الجمعة, نيسان 26, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, نيسان 26, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

الضحى ….. حزينة جداً

كان بودّنا أن يكون في العدد هذا، العدد 25، مُتّسعٌ كبيرٌ لأبوابٍ ومقالاتٍ وتحقيقاتٍ ملأى بنخبةٍ ممّا تعوّده قُرَّاء الضّحى: من مكارم الأخلاق والنفس عند أفلاطون، إلى اللغوي والصحافي الذائع الصيت لفترة طويلة، الأمير نديم آل نصرالدين، إلى شكيب أرسلان وبدايات التقدّم في اليمن، إلى التربوي الرائد الشيخ الجليل هاني باز، وسواها من فقرّات تستجيب لمطالب القرّاء في معرفة أكبر لتراثهم التّوحيديّ والأخلاقيّ والتاريخيّ والأدبيّ.
كان بودّنا ذلك، وأكثر، لكن الحدث الإرهابي الغادر الذي تعرض له أهالي محافظة السويداء في سوريا فجر الأربعاء 25 تموز 2018، وبخاصة السويداء المدينة وقرى المقرن الشرقي، وأودى غيلةً بعشرات الضّحايا، وببضع عشرات من المخطوفين الأبرياء المظلومين، نساءً وأطفالاً، قلب لدينا الترتيبات والأولويات. لقد ذهب بنا دفعة واحدة، ودونما مُقَدَّمات، من ذروة الفرح (بتنوّع مقالات العدد) إلى ذروة الغضب والحزن (الهجوم الإرهابي الغادر).
ولأنّ الضّحى هي رفيقة جمهورها ومرآته، وهي وعيه الجمعي وذاكرته، لم نستطع إلّا المواكبة اللّصيقة الدقيقة لما جرى في السويداء، ولم تُختَتَم فصوله بعد مع الأسف. وما شارة الحداد على زاوية الغلاف الأمامي الخارجي، حداداً لأرواح الضحايا وغضَباً للمخطوفات على أيدي الإرهابيين ظلماً وعداواناً صارخين، غير المدخل الرّمزي لملفٍّ واسع خصّصناه لما حدث فجر وصباح 25 تموز 2018، في السويداء المدينة والقرى الصغيرة المُعتدى عليها ناحية المقرن الشرقي، لِحَجم الاعتداء الغادر، وهمجيّته، من جهة، ولبطولة المشايخ والشبّان والنساء الذين تصدَّوْا بما تيّسر للإرهابيين المُدَجَّجين بأحدث الأسلحة، إلى ردّات الفعل والاعتصامات والمواقف الشاجبة للاعتداء الغادر الجبان ولمُنَفذيه من مُحترفيّ الإرهاب شُذّاد الآفاق.
أما وقد وردنا، فيما الضحى على ابواب المطبعة، خبر قتل الارهابيين للمخطوفة المظلومة ثريا أبو عمّار، بعد قتل والديها من قبل، والتهديد بقتل سائر المخطوفات، فقد حقّ لنا السؤال: أما من دولة أو جهة كبرى تضع حداً لجريمة العصر المتمادية هذه!
إلى جوار ربك ورحمته، راضية مرضية، أيتها الشهيدة المظلومة، ولا نملك في الضّحى إلا الدعاء بفك أسْرِ سائرِ النساء والأطفال المخطوفين، والقول لأهلنا في جبل العرب: نحن معكم في مصابكم الجلل، ولن نقصّر، ما وسعنا، في كل ما يعين على سرعة زوال هذه المحنة. كان الله في عونكم.

هذا العدد

تستمر الضّحى في عددها الجديد (العدد 24، تمّوز 2018) في ترسيخ التوجّهات التي أرستها منذ بضعة أعداد ومحورها الجمعُ بين الأصالة والحداثة في آنٍ معاً. وجرت ترجمة الاستراتيجية تلك، عملياً، في مروحةٍ من الأبواب والموضوعات قطبُها الأساس الإسهامُ المباشر في نشر نماذج حيّة من “الأخلاق التوحيدية” و”تراث العقل” وآيات من الإسهامات الاستثنائية لرجالٍ عظامٍ أو لِسيَرٍ لا تُنسى في تاريخ الموحدين الدروز، الروحي أو السياسي والتاريخي والاجتماعي.
في هذا الجانب الأساس، تضمّن العدد الجديد من الضّحى إسهامات عميقة بدأت بكلمة سماحة “شيخ العقل” التوجيهية، ثم “خطاب العقل”، ف “ثقافة الحوار وقبول الآخر عند الموحدين الدروز”، إلى سلسلة من الإضاءات على شخصيات موحّدة نادرة المثال في الإخلاص للقضايا الوطنية والعربية وفي الإقدام والوصول بفضيلة الشجاعة إلى ذروتها (الشهيد حمد صعب، والعميد عصام أبو زكي).
لكن الجانب الأساس هذا لا يُعفي الضّحى من واجب المقاربة اللصيقة، أيضاً، للمسائل الملحّة الراهنة والماثلة بقوة أمام قراء يومياً وفي كل مكان. وستكون الضّحى كثيرة التجريد وغريبة جداً عن مجتمعها ومشكلات قرّائها وأصدقائها وهمومهم إن لم تفتتح بين صفحاتها مساحات مناسبة للهموم الراهنة تلك والتي أسميناها “مشكلات ومسائل اجتماعية”. في الجانب اليومي الراهن هذا تضمّن العدد إضاءات تفصيلية على مشكلات الشباب الأكثر ألحاحاً والتي أسميناها “الشباب على مفترق خطير”، كما أضأنا تفصيلاً (ولعله سبْقٌ صحافي لمجلة فصلية) على أعمال وتوصيات “مؤتمر جودة الدواء والغذاء والماء” المنعقد في الجامعة اللبنانية قبل بضعة أسابيع وبمشاركة علماء وبحّاثة من جامعات ومراكز أبحاث عدة، ولحظنا التوصيات التفصيلية التي انتهى إليها المؤتمر. ولن تفوت القرّاء أيضاً أهمية مقالة “ترشيد استخدام المياه في الريّ” التي تضمنها العدد الجديد.
وفي بابي “ثقافة وآداب”، و”تحقيقات”، سيجد القارئ أعمالاً أصيلة، قيّمة جداً، لا يفيد معها الاختصار، بل نترك أمر اكتشافها وتقدير أهميتها للقارئ نفسه.
وأخيراً، سيجد قارىء العدد 24 باباً جديداُ أسميناه “مساهمات حرّة” تضمّن مساهمتين كتابيتين مهمتين من الأصدقاء القراء، وتأمل الضّحى أن تتحوّل التجربة هذه إلى تقليد يتعزز عدداً بعد آخر.
هذه هي الضّحى في عددها الجديد (24)، وتبقى غايتها، أولاً وأخيراً، الإسهام ما وسِعها الأمر في نشر تراث العقل وقيم الأخلاق واستذكار الاسهامات المعروفية الوطنية والقومية مع مساحة واسعة لهموم الحداثة والشأن الحياتي لدى قرّائها.

واللّه الموفّق

هذا العدد

لكلّ عددٍ من الضحى نكهته الخاصة المميِّزة. تسري القاعدة هذه على أعداد الضحى كافة، غير أنها تتحقق بالتمام والكمال في هذا العدد بالذات (العدد 23 من الضحى). فغنى الموضوعات فيه تجعله بحق عدداً غير مسبوق من نواح عدّة. في وسع نصف مواد العدد هذا تشكيل مادة مكتملة لأية مطبوعة ثقافية دورية. لكننا رغبنا، ومن باب معرفتنا أنّ الضحى فصلية، أن يعيش القارئ مع مجلّته أطول زمن ممكن. وعليه، احتوى هذا العدد من المقالات ما يمكن تصنيفها في الطبقة الأولى: الأخلاق التوحيدية في تراث الأمير السيّد عبد الله التنوخي (قدس)، إلى التراثي المعروفي الأصيل، من رشيد طليع الذي كتب “سجّل…أنا رشيد طليع”، إلى سيرَتي مجاهدين نادرين ترفع لهما القبعات احتراماً (سعيد أبو الحسن وعبّاس نصر الله). وإلى ذلك، مقالتان أخريان: الأولى في النفس عند أفلاطون، والثانية حول موضوع بالغ الأهمية وتفسحُ الضحى المجال للإسهام فيه (ومن باب أخلاقي وإنساني صرف) وهو “الاستخدام الجاري للأطفال في الأعمال القتالية”، والتداعيات الاجتماعية المدمّرة لذلك، ناهيك بالانتهاك الصارخ للقوانين الدولية، إلى مقالة أخيرة حول “متعة القراءة” التي تكاد تختفي.
هذا في المقالات، أمّا “ملف العدد”، في العدد 23، فهو تحت عنوان “المخدرات …. آفة العصر: كيف نحصّن شبابنا حيالها؟” سيضع الملفُ القارئ بصراحة، وقسوة، أمام حقائق صادمة لا ينفع في شيء التعامي عنها، وموجزها: الانتشار النسبي لظاهرة الإقبال على المخدرات، بدرجاتها وأنواعها المختلفة. يبدأ الملف بتعريف علمي وتقني من أرفع مرجعية علمية ممكنة، إلى إسهام من تولَّوْا، ويَتَوَلَّوْن الآن، مواجهة الظاهرة ذاك، من أرفع المسؤولين في الأجهزة الرسمية، إلى الجهود الكبرى التي تبذلها اللجان المعنية في المجلس المذهبي لطائفية الموحدين الدروز، وجهات شبيهة أخرى.
وفي جانب التحقيقات المصوّرة، يقدّم العدد ثلاثة تحقيقات تستحق المتابعة في أعداد لاحقة لأهميتها: عن المكتبة الوطنية في بلدة بعقلين التي باتت صرحاً ثقافياً رفيعاً يغني الطالب أو الباحث في منطقة الجبل عن ارتياد أي مكان مشابه آخر، وثان عن بلدة “عَنز” في محافظة السويداء، سوريا، حيث يقدّم العمران الديني والحضري المتبقي منها شهادة على ماض غني جداً، والثالث، من بلدة “صوفر” على مفترق طرق مواصلات جبل لبنان ما جعلها مكاناً التقت فيه الجغرافيا الصعبة مع صفحات نابضة من التاريخ.
في وسعنا التنويه، أخيراً، بباب “مدارات الإبداع” الذي يميط اللثام هذه المرّة عن عبقرية معروفية “بيروتية”، هي الفنّانة التشكيلية الذائعة الصيت سلوى روضة شقير، التي نالت الكثير من الجوائز في النصف الثاني من القرن الماضي. وكلّ التقدير، باستمرار، لقارئ الضحى.

والله، دائماً، وليّ التوفيق.

هذا العدد

هذا العدد

لكلّ عددٍ من نكهته الخاصة المميِّزة. تسري القاعدة هذه على أعداد كافة، غير أنها تتحقق بالتمام والكمال في هذا العدد بالذات (العدد 23 من ). فغنى الموضوعات فيه تجعله بحق عدداً غير مسبوق من نواح عدّة. في وسع نصف مواد العدد هذا تشكيل مادة مكتملة لأية مطبوعة ثقافية دورية. لكننا رغبنا، ومن باب معرفتنا أن فصلية، أن يعيش القارئ مع مجلّته أطول زمن ممكن. وعليه، احتوى هذا العدد من المقالات ما يمكن تصنيفها في الطبقة الأولى: الأخلاق التوحيدية في تراث الأمير السيّد عبد الله التنوخي (قدس)، إلى التراثي المعروفي الأصيل، من رشيد طليع الذي كتب “سجّل…أنا رشيد طليع”، إلى سيرَتي مجاهدين نادرين ترفع لهما القبعات احتراماً (سعيد أبو الحسن وعبّاس نصر الله). وإلى ذلك، مقالتان أخريان: الأولى في النفس عند أفلاطون، والثانية حول موضوع بالغ الأهمية وتفسحُ المجال للإسهام فيه (ومن باب أخلاقي وإنساني صرف) وهو “الاستخدام الجاري للأطفال في الأعمال القتالية”، والتداعيات الاجتماعية المدمّرة لذلك، ناهيك بالانتهاك الصارخ للقوانين الدولية، إلى مقالة أخيرة حول “متعة القراءة” التي تكاد تختفي.
هذا في المقالات، أمّا “ملف العدد”، في العدد 23، فهو تحت عنوان “المخدرات …. آفة العصر: كيف نحصّن شبابنا حيالها؟” سيضع الملفُ القارئ بصراحة، وقسوة، أمام حقائق صادمة لا ينفع في شيء التعامي عنها، وموجزها: الانتشار النسبي لظاهرة الإقبال على المخدرات، بدرجاتها وأنواعها المختلفة. يبدأ الملف بتعريف علمي وتقني من أرفع مرجعية علمية ممكنة، إلى إسهام من تولَّوْا، ويَتَوَلَّوْن الآن، مواجهة الظاهرة ذاك، من أرفع المسؤولين في الأجهزة الرسمية، إلى الجهود الكبرى التي تبذلها اللجان المعنية في المجلس المذهبي لطائفية الموحدين الدروز، وجهات شبيهة أخرى.
وفي جانب التحقيقات المصوّرة، يقدّم العدد ثلاثة تحقيقات تستحق المتابعة في أعداد لاحقة لأهميتها: عن المكتبة الوطنية في بلدة بعقلين التي باتت صرحاً ثقافياً رفيعاً يغني الطالب أو الباحث في منطقة الجبل عن ارتياد أي مكان مشابه آخر، وثان عن بلدة “عَنز” في محافظة السويداء، سوريا، حيث يقدّم العمران الديني والحضري المتبقي منها شهادة على ماض غني جداً، والثالث، من بلدة “صوفر” على مفترق طرق مواصلات جبل لبنان ما جعلها مكاناً التقت فيه الجغرافيا الصعبة مع صفحات نابضة من التاريخ.
في وسعنا التنويه، أخيراً، بباب “مدارات الإبداع” الذي يميط اللثام هذه المرّة عن عبقرية معروفية “بيروتية”، هي الفنّانة التشكيلية الذائعة الصيت سلوى روضة شقير، التي نالت الكثير من الجوائز في النصف الثاني من القرن الماضي. وكلّ التقدير، باستمرار، لقارئ .

والله، دائماً، وليّ التوفيق.

هذا العدد

هذا العدد

يصل العدد الجديد من (رقم 22، كانون الثاني، 2018) إلى القرّاء، إن شاء الله، وهو في صحبة ثلاثة متغيرات، بل تجديدات؛ أوّلها، العام الميلادي الجديد (2018) نرجوه لقرّاء وأصدقائها، بعامة، أكثر أمناً وطمأنينة وتحقيقاً للآمال المشروعة؛ وثانيها، تسلّم رئيس تحرير جديد للـ ،(كاتب هذه السطور)، مسؤولية التحرير والإدارة فيها من زميل صديق هو الأستاذ رشيد حسن الذي لم يبخل طيلة ثماني سنوات في بذل كل جهد مطلوب لدفع نحو ما هو أفضل وأعلى؛ وثالثها، التجديد الذي سيلمسه القارئ في بعض أبواب المجلة القائمة، أو في أبواب جديدة مستحدثة.

سيجد قارئ العدد الجديد هذا بعض الأبواب الجديدة ومنها،
الأنشطة الأكثر راهنية للدار والمجلس المذهبي ولجانه المختلفة،
الأنشطة الثقافية الأكثر أهمية التي سبقت صدور العدد بأسابيع أو أيام،
المشكلات الاجتماعية الأكثر إلحاحاً التي تقلق المواطن وتشكّل عبئاً على كاهله، وقد بدأنا بمشكلة المدرسة الرسمية (الابتدائية والمتوسطة)، وكانت أيضاً مناسبة تكريم رمزي لبعض التربويين الروّاد الذين تقاعدوا الآن، وتتوجب الإفادة من خبراتهم الواسعة في مضمار التربية.

سيجد القارئ أيضاً ملفّين مكتنزين، الأول فرضته وقائع الأيام التي سبقت صدور العدد 22 والذي لا تستطيع مطبوعة عربية أن تتجاهل خطورته، وهو نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، وقد واكبنا الحدث بملف تاريخي وقانوني وإعلامي، وفي حدود ما تستطيع مجلة فصلية أن تقدّمه. والملف الثاني، وهو استكمال رسالة في الإضاءة على كبار الشخصيات التي لعبت أدواراً تاريخية محلية أو عربية بارزة ، فكان الاحتفاء بمئوية مولد ” كمال جنبلاط، الإنسان والمثقف والمعلّم”، فأسهمت في الملف اثنتا عشرة شخصية وطنية وأدبية وإعلامية وأكاديمية.
وإلى ذلك، تستمر في فتح صفحاتها لـ “رسالة جبل العرب”، جسراً للتواصل المعروفي والعربي وبما يوثّق أواصر الخير والمحبة بين الجميع.

وفي العدد أيضاً تحقيق تناول مع رئيس بلدية حاصبيا، العريقة في التاريخ، إنجازات البلدية الراهنة وخططها المستقبلية الواعدة.
وفي العدد كذلك، مقالات علمية تناولت على نحو واف بعض أهم الشخصيات اللبنانية والعربية الوطنية والثقافية والتربوية، الأمير شكيب أرسلان، عارف أبو شقرا، عباس نصرالله.

هذا بعض ما تضمنّه العدد الجديد من (العدد 22، كانون الثاني 2018)، آملين أن يقع لدى القرّاء الاعزاء الموقع الحسن، ويسعدُ إدارة أن تقف دائماً عند ملاحظات قرّائها واقتراحاتهم، بل وإسهاماتهم الكتابية أيضاً.

والله، دائماً، وليّ التوفيق.

في بساتين الضحى

في بستان «الضحى»

إخترنا لغلاف هذا العدد موضوعاً غير مسبوق أعطيناه عنوان: “فيزياء الكوانتوم تجد الله” وهو كما لن يخفى على القارئ عنوان مجازي المقصود به هو أن فيزياء الكوانتوم وجدت الأدّلة التي تشير إلى دور الله- الوعي المطلق في كينونة الوجود ولا يعني أن فيزياء الكوانتوم أو أن العلم “أثبت” وجود الله حاشاه تعالى وهو الخلّاق العظيم أن يقع تحت علم مخلوق وهو الذي يصف نفسه بصورة قاطعة بأنه يتعدى العقل مهما عظمت علومه ومهما تطورت وسائله }لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ{ (الأنعام:103) }لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ{ (الشورى: 11).

دخل علماء الفيزياء عالم الوجود ما دون الذرّي محاولين استكشاف غياهب الكون في أدق مكوناته، وقد كان ظنهم أنهم سيجدون عالماً يمكنهم مراقبته أو قياسه وفق ما يحدث في عالم فيزياء الأشياء، لكنهم وجدوا عالماً آخر أدهشهم وقدّم لهم الدليل على أنهم كلما غاصوا بوسائل قياسهم المتطورة في غياهب الوجود كلما تلاشت المادة أمامهم وتلاشت معها قدرة الإنسان على معرفة المزيد. وفي هذه الإستحالة ما يذكِّر بطلب فرعون من وزيره هامان أن يبني له برجاً يعتليه ليتأكد بعينيه إذا كان رب موسى موجوداً }اجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ {(القصص: 38) لقد كان فرعون مثل ماديي هذا العصر يعتقد أنه لو كان إله موسى موجوداً فعلاً فإنه يجب أن يكون ممكناً له أن يراه إن اعتلى برجاً عالياً، وقد أنكر الماديون والمبشرون بالإلحاد وجود الله تعالى بظنٍّ سخيف يشبه ظنّ فرعون عندما قالوا إنه لو كان الله موجوداً فإنه يجب أن يكون إثبات ذلك ممكناً بالوسائل الحسية!

من رحمة الله بقوم موسى أن أرسله إليهم بالمعجزات المُبيِّنة لكي يصدقوا رسالته ويأخذوا صراطه المستقيم، ومن رحمته أيضاً بأهل هذا الزمان الذين اغترّوا بعلمهم وبما سخره الله لهم من وسائل وأسباب، أن قاد علماءهم إلى طريق يطلون منه على عظمة الملكوت لعلهم يرجعون إلى الناس فيخرجون من له نصيب من ظلمات الفلسفة المادية للوجود إلى حقيقة الخالق العظيم فيخشعون لعظمته ويعترفون بفضله. لكن فيزياء الكوانتوم لن يمكنها أن تصلح ما أفسد الدهر، وقد بات العالم اليوم أسير وثنية من نوع جديد ولا أمل بتجاوز هذا التقهقر الروحي والأخلاقي إلا بمعجزة عظمى أي بأن يقضي الله تعالى أمراً كان مقضياً.

توقفنا قليلاً عند موضوع الغلاف ربما على سبيل المزيد من التأمل مع القارئ في أبعاده لكن واقع الأمر أن هذا العدد زاخر بمحطات كثيرة سيجد القارئ متعة في التوقف عند كلٍّ منها، والجائل في مواضيع “الضحى” مثل الجائل في بستان حافل بشتى صنوف الأزهار والثمار الطيبة، ومن توفيق الله أن جعل قلوب المزيد من الكتاب والمفكرين تميل إليها وتحرص على المساهمة فيها.

سعادة السفير الصديق حسان أبو عكر صاحب التجربة الغنية في اليمن كانت له مساهمة ثمينة في عدد سابق عندما سلط الضوء على الحياة الحافلة في ذلك البلد العريق لموظف عثماني كبير هو يوسف بك حسن في مرحلة ترنح وبدء انهيار السلطنة، وهو اليوم يضيء على شخصية معروفية، هي المرحوم نجيب أبو عز الدين، لعبت أدواراً في اليمن الشمالي كما في السلطنات الجنوبية التي كانت تحت الحماية البريطانية. أما الدكتور حسن البعيني فيتابع إسهاماته الغنية في توثيق تاريخ الدروز والجبل ولبنان عبر البحث الموضوعي والتنقيب في المصادر. وفي هذا العدد إضاءة على سيرة كاتم أسرار الأمير حسن الأطرش سليمان أبو علي حسن ووقفة أمام شخصية معروفية فذة من جبل العرب هي المرحوم سلامة عبيد، كما نعود إلى موضوع التصوف مع مقال عن رمزية المرآة في كتاب فريد الدين العطار الشهير: منطق الطير. أوردنا أيضاً موضوعاً مفيداً عن الدور السيّئ للإستشراق في التمهيد لحركة الاستعمار. ومن المواضع الشيقة والطريفة مساهمة الكاتب الدكتور أديب خطّار عن المسبحة في التاريخ وارتباطها خصوصاً بتقليد الذكر الصوفي والحياة الخشنة للصوفيين. في باب الصحة أوردنا موضوعاً بالغ الأهمية عن مرض السكري يبيّن بالاستناد إلى أحدث أبحاث وتجارب الطب الغذائي أنه قابل للشفاء التام عبر مزيج من الحمية الصارمة عن السكريات والصيام المنتظم.

نترككم أيها القرّاء الأعزاء مع هذا العدد الثري من “الضحى” في الوقت الذي نستعدّ لتسليم أمانة هذه المجلة إلى من يتابع مسيرتها آملين أن تبقى “الضحى” ضالة كل باحث عن الحقيقة وكل مستزيد من الثقافة والعلم .

أولئك آبائي

أولئك آبائي

يخصّص هذا العدد ملفاً شاملاً احتفالاً بذكرى مرور 40 سنة على استشهاد المعلم كمال جنبلاط في ما اعتبر يومها إيذاناً بدخول لبنان والمنطقة عصر ظلمات طويلاً. هذا الاحتفال تخليد لذكر علم كبير جادت به طائفة الموحدين المسلمين الدروز على لبنان والمنطقة العربية،
وأحد أبرز عظماء القرن الماضي في مجالات الفكر والفلسفة والسياسة والدين المقارن والآداب وأسلوب الحياة والصحة الجسدية والنفسية والعيش الطبيعي وأحد أبرز شارحي فلسفة التوحيد في تعبيراتها المسيحية والإسلامية والمصرية القديمة والهيلينية والتوحيد الهندوسي (الفيدانتا) وفي الوقت نفسه، أبرز داعية للتسامح الديني والفكري والتنوع وللنهضة العربية على أسس الحريات ومناهضة الاستبداد وأنظمة التخلف، وأكبر مساهم في إصلاح النظام السياسي اللبناني والتشجيع على انتقال البلد من صيغة المحمية الطائفية إلى وطن الشراكة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. ويمكننا أن نضيف إلى تعريف المعلم كمال جنبلاط العديد من الصفات والإنجازات لكن مهما أسهبنا فإنه رجل يصعب بسبب الغنى الهائل في شخصيته التعرف عليه حقيقة إلا من خلال الاطلاع الوافي على أعماله وسيرته المجيدة.

لهذه الأسباب، وجدنا من قبل الوفاء لإرث كمال جنبلاط وتشجيع الأجيال الجديدة على الاطلاع عليه بمختلف مكوناته والاطلاع أيضاً على سيرته المضيئة أن نخصص للذكرى ملفّاً يكون وافياً يعطيه بعض حقه علينا. ونحن نحتفل بكمال جنبلاط ليس من منظور سياسي أو حزبي، و”الضحى” كما برهنت على الدوام مجلة للثقافة والتنوير تتعامل مع البيئة المعروفية ومع ما يتعداها باستقلالية وحياد سياسي هدفه أن يجمع ولا يفرق، ونحن قمنا حتى الآن بنشر سير العديد من رجالات الطائفة الكبار ونعد لنشر المزيد واللائحة طويلة بالأعلام الذين يزخر بهم تاريخنا في لبنان وفي سوريا ونحن نعتبر من واجبنا أن نعرِّف قراءنا بسيرتهم وإنجازاتهم وخدماتهم للبنان والمنطقة العربية.
وهذا التاريخ مهم لنا ليس كرواية للماضي بل كزاد للحاضر وللمستقبل ومن لا تاريخ له لا حاضر له ولا مستقبل. والطائفة المعروفية التي تغنّى بمناقبها الشريفة كبار الشعراء والكتّاب تفخر بأن تكون قد أنجبت هذا العدد الكبير من الرجالات والقادة والأبطال، وهو يبين شرف محتدها ونبل أصولها وعراقة انتمائها العربي الإسلامي الصريح، وقديماً قال الشاعر العربي الفرزدق في معرض التفاخر بقومه:

أُولَئِكَ آبَـــــــــائي، فَجِئْني بمِثـــــــــْلِهِمْ إذا جَمَعَتْنـــــــــا يـــــــــــا جَرِيرُ المَجَامِـــــــــــــــــعُ
إلى اهتمامنا بتاريخ أبطالنا وأعلامنا تستمر مجلة “الضحى” في الارتباط بصورة أقوى بهموم المجتمع وقضاياه كما يتضح من الاهتمام الخاص الذي أوليناه في هذا العدد لأزمة الشباب والمخاطر المحيقة بأجيالنا من جراء غزو الإنترنت وتحولها إلى محور حياتنا ونشاطاتنا وعلاقاتنا بعيداً عن أي توجيه بنّاء أو رقابة احترازية. ومن ضمن المنظور نفسه، نتابع اهتمامنا بقضايا الحكم المحلي عبر تسليط الضوء على مبادرات البلديات والحراك التنموي في الجبل.

وأفردت المجلة في هذا العدد حيزاً خاصاً للتطور الكبير الذي تمثل بمؤتمر الأزهر الشريف حول الحرية والمواطنة، والذي اختتم بإعلان تاريخيّ حول حرية العقيدة والشراكة بين كافة مكوِّنات المجتمع الروحية في إطار ديمقراطية مدنية لا تمييز فيها إطلاقاً أو تعصباً أو تطرفاً أو تهميشاً. وقد دعيت مشيخة العقل للمساهمة في أعمال المؤتمر وكانت لها ورقة عمل ننشر أبرز ما تضمنته.
يتسع أيضاً في هذا العدد اهتمام المجلة بالشأن الثقافي مع عرض واف لكتاب “شمس الله تسطع على الغرب” للمستشرقة الألمانية زيغريد هونكه وكتاب الدكتور الشيخ سامي أبي المنى حول رؤية الموحدين الدروز للحوار الإسلامي المسيحي، ولم ننسَ بالطبع شغفنا المعهود بالزراعة والطبيعة في موضوع واف عن زراعة الورد الدمشقي واستخداماته، وهناك في حديقة “الضحى” لهذا العدد، إضافة إلى الموضوع عن الورد الدمشقي الرائع الشذى، العديد من الأزهار الجميلة التي نترك للقارئ أمر قطف ما يرغب منها.

هذا العدد

معَ قَضايا النّاس

إنتبهَ العديدُ من القُرّاء إلى التّغيير الأساسيّ الذي حصل في العدَدَين الأخيرين وإعادة ترتيب اهتمامات “الضّحى” باتّجاه قضايا النّاس، وأعربوا عن تقديرهم لهذا التوجّه مع التّشجيع على استمراره. ففي هذا العدد مثلاً، تحقيقٌ شاملٌ عن أزْمة شبكات الصّرف الصّحّي في الجبل والتي تهدّد بإفراغ المشروع من مضمونه، وقسم كبير خُصِّص للعمل البلديّ وهو المرادف للحكم المحلّي، وموضوع عن تجربتين لفرز النّفايات العُضْويّة في المصدر، واهتمام خاص بموضوع المطبَّات وهو موضوع بلغ درجة من التّفاقم بحيث تسبّب بإحتجاجات واسعة من المواطنين وحملات على وسائل التّواصل الاجتماعي تطالب بإعادة الطّرق إلى الدّولة والمواطن، كما كانت قبل تفشّي هذه الظّاهرة العشوائيّة. واهتمّت المجلة بإجراء حوار مع أوّل سيّدة في كفرنبرخ تُنْتَخَب لمنصب رئاسة البلديّة، كما زادت المساحة المخصّصة لمتابعة أخبار البلديّات بهدف تعزيز التّفاعل وتقليد المساءلة لهذه الهيئات المُنْتخبة التي يجب أن يتذكّر رؤساؤها خصوصاً أنّهم منتخبون للخدمة العامّة وليس للتحول إلى سلطة فوق النّاس.
وبالطّبع إنّ توجُّه المجلة بصورة أوضح نحو الشأن العام وقضايا النّاس لا يُعدِّل في تصميمها الأصليّ كمجلّة للثّقافة التّنويريّة والاهتمام بالتّاريخ والإرث العربيّ الإسلاميّ واختبارات التّوحيد في الحضارات الإنسانيّة المختلفة ولاسيّما التصوّف الإسلاميّ، فـ “الضُّحى” كما يتضّح من جدول محتوياتها ما زالت تعطي هذه الشّؤون الاهتمام الذي تستحقّه، لكنّ التّطوير الحاصل يحقّق توازناً أفضل بين هذه الإهتمامات الفكريّة والحياتيّة وذلك إنسجاماً مع رغبة بعض الزّملاء في مجلس الأمناء وفي المجلس المذهبيّ بتقريب المجلّة أكثر من عموم المجتمع وأخذها لنفسها دوراً أقوى في الإصلاح والتقدّم والتّنمية. وبالفعل فإنّ الاهتمام الذي تُفرده المجلّة للعمل البلديّ وقضايا التّنمية يجعل منها المرجع الأول الآن في هذا الحقل وهي تملأ بذلك فراغاً مهمّاً في مجال أساسيّ من مجالات الدّيمقراطيّة المباشرة أهملته أكثر وسائل الإعلام المكتوبة أو المرئيّة المُنشَغلة بالشّأن السّياسيّ بعموميّته.
أفردت المجلّة أيضاً مساحةً خاصّة لسيرة الشّيخ القُدْوة المرحوم أبو سليمان حَسيب الحلبيّ، أحد المشايخ الثّقات الذين جعلوا من حياتهم أمثولة في تطبيق المسلك القويم والعمل بآدابه والإرتقاء في منازله، وهذه التّغطية هي من ضمن النّهج الذي سرنا عليه منذ عودة المجلّة إلى الصّدور في صيف العام 2010، إذْ كرّست باباً للتّعريف بِسِيَر الصّالحين من السّلف ومن مشايخ العصر الذين هم مصابيح هداية في ليل الحَيْرة الذي نعيشه. وإلى موضوع سيرة المرحوم الشّيخ أبو سليمان حَسيب الحلبيّ هناك أكثر من موضوع في هذا العدد يتناول تاريخ الموحّدين الدّروز أبرزها، البحث القيم الذي وضعه أحد أبرز مؤرّخي العصر العثمانيّ البروفسور عبد الرّحيم أبو حسين حول الدّور الحاسم الذي لعبه الدّروز في بَلْوَرَة الكيان اللّبناني وأُسس الفكرة اللّبنانية، والموضوع المتعلّق بكشف محاولات بعض الأوساط الإسرائيليّة تلفيق نظريّات حول الأصل القوقازيّ وغير العربي للدّروز، وهي محاولات تستهدف التّمهيد لفصل دروز فلسطين عن بيئتهم العربيّة وعن القضيّة الفلسطينيّة وتعزيز عمليّات إدماج الأقليّة الدّرزيّة بخطط ومصالح المجتمع الإسرائيليّ.
في الوقت نفسه، تتابع المجلّة إفراد تغطية وافية للتّاريخ المجيد لأهلنا في جبل العرب ولِسِيَر أبطالهم ومآثرهم، وهي تغطية لا تكفيها المجلّدات لما في تاريخ هذا الشّعب الأبيّ من مآثر وبطولات سطّرها في الذّود عن حياضه وأرضه وعِرْضِه وفي مقاومة محاولات الإخضاع والمظالم التي تعرّض لها من الدّولة العثمانيّة في أيّامها الأخيرة ثمّ من الانتداب الفرنسيّ، وتغطية المجلّة لتاريخ الجبل وقضاياه جعل منها المطبوعة الأولى التي يتداولها أخواننا في جبل العرب، وهم يَرَوْن فيها بادرة تضامن معهم من أخوانهم في لبنان في هذه الأوقات الصّعبة التي يواجهونها وتواجهها سوريّة العزيزة. وتقديراً لهذا الدّور، ولخطّ المجلّة الوطنيّ البعيد عن الفِرْقة والانقسامات السّياسيّة، فقد أصدرت وزارة الإعلام في القطر السّوريّ ترخيصاً يسمح بإدخال المجلّة وتوزيعها بحريّة في القطر.
أخيرا،ً فإنّ “الضّحى” تفتح المجال ابتداءً من هذا العدد للتّواصل معها عبر البريد الإلكترونيّ (راجع الإعلان الخاصّ بهذا الشّأن) فلا تتردّدوا أيّها الأعزّاء في المساهمة والتّواصل وأداء قِسْطِكُم في نجاح هذا العمل الذي هو منكم وإليكم.

واللهُ من وراءِ القَصْد.

هذا العدد

سَنَةُ التّحوّل

يختلفُ هذا العددُ من مجلّة “الضُّحى” في الكثير من الأمور عن الأعداد السّابقة التي أصدرناها من قَبْلُ، اختلافٌ هو في حدّ ذاته ثمرةٌ للتطّور الطّبيعيّ والاستجابة لِما يتبيّن بالتّجربة رغبات القارئ أو الحاجات التي ينبغي للمجلّة أن تلبيها، ولقد كانت ولادة “الضّحى” منذ البدء مغامرة حقيقيّة لأنّها كانت بلا سابقة تنسُج عليها، لكنّنا تمكنّا في سياق التَّجربة، من تحقيق فَهمٍ أفضلَ لحاجاتٍ ومواضيعَ لم يتضمّنها المخطّط الأوَّليُّ، وهذا هو سبب إدخال المجلّة مع الوقت لعدد من الأبواب التي زادت في إنضاج مُحتواها وتنوعها.

أمّا في هذا العدد فإنّنا قمنا أوّلاً بتغطية حَدَثين تاريخيّين تمثّلا في افتتاح كَنيسة وجامع في المختارة العاصمة السّياسيّة للجبل وقلعته منذ قديم الأزمنة، كما قمنا بتناول حدث مهمٍّ في تاريخ البلد هو الانتخابات الرّئاسيّة التي أنتجت بعد 30 شهراً من الفراغ والتّعطيل رئيساً توافقيّاً للبنان.

لقد قرّرنا التّعامل مع حدثيّ المختارة كحدثين وطنيّين و”تاريخيّين” فعلاً لما يحملانه من دلالات ساطعة على استمرار التّميُّز اللّبنانيّ في مجالات العيش المشترَك والاحترام والثّقة بين اللّبنانييّن. كذلك الأمر فإنّنا لم نتردّد في التّرحيب بانتخاب رئيس جديد للبلاد باعتبار ذلك حدثاً وطنيّاً أيضاً قبل أن يكون سياسيّاً، و”الضّحى” عدا ذلك مستمرّة في نهجها المحايد الذي يترك السّياسة للسّاسة ويركّز على كلّ ما يجمع ويجتنب كلَّ ما يفرّق لأنّها ليست ولن تكون مجلّة لفريق من القرّاء دون فريق.

نوَدُّ التوقف هنا عند دلالة الاهتمام المتزايد لـ “الضُّحى” بالملفّات الاقتصاديّة والاجتماعيّة وشؤون الخِدمات، ومن ذلك تناوُلِنا بصورة مفصّلة في العدد السابق لمشروع سَدّ بسري والإعداد (في الأعداد المقبلة) لمواضيعَ وتحقيقاتٍ تتناول مشروع الصّرف الصّحيّ وتزايد الاستثمار في الطّاقة المُتجدّدة من المشاريع الصّناعية ومن المنازل وكذلك مشاريع الزّراعة العُضوية ومشاريع التّنمية الرّياضيّة والشّبابيّة وغيرها. لكنّنا ننوِّه هنا بصورة خاصّة بالقسم المُخَصَّص للعمل البلديّ في هذا العدد، وهو ما سيكون بإذن الله قسمٌ دائمٌ وسيتمّ توسيعه ومدّ نطاقه ليشمل مختلف البلديّات وقضايا ومشاريع العمل البلديّ. ذلك أننا نعتبر العمل البلديّ أحد أهم أشكال الديمقراطيّة المباشرة والتّنمية المحلّية التي يجب تفعيلها وتطوير ثقافتها. وهذا النّوع من الاهتمام يعكس ميل “الضُّحى” المتزايد لإحداث توازن أفضل بين المضمون الفكريّ والتّوحيديّ للمجلّة وبين مضمونها الاجتماعيّ والتّنمويّ، وهذا التوازن، كما لمسنا من القرّاء، أمرٌ مرغوب فيه لأنّه يوفِّر منبراً فعّالاً لصوتهم ووسيلة إعلام تسلط الضّوء على القضايا الحياتيّة والتّنموية التي تهمّ النّاس.

نشير أخيرا إلى الاهتمام الخاصّ للمجلّة بموضوع توسيع قاعدة القرّاء وتأمين وصولها إلى المشتركين بانتظام، وكذلك تحسين التّوزيع عبر المكتبات، ثم تفعيل مبادرة التّوزيع المباشر على البيوت في قرى الجبل التي توجد فيها قاعدة للمجلّة، وللمجلّة تجربة ناجحة منذ سنوات في قضائيّ حاصبيّا وراشيّا في توزيعها على منازل القرّاء وتجربة مماثلة في بلدة رأس المتن، وقد بدأت إدارة التّسويق والتّوزيع بهمّة الشّيخ زياد أبو غنّام حملة واسعة لتوسيع تجربة التّوزيع المباشر على مختلف أقضية الجبل وفي وقت لاحق في بيروت، ونحن نأمل أن تظهر نتائج تلك الجهود المباركة قبل نهاية هذا العام وفي السّنة المقبلة.

نود في الختام أن نتوجّه بالشكر لسماحة شيخ العقل لدعمه ولنُصحه المستمرّين وللمجلس المذهبيّ للطائفة الذي لن يبخل بأي دعم يعزّز وضع المجلّة وقدرتها على الاستمرار، كما نتوجّه بالتّقدير العميق لأعضاء مجلس الأمناء وهم بالفعل دعامة هذا العمل الجبّار منذ انطلاقته قبل ستّ سنوات، والشّكر موصول لرابطة أصدقاء “الضّحى” التي تشكّلت في أكثر من بلد من أجل توفير الدّعم الماليّ والمعنويّ للمجلّة، ونحن نتوقّع أن تكون بداية العام المقبل موعداً لانطلاقة الموقع الشّبكيّ للمجلّة ونقطة تحوّل نحو تعميم انتشارها وتطوّرها المستمرّ كمؤسّسة حديثة تُدار بفعاليّة واحتراف.

والله وليُّ التّوفيق

هذا العدد

توسيعُ مجلسِ الأُمناء
…وتطوّراتٌ أخرى سارّة

في الوثيقة التّأسيسيّة لمجلّة “الضّحى” الصّادرة بتاريخ نيسان 2010 حدّدت “الضّحى” مبرّر وجودها بالتّعبير التالي:

“إنّ الفراغَ الإعلاميَّ والثّقافيَّ ثغرةٌ وجوديّةٌ بكلّ معنى الكلمة لأنّه لا يبقى فراغا بل يُملأ على الفور من موج الأفكار والمؤثّرات المحيطة سواء عبر الإعلام المتنوّع والمفتوح على شتّى التّيّارات أو عبر التّقليد الأعمى أو عبر التّشوّش القِيَميّ والاجتماعيّ”

وبناء على ذلك حدّدت المجلّة جوهر رسالتها بالتّعبير التّالي:
“إنّ المجلّة ستكون في أحد أدوارها وسيلة لتعريف الموحّدين الدّروز ولاسيّما الشّباب والنّاشئة بتاريخهم الغنيّ وثقافتهم وبأَعلَامهم وأبطالهم وسِيَرِ الصّالحين ممّن سبقوهم لأنّ من لا تاريخ له لا هويّة له ولأنّ من لا يعرف ماضيه لا يمكن أن يفهم حاضره وما يفرضه من مسؤوليّات وما يفتحه من خيارات وفرص”.

إنّ الأعداد الـ 17 التي أصدرتها “الضّحى” منذ ذلك الإعلانِ تقدّم دليلاً واضحاً على أننا تمكنّا بعون الله من وضع أهمّ بنود الرّؤية موضع التّنفيذ، لكنّ هذا الإنجاز – كما سبق وقلنا في مناسبة أخرى- ليس ملكاً لأحد بل هو ملك للطّائفة وعلى الطّائفة ونخبتها وقادتها تقع مسؤوليّة الحفاظ عليه وصونه وتطويره. هذه هي قناعتنا، ولحسن الحظّ فإنّها قناعة يشاركنا فيها كثيرون من الغيورين من شخصيّات الطّائفة الذين تنادى عدد منهم إلى العمل من أجل هذه الغاية وقرّروا تلبية الدّعوة لتوسيع مجلس الأمناء وأعلنوا التزامهم بتوفير الدّعم للمجلّة، وعلى هذا فإنّ لائحة أعضاء مجلس الأمناء أصبحت في هذا العدد طويلة وربّما تطول أكثر في العدد المقبل، ونحن نرحّب بالإخوة الأمناء الجُدد أجمل ترحيب ونعوِّل كثيراً ليس فقط على دعمهم الماليّ بل أيضاً على مشاركتهم المأمولة في تعزيز قاعدة الدّعم للمجلّة وتوفير المَشورة لها والمساعدة في الانتقال بها إلى مرحلة المؤسّسة.

في السياق نفسه قرّر عدد من أفراد النّخبة في الطّائفة ممّن يتواجدون الآن في مُغتربات مُتباعدة إنشاء “رابطة أصدقاء الضّحى” لتكون بمثابة قاعدة دعم واسعة تكمّل دور مجلس الأمناء، وهذا أيضاً تطوّر مفصليّ يُتَوقّع أن يؤدّي إلى تمتين قاعدة الدّعم للمجلّة واستمرارها في المدى الطّويل، ونحن نحَيِّي أيضاً هذه المبادرة ونرى فيها دليلاً على التّقدير المتزايد الذي تحظى به المجلة، وهو يمنحنا الأمل ويشجّعنا على أن نطمح للمزيد.

إنّها أيضاً مناسبة نُعرب فيها عن أملنا بأن تدرك قياداتنا الأهمّيّة الكبيرة للاستثمار في الوعي وفي الثّقافة لأنّه استثمار في البشر لا يقل في درجة الأولويّة والأهمّيّة عن الاستثمار في الحجر وهذا دون أيّ انتقاص لأهمّيّة تعزيز مؤسّسات الطّائفة على اختلافها وتكامُلها في الخدمة في جوٍّ من التّضامن والإخلاص لأنّ هذه المؤسّسات تقوّي بعضها البعض.

نشير أخيراً إلى أنّ العدد الأخير من مجلّة “الضّحى” وُزِّع في جبل العرب في سوريا على أكمل وجه على الرّغم من سعي عناصر فردية لعرقلة ذلك، ونحن مدينون في تسهيل إيصال العدد الأخير وتوزيعه إلى الوقفة التي ظهرت من شخصيات الجبل وأصحاب السماحة مشايخ العقل والعديد من الفعاليّات الذين عبّروا عن تضامنهم مع المجلّة ولفتوا السّلطات المعنيّة إلى طبيعتها غير السّياسيّة وتركيزها على الشأن الثّقافي، وبالتالي حرصهم على تأمين تداولها في الجبل دون عوائق. ونحن من هذا الموقع نتقدّم بشكرنا إلى جميع الذين تحرّكوا وسعَوْا في الموضوع ولاسيّما العميد المتقاعد نايف العاقل الذي كانت له جهود مشكورة في متابعة الموقف.

“الضّحى” في الجبل باتت محور الاهتمام ويتمّ تداولها بحماس من يد ليد بسبب نقص الكمّيّات، لكنّنا سنعمل بإذن الله إلى زيادة الكمّيّة المخصّصة للجبل. أخيراً فإنّ “الضّحى” ستكون أيضاً وبعون الله على الإنترنت ووسائل التّواصل الاجتماعيّ قبل صدور العدد المقبل، وسيتيحُ ذلك لقرّائنا وأصدقائنا في لبنان وفي الجبل الاطّلاع على موادّ المجلّة ومحتوياتها المتنوّعة ومحتويات الأعداد السّابقة على شبكة الإنترنت فضلاً عن جعلها في متناول جميع المغتربين والأصدقاء والمهتمّين في كافة البلدان والأمصار.

والله وليّ التّوفيق

هذا العدد

هذا العدد

في هذا العدد من الضّحى تطبيق لبعض الأفكار والاقتراحات البنّاءة التي طُرِحت في غير مناسبة من أصدقاء مثقّفين ومتابعين للمجلّة وتمنّت مزيداً من التّنويع في محتويات المجلّة بما يعكس بشكلٍ جَلِيٍّ حركة المجتمع التّوحيديّ وحاضره إلى جانب اهتمامها بالأمور الثّقافية الأساسيّة مثل التّاريخ وأعلام التّصوّف وشعرائِه وشؤون العلوم والزّراعة وغيرها. وبالفعل بدأنا منذ العدد السّابق إجراء تعديلات إيجابيّة في مضمون التّحرير ومواضيعه أولاً باتّجاه اختصار حجم النّصوص بما يفسح المجال لزيادة عدد المواضيع وإغناء محتوى المجلّة، لكنّنا أبقينا على موضوع مِحوَريّ في المجلة ، غالباً ما يتعلّق بتاريخنا أو تاريخ الأعلام وهذا هو الاستثناء لكَونه بمثابة الملفّ المِحْوَريّ الذي يحتاج إلى مساحة أوسع من أجل معالجة وافية. مثال على هذا المبدأ المقالة الوافية التي أعدّها المؤرخ الدّكتور حسن أمين البعيني عن فصل مهمّ من تاريخ طائفة الموحّدين الدّروز وهو المتعلّق بالشّيخ بشير جنبلاط واصطدام نفوذه الكبير بطموحات ومكائد الأمير بشير الشّهابي الثّاني، ثمّ ما ترتّب على ذلك الصّدام وإزاحة الشّيخ بشير جنبلاط من نتائج سلبيّة شاملة على العائلات الإقطاعيّة الدّرزيّة وعلى القاعدة الأساسيّة لنفوذها وهي الملكيّات الزّراعيّة التي اغتصبها الأمير بشير ومناصريه ووزّعوا الكثير منها على أنصارهم لاسيّما النافذين من الموارنة.

نتابع في هذا العدد أيضاً التّعريف بروّاد الأعمال في حلقة خُصّصت للمرحوم الشّيخ توفيق عسّاف مؤسّس بنك بيروت والبلاد العربيّة وشركة الببسي في لبنان والذي لعب إلى جانب ذلك دوراً سياسيّاً كنائب عن منطقة عاليه وكوزير وممثّل لطائفة الموحّدين الدّروز في المفاوضات التي أدّت إلى توقيع اتّفاقية الطّائف.

نتابع أيضاً قسم “آيات الخلق” الذي نعرض فيه لأسرار الخلق وآيات الإبداع الكَونيّ المُعجزة في جميع الحقول وقد اخترنا في هذا العدد موضوع المورّثات الجينيّة أو الـ DNA وهو حقل مدهش تَحار فيه العقول فعلاً ويقدّم الدّليل القاطع على أنّ المخلوقات جميعها من أصغر كائن مجهريّ إلى أعظم كائن أو كوكب أو مجرّة إنّما هي نتائج إبداع الخلّاق العظيم الذي أحسن كلّ شيء خلقه، وفائدة هذا التّناول هي أنّه يسند القناعات الإيمانيّة إلى حقائق علميّة لا لَبس فيها ويدحض في الوقت نفسه النّظريات ذات الإشكال التي تزعم أن سائر الأكوان اللّانهائية وسائر المخلوقات التي لا تعدّ ولا تُحصى وسائر الأشياء ومظاهر الطّبيعة والتي تعمل كلّها وفق نظام بديع من التّناسق والتّوافق والاستمراريّة هي كلّها نَتاج الصّدفة والتّفاعلات العَفويّة.

نفتتح في هذا العدد أيضاً باب “حوار” والهدف منه التعرّف على شخصيّات من المجتمع التّوحيديّ حقّقت نجاحاً في العمل الخاصّ ولها تجربتها في العمل العام وخلاصة تجارب يمكن أن تكون مفيدة لكلّ المهتمّين بالحقل العامّ وقضاياه وبدأنا هذا الباب مع شخصيّة محبّبة ومعروفة في مجال العمل العامّ مثلما هي معروفة بنجاحها في العمل الخاصّ هي شخصيّة الشّيخ كميل سريّ الدّين وهو عضو مؤسّس في مجلس أمناء الضّحى ورئيس لجنة الاغتراب في المجلس المذهبيّ لطائفة الموحّدين الدّروز.

في العدد أيضاً جديد يُثري مادّة المجلّة والفكر التّوحيديّ يُعدّه مركز الدّراسات في مَشيخة العقل، وقد اخترنا له عنوان “مباحث التّوحيد” على أمل أن يكون هذا الصّنف من الكتابات الرّفيعة مكوّناً دائماً من فِكر المجلّة وتطبيقاً لرسالتها التّنويريّة.

في الوقت نفسه يعطي هذا العدد من الضّحى اهتماماً خاصّاً لباب الثّقافة وهو يعرِض موضوعاً مهمّاً عن تكيّف اللّغة العربيّة مع التّطوّر لأستاذ اللّغة العربيّة وخرّيج الأزهر الأستاذ شوقي حماده، كما يبدأ سلسة مقالات تتناول الشّعر العامِّيَّ أو الشّعبي في جبل العرب وهو موضوع شيّق يتمّ تناوله ويظهر أيضاً الاهتمام المتزايد من مثقّفي الجبل بالنّشر في مجلّة الضّحى والتي باتت عمليّاً أهمّ مرجع ثقافيّ يتمّ تداوله بحماس في الجبل، ونحن نشهد اتّساعا مطّرداً لقاعدة كتّاب ومثقَّفي الجبل المهتمّين بمجلّة الضّحى وهذا بشير خير لأنّه دليل جديد على الدّور الذي تلعبه المجلّة في تعزيز الرّوابط بين لبنان وسوريا وبين المعروفيّين في جميع أقطار الشّرق العربيّ بما في ذلك فلسطين والجولان المحتل.

والله وليّ التّوفيق

هذا العدد

مَسيرَةُ تطوّرٍ

بعد سنواتٍ خمسٍ من عَوْدَتها للصّدور بصيغتها الجديدة تمكّنت “الضُّحى” من ترسيخ مكانتها كإحدى أغنى وأشمل المجلّات الثّقافيّة وأكثرها انفتاحاً على قضايا التّطوّر الإنسانيّ والمجتمعيّ. وقد أعطت هذه المجلّة المثال في الفكر الجامع وكلَّ ما هو إيجابيّ ومفيدٌ لتكوين ثقافة شاملة وأصبح القارئ النّموذجيّ للمجلّة هو الإنسان العقلانيّ الطّالب للمعرفة سواء كان من بيئة الموحّدين الدّروز المسلمين أم من قرّاء المجتمع الأوسع، والسّبب في ذلك هو أنّ المجلّة ركّزت على الشّأن التّنويريّ الذي يهمّ كلّ إنسان تائق إلى المعرفة وإلى توسيع آفاقه وأهملت الخَوْضَ في تجارة الخلافات والتّمايزات الرّائجة في هذه الفترة من زماننا. لذلك فإنّنا نجد قرّاء كثيرين من خارج البيئة المعروفيّة يُقبلون على المجلّة ويقدّرون فيها مضمونها الفكريّ ونهجها التّقدّميّ المنفتح لأنّهم لا يشعرون عند مطالعتهم لها بعقدة الفئويّة وضيق الأفق التي يتوقّعون أنْ يجدوها في الإعلام الصّادر عن مؤسّسات دينيّة مُتعدّدة.

إلى ذلك فإنَّ أكثرَ ما يفرحنا هو هذا الانتشار المتزايد للمجلَّة بين إخواننا في جبل العرب ونحن نتلقَّى أسبوعيّاً مكالمات من فعاليّات دينية واجتماعيّة ومن مثقّفي الجبل يثنون فيها على إسهام الضّحى في تغطية تاريخ الجبل وسِيَرِ رجالاته مؤكِّدين أنَّها باتت المصدر الأول لمطالعاتهم الثّقافية الجادّة، وقد أثار مقال المجلَّة عن حروب التَّقسيم والنِّفط ترحيباً واسعاً وطلب البعض تزويدهم بنصّ المقال Pdf وهذا ما حصل والمقال الآن يُتدَاول في الجبل على الإنترنت على نطاق واسع.

كذلك هناك اهتمامٌ من مثقَّفي الجبل بالكتابة للمجلَّة، وكلّ يوم نكتشف كم يحوي جبل العرب من طاقات ومن رجالات لم تُتَح لكثيرٍ منهم في السّابق فرصة المساهمة الحقيقيّة في الشّؤون التي تهمّ الطائفة المعروفيّة والوطن الأوسع. وسيُتاح لنا في الأعداد المقبلة التعرُّف على ممثِّلين للنُّخبة المثقَّفة في الجبل سواء من خلال إسهاماتهم بمقالات للمجلّة أم من خلال مقابلات وحوارات مباشرة.

هذه المستجدات في خِطَّة التَّحرير تستجيب في الواقع لمسار التّطوّر والتعلُّم بالتّجربة، وقد تمَّ منذ البدء وضع رؤية الضُّحى بالاستناد إلى فَهمٍ عميقٍ للدّوْر الذي يؤمل لمجلّة طليعيّة أن تؤدّيَه في بيئتها، ومن حُسن التّوفيق أنَّ الصِّيغة التي صدرت بها المجلَّة أثبتت صلاحيتها على الأقلِّ في المُنطلق وفي المراحل الأولى من الصّدور. لكنَّ هذه الصّيغة كان يجري تكييفها بصورة تدريجيّة مع تطوّر تجربتنا ومع ما كان يُقدَّم لنا من ملاحظات واقتراحات، وكذلك مع تنامي نادي الكُتَّاب والمساهمين لأنَّ التّطوُّر يحتاج إلى أفكار جديدة لكنَّه يحتاج إلى من يقوم بعبء تنفيذ تلك الأفكار على الوجه المطلوب.

إنَّ زيادة حِصّة جبل العرب في المجلّة كان أحد جوانب التّطوّر التي يفرضها الوزن الكبير للجبل ونضالاته التّاريخيّة وكذلك الرَّوابط الأسريّة والعاطفيّة التي تربطنا بأهلنا هناك. وقد بدأنا في هذا العدد أيضاً الإطلالة على قِصص نجاح غنيّة بالدّروس لروّاد نجحوا في تحقيق إنجازات كبيرة في حياتهم، وهي إنجازاتٌ يمكن لأجيالنا الشّابّة الجديدة أن تتعلّمَ منها الكثير. وهناك لائحة طويلة برجال أفذاذ شرّفوا الطّائفة المعروفيّة بجهادهم ومواهبهم وما تركوه من صروح وإنجازات رائدة.

أدخلنا أيضاً في هذا العدد قسماً مهمّاً يتعلّق بعلوم الطّبيعة والكَوْنِ والإنسان، وهو قسم يستهدف التّركيزَ على الأسرار والآيات العجيبة للخلق سواء في الكَوْنِ أو في الإنسان أو في المخلوقات، والهدف تعليميٌّ بالطّبع وهو أن يتمَّ بناء الإيمان والسّلوك القويم على إدراك إعجاز الخلق والقدرة العظيمة لربِّ الكَون، لاسيّما وأنّ الكثير من أنظمة التّعليم التي جرى تصميمُها في الغرب ونعتمدُها في مدارسنا وجامعاتنا مُصَمّمة لنزع الإيمان من قلوب الأجيال الجديدة وتخريج شباب مُتَشَكِّكٍ لا يؤمن بشيء.

كما أنَّنا سنُدخل ابتداءً من العدد المُقبل سلسلة من المقابلات مع معمرين من أهلنا كانت لهم تجارب وصولات وجولات في الذّود عن الحمى والكرامة ودفع العدوان، وهؤلاء كما بالنّسبة لبعض مُجاهدي الـ 58 أشخاصٌ يجب أن نشكرهم ونذكرهم ونعطيهم حقَّهم في حياتهم إذا أمكن ونتعلَّم من شجاعتهم ورجولتهم وتضحياتهم وإخلاصهم.

الضُّحى في تطوّرٍ مستمرٍّ وفي سعيٍ دائمٍ إلى توسيع نطاق خدمتها لأنَّنا نريد أنْ يكونَ لكلِّ فردٍ ولكلِّ جماعةٍ ولكلّ صِقع من أصقاعنا نصيبٌ من اهتمام المجلّة وقِسط ٌمن إسهاماتها. واللهُ وليُّ التَّوفيق.

هذا العدد