الإثنين, كانون الثاني 6, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الإثنين, كانون الثاني 6, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

مراجعات كتب

«مُظفَّر باشا في لبنان»:

لأمير البيان شكيب أرسلان

كتابٌ أصدرته الدّار التقدميّة، للأمير شكيب أرسلان، أميرُ البيان، فيما ذُكِرَ على غلاف الكتاب أَنَّه طُبِعَ في الإسكندرية – مصر. عام 1907، وهذا ربّما تمويه لطبعه في لبنان. وهو يتألّف من 252 صفحةً من القطع الوسط. قدَّم له السّفير اللبناني السابق حسّان أبو عكر. وبه يذكر أنَّ المتصرف مظفَّر باشا عُيِّن في مقام مُتَصرفية جبل لبنان. عام 1902، خلفًا للمُتَصرّف نَعّوم باشا، المُمَدّدة ولايتُه. ونظام المُتَصرِّفيَّة هذا أتى عَقِبَ نظام القائمقاميّتين في سياق تاريخ جبل لبنان الطويل الأمد، وهو صيغة حُكْمٍ تَقرَّر أن يكون على رأسه ما يسمَّى بالمُتصرّف، تابع للسلطنة العثمانية، وبالتنسيق مع الدول الضامنة لهذا النظام (دول أوروبية ستّ) معروفة في ذلك التاريخ، ويستمد هذا الكتاب أهميّته من أنّ وقائعه في عهد مظفر باشا، ومَنْ قبْلَهُ من المُتصرّفين، قد تساوقت وتراكمت بمفاعيلها السلبيّة والإيجابيّة لِتُفضي في عهد الانتداب الفرنسي إلى دولة لبنان الكبير ذي النظام الطائفي. فكيف حكَم مظفر باشا جبل لبنان؟ وهل وُفِّقَ في ذلك؟

الجواب في بداية الأمر، أنّ هذا العهد كما يُصوِّرُهُ المؤلِّف الأمير شكيب أرسلان في مئةٍ واثنتين وخمسين صفحة، تشملُ مقدَّمةً واثني عشر فصلًا، ترصد يوميّات الأحداث التي طبعت حكم هذا المتصرف ذي الماضي العسكري، والاعتداد الشديد بنفسه وبسلطاته غير القابلة، كما يقول، للمساومة، أكانت في مجلس إدارة المتصرّفية أو من قبل قناصل الدول الأوروبية، ولكن إدارته وتصرّفاته في الواقع كانت على عكس ذلك، فاتسم حكمُهُ بِخَرقهِ القوانين، والرِّشوة، والاحتيال، والاستدانة، والتّزوير، ومخالفة نظام الجبل، والاستبداد في الانتخابات الإداريّة، وكثرة الجنايات في أيّامه، وتعطيل سلك الجندرية، وتناقض حركاته وسكناته، واستسلامه لعائلته، وتلاعبهم بالأحكام، وفي غرائب أطواره ما بَثَّ المبادئ الفوضويّة في طول المتصرفيّة وعرضها.

ويقول الأمير شكيب في مُقدَّمة الكتاب: إنَّه قد راجت في تلك الفترة سياسة المعاريض، والغاية الأساسيّة منها، تحريك الفئات المعارضة لسياسة المتصرّف عبر التركيز على أخطائه، وممارساته الغاشمة، ونشرها في الصحافة المتنوِّرة آنذاك، لكنَّ الغاية الأهم منها إيصال الاعتراض إلى القناصل ممثِّلي الدول الأوروبية الستّ ولرؤسائهم السفراء لدى الباب العالي في استنبول.

وتمثّل إضافة كتاب “مُظفّر باشا في لبنان” لتراث الأمير شكيب قيمة إضافيةً لمجموعة كتبه التي نشرتها الدار التقدميّة، أكانت من الناحية التاريخية أو السياسية، وكذلك الاجتماعية والاقتصادية. فقد كان الأمير حينذاك ناشطًا في ربوع المتصرّفية، وركنًا من أركان الحزب الأرسلاني. فجاء قسم من الكتاب سجلًّا للتنافس السياسي، الجنبلاطي – الأرسلاني أو للتهاون والتقارب في قائمقاميّتي الشوف والمتن، وبخاصةٍ في الوظائف الإدارية والقضائية، والأمنية، ولم يترك الأمير شكيب مادّة تفصيلية لهذه المرحلة، إلّا وأتى عليها بما في ذلك معارضته الشديدة والمُحقّة لهذا المُتَصرّف الذي لجأ في بداية حكمه إلى إقالة الأمير من قائمقاميّة الشوف. هذا باستثناء ما أضافه لاحقًا في كتابه “سيرة ذاتية” قبل أن ينطلق إلى استنبول وإلى المدى العثماني الواسع… ومُجْمَل القول أخيرًا في هذا الكتاب، أنّه كان في أحداثه ووقائعه جزءًا حيًّا من تاريخ لبنان الحديث، وإحدى الخلفيّات الموروثة التي يشكو منها لبنان اليوم. وما أشبه اليوم بالبارحة.


الشَّيخ أبو يوسف حسين شبلي البعيني (1915-1991م) شيخُ الحكمةِ، والحِنْكَة، والمواقف.

أ. صقر محمّد البعيني.

يضمّ “تمهيداً” يتحدث عن أنّ تكريم الرجال الأعلام حقّ وواجب لما قدّموه وعملوه لخير المجتمع والوطن. ففي التكريم درس في الوفاء وعبرة في استذكار المواقف والتعلّم منها، فكيف إذا كان التكريم لرجل مُسْتَحقّ كالمرحوم أبو يوسف حسين البعيني الذي تميّز طوال حياته بعطاءاته الاجتماعيّة، والدينيّة، والإنسانيّة،
والوطنيّة، فضلاً عن صرفه الشّطر الأكبر من عمره في خدمة مشيخة العقل، مُساهماّ في مسيرتها الاجتماعيّة، والدينيّة بعزمٍ وإخلاص، وثبات، ما أكسبه ثقة سماحة شيخ العقل الشيخ محمّد أبو شقرا، فقرّبه منه، وعيّنه في ملاك المحاكم المذهبيّة الدرزيّة بالمرسوم رقم 3631 في 18-3-1960 بوظيفة كاتبٍ ثانٍ في محكمة الاستئناف وقد انتقل بعد ذلك إلى المحكمة المذهبيّة في بعقلين، حيث كان يحرّر الوصايا، ويكتب عقود الزواج، كما كان الذراع اليمنى لسماحة شيخ العقل، ومستشاراً له، يُسند إليه أصعب المهمات التي تتطلّب مواقف رجوليّة وحِنكة في حلّها. بقي في وظيفته حتى بلوغه السنّ القانونيّة عام 1969. كما أوكل إليه سماحته الإشراف على بناء المقام الحديث للنبي أيّوب في بلدة نيحا الشوف، وائتمنه على صندوقه.

أمّا ما كان يتزيّن به من صفات، رحمه الله، فما ذكره عنه فضيلة قاضي المذهب الشيخ شريف أبو حمدان يوم وفاته بالقول: علَّمْتَنا الكثير ممّا هداك الله إليه فكنتَ دوماً تؤْثِر أن يكون الصمت حليف القيام بالواجب، ولكنّ شعور الوفاء فينا وعِرفان الجميل يأبى أن نبقى ساكتين عن تذكُّر ونشر بعض الفضائل التي كنت تتميّز بها، والمزايا الحسنة والصفات الحميدة التي كانت تُزيّنك، ومن أكبر الزينة، كما كنت تقول، رياضة النفس بالحكمة، وقمع الشهوة بالعفّة، وإماتة الجسد بالقناعة، وتمييز العقل بحسن الأدب وتسكين الغضب، إنّ هذه الفضائل والأوصاف الحسنة كانت من بعض مزاياك الطّيّبة.

وحَسْبُ هذا الكتاب قيمة مُضافة الشهادات العديدة التي أجمع عليها رجالات من وجوه الجبل وأعيانه، من داخل بلدته مزرعة الشوف وخارجها، أجمعوا على أنّه كان نسيجاً مميّزاً وفريداً بين رجال الدين؛ تقيًّا بِلا مُكاشفة، على صلة وثيقة بين الخالق والمخلوق، ينمّيها مسلكٌ عِرفاني جُوَّاني صافٍ، وإخلاصٌ في حُسن العقيدة وحسنِ اليقين، إنَّه كان المَثَلُ والمِثال.


«حقوق الأقليات في ضوء القانون الدولي»:

العميد الدكتور رياض شفيق شـيّا

لمّا كانت مسألة الأقليات الإثنية، اللغوية، والدينية واحدة من المسائل التي أرّقت ضمير الإنسانية قروناً طويلة، فقد مثّل ظهور الدولة القومية (الدولة-الأمة) على المسرح العالمي في القرن التاسع عشر، كتنظيم جديد للتجمعات البشرية، محطةً بارزة عرفت معها الأقليات أقسى أشكال التعامل. فمركزية السلطة ووحدة اللغة والثقافة والدين، التي كانت تمثّل قيم الدولة القومية، لم تكن سوى تلك التي تعود لجزء من مواطني الدولة وليس لجميع مواطنيها، ولو كانوا يمثّلون في كثير من الأحيان الأكثرية. يضاف الى ذلك أنّ تمثُّل تلك القيم قد ترافق مع ممارسات فيها الكثير من الاضطهاد وعدم التسامح مع كل من يختلف عن النموذج، والذين بات يُنظر اليهم بأنّهم “الغير”، ولو كانوا مواطنين. ولما كان لكثير من الأقليات علاقات وامتدادات تتعدى النطاق الداخلي للدولة، بحكم ارتباطهم بدولٍ أخرى تماثلهم نفس الصفات الإثنية أو اللغوية أو الدينية، فقد أدى هذا الواقع الى اشتداد النزاعات الدولية وتفاقمها، والتي وصلت غير مرة الى مستوى الحروب الشاملة، كما في الحربين الكونيتين الأولى والثانية. وهكذا بدا لزاماً على القانون الدولي الإحاطة بمسألة الأقليات بوجهها الإنساني من جهة، ونتائجها وتداعياتها على الاستقرار والأمن في العالم من جهة ثانية.

لى هذه الخلفية، سيعرض المؤلف الدكتور رياض شـيّا في كتابه هذا لكيفية تطور حقوق الأقليات في القانون الدولي، سواء في تكرسها في نظام عصبة الأمم في أعقاب الحرب العالمية الأولى، أو في أعقاب الحرب العالمية الثانية في التشريعات الصادرة عن الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان وما تضمنته من نصوص تتناول حقوق الأقليات، كالمادة 27 من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” للعام 1966، أو بالمواثيق التي تخص الأقليات فقط ك “إعلان الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص المنتمين لأقليات قومية أو إثنية، دينية أو لغوية ” في العام 1992، وغير ذلك من التشريعات. يضاف الى ذلك إلقاء الضوء على النشاط الفعّال الذي لعبته “مجموعة العمل الخاصة بالأقليات” التابعة للأمم المتحدة (التي أصبحت تسمى “منبر قضايا الأقليات” منذ العام 2007 وتتبع لمجلس حقوق الإنسان التابع بدوره للأمم المتحدة).

يسدّ الكتاب ثغرة كبيرة تتمثّل في النقص الهائل في الكتابات والمراجع العربية التي تناولت موضوع الأقليات وحقوقها من الناحية القانونية، وبالأخص موقف القانون الدولي منها. وسيلحظ القارئ هذا النقص في ندرة المصادر الحقوقية العربية مقارنة بالكم الكبير من المصادر الإنكليزية والفرنسية التي استند اليها الكتاب، مما يجعله مرجعاً لموضوع حقوق الأقليات لا بد منه.
الكتاب صادر عن دار النهار للنشر، ويقع في 360 صفحة من القطع الكبير.


«المبادئُ العامّةُ للتّحكيم»:

منشورات مؤسّسة دَهْر

مُؤلِّفه المهندس محمّد عارف أبو زكي، حامل بكالوريوس في الهندسة المدنيّة من الجامعة الأميركيّة في بيروت، ودبلوم دراسات عليا في هندسة النقل من جامعة ملبورن، أستراليا، وشهادة عضويّة من معهد المُحكّمين الدولييّن، لندن، وشهادة مُحكّم مُعتمَد، وخبير معتمد، من معهد التحكيم التجاري لمجلس التعاون الخليجي العربي، البحرين، إلى شهادات أكاديمية أُخرى.

يقع الكتاب في تسعة فصول وخمسة ملاحق، تتضمّن المبادئ والأسس العامة للتحكيم وصار مُعتَمداً على نطاق واسع في معالجة الخلافات بين القطاع العام والمؤسّسات والشركات والأفراد. حَظي الكتاب بمقدمتين على مستوى عال، الأولى من سفير لبنان في سلطنة عُمان الأستاذ عفيف أيوب، والثانية من المؤرّخ المعروف الدكتور حسن البعيني. يشتمل هذا المؤلّف بشكل أساسي على تعريف التحكيم والمحكم والحُكم، وعلى إجراءات التّحكيم، وإصدار حُكم التحكيم مع ملاحق لأمثلة من التحكيم المحلِّي، والإقليمي، والدولي، وقانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية، ونظام مركز التحكيم التجاري، ولائحة إجراءات التحكيم، ولائحة تنظيم نفقات التحكيم، وقانون الأوسترال النّموذجي للتحكيم التجاري الدَّوْلي – الأمم المتحدة، وقواعد محكمة لندن للتحكيم الدّولي. إنّ التوسع في قطاع الأعمال وما يعنيه ذلك من تنامي حجم العقود وتزايد تعقيد بنودها، وتشابك أدوار الشّركات والمؤسسات حتى في المشروع الواحد، جعل التحكيم مَطلباً أكثر أهمية وأكثر احتياجاً، فضلاً عن أن أهمية قضاء التحكيم كما يقول المؤلف، تعود بشكل أساسي لتقديمه عدالة سريعة، لأنَّ المحكّم يلتزم بزمن معيّن للفصل في المنازعة المُكلَّف بها ولكون التحكيم نظاماً للتقاضي في درجة واحدة.

هذا مُختصر لكتاب مُهمٍّ جداً، جديرٍ بالقراءة والاقتناء والاستعانة به، بالنَّظر إلى أهمية وثائقه ومحتوياته الأثيرة في بابها.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي