الأحد, أيار 5, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الأحد, أيار 5, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

هذا العدد

على قدر أهل العزمِ..

نستخدم هذه المساحة عادة للتواصل مع قرائنا ووضعهم في جو ما نفكر به ونخطط له في سياق تطوير تجربة المجلة كأداة تنوير وتفعيل للهوية الفكرية والإرث الثقافي والروحي للجماعة. وفي هذا العدد سنتحدث عن أمرين أولهما يتعلق بسياسة التحرير أما الثاني فهو يتعلق بسعر بيع المجلة أو اشتراك الدعم السنوي.

أما الموضوع الأول فيبدو واضحاً من غلاف المجلة وموضوعه الذي يختلف عن طبيعة الإهتمامات التي شكّلت في الأعداد الثلاثة عشر السابقة موضوع غلاف “الضحى”. موضوع الغلاف لهذا العدد يتعلق بشأن مصيري وما يدور حولنا من مآسٍ إنسانية ومشاريع دولية تهدّد وجودنا كعرب وتهدّد بالتالي وجودنا كموحدين وكمسلمين وكمسيحيين ننتمي جميعاً إلى هذا الشرق الزاهر الذي يجلس على تاريخ عظيم من الإسهامات الحضارية فضلاً عن كونه مهد الديانات السماوية الثلاث التي يتبعها أكثر من نصف البشر.

إن ما يجري في سوريا وفي العراق وفي اليمن وفي ليبيا وفي أفغانستان أيضاً (وربما لاحقاً في بلدان عربية أو مشرقية أخرى)، يمثّل أعظم خطر يهدّد وجودنا ليس فقط ككيانات سياسية وكدول بل كشعوب. لهذا، وعلى الرغم من أن “الضحى” تتبع نهج الابتعاد عن الشأن السياسي الضيق، فإنها وجدت في ما يجري في المنطقة ما لا يسمح بإتخاذ موقف المتفرج، لأن الخطب جلل،، ولأننا نستوحي في موقفنا هذا مواقف عظمائنا الذين لم يتوانوا على مدى الأزمان عن النضال وبذل التضحيات عندما ألمت الأخطار ونزلت النوازل على هذه الأمة العريقة.

إن الوضع الذي نواجهه يتطلب مدّ البصر إلى أبعد من أنوفنا والإستمساك بقيمنا وبتاريخنا وبدورنا الوطني، لأن الموحدين الدروز لم يستمروا في هذا الشرق إلا لأنهم رفضوا عقلية الأقليات ومشاريع الدويلات وأصروا على انتمائهم الإسلامي والعربي، ولأنهم شاركوا الأمة انتصاراتها ونكساتها، ولأنهم اتخذوا مواقعهم دوماً في المقدمة في كل مرة كان الإمتحان امتحان التضحيات وبذل الأرواح في سبيل منعة الوطن وتقدمه وكرامته.

إن اعتناء مجلة “الضحى” بشؤون الوطن الكبرى لا يعني أننا قررنا تبديل رسالة المجلة التي ستبقى في الأساس متضمنة في شعارها الذي رفعته وهو : “للنهضة، للأرض، للمعرفة” فنحن لسنا مجلة سياسية بل مجلة تنوير وثقافة، ولأن المجال السياسي كما أعلنا دوماً له مؤسساته ووسائل إعلامه ولأن صيغة المجلة كأداة تنوير وثقافة لاقت قبولاً واسعاً وأكسبت المجلة ثقة الجميع ودعمهم.

نأتي الآن إلى الموضوع الآخر وهو موضوع سعر بيع المجلة لنشير أولاً إلى أن الدخل الذي تحققه المجلة من بيع الأعداد في المكتبات أو بهمة بعض الأخوان بالكاد يغطي 30% من تكلفة إنتاجها، وطالما أننا لم نباشر بعد بتلقي الإعلانات أو الحصول على مداخيل من مصادر أخرى، فإن تغطية الباقي ستبقى معتمدة على مساهمة الأخوة الأمناء الذين يغطون مشكورين تمويل معظم ميزانية المجلة على سبيل التبرع والدعم. إن فكرة “الضحى” ليست قائمة على تحقيق الربح، ولا يمكن لمجلة ثقافة ورصينة أن تحقق ربحاً، ومن هذا المنظار فإننا نأمل من القارئ الذي يشتري المجلة أو يشترك بها أن ينظر إلى مساهمته في ضوء مساهمة الآخرين، وأن يكون سعيداً بإسهامه فلا ينظر إلى شراء المجلة من منظار السعر بل من منظار كسب الأجر والمساهمة في قضية تحمّل الخير لأسرته ولمجتمعه. ونحن، كما يقال، لن “نغتني” من زيادة سعر البيع أو رفع قيمة الاشتراك، بل القارئ هو الذي سـ “يغتني” لأنه يزيد إسهامه ولو بنزر يسير في قضية تستحق الدعم. وأي قارئ يمكنه أن يقارن حجم الزيادة في سعر مجلة (تصدر كل ثلاثة أشهر) مع ما يبتاعه كل يوم من أشياء بعضها ضروري وبعضها قد لا يكون ضرورياً بل ضاراً!

فصل الخطاب في قول المتنبي:
على قدرِ أهلِ العزمِ تَأتي العزائمُ وتأتي على قدرِ الكرامِ المكارمُ
والسلام..

هذا العدد

رسالة الإسلام

تخطو «الضحى»، مع هذا العدد الثالث عشر، خطوة مهمة في باب جديد سيخصص للبحث في رسالة الإسلام الحق كما تمثلت عبر العصور والدهور منذ فجر الرسالة الخاتمة التي جاء بها الرسول العربي (ص) وحتى يومنا هذا. وقد زخر العصر المسمى بـ «فجر الإسلام» وما بعده بما لا يحصى من الأمثلة والحالات والرجالات الذين تمثلت فيهم روح الإسلام الحق، وظهرت عبرهم إلى البشر على اختلاف أقوامهم ولغاتهم ومعتقداتهم رسالة التسامح والمحبة والخير والرأفة والمعروف والخصال الشريفة، فانتشر الإسلام بسبب محتواه الإنساني الحضاري بين شعوب الأرض في وقت قصير وتحول إلى أعظم وأقوى الديانات على وجه البسيطة.

وقد بقي الإسلام على عظمته قروناً طوال بسبب السياسات الرشيدة والمتسامحة التي طبقتها الممالك الإسلامية منذ العصر الأموي وحتى نهاية السلطنة العثمانية في مطلع القرن العشرين. وساهمت الدولة العثمانية بصورة خاصة، وعلى مدى ما يقارب الخمسة قرون، في حفظ عالم الإسلام وقيمه وأرضه وشعوبه من هجمات الأمم المختلفة ولاسيما روسيا القيصرية والممالك الأوروبية التي لم تطق وجود دولة إسلامية عظمى أنهت الحكم البيزنطي ونشرت الإسلام إلى أنحاء واسعة من أوروبا الجنوبية والشرقية، وكادت في عهد السلطان محمد الفاتح أن تهدد روما نفسها، قلب العالم المسيحي.

ما هي الغاية من إدخال هذا الباب المهم في صلب معالجات «الضحى» واهتماماتها؟ أن الهدف بسيط وبديهي، وكان منذ انطلاقة «الضحى» من بين المواضيع التي ركزنا عليها، لكننا وجهنا اهتمامنا في مرحلة الانطلاق إلى الإرث الروحي لمتصوفة المسلمين وعلمائهم وشعرائهم كما ركزنا على الإرث الغني لشعراء مثل حافظ وسنائي والرومي ويونس امره وغيرهم، لكننا شهدنا بعد ذلك أحداثاً كبيرة من الثورات والحروب والفتن التي بدأت تهزّ العالم العربي والإسلامي، وكل هذه الأحداث تعود في مصدرها الأهم إلى ازدهار أفكار التعصب وكره الآخر والحقد وبلوغ أساليب العنف مستوبات لم يشهد التاريخ مثيلاً لها منذ هجمات المغول في أواخر عهد الدولة العباسية وفي زمن المماليك.
هذا الوضع يجعل للتركيز على ما أسميناه «رسالة الإسلام» أمراً أكثر إلحاحاً، وقد كان من أهم ميزات الدولة الإسلامية تأسيس إسلام التفاعل واحترام الأقليات والعقائد الدينية على اختلافها، وقد استوعب الأسلام في مكوناته الأساسية شريعتي موسى وعيسى (ع) وأظهر التقدير والاحترام لجميع الأنبياء }لا نفرق بين أحد من رسله{ واستفاد بذلك، عبر مراحل تطوره، من مساهمات كافة الجماعات والأعراق والقوميات، التي تمازجت في كنفه وتفاعلت وأثرى بعضها البعض الآخر، ولم يكن في تاريخ الإسلام أقلية أو جماعة مسالمة تخاف على نفسها، بل نمت كل تلك الجماعات وازدهرت وساهمت في نمو المجتمع الإسلامي وازدهاره.

خلافا لمذهب الوحدانية الدينية ورفض الاختلاف الذي طبقته الدولة البيزنطية ثم الكنيسة البابوية (وأدى إلى حروب بين المسيحيين امتد بعضها عقوداً طويلة وإلى الحروب الصليبية ومحاكم التنفتيش واضطهاد المسلمين واليهود)، فإن الإسلام تبنى منهج التسامح الديني والقومي والثقافي فحول كل تلك المكونات إلى قوة للدولة وليس خصماً لها أو خطراً عليها، وهذا ما يفسر حجم الإنجازات الضخمة التي تحققت على يد الشعوب والأعراق التي ضمّها الإسلام في مختلف أبواب العلوم والفلسفة والتشريع وتنظيم الدولة والكثير من الحقول.

إن أعداء العرب والمسلمين يعلمون ذلك حق العلم، لذلك قرروا أن هدم الإسلام لا يمكن أن يتم بالهجوم المباشر، على طريقة الحروب الصليبية، فقرروا العمل على تفتيت الإسلام عبر تمزيق المجتمعات الإسلامية وإلغاء تراث التسامح الذي كان المسلمون وعلى مرّ القرون رواده في العالم.

لذلك، ومن أجل الإسهام ولو بقسط بسيط في مواجهة هذه الأخطار ستعمل «الضحى» بكل ما أوتيت من أجل إبراز رسالة الإسلام الحق وتسليط الضوء على إسهاماته الكبيرة في مجال التفاعل الحضاري والتسامح واحترام العقل والإبداع. وستبدأ المجلة حول هذه المواضيع في المستقبل القريب حوارات وندوات تستهدف توفير إطار للتفاعل البناء وتعزيز أواصر التضامن والوحدة بين مكونات المجتمع ونخبته المفكِّرة.

هذا العدد

يصدر هذا العدد حسب العهد الذي التزمت به “الضحى” في نهاية العام الماضي ومفاده صدور المجلة في مواعيد منتظمة أربع مرات في السنة، وهو ما يعالج أموراً كثيرة أهمها وصول المجلة في وقتها إلى المشتركين وترتيب العلاقة مع المعلنين عندما تبدأ المجلة بقبول الإعلانات مع صدور العدد 14 في أول تشرين الثاني من العام الجاري علماً أن صفحاتنا ستكون مفتوحة لعدد معين من الإعلانات من المؤسسات التي لا تتعارض طبيعة نشاطها مع شخصية ونهج المجلة. وقد استكملت “الضحى” الإستعداد لقبول الإعلانات عبر تعيين مديرة تسويق ذات خبرة ووضع سياسة ترويجية مناسبة.

إننا نجد أنفسنا في وضع واعد لأن المجلة باتت تتمتع بتوزيع هو ربما أعلى توزيع لمجلة ثقافية في لبنان وقد تضاعف عدد المشتركين في “الضحى” ثلاث مرات في خمسة أشهر ونحن نتلقى بفضل الجهود المشكورة لإدارة الاشتراكات عدداً كبيراً من الاشتراكات الجديدة كل شهر بل كل أسبوع. ومن المظاهر اللافتة إقبال الناس من مختلف المشارب ليس فقط على قراءة المجلة بل وعلى الإحتفاظ بأعدادها كاملة بهدف جمعها في مجلدات تصبح من مكونات المكتبة الشخصية، ونحن نتلقى يومياً استفسارات من مشتركين وقرّاء يطلبون فيها الحصول على أعداد سابقة بحيث يستكملون مجموعة الأعداد لديهم و”الضحى” هي ربما المجلة الوحيدة التي يقبل الناس بهذه الحماسة والمتابعة على اقتناء أعدادها السابقة.

إن نجاح “الضحى” كمجلة تنوير ثقافي يعود إلى أسباب أهمها عمق المضمون والمعالجة وتنوع المواضيع وجديتها فهي كلها مواضيع أصلية أي كتبت وتمّ إعدادها من قبل فريق التحرير وفق تخطيط محدد وأبحاث جادة وتقسيم مستقر لأبواب واهتمامات المجلة. لكن من أسباب نجاح المجلة التزامها بالمبادئ التي أعلنت عنها منذ العدد الأول وهي الإبتعاد عن كل ما يفرّق والاهتمام بكل ما يجمع ثم السعي الدائم لاستقطاب كتاب جدد وتنويع قاعدة المساهمات التحريرية.

أحد جوانب التطور التي تظهر في هذا العدد هو ازدياد المساهمات التحريرية التي باتت ترد المجلة من مثقفي وكتّاب جبل العرب في سورية، وهذا شيء مفرح لنا لأننا نعتبر الجبل بتاريخه النضالي وقيمه الأصيلة جزءاً اساسياً من نطاقنا الجغرافي نسعى الى التوسع فيه وإعطائه الاهتمام الذي يستحقه. وقد حققت “الضحى” حتى الآن انتشارا جيدا في أوساط النخبة المثقفة في جبل العرب بحيث باتت تصل إلى المرجعيات الروحية وإلى القيادات والشخصيات والأندية والمثقفين وباتت مواضيعها قيد التداول وتحظى باهتمام يتمثل برسائل ومكالمات يعبّر أصحابها عن تقديرهم للمجلة وللدور الذي تلعبه في الاهتمام بتاريخ الجبل وتحقيق ربط متزايد بين المجلة والجبل وبالتالي بين الجبل ولبنان.

لا بدّ من التنويه بأن النهضة التي تشهدها المجلة لم تكن ممكنة لولا الدعم الثمين الذي يقدمه أعضاء مجلس الأمناء الذين يوفرون الدعم المالي كما يقدمون أيضاً المشورة والنصح ويلعبون دوراً فاعلاً في التخطيط السليم وتفعيل الجوانب المالية والإدارية، ولا بدّ من التنويه ايضاً بالدور الخاص الذي يضطلع به سماحة شيخ العقل الذي يرأس اجتماعات مجلس الأمناء ويساهم في توفير أفضل أجواء العمل ويدعم جهود مجلس الامناء وجهود رئيس التحرير الساعية إلى تطوير التجرية وإعطائها طابع العمل المؤسساتي والديمومة، كما إن المجلة تقدر تقديراً عالياً الدعم الذي تتلقاه من المجلس المذهبي على كافة الأصعدة.

سيلاحظ القراء الأعزاء حجم الجهد الذي وضع في العدد الجديد من “الضحى” وبخاصة الموضوع المستفيض عن الأمير فخر الدين المعني الثاني الكبير الذي يتضمن جهداً تحقيقياً بالغ الأهمية يضع الأمور في نصابها، ونحن نأمل أن يشكل هذا الموضوع إضافة مهمة إلى أي مكتبة تاريخ وإثراء لمعلومات أي باحث مهتم.

هناك أيضاً الاهتمام الدائم لـ “الضحى” بتراث التفكير الحكمي ورموزه عبر التاريخ وفي هذا العدد ثلاثة مقالات يمتد اهتمامها بتيارات ومدارس الحكمة من الصين القديمة إلى الجنيد البغدادي مروراً بسقراط وإرثه الحكمي والإنساني. وهناك المزيد من المواضيع الممتعة والمفيدة في مجالات الصحة والغذاء وفي تقنيات الزراعة التي تعمل المجلة بصورة ثابتة على نشرها بهدف إحياء الاهتمام بالارض وتوفير المعرفة العلمية بالزراعة وبأساليبها ولا سيما الزراعة الطبيعية التي تحترم البيئة والأرض وتراعي شروط الحفاظ على تغذية سليمة والإبتعاد قدر الإمكان عن مخاطر الزراعات والمعالجات الكيماوية.

نأمل أن ينال هذا العدد رضاءكم ونعدكم بالمزيد في الأعداد المقبلة.

هذا العدد

هذا هو العدد التاسع من مجلة ”الضحى” التي عادت إلى الصدور بصيغة جديدة منفتحة وشاملة في صيف العام 2010، وأصدرت حتى الآن تسعة أعداد تعادل في مجموعها مجلداً من 1200 صفحة من المواضيع الراهنة والمهمة لحياتنا وتطورنا الفكري والقيمي والروحي. بفضل الدعم الثابت للمجلس المذهبي وسماحة شيخ العقل والمساندة المخلصة من مجلس أمناء المجلة، تمكّنت ”الضحى” من الصدور بهذه القوة، واتسع نادي كتّابها وحافظت على زخمها الفكري وخطها الانفتاحي، وهي تمكّنت لذلك من أن تكوّن قاعدة كبيرة من القرّاء المواظبين، والذين يحرصون على أن لا يفوتهم منها عدد واحد. ومن أجل أصدقاء المجلة ومحبيها، فقد تقرر إصدار الأعداد الثمانية الأولى في مجلدين اثنين بتجليد فخم بهدف تمكين القارئ المهتم من أن يحتفظ بكامل أعداد ”الضحى” في مكتبته، وأن يبقيها بالتالي مرجعاً جامعاً ومفيداً وعوناً على تنشئة الجيل الجديد. وسيتم فور تجهيز المجلدين الإعلان عن ذلك، وعن سبيل الحصول عليهما من إدارة المجلة.
تشرفت المجلة في منتصف شهر تشرين الثاني الماضي بحفل التكريم الذي نظمه المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز، ودعا إليه سماحة شيخ العقل، الشيخ نعيم حسن، في دار الطائفة في فردان، وحضره، فضلاً عن مجلس إدارة المجلس المذهبي ومجلس أمناء المجلة، جمهور من أعضاء المجلس ومن الشخصيات. جاء هذا التكريم ليعزز روابط الثقة والتعاون بين المجلة والمجلس المذهبي ممثلاً خصوصاً بسماحة شيخ العقل، الذي رافق عن قرب تجربة ”الضحى”، وكان دوماً حلقة الوصل والتواصل بينها وبين إدارة المجلس المذهبي. لا بدّ هنا من التأكيد على أن المجلس المذهبي أيّد منذ البدء الصيغة الجديدة الانفتاحية للمجلة، وبارك مسيرتها بإعتبارها تعبيراً صادقاً عن رؤية المجلس ومجلس إدارته، الذي يضم نخبة من المثقفين والمفكرين وأهل التجربة في العمل العام.
أحد أهم مشاهد حفل تكريم مجلس أمناء المجلة لم يكن فقط الاحتفاء بمساهمة الأمناء، بل كان الاجتماع المشترك الذي عقد في نهاية الحفل بين مجلس إدارة المجلس المذهبي وبين مجلس الأمناء ورئاسة تحرير المجلة في صالون سماحة شيخ العقل. وقد تميّز الاجتماع بجو أخوي شعر خلاله الجميع بأنهم أعضاء في فريق واحد وجنود لقضية واحدة هي قضية تقدم المجتمع التوحيدي والدفاع عن قيمنا السمحاء وثقافتنا المشرقية الإسلامية في وجه تحديات المعاصرة والغزو الفكري. وقد تمّ التداول خلال الاجتماع المشترك بأفكار عديدة بناءة تتعلق بأفضل سبل تطوير المجلة، وسيتم في مرحلة تالية التداول المشترك في تلك الأفكار والاستماع بانتباه إلى كافة المقترحات بهدف إدماجها في تصور المجلة وخطة عملها للمرحلة المقبلة.
إن وجود المجلة سببه دعم المجلس المذهبي وسماحة شيخ العقل، لكن المجلة وفرت أيضاً للمجلس وسيلة إعلامية متطورة تؤمن أفضل سبل التواصل مع المجتمع التوحيدي، وما يتعداه، وهي لذلك أخذت على عاتقها خدمة أهداف المجلس على أفضل وجه من خلال الدور الثقافي المتقدم الذي اضطلعت به، وهو دور جعلها تحتل مكاناً متميزاً بين المجلات والدوريات الثقافية التي تصدر في لبنان أو حتى في المنطقة.
في هذا العدد، لفتة متواضعة للتعريف بشخصية الأميرة الراحلة مي جنبلاط التي وافتها المنية في شهر ايلول من العام الماضي، وكذلك تحقيق شامل عن الدور المهم الذي لعبه المغفور له الشيخ محمد أبو شقرا في تطوير مؤسسات طائفة الموحدين الدروز، وفي تعزيز الحوار الوطني وتقارب الجماعات الروحية في لبنان. كما يتضمن العدد دراسة تاريخية عن نهضة مدينة بيروت في أواخر العصر العثماني. وتستمر ”الضحى” في بذل اهتمام خاص بالإرث الروحي الإسلامي والإنساني عبر عرض الحلقة الثانية من محاورات أفلاطون ومجموعة من حكايات كتاب منطق الطير التي أوردها الشاعر الفارسي فريد الدين العطار في كتابه الشهير، وذلك لأهميتها كمثال على استخدام الأسلوب الشعري القصصي في شرح أسرار الروح ومعارج الجهاد في طريق الكمال الإنساني. أما رسالة السويداء التي تركز على تاريخ جبل العرب وواقعه المعاصر، فقد أصبحت ركناً أساسياً من أركان المجلة، والأمر نفسه يمكن أن يقال عن الاهتمام الخاص للمجلة بالاقتصاد الزراعي، وهو أمر تنفرد به فعلاً ويعكس إيمانها بأهمية العودة إلى الأرض وأهمية الزراعة ليس فقط بالمعنى الاقتصادي، بل أيضاً بمعنى الحفاظ على أمانة الأجداد ومناعة الجماعة، وجميعنا يذكر قول جبران خليل جبران الشهير:”ويل لأمة تأكل مما لا تزرع”.

هذا العدد

هذا العدد

“لكل جعلنا شرعة ومنهاجاً”

هذا هو العدد الثامن من مجلة “الضحى” بصيغتها الجديدة. وفي هذا العدد، كما في كل من الأعداد السابقة، هناك دوماً علامات نمو ونضج ومد نظر التحرير باتجاه آفاق جديدة. وهذا النمو العضوي يستمر أولاً بسبب دعم سماحة شيخ عقل الطائفة، حفظه الله، وتوفيره لمساحة واسعة من المبادرة والاجتهاد في التحرير، كما أنه حقق نجاحاً بسبب عدم وجود صيغ جامدة وتركيز اهتمامنا على إغناء مضمون المجلة وجعلها فعلاً مرآة لحضارة المعرفة بل المعارف على اختلاف مصادرها، وقد قررنا منذ البدء أنه لا معنى لمجلة تَقصُر عملها على مدح نفسها وقومها، وتقوم كما الكثير من المجلات على تصور آحادي للكون تكون فيه الحقيقة حكراً على جماعة دون غيرها من العالمين. فهذا التصور لا يقوم على معرفة حقيقية بأهداف الخلق وحكمة الخالق من إبداع الكون والشعوب والحضارات والشرائع، وهو القائل في كتابه العزيز

}لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ{ (المائدة: 48)
وقد جاء أيضاً في سورة البقرة بالمعنى نفسه قوله تعالى:

}وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ{ (البقرة : 148)

ويتضمن القول الرباني في الحقيقة دستور الخلق الذي يبين سبحانه وتعالى أنه أراده أن يقوم على الاختلاف والتنوع بدليل قوله }وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً{، وفي هذا القول تنبيه للناس بأن يقبلوا حكمة الخالق في خلقه، وأن لا ينشغلوا بالجدل وأن لا يسعى بعضهم لأن يجعلوا من أنفسهم فوق الآخرين، لأن حكمة الخالق في خلقه تتعدى كثيراً أفهامهم، ولأن الانشغال بالجدل عن واجبات العبودية وترقية النفس عن الدنايا يمثل إضاعة للوقت واعتراضاً على حكمته تعالى، وهو “أحسن الخالقين”، وهو الذي يحضهم بدلاً من ذلك على أن “يستبقوا الخيرات”، أي أن يتسابقوا في المعروف وعمل الخير وإيتاء الحسنات، وأن يلتزموا عبادة خالقهم بالمنهاج الذي شرعه لهم، وأن يتركوا أمر الاختلاف له وحده لأنهم أعجز من أن يكونوا قادرين على الحكم فيه، ولأنه هو الذي سيحكم بينهم وينبئهم بما كانوا فيه يختلفون.

ذلك هو النهج الذي يحكم عمل “الضحى” منذ إنطلاقتها، ونحن التزاماً منّا به سعينا وسنسعى لأن نفتح صفحاتها لقضية المعرفة والإيمان بأوسع أبعادها والتعريف بالإرث الروحي الإنساني ومساهمة منارات الحقيقة والعرفان في كل الحضارات في إنارة درب الحقيقة واجتذاب السالكين إلى طريق السلوك والمجاهدة الحقة. ونحن نعي تماماً أننا مدينون في حضارتنا الشرقية الغنية لمختلف الينابيع الغزيرة التي صبت فيها وغذّتها وأعطتها تلاوينها الرائعة. ومن هذه الروافد العظيمة الاختبار الروحي الإغريقي والاختبارات الروحية الزهدية في الهند وبلاد فارس وفي مصر القديمة. وبالطبع مع حرصنا على أن نضيء على التجارب الروحية والعرفانية المختلفة فإننا سنعطي حيزاً أكبر من السابق لإرثنا الإسلامي المجيد والتعريف بمرتكزاته الإيمانية وبالسيرة النبوية العظيمة، وبآثار أهل البيت والصحابة الكرام والتابعين والأولياء الصالحين، وهنالك مخزون هائل يصعب الإحاطة به من سير هؤلاء الرجال العظام وسير جهادهم وتعليمهم نأمل أن نضعها بين أيدي الموحدين الدروز وغيرهم من أهل الإيمان والسلوك في الأعداد القادمة من المجلة بإذن الله تعالى.

هذا العدد

التوحيد مسيرة لم تنقطع

في هذا العدد السابع تتابع “الضحى“ المسيرة التي وضعتها لنفسها منذ العدد الأول، وهي مسيرة لخصتها تحت شعار للأرض للتراث للمعرفة. هذا الثالوث هو الذي يأتي بالحياة السعيدة والكريمة لأي شعب وليس الاستهلاك التبذيري ولا الحياة الماجنة أو الجاه الفارغ أو التقاتل الجاهل.
مما يؤسف له أننا إذا بحثنا عن أي من الأهداف التي اختطتها الضحى لنفسها نجده فعلاً مهدداً بشتى المخاطر. فإن تحدثنا عن الأرض وجدنا الإهمال وهجر النشاط الزراعي المنتج وحياة الاكتفاء، وإذا نظرنا إلى التراث وجدنا أيضاً مظاهر الفساد والتقليد الأعمى للغرب تعمل فيه هدماً وتخريباً، وإذا نظرنا أخيراً إلى المعرفة نجدها في أيامنا هذه في آخر اهتمامات الناس الذين لم يعد يهمهم إلا اللهو وتمضية الوقت على شاشات التلفزيون أو في التخاطب النصي عبر الهواتف الحديثة أو أي نشاط عقيم ومفسد، بينما لا تهتم إلا قلة نادرة بتربية النفوس واكتساب المعارف والتقرب من الله تعالى بالعبادة والذكر.
هذا الواقع المؤسف لا ندّعي أن في إمكاننا تبديله لأن لله في هذا الكون حكمته، لكننا منذ أن بدأنا العمل تمكنّا من أن نوفر للفئة المهتمة بعض ما تحتاجه من غذاء للفكر والروح، وهذا الغذاء الذي توفره “ الضحى “ لا يمكن العثور عليه في وسائل الإعلام التي تكاثرت، كما يتكاثر الفطر لكنها لا تحمل للناس فائدة أو مغنماً فكرياً.
نلفت في هذا العدد إلى الحلقة الثانية التي ننشرها حول حياة الاسكندر الأكبر والأثر الكبير الذي تركه على مسار البشرية. وهذا الموضوع في حد ذاته مثال على تفرّد المجلة في الإضاءة على جوانب في تاريخ الثقافة والحضارة يغلفها النسيان أو الكثير من الالتباس. والاسكندر الأكبر رجل عظيم ومدرسة في البطولة والشجاعة، كما هو في الوقت نفسه عارف دلت حياته كلها على أنه نهل من منابع الحكمة والعلوم على يد الفيلسوف أرسطو قبل أن يكون لنفسه فلسفة عظيمة في الوحدة الإنسانية والعدل والمدنية.
لماذا يغرق الإرث المضيء للاسكندر أو فيثاغوراس أو سقراط في عتمة التجاهل أو النسيان؟ لأن العقائد التي سادت بعد العصر الهيليني ركزت كل اهتمامها على الشرائع الجديدة التوحيدية التي اعتبرتها الناموس الأمثل والشرعة التي يمكنها أن تنظم حياة الناس في كل زمان على أسس العبادة الحق والعدل والفضيلة. وفي خضم ذلك الاهتمام، تولّد انطباع خاطئ هو أن كل ما ظهر من افكار وفلسفات خارج الرسالات السماوية يمكن تصنيفه كله تحت عنوان الوثنية أو العقائد الشركية. وهذا التبسيط مفيد من الناحية التاريخية لكنه أدى إلى ضعف الاهتمام بالتراث الكبير للحكمة القديمة ولعقائد التوحيد التي كانت حيّة وموجودة في أوساط النخب وبعض المدارس الفكرية على الدوام، وإن كانت لم تأخذ شكل العقيدة بسبب اقتصارها على سلوك التأمل والبحث الفلسفي الذي لا يلبي حاجة العامة لمعتقد مبسط يلائم ظروفها ومستوى فهمها. رغم ذلك لا ننسى التأثير الكبير لهذه الفلسفات في المسيحية والمدارس الفكرية الإسلامية في العصور الوسطى.
إن اهتمام “الضحى“منذ البدء بالتراث العظيم لمنابع الحكمة القديمة يعكس نظرتنا الإنسانية الشاملة للتوحيد باعتباره حلقة في سلسلة طويلة من الكشوفات الحكمية والمسلك الزهدي، وقد كان لهذا التراث على الدوام ممثلون وأنبياء وحكماء يعلِّمونه لمن هم أهل له ويحافظون على شعلته المضيئة في جميع الأدوار والأزمان.
وهذا الانفتاح الإنساني لا يتعارض أبداً مع الرسالات السماوية بل يكملها ويساهم في إعلاء شأنها وفهم مغازيها. وقد جاء في الحديث النبوي الشريف:”اطلب العلم ولو في الصين”، وهذا الطلب هو من قبيل الوصية أو التوجيه من قبل سيد الرسل إلى أمته وهو يعني أن الرسول (ص) يعلي من شأن العلم، ومن شأن طالب العلم الذي لا يعبأ بالصعوبات والمسافات في سعيه لأن يزداد علماً.
إن قِدَم التوحيد والحكمة الإنسانية أمر ذكره الله تعالى في كتابه العزيز عندما قال مخاطباً الرسول (ص) }وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} (غافر:78) أي أن المولى جل وعلا يخبر عن وجود أنبياء ورسل كثيرين بعثهم مبشرين بالحكمة وبالتوحيد وبعض هؤلاء الأنبياء لم يذكرهم بالاسم أو يأتي على قصتهم مع شعوبهم، كما أتى على قصص خمسة وعشرين نبياً في القرآن الكريم، وهو ذكر لم يرد على سبيل الحصر.
تلك هي رسالة “الضحى“. رسالة الاستزادة من العلم والانفتاح على الحقيقة أينما كانت. إنها رسالة التنوع وطلب المعرفة من مختلف مصادرها وهي مصادر لا نهاية لها ولا حصر. والله تعالى هو القائل:
قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (الكهف: 109) وما هي كلمات ربي؟ إنها كلمات الحق والنبوة والعرفان والحكمة التي جرت وتجري على لسان الأنبياء والأولياء منذ مطلع الزمان مثل نهر عظيم لا يتوقف لأن الله لم يترك عبّاده في أي وقت دون مبشر أو نذير.

هذا العدد

بعض الأصدقاء الذين تابعوا الأعداد الثلاثة الأولى من المجلة لم يترددوا في التساؤل عمّا إذا كان في الإمكان المحافظة على الزخم والنوعية الرفيعة من المعالجات والمواضيع التي احتوتها الأعداد الأولى. الجواب على تلك التساؤلات يقدمه هذا العدد الرابع من الضحى الذي يصدر بحجم أكبر (148 صفحة مقابل 132 صفحة للعدد السابق) وبتنوع أوسع وتغطية أشمل تمد اهتمام المجلة إلى مختلف النواحي التي تتعلق بها حياة الناس في هذه الفترة الصعبة والحساسة من تطورنا كمجتمع ومن التطور الإنساني عامة. على سبيل المثال، فإننا اخترنا لغلاف هذا العدد موضوعاً غير مسبوق هو كشف النقاب عن الزيف العلمي لنظرية تشارلز داروين في تطور الأجناس، وذلك بالاستناد إلى العلوم الحديثة ولا سيما علوم الأحافير والمتحجرات، والتي أثبتت بطلان نظرية التطور وهدمت أكثر ادعاءاتها ولا سيما الإدعاء بوجود أشكال انتقالية في الحياة داخل الأجناس الحية المختلفة. وجه الأهمية في تناول موضوع الداروينية هو التأثير الخطير الذي تمارسه هذه النظرية في تكوين عقول الشباب –  حتى عبر مناهجنا الدراسية – في اتجاه يقود في النهاية إلى التشكك وإلى الضياع في خضم النظريات المادية والإلحادية، والتي كانت دوماً الداعم الأول لنظرية داروين ومزاعمها الكثيرة.

من المواضيع المهمة التي تظهر النهج الصريح والموضوعي للمجلة هو تناول موضوع دور مشيخة العقل وتطوره خصوصاً بعد إصدار قانون تنظيم شؤون طائفة الموحدين الدروز سنة 2006، وكذلك التحقيق عن المؤسسة الصحية في عين وزين والذي تميّز بالصراحة والتناول المباشر للمسائل والتحديات التي تواجه هذه المؤسسة العريقة والمهمة في الحياة اليومية للناس.

نشير في هذا المجال إلى أن الضحى تحافظ على دورها الجامع كمجلة للتراث الروحي المشرقي والإنساني بصورة عامة بدليل التنوع الكبير في المصادر والاختبارات التي تعرضها، والتي تظهر أن الحقيقة واحدة وإن كان التعبير عنها يختلف باختلاف الشعوب وثقافاتها وظروفها ومراحل نموها. وعلى سبيل المثال، فقد أوردنا في هذا العدد ملفاً خاصاً عن الوصايا الفيثاغورسية، وهي تمثل أعلى مستويات الاختبار الروحي والأخلاقي في العصر الذهبي للفلسفة الإغريقية، كما أوردنا موضوعاً شاملاً عن الصحابي الجليل سلمان الفارسي ومقالاً شاملاً عن الحكيم الشهير راماكريشنا الذي كان لشخصيته الفذة والجليلة أثر هائل ليس فقط داخل الهند بل في مختلف بلدان العالم أيضاً. وتضمّن العدد أيضاً مثالاً عن  الشاعر الفارسي الحكيم سنائي ومختارات من ديوان الصوفي الكبير أبو بكر الشبلي.

في هذه الأثناء حافظت المجلة على تركيزها المستمر على الأرض وأهمية التعلق بها كجزء من نمط حياة سليمة وصحية، وذلك عبر مواضيع تناولت التنمية الزراعية في الجبل وزراعة الزيتون والكستناء، كما تابعت أيضاً نشر الإرث الشعبي الغني والتعريف بالقرى اللبنانية وإرثها وفي الوقت نفسه التحديات التي تواجهها بسبب ما يسمى “التطور”.

تابعنا أيضاً التركيز على الطاقة المتجددة كبديل اقتصادي وغير ملوث في الكثير من الحالات للطاقة الناجمة عن حرق البترول ومشتقاته، وأوردنا بصورة خاصة إرشادات عملية حول سُبل الأخذ بالطاقة المتجددة وإدخال مزاياها في الحياة اليومية للبيت اللبناني.

وشهد العدد أيضاً إدخال باب عن البيئة وآخر عن الصحة والغذاء يستهدف التعريف بأفضل نظم الغذاء وبالمزايا الغذائية والطبية التي تشتمل عليها الكثير من أعشابنا المعروفة وغير المعروفة.

هذا وصف سريع أردنا منه إعطاء فكرة عن رؤية التحرير وتوضيح الغايات التي تصدر المجلة بهدف تحقيقها أو تحقيق بعضها. ولحسن الحظ فقد لاقت هذه الرؤية تأييداً واسعاً من القرّاء والأصدقاء، وهذا التأييد الحماسي هو ما نعوّل عليه الآن من أجل إنجاح طرح المجلة في الأسواق وعبر المكتبات، فضلاً عن إطلاق حملة اشتراكات الدعم والتي نأمل أن تحقق للمجلة ما يكفي من الموارد للاستمرار وكذلك لتطوير دورها ومساهمتها في ترقية مجتمعنا المعروفي العربي الإسلامي.

هذا العدد

هذا العدد

هذا هو العدد الثالث من مجلة الضحى نضعه بين أيدي قرائنا الأعزاء آملين أن يكون متجاوباً مع متطلباتهم ومع ما باتوا يتوقعونه قياساً إلى ما طالعوه في العددين السابقين. ولا بدّ هنا من الإشارة إلى الترحيب الكبير الذي باتت تلاقيه المجلة بين مختلف أوساط الموحدين الدروز، وإشارات التشجيع والدعم التي تلقيناها وبلغتنا أصداؤها من مختلف المناطق وعبر الاتصالات الهاتفية أو ما يصلنا من تعليقات أو أنباء. وأكثر ما يلفتنا هو الاستفسارات المتزايدة من إخوان وأخوات يعربون عن رغبتهم الاشتراك في المجلة بحيث يضمنون أن تصلهم بعد أن وجدوا فيها غذاء ومادة تستجيب لما يبحثون عنه أو يرغبون أن يضعوه في تصرف أسرهم وأولادهم. ونحن نطمئن الجميع إلى أننا نسعى الآن قدر الإمكان لأن تصل المجلة دون مقابل إلى أكبر عدد ممكن من الإخوان، علماً أننا طبعنا عشرة آلاف نسخة من العدد الثاني ولم يبقَ إلا القليل على سبيل المخزون الذي نحتفظ به للأرشيف، وقد طبع من هذا العدد الثالث 12,000 نسخة يتوقع أن يتم توزيعها وفق لوائح تمّ جمعها ثم تحديث بعضها بهمة فريق الضحى الشبابية وشبكة الموزعين المتطوعين التي تغطي تقريباً كل القرى والمناطق في الجبل، مع الإقرار بأن توزيعنا لا يزال دون المستوى المطلوب في مدينة بيروت، وهو ما سنسعى لمعالجته مع هذا العدد الثالث.

لكن التطور الأهم الذي نعتقد أنه سيحل المشكلة إلى حدّ كبير هو نشر المجلة على موقعها الشبكي على الإنترنت الذي قطعنا شوطاً لا بأس به في إنشائه وفق أعلى المعايير لجهة سهولة البحث والتفاعل وكثافة المادة التي سيحتويها والتحديث الدائم لها. الهدف من ذلك أن تصبح المجلة في متناول الجميع ليس في لبنان فحسب، بل في سورية وفلسطين والأردن وفي مختلف المغتربات القريبة والبعيدة، وسيتمكن مئات الآلاف من المغتربين بذلك من الإطلاع على المجلة منذ العدد الأول، كما سيتمكن القرّاء من إرسال تعليقاتهم ومساهماتهم والتفاعل اليومي في ما بينهم. بذلك تتحول الضحى إلى رابطة عريضة لكافة الموحدين الدروز ووسيلة إطلاع وحوار وتواصل بين الإخوان بغض النظر عن أماكن تواجدهم. وستكون الخطوة التالية هي إعداد طبعة باللغة الإنكليزية تتضمن ترجمة للمقالات والمواضيع المهمة، وكذلك مساهمات خارجية باللغة الانكليزية وروابط تصب كلها في إغناء الفكر التوحيدي وتشدد على الانتماء الروحي الأوسع للموحدين الدروز وانتمائهم العربي والإسلامي.

همنا الأول هو وحدة الصفوف واجتماع الموحدين الدروز على المبادرات الخيرة وما يبعد بهم عن سبل الفرقة والتشتت وهدر الطاقات في ما لا طائل تحته من تحزب أو تعصب أو اصطفاف هنا أو هناك. ونحن إذ نعلن احترامنا لجميع العاملين في الحقل العام في طائفتنا الكريمة نرجو منهم دعم المجلة في الحفاظ على نهجها الموضوعي الذي بات يعطي ثماره الطيبة، مؤكدين أن من صالح الجميع أياً كان موقعهم أو انتماءاتهم أن يساعدونا على حماية هذا الدور والاستمرار في نهج الوحدة والتضامن والتركيز على القضايا والتحديات الحقيقية التي تواجهنا جميعاً.

لقد ساعد الدور الجامع لمجلة الضحى في السابق على استقطاب مشروع إعادة إطلاق المجلة لنخبة خيرة من فعاليات الطائفة وأهل النخوة من شبابنا، والذين بات يتشكل منهم مجلس أمناء فاعل يبذل وقته وجهده في سبيل دعم المجلة بالمال والنصيحة. ويسرنا أن نعلن في هذا المكان انضمام شخصيتين فاعلتين إلى المجلس هما السيدان فيصل وهاب وسليم عابد، علماً أن هناك اتجاهاً لانضمام شخصيات إضافية إلى المجلس في وقت لاحق. ونحن إذ نشكر للأخوين وهاب وعابد ولجميع الإخوة في مجلس الأمناء اندفاعهم ودعمهم الثمين نرجو الله تعالى أن يمدنا بالتوفيق وأن يلهم خطانا ويرشدنا إلى ما فيه مرضاته وما يثبتنا على الحق ودروب الصلاح.

هذا العدد