تستمر الضّحى في عددها الجديد (العدد 24، تمّوز 2018) في ترسيخ التوجّهات التي أرستها منذ بضعة أعداد ومحورها الجمعُ بين الأصالة والحداثة في آنٍ معاً. وجرت ترجمة الاستراتيجية تلك، عملياً، في مروحةٍ من الأبواب والموضوعات قطبُها الأساس الإسهامُ المباشر في نشر نماذج حيّة من “الأخلاق التوحيدية” و”تراث العقل” وآيات من الإسهامات الاستثنائية لرجالٍ عظامٍ أو لِسيَرٍ لا تُنسى في تاريخ الموحدين الدروز، الروحي أو السياسي والتاريخي والاجتماعي.
في هذا الجانب الأساس، تضمّن العدد الجديد من الضّحى إسهامات عميقة بدأت بكلمة سماحة “شيخ العقل” التوجيهية، ثم “خطاب العقل”، ف “ثقافة الحوار وقبول الآخر عند الموحدين الدروز”، إلى سلسلة من الإضاءات على شخصيات موحّدة نادرة المثال في الإخلاص للقضايا الوطنية والعربية وفي الإقدام والوصول بفضيلة الشجاعة إلى ذروتها (الشهيد حمد صعب، والعميد عصام أبو زكي).
لكن الجانب الأساس هذا لا يُعفي الضّحى من واجب المقاربة اللصيقة، أيضاً، للمسائل الملحّة الراهنة والماثلة بقوة أمام قراء يومياً وفي كل مكان. وستكون الضّحى كثيرة التجريد وغريبة جداً عن مجتمعها ومشكلات قرّائها وأصدقائها وهمومهم إن لم تفتتح بين صفحاتها مساحات مناسبة للهموم الراهنة تلك والتي أسميناها “مشكلات ومسائل اجتماعية”. في الجانب اليومي الراهن هذا تضمّن العدد إضاءات تفصيلية على مشكلات الشباب الأكثر ألحاحاً والتي أسميناها “الشباب على مفترق خطير”، كما أضأنا تفصيلاً (ولعله سبْقٌ صحافي لمجلة فصلية) على أعمال وتوصيات “مؤتمر جودة الدواء والغذاء والماء” المنعقد في الجامعة اللبنانية قبل بضعة أسابيع وبمشاركة علماء وبحّاثة من جامعات ومراكز أبحاث عدة، ولحظنا التوصيات التفصيلية التي انتهى إليها المؤتمر. ولن تفوت القرّاء أيضاً أهمية مقالة “ترشيد استخدام المياه في الريّ” التي تضمنها العدد الجديد.
وفي بابي “ثقافة وآداب”، و”تحقيقات”، سيجد القارئ أعمالاً أصيلة، قيّمة جداً، لا يفيد معها الاختصار، بل نترك أمر اكتشافها وتقدير أهميتها للقارئ نفسه.
وأخيراً، سيجد قارىء العدد 24 باباً جديداُ أسميناه “مساهمات حرّة” تضمّن مساهمتين كتابيتين مهمتين من الأصدقاء القراء، وتأمل الضّحى أن تتحوّل التجربة هذه إلى تقليد يتعزز عدداً بعد آخر.
هذه هي الضّحى في عددها الجديد (24)، وتبقى غايتها، أولاً وأخيراً، الإسهام ما وسِعها الأمر في نشر تراث العقل وقيم الأخلاق واستذكار الاسهامات المعروفية الوطنية والقومية مع مساحة واسعة لهموم الحداثة والشأن الحياتي لدى قرّائها.
واللّه الموفّق