الأربعاء, أيار 15, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الأربعاء, أيار 15, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

سماحة شيخ العقل: لن نرضى إلا بحقوق طائفة الموحدين الدروز التمثيلية

أدلى سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن بالتصريح التالي:

فيما رجاؤنا أن يطل العام الجديد على لبنان واللبنانيين بنفحة أمل بقيام الدولة العادلة القادرة التي تتحسس هموم الناس وقضاياهم، يبدو أن هناك من لا يقيم وزناً لكل اعتبارات التوازن الطائفي والميثاقية، فلا يكتفي بالقفز فوق نصوص الدستور وتخطي الصلاحيات، بل ويسعى لضرب التمثيل الطبيعي لمكوّن أساسي تأسيسي للبلاد.

إن ما يتناهى إلينا من مقاربات في الوضع الحكومي يدعونا إلى التحذير من الإجحاف المتمادي من قبل القيمين على إدارة ملف تأليف الحكومة بحق طائفة الموحدين الدروز. وطالما أن لكل طائفة حقوقها التي تتمسكون بها بكل قواكم وتسعون الى تحصيلها باسمها ظاهراً وارتباطا بالمصالح الشخصية، فليكن معلوماً لدى الجميع أننا لن نرضى إلا بحقوق طائفة الموحدين الدروز التمثيلية عدداً ونوعاً على أتم وجه في هذا النظام السياسي القائم على التمثيل الطائفي حتى الساعة وفقًا لمضامين الدستور اللبناني.

بيروت في 31-12-2019

الانتفاضةُ الشعبيّةُ الأخيرةُ،

لم تُفاجئ الانتفاضةُ الشعبيّةُ اللّبنانيّةُ الأخيرة (انتفاضة 17 تشرين الأوَّل) المُراقبين اللّبنانييِّن أو غير اللبنانييّن. فقد كان هؤلاء يتابعون بهلَعِ المسارَ التّصاعُدي الكارثيّ لظواهرَ عدّة مُقلقة في الوضع اللّبناني في السنوات الأخيرة، وأبرزُها:

  • وصول رقم الدَّيْن العام المُتَرتِّب على الدّولة اللبنانيّة سنة 2019 إلى ٩٠ مليار دولار أمريكي، أي ضعافا إجمالي إجمالي الناتج الوطني في لبنان المُقَدّر بنحو 55 مليار دولار تقريباً، (زاد الدّين العام في السنوات الثلاث الأخيرة فقط 18 مليار دولار، 3 مليارات دولار كل سنة في إنفاق استهلاكي لا استثماري) ما يجعل نسبة الدَّيْن العام إلى الناتج المحلّي في لبنان الثانية أو الثالثة في العالم بأكمله.
  • تراجع الإنتاج المَحَلِّي القابل للتّصدير إلى درجة لم يبلغها حتى في أثناء الحرب الأهلية، فبات الميزان التجاري مُخْتِلًّا حتى درجة الكارثة: نُصدّر بملياري دولار أمريكي ونستورد بعشرين مليار؛ ما يعني بين أشياء كثيرة: أنّه مقابل كل دولارين يدخلان البلاد يخرج منها عشرون، وفي حِسْبَة بسيطة دخل البلاد في عشر سنوات بين 20 و 30 مليار دولار بدل الصادرات، فيما خرج منها أضعاف أضعاف أضعاف ذلك ثمن الواردات ممّا يحتاجه ولا يحتاجُه اللبنانيّون.
  • انهيار القطاعين الصّناعي والزّراعي على نحو لم يسبِق له مثيل. ففيما كان القطاعان يشكّلان قبل 20 سنة بين 30 و35 % من الناتج القومي، ويعيلان 50% من اللبنانييّن، أدّت سياسة الأسواق المفتوحة بالكامل وممرَّات التّهريب الكثيف إلى إغراق السوق المَحَلِّي بمنتوجات صناعيّة وزراعيّة أرخص بكثير من تلك التي تُنْتَج محلّيّاً، وأدّت من ثمّة إلى إقفال تدريجي للمصانع أو لنقلها إلى خارج لبنان، وإلى بوار الإنتاج الزراعي الذي بات عبئاً على المزارعين لكلفة خدمته العالية وانعدام الربحيّة فيه. ومع انهيار القطاعين انضمّ عشرات ألوف اللبنانييّن إلى طوابير العاطلين عن العمل، أو الباحثين عن فُرَص عمل في سوق مُتراجع ومُنْحَسر سنويّاً.
  • انهيار مُتَسارع لما تبقَّى من شرائح الطبقة الوسطى نحو أحزمة الفَقر بنسبه المختلفة (والتي باتت تضمّ نحو 50 % من اللبنانييّن) مقابل التّمركز المُتزايد للثّروات في أيدي القلَّة القليلة وعلى نحو خطير ومُؤْذِن بالاضطراب الاجتماعي، فقد بات 1% من اللبنانييّن يملكون 50% من الثروة الوطنية. رافق هذا الانهيار، وأسهم فيه، تراجع المداخيل، وارتفاع أكلاف الحياة والمعيشة، ووصول أرقام البطالة وبخاصّة بين الشباب إلى أكثر من الثّلث، وانسداد فُرص العمل في الداخل أو الهجرة إلى الخارج، واتساع هجرة الأعمال المُنتجة إلى قطاعات طفيليّة مؤقَّتة، والتوظيف الطُّفيلي للأموال في المصارف لا في الإنتاج، واتساع الهجرة من الأرياف إلى مدن الشريط الساحلي ما خلق أزمة سكن حادّة، بالإضافة إلى الوجود الكثيف للأشقّاء اللاجئين بفعل الحرب من سورية ما شكّل ضغطاً على موارد البلاد القليلة في الأصل. 

قادت هذه الأسباب وغيرها إلى ازدياد في حِدّة الأزمة الاقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة، الكبرى واليومية، وإلى درجة انتحار عدد من أولياء أمر العائلات الأكثر فَقراً، فتشكّل من ثمَّة مُستودَع اليأس والغضب الذي أَطلق انتفاضة اللبنانييِّن الأخيرة.

ومع ذلك، ولنعترف، فالأزمة ليست مَحَليَّة فقط. فإذا أمعنّا النظر في لوحة العالم الراهن بأسره، لوجدنا أنَّ القاسم المُشترك بين أطراف هذا الكوكب قاطبة، وداخل كلِّ مجتمع، كلمة واحدة: الأزْمة، ثمّ الأزمة، ثمّ الأزمة.

لقد أدّى الطّور الأخير المُتوحّش من الرأسماليّة المُهيمنة (والتي سُمِّيت رمزيّاً: العولمة)، وكذلك التقانة العالية التي بلغت حدّاً أعمى غير مسبوق، وسحب أنظمة الرّعاية الاجتماعية والصحيّة، والكُلفة العالية للحروب الإقليمية أو الأهليّة المُفتَعَلة، إلى إنهاك العالم وسكّانه إلى أقصى الدّرجات. وإذا كان ذلك صحيحاً في البلدان والمجتمعات ذات الاقتصادات القويّة، فما بالك بالبلدان والمجتمعات الهشّة في عالم الجنوب، وبخاصة في مجتمعات المَشرق العربي (مصر، فلسطين، الأردنّ، العراق، سورية، ولبنان). لقد ابتُليَت هذه البلدان والمجتمعات بالعدوان الإسرائيلي المُستمر والشّديد الكُلفة، أوّلاً، وبالسياسات الاقتصاديّة الفاشلة، ثانياً، ثم بأعباء التطوُّرات السياسية السلبيّة بل المُدَمِّرة التي عصفت بالمنطقة منذ سنة 2010.

وفاقم التراجع الاقتصادي والمالي في بلدان الخليج منذ بضع سنوات من حِدّة وقع التّطورات العاصفة أعلاه على المجتمع اللبناني الضعيف والهشّ. وعليه، كان لتراكم الأسباب السلبية تلك أن يبلغ ودونما إبطاء مستوى الأزْمة الحادَّة، ثم الانفجار. وهو ما حدث حقًّا.
ومع ذلك، وبالرَّغم من الأسباب الماديّة والتقنيَّة للأزمة الخانقة تلك، فإنَّ للأزمة الاجتماعيّة والاقتصادية والمالية الضاربة في مجتمعاتنا تحديداً أسباباً أُخرى، أكثر عمقاً، كما أعتقد، وهي باختصار، خروجنا، جماعاتٍ وأفراداً:

  • عن الطّبيعي نحو المُصْطَنَع،
  • عن العقل نحو الغرائز،
  • عن الـ ‘نحنُ’ الجامعة نحو الـ ‘أنا’ الفرديّة، المُقَسِّمة، والقاتلة،
  • عن التّضامُن والتّعاضُد والغيريّة نحو الانشطار الطّبقي والتّنافس الحادّ،
  • عن المبادئ والقِيَم الأخلاقيَّة والإنسانيَّة نحو ما هو مادّي ونفعي بالمعنى الضيّق،
  • وخروجنا، فوق ذلك كلّه، بل تمرُّدِنا على الله، وعلى كلّ شريعة سماويّة أو روحيّة، أو أخلاقيّة، كانت دائماً هي الضّامنة لحياتنا، وبخاصّة في مجتمعنا؛ حياة قائمة على الإيمان والفضيلة والرّضا والقناعة والتعاضد بين أفراد الأُسرة الواحدة والمجتمع الواحد.

تلك هي الثّروة الحقيقيّة لمجتمعنا وعائلاتنا والتي خسرناها يوم خسرنا إيمانَنا وفضائلَنا وإنسانيتنا ومَحبّتنا وتعاضُدنا، بعضنا مع بعضنا الآخر، والمُقتَدر فينا مع الأقل حُظْوةً وقدرة.

ونسأل على المستوى الميكروي الأصغر، بكثير من الصّراحة، هل مَنْ يوازن اليوم بين ما يُدْخِلُه، وما يُنْفِقُه؟ وهل الشبكة الاستهلاكيّة العنكبوتية الشيطانية التي انخرط فيها مُعظم مُجتمعنا، عائلاتٍ وأفراداً، هي حقّاً في باب الضّروري الذي لا يُستغنى عنه؟

وإلى أنْ نَجِدَ الجواب الصّحيح عن السّؤالين أعلاه، وإلى أنْ نستعيدَ ما فقدناه (في زمن العولمة الماديّة الاستهلاكيّة المُتَوحِّشَة) من إيمانٍ، ومحبّةٍ، وتعاضُدٍ، فلن نستعيدَ راحة البال، وطمأنينة الروح، التي كانت لنا، ولا الأمل بمُسْتقبل زاهرٍ نمنحُه لأبنائنا وجيراننا ولمجتمعنا بأسره…

الأزْمة الحقيقيّةُ، إذاً، هي أزْمة أخلاقيّة قبل أن تكون أزْمةً مادّيَّة: أزْمة الخَيارات السيّئة التي أخذتها مجتمعاتُنا في العقود الأخيرة، أو أُجبرت على أخذها، بعيداً عن العقل وعن الله والإيمان والمحبّة…

ما هو مطلوبٌ الآن:

لطالما عَصفت رياحُ الأزمات الصّعبة في أرجاء الكيان الوطني لِعِللٍ تُصيبُ النّظامَ السياسيّ فيه، وليس أوَّلها اضطراب العلاقات وتناقض الأدوار في مراحل مختلفة بين مكوِّناته، كما ليس آخرها الفجوة المُتفاقمة على الدوام في قلب الإدارة نتيجة إهمال الأخذ الصارم بمبادئ الفصل بين السلطات والتَّفعيل الحيويّ الدائم لأجهزة الرقابة والتفتيش والمساءلة.

اليوم، تتبدَّى الأزمة عن تصدّعات مَشهودة تُصيبُ الأسُس التي يجبُ أن تكون راسخةً للاستقرار الاجتماعي حيث إنَّ مؤشّرات الزلزال الاقتصادي لامَسَت الخطوط الحمراء وأكَّدت الحقيقة القاسية بإمكان تجاوزها إلى انهيار لا يَعْرِفُ أحدٌ بالغ مداه. وأقسى من ذلك ما تُرْهِصُ به التداعيات وأكثرُها تأثيراً مخيفاً هو الانهيار الفعلي للثّـقة عند فئاتٍ واسعة من الشعب بالأداء السياسيّ والإداري والمالي وما إلى ذلك من مؤسَّساتٍ.

لا مجالَ في أوقات الضِّيق المصيريَّة إلَّا في الحَثّ على روح المسؤوليَّة في كلّ المستويات. والمسؤوليَّة لا يرقى بجوهرها المعنويّ والإدراكيّ بل والأخلاقيّ إلَّا الالتزام الحكيم الرَّشيد والواعي السَّديد بمقتضيات الواجب الوطنيّ والإنسانيّ بل والضَّميريّ عبر المبادرة فوراً، كلٌّ في نطاقِه، إلى المساعدة في تحقيق التكافل الاجتماعيّ إلى أقصى حدود إمكاناته. ثمَّةَ أوضاع طارئة لا يُمكن أن تُعالَج بانتظار أن يُلْهَمَ من لهم شأن في الوضع الحكومي إلى الصَّواب، بل المُعَوَّل عليه في هذا الوقت، في أوساط مجتمعنا، هو التفاعُل الإيجابي الخلَّاق لكلِّ فعاليَّة اجتماعيَّة شخصيَّة وبلديَّة ووطنيَّة عامَّة قادرة على العطاء أو المبادرة إليه عبر خطط ميدانيَّة فوريَّة واقعيَّة ومدروسة وفعَّالة، مع البيئات المحليَّة والأوساط الواقعة تحت وطأة الصُّعوبات الاقتصاديَّة، للقيام بما يتوجَّب علينا جميعاً القيام به، وهو الخدمة النزيهة، والمساعدة وفق الإمكان، ودعم كلّ الآليَّات الناتجة في هذا المجال لرفع الأعباء، وتخفيف وطأة الأزمة وما يُمكن أن يتولَّد عنها عن مجتمعنا.
ونرى، ولله الحمد، خُطواتٍ لها شأنها في هذا القصد، من قيادات ومؤسَّسات وحتى أفراد، والمطلوب الدَّفع نحو دورة متكاملة في كلِّ البنى الاجتماعيَّة التي لها دورها من دون أدنى شكّ، من الجمعيَّات في كافَّة المناطق، إلى المجالس، إلى الأندية والرَّوابط العائليَّة وما شاكلها. إنَّ الأمرَ الطارئ يعلو فوق كلِّ غرضيَّة، فالخيْر لا نسبة له إلَّا الخيْر عينه. والواجب أن يرتبط كلّ نشاط لكلِّ مبادرةٍ خَيِّرة بالنزاهة والمصداقيَّة العمليَّة والقصْدُ المُخْلِص هو خشبة خلاصٍ مهما قَست الظروف واشتدَّت العواصف.

إنَّ السَّعي في هذا السَّبيل هو أمرٌ مُبارَك، مرتبطٌ بكلِّ قِيَم الخير والمعروف والشهامة والمروءة التي طالما كانت ذخيرة الموحِّدين في كلِّ الأزمنة. إنَّ مجتمعنا، خصوصاً في الأوساط المتعثِّرة اليوم، بحاجةٍ إلى نور هذا الأمل عبر النتائج العمليَّة لـ «نَخْوَة الخير». وكم تعظُم بَرَكةُ هذه الحركة أمام ما يُضادُّها من التباسات وشائعات. إنَّ النقـدَ السليم هو نقد يتوخَّى الخيْر الأفضل، لكنَّه إذا بُنِيَ على افتراءات وأغاليط وظنون وأحقاد فإنَّه لا يعدو كونه معاول هدمٍ في زمن كالح. ولا يجب في كلِّ حال أن يكون هذا الخِيار عند البعض عائقاً أمام أيّ عملٍ إيجابيّ بنَّاء خَيِّر. ولا أمرَ أفضل أمام الله تعالى يوم الحق من العمل الصالح في سبُل الخيْر.

الضُّحى بين العُنوان والمُحتوى

بسم الله الرحمن الرحيم

تيمُّنًا بالذِّكر المبارَك ما جاء في الكتاب المُحكَم: (والضُّحى والليلِ إذا سجى, ما ودَّعك ربُّك وما قَلى, وللآخِرَةُ خَيرٌ لك من الأُولى, ولَسَوف يُعطيك ربُّك فترضى…)  صدق الله العظيم

الحمدُ لله ربِّ العالمين على عظَمته نتوكّلُ، وبجلالته نستعينُ, ونصلّي ونسلِّم على أشرف خلقه أجمعين.

من نِعَم مولانا العَلِيّ القدير أنْ حملت الضُّحى المجلَّة الفصليّة مُحْتَوًى يُقْرَأُ من عُنوانه. فمُنذ عشرات العقود وهي ولّادة, يتنفّس من خلالها التاريخ, ومَنْ يمتلكُها في حَوْزَته مُنْذُ صدور عددها الأوّل يدرك حقيقة وجدانيّة أهميّة الدّور الذي أدّته في بيئة الموحدين الدّروز مُنذُ تأسيسها بشكل خاص, وعلى الصّعيد الوطني بشكلٍ عام، وقد انعكس مردودُها الفكري على جميع شؤون حياة النّاس في شتّى المجالات الدينيّة والوطنيّة والاجتماعيّة والإنسانيّة والعلميّة والفكريّة, حيث تتبلوَرُ على صفحاتها ثقافات الشعوب وعلومهم وحضاراتهم, وهي بحد ذاتها مشروعٌ حيويٌّ مُشَكِّلٌ لأنماطٍ واعيةٍ تُعبِّر عن مسيرة المُجتمعات من خلال مكوِّناتها التي تبلورت فيها صفاتُها وخصائصُها المتشكِّلةُ عبرَ الزَّمن، والتي بدورها تُسْهمُ في بروز شخصيتها الاعتبارية, وتُحَدّد هُوِّيَّتَها وتستعرضُ حياتَها اليوميّة وحاجاتِها وتصبغها بطابَعها حسب عوامل تكوينها, وأصول مقوّماتها المستقبليّة التي تُعرَفُ بها كوجود يساهم في بناء حضارة مدنيّة قائمة على الأفضليّة في التَّميُّز البشريّ, حيث تقوم الحضارة على المعادلة الأخلاقيّة في تكوين المجتمعات واستقرارها وضمان استمرارها لتأخذَ مكانَها بين الأُمم والشُّعوب. وهنا يتوقَّف تحديد الشخصيَّة وبروزها حسب المُعطَيات التي تملكُها وتقدّمها للحياة.

ونحن اليوم كطائفة مُوَحِّدة تحكُمنا الانتماءات للمكوّنات التي فرضتها الأحداث الدَّولية على الأمّة وطالتنا أسبابُها ودوافعُها ونتائجُها, فغَدَوْنا تحت هُوِّيَّات لا تسمحُ لنا الخوض في مجالاتها حسب الخصائص المُلزمة بأدبيّات النُّظُم والاستقلال والقوانين التي تدعونا إلى احترامها والتقيُّد بها وبأنماطها المحكومة بالظروف لكلِّ مُكَوَّنٍ نحن فيه, والذي بدوره لم يقدِّم الوسيلة التي تحترم تلك الخصائص حيث ننظر إلى خصائصها نِظْرَةً واقعيّة وموضوعية لأنها حالة بنائية ضرورية تلتقي فيها تلك الخصائص كلوحة فُسَيفسائية تُحقّق جمال المجتمع بألوانه المنسجمة بترابط وطني يقوم على العدل، والاحترام المُتَبادَل وبها تتكامل الشخصيّة الوطنية ضمن كلِّ مكوَّنٍ حيث يتمُّ التعاون البنائي لكلّ فئات الشعب وشرائحه وتعدّدِيّاته. من هنا جاءت الضُّحى منطلقةً من الفكرة التوحيديّة على وجه الخصوص والعموم بالتَّنسيق بين المحتوى الذي يقوم على الرابط الوثيق في تأدية المطلوب بوضع المسألة الوطنية والإنسانية في محتواها، وجعلها قضية أساسية، وهذا ما حصل.

وبكلّ تأكيد وحسب متابعتنا لمحتويات الضُّحى المتنوّعة وإخراجها المُمَيَّز ومستواها الرفيع وليس على الصعيد اللّبناني فحسب، بل انطلقت لِتَعْبُرَ الحدود عربيًّا وإسلاميًّا ومسيحيًّا وإنسانيًّا، والدليل على ذلك تلك العناوين المتنوّعة والثَّرِيَّة في طرح خصائص أهلِها وتعميم دورهم الحضاري والفكري والدُّخول إلى التاريخ من أوسع أبوابه.

وبِدَوْرِنا وبشكلٍ خاص ومن خلال موقعنا في مشيخة عقل الطائفة الدرزيّة في الجمهوريّة العربية السورية نَرى أنّ كلَّ إنجازٍ حضاريّ يخدم مؤسّساتنا في أيّ بلد شقيق هو انجازٌ لنا جميعًا.

إنّنا وبكلِّ تقدير، نَغْبط أهلنا وإخوتنا في لبنان ونخصّ القائمين والمشرفين على مجلَّة الضّحى ونقدِّر جهودهم قائلين لهم إنّ الاهتمامَ المعرفي والإعلامي يستحقُّ كامل الاحترام لأنَّنا أحوج ما نكون إليه في مواجهة صعوبة زماننا وإخراجنا من ضيق الأزمات الفكريّة والمضلَّلة، وتلاقُح التقليد الأعمى, والاستهداف الذي يتناولنا أينما ثُقِفْنا على امتداد تواجدنا.

فالواجب علينا أن نُقَدِّر العواقب بالوقوف على الحقائق المصيريّة المبنيّة على تغليب العقل والحكمة في مواجهة الأعداء التي تعترضنا لأنّنا أدرى بشعابنا, وأعرف بأوضاعنا, وما يدور على الساحة يدعونا إلى ضبط النفس والعمل الدؤوب على وحدة الكلمة والمحبّة واتّقاء الفورة وقمع الفتنة, واتِّخاذ الحيطة والحذر.
ونُهيب بكلّ وسَط إعلامي أن يتواصل مع الأكفاء من قادتنا وشيوخنا وأهل الفضل والعِلم ليقوم كلٌّ من جانبه بمواجهة ما يعترضنا من تطوُّرات ومفاجآت.
ولنعلم جميعًا أنَّ من خصائصنا إملاءات حدّدها المولى تعالى مُنْذُ النُّشوء والتكوين, وقدّمها لنا على كفّة الوعي بمعادلة الحقائق المبنيّة على الصّدق والمعرفة في مطابقةٍ بين آداب الحياة والمسالك الروحانيّة وبها تستقيم لنا الحياةُ الصّالحة.

هذا ما نـأملُه من مجلَّة الضُّحى ومن كلِّ وسط إعلاميٍّ أن تبقى كما عوَّدتنا دائماً، فهي إصدارٌ قيّمٌ، وكتابٌ دَوْرِيٌّ مفتوحٌ أثرى المكتبة التوحيديّة، وتُحْفَةٌ تاريخيَّةٌ ذاتُ هدفٍ نبيلٍ، وهي اسمٌ على مُسَمًّى؛ ذهبيةُ المُحتَوى غنيَّةُ المضمون.

شكرًا للقائمين عليها واللهُ وليُّ التَّوفيق.

مستشفى عين وزين الجامعي

تُعَدُّ المؤسسة الصحيّة للطائفة الدرزيّة أو ما يُعرف اليوم بـ مستشفى عين وزين من أهم الصّروح الطبيّة في الجبل بشكل خاص، وفي لبنان بشكل عام، إنْ من حيث الموقع في قلب الجبل، أو من حيث المستوى الطبّي التخصّصي والأكاديمي المتطوّر. ويعود الفضل الأوَّل في إنشاء هذه المؤسسة الصحية الجامعة إلى المغفور له سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز المرحوم الشيخ محمّد أبو شقرا صاحب الأيادي البيضاء في إطلاق المشاريع والمؤسسات التي تعود بالنفع العام لطائفة الموحدين الدروز، وخير مثال على أعماله الخيّرة في هذا المجال مبنى دار الطائفة الدرزية في فردان، واستحداث بلدة المعروفية إلى الشرق من مدينة الشويفات، والتَّوسعة الكبيرة لمقام النبي أيّوب عليه السلام في جبل نيحا. فكما تولد الأفكار الخيّرة من رحم المعاناة والحاجة الملحّة لها، هكذا وُلدت لدى الشيخ محمّد فكرة إنشاء المؤسسة الصحية التي انطلقت في الأساس من إصراره على بناء دار لـ “العجزة” من أبناء الطائفة الذين لا مُعيل لهم ولا سند، بعد تلمُّسِه الحاجة الماسّة لتلك المشاريع التي تُعنى براحة المسنّين والمتقدّمين في العمر ممَّن يفتقرون إلى الاحتضان والرعاية الصحية والاجتماعية عندما يصبحون في خريف العمر، فلا يجدون الحاضنة التي توفر لهم الراحة والأمان في شيخوختهم وتعوّضهم قساوة الحياة وشقاوة الأيام. فلقد آن لهم أن ينعموا بالدّفء و الهدوء والسلام.

مراحل التأسيس

تأسّست جمعية أمناء المؤسسة الصحية بموجب العلم والخبر الذي يحمل الرقم 133/ أ.د الصادر عن وزارة الداخلية بتاريخ 17 آب 1978 وتألّفت من: الشيخ محمّد أبو شقرا رئيساً، وخالد جنبلاط نائب رئيس، وعبّاس الحلبي أميناً للسر، وسعيد عبد اللطيف أميناً للصندوق، وحسيب رسامني محاسبًا، وفريد أبو شقرا، ونبيه أبو شقرا، والدكتور سهيل الأعور، وأنور الخليل، وبهجت غيث، وفؤاد ذبيان، والدكتور محمود ربَح والدكتور صلاح سلمان أعضاء.

بعد وضع حجر الأساس للمؤسّسة في 7 تموز 1978 وإنهاء أعمال البناء، تمّ استقبال أوّل مُسنّ في دار العجزة في 9 أيلول 1989 واستُبدل اسم الدار باسم مركز رعاية المسنّين.

تحتلّ المؤسّسة مركزاً ريادياً على الخارطة الصحية الوطنية، وهي مؤسسة لجميع اللبنانيين، وتحمل رسالة إنسانية وعلمية، أثبتتها بالممارسة في مختلف ميادين عملها.

يعمل في المستشفى حاليّاً نحو مئة وثلاثين طبيباً من كافة الاختصاصات، ونحو 550 موظفاً، ويحتوي على مئتي سرير موزّعين على اثنتي عشرة دائرة طبّية هي:

  • دائرة الطب الداخلي وتضم مجموعة أقسام.
  • دائرة أمراض القلب.
  • دائرة الجراحة.
  • دائرة الجراحة والتوليد.
  • دائرة الأطفال والعناية الفائقة لحديثي الولادة.
  • دائرة الطوارئ.
  • دائرة الإنعاش والتخدير وقسم العمليات.
  • دائرة المختبر.
  • دائرة الأشعّة.
  • قسم طب وجراحة العيون.
  • دائرة العيادات الخارجية.
  • دائرة الشيخوخة.
  • قسم الغيبوبة والعناية الفائقة.
  • قسم العلاج بالأشعة
  • مركز العناية المنزلية.

    مبنى المستشفى الرئيسي
أكاديميّاً

إضافة إلى دورها في مجال الخدمات الطبّية والصحية التي تقدمها، تحتل المستشفى موقعاً رائداً على الصعيد الأكاديمي والعلمي، ومقصداً للمؤتمرات العلمية والوطنية لتتماثل مع المؤسسات الاستشفائية الجامعة. وقد تجلّى هذا التطوّر في إنجازات عديدة أهمّها:

أ – على الصعيد المحلّي

– إقامة برنامج تعاون مع:

    1. قسم طب العائلة ودائرة الطب الداخلي – مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت.
    2. قسم المختبر والتغذية – جامعة اللويزة.
    3. دائرة طب العائلة – جامعة القديس يوسف.
    4. جامعة البَلَمَند لتدريب طلاب كليّة الصحة العامة وعلومها.
    5.  توقيع اتفاقيّة تعاون مع الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم لتدريب الطلاب في اختصاص التغذية.
    6.  توقيع اتفاقية تعاون مع الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم لتدريب الطلاب في اختصاص العلوم المخبرية.
    7. استحداث شعبة للعلوم التمريضية تابعة لكليّة الصحة في الجامعة اللبنانية في العام 1993 لتتحوّل سنة 2009 إلى فرع جامعي ( كليّة الصحة العامة – الفرع السادس).
    8. استحداث مدرسة عين وزين للتمريض في حزيران 1977 لتصبح في 11 – 10 – 2001 معهد التمريض/ مستشفى عين وزين بموجب مشروع مشترك رقم 67 مع وزارة التربية والتعليم العالي.
    9. توقيع اتفاقية تعاون مع كليّة العلوم الطبية الجامعة اللبنانية – 2011.
    10. توقيع اتفاقية تعاون مع مركز الباروك للرعاية الصحية.
    11. إقامة المؤتمرات الطبية المُتخصّصة بالتعاون مع مختلف الجمعيات الطبية اللبنانية.
    12. المشاركة في الدراسات الوطنية وطرح المعلومات والإحصاءات المتوفرة لديها للمساهمة في توحيد المعايير ومؤشرات الجَودة LHQPSS.
    13. الدَّور الذي تلعبه المؤسسة بالتنسيق مع نقابة المستشفيات ونقابة الأطباء، ونقابة الممرضين والممرضات وغيرها من النقابات العامة في القطاع الصحي.

      قسم طب الأطفال

ب – على الصّعيد العالمي:

    1. توقيع معاهدة توأمة مع مركز فرساي الاستشفائي في الخامس من آب 1992.
    2. توقيع اتفاقية تعاون مع جامعة لافال الكندية.
    3. توقيع اتفاقية تعاون مع centerehospitalier du pays d,aix-bouchesduRhone –chouf.
    4. توقيع اتفاقية تعاون مع تجمّعات مستشفيات باريس الحكومية
    5. توقيع اتفاقية تعاون في العام 2004 مع مستشفى Broca التخصصي بطب الشيخوخة.

يضم الفرع السادس اختصاصات العلوم التمريضية منها: الإشراف الصحي الاجتماعي، والعلاج الفيزيائي، بالإضافة إلى ماستير في طب الشيخوخة حيث كان مسجّلاً في العام الجامعي 2018 – 2019 نحو 270 طالباً.

كذلك وقّعت المؤسّسة اتفاقيّة تعاون مع وزارة الصحّة لتشغيل مركز بيت الدين الصحي اعتباراً من 1 – 5 – 2019 وذلك انطلاقاً من أهدافها الاستراتيجية التي من شأنها تعزيز موقع المؤسسة في القطاع الصحي وفي المجتمع، من خلال تنمية علاقات التعاون مع المستشفيات والمراكز الصحية الأولية في المنطقة والجوار، لتأمين الخدمات الصحية والاجتماعية لكافة فئات المجتمع بأقل تكلفة ممكنة وفقاً لمواصفات وزارة الصحة العامة لمراكز الرعاية الصحية الأولية، ومعايير الجَودة.

كان الشيخ محمد أبو شقرا يردد دائماً على مسامعنا في السر والعلن بأنه لن يرتاح له بال، إلى أن يعينه الله ويمكّنه من بناء دار لراحة المسنين الدروز، أسوة بباقي المرافق المماثلة في الطوائف الأخرى، فوجود هكذا صرح بالنسبة له كان ضرورة مُلحَّة.

تقنيّاً

يمكن القول إنّ المستشفى تعتمد على مكننة العمل الإداري، المالي، الطبي والتمريضي بشكل كامل اعتباراً من 1-6-1999 حيث بدأ العمل بتطبيق برنامج المعلوماتية الخاص بالمؤسسة sina وقد تطوّر هذا العمل ليشمل كافة أجزاء الملف الطبي.

اجتماعياً

تأكيدا على الدور الذي تلعبه المؤسسة استُحدث مكتب للشؤون الاجتماعية مهمته:

  1. تأمين الأدوية للمرضى ذوي الحاجة إمّا عن طريق صيدلية المستشفى أو عبر تحويل المريض إلى مؤسسات المجتمع المحلّي ( مستوصفات – جمعيات) بعد التنسيق معها لتأمينها بسعر رمزي.
  2. الحسم المادي على قيمة الفاتورة الاستشفائية.
  3. تأمين معدّات طبيّة على اختلاف أنواعها ( فرشة ماء walker كرسي متحرك سرير طبي – عكازات) لناحية شرائها أو استئجارها أو الحصول عليها بشكل مجّاني حسب الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمريض.
  4. التنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة للاستفادة من خدماتها.
  5. التحويل إلى مؤسّسات تأهيلية رِعائية ومهنيّة عند الحاجة.
  6. التواصل مع المريض ومساعدته للتغلّب على المشاكل التي تعيق تكيّفه مع بيئته بالتعاون مع أهله.
  7. الاتّصال والتنسيق مع الصليب الأحمر أو الدفاع المدني لنقل المرضى.
  8. متابعة البعض من المرضى للتأكد من متابعة العلاج بعد خروجهم من المستشفى.
  9. تنظيم برامج تثقيفية للمرضى داخل المستشفى.

مبنى المستشفى الرئيسي

“الضحى”زارت مستشفى عين وزين أو المؤسسة الصحية والتقت القيّمين على ادارتها وشؤونها، وبالأخص أولئك الذين واكبوا انطلاقتها وصولاً إلى ما هي عليه اليوم من التطور والشهرة، وخلصت منهم إلى الحقائق التالية:

الشيخ نبيه أبوشقرا لـ “الضحى”:

عن المراحل الأولى لبناء المؤسسة، حدَّثنا الشيخ نبيه أبو شقرا النجل الأكبر لسماحة شيخ العقل الراحل محمّد أبو شقرا، والعضو الدائم لمجلس الأمناء فيها، وهو المواكب لغالبية المشاريع الخيّرة التي تحققت على يد الشيخ الأب المعطاء. حيث إنّ فكرة بناء دار لراحة المسنين، كانت تراود والده طوال عقدين من الزمن، وتحديداً بعد الانتهاء من بناء دار الطائفة الدرزية في بيروت، في منطقة فردان الأكثر رقياً وقرباً من العائلات الدرزية المنتشرة في أحيائها منذ أيام الإمارتين التنوخية والمعنية، ومن ثم الشهابية وصولاً إلى يومنا هذا، فقال: بعد التوسعة الكبيرة التي تولى الوالد تنفيذها في مقام النبي أيوب عليه السلام، وتحويله من حجرة متواضعة في قلب الجبل، إلى ما هو عليه اليوم من هالة قدسية قلّ مثيلها في هذا الشرق، ما جعله قبلة للمؤمنين من كل المناطق، وملاذاً للمستضعفين والمسترشدين بصبره وبركته، والمهتدين به لتقبل نذوراتهم بخشوع وأمان.

فإلى جانب التوسعة لهذا المقام، أسس الشيخ محمّد بلدة المعروفية، لإيواء النازحين الذين تشردوا بقوة السلاح على أيدي أزلام السلطة في العام 1957 من مخيم وطى المصيطبة، فقد كان يردد دائماً على مسامعنا في السر والعلن بأنه لن يرتاح له بال، إلى أن يعينه الله ويمكّنه من بناء دار لراحة المسنين الدروز، أسوة بباقي المرافق المماثلة في الطوائف الأخرى، فوجود هكذا صرح بالنسبة له كان ضرورة مُلحَّة. وبالأخص بعد أن كانت تَرِدُه العديد من الاتصالات عن وجود بعض المسنين الدروز في دور الرعاية الإسلامية والمسيحية، ولا من يزورهم أو يسأل عنهم. كانوا يَحارون ماذا يفعلون بهم. فكم كان يعتصره الألم لسماعه مثل هذه الأخبار المزعجة. وكم كان يتعجّب كيف أنَّ الأرمن الذين لم يمضِ على وجودهم في لبنان بضعة عقود من الزمن، كانت لديهم مؤسساتهم الصحية والرِّعائية.

أمَّا الدروز الذين هم أساس في هذا البلد، ما زالوا يفتقرون إلى مثل هذه المؤسسات. علماً أنّ زعماءهم من أمراء وشيوخ وبكوات، وهبوا الكثير من الأراضي للطوائف الأخرى، ليقيموا عليها كنائسهم وأديرتهم وصروحهم الرعائية والاجتماعية، بينما الدروز ليس لديهم أي شيء منها، وهذا لا يليق بسمعتهم كطائفة تعتدُّ بنفسها، على أنّها من الدعائم الأساسية في هذ الوطن. لكن قيام هكذا مؤسسات دونه عقبات كثيرة، أبرزها توفير المال اللازم للبناء والتجهيز وتظافر لجهود الخيرين. ولكن متى وُجدت الإرادة والتصميم سهل كل شيء. ويستذكر الشيخ نبيه أنّ فكرة إنشاء دار لراحة المسنين، سرعان ما تحوّلت إلى ما هو أوسع وأشمل، ليتمّ الاتفاق بعد ذلك على بناء مستشفى كبير، ومن ضمنه دار للمسنين. لكن الآراء تضاربت في البداية حول الموقع، بعضهم اقترح أن يكون المستشفى في الساحل، مُحَدّداً منطقتَي خلده أو الشويفات لإقامة هذا المشروع. والبعض الآخر فضّل أن يكون المستشفى في قلب الجبل وتحديداً في منطقة بقعاتا – عين وزين. لأنّ وجودها في هذه المنطقة يكتسب أهميّة خاصة. سيّما وأنّ المعلم الشهيد كمال جنبلاط سبق له وأسّس مدرسة ومستشفى العرفان في سهل السمقانية، ونزولاً عند رغبة أهالي المنطقة ومباركة الشيخ أبومحمّد جواد ولي الدين والعديد من المشايخ المهتمين، وبموازاة ذلك، كان من المفيد بناء المستشفى المُرتقب في هذه المنطقة نظراً للحاجة الماسّة لها، وخاصة إبّان الحرب الأهلية وسقوط العديد من الحرحى والمصابين من أبناء الجبل. وكان المطلوب قبل كل شيء تأمين قطعة الأرض المناسبة لهذا المرفق الهام. وبعد التشاور والمداولات اتُّفِق أن يكون المستشفى في نطاق بلدة عين وزين لأهميّة المكان والموقع.

عندها انبرى الخيّرون من أهالي عين وزين والجديدة- بقعاتا لتقديم ما عندهم من أراض علّها تصلح لقيام هذا المشروع. ولا ينسى الشيخ نبيه الإشارة إلى الشيخ أبو نعمان اسماعيل الحسنيّة الذي كان أوّل المتبرّعين، لكنّ قطعة الأرض التي تبرع بها لم تكن مستوفية الشروط المطلوبة. ثم تلاه الشيخ أبو سامي محمّد الحسنية الذي تبرع بأرضه، التي لاقت استحساناً من قبل الجميع، كما حظيت بموافقة مهندس المشروع نظراً لوجودها إلى الغرب من البلدة وعلى تلَّة مشرفة. وهكذا كرَّت سُبحة المتبرعين بأراضيهم. يذكر منهم الشيخ علي نعيم الفطايري، والأخوين سعيد وسليم الحسنية، إذ بلغت مساحة العقار نحو 27 ألف متر مربع. ولقد ساهم أهالي عين وزين أيضاً بإيصال الطريق إلى المكان المذكور من أكثر من جهة. وانطلاقاً من تظافر هذه الجهود الخيّرة والنوايا الحسنة، حدّد الشيخ محمّد موعداً لوضع حجر الأساس في السابع من تموز 1978 وشكّل لهذه الغاية لجنة حجر الأساس التي تحوّلت بعد ذلك إلى عدّة لجان وساهمت بجهد كبير لإنجاح ذاك اليوم التاريخي.


قسم العلاج الفيزيائي

الحلبي لـ الضحى: اليوم نحتفل بمرور 30 سنة على بدء العمل في المستشفى ودار المسنين

رئيس مجلس الأمناء القاضي عبّاس الحلبي، عبّر في حديثه مع “الضحى” عن سعادته لبلوغ مستشفى عين وزين الجامعي هذا المستوى من التقدّم في المجال الطبي، ومعالجة المرضى وشفائهم. وعن التطور المُستدام لدار المسنّين الذي لا يضاهيه أيّ مركز مماثل في لبنان، من حيث الرعاية والاهتمام بالمسنين الذين أضحَوْا في خريف العُمر، متناولاً المراحل التي قطعها المستشفى منذ اليوم الأول لتأسيسه، وهو يضم داراً للمسنين، وفرعاً للجامعة اللبنانية – كليّة التمريض التي ترتبط بوزارة الصحّة، ومركزاً جديداً لأشعّة السرطان.

الحلبي لفت إلى العلاقة المُمَيّزة والصداقة المتينة التي كانت تجمعه بالشيخ محمّد أبو شقرا، فلقد كان يسند إليه بالكثير من المهام المتعلّقة بشؤون مشيخة العقل، باعتباره من الرعيل الأول الذي واكب عملية التحضير لبناء المستشفى مشيراً إلى تطوّر هذه العلاقة وتأطُّرها حتى أصبح لديه نقطة ضعف تجاه الشيخ محمّد إذ كان يواظب على زيارته باستمرار في دار الطائفة، وكان سماحته يحيطه بعاطفة خاصة كما قال.

لقد كان القاضي الحلبي في ذلك الوقت ناشطاً في الحقل العام، ومعروفاً في الوسط الدرزي.كما كان يشغل منصب رئيس لرابطة العمل الاجتماعي. وعندما تبلورت فكرة بناء المؤسسة الصحية تم تعيينه أميناً للسرّ في مجلس الأمناء الذي كان يرأسه الشيخ محمَّد. بحُكم هذه العلاقة التي أشار إليها، واكب القاضي الحلبي كل عملية التأسيس منذ البداية ولغاية تاريخه. من اختيار العقارات، إلى وضع حجر الأساس، إلى كل المراحل التي تلت بناء المؤسسة وتوسعها حتى فترة الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982 حيث توقَّف فيها العمل، بعد أن احتلّت إسرائيل المبنى وعبثت بمحتوياته. وبعد انسحابها منه اضطررنا لإعادة التأهيل والتعويض عن التجهيزات التي تضرّرت إلى أن انقضت هذه المرحلة. وأضاف في العام 1989 “باشرنا العمل في القسم الأوّل من المستشفى المتخصص بغسل الكلى، ثم مركز رعاية المسنين قبل أن يتحوّل إلى المركز الصحي للمسنين. ففي تلك السنة بدأنا باستقبال العدد الأول من العجزة وكبار السن، وقد استمريت كأمين للسر حتى سنة 2010 حيث انتُخبت رئيساً لمجلس الأمناء…” وما زال القاضي الحلبي يشغل هذا المنصب إلى اليوم. هذا المجلس يتشكل من 12 عضواً بعضهم توفاه الله، وبعضهم استقال لأسباب صحية، فتم تعيين بديلاً عنهم. والأعضاء الحاليون هم: عباس الحلبي رئيساً، عصام مكارم نائب للرئيس،مالك أرسلان أمين للسر، نبيه أبو شقرا وهو من الرعيل الأول وقد ترافقنا معاً طيلة 40 سنة إلى جانب داوود صبح وأكرم صعب وسعيد عبد اللطيف، ووجدي أبو حمزه، والدكتوربهاء نور الدين والدكتور صلاح زين الدين، وغسان عسّاف وفايز رسامني.

وعن عمل مجلس الأمناء، أشار القاضي الحلبي، أنّ المجلس هو المشرف على المؤسسة، ويتولّى وضع الخطط الاستراتيجية لها، ويقرّر الميزانية ويحدد سياساتها وقرارات توسيعها. كما ينظر بطلبات شراء التجهيزات الكبيرة، ويقرّر الخطط الخمسية المعتمدة، وهو المرجع الأول في المؤسسة. وينبثق عنه مجلس إدارة مؤلف من خمسة أعضاء وهو برئاسته أيضاً. أمّا الهيئة التنفيذية فهي تُعنى بإدارة المستشفى، وكل ما يتعلق بالعمل والإنفاق إلى جانب تنفيذ قرارات مجلس الأمناء.

مجلس الأمناء يعقد أربعة اجتماعات في السنة، أمّا الهيئة التنفيذية فتعقد اجتماعاتها كلَّ شهر، وهي تخضع لسلطة هيئة الإدارة والمدير العام. ومن القرارات المهمة التي اتخذها مجلس الأمناء هي بناء قسم جديد للمستشفى وإعادة تأهيله، وتتولّى الهيئة التنفيذية تنفيذ العمل. كما اتّخذ المجلس قراراً بتشكيل مجلس إدارة لمستشفى الجبل، وتعاونُنا معهم يقوم على علاقة ثلاثية مع مجلس الإدارة ومؤسسة كمال جنبلاط كونها الجهة المالكة. والمجلس يوفّر التمويل لتغطية جزء من نفقات التشغيل أمّا النفقات الأخرى فهي على عاتق إدارة المستشفى.


النفق الذي يربط مبنى المستشفى الأساسي بباقي المباني

الدكتور حسن أمين البعيني

الباحث الدكتور حسن أمين البعيني مؤلّف كتاب الشيخ محمّد أبو شقرا – فصول من التاريخ في مسيرة علم، وفي الفصل الثاني عشر من كتابه وتحت عنوان “رجل البناء” بيّن بالتفاصيل والأرقام والتواريخ كل المراحل التي قطعها مشروع بناء المؤسسة الصحية بدءاً من ولادة الفكرة لدى الشيخ أبوشقرا إلى إنشاء جمعية (مشروع اللّيرة الخيري) إلى توقفها واستئناف نشاطها بعد انتخاب المحامي معضاد معضاد رئيساً لها ومباركة الشيخ محمّد وتحويل الاسم إلى (جمعية مستشفى الطائفة الدرزية) والشروع في جمع التبرعات، والإتفاق على بناء المستشفى في نطاق بلدة عين وزين بعد التبرّع بالأرض من قبل الخيّرين من أمثال الشيخ أبو سامي محمّد الحسنية، والشيخ علي نعيم الفطايري، وسعيد وسليم الحسنية، منطلقاً لتحقيق هذا الحلم الكبير من تحويل المساعدة التي تلقاها سماحته من المحسن المغترب إلياس شربين وكانت بقيمة 50 ألف دولار إلى بناء هذا المشروع. ويشير الدكتور البعيني أنَّ الشيخ محمّد أطلق في 20 كانون أول 1977 نداء إلى معشر الإخوان يقول فيه: إنّ المؤسسة الصحية للطائفة الدرزية حلم راود الأفكار منذ عشرات السنين وهي ضرورة لا بدّ منها ولا غنى عنها. واليوم بدأ الحلم الذي راودكم من سنين يتحقق. معلناً بداية العام 1978 موعداً للبدء بتقبل التبرعات لدى مكتب مشيخة العقل في دار الطائفة الدرزية وبواسطة لجان ومعتمدين لقاء وصولات رسمية. محدداً السابع من تموز موعداً لوضع حجر الأساس. مشكّلاً لهذه الغاية ثلاث لجان: لجنة وضع المنهاج، ولجنة التنظيم والمراقبة، واللجنة المالية. ويلفت المؤلف إلى مجموع التبرعات في يوم الاحتفال بوضع حجر الأساس فقد بلغت أربعة ملايين ليرة لبنانية.

بعد ذلك طلب الشيخ محمّد تأسيس جمعية مجلس أمناء المؤسسة فضمّت السادة: فريد أبو شقرا سعيد عبد اللطيف نبيه أبو شقرا، وهي جمعية لا تبغي الرّبح. بعد صدور العلم والخبر من وزارة الداخلية وبناء على القانون الأساسي للمجلس، اختار الشيخ محمّد أعضاء مجلس الأمناء وبوشر بإعداد الممرضين والممرضات في تشرين الثاني 1979. وعلى صعيد الدول المتبرعة للمؤسسة كانت المملكة العربية السعودية في مقدمة المتبرّعين، فقد نقل سفيرها آنذاك الفريق أوّل علي الشاعر رسالة إلى الشيخ محمّد مُرفقة بشيك بقيمة خمسة ملايين ليرة لبنانية. وفي 11 – 4 – 1981 تم تلزيم هياكل مباني المؤسسة. وهي دار العجزة، والمستشفى، والعيادات الخارجية، ومسكن الأطباء والممرضين وفي حفل غداء أقيم في دار الطائفة أعلن الشيخ محمّد أن مجموع التبرعات قارب العشرين مليون ليرة. وفي اجتماع عُقد في المختارة بحضور وليد بيك وشيخ العقل والأميرة خولا أرسلان في 8 ه 6 ه 1986 أبلغ خلاله الشيخ محمّد المجتمعين، أنَّ مجموع التبرعات بلغ 32 مليون ليرة و351 ألف دولار وهذا المبلغ هو أقل بكثير من المبالغ المقدرة لتجهيز المؤسسة بالمعدات التي قدرت بـ أربعة ملايين دولار. وبعد اكتمال التجهيزات الأساسية للمؤسسة دعا مجلس أمنائها إلى المشاركة بافتتاحها في 4 حزيران 1989.


المركز الطبي للمسنين

فماذا يقول القيّمون على عمل المؤسّسة الصحية اليوم؟

الدكتور شوكت البعيني

مدير مركز رعاية المسنين الدكتور شوكت البعيني، أوضح في حديث لـ “الـضحى” بأن المركز يقدم الرعاية لكبار السن مع التقديمات وخدمات الرعاية، ومن الطبيعي أن تكون صحة المسنين جيدة. وهو يستوعب بحالته الحاضرة 75 سريراً بين نساء ورجال، ولكن المنطقة بحاجة لأكثر من ذلك، وليس لدينا أسرّة تفرغ بسهولة، وتبقى هناك لائحة انتظار للناس الذين تقدّموا بطلباتهم يعتمد بشكل رئيسي على دعم المستشفى من دواء ومختبر وأشعة وتنظيفات، وإنّ كلفة المسن على الورقة والقلم تتراوح بين 1000 و1300 دولار أميركي، بينما وزارة الصحة تساهم بـ 500 دولار عن المُقعدين فقط. كما أنّ وزارة الشؤون الاجتماعية تساعد بـ 300 دولار فقط. وبالتالي هناك فرق يصل إلى 800 دولار. وهناك كسر ما بين 30 و50 ألف دولار في الشهر يتولّى المستشفى تسديدها. بينما الناس تعتقد أنّ هذه الخدمات تُقدَّم مجاناً، ولو كان الأمر كذلك لكنّا أقفلنا المؤسّسة، ولا ننسى أنَّ فكرة قيامها هو دار العجزة. وبالتالي فإنَّ القيّمين عليها يرفضون إقفال هذا القسم. ولكي تكون الخدمات مجّانية، يفترض أن يكون هناك تبرعات بمبالغ مقبولة فالتبرعات التي تُقدّم للمؤسّسة متواضعة جدّاً. ولو كانت لدينا تقديمات أو هِبات كتلك التي تصل إلى المؤسسات المشابهة لكانت الرعاية مجانية،ولكن للأسف هذا ما نفتقر إليه. أمّا بالنسبة لشكاوى الناس، قال البعيني: من الطبيعي أن يكون هناك شكاوى لأن الأَسرَّة التي تفرغ ليست بحجم الطلب عليها، ونحن بصدد توسيع المركز من خلال المبنى الجديد الذي سيضم 75 سريراً إضافيَّاً فيصبح لدينا 150 سريراً. وتبقى حاجة الناس أكثر من ذلك. وهناك أعداد كبيرة ممن تتراوح أعمارهم بين 80 إلى 90 سنة وما فوق، والقسم الأكبر منهم يتطلَّب رعاية اجتماعية لأنَّ رعايتهم من قبل ذويهم تكون مُتعذّرة في غالب الأحيان بحكم عملهم وضيق الوقت، ولا بدّ لهم من اختيار المكان الأمثل، خلافاً لما كان عليه الوضع في الماضي عندما كان الأبناء يتولّوْن رعاية والدِيهم، أمَّا اليوم فالأبناء ليسوا متفرّغين و “الختيار” لا يُترَك لوحده حتى لو تمت الاستعانة بالخدم فهذه الطريقة مُكلفة جدّاً ولا تفي بالغرض المطلوب، وهناك خطورة لترك المسنين على عاتقهم، ولا أحد يمكنه أن يتكهَّن ماذا يمكن أن يحصل لهم. لذلك يتم اللجوء إلى دور المسنين التي لديها الأمان والخدمة الجيدة والحنان.

وعن الشكوى من زيادة بدل التأمين برّر البعيني هذا الإجراء بسبب قلة المسؤولية لدى البعض، وعدم التزامهم بدفع ما يترتب عليهم. لذلك لجأنا إلى خيار التأمين لأنّه في حال تأخّر ذوي المسن عن دفع ما يتوجب عليهم نستوفي المبلغ المطلوب من بدل التأمين الذي قد يصل إلى ثلاثة أضعاف الرسم الشهري، لأننا لا نستطيع أن نحكم على النوايا وعندما تُسدَّد الرسوم في أوقاتها يحقُّ للمؤمِّن استعادة المبلغ الذي دفعه، واصفاً حالة المسنين في دار الرعاية بالجيدة والممتازة، فهم يتلقَّوْن أفضل العناية ويقيمون علاقات اجتماعية واسعة النطاق مع بعضهم، “مبسوطين ومرتاحين”، ولا يشكون من فقدان الذاكرة أو الخرف، كما يحصل لهم غالباً في منازلهم، بسبب الوحدة القاتلة التي يعيشونها،.هذا فضلاً عن الرحلات التي يشاركون فيها. وفي ردّه على سؤال حول ثقافة الحنان والثقة المتبادَلة بين المسنين والموظفين الذين يتولَّوْن رعايهم قال: هذا كلّه يتم من خلال الدورات التدريبية والمحاضرات التي يشاركون فيها، وهم يعرفون أن هذا المسن يتطلب رعاية واحتضان وكأنَّه بين أهله. ونحن كإدارة نتابع طريقة عملهم ومعاملتهم للمسنين الذين يصبحون مع الوقت بمثابة أهلهم. وأضاف أحياناً يكون المسن لديه حالة نفسية تجعله يرفض العناية الجسدية، فيرفض أن يستحم أو أن يبدل ثيابه، فالموظف مُجبر على إقناعه بالقبول. لأن ما يقوم به هو لصالحه. فهكذا تنشأ الثقة بينهم، ونادراً ما تحصل أخطاء. وعن التوسعات الجديدة في المؤسسة أوضح البعيني أنّ المبنى الجديد الذي يجري بناؤه اليوم، يأتي من ضمن عقد سابق لم يتم تنفيذه في الماضي وهو تابع لقسم المسنين والعلاج الفيزيائي، ويتركَّز على عملية البناء الخارجي ولا يشمل التجهيز.

البعيني ناشد أصحاب الأيادي البيضاء إلى التبرّع والمساعدة لدار العجزة، فلا يجوز أن نطالب ولا نقدّم شيئاً.


قسم العلاج الفيزيائي

الأستاذ غازي صعب

مدير قسم التمريض غازي صعب قال لـ “الضحى” إنَّ قسم التمريض في مستشفى عين وزين يضم قرابة 300 ممرّضة وممرّض غالبيتهم من الخرِّيجين وتشمل الماجستير والليسانس والدراسات العليا الدكتوراه وما فوق، بالإضافة إلى شهادة TS وlt وتشمل BT المهني للعلوم التمريضية المهنية، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام وظيفية هي: مدير تمريض، مشرف ومشرف قطب للوحدات التمريضية، بالإضافة إلى مسؤولي أقسام تمريضية. وهناك عامل تمريضي ومساعد تمريضي، وكاتب تمريضي لكل وحدة. وهذا الفريق التمريضي يخضع لمراقبة مستمرّة، وكل يوم خميس يشارك في المحاضرات والتدريب على كيفية التواصل مع المريض لتفادي الأخطاء في حال حدوثها، ومنع انتقال الأوبئة إلى المرضى. كما تقوم الإدارة بتشييك يومي على عمل المُمرضين ضمن برنامج خاص، وتدريبهم على فرز النّفايات. وحول الآلية المعتمدة لعمل الممرضين أوضح صعب أنَّ حَمَلة الشهادات يخضعون للتدريب والمراقبة مدّة ثلاثة أشهر، وبعد قبولهم يتم توظيفهم ضمن عقود عمل وكلّ فترة نجري عملية تقييم لطريقة الالتزام بالتعليمات. من جهة ثانية لفت صعب إلى النقص الكبير في قسم التمريض على مستوى كل لبنان، على مستويي التعليم المهني والجامعي، وفي اللغتين الفرنسية والإنكليزية، وهناك نقص في الخبرات، ونقص في العدد ليس فقط في لبنان بل على مستوى العالم. في موضوع ما يسمى بالجرثومة التي تصيب المرضى في المستشفيات، أكّد أنَّ هذا الموضوع مُسَيطَرٌ عليه ولدينا ممرّضات متخصّصات، بالنسبة لهذا الموضوع، والتنسيق مستمر مع إدرة المستشفى.

العدد 30