ذهب العديد من الباحثين في الفكر السياسي والاجتماعي حول نمط الاجتماع في لبنان بعيداً في تقدير أهمية وخطورة تعدد فئات المجتمع اللبناني وانتماءاتها وولاءاتها، ومن دون أن يبذلوا بعض العناء للتدقيق في مدى صحة المعايير المستخدمة لتحديد «الطوائف الدينية» ومدى تناقض الفئات المكوّنة لهذا المجتمع بعضها مع بعض، فوقَعوا في شرك فهم الماضي على مقاييس الحاضر ومعطياته، آخذين مجرد الصراعات الدموية التي كانت تظهر إلى سطح العلاقات لتبرير أقوالهم وكمؤشر وحيد لدراساتهم من دون التدقيق أحيانا فيما إذا كانت هذه الصراعات تتخطى هذا السطح إلى الجوهر أم أنها كانت تمكث فيه. فلذلك تتكرر في العديد من الأبحاث مفاهيم تصف المجتمع اللبناني بأنه «مجتمع الفسيفساء» و«الفسيفساء الطائفية» و «وعاء الأقليات الدينية والقومية» والكلام عن «المشاريع والآمال المتناقضة للطوائف والمذاهب المختلفة» وصولاً إلى ما بات يشاع حول «التعددية الحضارية» و«الأصول الحضارية المتعددة» و«الخصوصيات المذهبية» وغيرها من المفاهيم التي لنا أن نشك في أسباب رواجها وفي غايات مروّجيها.....
Login To Unlock The Content!This content is locked