بسم الله الرحمن الرحيـــــم
تؤسس الضحى في إصدارها الحالي لمرحلة جديدة في تاريخها. فهي تبتعد عن كونها مساحة إعلانية للمؤسسة وتنأى بصفحاتها عن المفاهيم الشمولية أو الدعائية لدور الإعلام، وتتحرر من الأطر الضيقة لأساليب التحكم الفكري، كل ذلك من أجل أن تلج منافذ واسعة من التفكير الخلاق والعمل النهضوي الرائد والبناء.
تريد الضحى في وثبتها الحديثة أن لا تراوح في الميدان الكلامي، بل أن تجعل من الكلام واسطة لعمل العقل ووسيلة اتصال تسهل تكوين فهم مشترك وصحيح للأزمات التنموية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية والفكرية التي تعصف بمجتمعنا المعاصر، ليكون الكلام محرضا للوعي بتلك التحديات وواسطة اتصال بالناس بقصد إيضاح أسبابها وفهم إشكالاتها وصولا إلى المحاولة الصادقة والجادة للتداول العقلاني بشأنها وفي أفضل الحلول لاستيعابها.
يبقى ما هو ثابت في روح الضحى، أعني الالتزام الروحي والأخلاقي بالنظرة إلى الوجود عامة، وإلى الرؤية الحكمية خاصة، والعهد الذي أخذته على نفسها بالحفاظ على ما هو في صميم نشأة مجتمعنا وعناصر هويتنا التوحيدية من فضائل الإيمان وفرائضه وقيم الصدق والشهامة والعدل والحرية الحق، هذه القيم التي بها يتحقق الإنسان في معنى علة وجوده، ليس فقط من حيث هو كائن فرد، بل من حيث هو أيضا كائن اجتماعي له من الحقوق ما له وعليه من الواجبات ما عليه.
نأمل ان ترقى الضحى بإشراف إدارتها المتجددة عن النزوع إلى الفئوية أو الرؤى المحدودة المغلقة، وذلك باتجاه الفسحة الواسعة للعقل الجامع، وتطلعها لأن تجمع الشمل حول العمل المنتج الخير، وأن توحد الجهود المخلصة لخدمة الناس في منافعها ومصالحها بما يرضي الله والضمير، وأن تسعى مخلصة من أجل بلورة عوامل النهوض والحيوية والازدهار والتكافل الاجتماعي والتعاضد العائلي وفقا لما تتيحه لها قوة الأفكار من إمكان وما تيسره لها أنوار جذوة الوعي من فعالية.
والله من وراء القصد أنه هو السميع البصير