السبت, شباط 22, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

السبت, شباط 22, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

حكايـــــــات الامثال

قصص الأمثال

حِكاياتُ الجُبَناء والبُخلاء

النّاس لا يحبّون البُخل ولا البُخلاء ويسخرون منهم ومن طِباعهم كما فعل الجاحظ في كتابه الشّهير(البُخَلاء)، كما أنّهم يمقتون الجُبناء لأنّ الجُبن وانعدام المُروءة من أكثر الصّفات خِسّة في الرجال، ولهذا السّبب تحتوي الأمثال الشّعبيّة على قَدر كبير من قصص الجبناء والبخلاء على سبيل ذمّ خِصالهم وتحذير النّاس من التّشبّه بهم باعتباره يقود إلى سوء العاقبة المُذلّة وصيت العار.
في هذه الحلقة اخترنا بعض الأمثال المستوحاة من قصص أهل الشّح والبُخل وفيها من العِبَر الكثير.

زَبونُ العوافي

عبارة يوصف بها الرّجل الذي لا يُحسب له حساب، للنّيل من قِلّة شأنه ، فإذا حضر إلى مجلس قالوا : “ إجا زبون العوافي “. وحكاية هذه العبارة أنقلها من قاموس أحمد أبو سعد بتصرّف.
تقول الحكاية: “إنّ مكاريّاً كان يسوق حماره، وقد حمّلة كيساً من الدّقيق. وصادف أنْ مرّ بمَخاضة فغاصَ حمارُه في المياه الموحلة حتى شارف على الغرق، فهبّ الفلّاحون المتواجدون في المنطقة لمساعدته في انتشال الحمار من المخاضة.
وَحَدث أنْ مرّ شابٌّ بهم وهم منهمكون في انتشال الحمار، فحيّاهم بقوله: “العوافي”. ثمّ مضى دون أنْ ينضمّ إليهم ودون أنْ يسألهم إذا كانوا يريدون مساعدة. فقالوا: “هذا زبون عوافي وليس زبون شُغل “. فغدت مثلاً1.
وقد جاء في المُنجد أنّ من معاني الزّبون: الغبي الأبله. وأضاف صاحب المنجد: “وليست بهذا المعنى في الفصيح، وإنّما هي فارسيّة2”.
ولعلّهم أخذوا هذا المعنى في هذا الوصف.

زَمّر بنيّك

والمثل يُضْرَب للرّجل إذا بُشِّر بتحقيق غايته، وقضاء حاجته.
وحكاية هذا المثل سمعتها من صديق وكان يرويها في معرِض الحديث عن النّاس الذين يرومون تحقيق غاية ما، فلا تتحقّق غايتُهم ما لم يقوموا بما يلزم لتحقيق تلك الغاية.
قال:
السّفر إلى الشام لم يكن أمراً عاديّاً كما هو هذه الأيام. لذلك كان النّاس إذا خطر للواحد من أهل الضّيعة أن يذهب إلى الشام، يذهبون ليسهروا عنده ويودِّعوه، وإذا عاد بالسّلامة يذهبون للسلام عليه. وكان التّجار يتسوّقون من الشّام كلّ شهرين أو ثلاثة شهور مرّة.
وفي إحدى الضّياع كان هناك صاحب دكاّن. وفي يوم من الأيام خطر له أن يذهب إلى الشّام ليتسوّق. وكان من عادة أهل الضّيعة وكلّ ضيعة، إذا ذهب الدّكّنجيّ إلى الشّام، أنْ حمّلوه التّوصيات والطّلبات كي يشتريها لهم بطريقه. لذلك وما أن عرف النّاس بالتّواتر أن صاحبَنا الدّكنجي يستعد للنّزول إلى الشّام حتى أخذوا يتقاطرون إلى بيته جماعات جماعات من أجل أن يوصوه على أشياء يشتريها لهم في طريقه. هذا يريد قنبازاً، وهذا يريد حَطَّة (كوفيّة)، وهذه تريد عِقد مشرشب، أو شبكان جوخ. والرّجل ما حيلته إلّا أنْ يقول: “حاضر ، طيّب، تِكرَموا، بيفرجها الله، ماشي الحال، انشا لله “ومن هذا الكلام كثير. حتى جاءت حُرْمَة أرملة؛ مدّت يدها إلى عبّها، فأخرجت مَحْرَمة، فتحتها، وأخرجت منها فْرنكين سوري. وقالت للدّكنجي:
ـ بحياتك!. هذول فْرنكين، بَدّي تشتري لي من الشّام بطريقك زُمّيرَة لَهَلْوَلَد . .
أخذ الدّكنجي الفرنكين السوري من الحُرمة، ثم أخرج دفتره، وكتب عليه وصيّة الأرملة، وقال لها:
ـ روحي! انت إللي زمّر بْنَيّكْ.
وَفَهِمَ النّاس أنّ الدّكنجي قد رمى كلّ الوصايا وراء ظهره، لأنّها غير مشفوعة بثمنها، إلّا وصيّة الأرملة لأنّها دفعت ثمن الزّمور مُقدّماً. ومِن يومها صاروا يقولون لكلّ رجل دبّرَ أموره، فأحسن تدبيرها: زمّر بْنَيّك.
وقد ذكر المثل أحمد أبو سعد، وكانت روايته لا تختلف عن روايتنا.
وذكره سلام الرّاسي، دون اختلاف يُذكر عن روايتنا3.
كما ذكره تيمور برواية: “إللي يدفع القرش يزمّر ابنه” دون الإشارة إلى حكاية المثل، إلّا أنّه أضاف أنّهم في هذا المعنى يقولون: “معاك شي إبنك ينشال، ما معَكْشي إبنك يمشي”.

رجعت حليمة لعادتها القديمة

يُقال هذا في من يعود إلى عادة سيّئة كان قد تركها لكنّه يأخذ كموضوع امرأة مطبوعة على البخل وسوء الأدب مع الضّيوف.
تقول الحكاية أنّ “حليمة” كانت زوجة أحد الأجواد، وكانت تتّصف بالبُخل. فكانت إذا قدّمت الزاد للضّيف تقلّل السّمن. فأراد الرّجل أنْ يثنيها عن بُخلها بقوله: إنّها إذا بَحْبَحَت كميّة السّمن على الطّعام فلن يشيبَ شعرُها ولن تعرف الهَرَم. فَصَدّقت وأخذت تزيد من كميّة السّمن على الطعام.
وكان أنْ أخذَ شعرُها يشيب بعد أنْ تقدّمت بها السّنون، وأخذت علامات كِبَر السّنّ تظهر عليها فأدركت خداع زوجها لها، وعادت تقلّل كمّية السّمن. فصار النّاس يقولون: “رجعت حليمة لعادتها القديمة “.
وقد أوردَ سلام الرّاسي حكاية المثل، معتبراً أنّ حليمة زوجة حاتم الطائي.
ولم نعرف لحاتم زوجة غير “ماوية” التي خاطبها بقوله:
أماوِيَ إنّ المال غادٍ ورائحٌ ويبقى من المالِ الأحاديثُ والذِّكْر

رافق النّذلَ تنذَلّ

يُضرَب المثل للرّفيق الذي لا يستطيع نُصرة صديقه وقت الشِدَّة. وكثيرة هي الأمثال التي تتحدّث عن هذه الحالة كقولهم “الصّديق وقت الضّيق”، و “رافق المِسعد تسعد”. وحكاية المثل رواها سلام الرّاسي في كتابه الحَبل على الجرّار ومفادها أنّ رجلين ترافقا في سفر بعيد، وحينما أقبل اللّيل لاذا بإحدى الأشجار. واتّفقا أنْ ينام الواحد منهما ويسهر الآخر يحرسه، حتى إذا شعر السّاهر بخطرٍ أيقظ رفيقه، وتعاونا على درء ذلك الخطر.
وبينما أحدهما ساهراً إذْ أقبلت الضّبُع مُهَروِلا. فارتعب الرّجل السّاهر. وشمّر، وتسلّق الشّجَرة، تاركاً رفيقه لقدره.
وحين أفاق النّائم على وقع أقدام الضّبُع، ورأى ما رأى، ارتعب، وفعلها في ثيابه من شدّة الفَزع . فتقدّم الضبع منه، وأخذ يشمُّه، ثم ابتعد عنه مُنصرفاً؛ لأنّ الضبُع لا تأنفُ من شيء في الدُّنيا إلا من رائحة فضلات الإنسان.
وحين انصرفت الضّبُع نزل الرّفيق الذي كان فوق الشجرة، وسأل رفيقه الآخر:
ـ ماذا قال لك الضّبُع حين اقترب منك ؟. فقال له رفيقه:
ـ قال لي: “رافق النذل بتنذلّ”
فذهبت عبارة الرجل مثلاً.

السّلام بيجرّ كلام، والكلام بيجرّ بِطّيخ

يُضرَب هذا المثل في التّحذير من الهَذر، فَرُبّ كلمة استجرّت كَلمة، فاستجرّت الكَلمة كلمة، حتى يصل المتكلّم إلى ما لا تُحمد عقباه. والحكاية أنّ رجلاً جعلَ ابنه ناطوراً على حقل قثّاء وبطّيخ وأوصاه بالقول:
ـ إذا مرّ بك أحدٌ وسلًم فلا تَردّ السّلام.
فاستغرب الولد ذلك، إذْ كيف ذلك والسّلام لله. فأوضح الأبُ لِابْنِه:
ـ يا بُنَيّ، إنّك إذا رددت السّلام سَيَفتح المارُّ معك حواراً، وسيؤدّي هذا الحِوار إلى ذكر البِطِّيخ، وعندئذِ سوف يُجبرك حياء أنْ تدعوه لتناول شيءٍ من البِطِّيخ. وسوف يتكرّر مرور النّاس بك، وفي كلّ مرّة ستخسر رأس بِطّيخ، فالأَوْلى ألّا تَرُدَّ لأنّه “سلام بيجرّ كلام، وكلام بيجر بِطِّيخ”.
وأراني أتصوّر أحمد شوقي قد خطر له هذا المثل حينما تحدّث عن تعلّق القلب:
نِظرةٌ فابتسامةٌ فسلامٌ فكلامٌ فموعدٌ فلقاءُ
ووقعت على الحكاية نفسها عند سلام الرّاسي بعنوان “لا سلام، ولا كلام”؛ إذْ جعل الرّجل مع ابنه في المزرعة، ومرّ جماعة من البدو فسلَّموا، فلم يردَّ السّلام، فاستغرب الاِبن وسأل والده :
ـ السّلام لله فلمً لمْ تردَّ ؟.
فأجاب الأبُ:
ـ بْخاف السّلام يجرّ كلام، والكلام يْجُرّ بِطّيخ.

شفناك فوق وشفناك تحت

مَثَل يُضرب للمرء يحاول أنْ يدّعي الأعذار لعدم قيامه بما يقتضيه الواجب. على حين تهيأت له أسباب المبادرة فلم يبادر إلى ذلك. والحكاية أنّ شحاذاً طرق باب أحدهم يطلب من مال الله، ففتحت له الخادمة وقالت: سيّدتي في الطابق الأعلى، ولَوَ اَنها هنا لما قصّرت في واجبك. وفي اليوم الثّاني عاد الشّحّاذ نفسه يطرق الباب ذاته. فخرجت له السّيّدة، وقالت له : الخادمة في الطابق الأعلى. ولوَ اَنَّها هنا لأمرتها بأنْ تُجْزِل لك العطاء. فرد الشحّاذ قائلاً: “يا ستّي ! شفناكِ فوق، وشفناك تحت”.

إجاكم راعي المْرَصّص

العبارة تُطلق على من يعتقد أنّه يفوق أقرانَه في فِعلٍ ما من الأفعال.
خُلاصة الحكاية أنّ رجلاً مرّ بصِبْيَةٍ يلعبون بالكِعاب لعبة النّدْبة. وتقتضي أحكام هذه اللّعبة أنْ يرمي الصّبيُّ كَعْبَه في الأرض بطريقةٍ فنّيّة مُعَيّنة، ويجب أنْ يقفَ الكعب في وضعيّة مُحَدّدة (على قاعدته) ليحقّق الرّبح لصاحبه. فما كان من هذا الرجل إلا أنْ أخرجَ من جيبه كعباً كان قد حشاه بالرّصاص (بقصد الغِشّ)، فغدا الكعبُ ثقيلاً من الأسفل ليستقرّ دائماً في الوضعيّة الرّابحة. وقال للصِّبْيَة:
ـ إجا عَمّكم راعي (أي صاحب) المْرصّص.
وأخذ يلعب مع الصِّبْيَة فكَسِبَ كلّ كعابهم. وغدت عبارته سائرة، تُطلق على من يفوق أقرانه في عمل ما.

شَهاب الدّين وأخوه الضّائع

عِبارة تُقال في شخصين متماثلين في الصّفات، وغالباً ما تعني الصّفات الرديئة. فإذا أرادوا أن يقارنوا رجلاً رديئاً بآخر يماثله في الرّداءة قالوا ما قيل.
وقد عثرت على حكاية لهذا المثل عند سلام الرّاسي وأرويها بتصرّف لأنّنا رأينا اختيار لغة أكثرَ تحفُّظاً في ما وُصف به شَهاب الدّين وأخوه.
إنّه كان لِرِجل من الوجهاء بنت، أحبَّ أن يزوّجَها لرجل يتوسّم فيه الرّجولة، فرفض الكثير من الخُطّاب حتّى جاءه رجل عريض المنكبين، مفتول السّاعدين، غليظُ الشّاربين، توسّم في الخير وزوَّجه ابنته، وأسكنه في بيته، وكان اسمه شَهاب الدّين.
وبعد الزّواج دأبَ شَهاب الدّين على عادة لا يغادرها يوميّاً، إذْ كان ينهض صباحاً، ويباشر غسل يديه ووجهه، ثم تمسيد شاربيه ثم ارتداء ثيابه، فتستغرق العمليّة ساعات، ثم يمتطي جواده ويغادر البيت، ولا يعود إلّا في المساء، عند ذلك يسأله عمّه أين كنت؟ فيجيبه:
ـ أبحث عن أخي الذي فقدته منذ زمن.
وطال الأمر على هذا المنوال. وصادف أن قصد الوجيه أحد الحلّاقين ليحلق ذقنه؛ فباشر الحلّاق عمله، وضع الصّابون على الذّقن وفتح حديثاً على عادة الحلاقين، وكلّما انتهى من حديث جرّ الموسى على ذقن الرّجل جرّة واحدة، وفتح حديثاً آخر، حتى ملّ الرّجل؛ فوقف وقال له:
ـ يكفي هذا اليوم وغَداً تكمّل لي حلاقة ذقني.
وقفل عائداً إلى البيت، فوجد شهاب الدين يهيئ نفسه للخروج. فقال له:
ـ إلى أين ؟.
فقال شهاب الدين:
ـ لمتابعة التفتيش عن أخي.
فقال له عمه:
ـ لقد عثرت اليوم على أخيك، إنَّه يعمل حلّاقاً في مكان كذا.
فقال شَهاب الدّين:
ـ وما أدراك أنه أخي؟
فقال له عمّه:
ـ وجدته أفشل منك، فقلت لَعلَّه أخوك.
فقال شّهاب الدّين:
ـ هذا إذاً ليس بأخي. إذْ لو كان أخي لما كان “أفشل” مني، لأنّ معلّم المدرسة التي تعلّمنا فيها اعتبرني أنا الأفشل عندما مدحنا بقوله:
كِلا الأخَوَيْنِ ذو فَشَلٍ وَلِكنْ شَهابُ الدّين أفْشَلُ من أخيهِ

سِرِّيةُ حمدانٍ لأًخْتهِ

يُضْرَب هذا المثل في الحِرص على إخفاء أمرٍ تافه لا أهميّة له، ولا يترتّب على إشهاره شيءٌ ما. والمثل معروف في أنحاء الجبل ولطالما لجأت أمّهاتنا إليه للسّخرية من طلبات تافهة كنّا نسألها ـ كأطفال «أن تبقى سرّاً بيننا وبينهنَّ». وقد كُنّا نَحرِص على كَتْم هذه الطّلبات ليس لأنّ فيها سرّاً لا نريد كشفه بل ربّما لأنّنا كنّا نخجل من كوننا نطلب شيئاً.
وحكاية المثل أنّ حمدان، وهو بدويٌّ يعيش مع أخته وحيدَيْن، خرج للرّعي، وحينما وصل إلى المساريح (المراعي) تذكّر أنّه عليه أنْ يوصي أختَه وصيّة، فعاد من المسراح بغَنَمِه، فوجدها في البيت مع ثُلَّة من صاحباتها، فدُهشَت لعودته بالقطيع على غير عادته في تلك السّاعة، وظنّت أنّه عاد لأمرٍ هامّ، وعندما انتحى بها جانباً أوصاها سرّاً أنْ تصُبّ القهوة للضّيف الذي ياتي إلى البيت في غيابه. فدُهِشَت وقالت له: ألِهذا الأمرِ عُدتَ؟!. فذهبت سِرّيتُه مَثلَاً في الحِرص على سِرّية أمر تافه.
وقد ذكر سلامة عبيد هذا المثل في مجموعته.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي