الخميس, نيسان 25, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الخميس, نيسان 25, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

لقاء حواري إسلامي مسيحي تنظّمه السفارة الإماراتيّة: “المواطنة واحترام التنوع والحرّيات ومواجهة التطرّف”

 نظمت سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في بيروت، بالتعاون مع اللجنة الوطنية المسيحية الإسلامية للحوار، «اللقاء الحواري المسيحي – الإسلامي» بعنوان: «التعارف والاعتراف: نحو دولة المواطنة»، ضمن مبادرات «عام زايد»، شارك فيه سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب ممثلاً رئيس المجلس الشيخ عبد الأمير قبلان، السفير البابوي في لبنان جوزف سبيتاري، سفير دولة الإمارات حمد سعيد الشامسي، سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري، نائب رئيس المجلس الأعلى للروم الكاثوليك وزير الدولة لشؤون التخطيط في حكومة تصريف الأعمال ميشال فرعون، الأب نكتاريوس خيرالله ممثلاً مطران بيروت للروم الأرثوذكس الياس عودة وممثلون للطوائف.

 وقد ألقى سماحة شيخ العقل الشيخ نعيم حسن في اللقاء الحواري الكلمة التالية:

 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله ربّ العالَمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتَم النبيّين سيِّد المرسَلين وآلِه وصحبه الطاهرين الطيبين

 آنَ الأوانُ للوقوفِ أمام المشهدِ الشَّامِل لِما يُمكن أن نسمِّيَه اليوم “الاستِجابةُ الحضاريَّةُ” للأمَّةِ في وجهِ التّحديات الكبرى التي تواجهُها، لا سيّما في مسألةِ تشويهِ المعاني والمقاصِد الحقيقيَّة للدِّين الحنيف، وإلصاق صورةِ مجتمعاتِه بالتطرُّفِ والغلوِّ وصولًا إلى الإرهاب.

 يأتي موضوعُ لقائنا في غاية الانسجامِ مع المؤتمَراتِ واللقاءات التي تمّت خلال العقد الأخير من السنوات برعايةِ قادةٍ مستنيرين، ومؤسَّساتٍ كريمة ذواتِ خلفيَّةٍ أُمـمِـيَّةٍ كالأزهر الشَّريف ورابطة العالم الاسلامي ومنظَّمة التعاون الاسلامي ومركز الملك عبد الله العالمي للحوار وغيرها. وتمحْورت أعمالُها حول مواضيع في غاية الإهميَّة منها: تجديد الخطاب الدّيني، ومواجهة التطرُّف، وتصحيح المفاهيم، والحرّية والمواطنة وثقافة السلام العالمي إلخ… وأخيرا وليس آخرا: مؤتمر “الوحدة الإسلامية ومخاطر التصنيف والإقصاء” الذي انعقد منذ أيّام في مكّة المكرَّمة وتضمَّن بيانُه الختاميّ توثيقا لما ورد في الكلمة الملَكيَّة عن التضامُن من أجل خير الإنسانيَّة جمعاء، واستيعابِ سُنَّةِ الاختلاف ومدِّ جسُور الحوار والتفاهُم والتعاوُن، وتعزيزِ مفاهيم الدولة الوطنيَّة وقِيَمِها المشتركة، والبناءِ على المشترَكات الإنسانيَّة، والتقريبِ بين الرؤى، وترشيدِ ثقافة الخلاف، والعملِ طبقاً لوسطيَّةِ الإسلام واعتدالِه، دون ان ننسى اعمال المجلس البابوي للحوار بين الطوائف. ما من شكٍّ في أنَّ مفهومَ “التعارُف” من شأنه أن يُحضِرَ في الخاطِر على الفور الآية القرآنيَّة الكريمة ﴿يا أيُّها النَّاسُ إنَّا خلقناكُم من ذكرٍ وأُنثى وجَعلْناكُم شعوباً وقبائلَ لِتَعارفُوا إنَّ أكرَمَكُم عندَ الله أتقاكُم إنَّ اللهَ عليمٌ خبِير﴾ (الحجرات 13). وَيُلفِتُ خِتامُ الآيةِ الكريمةِ ﴿إنَّ اللهَ علِيمٌ خَبِير﴾ إلى أنَّ سابقَ عِلمِ الله تعالى، وحِكمتَهُ التَّامَّةَ في الخبرةِ بالنَّاسِ ومصالِحِها، كانا في صُلب المقاصِد البعيدة منها، وبالخُصُوص ما أراده عزَّ وجلَّ من الفِعل ﴿لِتَعَارَفُوا﴾.

 والتعارف في المفهوم التوحيدي يعني لا تفاخر ولا تناكر، ويتطلّب حتماً الصدق والأخلاق وآداب السلوك وحُسن المعاملة، التعارف يعني التعايش السلمي
واحترام الآخر. ونحنُ نُدركُ اليومَ، في عالَمِنا الـمُعاصِر، كم تبدو الصُّورةُ مخيفةً لو لم تكُن مبادئ التعارُف والتعرُّف والحوار والإقرار بالحقوق الإنسانيَّة والكرامةِ البشريَّةِ من الأمُور الـمُتَّفَقِ عليها بين الأمَم، يتمايزُ منها من يلتزمُ بها بمصداقيةٍ وشرف عن أولئك الَّذين يسخّرونها شعاراتٍ فارغة لغاياتٍ غيرِ شريفةٍ من التسلُّطِ والظُّلم وانتهاكِ الحقوق، أي بفراغ القلب والوجدانِ والضّمير من الحدِّ الأدنى للتقوى التي بها يكونُ الإنسانُ إنساناً بالمعنى الحقّ.

 كذلك، لا يُمكنُ ولا يصِحُّ أن تستقيمَ المقاربةُ الفعَّالةُ في هذه السّياقات كلِّها إلَّا بالتفهُّم السَّديد لمعنى “المواطَنة” في زمننا هذا، وفي كلِّ حال، فإنَّ هذا المعنى يلتقي في جوهره بما أرساهُ الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في “عهدِ الـمدينة” في اعتبارِه أنَّ كلَّ الفئاتِ المؤمنة في المجتمعِ الإسلاميّ الناشئ “أمَّة واحدة” من دون نفي ذلك الاعتبار عن غيرهم ﴿وَلوْ شاءَ ربُّكَ لَجَعلَ النَّاسَ أُمـَّـةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُختَلِفِين﴾ (هود 118).

 والمواطنة تعني المحافظة على قِيمِنا ومُثُلِنا الاسلاميَّة المسيحيَّة الـمَبنيَّةِ على الإيمان بالله الرحمن الرَّحيم، بالله المحبَّة، بالنِّعمةِ التي أوجدَ بها الإنسانَ قادرًا على معرفةِ الآخَر ليكون له مرآةَ روح، وإمكان شراكة في الوجودِ الحيّ، على النّقيضِ تمامًا من كلِّ نوازع النّفسِ الأمَّارةِ التي تسترخصُ القتل منزلقةً بذلك إلى مهاوي العنف والبغضاء والصّراع والأذى والإرهابِ. وفي هذا اللقاء الميمون، أتقدَّم بالشُّكر الجزيل من صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ومن دولة الإمارات قياداتٍ وشعباً، ومن سعادة السفير لما عهدناه منهم من سياساتٍ حكيمة وداعمة لوطننا العزيز والتي عادت وتعود على اللبنانيّين جميعاً بالخير والبركة، بل على أمَّتِنا العربية جمعاء. وراجياً أن يتعافى وطنُنا لبنان وأن يكونَ له حكُومة قويَّة جامعة كي يتمكَّنَ مع كلِّ الَّذين يريدون لهُ الخيْر والفَلَاح، من الصُّمودِ والمضيّ قدُماً في تثبيت دولته الوطنيَّة العادلة.
 سائلِين الله تعالى أن يسدِّدَ خطى المخلِصين، وأن يرفدَهُم بألطافه وعوْنه، إنَّهُ هوَ الحليمُ الحكيم.

 في ختام اللقاء وبعد التداول في الأوضاع المحلية والعربية وانعكاساتها على صيغة العيش المشترك، أصدر المجتمعون إعلاناً بعنوان “التعارف والاعتراف نحو دولة المواطنة”، ستنشر الضّحى نصّه الكامل في العدد القادم.

ندوة للّجنة الثقافية حول كتاب: “المجلس المذهبي والأوقاف عند الموحّدين الدروز”

 أقامت اللجنة الثقافية ندوةً في المكتبة الوطنية في بعقلين حول كتاب “المجلس المذهبي والأوقاف عند الموحِّدين الدروز”، لمؤلفه د. حسن البعيني، وذلك بالاشتراك مع لجان المجلس: الاجتماعية، والأوقاف، والتواصل والعلاقات العامة، وبحضور ممثلٍ عن كلٍّ من سماحة شيخ العقل ورئيس اللقاء الديمقراطي وحشدٍ من المهتمين.

 تكلَّم في الندوة رؤساء اللجان: الثقافية الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، والتواصل والعلاقات العامة اللواء شوقي المصري، والاجتماعية المحامية غادة جنبلاط، والأوقاف المحامي حمادة حمادة، ومؤلف الكتاب المؤرّخ الدكتور حسن البعيني، وقدَّم لها مقرر اللجنة الثقافية الدكتور رامي عزّ الدين.

 نقل الشيخ أبي المنى تحياتِ سماحة شيخ العقل الشيخ نعيم حسن وتمنياتِه وامتنانَه الكبير من مبادرة الدكتور البعيني، مُثنياً على دور المكتبة الوطنية كونَها أكبرَ مكتبةٍ ثقافيةٍ علميةٍ على مساحة الوطن، ومقدِّراً صاحب المبادرة المؤرِّخِ الدكتور حسن البعيني الذي أضاف إلى المكتبة التوحيدية كتاباً جديداً يُؤرِّخُ للمجلس المذهبي والأوقاف منذ نشأتهما، وتحت مسمَّياتٍ مختلفة، إلى أن كان القانونُ الأخيرُ في العام 2006، ومثمِّناً عالياً الالتفاتة الكريمة من المؤلِّف الذي قدَّم ريع الكتاب للجنة الاجتماعية في المجلس، معتبراً “أنها رسالةٌ لنا جميعاً لكي نقتديَ بأولي الفضل والعطاء، فنقدِّمَ ما استطعنا من ريع أعمالِنا وإنتاجِنا زكاةً وصدقةً على نيَّة الخير وحفظ الأهل والإخوان والمجتمع، أكان من ريع كتابٍ أو بناءٍ أو مشروعٍ تجاريٍّ أو استثمار أملاكٍ أو أسهمٍ أو وصيَّةٍ أو غير ذلك، وقد غاب عن أذهان الكثير من الناس أنَّ الزكاةَ فريضةٌ لا يُستغنى عنها إلَّا لمن أراد الزيادة والمضاعفة والارتقاءَ بمعناها إلى ما هو أعلى وأشملَ وأكثرَ إنسانية، كما تحدَّث عن دور المجلس المذهبي وإنجازاتِه، مشيراً إلى أنّ ما تحقّقَ يظلُّ أقلَّ بكثير من تطلعاتِنا وأحلامِ مجتمعِنا، ومن حاجةِ أهلِنا للمساعدة في ظلِّ هذه الأيامِ الصعبة التي يَمرُّ بها الوطن.

 وإذ أثنى على مضمون الكتاب الذي “جمع بين دفَّتَيه تاريخاً وسلسلةَ تجاربٍ وإنجازاتٍ في سجِّل مجلس الملَّة والوقف الدرزي، وصولاً إلى هيكلية المجلس المذهبي والأوقاف في حلَّتِهما الحالية”، قال إنها “تحتاجُ إلى تحديثٍ وتطويرٍ في القانون، ولكنَّها بحاجةٍ أكثرَ إلى العمل والتطبيق، وعلى ذلك نحن عازمون ومندفعون، ومُدركون أنَّ ما ينتظرُنا كثيرٌ على مختلف الأصعدة، من العمل الاجتماعي والاقتصادي والاغترابي، إلى العمل الديني والثقافي والحواري، لنثبتَ جدارتَنا بحمل رسالة التوحيد والمعروف والوطنية”.

د. عماد الغصيني: رئيس اللّجنة المالية.

 وختم الشيخ أبي المنى قائلاً: “لأجل هذه الغاية السامية التي نتوق إلى تحقيقها في مجتمعنا التوحيدي، والتي يحثُّ سماحةُ الشيخ دائماً عليها، ونتعاون نحن من أجل جعلِها قاعدةَ عملٍ وميدانَ سباقٍ في قرانا وبلداتنا وبين أهلِنا المقيمين والمغتربين، وبين عائلاتنا الدينية أو المدنية، ولأجلِ إكمال ما بدأه الدكتور حسن البعيني، ها نحن اليوم في اللجنة الثقافية نتبنَّى مبادرةَ الخير هذه؛ وهمُّنا نشرُ ثقافة العطاء والزكاة والمعروف، إلى جانب اللجنة الاجتماعية التي لم تتوانَ عن الوقوف إلى جانب المحتاجين والتخفيفِ من آلامِهم، ومعَ لجنة الأوقاف التي ما قصّرت أبداً في تنظيم الأوقاف وضبطها وتطويرها والعمل على زيادة مداخيلِها لمساندة اللجنة الاجتماعية أولاً ولتأمين ما أمكن من نفقات خطط اللجان في المجلس المذهبي، ويداً بيدٍ مع لجنة التواصل والعلاقات العامة التي تعملُ على تمتين العلاقة بين المجلس والمجتمع وتقوية أواصر الصلة بين أبناء المجتمع التوحيدي ليبقى دائماً متماسكاً قويَّاً بتعاضُده وحفظِ أهلِه بعضِهم لبعض”.

 وتوالى على الكلام كلٌّ من رئيس لجنة التواصل في المجلس المذهبي، اللواء شوقي المصري، الذي أكَّد على أهمية التواصل والعلاقة بين المجلس المذهبي والمجتمع التوحيدي، وعلى خطة اللجنة الرامية إلى تكثيف العلاقة وبناء الثقة، توضيحاً لماهية العمل وتصحيحاً للمسار، من أجل تحقيق الأهداف التي نصبو إليها جميعُنا كموحِّدين.

 ثمَّ تكلمت المحامية غادة جنبلاط، رئيسة اللجنة الاجتماعية، التي شرحت دور اللجنة وإنجازاتها وتقديماتها المتنوِّعة وخطط عملها والحاجة الماسَّة إلى الدعم والمساندة من أجل تمكينها من مقاربة مشاكل العائلات المحتاجة ومساعدتها.

 ثمَّ تكلم المحامي حمادة حمادة، رئيس لجنة الأوقاف، الذي أوضح مهمات الجنة وما حققته من تنظيمٍ وتطويرٍ وزيادة المداخيل، وما تتطلَّع إليه من السعي الحثيث لمضاعفة هذه المداخيل من أجل تغذية عمل المجلس وتطوير الأوقاف، وذلك من خلال المزيد من الاستثمارات الممكنة والمحكومة دائماً بالقانون.

 وفي الختام تكلَّم الدكتور البعيني شاكراً سماحة شيخ العقل الشيخ نعيم حسن لتقديمه للكتاب، ومشيراً إلى ما تضمّنه الكتاب من شرحٍ لتاريخ إنشاء المجلس والأوقاف منذ نشأتهما، وتطوُّر الصيغة والعمل وصولاً إلى القانون الحالي الذي وحَّد مشيخة العقل بشيخٍ واحد ونظَّم عمل المجلس ولجانه وعمل الأوقاف.

يُشار إلى أن الكتاب يُوزَّع في المعرض الدائم للكتاب في بقعاتا – الشوف.

سماحة شيخ العقل، رئيس المجلس المذهبي، مستقبلاً السفير السعودي وليد البخاري

 استقبل سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن في دار الطائفة في بيروت سعادة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري؛ في زيارة بروتوكولية بعد تثبيته سفيرا لبلاده في بيروت.

 وكان اللقاء مناسبة وجّه فيه سماحته رسالة تقدير إلى المملكة العربية السعودية التي شكّلت ولا تزال داعماً اساسياً لاستقرار لبنان وسلمه الأهلي وللإنماء فيه؛ وكانت على مر المراحل مع ما يحتاجه اللبنانيون، وسنداً لهم على اختلاف توجهاتهم، متمنياً للمملكة دوام التقدم والازدهار.

 وتمنى سماحته لسعادة السفير التوفيق في مهامه راجيا ان يتمكن العرب والمسلمون من تحصين واقعهم والتصدي لكل أشكال التطرف والعنف والتحديات التي تواجههم.

سماحة شيخ العقل، رئيس المجلس المذهبي، مستقبلاً سفير دولة الإمارات العربية المتحدة

 استقبل سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن في دار الطائفة في بيروت سعادة سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في لبنان الدكتور حمد الشامسي، حيث كانت مناسبة لعرض مجمل الأوضاع والتطورات في لبنان والمنطقة بحضور رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي الشيخ الدكتور سامي ابي المنى وأعضاء من الهيئة الدينية في المجلس المذهبي. وقد شدد سماحته على “أهمية الدور الذي تقوم به الإمارات العربية المتحدة على مستوى الإنماء في لبنان، وهي التي لها الأيادي البيضاء حيث ساهمت ولا تزال في مسيرة استعادة لبنان لعافيته”.

 من جهته عبّر الشامسي عن “العلاقة الوطيدة التي تربط البلدين”، متمنياً أن يتم “تشكيل حكومة سريعة تنقذ البلاد، وأن ينعم لبنان بالنمو والإزدهار”. وأكد على “دعم دولة الإمارات العربية المتحدة لكل ما فيه خير اللبنانيين وإستقرار الوطن وسيادته. كما إستقبل سماحته الكاتب يوسف مرتضى ورئيس تحرير مجلة الضحى الدكتور محمد شيا.

75 سنة استقلال …. رغم كل شي

رغمَ وقوع المناسبة – 22 تشرين الثاني – في موعد لا يتلاءم وموعد صدور مجلّة فصليّة كالضّحى، لن نترك اليوبيل الماسي لاستقلال لبنان يمرّ دون باقة ورد نرفعها لأبطال الاستقلال، بل للوطن، وبخاصة في تاريخه الحديث.

 لماذا نفعل ذلك؟ لا تحتاج الإجابة إلى كبير جهد، فـالضّحى مجلّة لبنانية بالدرجة الأولى، صادرة عن جهة لبنانية ميثاقيّة مُعْتَبَرة، المجلس المذهبي لطائفة الموحّدين الدّروز، وعليه فمن حقّها، بل من واجبها أن تشترك واللبنانيين جميعاً في استذكار المناسبة الوطنية العزيزة وما تعنيه من إحياء لقيم الوطن، والوطنية، والمواطنة، قبل – وفوق – كلّ انتماء طائفي أو عشائري، أو حزبي، أو جِهَوي.

لكن سبباً إضافياً يبرز هذه المرّة، وهو اعتزازنا أن يكون قطار الاستقلال الوطني الذي أقلع بقوّة في 11 تشرين الثاني ثم بلغ محطّته الأخيرة ظافراً في 22 تشرين الثاني 1943 قد مرّ – بل توقّف للحظات تاريخيّة حاسمة – في محطّتين عزيزتين جدّاً على قلب الضّحى: محطّة راشيّا الوادي، ثمّ محطّة بشامون ومن غير المعروف، وهذا متروك للمؤرّخين، ما إذا كان الاستقلال الوطني ليتحقّق يومذاك من دون المحطّتين الوطنيّتَيْن الحاسمتين أعلاه، أو من دون الثّورة الوطنية الكبرى التي قادها سلطان باشا الأطرش (1925-1927)، تلك الثورة التي دقّت – والتعبير للرئيس الراحل عبد الناصر في خطابه في ساحة السويداء مع فجر الوحدة المِصرِيّة السوريّة سنة 1958 – أوّل إسفين في الوجود الاستعماريّ الفرنسيّ البريطانيّ في المشرق العربي. ففرنسا المُنتَدَبة – أي المستعمِرَة – كانت تَعتبر بقاءها في لبنان من ثوابت سياستها الخارجية، وعَرْضُها الاستقلالَ الذاتيَّ – المنقوص – هو أقصى ما تقدمّت به للوطنييّن اللبنانييّن (والسورييّن) الذين عزَموا على نَيْل استقلال وطنهم. أسباب تمسُّك فرنسا المستعمِرة – الاستراتيجية والثقافية – بلبنان كثيرة، أمّا سبب عجزها عن فَهم مطلب الاستقلاليين اللبنانيين فواحدٌ لا غيرَ، وهو ظَنُّها واهمةً أنّ كلمة اللبنانيين لن تجتمع، وقلوبهم لن تأتلف، وسواعدهم لن تتكاتف، كالرجل الواحد خلف مطلبهم باستقلال وطنيّ كامل ذي سيادة تامّة غير منقوصة.

فاجأ اللبنانيّون الدولة المُنتدَبة بتناسيهم لطوائفهم ومذاهبهم وأحزابهم وجهاتهم وتوحُّدهم خلف مطلب الاستقلال الوطنيّ الناجز غير المنقوص فوراً ومن دون تأخير. وظهرت وحدة اللبنانييّن جليّة في إجماع أعضاء المجلس النيابيّ خلف مطلب الاستقلال التامّ متناسين كُلّيَّاً خلافاتهم الجزئية. وفاجأ اللبنانيّون أيضاً، قادةً وجُمْهوراً، الدولة المُنتدَبة بأنّهم مستعدّون لدفع ثمن استقلالهم بقبولهم الاعتقال التعسّفي ورفضهم حتى التفاوض مع الدولة المُنتدَبة، ثمّ باستعدادهم، وهو تطوّر حاسم، للتمرّد الشعبي ضد المُنْتدَب – وقد عمّ الإضراب العامّ البلاد – وأكثر من ذلك، لدفع ضريبة الدَّمِ لِنَيْل استقلالهم، وتمثّل ذلك بتمرّد بشامون الذي كان في وُسْعِه أن يعمّ البلاد لو لم تسرع الدولة المنتدَبة إلى إطلاق سراح الزعماء المعتقلين وإظهار موافقتها العلنيّة من ثمّة على استقلال الكيان اللبناني الناجز غير المنقوص وكأيّ دولة مستقلّة أخرى.

كانت «انتفاضة بشامون» المُباركة التي رفعت راية التمرّد العسكري المباشر في وجه الفرنسيين ذروة ثورة اللبنانيين الاستقلالية، وكانت مؤذنةً بالتوسّع خارج الجبل لو لم يسرع الفرنسيّون ويُسَلّموا بمطلب الاستقلال الوطني الناجز. ونحن يُسعدُنا في الضّحى أن يكون على رأس الانتفاضة المسلّحة تلك أحد أبطال الاستقلال، ابن الجبل والشوَيفات تحديداً، المغفور له الأمير مجيد أرسلان. ويُسعدنا بالتّالي أن يمرّ اللبنانيون سنويّاً ببشامون محطّة الاستقلال الحاسمة، وببيت الاستقلال ( بيت الشيخ حسين الحلبي) الذي انتقل إليه مَنْ نجا من الاعتقال مِنْ أعضاء الحكومة الاستقلاليّة، وبخاصة الأمير مجيد أرسلان والأستاذ حبيب أبي شهلا. فقد غدا البيت ذاك «السراي»، ورُفِع عليه العلم الاستقلالي لأول مرّة، فكانت تجربة استقلاليّة قصيرة حقيقيّة، انتهت بانهيار التّعنُّت الفرنسي وإعلان الاستقلال وعودة الحكومة الشّرعية ظافرة إلى مقرّها في بيروت.

 لكنّ فرح المناسبة لا يمنعُنا من أن نسألَ أنفسَنا:
هل تحقّقت الأهداف الوطنية الكُبرى التي سعى إليها وضَحّى في سبيلها المؤسّسون، آباء استقلال لبنان، منذ فخرالدين المعني الثاني الكبير مطلع القرن السابع عشر وصولاً إلى مضمون البيان الوزاري لأوّل حكومة استقلاليّة ألّفها المغفور له المرحوم الرئيس رياض الصُّلح؟ نكتفي من تلك الوثيقة التاريخيّة النّادرة التي كُتبت قبل خمس وسبعين سنة بفِقرة واحدة، تلك التي تناولت المُعضِلةَ الطائفيّة في لبنان لنقارن حالنا الطائفيّ المُزري اليوم بالحالة الوطنيّة العريضة المتفائلة التي طرحها أوّل بيان وزاري استقلاليّ. قال البيان الوزاريّ أعلاه:

«ومِنْ أُسُس الإصلاح التي تقتضيها مصلحة لبنان العُليا معالجة الطائفية والقضاء على مساوئها، فإنّ هذه القاعدة تُقيّد التقدّم الوطنيّ من جهة وتشوّه سمعة لبنان من جهة أخرى، فضلاً عن أنها تُسَمّم روح العلاقات بين الجماعات الروحيّة المتعدّدة التي يتألّف منها الشعب اللبناني. وقد شهدنا كيف أنّ الطائفية كانت في مُعظم الأحيان أداة لكفالة المنافع الخاصّة كما كانت أداة لإيهان الحياة الوطنية في لبنان إيهاناً يستفيد منه الأغيار. ونحن واثقون أنّه متى غمر الشعب الشعور الوطنيّ الذي يترعرع في ظلّ الاستقلال ونظام الحكم الشّعبي يُقْبِل بطمأنينة على إلغاء النظام الطائفي المُضعِف للوطن. إنّ الساعة التي يُمكن فيها إلغاء الطائفيّة هي ساعة يقظة وطنيّة شاملة مُباركة في تاريخ لبنان. وسَيُسْعى لكي تكونَ هذه السّاعة قريبة بإذن الله.» كتابُ الاستقلال، دار النّهار، بيروت، 1997، ص 253.

 نحتفل بعيد الاستقلال، وفق كلمات الصّحافي اللبنانيّ الكبير الراحل غسّان توَيني في مُقَدَّمته لـ «كتاب الاستقلال» حين كتب:

 شيءٌ كبيرٌ جدّاً أن نحاول، بعد ما يزيد على النّصف قرن، وضع «كتاب الاستقلال»، أو كتاب عنه!… في طموحنا أن يكون التاريخ موحَّداً – أي أنْ يُوَحِّدَنا – لا أن نصطنع نحن وحدته، وهمية، مُختصرَة، ننتزع منها كلّ ما نخاف أن يفرّق: أحداثاً ووقائع وبطولات وأشخاصاً. وطموحُنا هذا من إيمان عميق في أنفسنا بأنّ قضية الاستقلال وحّدت اللبنانيين، وتستمرّ تُوَحِّدهم، وأنّها في واقعها والمبادئ أرفع بكثير ممّا يصطنعون لها من شوائب، في مواسم الكُفر والتّكفير، وأنّها لا تزال هي هي مصدر الوحدة الحقّة وأقوى من الأزمات، كما كانت أقوى من النّسيان (المصدر نفسه، ص7-8). ■

الضّحى…. من الغلاف الى الغلاف

 حين يكتب لنا أو يبعث، قراؤنا بل أصدقاؤنا وأحباؤنا الكُثُر في لبنان وسوريا، بأننا نقرأ (كتاب) الضّحى حين يصدر مطلع كل فصل من الغلاف إلى الغلاف، فهم لا يشدّون على أيدينا فقط، ولهم تحيتنا، وإنما هم يصِفون في ما خصّ الضّحى واقع الحال تماماً. إذ لا اعتقد أن في وسع دورية موازية – مع الاحترام لكل من خطّ حرفاً على قرطاس – أن تحمل في عدد واحد ما تحمله الضّحى لقرائها الأحباء في كل عدد من أعدادها. هي (كتاب فصلي)؟ نعم هي كذلك. ولا تستطيع المجلة الثقافية الفصلية أن تكون أقل من ذلك.

 لقد تحوّلت الضّحى منذ عقد من الزمن، بجهود أسرة تحريرها وكتّابها، وبفضل التفاعل مع قرائها، إلى كتاب ثقافي/توحيدي/توثيقي كبير، وما عدد الضّحى التوثيقي (العدد 25) الذي أصدرناه غداة الهجمة الإرهابية البربرية على مدينة السويداء وقرى المقرن الشرقي فيها – والذي كتبه وحرّره في الواقع، وليس رمزيا، أهالي السويداء والقرى المستهدفة فيها – غير عينة عن طريقتنا في بناء كل عدد من أعداد الضّحى..

 والعدد الجديد هذا (العدد 26) هو تأكيد إضافي للقاعدة أعلاه. فقارئ الضحى سيجد فيه، بل سيسعد أن يجد فيه، غير ملف وتحقيق يلبي، وفي آن معاً، الهموم اليومية لمواطنينا، من جهة، ومطلب المعرفة الثقافية العميقة الشاملة، من جهة ثانية.

 لا ينفع اختصار العدد هذا في صفحة واحدة. فهو أقرب إلى روضٍ متنوع الأنواع والألوان، وفي وسع كل قارئ أن يجد فيه ضالته. فمن تغطية النشاط الواسع الذي كان لمشيخة العقل في غير مكان مؤتمر وزيارة ولقاء حواري، داخل لبنان، أو في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، على وجه الخصوص، ويستحق بعضها القول أنها كانت محطات تاريخية؛ إلى ملف غير مسبوق عن أمير البيان وشيخ العروبة والإسلام، الأمير المجاهد شكيب أرسلان، في الذكرى المائة والخمسين لمولده (1869-1919). وقد أسهم في الملف وزراء وسفراء وكتّاب كبار من تونس ولبنان، وكشف الغطاء للمرة الأولى عن صفحات جديدة من حياة الأمير، وجهاده، وعميق علمه.

 وفي العدد الجديد – وللأجيال الشابة قبل سواها – تذكيرُ بوصيتين تاريخيتين، من رجلين اثنين شاءت الأقدار أن يكونا في مرحلتين مختلفتين في قلب العاصفة، فقدّما في الوصيتين ما يبعث على الفخار بتاريخ طائفتنا العربية الإسلامية الموحّدة، وينبّه بالتعبير الصريح إلى مخاطر أي انقسام، أو فرقة، أو نزاع، على كل المستويات المحلية والوطنية والعربية.

 هذا نزر يسير مما سيتوقف عنده القارئ طويلاً في عدد الضّحى الجديد، العدد 26.

العدد 26