرك أنه يقترب بذلك من الكنز المخفيّ الذي وصف الله تعالى به نفسه عندما قال حسب حديث قدسيّ
“ كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن اعرف فخلقت خلقاً فبيَ عرفوني ”
ولقد اقتربت فيزياء الكوانتوم من حمى الكنز المخفي فجاءها من الآيات المعجزات ما ردّ العلم إلى حدود قدرته الإنسانية وذكّر الإنسان باستحالة الدخول في غياهب الخلق بما يتعدى عتبة الدار. “فالإنسان، كما قال بلانك، لا يمكنه حلّ لغز هو نفسه جزء منه” مثلما أن من المستحيل للكمبيوتر أو أي آلة صنعها الإنسان أن تدرك حقيقتها هي أو سر الإنسان الذي صنعها ..
أخيراً، فإن فيزياء الكوانتوم، عدا عن هدمها للنظرية الساذجة حول مادية الكون وأزليته، أعادت فضيلة التواضع إلى ساحة العلوم وأعطت العلماء أول درس إيضاحي –وبالبراهين- عن حقيقة القوة الواعية التي تحرك الكون، مقدمة البراهين العلمية التي تؤكد ما جاءت به فلسفات التوحيد الفيدانتي أو الفيثاغورسي أو الهرمسي منذ ألوف السنين وهي أن الكون موجود واحد ووعي واحد وأن كل ما نراه من تعدد ما هو إلا أمثلة لتجليات الخلّاق العظيم في بحر القدرة اللانهائي والذي هو المصدر الواحد لجميع الموجودات في هذا الكون.
} مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ{(لقمان:28)
صدق الله العظيم
خلاصة: هل العالم متعدد أم وجود واحد؟
حسب التصور المادي الميكانيكي للكون فإن العالم مكوّن من عدد لا نهائي من الجزيئات المنفصلة عن بعضها والمستقلة لكن المرتبطة فقط بقوانين الحركة والجذب وغيرها من المبادئ التي بلورها اسحق نيوتن والذين جاءوا من بعده، لكن فيزياء الكوانتوم أظهرت من خلال ولوج “العالم التحتي” للجزيئات المتناهية الصغر وبالبرهان العلمي وجود وعي كوني خفي لا يخضع في سلوكه لقوانين سببية أو لحتمية بل يتصرف بحرية خلاقة ويرسل لنا الرسالة تلو الرسالة بأن هذا العالم الذي يبدو للحواس متعدداً ومجزّأً ليس في الحقيقة إلا وجود واحد لكنه وجود مهندس بأسلوب يجعلنا نطمئن على هذا الكوكب الصغير الذي لا يمثل حتى قترة غبار بالنسبة إلى الكون الشاسع، فنشعر بالثقة والأمان لأن أشياء العالم الخارجي التي نعتمد عليها يجب أن تظهر مستقرة وثابتة كما إن تمكين الإنسان في الأرض يتمثل في وجود قوانين دقيقة يمكنه بواسطتها أن يسخِّر الموارد لعيشه وحركته، لكن الوعي الذي يشكل مادة الكون الشاملة خبأ لهذا الإنسان آيات ومفاجآت مُعجِزة عندما أراد الانتقال من درس عالمه المباشر إلى تفحص كنه الوجود عبر درس الجزيئات المتناهية الصغر ، لأن الإنسان اقترب بذلك من ملكوت القدرة وسر الخلق فجاءته العبرة وأدرك أنه يقترب بذلك من الكنز المخفيّ الذي وصف الله تعالى به نفسه عندما قال حسب حديث قدسيّ
“ كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن اعرف فخلقت خلقاً فبيَ عرفوني ”
ولقد اقتربت فيزياء الكوانتوم من حمى الكنز المخفي فجاءها من الآيات المعجزات ما ردّ العلم إلى حدود قدرته الإنسانية وذكّر الإنسان باستحالة الدخول في غياهب الخلق بما يتعدى عتبة الدار. “فالإنسان، كما قال بلانك، لا يمكنه حلّ لغز هو نفسه جزء منه” مثلما أن من المستحيل للكمبيوتر أو أي آلة صنعها الإنسان أن تدرك حقيقتها هي أو سر الإنسان الذي صنعها ..
أخيراً، فإن فيزياء الكوانتوم، عدا عن هدمها للنظرية الساذجة حول مادية الكون وأزليته، أعادت فضيلة التواضع إلى ساحة العلوم وأعطت العلماء أول درس إيضاحي –وبالبراهين- عن حقيقة القوة الواعية التي تحرك الكون، مقدمة البراهين العلمية التي تؤكد ما جاءت به فلسفات التوحيد الفيدانتي أو الفيثاغورسي أو الهرمسي منذ ألوف السنين وهي أن الكون موجود واحد ووعي واحد وأن كل ما نراه من تعدد ما هو إلا أمثلة لتجليات الخلّاق العظيم في بحر القدرة اللانهائي والذي هو المصدر الواحد لجميع الموجودات في هذا الكون.
} مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ{(لقمان:28)
صدق الله العظيم


المؤتمر الذي أطلق فيزياء الكوانتوم
بلغ من أهمية الجهود التي تجمعت من كل أنحاء العالم المتقدم لتطوير أسس فيزياء الكوانتوم أن استقطبت إلى النقاشات العلمية بشأنها أبرز عباقرة العالم في ذلك التاريخ وعلمائه الأفذاذ وكان هؤلاء يعقدون اجتماعات سنوية بهدف استعراض التقدم الحاصل في الأبحاث التي يجريها كل منهم ومقارنة النتائج والإتفاق على المبادئ التي يتمّ التوصل إليها. وعقد أول لقاء بين عدد من هؤلاء العلماء في العام 2011 في معهد سلوفاي الدولي للفيزياء والكيمياء الذي كان قيد التأسيس في بروكسل بلجيكا وتناول الاجتماع موضوع الأشعة والكوانتوم. وعقدت اجتماعات لاحقة قطعتها الحرب العالمية الأولى، إلا أن الاجتماع الخامس الذي كان الأهم تاريخياً عقد في سلوفاي أيضاً في العام 1927 حول موضوع الفوتون والإلكترون. يومها كان علم فيزياء الكوانتوم قد حقق تقدماً كبيراً ونشر الكثير من مبادئه العلمية الثورية. والملفت أن 17 من أصل 29 عالماً حضروا لقاء سلوفاي الخامس كانوا حاملين لجائزة نوبل أو من الذين سيحصلون عليها في وقت لاحق. وقد قرر المجتمعون في تلك السنة أخذ صورة جماعية تذكارية في حديقة المؤسسة في بروكسل وهم خلّفوا لنا بذلك مستندا بالغ الأهمية عن العلماء الذين ساهموا في ولادة وتنمية علم فيزياء الكوانتوم. وهنا أسماؤهم وفق الترتيب الظاهر في الصورة وهو ترتيب يبدأ من اليسار إلى اليمين وابتداء من الصف الأخير ثم الثاني ثم الأول:
الصف الأخير (وقوفاً من اليسار): أوغست بيكار (سويسرا) أميل هنريو (فرنسا) بول أهرنفست (النمسا) إدوار هرزن (بلجيكا) تيوفيل دي دوندي (بلجيكا) أرفين شرودنغر (النمسا) جول أميل فرشافلت (بلجيكا) ولفغانغ بولي (النمسا-سويسرا) فرنر هايزنبرغ (ألمانيا) رالف هاورد فاولر (بريطانيا) ليون بريّوان (فرنسا)
الصف الثاني (وقوفا من اليسار) بيتر دبيبه (هولندة) مارتن كنادسدن (دانمارك) وليم لورنس براغ (بريطانيا) هانس كريمر (هولندا) بول ديراك (بريطانيا) آرثر كومبتون (الولايات المتحدة الأميركية) لويس دي بروغلي (فرنسا) ماكس بورن (ألمانيا) نيلز بوهر (دانمارك)
الصف الأمامي (جلوسا من اليسار): أرفنغ لانغموير (الولايات المتحدة الأميركية) ماكس بلانك (ألمانيا) ماري كوري (فرنسا) هندريك لورنتز (هولندا) ألبرت أينشتاين (ألمانيا) بول لانجفان (فرنسا) شارل أوجين غيي (سويسرا) شارلز تومسون ريز ويلسون (بريطانيا) أوين ويلانز ريتشاردسون (بريطانيا).