الأحد, شباط 23, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الأحد, شباط 23, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

الشاي الاخضر

الشاي الصيني الأخضر
شرابُ الصّحة الأوّل وعدو المؤكسدات

عشرة أمراض نقاومها إذا احتسيناه بإنتظام
السكّري والقلب والدماغ والألزهايمر والسرطان

إذا كنت تبحث عن شراب يومي تدخله في نظام حياتك وتستمد منه أعظم قدر من الفوائد الصحية فلن تجد أفضل من الشاي .. والأخضر منه بصورة خاصة.

حسب الأبحاث العلمية التي أجريت على الإنسان فإن هناك 10 فوائد صحية أساسية للشاي الأخضر هي التالية:
1. الشاي الأخضر يحتوي على مكوِّنات عديدة فاعلة بيولوجياً في تحسين الصحة.
الشاي الأخضر ليس مجرّد سائل منعش بل هو غني بمركّبات الـ “بوليفينول” (Polyphenols) على غرار “الفلافونويد” (Flavonoids) والكاتيشين” (Catechin)، وكلها من مضادات الأكسدة العالية الفعالية، وتُشكِّل مركبات الـ “بوليفينول” نحو 30 في المئة من وزن الأوراق الجافة للشاي الأخضر.
ويمكن لهذه المُرَكَّبات أن تُخفِّضُ تَشَكُّلَ ما يُسمَّى بالشوائب المؤذية أو «عناصر الأكسدة» (Free Radicals) في الجسم، وحماية الخلايا وجزيئياتها من التلف. ومن المعلوم أنّ العمل اليومي للجسم ووظائفه الطبيعية تنتجان هذه العوامل المؤكسدة التي تلعب دوراً في حدوث الشيخوخة، كما إنها في حال وجودها بكثرة في الجسم تتسبب في تراجع المناعة والإصابة بالأمراض.
ومن بين المكوّنات الأكثر فعالية في الشاي الأخضر، مضاد الأكسدة (Epigallocatechin Gallate EGCG)،الذي أثبتت الدراسات فائدته في علاج الأمراض، وربّما يكون وراء تمتُّع الشاي الأخضر بهذه الخصائص الطبية الفعّالة جداً.

2. تحسين وظيفة الدماغ والنباهة العقلية
لا يجعلنا الشاي الأخضر متيقِّظين فحسب، بل أكثر نباهة عقلياً. والمكوِّن الفاعل الرئيسي وراء ذلك هو مُنبِّه شائع الصيت، أي الكافيين وهو يحتوي على كمية أقل من الكافيين مقارنةً بالقهوة، لكنّها كمية كافية لإحداث تأثير مُحفِّز، من دون التسبُّب بتأثيرات التوتُّر العصبي المرتبطة بالإكثار من الكافيين.
وما يقوم به الكافيين، بكمياتٍ معتدلة طبعاً، في الدماغ هو إغلاق ناقِل عصبي (Neurotransmitter) كابح يدعى «أدينوسين» (Adenosine) وبذلك يزيد بالفعل من نشاط الخلايا العصبية وتركيز ناقلات عصبية محفّزة للنشاط مثل “الدوبامين” (Dopamine) و”النوريبينيفرين” (Norepinephrine)، و«السيروتونين» (Serotonin).
وقد خضع الكافيين لدراسات مكثّفة من قبل تُثبِت أنّه يُفضي إلى تحسينات في جميع نواحي وظائف الدماغ، بما في ذلك تحسينه للمزاج، والتنبُّه، وسرعة الإستجابة وقوة الذاكرة.
لكنّ الشاي الأخضر يحتوي على أكثر من الكافيين، خصوصاً الحمض الأميني «ل-ثيانين” (L-theanine)، القادر على عبور “حاجز الدماء” في الدماغ. ويُضاعِف هذا الحمض الأميني نشاط «الناقل العصبي الكابح» (GABA)، وله تأثيرات مضادة للقلق، كما إنّه يُضاعِف الناقل العصبي «دوبامين» وإنتاج موجات “ألفا” (Alpha) في الدماغ.
وأظهرت الدراسات أنّ الكافيين والحمض الأميني «ل-ثيانين» يمكن أن تكون لهما معاً تأثيرات متضافرة. فتوليفة من هذَين المُرَكَّبَين لها قدرة خاصة على تحسين وظيفة الدماغ. وبفضل الحمض الأميني «ل_ثيانين» والجرعة الصغيرة المعتدلة من الكافيين، يمكن للشاي الأخضر أن يمنح تأثيراً مُنبِّهاً على نحو مختلف وألطف من القهوة. وقد أوردَ الكثير من المشاركين في الأبحاث ذات الصلة أنّهم تمتّعوا بطاقة أكثر استقراراً ونشاطاً مُنتِجاً بعد احتسائهم الشاي الأخضر، مقارنةً بالقهوة.

رسم علمي لنبتة الشاي الأخضر
رسم علمي لنبتة الشاي الأخضر

3. حَرْق الدهون وتحسين الأداء البدني
إذا ما راقبنا قائمة مكوّنات أي مُكمِّل غذائي مُخصَّص لحَرْق الدهون، لوجدنا الشاي الأخضر من بينها ذلك أنّ الشاي الأخضر قد أثبتَ علمياً قدرته على زيادة حَرْق الدهون ورفع معدّل النشاط الأيضي (التمثيل الغذائي Metabolism).
ففي إحدى الدراسات التي شملت 10 رجال أصحاء، زادَ الشاي الأخضر معدّل حَرْق الطاقة لديهم بنسبة 4 في المئة. وأظهرت دراسة أخرى أنّ أكسدة الدهون ازدادت بنسبة 17 في المئة، ما يدل على زيادة الشاي الأخضر لحَرْق الدهون. لكن دراسات أخرى أُجريت على الشاي الأخضر أظهرت أنّ هذه التأثيرات قد تعتمد على الفرد.
من جهة ثانية، ثَبُتَ أنّ الكافيين يُحسِّن الأداء البدني عبر تحفيزه الأحماض الدهنية ونقلها من الأنسجة الدهنية وجعلها متوافرة للإستخدام في الخلايا كطاقة. وفي دراستَين منفصلتَين، أظهر الكافيين زيادة في الأداء البدني تراوحت في المتوسط ما بين 11
و 12 في المئة.

4. مقاومة السرطان
يحدث السرطان بسبب نمو غير مُتَحكَّم به في الخلايا، وهو من بين المُسبِّبات الأولى للوفاة في العالم. ومن المعروف أنّ الضرر الذي تحدثه الأكسدة يُسهِم في تطوُّر السرطان، في حين أنّ مضادات الأكسدة لها تأثير وقائي في هذا الصدد.
والشاي الأخضر هو مصدر ممتاز لمضادات الأكسدة القوية، وهو ما قد يقف وراء خفضه لمخاطر أنواع عديدة من السرطان، من بينها:
سرطان الثدي: وجدت دراسات تحليلية تعتمد على المراقبة الطويلة الأمد أنّ النساء اللواتي احتسينَ الكمية الأكبر من الشاي الأخضر كانت مخاطر الإصابة بسرطان الثدي، وهو الأكثر شيوعاً بين النساء، لديهنَّ أقل بـ 22 في المئة.
سرطان البروستات: وجدت دراسة أنّ الرجال الذين يحتسون الشاي الأخضر كانت مخاطر الإصابة بسرطان البروستات، وهو الأكثر شيوعاً بين الرجال، لديهم أقل بنسبة 48 في المئة.
سرطان القولون والمستقيم: وجدت دراسة أُجريت على 69,710 من النساء الصينيات أنّ مُحتَسِيات الشاي الأخضر كانت مخاطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم لديهنَّ أقل بنسبة 57 في المئة.
وأظهرت دراسات عديدة أخرى أنّ المُعتادين على احتساء الشاي الأخضر هم أقل عرضة بنحو كبير للإصابة بأنواع مختلفة من السرطان. ومن المهم التنبيه إلى عدم إضافة الحليب إلى الشاي لأنّ ذلك قد يُخفِّض أو يلغي فعالية مضادات الأكسدة.

شاي صيني أخضر من تويننغز
شاي صيني أخضر من تويننغز

5. أعراض الألزهايمر والباركنسون
لا يُحسِّن الشاي الأخضر وظيفة الدماغ فحسب على المدى القصير، بل يحميه أيضاً على المدى البعيد في سن متقدّمة، ولاسيّما من مرضَي الألزهايمر والباركنسون.
ومرض الألزهايمر هو مرض وَهَن الخلايا العصبية للدماغ الأكثر شيوعاً لدى البشر والسبب الرئيسي المؤدّي إلى تدهور القدرات العقلية وفقدان الذاكرة والخرف.
أمّا مرض الباركنسون فهو يليه في تدميره للخلايا العصبية للدماغ، ولاسيّما الخلايا العصبية المُنتِجة للناقل العصبي «الدوبامين».
وأظهرت دراسات عديدة أنّ مكوّنات «الكاتيشين” في الشاي الأخضر قد تكون لها تأثيرات وقائية عديدة للخلايا العصبية، وهي بدورها قد تُخفِّض مخاطر الإصابة بمرضَي الألزهايمر والباركنسون، وهذا ما أثبتته أيضاً دراسة طُرِحَت نتائجها في «المؤتمر الدولي حول مرضَي الألزهايمر والباركنسون 2015»، وكشفت أنّ المشاركين الذين احتسوا كوباً من الشاي الأخضر لأيام عدّة من الأسبوع اظهروا درجة أقل من خمول القدرات العقلية مقارنةً بالذين لم يحتسوا الشاي الأخضر. وتبيَّن حدوث زيادة في التواصُل بين القشرة الجدارِية واللحاء الجَبْهِي للدماغ، خصوصاً خلال اختبار للذاكرة.

6. البكتيريا وصحة الأسنان
تتّسِم مكوّنات «الكاتيشين» في الشاي الأخضر بتأثيرات بيولوجية مفيدة أخرى أيضاً. فقد أثبتت بعض الدراسات أنّها قادرة على قتل البكتيريا وكبح فيروسات مثل فيروس الأنفلونزا، وبالتالي ثمة احتمال أن تُخفِّض مخاطر الإصابة بالإلتهابات.
وتُبيِّن الدراسات أنّ مركّبات «الكاتيشين» يمكنها أن تكبح أيضاً نمو بكتيريا Streptococcus mutans، وهي البكتيريا المؤذية في الفم، وتُسبِّبُ تَشَكُّلَ الجير، وتُسهِم في تسوُّس الأسنان وتآكلها. إنّ استهلاك الشاي الأخضر يرتبط بتحسين صحة الأسنان ويَخفض تكوُّن الفجوات فيها. وثمة فائدة رائعة أخرى أثبتتها دراسات عديدة، أنّ الشاي الأخضر يزيل رائحة الفم الكريهة.
7. داء السكري المتأخر (النوع-2)
داء السكري من «النوع 2» هو مرض انتشر بشكل وبائي في العقود القليلة الماضية حيث هناك نحو 300 مليون شخص مصاب بهذا المرض اليوم في أنحاء العالم. وينطوي هذا الداء على مستويات مرتفعة من سكر الدم بسبب مقاومة الإنسولين أو عدم مقدرة الجسم على إنتاج الإنسولين.
وأظهرت الدراسات أنّ الشاي الأخضر يمكن أن يُحسِّن الحساسية للإنسولين ويَخفض مستويات سكر الدم. ووجدت دراسة شملت مواطنين يابانيين أنّ أولئك الذين احتسوا كمية أكبر من الشاي الأخضر، كانت مخاطر الإصابة بداء السكري «نوع 2» لديهم أقل
بـ 42 في المئة. وبحسب مراجعة لسبع دراسات شملت في الإجمال نحو 286,000 شخص، أنّ المعتادين على احتساء الشاي الأخضر كانوا أقل عرضة بنسبة 18 في المئة للإصابة بداء السكري.

8. أمراض أوعية القلب الدموية
إنّ أمراض أوعية القلب الدموية، بما في ذلك أمراض القلب والجلطات والذبحة، هي من بين المُسبِّبات الأولى للوفاة في العالم. وثمة دراسات تُظهِر أنّ الشاي الأخضر يمكنه أن يُحسِّن بعض العوامل الرئيسية وراء مخاطر الإصابة بتلك الأمراض، من بينها معدّلات الكوليسترول، والكوليسترول السيئ (LDL)، والدهون الثلاثية (الترايغليسيريد) في الدم.
كما إنّ الشاي الأخضر يُضاعِف بشكلٍ كبير قدرةَ مضادات الأكسدة في الدم، ما يمنع جزيئات الكوليسترول السيئ من التأكسد وهو ما يُسبِّب، إلى جانب عوامل أخرى، أمراض القلب.
وفي ظل هذه التأثيرات الإيجابية في التصدّي للعوامل المُسبِّبة للأمراض، ليس ما يثير الدهشة أنّ أولئك المُعتادين على احتساء الشاي الأخضر هم أقل عرضة بنسبة 31 في المئة للإصابة بأمراض أوعية القلب الدموية مقارنةً بغيرهم.
وتلفتُ نتائجُ بعض الدراسات إلى أنّ الشاي الأخضر يُحسِّن تدفُّق الدم وقدرة الشرايين على الإرتخاء، وذلك بفضل مضاد الأكسدة (Epigallocatechin Gallate (EGCG الذي قد يكون مفيداً في منع تصلُّب الشرايين، وتقترح احتساء بضعة أكواب من الشاي الأخضر يومياً للمساعدة على الوقاية من أمراض القلب.

9. خفض الوزن ومخاطر البدانة
إذا ما سلّمنا بأنّ الشاي الأخضر يمكنه أن يُعزِّز النشاط الميتابوليكي في الجسم على المدى القصير، فهذا يعني أنّه قد يساعد على خفض الوزن، بفضل مُرَكَّبات «الكاتيشين” المفيدة في حَرْق الدهون، والتي إذا ما عملت مع كيميائيات أخرى قد تُضاعِف من مستويات أكسدة الدهون والتوليد الحراري (Thermogenesis)، بحسب بحثٍ نشرته الدورية المتخصِّصة Physiology & Behavior.
فقد بيَّنت دراسات عديدة أنّ الشاي الأخضر يساعد على خفض كمية الدهون في الجسم، خصوصاً حول منطقة البطن والخاصرتَين. ومن بين تلك الدراسات، واحدةٌ أُجرِيت على نحو غير انتقائي وشملت 240 رجلاً وامرأة واستمرّت لنحو 12 أسبوعاً. وفي هذه الدراسة، سجّلت المجموعة التي احتست الشاي الأخضر تراجعاً كبيراً في النسبة المئوية لدهون الجسم، وكذلك انخفاضاً في الوزن، والدهون المحيطة بالخصر والبطن.
لكنّ بعض الدراسات لم تُظهِر نسبةً كبيرة في خفض الوزن، وهو ما يتطلّب مزيداً من البحث.

10. المساعد على إطالة العمر
استناداً إلى ما تبيّن من خلاصات الدراسات الآنفة الذكر حول كون المعتادين على احتساء الشاي الأخضر أقل عرضة للإصابة بأمراض أوعية القلب الدموية وأمراض السرطان، فمن المنطق الإستنتاج أنّه قد يساعد على إطالة العمر.

ففي دراسة شملت 40,530 بالغ ياباني من الجنسَين، تبيَّن أنّ أولئك الذين احتسوا كمية أكبر من الشاي الأخضر (5 أكواب أو أكثر في اليوم) كانوا أقل عرضة بكثير للوفاة خلال فترة 11 عاماً.
فقد كانت الوفاة نتيجةً لجميع الأسباب أقل بنسبة 23 في المئة لدى النساء، و 12 في المئة لدى الرجال، وكانت الوفاة نتيجةً لأمراض القلب أقل بنسبة 31 في المئة لدى النساء، و 22 في المئة لدى الرجال، كما كانت الوفاة نتيجةً للذبحة القلبية أقل بنسبة 42 في المئة لدى النساء، و35 في المئة لدى الرجال.
وأظهرت دراسة أخرى شملت 14,000 مُسِن ياباني تراوحت أعمارهم ما بين 65 و 84 عاماً، أنّ أولئك الذين احتسوا الكمية الأكبر من الشاي الأخضر كانوا أقل عرضة للوفاة خلال فترة مراقبة لمدّة ست سنوات بنسبة 76 في المئة.
.. وهناك المزيد
الأبحاثُ تُظهِر أيضاً فوائدَ صحية شاملة لاستهلاك الشاي الأخضر بما في ذلك تخفيض ضغط الدم، والتوتُّر والإجهاد بفعل التأكسد، والإلتهابات المُزمنة، وتحسين صحة بُنية العظام وقوتها، بتضافر مُرَكَّبات “البوليفينول” مع شكلٍ من أشكال الفيتامين «دي» (D) يدعى «ألفاكالسيدول”(Alfacalcidol) ، وكذلك الحفاظ على سلامة العين، بفضل مُرَكَّبات «الكاتيشين» التي تُغذِّي أنسجة العين. إذاً، لنبدأ صباحَنا بكوبٍ من الشاي الأخضر، والأجدر أن نكرّر هذه التجربة خلال النهار للتمتُّع بفوائده الصحية.

رفيق الحضارات منذ 5000 عام

الأسود الفوّاح لذيذ ومرغوب لكن الفائدة الأكبر في الأخضر

الشاي الأسود ليس سوى أوراق الشاي الأخضر لكن بعد تركها لكي تتأكسد بعوامل الجو والحرارة

تناول منه ما استطعت خلال اليوم لكن لا تمزجه بالحليب
تناول منه ما استطعت خلال اليوم لكن لا تمزجه بالحليب

بعد الماء مباشرةً، يُعتبر الشاي الشرابَ الأكثر استهلاكاً في العالم، ولطالما تمتّعت الشعوب بالشاي على مدى 5000 عام تقريباً. وفي إحدى الروايات أنّه اكتُشِفَ في العام 2737 قبل الميلاد عندما سقطت أوراق نبتة شاي عَرَضاً في وعاء مياه ساخنة للإمبراطور الصيني شين-نونغ، لكن يرجح أن الرواية جزء من الفولكلور الشعبي لا أكثر وأن استخدام الشاي بأنواعه عُرف من عدة حضارات آسيوية قديمة استُخدِمَت الشاي كشرابٍ ساخن منبّه وكعلاجٍ ضمن معرفتها ومعرفة حكمائها بعالم الأعشاب وخصائص النباتات والمداوة بها وقد كانت هذه هي المصدر الأهم للعلاج لآلاف السنين.
يعتقد أن زراعة الشاي كمحصول بدأت في الصين ثم انتقلت منها إلى اليابان قبل الميلاد بقرونٍ عدّة على أيدي رهبان بوذيين كعشبةٍ طبية، وبعد ذلك انتقل الشاي إلى الهند، وبعد أن استعمرت بريطانيا الهندَ، نقلت الشاي إلى أوروبا حيث كان يتأكسد طبيعياً بفعل تعرُّضه للهواء نتيجة لفترة الإبحار الطويلة، وشاع استخدامه هناك كشاي أسود يفقد جرّاء ذلك بعض خواص الشاي الأخضر وفوائده الصحية.
وجاء في تقرير للمركز الطبي في «جامعة ماريلاند» الأميركية: “في الطب التقليدي الصيني والهندي، استخدم المعالِجون الشاي الأخضر كمُحفِّزٍ ومُدرٍّ للبول، أي إنّه يساعد على التخلص من السائل الزائد في الجسم، ومخثِّر للتحكُّم بالنزيف ومساعدة الجروح على الشفاء، وكذلك لتحسين صحة القلب.
ومن بين الإستخدامات التقليدية الأخرى للشاي الأخضر، معالجة غازات الأمعاء، وتنظيم حرارة الجسم، وتعديل سكر الدم، وتعزيز العملية الهضمية، وتحسين العمليات العقلية». وهو ما تؤكده الأبحاث العلمية الرصينة في وقتنا الراهن، إلى جانب العديد من الفوائد الصحية للدماغ والقلب، وإسهامه في حرق الدهون وتحفيز النشاط الفكري والبدني.
واليوم يحظى «الشاي الأسود» (وهو الشاي المعروف) بشعبية كبيرة في العالم بسبب طعمه المميز وعطره لكنّ الشاي الأخضر الأقل انتشاراً والذي قد لا يضاهي الشاي الأسود طعماً يتفوق بالتأكيد عليه من حيث الفوائد الصحية والخصائص العلاجية.

بين الأسود والأخضر
جميع أنواع الشاي تأتي من النبتة ذاتها الدائمة الإخضرار (أي التي لا تتساقط أوراقها في الشتاء) وإسمها العلمي “كاميليا سينينسيز” (Camellia Sinensis)، إنّما عملية المعالجة ودرجة الأكسدة (التعريض للأوكسجين) وكذلك «تعطير» الشاي عبر مزجه بأنواع الأزهار أو بعض الفاكهة هي وراء عملية ينتج عنها أنواعاً مختلفة من الشاي الأسود والأحمر والأخضر والأبيض وغيرها.
بهذا المعنى فإن الشاي الأخضر كما يتم قطافه هو أصل كل أنواع الشاي لأنه يمثل أوراق نبات الشاي الطازجة كما يتم جمعها في البلاد التي تزرعه، مثل الصين والهند وسريلانكا، وهو الشاي الذي يشربه أهل تلك البلاد في الأصل. لكن عندما استعمر الإنكليز الهند وسريلانكا (وقد أطلقوا عليهما إسم «سيلان») وكذلك العديد من البلدان الآسيوية فإنهم اكتشفوا مشروب الشاي اللذيذ والمنعش، وبدأوا بشحن كميات كبيرة منه إلى بلادهم وإلى بلدان عدة في العالم، فكانت السفن التجارية البريطانية تمخر البحار والمحيطات لفترات طويلة في جو حار قائظ ورطوبة شديدة أشهراً أحياناً، وبسبب عوامل الحرارة والرطوبة التي كان الشاي الأخضر يتعرض لها أثناء الشحن، فقد كانت أوراقه تتأكسد على الطريق وتتحول إلى اللون الأسود، لكن يبدو أن الإنكليز جربوا ذلك الشاي الأسود واكتشفوا فيه نكهة عطرية وطعماً لذيذاً يفوق ما للشاي الأخضر ومن هنا فقد بدأ المستهلكون في بريطانيا وبقية الدول التي تم تصدير الشاي إليها بالتعوّد على تناول الشاي الأحمر (ويسمى أيضا الشاي “الأسود”) مما جعل الناس يعتقدون أن الشاي الأحمر هو الشاي الوحيد المتوفر ولم يكن معظمهم يدرك أنه الشاي الأخضر الذي تركت أوراقه لتتأكسد لكي تكتسب اللون الأسود والطعم المميز الذي بات الشاي الأحمر يعرف به. أما الشاي الأخضر فيتم تعريضه لبعض التبخير الخفيف قبل أن يترك لكي يجفف ويستعمل بعد ذلك.
لكن بعد قرون من هيمنة الشاي الأحمر (أو الأسود) فقد أدى

إعلان قديم عن الشاي الإنكليزي
إعلان قديم عن الشاي الإنكليزي

اتساع نطاق التجارة العالمية وخسارة البريطانيين لاحتكار الشاي ثم انتشار الوعي والمعلومات حول الفوائد الصحية للشاي الأخضر إلى اتساع نطاق استهلاكه والطلب عليه من المستهلكين في العالم. وساهمت وسائل الإعلام ونشر الكثير من الأبحاث العلمية عن الشاي الأخضر في ازدياد شهرته وتحول نسبة متزايدة من المستهلكين إليه طمعاً في ما باتوا يعرفونه عن فوائده الصحية المهمة. ويأتي الشاي الأحمر من أفريقيا والهند وسريلانكا واندونيسيا، بينما يأتي الشاي الأخضر من بلدان الشرق الأقصى مثل الصين واليابان.
وفي القرن الثالث عشر شدد راهب بوذي كان يدعى “ايساي” على التأثيرات النافعة للشاي الأخضر ونشر في العام 1211 م كتاباً حول الموضوع بعنوان “الحفاظ على الصحة بشرب الشاي” ومما قاله أن “الشاي (الأخضر) هو دواء إعجازي يحافظ على الصحة، وله قوة غير عادية في إطالة العمر” واستند الراهب في استنتاجه إلى ملاحظة أنه في كل مكان يزرع فيه الشاي يتمتع السكان بمعدلات أعمار أطول، وقد أوصله ذلك إلى الاستنتاج بأن الشاي “هو الإكسير الذي يجعل سكان الجبال يعمرون طويلاً».
ربما تأثراً بهذا النوع من المؤلفات التي شرحت فوائد الشاي، أصبحنا اليوم نعلم أن الشاي الأخضر خصوصاً كان له منذ قديم الزمان مكانة كبيرة كعلاج قوي وفعال، لكن الأبحاث المعاصرة المتقدمة قدّمت أدلة علمية كثيرة ومقنعة على أن هذه النبتة البسيطة ليست فقط شراباً لذيذاً ومنعشاً بل أيضاً دواء فعّالاً للحفاظ على الصحة ومقاومة الأمراض.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي