مبــــــــــادرون رغـــــــــمَ أنـــــــــف الأزْمـــــــَة
الدّكتور عبدي صيّاح الأطرش
رئيسُ فرعِ الهلالِ الأحمرِ العربيِّ السّوريِّ في السّويداء
نعملُ في ظروفٍ غَيرِ عاديّة
مجتمعُنـــا حافـــلٌ برجـــالٍ يَتسابقـــون للعَــــطاء
وأحـــدُ أبـــرزِ الأمثلـــةِ برنامَـــج المِنَـــح الجامعيّـــــة
هو الابن الأصغر لصيّاح الأطرش المجاهد الكبير في الثّورة السّوريّة الكبرى عام 1925، ولئن كان والده مجاهداً بالسّيف والبارودة ضدّ الاحتلال الفرنسيّ فإنّ ابنَه الطّبيبَ عبدي المولود عام 1938والمتخرّج طبيباً من جامعة دمشق عام 1964 سار على خُطى والده في خدمة المجتمع لكنه وهو الذي عاش مرحلة الاستقلال السّوري والاستقرار السياسيّ والاقتصاديّ اتّجه إلى ميدان الخدمة الاجتماعيّة في إطارالعناية بصحّة المواطنين والأسرة ونشر الوعي الصحّي، وهو عمل يراه الدكتور عبدي شكلاً من أشكال الجهاد الوطنيّ، وقد بات الآنَ متفرّغا بالتّطوّع للعمل الإنسانيّ من خلال عمله كرئيس لفرع الهلال الأحمر العربيّ السوريّ في محافظة السّويداء وكعضو مُنتخَب في المكتب التنفيذيّ للمنظّمة الأمّ في العاصمة دمشق. وقد سعى الدكتور عبدي في المدة الأخيرة لتأمين انتقال مسؤوليّة هذه المؤسسة إلى جيل الشّباب، بهدف التفرّغ لأعماله الخاصة وللنّشاطات الثقافية والفكرية والكتابة، لكن منظّمة العاصمة طلبت منه بإلحاح الاستمرار في دوره الحيويّ مشدّدة على عدم إمكان الاستغناء عن خبراته الغنيّة في مجال العمل الإنسانيّ الهلاليّ في هذه المرحلة التي تخيّم بغيومها السّوداء في سماء الوطن الحبيب.
لكن وبرغم الوقت الذي يتطلّبه إشرافه على جمعية الهلال الأحمر في المحافظة فإنّ الدّكتور عبدي يجد الوقت للإسهام الوافر في العديد من النّشاطات الثقافيّة والرّياضيّة والإنسانيّة، فهو عضو في عدد كبير من الجمعيّات الأهليّة الرّياضيّة والثّقافية وهو المحاضر الدّائم في شؤون حماية البيئة ومشكلات إدمان الكحول والمخدّرات وغيرها من الآفات الاجتماعية وعدد من المسائل الإنسانية والثقافيّة والأدبيّة.
له العديد من الكتب والمنشورات والمقالات الأدبيّة والشعريّة والوطنيّة ، ومن أبرز أعماله كتابُه في سيرة والده المجاهد صياح الأطرش الذي استند بصورة خاصة إلى يومياته التي سجلها الوالد إبان أحداث الثورة السوريّة الكبرى الجليلة، كما صدر له مؤلف شعري بعنوان “الحسام” وديوان بعنوان “الغيمة الماطرة”.
بسبب هذه الانشغالات والوضع غير العادي الذي تمر به البلاد السّوريّة فإن الدّكتور عبدي يبدو مستنزَفاً بفعل الضّغوط الشّديدة على طاقته ووقته، حتى أصبح انتهاز وقت للقاء به أمراً يحتاج إلى ترتيب وانتظار، لكن رغم ذلك فإنّ سليل الجهاد الوطني حرص على أن يرحّب بمجلة الضّحى التي يقدر عالياً دورها الثّقافيّ، وأن يضعها في جوٍّ بعض التّطوّرات المهمّة في عمل فرع الهلال الأحمر في محافظة السويداء وبعض أهمّ مشاريعها الاجتماعيّة والصحّية، فكان هذا اللقاء:
> ما دور فرع الهلال الأحمر في محافظة السويداء في الظروف الرّاهنة؟
منظّمة الهلال الأحمر في السّويداء منظّمة إنسانيّة تركّز على مواجهة الأحداث المأساويّة التي ألمّت بالوطن والتصدّي لنتائج تلك الأحداث من خلال أعمال الإسعاف والإغاثة والصّحّة والدّعم النفسي والعلاجي.
> ما المهام التي تقومون بها من خلال موقعكم كرئيس لفرع الهلال الأحمر في محافظة السّويداء؟
لابدّ لي من التأكيد على اعتزازي بهذه المنظّمة الإنسانيّة، وهي التي كان المرحوم سلطان باشا الأطرش القائد العام للثورة السورية الكبرى قد شغل منصب رئيسها الفخريّ بعد تأسيسها، وفي ما يخص عملنا راهناً فإنّه تقع علينا حاليّاً مسؤوليّات وطنيّة في إطار إدارة عمليّات فرع المنظّمة في محافظة السويداء، وأعطي مثالا على ذلك باجتماعات مجلس الإدارة إذ بلغت نحو خمسين اجتماعاً في السّنة الواحدة أو ما يوازي اجتماعا واحداً في كل أسبوع، ولهذه الكثافة في الاجتماعات أسباب عدّة أوّلها يتعلّق بالوضع الاستثنائيّ الذي نعيشه ويلقي أعباء غير عادية على عمل الفرع وهيئاته ومتطوّعيه، وثانيها كون مجلس الإدارة ليس مجرّد هيئة تقريريّة تتولّى المصادقة على أوجه العمل الأساسيّة بل يتحمّل أفراده مسؤوليّات إشراف ومتابعة على الأرض خصوصاً لأعمال لجنة المتطوّعين الشّباب وكافة نشاطات الجمعيّة في المحافظة. وأوَدُّ هنا أن أُشيرَ إلى إنجاز حققته لجنة الإعلام والتّواصل لدينا وذلك عندما نجحت بتصوير فيديو بمناسبة اليوم العالميّ للصّليب الأحمر والهلال الأحمر اختير كأفضل فيديو لعام 2014 عُرِض في جنيف أمام المؤتمر السّنوي لجمعيّات الهلال الأحمر والصّليب الأحمر الدّوليّة.
> ما هي أبرز النشاطات والمبادرات التي تقومون بها في المرحلة الرّاهنة؟
نحن في عمل دائم لمواجهة المتطلّبات الإضافيّة التي تفرضها الظّروف الرّاهنة على عمل وخدمات الهلال الأحمر، ومن الخطوات التي نعلّق الأهميّة عليها إنشاء المركز المتخصّص في الاستجابة للكوارث والإغاثة والإسعاف الأوّلي الذي أحدثه الفرع بالتّعاون مع المركز الرّئيسيّ للمنظّمة واللّجنة الدوليّة للصّليب الأحمر. وقد تمّ افتتاح المركز في 29 كانون الأوّل من عام 2013 في السّويداء وبات في جهوزيّة تامّة لتقديم المعونة والمساعدة للفئات الأشدّ ضعفاً في المحافظة.
> كيف تعاملتم مع موجات الوافدين إلى السويداء بتأثير الأحداث الأليمة في سورية؟
من أجل استيعاب الحاجات الجديدة والأوضاع الملحّة لبعض الوافدين فقد قمنا أوّلاً باستحداث مركز الاستجابة للكوارث وأعمال الإغاثة الطّارئة في فرع الهلال الأحمر في السّويداء وتتركّز مسؤوليّات هذا المركز على تقديم الخدمات الصحيّة والإنسانيّة العاجلة مثل دراسة الوضع الأسريّ والاجتماعيّ للوافدين وإجراء تقييم صحّيّ لهم في أماكن تواجدهم، ومن خدمات هذا المركز أيضاً تقديم الدّعم النّفسي والصحّي. وإنشاء دورات في الإسعافات الأوّليّة والصحّة المجتمعيّة. كما يتولّى المركز تأمين نقل المرضى من عَجَزة وأطفال في الحالات الطّارئة إلى المشافي الرّئيسة في مدن المحافظة.
> كيف تلبّون الطّلب المتزايد على خدمات الجمعيّة في المحافظة؟
يَصدُق القول أنّنا نعمل في ظروف غير عاديّة والمطلوب في هذه الظّروف من الجميع التحلّي بروح العطاء والمسؤوليّة أكثر من أيِّ وقت، ونحن نطلب من أنفسنا أوَّلا ومن زملائنا أن يعطوا كلَّ ما في إمكاناتهم من أجل مواجهة الظّرف القاسي الذي يمرّ بها بلدنا الحبيب. إنّ جوابنا على الطلب المتزايد على خدمات الجمعيّة هو المزيد من العمل والمزيد من التّعاون خصوصاً التّعاون مع الشّعب الهلاليّة في القرى.
ونظراً للثّقة الممنوحة من كلّ الجهات الحكوميّة والرّسميّة والشّعبية لفرع الهلال الأحمر فإنّنا نحصل على دعم في كافة الخدمات الصّحيّة على مساحة المحافظة، وبات الفرع يملك أربع سيّارات إسعاف مجهّزة وعيادة متنقّلة مجهّزة بكامل المعدّات الطبّيّة اللازمة. مع العلم أنّ العيادة المتنقلة مجهّزة بجهاز تخطيط قلب وجهاز إيكو وجهاز صدمة مع كادر طبي وطبيب عام وممرّض وإداري.
رعاية التّعليم الجامعي
> من المعروف أنّ لمنظّمتكم دوراً في مجال الخدمات العامّة يتجاوز التّعريف الضّيّق للرّعاية الصحيّة أو الإسعافيّة، كرعاية التّعليم مثلاً؟ كيف دخلتم هذا الحقل؟
نعم، رغم الظّروف القاهرة فإنّ منظّمتنا تهتمّ بالتّنمية البشريّة والعلميّة عن طريق تقديم المنح الجامعيّة والمعهديّة للطلّاب غير القادرين على الاستمرار في التأهيل التّعليمي، ويتمّ ذلك بعد دراسة واقعهم بواسطة لجنة تنتقي الطّالب الذي تتوافر فيه شروط اللائحة الدّاخليّة للمنحة، وهذه مفخرة لنا تميّزنا عن باقي الفروع في القطر العربيّ السّوريّ.
> ما عدد الطلّاب الذين استفادوا من هذا البرنامج حتى الآن؟
بلغ عدد المستفيدين منذ بداية مشروع المنح عام 1997، 576 مستفيداً وعدد الخرّيجين 210. هذا ولا ننسى أن بعض الشُّعَب والنقاط الهلاليّة قد استطاعت الحصول على المنح الجامعيّة من بعض المحسنين في قراهم.
> من هم أبرز المساهمين في برنامج المنح الجامعية؟
لقد كان السيّد أنور الجرمقاني في طليعة المحسنين الكرماء المساهمين في تقديم 125 منحة جامعية و25 منحة معهدية، وكان بذلك القدوة الحسنة لمجموعة من المتبرّعين أبرزهم: المحسن الكريم زياد صيموعة الذي خص البرنامج بـ 25 منحة جامعيّة. والمحسن الكريم جمال أبو حسن الذي قدم 8 منح جامعيّة، والمحسن الكريم المهندس يحيى القضماني الذي دعم البرنامج بتقديم منحتين جامعيتين والمحسن الكريم الأستاذ محمد طربيه الذي تكرم بتقديم منحتين جامعيتين وقدم منحة جامعية واحدة كل من المحسنين والمحسنات السيدات والسادة الأكارم: إحسان جانبيه وعاطف الحلبي والدكتور ناصر جانبيه والدكتور أنس مالك الأطرش والدكتورة رولا كمال الفقيه والسيد عمر المروّد والسيدين عمّار ياسر فرمند وبليغ الجباعي (والسّيدان الأخيران هما من الخرّيجين الذين ردّوا الجميل عبر المساهمة في البرنامج نفسه الذي منحهم يوماً الفرصة لاستكمال تعليمهم الجامعيّ.
> ما دور اللّجنة الاجتماعيّة في منظّمتكم؟
تتعاون هذه اللّجنة مع جمعية أصدقاء مرضى السّرطان، وجمعيّة الوفاء للمعاقين وغيرها من الجمعيّات الأهليّة والفعاليّات النّقابيّة في أنشطة المشاركة بالأفراح والأتراح، كالمشاركة مع لجنة الطوارئ والإسعاف في أحداث قريتي داما ودير داما بالتّواصل مع المجتمع المحلّي وتوضيح طبيعة الأزمة وآليّة عمل الهلال الأحمر.
> لديكم في المنظّمة لجنة نسائيّة، ما الدّور الذي تقوم به هذه اللّجنة؟
تقوم اللّجنة النّسائيّة بالتّعاون مع جمعيّة تنظيم الأسرة بتنفيذ عدّة أنشطة منها القيام بزيارات ميدانيّة لمراكز الإيواء المؤقّتة للوافدين من خارج المحافظة، وتوزيع الإعانات واللّقاء مع العديد من الأسر وتقديم الدّعم النّفسي والاجتماعي لهم. وتقوم اللّجنة النّسائيّة بتقديم خدمات صحّيّة للأطفال والأمّهات في الشّعب الهلاليّة في المحافظة بواسطة الفريق الطبّي التابع لجمعيّة تنظيم الأسرة.
> ما خطّتكم للعمل المستقبليّ كمجلس جديد لفرع المنظّمة؟
سنعمل على دراسة مقترحات الهيئة العامّة للفرع وتنفيد الممكن منها. وسنتابع إقامة دورات الإسعاف الأوّليّ والدّورات المتقدّمة مع إيلاء اهتمام خاص بمركز الاستجابة للإسعاف والإغاثة، وسنُعنى بصورة خاصّة بتعزيز ثقافة التطوّع والنّجدة والتّنمية المستدامة، من خلال لجنة الشّباب المتطوّعين مع تعميق وتعزيز التّشاركيّة مع الجمعيّات الأهليّة والمنظّمات الشّعبيّة ومواصلة العمل مع اللّجنة الفرعيّة للإغاثة.
رئيــــس الهــــلال الأحمــــــر الدكتــــور عبـــدي الأطرش ينوه بالدور البارز للمحسن أنــــــــــور الجــــــــــــــرمقاني


مع تقديره الكبير لمساهمات أهل الغَيْرة والسخاء في جبل العرب، وهم كُثُر، طلب الدكتور عبدي الأطرش السماح له بتنويه خاص بالدّور البارز الذي يلعبه رجل الأعمال والمحسن الكبير أنور الجرمقاني في دعم مؤسّسة الهلال الأحمر في السّويداء و وفي مشروع مِنَح التّعليم والعديد من المبادرات الاجتماعية والتّنموية والإنسانيّة.
وقال الدكتور الأطرش إنّ مساهمات أنور الجرمقاني تعود إلى أكثر من أربعين سنة وبالتّحديد عندما رتب في منتصف سبعينيات القرن الماضي زيارة لفرع الهلال الأحمر في السّويداء إلى نيجيريا لتنظيم حملة تبرّعات هناك كان الهدف منها وضع حجر الأساس للمركز الإقليميّ لتدريب الكوادر الهلاليّة والإسعاف الأوّلي ومواجهة الكوارث في منطقة البحر المتوسّط وشمال إفريقيا. وقد ساهم نجاح تلك المبادرة في نقل هذا المركز الذي كان مقره في يوغوسلافيا سابقا إلى سورية.
ويضيف الدّكتور عبدي الأطرش أن المحسن الجرمقاني أوسع للوفد في بيته وخصّص لأعضائه جناحاً فسيحاً أقمنا فيه محاطين بالحفاوة والتّكريم من قبله وقبل عقيلته الفاضلة السيّدة ماجدة توفيق أبو مطر التي تجاريه إخلاصاً في العمل الخيريّ والعطاء الإنسانيّ. وبفضل مكانته هناك والقدوة الصّالحة التي يمثّلها فقد لقينا من جانب أبناء الجاليتين السّوريّة واللّبنانيّة تجاوباً واسعا وحققنا نجاحاً باهراً كان للمضيف الكريم الباع الطّويل فيه وفي تعظيم حصيلته. ونتيجة لتلك المبادرة ولنجاح حملة تعبئة التمويلات تَحدّد مكان هذا المركز في جبل العرب كمركز شامل لتدريب أعضاء وكادرات الجمعيّات الوطنيّة للصّليب الأحمر والهلال الأحمر وخصوصاً خدمات الإسعافات الأوّليّة ومواجهة الكوارث الطّبيعيّة أو الناتجة عن عمل الإنسان.
وقال الدكتور الأطرش إنّ مساهمات المحسن أنور الجرمقاني السّخيّة في دعم فرع الهلال في السّويداء لم تتوقّف، وهو قدِمَ العام 1996 من نيجيريا خِصّيصاً للمشاركة في حضور احتفال العيد الفضّي للهلال الأحمر في السّويداء، وكان المتبرّع الأوّل كشأنه دائماً، وفي ذلك الاحتفال نال التكريم الذي يستحقّه من قبل الحشد المعترف بجميله، وقُدِّم له سيفٌ عربيّ من قبل أهل الهلال الأحمر في السّويداء.
ونوّه الدّكتور عبدي الأطرش بدور المُحسن الجرمقاني في إطلاق ودعم مبادرة المِنَح الجامعيّة لأبناء المحافظة وهو الذي كان من أوّل المشجّعين لمشروع المِنح الجامعيّة التي دعوناها بـ “المنح الهلاليّة” المقدّمة إلى الطلاّب الجامعيين المتفوّقين والمحتاجين، وكان منذ الانطلاقة أكبر المساهمين في دعم هذه المبادرة، وهذا المشروع السّبّاق لتنمية الموارد البشريّة ليس له مثيل في غالبيّة الجمعيّات الوطنيّة في العالم وقد بلغ عدد المِنح الجامعية التي قدمها المحسن أنور الجرمقاني 100 منحة جامعية و25 منحة للمعاهد، وبفضله فقد خرّج الهلال الأحمر في السّويداء 180 خِرّيجاً وخِرّيجة حتى الآن ومن مختلف الاختصاصات في الجامعات السوريّة ناهيك عن الطلاّب والطّالبات المتخرّجين من المعاهد الأخرى المنتشرة في القطر.