حين يكتب لنا أو يبعث، قراؤنا بل أصدقاؤنا وأحباؤنا الكُثُر في لبنان وسوريا، بأننا نقرأ (كتاب) الضّحى حين يصدر مطلع كل فصل من الغلاف إلى الغلاف، فهم لا يشدّون على أيدينا فقط، ولهم تحيتنا، وإنما هم يصِفون في ما خصّ الضّحى واقع الحال تماماً. إذ لا اعتقد أن في وسع دورية موازية – مع الاحترام لكل من خطّ حرفاً على قرطاس – أن تحمل في عدد واحد ما تحمله الضّحى لقرائها الأحباء في كل عدد من أعدادها. هي (كتاب فصلي)؟ نعم هي كذلك. ولا تستطيع المجلة الثقافية الفصلية أن تكون أقل من ذلك.
لقد تحوّلت الضّحى منذ عقد من الزمن، بجهود أسرة تحريرها وكتّابها، وبفضل التفاعل مع قرائها، إلى كتاب ثقافي/توحيدي/توثيقي كبير، وما عدد الضّحى التوثيقي (العدد 25) الذي أصدرناه غداة الهجمة الإرهابية البربرية على مدينة السويداء وقرى المقرن الشرقي فيها – والذي كتبه وحرّره في الواقع، وليس رمزيا، أهالي السويداء والقرى المستهدفة فيها – غير عينة عن طريقتنا في بناء كل عدد من أعداد الضّحى..
والعدد الجديد هذا (العدد 26) هو تأكيد إضافي للقاعدة أعلاه. فقارئ الضحى سيجد فيه، بل سيسعد أن يجد فيه، غير ملف وتحقيق يلبي، وفي آن معاً، الهموم اليومية لمواطنينا، من جهة، ومطلب المعرفة الثقافية العميقة الشاملة، من جهة ثانية.
لا ينفع اختصار العدد هذا في صفحة واحدة. فهو أقرب إلى روضٍ متنوع الأنواع والألوان، وفي وسع كل قارئ أن يجد فيه ضالته. فمن تغطية النشاط الواسع الذي كان لمشيخة العقل في غير مكان مؤتمر وزيارة ولقاء حواري، داخل لبنان، أو في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، على وجه الخصوص، ويستحق بعضها القول أنها كانت محطات تاريخية؛ إلى ملف غير مسبوق عن أمير البيان وشيخ العروبة والإسلام، الأمير المجاهد شكيب أرسلان، في الذكرى المائة والخمسين لمولده (1869-1919). وقد أسهم في الملف وزراء وسفراء وكتّاب كبار من تونس ولبنان، وكشف الغطاء للمرة الأولى عن صفحات جديدة من حياة الأمير، وجهاده، وعميق علمه.
وفي العدد الجديد – وللأجيال الشابة قبل سواها – تذكيرُ بوصيتين تاريخيتين، من رجلين اثنين شاءت الأقدار أن يكونا في مرحلتين مختلفتين في قلب العاصفة، فقدّما في الوصيتين ما يبعث على الفخار بتاريخ طائفتنا العربية الإسلامية الموحّدة، وينبّه بالتعبير الصريح إلى مخاطر أي انقسام، أو فرقة، أو نزاع، على كل المستويات المحلية والوطنية والعربية.
هذا نزر يسير مما سيتوقف عنده القارئ طويلاً في عدد الضّحى الجديد، العدد 26.