السبت, حزيران 7, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

السبت, حزيران 7, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

كميل سري الدين

“في حالات قليلة تنازلنا لتسهيل العمل لكن في أمور ثانويّةلكن إنْسألتني اليوم فإنّني سأقول بثقة إنني لن أقبل بها”

تحدّثَ عن تجربتهِ الغنيّةِ في حقلِ الأعمال والعمل العامّ

كميل سَرِيّ الدّين

كنتُ أولَ عربيٍّ يُنتَخبُ إلى مجلس إدارة غرفة أبوظبي

تعجّب صديقي من نيّتي الهِجـــرة إلى فنــزويلاّ
وزيــارةٌ واحــدةٌ إلــى أبوظبــي غيّــرت مســار حيــاتي

الموحدون في المُغتربات مشتّتون جغرافيا وبلا مرجعية
لذا يجدون صعوبة في حماية هويِّتهم ويميلون للاندماج

في غضون 40 عاماً من العمل وكسب النّاس وبناء السّمعة الطيّبة تمكّن كميل سَرِيّ الدّين ابن بلدة بزبدين المتنيّة من بناء مملكة أعمال تمتدّ من صناعة الرّخام التي يُعتبر أبرز ممثليها في الإمارات إلى قطاع السّيراميك ومستلزمات تجهيز الأبنية إلى المقاولات التي دخلها بقوّة عبر مشاريع كبيرة مثل أبنية وزارة الدّفاع وتجهيز متحف اللّوفر وبناء ديوان المحاسبة. العامل الأوّل في نجاح كميل سَريّ الدّين هو دماثةأخلاقه وموهبته في اجتذاب النّاس وكسب ثقتهم. وقد كانت هذه هي العوامل الأهمّ التي وضعته عل طريق النّجاح. لكنّ كميل سرِي الدّين لم يكتفِ بتحقيق النّجاح العمليّ بل أظهر على الدّوام اهتماماً بالعمل الاجتماعي وتميّز بصورة خاصة بمساهماته في المبادرات الرّامية لتعزيز وضع الطائفة ومن هذه المشاريع الأخيرة إسهامه في تجديد مباني دار الطائفة في فردان ببيروت، ودعمه لإعادة إصدار مجلة “الضّحى” بصيغتها الجديدة في العام 2010 علماً أنّه عضو في مجلس أمنائها. وهناك الكثير من المساهمات التي تتمّ بعيدا عن الأضواء ومن أهمّها مبادرته في توفير المنح التّعليميّة الجامعيّة لعدد من أبناء الطائفة المتفوّقين عبر صندوق أنشأه لهذه الغاية. ومن الإنجازات التي تُحسب له نجاحه في تنظيم أوّل مؤتمر اغترابي للموحّدين الدروز في صيف العام 2010 والذي شكّل منعطفا مهمّاً في تعزيز الرّوابط بين المغتربين في مختلف أنحاء العالم وبين الوطن الأم.

“الضّحى” التقت الشّيخ كميل في منزله في الرّملة البيضاء وسألته عن تجربته الطّويلة في حقل الأعمال والاغتراب والعمل الاجتماعي فكان هذا الحوار:

>كيف دخلتَ مجالَ الأعمال؟
دخلته في العام 1965 لِظَرف عائليّ. فقد كنت يومَها طالباً في الجامعة عندما طلب منّي والدي المغترب في ليبيريا أن أساعده بسبب تعرّض تجارته هناك لصعوبات. علماً أنّ تّجارته كانت مزدهرة قبل ذلك بسبب علاقة الصّداقة التي ربطت الوالد برئيس الجمهورية حينها وقد سهَّل ذلك أعمالنا. لكنّ تسلم نائب الرّئيس المنصب ولم يكن والدي على علاقة جيدة به بدّل الأحوال فصرنا نتعرّض لمضايقات مَرّة من دائرة الضّرائب وسواها من مفتّشي الصّحّة وغيرها من دوائر حكوميّة أخرى، فأدركنا أنّه لم يعد لنا نصيب في ذلك البلد، وقمنا في غضون ثلاث سنوات بتصفية تجارتنا وبيع المخازن التّجارية والبناية التي كنّا نملكها، وسافر الوالد إلى الغابون بينما قرّرت أنا السّفر إلى البرازيل التي كان فيها ابن عم للوالد وكان ثريّاً ويشغل منصب حاكم منطقة واسعة، كانت لي آمال بأن يساعدني ذلك على تأسيس أعمالي في تلك البلاد.
وصلت البرازيل وبدأتُ التّجارة بالأحجار الكريمة، وكنت أخطّط للبقاء هناك وتأسيس عمل وكان معي رأس مال جيّد جلبته معي من ليبيريا، لكنّني اكتشفت في وقت قصير أنّ رابط القربى لا يعني لابن عم الوالد شيئاً. وقد أضعف ذلك حماسي للبقاء هناك. أخيراً قرّرت أنّ الأمر لا يستأهل أن أكون في تلك المجاهل البعيدة لذلك وبعد نحو ثلاثة أشهر من وصولي إلى البرازيل جمعت حقائبي وركبت الطّائرة إلى فنزويلا.
وصلت فنزويلّا في العام 1973 وكانت آنذاك في عزّها تعوم على أكبر احتياط نفط في العالم إذ كان الدولار يساوي 3 بوليفر، وعملتها قوية بعكس اليوم والبلد في ازدهارغير مسبوق. لكنّني رغم حماسي لفنزويلّا لم استمرّ هناك بسبب مرض أصابني. تساءلت عندها ربما لا يوجد نصيب لي في هذا البلد أيضاً فغادرت إلى لبنان، وفي نيّتي العودة في وقت لاحق.

 

كميل-سري-الدين-مترئسا-المؤتمر-الاغترابي-الأول-للموحدين-الدروز-في-تموز-2010
كميل-سري-الدين-مترئسا-المؤتمر-الاغترابي-الأول-للموحدين-الدروز-في-تموز-2010

“مغترب درزي من آل القنــطار ســـألني بتــأثّر شــديد: «لماذا لا ندمج المذهب الدّرزي مع الدين الكاثوليكي؟”

> كيف وصلت إلى أبوظبي؟
كانت صدفة بدّلت مجرى حياتي بالفعل، والحياة أقدار. التقيت صديقاً لي من أيام ليبيريا سألني عن خططي فقلت له إنني أفكّر بالرّجوع إلى فنزويلّا . استغرب وقال لي: “لماذا لا تأتي إلى أبوظبي فهي بلاد فرص وكل شيء مطلوب فيها الآن” وكان العام 1977 أي في عزّ الفورة النّفطية. ذهبت في أول زيارة إليه في أبو ظبي على سبيل المجاملة إذ إنني لم أكن أعرف شيئا عن أبوظبي من قبل. لكن عندما وصلت البلد أعجبني. كان العمل متوافراً لأي كان، لأنهم كانوا في مرحلة إعمار وطنيّة وتطوير اقتصاد. وكان عندي رأسمال بسيط لكنه كان كافيا لكي أبدأ العمل. وشجّعني ما رأيته من أنّ النّاس هناك فعلاً طيّبون ويتعاملون على أساس الثّقة والسّمعة. بذلك قررت البقاء فيها وتأسيس عمل تجاريّ.
>كيف بدأت تجارتك؟
بدأت باستيراد الرّخام الإيطالي ولم يكن لي تجربة سابقة في هذا المجال.لكن كان هناك طلب كبير على الرّخام وتعرّفت على شخص إيطالي وبدأت أستورد الرّخام عن طريقه. وكنّا نستورد الرّخام مقطّعا بقياسات مختلفة ومصقولاً جاهزاً للتّركيب لأنّ شركات البناء كانت تريد كلّ شيء جاهزاً لإنجاز المباني أو الفيلّات. بتوفيق من الله أصبحت خلال سنتين أو ثلاث أقوى مؤسّسة في مجال الرّخام في أبوظبي. وهذا ما جعلني أتّجه لإنشاء مصنع الرّخام بالشّراكة مع الصّديق كميل أبوغانم. ثم توسعنا إلى قطاعات البلاط والسّيراميك والمطابخ والحمّامات وغيرها وصرنا الأقوى في الإمارات وأعطي مثالا على ذلك أننا منذ سنتين نفّذنا في أبوظبي في سنة واحدة عقود تركيب لـ 4,000 مطبخ.

>دخلتم بعد ذلك قطاع المقاولات، ما هو الحقل الذي تخصصتم به؟
نحن نعمل في حقل إنشاءات الأبنية ونقوم بتنفيذ مشاريع كبيرة “تسليم مفتاح” أي من مرحلة التّصميم إلى مرحلة تسليم المبنى للجهة المتعاقدة. وقد دخلت القطاع بالشّراكة مع رجل أعمال لبناني وباتت شركتنا من الشّركات الكبيرة وهي مصنّفة كشركة مقاولات من الفئة الأولى. بالطبع نحن نلزّم من الباطن أعمال الألكتروميكانيك مثلا وغيرها من الأمور ذات الطّابع التّقني لكن إدارة عمليّة البناء والتّنفيذ في يدنا.

>ما هي بعض أهم المشاريع التي نفذتموها أوتنفذونها حاليّاً؟
نفّذنا مشاريع كبيرةعديدة لكن أذكر منها مشروع بناء 40 فيلّا للشيخ فلاح بن زايد، وأخذنا بنايات وزارة الدّفاع، كما أنّنا نقوم بتنفيذ بناء ديوان المحاسبة في أبوظبي، وهو مشروع ضخم موقف السيارات الملحق به يتسع لـ 15,000 سيارة وهذا يعطي فكرة عن ضخامة البناء. وأخذنا أيضا عقد البلاط وكل أعمال الرّخام لمتحف اللّوفر في أبوظبي.

>هل لديكم الموارد البشريّة المدرّبة لتنفيذ هذه المشاريع
الأعمال اليوم هي تجميع وإدارة لعناصر التّنفيذ والإتقان في مواصفات البناء المسلّم، ولم يعد هناك شركات تنفّذ كلّ شيء بنفسها. نحن مقاولون فئة أولى ومعروفون بالتّسليم على الوقت وبأفضل نوعيّة.
ونحن جاءتنا فرص كثيرة للعمل بأساليب ملتوية تناقض قناعاتنا. رفضناها رغم ما فيها من وعود بأرباح كثيرة، لأنّ السّمعة الحسنة هي رأسمال يدوم وينمو، أمّا من يدخل تلك الطّرق فإنّه قد ينجح لبعض الوقت لكنّه لا بدّ أن يقع في يوم ما وتنقلب أحواله.

خلال المؤتمر الاغترابي الأول للموحدين الدروز، كميل سري الدين -وقوفا إلى اليمين- مع الأمير طلال أرسلان والزعيم وليد بك جنبل
خلال المؤتمر الاغترابي الأول للموحدين الدروز، كميل سري الدين -وقوفا إلى اليمين- مع الأمير طلال أرسلان والزعيم وليد بك جنبل

>ألم تضطرّ أحياناً لمجاراة أساليب قد تكون مخالفة للأصول لكنّها تصبح لفرط استخدامها بمثابة عُرفٍ معتمد في السّوق؟
في حالات قليلة تنازلنا بعض الشّيء، لكن في أمور غير أساسيّة، لكن إن سألتني اليوم فإنّني سأقول لك بثقة إنني لن أقبل بها. وبصورة عامّة يمكنني أن أقول أن 99% من عملنا كان جادّاً
ووفق الأصول كما أفهمها وأؤمن بها. وأنا على يقين أنّني حقّقت ما حقّقت ليس بالموهبة وحدها بل بتوفيق الله والسّمعة الحسنة والسّعي إلى الرّبح الحلال.

>هل الحظ عامل في النّجاح؟
السّرّ في الفرصة وفي التقاطها في الوقت المناسب. لو انني أردت أن أبدأ عملاً في أبوظبي الآن فإنّ ذلك يحتاج إلى ملايين، ولن يمكنك تحقيق النتائج نفسها لأنّ السوق أصبح فيه لاعبون كُثر ومنافسة. لكنّنا بدأنا مع السّوق في أوائل مراحل الازدهار وهذا عزّز موقعنا مع الوقت. عندما تعمل في سوق لأربعين سنة كما فعلنا تكون اسماً وسمعةً والاسم كلّ شيء أحياناً لأنّ النّاس تعرفك واختبرتك وباتت واثقة من عملك وسلعتك وإتقانك. مثلا فتحنا فرعاً في دُبَيّ ولم يكن لنا وجود هناك. لكنّ العمل انطلق بقوّة لأنّهم يعرفون الاسم من أبوظبي.

>ما هو مستقبل مؤسّسة سَريّ الدين، كيف تحضّر لتأمين الاستمراريّة بعد أنْ تقرّر يوماً التقاعد مثلاً ؟
لا بدّ من تحول الشّركة إلى شركة عائليّة بحيث يصبح أفراد العائلة الواسعة بمثابة مساهمين مالكين، لكنّ الإدارة يجب أن تُعيّن على أساس مِهني وليس بالضّرورة من أفراد العائلة إنْ لم يوجد الشّخص المؤهّل. بالنّسبة للاستمراريّة التي أثرتها ليس بين أبنائي اليوم من هو مهتمّ بالحقل الذي نعمل فيه، فهم تعلّموا وأخذوا المنحى الذي اختاروه. اِبني الأكبر ميسرة تخرّج في الهندسة المعماريّة على نيّة أن ينضمّ إلينا لكنّه بعد أن عمل معنا خمس سنوات عاد واتّجه اتّجاها علميّاً ونال شهادة الدكتوراه في علم النّفس من جامعة باسيفيكا في الولايات المتّحدة وهو يدرِّس في الـ LAU. ربما يفكرون بأخذ دورهم مجدّدا في الشركة في المستقبل، وهذا الأمر يعود إليهم.

>ما هي نشاطات الأعمال التي تقوم بها في لبنان؟
عدت إلى لبنان وفكّرت في العقار باعتباره مجال استثمار مُجْزٍ، وبالفعل اشترينا قطع أراضٍ وبنينا عدداً من البنايات ومازال عندنا قطعتان، ونحن نبني الآن بنايتين في الأونسكو وبناية في الأشرفيّة وأخرى في المزرعة كما نبني “مول” ومركزاً تجاريّاً في قبر اْشمون، وقمنا بتنفيذ مشروع سكني بالقرب من مستديرة الطَّيّونة باتّجاه منطقة الحرج.

تجربة العمل مع المغتربين

>أنت ترأس منذ سنوات طويلة لجنة شؤون الاغتراب في المجلس المذهبي لطائفة الموحّدين الدروز، ما الذي استفدته من عملك مع المغتربين من أبناء الطائفة؟
عندما بدأت العمل في تنظيم شؤون الاغتراب كنت متحمّساً جدّاً لأنني اعتقدت أنّ المغتربين يمثّلون ثقلاً عدَديّاً وإمكانات ماليّة ويمكنهم بالتّالي أن يساهموا في دعم إخوانهم في لبنان. كان لديّ مشاريع مثل إنشاء صندوق عالميّ يُمَوّل من المغتربين. وأذكر أنّني عرضت الأمر على الأستاذ وليد جنبلاط فقال لي: “أنت متحمّس، المغتربون لن يساهموا كما تأمل لأنّهم أصبحوا بعيدين كثيراً”. وبالفعل تبيّن لي في ما بعد أنّ الأستاذ وليد كان يعلم عن وضع المغتربين أكثر مني، فعلى مدى أكثر من ثماني سنوات من العمل مع المغتربين ظهر لي على الأرض صورة مغايرة للطّموحات التي كنت أحملها.

شركة سري الدين تنفذ كافة الأعمال الرخامية لمتحف اللوفر في أبوظبي
شركة سري الدين تنفذ كافة الأعمال الرخامية لمتحف اللوفر في أبوظبي

>هذا يعني أنك أصبحت أكثر واقعيّة؟
أنا الآن واقعيٌّ بالنّسبة لما يمكن توقّعه من المغتربات البعيدة أو “النّهائيّة” وهي المغتربات التي لا يوجد لمغتربيها الدّروز نيّة العودة إلى وطنهم وأنا أتكلّم بصورة خاصّة عن الأمريكيّتين وأستراليا. لكنّني أعتقد أنّ هناك فارقاً بين مغتربيّ المهاجر البعيدة وبين مغتربيّ المهاجر القريبة و”غير النّهائيّة” مثل الخليج وأفريقيا أوحتى أوروبّا. بالنّسبة للمهاجر البعيدة هي مغتربات لها إمكانيّة تذويب الشّخصيّة السّابقة، وقد ذاب كثيرون من الموحّدين الدّروز فعلاً فيها بسبب تفرّقهم جغرافيّاً وعدم وجود مرجعيّة للاهتمام بهم.
في أميركا اللّاتينية مثلا اكتشفنا أنّ القسم الأكبر تبنّى دين البلاد وهو الكاثوليكيّة بينما في الولايات المتّحدة يشرحون الدّين وفق البيئة الأميركيّة وبعضهم أراد أن يمارس التّبشير. والمشكلة هي بالطّبع في الأجيال التّالية من الأولاد الذين لا رابط لهم بالبيئة الأصليّة التي جاء أباؤهم منها، وهؤلاء غالباً انتهَوْا.. اندمجوا!
سأعطيك مثلاً يوضح ما قلته. سافرت ضمن عملي كرئيس للجنة الاغتراب إلى الأرجنتين حيث يوجد مركز ثقافيّ ومكتبة درزيّة أسّسها الأمير مصطفى أرسلان الذي كان مفوّضاً للحكومة العثمانيّة هناك. تبيّن لي أنّ هناك جمعيّة درزيّة “خجولة” إذ لا يتجاوز عدد أفرادها (في كل الأرجنتين) الـ 50 شخصاً. تعرّفت على عائلة القنطار وأصلهم من المتين وهي الآن عائلة كبيرة. شقيقة جدّتي من آل القنطار عندما علمت بوجودي في الأرجنتين قطعت 800 كلم من أجل أن تزورني وتتعرف عليّ مع ابنها الطّبيب. وجدت أن العائلة ثريّة وتملك مستشفى وأعمالاً أخرى. لكنّني اكتشفت أيضاً أنّ هناك ما بين 400 و500 شخص من آل القنطار أصبحوا مع مرور الوقت كاثوليك، بما فيهم شقيقة جدّتي نفسها وابنها الطّبيب. الطّريف أنّني عندما بدأت أخبرهما عن الوطن والدّروز وعن المتين وعن بزبدين وبقية القرى تأثّروا وأجهشوا بالبكاء. ومن شدّة تأثّره وحنينه إلى الوطن فاجأني الطّبيب الشّاب من آل القنطار باقتراح قال: لماذا لا ندمج المذهب الدّرزي مع الكاثوليكية؟! يظنّ أنّه بذلك لا يخسر أسرته في لبنان وفي الوقت ذاته يحافظ عمّا أصبح عقيدته الجديدة في وطنه الأرجنتينيّ. الموضوع طريف بالطّبع لكنّه يدلّ على البَوْن الشاسع الذي نشأ بين نسبة كبيرة من المغتربين وبين موطنهم وعقيدَتَهم الأصلية. لاحظت أنّهم أنشأوا روابط وجمعيّات هدفها اجتماعيّ بالدّرجة الأولى مثل أن يتعرّف الشّباب والشابّات على بعضهم ويشجّع الزّواج بين أبناء العائلات الدّرزية الأصل. لكنّ هذا في نظري ليس كلّ شيء. لذلك أعتقد أنّ على لجنة الاغتراب والمجلس المذهبيّ أن يهتمّا بمغتربي المهاجر القريبة لأنّهم قريبون منّا عاطفيّاً وجغرافيّاً ولأنّهم هم الأكثر مساهمة في قضايا الطّائفة
لاحظت أيضاً أنّ مشكلة الموحّدين الدّروز في المُغتربات البعيدة هي أنّهم متفرقون جغرافيّاً وليست لهم كثافة كبيرة، كما أنّه ليست لهم مرجعيّة ومن دون مرجعيّة من الصّعب الحفاظ على الجماعة وعقيدتها. بالعكس من ذلك الطوائف الأخرى الإسلامية والمسيحية كثيفة العدد ولها مرجعيّات، وهناك اهتمام بها وأموال تردها لبناء الجوامع أو الكنائس، لذلك نجدهم يحافظون على معتقدهم، وهناك على سبيل المثال نحو مليون مسلم في البرازيل وهم في ازدياد. وعندما يسافر المسلم إلى هناك يحصل على دليل يبيّن له أسماء الجمعيّات والمراكز الإسلاميّة التي يمكنه اللّجوء إليها في كلّ مدينة. في الأرجنتين عدد المسلمين يقارب الـ 800,000 أو 2% من السكان.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي