البساط الأخضر
مصنع رائد وناجح في مجال الاستثمار الزراعي في محافظة السويداء
في معمعان الأزمة التي تواجهها سورية وفي سنوات الدماء والخراب اللَّذين يعمّان الوطن هناك مستثمرون أوفياء لمجتمعهم أقدموا على وضع أموالهم قيد الاستثمار في سورية، وفي السويداء، ومن هؤلاء الأوفياء الأستاذ منصور حسن الصّفَدي وشريكه الأستاذ غسّان نسيب البريحي يقول الاستاذ الصفدي: “السيد غسان البريحي شريك لي، ومدير عام في مصنع البساط الأخضر وفي مزرعة عرى، وهو رجل جاد وصاحب خبرة لا يجاريه أحد في مجال عمله ويتمتع بخلق وأمانة لا تتوفر إلا في أفاضل الناس”، وانطلاقًا من اهتمامات الضّحى بهؤلاء النّخبة من رجالات بني معروف الذين اختاروا العمل في ميدان النّشاط الإنتاجي كان اللّقاء التالي مع الأستاذ منصور الصّفَدي:
من منصور الصّفدي في عين نفسه؟
أنا هو، منصور الصّفدي، من مواليد بلدة الغارية عام 1956، تخرّجت من الثانوية الفنّية الزراعية في السويداء عام 1975. منذ ذلك العام عرفت الاغتراب مُكْرَهًا خارج الوطن، عملت في ليبيا مدة ثلاثة عشر شهرًا في قطاع البناء. هناك تعلّمت تركيب السيراميك والرخام والصحيّة ونجارة الباطون، انتقلت بعدها إلى الأردنّ، وعملت في مدينة الزرقاء في المجال نفسه مدّة سبعة أشهر، وفي 3/8/ 1977 توجهت إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. هناك واجهت صعوبة في التكيّف مع عوامل المناخ كارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، وانخفاض مستوى الدخل بشكل لا يكاد يفي بمتطلبات العيش، ولم يكن أمامي بدائل، عملت على تلك الحال أحد عشر عامًا دون الخروج من دولة الإمارات أو العودة إلى سورية ولو يومًا واحدًا، في تلك الظروف عملت على مضض، وشاءت الأقدار أن تؤول إليّ ملكيّة الشركة التي كنت مديرها بسبب سفر مالكها الذي تركها في وضع ماليّ سيّئ … كانت مغامرة فيها مجازفة، وكان يحفزني على الاستمرار فيها قول الشاعر الفلسطيني عبد الرحيم محمود:
فإمّا حياة تسرُّ الصّديق وإمّا ممات يغيض العدى
عملت بمثابرة، ووصلت ليلي بنهاري، فتمكّنت من إنقاذ الشركة والانطلاق بها لتوسيع الأعمال وتأسيس نشاطات جديدة أثمرت نجاحًا يتلوه نجاح، فلديّ حاليًّا شركة لتجارة مواد البناء لها ستّة فروع في دولة الإمارات، منها شركة لأعمال الأصباغ وشركة لكافة أنواع العزل ولي مشاركة في مصنع للبوليسترين (الفلّين الأبيض)، ومشاركة في شركة ديكور وفي شركة صيانة عامّة وفي شركة مقاولات عامة وفي شركة مبان عقاريّة أخرى، ومشاركة في اثنين من المتاجر. ولديّ طموح لتوسعة نشاطنا في إمارات أخرى لم ندخلها بعد.
وعلى الرغم من الظروف الداخلية والخارجية التي تواجه سورية فقد تمكنّا من إنجاز هذا المشروع خلال فترة لا تتجاوز الستّة أشهر
متى توجهتم بنشاطكم للاستثمار في سورية؟
منذ العام 1988 أخذ وضعنا المادي في الإمارات بالتحسّن ومنذئذ بدأنا بالاستثمار في سورية إذ تشكّل لديّ فائض من الدخل فتوجّهت لفتح مصالح في سورية في مجالات زراعية وتجارية وصناعية وعقارية تحت اسم “مجموعة منصور الصّفدي”. كانت رحلة كفاح توَّجَها الجهد والمثابرة للوصول إلى النجاح، فربّ ضارّة نافعة. بدأت بالاستثمار في قطاع النقل على خط دمشق السويداء، اشتريت حافلة ركاب كبيرة (سكانيا) وشاحنة مرسيدس قلّاب لنقل مواد البناء ومعدات أُخرى لم تزل قيد العمل بحمد الله، كما اشتريت:
1- 1500 دونم من الأراضي الزراعية موزّعة بين بساتين ومزارع
ومحاصيل حقلية لزراعة الحبوب.
2- صيدلية زراعية لدعم نشاطنا الزّراعي.
3- أنشأت معمل البساط الأخضر للكونسروة (موضوع بحثنا).
4- محل لبيع حديد التصنيع بالجملة.
5- محل لتسويق إطارات هانكوك (دواليب) للسيارات في المنطقة
الجنوبية من سورية.
6- معمل بيتون لتصنيع أحجار البناء.
7- منشر (معمل) لقص الحجر البازلتي وتسويقه في المنطقة
الصناعية غرب السويداء على طريق بلدة الثعلة.
8- ورشة تصليح غواصات الأبار الجوفية.
9- محل بيع قطع غيار وسيور (قشط) مراوح ومحركات ومكيفات
السيارات أو طرمبة المياه لتبريد المحركات..
10- مشاريع عقارية…
11- محل مخرطة معادن.
وهكذا تناول نشاطنا عدّة مجالات تجارية وصناعية وعقارية، ومازلت أمارس نشاطاتي تلك بنجاح، يساعدني على ذلك نجاحي في مناخ الاستثمار العصري الذي تتمتع به دولة الإمارات حيث يتوفر جوّ الطموح لتحقيق الأفضل في كافة المجالات وهو قرار اتّخذته القيادات المعنيّة في الإمارات وقد التزم به قطاع الأعمال في كافة مجالات العمل. حقًّا إنَّ النجاح عدوى إيجابية.
ما النشاط الاستثماري الذي تقومون به في لبنان؟
في عام 2014 اتّخذتُ قرارا بالاستثمار في لبنان للربط بين أعمالي في الإمارات وأعمالي الكثيرة في سورية في مجال النشاط العقاري. شاركت في الشوف مع رجل أعمال لبنانيّ هو رائد زهير غنّام، بنشاط تجاري يتعلّق بالبناء (عمارة من 9 شقق) والاتجار في مواد بناء وخردوات وكهربائيات وأعمال مقاولات ومعرض لتجارة الحجر، مصادره من الداخل اللبناني ومن سورية ومصر… والعمل الذي نمارسه يبشّر بمستقبل جيد إن شاء الله، وما زالت قصة النّجاح مستمرة يرافقها إصراري على تخرّج كافة أبنائي الثّمانية (ثلاثة أبناء وخمس بنات) بشهادات جامعية، فقد تخرّج منهم أربعة، والأربعة الباقون مازالوا يواصلون الدّراسة دون المرحلة الجامعية. لديّ قاعدة في الحياة تقضي بأنّه على كل شاب وفتاة أن يحصل على شهادة جامعية على أقل تقدير… والحياة لا تعتمد على توفّر المادّة فقط، ولكن مع توفّر العلم والأخلاق فإنّ المادّة تصبح تحصيل حاصل…
ما المبدأ الذي تعملون عليه في نشاطكم الاقتصادي؟
إنني أعتبر أنّ الصدق في عملي هو الأساس الذي أرْتَكزُ عليه في مجال التعامل مع الآخرين، وأُشبّه النشاط الإنتاجي كَكَوْمة من القمح في بيدر؛ بحيث لا يمكنك زيادة ارتفاع كومة القمح دون أن تزيد من اتّساعها في القاعدة، ولئن أصبت خيرا فإنّك لا تستطيع زيادته دون أن تجعله يعمّ على من حولك، والأقربون أولى بالمعروف.
ما الدافع الذي حفزكم للعمل في مجال التّصنيع الزّراعي؟
إنّ مسألة الاستثمار في الزّراعة حاجة ضروريّة في مجتمعنا، إذ يمكننا عبرها تشغيل أعداد من الأيدي العاملة التي لا تحتاج إلى تدريب عالٍ، ثم إنّ المواد الأوّلية؛ من تربة مناسبة وماء وشمس؛ كل ذلك متوفر بحمد الله.
متى أسّستم شركتكم؛ مصنع البساط الأخضر؟
كان ذلك بتاريخ 16/ 12/ 2012 وعلى الرغم من فترة تصاعد المحنة السورية، فقد انطلقنا في عملنا الإنتاجي بشركة تضم الشّريكين؛ أنا، منصور حسن الصفدي، وصديقي غسان نسيب البريحي، وقد تم تأسيس الشّركة بناء على قرار رسمي رقم (312 /م. س)، بسجلّ تجاري رقم 1986، وسجل صناعي رقم 2.
وقد أسّسنا هذه الشركة لتواكب المتطلّبات الاقتصادية انطلاقًا من إيماننا المطلق باستثمار الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة لتوظيفها في الوطن ومن أجل خدمة المواطن. وتبلغ مساحة العقار المشاد عليه المعمل 7000م2، أمّا مساحة البناء فتبلغ 3000م. وعلى الرغم من كل الظروف الداخلية والخارجية التي تواجه سورية فقد تمكنّا من إنجاز هذا المشروع بدءًا من رحلة التأسيس والبناء، وحتى مرحلة الإنتاج الفعلي والعمل الإنتاجي خلال فترة زمنية قياسية لا تتجاوز الستّة أشهر.
كيف تحصلون على الخضار والفواكه التي تصنّعونها؟
تمتلك شركتنا بستانًا مساحته 25000م2 من الأرض الزّراعية الخصبة قرب المعمل تروى من بئر جوفي بعمق 260م، بالإضافة إلى مزرعة قريبة من المعمل غرب بلدة (عرى)مساحتها 500 دونم تروى بالتنقيط بواسطة 3 آبار ارتوازية على عمق 500 م. فيها 30000 شجرة درّاق طلياني، ونكتارين ومشمش وخوخ (نوع جوهرة)، ورمّان فرنسي… ويعمل في المزرعة مئة عامل من محافظتيّ الحسكة ودير الزّور يقيمون مع أسرهم في المزرعة، كما نربّي في المزرعة أغنامًا وماعز وطيورًا متنوّعة من دجاج بأنواعه محلّي وفرعوني وبَراهمي وطواويس وإوز وبط وكروان وراماج والعاشق والمعشوق والفرّي والراماج وطيور الجن وحجل وحمام.
ما حجم الرأسمال الذي بدأتم العمل به ؟
بدأت الشركة برأسمال قدره 50 مليون ليرة سورية، أي ما كان يساوي نحو مليون ومئة ألف دولار حينذاك.
ما المجالات التي عمدتم إلى الاستثمار فيها؟
– كان ولم يزل هدفنا الاستثمار في مجال الخيرات الزراعية إذ قام عملنا على إنتاج وتعليب معجون الطّماطم (البندورة) وكافة أنواع الكونسروة من خضار وفواكه، وتعليب الطَّحينة والحلاوة الطّحينية.
ــ تبلغ الطاقة الإنتاجية السنوية لمعجون البندورة 1000طن
ــ كونسروة الخضار (حمّص، فول، بازيلّا) 300 طن
ــ كونسروة الفواكه 300طن
ــ الحلاوة الطحينية 125 طن
ــ الطحينة 50 طن




ما عدد العاملين في شركتكم؟ وهل حققتم الهدف الإنتاجي الذي خططتم له؟
ــ عدد العمال لدينا: 32 عاملًا، يعملون على ثلاث وارديات، الإداريون والمهندسون والفنيون عددهم 15، وفي فترة الذروة من موسم الإنتاج يصل عدد العاملين لدينا إلى 70 عاملًا.
وقد حققت شركتنا الطاقة الإنتاجية المخطّط لها خلال الموسم الثاني من انطلاقتها، ويتم تسويق إنتاجنا سنويَّا، ونعزو هذا لجودته من حيث كونه يتمّ حسب المواصفات السورية الصحّية والمعترف بها دوليًّا ممّا يتسبب بجديّة الطلب عليه.
كما قامت شركتنا بفتح أسواق لها في أكثر من دولة مجاورة، العراق ولبنان والأردن، وقبرص وحدها تستورد (56 طنًّا من المعلّبات)، هذا بالإضافة إلى جميع المحافظات السورية بمنتجات منافسة من حيث الجودة والمواصفات ومن حيث السعر أيضًا ، وهذا يتم في ظروف متقطعة تتأثر بالوضع الأمني للطرقات بسبب الأحداث المأساوية التي تعيشها البلد..
ولم نتوقّف عند هذه الحدود بل هناك العديد من التّصورات والخطط الاستراتيجية المستقبلية فيما يصبّ في مصلحة الشركة والعاملين فيها، ومصلحة الوطن على حد سواء ومن أمثلة ذلك:
1- السعي إلى تحسين خطوط الإنتاج بخطوط إنتاج عالمية
ذات كفاءة عالية تساهم في العملية الإنتاجية من حيث التسريع والاستثمار في الوقت المتاح، وتقليص الوقت الضائع والهدر غير الطبيعي، وتحسين المنتج بمواصفاته الفنية والشكلية.
2- فتح أسواق جديدة ونشر المنتج فيها وفي جميع أرجاء العالم،
وفرض الحالة التنافسية مع المنتجات العالمية المماثلة من حيث:
أ- الوصول إلى أعلى درجات الجودة (أيزو)، والحصول على
الامتيازات والتقديرات العالية.
ب- فتح منافذ تسويق إلكتروني وتحقيق متطلّبات الزبائن.
ج- ابتكار منتجات جديدة ترضي أذواق كافة المستهلكين.
د- إحداث طرق صناعية غير مسبوقة في المنتجات التقليديَّة.