أحدُ أكبرِ السّدود المائيّة في لبنان
سَدُّ بِسْرِي يُنهي عطش بيروت
ويعزّز السّياحة في الشّوف وجِزّين
مهندس المشروع إيلي موصلّلي لـ “الضّحى”
بُحيـــرة السَــد ستكــون بطــول 1000 متــر وعــرض كلــم واحــد
والمشاريــــع السّياحيــــــــة مُتاحــــــة ضمــــــن ضوابــــــط بيئيّـــة
ســــــــدّ بِســــري مقـــــــــاوم للــــــزّلازل بسبــــب تِقَنيّــــات بِنائِــــه
كســــدٍّ ركامــــــيّ مــــــــن الصّخــــــــور بــــــدلاً من الإسمنــــــــت
تغــــــــــــــــــذية بحيـــــــــــــــــرة بِسْــــــــــــــــــري من الميــــــــــــــاه
تصــــــــــل إلــــــــــــى 125 مليــــــــــون مــتــر مكعــــــــب سنــــوياً
بعد إقراره من قِبَل الحكومة، والمباشرة بتنفيذه من قبل مجلس الإنماء والإعمار، يكتسب سّد بسري أهمّية خاصّة، بالنّظر إلى وجوده في أهمّ وأجمل بُقعة جغرافيّة عرفها لبنان، على تخوم منطقتيّ الشّوف، وجِزّين على مُنْبَسط أرضيّ غنيّ عن الوصف فائق الرّوعة والجمال. أمّا المخزون الإجماليّ من المياه التي سيتمّ تجميعها بعد الانتهاء من تنفيذه، فسيتغذَّى من فائض الينابيع التي تجري في واديه والتي تشكل روافد نهر الأوّلي. وهذا النّهر الجميل الذي تغنّى به الشّعراء واجتهد في وصفه الرّحالة والباحثون، يصبّ شمالي مدينة صيدا مشكّلاً الحدّ الفاصل بين محافظتي الجنوب وجبل لبنان.
وتفيد المراجع التّاريخيّة أنّ ما يعرف اليوم بمرج بِسري كنقطة تلاقٍ لنبعيّ الباروك وجِزّين وما يتبعهما من روافد مائية كان يشكّل في ما مضى، الممرّ الآمن لجميع الجيوش التي غزت لبنان منذ عهد الإسكندر المقدوني، إلى عصر الرّومان، والآشوريين، والبابليين، والكلدانيين، مروراً بالفتح العربي الإسلامي، والصّليبيين، والفاطميين، وصولاً إلى حكم التنوخيين، والمعنيّين، والشهابيّين. هو المكان المُحدّد لإنشاء السَّدّ الذي يُعرف بسدّ بسري. وكلمة المرج تعني المنبسط الشّديد الخضرة، ومرج بِسري مشهور بخصوبة أرضه وبساتينه الغنّاء، وبآثاره الرّومانيّة، والصّليبيّة.أمّا ملكيته فتعود لمجموعة من المستثمرين من باتر ونيحا وعماطور ومزرعة الشوف. ويتوزّع عقاريّاً على تلك البلدات، وعلى بعض بلدات قرى قضاء جزين. وعبره كانت تمرّ ما يسمى بـ “طريق البلاد” التي كانت تربط إمارة الجبل بولايتيّ صيدا، وعكّا. ومن خلاله كانت تعبر قوافل المكارين والتجّار من البقاع والشوف وجزين إلى صيدا وبالعكس وبقي المرج يُستخدم حتى مطلع القرن العشرين. فهو يربط منطقة جزيّن بإقليم الخرّوب عبر بْسابا، ومزرعة الظَّهر، ويربط قرى وبلدات الشّوف الأعلى، عبر بوابة باتر الشّهيرة، وكلّ هذه الدّروب كانت تخضع لنقطة مراقبة أنشئت في شقيف تَيرون أو قلعة نيحا الشهيرة.
أما السّدّ الذي باشر مجلس الإنماء والإعمار بتنفيذه كما أسلفنا، فهو اليوم في مرحلته الأولى، التي تشمل حفر أنفاق بطول 20 كلم إنطلاقاً من الدامور، وصولاً الى الوردانية بنفق يبلغ طوله 15 كلم، وسيستكمل من الوردانيّة الى موقع السدّ في بِسري.
أمّا المرحلة الثّانية فتنطلق من الدّامور إلى خزّانات الحازميّة. وقد يستغرق تنفيذ هذه المرحلة 5 سنوات. ولمزيد من المعلومات وتسليط الضّوء على هذا المشروع القيّم التقت “الضّحى” المهندس المشرف على تنفيذ هذا المشروع الأستاذ إيلي موصلّلي،واطّلعت منه على المراحل التي قطعها إلى أن دخل أخيراً مرحلة التّنفيذ. وهنا نصّ الحوار:
> كيف وُلدتْ فكرة سَدّ بِسري، وما هي الجدوى المتوقّعة من هذا المشروع؟
سَدُّ بِسري ليس فكرة جديدة، بل فكرة قديمة يعود تاريخها الى العام 52 19 وذلك عندما اقترحت شركةUSBR إنشاء السدّ وأثبتت الجدوى من إنشاء هذا السّد في هذه المنطقة بالتّحديد. ثم جرى إدخال مشروع السدّ في منظومة مشاريع عبد العال التي نَفّذت ما يُعرف بمشروع اللّيطاني ونهر الأوّلي، وهي الشّركة التي أنشأت بُركة أنان وسَدّ القرعون.
> متى بدأت الدّراسات الهندسيّة تمهيداً لعمليّة التنفيذ؟
وُضِعت الدّراسات الأولى من قبل المصلحة الوطنيّة لنهر اللّيطاني في الثمانينيّات، وبعدها تم تحويل المشروع إلى مجلس الإنماء والإعمار، وذلك في العامين 1998 و1999. وكانت هذه الدّراسة عبارة عن استقصاءات جيوتقنيّة، بوشر بعدها بإعداد الدّراسات التّقنيّة. وكان هناك استحالة لتنفيذ المشروع نظراً لوجوده على الحدود بين الشّوف وجِزّين التي كانت تحت سلطة الاحتلال الإسرائيلي. فقد كان هناك صعوبة وصول المهندسين والخبراء إلى المنطقة، وخاصة لدراسة وضع التربة، فتوقف المشروع. وهذا من الأسباب، التي أخَّرت التّنفيذ الى هذا الوقت.
أمّا السّبب الثّاني للتّأخير فكان بالدّرجة الأولى ضرورة إيجاد التّمويل اللّازم لتنفيذه. وفي العام 2012 ومع بداية تنفيذ مشروع الأوّلي بتمويل من البنك الدّولي، أعطى البنك الدّولي الحكومة اللّبنانيّة وعداً بتمويل سَدّ بِسري. وبالمقابل قامت الحكومة بتأمين الدّراسات التّفصيليّة للمشروع، وأُقِرّ التّمويل في العام 2014 واليوم أنهينا إعداد معظم الدراسات تقريباً، وباشرنا التنفيذ.
ما هي المناطق التي تستفيد من هذا المشروع؟
تمتدّ المناطق المُستفيدة من الدّامور ساحلاً وإلى الجديدة ــ البوشريّة في قضاء المتن الشّمالي، مروراً بالعاصمة بيروت، والضّاحيتين الجنوبيّة والشّماليّة، وعدد من مدن وبلدات الشّوف الساحليّة، والبلدات المُماثلة في قضائيّ عاليه وبعبدا الساحليّة أيضاً، بما في ذلك الرّميلة، الجيّة، السعديّات، النّاعمة، حارة النّاعمة، الشويفات، كفرشيما، وادي شحرور، بطشاي، بعبدا، الحازميّة، المكلّس، الدّكوانة اللّويزة، الفيّاضيّة، سنّ الفيل، مار روكز، الفنار، الجديدة، والبوشريّة.
> كيف سيتمّ بناء شبكات جرّ المياه إلى هذه المناطق؟
عملية جرّ المياه ستتمّ عبر أنفاق تبدأ من منطقة جون– الوردانيّة، بطول 4 كلم. ونفق آخر من الوردانيّة الى خلدة، بطول 20كلم ومن خلدة يتمّ جر المياه الى خزانات الحازميّة، وبعد ذلك تُوَزّع المياه على المناطق الموجودة في الخارطة الخاصّة بالمشروع عبر قنوات توصيل وأنفاق تحت الأرض بعمق 40 م. والنّفق بحدّ ذاته عبارة عن قسطل مغلّف بالإسمنت من كل جوانبه. كما سيتمّ تمديد شبكات ثانويّة في المناطق المشمولة بالمشروع، مع إنشاء خزّانات صغيرة لتجميع المياه..
> كم سيستغرق تنفيذ المشروع؟
خمس سنوات، وعلى ثلاث مراحل، المرحلة الأولى تمت المباشرة بتنفيذها من الدامور إلى الوردانيّة، وهي كما أسلفنا تنقسم إلى ثلاثة أجزاء: 10 كلم – 10 كلم – 4 كلم.
السّد يروي العاصمة
> ما هي كمية المياه المتوقّع تزويد العاصمة بها؟
في الوقت الرّاهن تتغذّى بيروت من محطّة ضبيّة بـ 250 ألف متر مُكعب يوميّاً أمّا الكمية المتوقّع الإستفادة منها من سَدّ بِسري فتصل إلى 500 ألف متر مكعب يومياً. أمّا عمليّة التّوزيع فتخضع لاستراتيجيّة خاصّة.
> كم تبلغ كُلفة المشروع الإجماليّة؟
نحو 474 مليون دولار تغطّي كلّ الاستثمارات.
> هل حدّدتم سعر متر للأراضي المُسْتملكة في المشروع؟
السّعر النّهائي لم يُحدّد بعد من قبل لجان الاستملاك المختصة، وهي عبارة عن محكمة في الوقت نفسه، مهمّتها البتّ بالأسعار، وجلسات التّحكيم بهذا الخصوص بدأت أعمالها.
> هل لديك فكرة كم سيتراوح السّعر؟
حسب شكل الأرض، وحسب التّصنيف، وهناك فرق بين الأراضي المغروسة والأراضي البور، والأراضي الحرجيّة.
> أين هو مكان السّدّ بالتّحديد؟
السَّدّ يقع ضمن خراج بلدة خربة بِسري، وبالتّحديد بمحاذاة كنيسة مار موسى قرب الجسر الذي يربط بسري بمزرعة الضَّهر وبسابا.
> ما هو إجمالي الاستملاكات؟
المساحة التّقريبيّة تصل إلى حدود 450 هكتاراً، ومع الاستملاكات تصبح 570 هكتاراً. أي أنّ مجموع الاستملاكات تبلغ 50 كيلومتراً مربّعاً.
> الى أين سيصل منسوب المياه وما هو حجم البحيرة التي يُتوقّع أن تنشأ خلف السّدّ؟
المياه ستصل شرقاً وشمالاً إلى بلدة باتر، وخراج عمّاطور ومزرعة الشّوف، بطول يبلغ 5 كلم، وعرض كلم واحد. أمّا ارتفاع السدّ فقد يصل بحسب الدّراسات إلى 73 متراً.
> الدّراسات الجيولوجيّة حول خصائص تربة وادي السّد، هل جاءت مُرْضية هندسيّاً؟
كلّ الدّراسات التي أجريناها، أفادت أنّ هذا هو المكان المناسب من الناحية الجيولوجيّة، نظراً لوجود كميّة كبيرة من الطّمي في مجرى النّهر، ومعظمها طبقات دلغانيّة. كما أنّ تصميم السدّ يلحظ إقامة حائط من الباطون المسلّح بسماكة وافية لمنع تسرّب المياه. حتى في حالات الامتصاص تبقى بداخل التّربة في أرض البحيرة ولن تذهب إلى خارج السّدّ، وهذا الحائط يجب أن يكون بعمق يزيد عن سماكة الطّمي ليمنع تسربه الى خارج السّد. لأنّ الموقع مسطّح، والطّمي متراكم عبر السّنين. مع الإشارة إلى وجود فالق كبير بقلب النّهر، لكنّ ارتفاع الحائط الذي يصل إلى 100 متر، كفيل بمنع تسرّب المياه.
> كم يبلغ ارتفاع المنطقة التي سيقام عليها السدّ عن سطح البحر؟
420 متراً عند أرض البُحَيرة، ومع منسوب المياه سيصبح 500 م
ماذا عن مصادر المياه، وكم تبلغ كميّتها؟
مصادر المياه كما بات معلوماً، ستأتي بالدّرجة الأولى من نبع جِزّين، ومن نبع الباروك، وجميع الينابيع الصّغيرة التي تصبّ في الأودية المؤدّية الى مجرى النّهر، انطلاقاً من الباروك وصولاً إلى بسري. فالدّراسة تفرض حاجة المشروع إلى كميّات كبيرة من المياه، والدّراسة الهيدرولوجيّة تلحظ أنّ الحاجة السّنويّة هي بين 125 مليون متر مكعب إلى 130 مليون متر مكعب. المهمّ في البداية ملء السّدّ، لأنّ المخزون الاستراتيجي غير قابل للاستعمال، والمياه تتجدّد كلّ سنة، وليس لدينا فائض كبير، وبالمقابل لسنا بحاجة إلى مياه إضافيّة.
> كيف سيتمّ منع تراكم الصّخور والأتربة التي تجرفها السّيول إلى البحيرة؟


مصير الثّروة الأثريّة
> من المعروف أنّ مرج بِسري غنيّ بالآثار الرّومانية وغير الرّومانية وهناك كنيسة قديمة، ماذا سيكون مصير تلك الثّروة من الآثار والمواقع التّاريخيّة؟
الآثار، والكنيسة، سيتمّ نقلها إلى مكان قريب للاستفادة منها كمعالم سياحيّة، وهناك دراسة موجودة لدى مديريّة الآثار تشير إلى عمليّة مسح للمكان من قبل بعثة بولونيّة، قامت بتحديد المواقع الأساسيّة التي ستجري الاستقصاءات حولها من أجل إزالتها. وكلّ موقع أثريّ له خصوصيّته. بالنّسبة لكنيسة مار موسى، جرى التّنسيق مع المطرانيّة، والبلديّة، والمراجع الدينيّة في المنطقة لكي تُنقل إلى مكان يحدّد لاحقاً. وكذلك تمّ التّنسيق مع مديريّة الآثار لوضع آلية لنقل الآثار وحمايتها. نظراً لوجودها بقلب البحيرة، وفي خراج عمّاطور. وهذه الآثار عبارة عن أعمدة رومانية، ومعبد للقدّيسة صوفيا، أو سانت صوفيا.
> ماذا سيكون مصير البيوت السكنيّة الموجودة ضمن حَرَم البُحيرة، وهل ستصل المياه إلى مزرعة خَفيشة التابعة لبلدة باتر؟
لا أعرف ما إذا كانت المياه ستصل إلى مزرعة خَفيشة أم لا، لأنّ استملاك المنازل السكنيّة محدود جدّاً ضمن المشروع. ومعظم المنشآت العامّة هي أراض زراعيّة سيتمّ التعويض على مالكيها بالسّعر المناسب.
> ماذا سيكون مصير حُرج عمّاطور والمرامل المُستحدَثة في تلك المنطقة؟
إنّها من ضمن الأراضي المُستملكة لأنّ منسوب المياه قد يصل إلى خراج باتر وعمّاطور. وسنعوّض على البلديات بمبلغ مقبول. وكلّ الأراضي المُستملكة من المفروض أن ندفع ثمنها، والمبالغ الماليّة مقبولة جدّاً
> بماذا ستستفيد القرى المحيطة من السدّ؟
بعد سلسلة اجتماعات أجريناها مع البلديات في السّنوات 2012 و2013 و2014 طرحنا عليهم أن يتقدّموا باقتراحات للاستفادة من المشروع سياحيّاً، وبيئيّاً، واقتصاديّاً. البعض منهم كان متجاوباً، والبعض الآخر ما زال يدرس خياراته. ونحن من جهتنا رصدنا مبلغاً من المال مخصّصاً لإفادة تلك القرى عبر مشاريع صغيرة. ونحن نفضّل أن تتقدّم هذه البلديات باقتراحات بشأنها تكون ذات جدوى ومترابطة بالمشروع، مثل إقامة أماكن للأنشطة العامة، أو مشاريع السّياحة البيئية.
> ماذا سيكون مصير درب المرج الذي ينطلق من مزرعة الشّوف وعمّاطور، إلى مرج بسري؟
أعتقد أنّ هذا الطّريق سيُقفل أو يتحوّل إلى محيط السَّدّ من ضمن برنامج السّياحة البيئيّة
القرى المحيطة
> كيف سيكون مصير القرى المحيطة بالسّدّ التي تتغذّى من مياه الباروك؟
إنّ هدف المشروع هو توزيع المياه على القرى الساحلية الواقعة تحت منسوب البحيرة، لتجنب عملية ضغط المياه أما بسابا ومزرعة الظهر فهما أعلى من السدّ، وكلفة الضّخ من تحت إلى فوق مُكلفة، ونفضّل توزيع المياه بواسطة الجاذبية. وعندما تتغذّى القرى الساحليّة بالمياه بواسطة الجاذبية، نكون قد وفرّنا استهلاك المياه للمناطق العالية التي تتغذى من الباروك بشكل غير مباشر. كما إنّ توزيع المياه على البلدات الساحلية سيكون أفضل بكثير ممّا هو عليه اليوم.


هل يترتّب على مجلس الإنماء والإعمار دفع مبالغ ماليّة للقرى التي يتواجد فيها ينابيع تغذّي البحيرة، مثل الباروك، وجزين، والمختارة، وحارة جندل، وجبليه، وباتر؟
إذا وجدت ينابيع أو آبار مستثمرة سيتمّ التّعويض عليها بحسب مُلكيتها.
> هل يمكن توليد الطّاقة الكهربائيّة مستقبلاً؟ هذا الأمر ملحوظ بالدّراسة، وبتمويل مستقل من البنك الإسلامي، وهناك معمل لتوليد الكهرباء بقوة 12 ميغاوات، ويمكن الاستفادة من الفارق في مستوى المياه بين السّد ومعمل شارل حلو، أو ما يُعرَف بمعمل بول أرقش.
دة في معمل أرقش؟
سيتمّ الرّبط على الشّبكة مباشرة، مع زيادة التّوربينات على مجرى مياه مستقل عن المياه المأخوذة من السّد، فيصبح لدينا كما أشرت 12 ميغاوات، سيتمّ ربطها مباشرة بشبكة كهرباء لبنان بواسطة مشروع اللّيطاني. والمشروع خَصص القرى الواقعة في محيط البحيرة بزيادة التّغذية من كهرباء اللّيطاني.


لمشاريعُ السّياحيّة
سياحياً، ماذا سيقام على ضفاف السدّ شرقاً وغرباً، أم ستحوّل الأراضي إلى هامش للبحيرة كما هو حال بحيرة القرعون؟
من حيث الاستملاك، هناك منطقة بعمق 15 مترا غير مُستملكة وهي تتطلّب مخطّطاً توجيهيّاً، وقد ناقشنا مع البلديّات حول مصير الأراضي المحيطة بالسدّ من حيث انتشار نشاطات أو عمليات تطوير غير منظّمة، وذلك لمنع التلوّث الذي قد يصيب البحيرة ومياه الشرب. وسنلحظ أيضاً منفعة القرى المحيطة بالبحيرة، وطالبنا البلديّات بوضع تصوّر لذلك. فكانت مناطق جِزّين الأكثر حماساً. ومن بين الأفكار المقترحة، غرس الأشجار في محيط البحيرة. وفي النّهاية يتوجّب على البلديّات المعنيّة وضع الأفكار المناسبة لإقامة مشاريع على جانبي البحيرة تكون جاذبة سياحياً، وسليمة بيئياً. ونحن سسنساعدهم بدراسة المخطّط التوجيهي، لكنْ عليهم تقديم اقتراحاتهم أوّلاً.
هل يسمح لأصحاب الأراضي الخاصّة بإقامة مشاريع سياحيّة على جوانب السّواقي والينابيع التي تتغذّى منها البحيرة؟
هذا الأمر مسموح شرط عدم تلوث البحيرة.
البعض قد يلجأ لإقامة سدود صغيرة على مجاري الأنهر والسّواقي التي تؤدي إلى البحيرة، فهل سيسمح بها؟
كلّ شيء ممكن ضمن القانون. ومن يُرِدْ إنشاء مشاريع سياحيّة في أملاكه الخاصّة، فعليه الالتزام بالشّروط الصّحيّة والبيئيّة، ومنع تسريب المياه الملوّثة إلى قلب البحيرة..
دور مجلس الإنماء والإعمار
من هي الجهة المشرفة على التّنفيذ، وما دور مجلس الإنماء والإعمار؟
الجهة التي تتولّى تنفيذ العمل في السّد حالياًّ هي مجلس الإنماء والإعمار. ووفق العقد سيتولّى المجلس الإشراف على المشروع إلى ما بعد انتهاء العمل مدة سنتين. وفي مرحلة لاحقة يجري تسليم المشروع والسّد إلى مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان. باعتبارها الجهة المسؤولة عن تأمين المياه لمنطقة بيروت وضواحيها. وكذلك إدارة كلّ المنشآت مثل محطّة التّكرير، وصيانة النّفق، وكلّ المكوّنات الأخرى، كلّ الإدارات الرّسميّة مَعنيّة بها، مثل وزارة البيئة، ومجلس الإنماء والإعمار المكلّف من قبل الحكومة بتنفيذ المشروع والتأكّد من صِحّة تشغيله.
متى تتوقع أن تتشكّل بحيرة السّدّ وتغمر الأراضي المُسْتملكة؟
بالتّحديد سيكون هناك بحيرة في مرج بِسري، أي في صيف العام 2020.
هل هناك عمليّات ضخ للمياه أم أنّ المشروع كلّه مبنيّ على التوصيل بالجاذبيّة؟
ليس هناك عمليّة ضخّ، وبمجرّد وجود السدّ أصبحت المياه خلفه تذهب بالجاذبيّة 24 / 24 ساعة.
معنى ذلك أنّ كلّ المياه في مجرى النّهر ستذهب إلى بيروت؟
هذا صحيح، لكنْ هناك فائض كبير من المياه في فصل الشّتاء لا يستفاد منه بل ينتهي مهدوراً في البحر، ومن هنا الأهمية الاقتصادية لإنشاء السّد. كما أنّ استخدام المياه في الشّتاء أقلّ بكثير منه في الصيف.
كيف ستتمّ حماية السدّ من الملوّثات ومن التعدّيات البيئية؟
سيتمّ ذلك بإنشاء شبكات ومحطّات تكرير مياه الصرف الصّحيّ.
هل محطات التكرير أصبحت موجودة في غالبية القرى؟
هناك جزء منها معطّل، ويلزمه إعادة تأهيل، وخاصة لجهة جِزّين. وهذه الصيانة سنقوم بها على نفقتنا كمجلس إنماء وإعمار. والمجلس بصدد زيادة محطّات التّكرير قي المختارة، وعين قني وباتر. ومن جهة جزّين في معظم القرى، وخاصة في الغباطيّة.
هل سيكون للبحيرة أهمية من الناحية الجمالية؟
وجود بحيرة في منطقة حُرجية تحيط بها من كافّة جوانبها، مع تنظيم لضفافها سيزيدها روعة وجمالاً. تماماً كما هي حال البحيرات في أوروبا. المنطقة جميلة وستصبح أجمل.
البعض يتحدث عن مخاطر بيئيّة قد تؤثر على سكّان القرى المحيطة بالبحيرة؟
فليطمئن الجميع، لا وجود للمخاطر البيئيّة في هذا المشروع لقد تمّت دراسته بعناية وليست هناك أيّة مخاطر، لا بيئيّة ولا صحيّة.لا معوقات والمال موجود
هل ذُلِّلَت كلّ المعوقات والعراقيل أمام التّنفيذ الكامل للمشروع بحيث لا نشهد مثلا تأخيراً في بعض المراحل أو نقصاً في التّمويل أو ما شابه؟
المعوقات الفنّيَّة تمت دراستها كلّها، وكلّ اللّقاءات مع رؤساء البلديّات تشير إلى عدم وجود أيّة عراقيل، وأكثر من ذلك كانوا جميعاً مُرَحّبين بالمشروع ويستعجلون تنفيذه. على الصّعيد المالي، المال أصبح موجوداً ومؤمَّناً، وعلى الصّعيد الفنّي تمّت دراسة المشروع بشكلٍ كافٍ ووافٍ، والآن نحن مهتمّون بإطلاق عمليّات التنفيذ.
ما هي الآلية المعتمدة في التّعويض على أصحاب الأراضي الواقعة خارج نطاق السدّ؟
كل الأراضي المُصابة بالتّخطيط سَيُعوّض على أصحابها. وسيشمل التّعويض كلّ المُنشآت القائمة. بالنّسبة لحقوق المياه، لدينا كميّة مياه ستبقى في النّهر لأسباب سيكولوجية، ولا يمكننا أن نقطع المياه من قلب النّهر. المياه تذهب إلى بيروت 24/ 24 ولكن بكميّات أقل، وما يتبقّى يمكن الاستفادة منه.
هل ستستفيد صيدا وبعض مناطق الجنوب من هذا المشروع؟
بالنّسبة لمشروع سدّ بِسري، هذا الأمر غير ملحوظ، ولكنْ تحت المنظومة التي تحدّثنا عنها وهي مشروع عبد العال، يمكن جرّ المياه مستقبلاً إلى صيدا ولكنْ تفاصيل ذلك غير واضحة


فالق روم وخطر الزلازل
في حال حصول زلازل أو كوارث طبيعيّة، كيف يمكن تجنّب المخاطر التي قد تنتج عن ذلك وخاصة “فالق روم”؟
هذا الأمر تمّت دراسته بعناية كبيرة، وخاصّة “فالق روم” بشكل خاص، وإنّ مجلس الإنماء والإعمار كلّف استشاريّاً محلّيّاً وآخرَ أجنبيّاً. كما أُجريت سلسلة دراسات قام بها خبراء من الجامعة الأميركيّة في بيروت وتمّ من خلالها تحديد “فالق روم”. ولدينا خبير تركيّ أيضاً يعمل ضمن لجنة خبراء مستقلّين، ولقد حُدِّدت العوامل ذاتها التي اعتُمِدَت في الدّراسات السابقة من قِبَل مكاتب مختصّة في فرنسا. وإذا رأينا حجم السدّ ونوعيّته باعتباره سَدّاً رُكاميّاً يتكّوّن من ردميّات للحدِّ من مخاطر الزّلازل، لأنّ سدود الباطون معرّضة لمخاطر الزّلازل، بينما سدود الرّدميات تبقى ثابتة مهما بلغت قوّة الزّلازل
ممّ تتكوّن الرّدميّات؟
الرّدميّات لها نُواة ترابيّة لجهة المياه، وفي الخارج من اليمين إلى الشّمال ردميّات صخريّة، بحسب المواصفات صخور كبيرة، وأخرى صغيرة. وهي مُتناسقة من أكبر إلى أصغر.
> هل يمكن المقارنة بين سَدّ بِسري، وسَدّ القرعون؟
في بسري الأمر مختلف تماماً، السدّ سيُنشأ من الرّدميّات. أمّا سدّ القرعون فهو من الباطون، وقائم على فالق شهير، لكن حتى الآن لم يحصل شيء. بالنّسبة لسدّ بسري الانحدارات الخفيفة زادت من حجم الرّدميّات في قلب السَدّ كلّه، وهو ما تم أخذه بعين الاعتبار للحدّ من مخاطر الزّلازل.
كم يبعد فالق روم عن السدّ؟
من 2 إلى 3 كلم، وبعد الدّراسة تأكّد لنا أنّ تأثيره ليس خطيراً. ولديه تفريعات قد تصل إلى 0.7 من التّسارع الأفقي للجاذبيّة على مقياس ريختر بمعدل 7.8 وهذا السّدّ مقاوم للزّلازل.
هل يوجد رابط بين بُركة أنان ومشروع السّدّ؟
بين بُركة أنان ومعمل بول أرقش يوجد نفق لجرّ المياه من اللّيطاني لتوليد الكهرباء، ولا علاقة بين المشروعين.
هل يَعِدُ مجلس الإنماء والإعمار القرى المجاورة للسدّ بتزويدها بالطّاقة الكهربائيّة؟
لسنا مُتَخَصّصين في هذا الأمر، ويبقى على شركة كهرباء لبنان النّظر بأوضاع هذه القرى.