الجمعة, شباط 21, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, شباط 21, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

مستقبل قطاع الطاقة

مستقبــل قـطاع
الطاقة في لبنان

الطاقة المتجدّدة باتت الخيار الاستراتيجي لدول العالم
لكننا ما زلنا نحاول تمديد صلاحية التخلف والفساد

لبنان ملزم بموجب اتفاقية باريس بخفض انبعاثات الغازات الملِّوثة
وزيادة حصة الطاقة المتجدّدة في إنتاج الكهرباء قبل العام 2020

يُعتبر الفشل الحكومي اللبناني في ملف الكهرباء من أوضح الأمثلة على مزيج التخبط والحسابات السياسية وسوء الإدارة والفساد المتفشي في القطاع العام. نتيجة لهذا الفشل المستمر، تحوّل لبنان من بلد مكتفٍ ذاتياً بالطاقة بل مُصدِّر لها إلى البلدان المجاورة في سبعينيات القرن الماضي إلى بلد لا يستطيع أن ينتج نصف كمية الطاقة التي يحتاجها اقتصاده ومؤسساته ومواطنوه، وهو ما انعكس بتراجع معدل التغذية بالتيار الكهربائي باستمرار إلى ما يقارب الـ 14 ساعة يومياً في المناطق الواقعة خارج العاصمة، كما انعكس في حالة عامة من سوء الإدارة وضعف الجباية وانتشار سرقة التيار من الشبكة وهدر الموارد وضعف الخدمات، وبرغم حلول القطاع الخاص بوسائل متعددة محل الدولة في سدّ الفجوة الكهربائية، فإن قطاع الكهرباء لا يزال المصدر الأكبر لعجز الميزانية الحكومية وتنامي عبء الدين العام بصورة مطردة على الأجيال المقبلة. ويُقدّر أن الدولة اللبنانية تكبدت ما بين العامين 2010 و2015 نحو 10 مليارات دولار نتيجة العجز المالي السنوي لمصلحة كهرباء لبنان، كما تقدّر الخسائر المتراكمة لقطاع الكهرباء منذ العام 2000 بنحو 29 مليار دولار أي ما يقارب نصف حجم الدين العام في ذلك التاريخ.
نتيجة لاستمرار الأزمة وتفاقمها سنة بعد سنة فقد اتجه اللبنانيون أفراداً ومؤسسات إلى ابتكار شتى أنواع الحلول من أجل سدّ النقص والتعويض عن الفشل الحكومي وتوفير وسائل لاستمرار الحياة الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية، وهو ما يعتبر مستحيلاً من دون التيار الكهربائي الذي يعتبر بمثابة شريان الحياة لأنظمة الاتصالات والاقتصاد الرقمي وأنظمة التعليم والصحة والأمن والصناعة والسياحة والخدمات والحياة اليومية، وقد تمّ حتى الآن سد النقص من خلال عدد يكاد لا يحصى من الحلول والمبادرات من أهمها نشوء قطاع كهربائي خاص بكل معنى الكلمة هو عبارة عن مولدات كبيرة أو متوسطة تتولى تأمين التيار الكهربائي في ساعات التقنين، أو مولدات خاصة وأنظمة تغذية مستمرة UPS استثمر فيها المواطنون من أجل تعويض نقص الطاقة الكهربائية. وحسب دراسة لمنظمة غرين بيس Green Peace فإن معدل انقطاع الكهرباء في لبنان يوازي 40 إلى 45% من الطلب العام، وهذا النقص تعوّض المولدات التجارية الخاصة نحو 70% منه، مما يعني أن النسبة الباقية يتم التعامل معها بواسطة مولدات الشركات والصناعات والمولدات المنزلية. ويكاد لا يخلو حيّ من أحياء المدن أو قرية لبنانية من المولدات التي ترتبط بشبكة

تطور انبعاثات الغازات الحرارية في لبنان
تطور انبعاثات الغازات الحرارية في لبنان
رسم يظهر لماذا يتحول العالم إلى الطاقة الشمسية
رسم يظهر لماذا يتحول العالم إلى الطاقة الشمسية

 

 

 

 

 

 

 

تغذية موازية من الكابلات ومن العدادات ومن خدمات الجباية والصيانة.. وبرغم انتشار المولّدات الخاصة ذات الهدف التجاري فقد تنامت مع الوقت المبادرات التي استهدفت تأمين مولدات للقرى عن طريق البلديات أو بعض الوجهاء المتبرعين أو الجمعيات أو الهيئات السياسية أو مصادر العون الخارجي، ونتيجة لذلك فقد اتسع قطاع المولدات ذات الغرض العام بصورة كبيرة على حساب المولدات التجارية الباهظة الكلفة.
لكن بغض النظر عن أهمية المبادرة الخاصة في التخفيف من أزمة الكهرباء فإن الحقيقة الأهم هي أن كل هذه المبادرات ما زالت تنتمي إلى العصر الآفل للطاقة المولدة من خلال حرق الفيول أو مشتقاته مثل المازوت، فلبنان ما زال متأخراً جداً في مجال استخدام الغاز الأقل تلويثاً في إنتاج الطاقة الكهربائية، كما إنه لا يزال في مرحلة البداية المتواضعة بالنسبة الى استخدام مصادر الطاقة المتجددة ولاسيما الطاقة الشمسية بمختلف تطبيقاتها الصناعية والمنزلية.
وبينما يتطلع العالم إلى يوم لا يعود فيه للطاقة الملوثة المستخرجة من النفط والغاز أو من الفحم الحجري سوى دور بسيط بالمقارنة مع الطاقات المتجددة، فإن الجدال في لبنان لا يزال محتدماً في الدوامة نفسها للنظام الكهربائي البائد الذي ما زلنا نحاول إحياءه أو تمديد صلاحيته، والسبب البديهي لهذه الغيبوبة هو بالطبع المصالح الكبيرة التي أصبحت متركزة في النظام الكهربائي المتخلف والعالي التكلفة، والجهات الكثيرة التي استثمرت فيه، وهذا يرشدنا إلى جواب على السؤال الدائم الذي يطرح وهو ما السبب في استمرار فضيحة الكهرباء طيلة ثلاثين عاماً منذ الطائف؟ وهذا الجواب البسيط هو أن التحالف الخفي الذي يستفيد من الأزمة وعلى رأسه السياسيون لا مصلحة له على الإطلاق في حل الأزمة وتنظيم القطاع على أسس التحديث والفعالية والشفافية. وعلى سبيل المثال، فإن الحلول المطروحة ما زالت تتراوح بين استئجار المزيد من البواخر التركية لتوليد الكهرباء أو تحديث المعامل الحالية التي عفا عليها الزمن لكن من دون أن نرى في السياسة الحكومية، سواء على مستوى مجلس الوزراء أو وزارة الطاقة، توجهاً جديداً يواكب التحولات الهائلة التي يشهدها العالم على صعيد الاستثمار في الطاقة المتجددة، فنحن في لبنان نعيش في زمن آخر.

المرحلة الإنتقالية
برغم أن التوجه الاستراتيجي للبنان يجب أن يكون نحو الطاقة المتجددة، وهو ما سنأتي عليه في الفصل التالي، إلا أن هذا التحول سيحتاج بالتأكيد إلى وقت لا يمكننا تقديره، لأن إنجاز هذا التحول يحتاج إلى بلورة الإرادة السياسية أولاً ثم إلى وضع الاستراتيجية المتكاملة للطاقة وبلورة الأطر القانونية والتنظيمية والهيئة الناظمة على المستوى الوطني وسياسات الاستثمار وأنظمة التشغيل والشراكات المحتملة بين القطاع العام والخاص أو بين البلديات والمناطق والقطاع الخاص وغير ذلك من الخطوات التحضيرية.
إن الخطة الانتقالية لتطوير وترشيد قطاع الطاقة في لبنان لا بدّ وأن تمرّ بإعادة هيكلة القطاع بمختلف مكوناته مع تعزيز التوجه الحالي الذي يدعو إلى خصخصة عمليات التوليد والتوزيع مع بقاء الدولة مالكة للبنية التحتية المتمثلة بالشبكات واضطلاعها بدور الناظم المسؤول عن التوفيق بين تحفيز المستثمرين للاستثمار في الطاقة وبين حماية المستهلكين. إن الهدف من الخصخصة هو قيام القطاع الكهربائي على أسس الفعالية والشفافية وحسن التشغيل التي يتميز بها القطاع الخاص، ورفع عبء كبير عن ميزانية الدولة اللبنانية يعتبر مكوناً أساسياً في النمو الكارثي للدين العام، علماً أن الدولة يمكنها ضمن أي خطة جدية للإصلاح أن تحصل على التشجيع والدعم على شكل قروض ميسرة تقدمها صناديق التنمية العربية ومؤسسات التمويل الدولية. أخيراً، فإن الاتجاه نحو خصخصة قطاعات الطاقة والمياه وغيرها ينسجم مع ما يتم العمل به اليوم في مختلف دول المنطقة بما في ذلك دول الخليج وكذلك مع النمط المعتمد أكثر فأكثر على النطاق العالمي.
إن إصلاح منظومة الكهرباء في لبنان يمكن أن يأخذ في الاعتبار زيادة الطاقة المولّدة محلياً عن طريق المحطات العاملة بالغاز، وهي الأقل تلويثاً مع تجديد القائمة حالياً على نفس الأسس أي على أساس التحول إلى الغاز الأرخص تكلفة والأقل تلويثاً، كما إن من بين الحلول المطروحة زيادة عدد بواخر توليد الكهرباء التي تتولى سد قسم من النقص الكبير في الطاقة المنتجة في لبنان كحلول مؤقتة بهدف وضع حد للتقنين وتوفير الطاقة الكهربائية بصورة دائمة للاقتصاد وللمجتمع. إن تنفيذ هذه الخطوات يمكن أولاً أن يضع حداً لعمل المولدات التجارية والمولدات الخاصة التي تساهم بصورة هائلة بإنبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وغيره من الغازات الملوثة، لكن هذه الإصلاحات يجب أن لا يكون هدفها تكريس العمل بالنظام الباهظ التكلفة والملوِّث الحالي بل التمهيد للتحول بصورة حاسمة نحو الطاقة المتجددة ولاسيما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

لماذا الطاقة المتجددة؟
إن الاستثمار الكثيف في الطاقة المتجددة ولاسيما طاقة الرياح والطاقة الشمسية في لبنان هو استثمار في نفط لبنان الحقيقي الذي لا ينضب، وهو استثمار في المستقبل يجب أن يتحول إلى أولوية وطنية حقيقية ويجب العمل بالتالي لجعله أولوية حكومية وسياسية وشعبية وإعطاء المشاريع الخاصة به طابع الأهمية التي لا تقبل التأجيل أو التسويف. إن هذا التوجه المستقبلي ليس وليد أحلام أو طوباوية سياسية أو اقتصادية بل هو يستند إلى عوامل اقتصادية وتكنولوجية كما يستند إلى ميزات لبنان المناخية وإلى

صاحب مولِّد فتح شركة كهرباء خاصة والأرجح أنه يديرها بأفضل مما هي عليه الحال في المؤسسة الحكومية
صاحب مولِّد فتح شركة كهرباء خاصة والأرجح أنه يديرها بأفضل مما هي عليه الحال في المؤسسة الحكومية

طاقات شعبه ومؤسساته وإلى الخبرة الدولية المتنامية في هذا المجال. أهم الاعتبارات التي تجعل من الاستثمار الواسع النطاق في الطاقة المتجددة الخيار الاستراتيجي الوحيد لحل أزمة الكهرباء وتعزيز البنية التحتية للاقتصاد اللبناني هي التالية:
1. التقدم الهائل لتقنيات الطاقة المتجددة: شهدت السنوات الخمس الأخيرة قفزات مدهشة في تطور تقنيات الطاقة الشمسية وحجم الاستثمارات التي تستقطبها في العالم، وأدت القفزات التقنية إلى مضاعفة فعالية الطاقة الشمسية مثلاً مرات عدة مع خفض تكلفتها باستمرار بحيث بات متوقعاً أن تصبح قريباً جداً منافساً لا يضاهى لمختلف أنواع الطاقة التقليدية (الملوِّثة) ويظهر الرسم البياني أعلاه كيف أن تكلفة اللاقط الشمسي أو اللوحة الشمسية انخفضت في السنوات الأربعين الماضية بنسبة 99% عما كانت عليه في العام 1975، إذ كان اللاقط الشمسي يكلف أكثر من 20 ألف دولار عندما كانت تكنولوجيا الخلايا الفوتوفولطية في بداية تطورها، بينما أصبح هذا اللاقط (بطاقة 200 واط) لا يكلف في العام 2015 أكثر من 122 دولاراً، وتشير الإحصاءات الأخيرة إلى أن أسعار الطاقة الشمسية مستمرة بالهبوط بحيث وصلت تكلفة اللاقط إلى 0.49 سنت للواط (أي نحو 100 دولار للاقط بطاقة 200 واط) وقد باتت كل التوقعات تشير إلى أن الطاقة المتجددة ولاسيما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح باتت خيار المستقبل للبشرية باعتبارها الأفضل للبيئة وفي الوقت نفسه الأكثر جدوى من الناحية الاقتصادية لذلك فإن جميع البلدان (المتقدمة والنامية) بدأت التحول إليها كبديل لمصادر الطاقة التقليدية المكلفة والملوثة على حدّ سواء.
2. فجوة الطاقة البديلة في لبنان: إن لبنان من البلدان الأكثر تعرضاً للشمس في العالم (نحو 300 يوم في السنة) كما إن في إمكانه توليد الطاقة من الرياح على امتداد شواطئه وبتكلفة تقل عن تكلفة المشاريع المتداولة لإنشاء محطات توليد جديدة تعمل بالفيول أو بالغاز. لكن لبنان هو من أقل البلدان استخداماً للطاقة الشمسية، ولم تضع الدولة اللبنانية حتى الآن استراتيجية تستهدف إحلال الطاقة المتجددة بصورة تدريجية محل الطاقة الملوثة التقليدية. وبرغم التوفير الذي تحققه في مصروف الكهرباء فإن الدولة لا تطبق سياسة فعالة لتعميم استخدام الطاقة الشمسية في تسخين المياه سواء على مستوى المنازل أو الأبنية السكنية أو المؤسسات. ولا توجد في لبنان أنظمة تجعل تركيب هذه السخانات بنداً إلزامياً للحصول على رخصة البناء، وعلى سبيل المقارنة فإن الجارة الصغيرة قبرص بدأت باستخدام أنظمة تسخين المياه على الطاقة الشمسية في العام 1961 وهي تعتبر اليوم من أكثر بلدان العالم استخداماً لهذه التقنية نظراً الى أن 95% من بيوتها مزودة بأنظمة تسخين المياه على الطاقة الشمسية في مقابل نسبة تغطية ضعيفة للمنازل في لبنان.
ويظهر تقرير أعدّه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان ضآلة الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة، إذ لم تتجاوز الاستثمارات الإجمالية في هذا القطاع 30 مليون دولار في العام 2015 ولهذا السبب، فإن لبنان ما زال يأتي في مرتبة متأخرة جداً على صعيد استخدام الطاقة المتجددة في توليد الطاقة الكهربائية. ويعود هذا التأخر بالدرجة الأولى إلى عدم جديّة الالتزام السياسي للدولة اللبنانية بهذا الهدف كما يعود إلى غياب التوعية الواسعة التي تبيّن للمواطنين الجدوى الاقتصادية من التحول إلى أنظمة الطاقة الشمسية، وعدم تشجيع الاستثمار الخاص في قطاع الطاقة المتجددة عبر توفير الإطار القانوني والحوافز التشجيعية اللازمة مع توفير أنظمة تمويل تتجاوز من حيث الحجم والآليات برنامج الحوافز المحدود المقدّم من مصرف لبنان، أم من خلال إنشاء وكالة وطنية للطاقة المتجددة تعطى صلاحيات واسعة وميزانية كافية للعمل على إدخال لبنان عصر الطاقة المتجددة ونادي الدول الرائدة في هذا الميدان.
يبقى القول إنه وبرغم تأخير الدولة في تبني خيار الطاقة المتجددة فإن عوامل السوق نفسها ولاسيما تراجع تكلفة الطاقة الشمسية باتت في حدّ ذاتها محفزاً أساسياً لتحول الأفراد والمؤسسات في لبنان إلى أنظمة الطاقة الشمسية، وإحدى الظواهر الملفتة هو توجّه البلديات في العديد من

باخرة توليد الطاقة الكهربائية التركية أورهان باي التي تغذي معمل الجية
باخرة توليد الطاقة الكهربائية التركية أورهان باي التي تغذي معمل الجية

“المواطن في لبنان أسرع بكثير من الدولة في الأخذ بثورة الطاقة المتجددة وبلديات كثيرة أخذت المبادرة في تبني الطاقــة الشمسية للإنارة العامة”

المناطق إلى إنارة الطرق بواسطة الطاقة الشمسية بدعم من جهات العون الدولية. إن كل ذلك يظهر أن المواطن في لبنان أسرع بكثير من الدولة في الأخذ بثورة الطاقة المتجددة، كما إن الاستثمار في أنظمة التوليد بالطاقة الشمسية يعتبر أهم وسيلة لتحقيق “الاستقلال الكهربائي” من قبل المواطنين والمؤسسات والهيئات المدنية وبالتالي تأمين مصادر تغذية دائمة وفعالة بالتيار الكهربائي.
3. حماية البيئة: إن التبني الشامل لسياسات التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة تفرضها أيضاً إلتزامات لبنان البيئية كبلد موقِّع على معاهدة باريس للحد من إنبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وغيره من الغازات التي تساهم في تسخين جو الأرض، وبموجب هذه الاتفاقية فقد التزمت كل دولة بأهداف كمية على صعيد خفض الانبعاثات وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة ومن هذه الدول الاتحاد الأوروبي الذي التزم بأن يتوصل بحلول العام 2020 إلى خفض انبعاثات الغازات الحرارية بنسبة 20% (بالمقارنة مع معدلات 1990) ورفع الطاقة الكهربائية المستخرجة من المصادر المتجددة إلى 20% من المجموع وكذلك زيادة فعالية استخدام الطاقة الكهربائية بنسبة 20%. وبناء على معاهدة باريس فإن على لبنان أن يحدد لنفسه أهدافاً تتعلق بخفض تلك الانبعاثات وزيادة حصة الطاقة المتجددة وزيادة فعالية استخدام الطاقة ووقف الهدر. وكل هذه الالتزامات البيئية لا يمكن تنفيذها من دون سياسة وطنية شاملة لدخول عصر الطاقة المتجددة والخروج من مستنقع التقنيات البالية والهدر والفساد. والواقع فإنه وبالنظر إلى حجم اعتماد قطاع الكهرباء على الفيول وضعف السياسات المتعلقة بالحدّ من انبعاثات السيارات والمصانع والمولدات فإن لبنان أصبح من الدول الأكثر تلويثاً في العالم كما يظهر أعلاه التالي:
تحول استراتيجي: إن تبني لبنان للتوجه العالمي نحو مصادر الطاقة المتجددة لا بد وأن يقطع بصورة تامة مع النظام البالي الحالي لمفهوم احتكار توليد وتوزيع الطاقة من القطاع الحكومي، وهذا الاحتكار هو أحد أهم أسباب تخلف القطاع وتقادم التكنولوجيا وارتفاع التكاليف وتدهور الخدمات سنة بعد سنة. على العكس من ذلك، فإن قطاع الطاقة المتجددة يستند إلى مبادرات القطاع الخاص وإلى مهارة المستثمرين في الاستفادة من أحدث تقنيات الطاقة المتجددة التي تضمن لهم الميزة التنافسية للبيع بأفضل الأسعار مع تحقيق العائد على الاستثمار. إلا أن أهم ميزات الطاقة المتجددة هي في كونها نظاماً مثالياً لتطبيق اللامركزية في توليد وتوصيل الطاقة الكهربائية بحيث يمكن تصور قيام العشرات من الشركات الخاصة التي تتخصص كل منها في خدمة ناحية جغرافية ضمن القوانين الناظمة التي تصدرها الدولة، وهذا النوع من التوزيع الجغرافي لأنظمة الطاقة يساعد على بناء العلاقات بين المنتج وقاعدة العملاء وعلى تحسين الخدمات وترشيد الإدارة كما إنه ينهي مشكلة التسيّب والاعتداء على الشبكات في ظل النظام المركزي للكهرباء الذي نعيش في ظله حالياً.

 

 

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي