بعض الأصدقاء الذين تابعوا الأعداد الثلاثة الأولى من المجلة لم يترددوا في التساؤل عمّا إذا كان في الإمكان المحافظة على الزخم والنوعية الرفيعة من المعالجات والمواضيع التي احتوتها الأعداد الأولى. الجواب على تلك التساؤلات يقدمه هذا العدد الرابع من الضحى الذي يصدر بحجم أكبر (148 صفحة مقابل 132 صفحة للعدد السابق) وبتنوع أوسع وتغطية أشمل تمد اهتمام المجلة إلى مختلف النواحي التي تتعلق بها حياة الناس في هذه الفترة الصعبة والحساسة من تطورنا كمجتمع ومن التطور الإنساني عامة. على سبيل المثال، فإننا اخترنا لغلاف هذا العدد موضوعاً غير مسبوق هو كشف النقاب عن الزيف العلمي لنظرية تشارلز داروين في تطور الأجناس، وذلك بالاستناد إلى العلوم الحديثة ولا سيما علوم الأحافير والمتحجرات، والتي أثبتت بطلان نظرية التطور وهدمت أكثر ادعاءاتها ولا سيما الإدعاء بوجود أشكال انتقالية في الحياة داخل الأجناس الحية المختلفة. وجه الأهمية في تناول موضوع الداروينية هو التأثير الخطير الذي تمارسه هذه النظرية في تكوين عقول الشباب – حتى عبر مناهجنا الدراسية – في اتجاه يقود في النهاية إلى التشكك وإلى الضياع في خضم النظريات المادية والإلحادية، والتي كانت دوماً الداعم الأول لنظرية داروين ومزاعمها الكثيرة.
من المواضيع المهمة التي تظهر النهج الصريح والموضوعي للمجلة هو تناول موضوع دور مشيخة العقل وتطوره خصوصاً بعد إصدار قانون تنظيم شؤون طائفة الموحدين الدروز سنة 2006، وكذلك التحقيق عن المؤسسة الصحية في عين وزين والذي تميّز بالصراحة والتناول المباشر للمسائل والتحديات التي تواجه هذه المؤسسة العريقة والمهمة في الحياة اليومية للناس.
نشير في هذا المجال إلى أن الضحى تحافظ على دورها الجامع كمجلة للتراث الروحي المشرقي والإنساني بصورة عامة بدليل التنوع الكبير في المصادر والاختبارات التي تعرضها، والتي تظهر أن الحقيقة واحدة وإن كان التعبير عنها يختلف باختلاف الشعوب وثقافاتها وظروفها ومراحل نموها. وعلى سبيل المثال، فقد أوردنا في هذا العدد ملفاً خاصاً عن الوصايا الفيثاغورسية، وهي تمثل أعلى مستويات الاختبار الروحي والأخلاقي في العصر الذهبي للفلسفة الإغريقية، كما أوردنا موضوعاً شاملاً عن الصحابي الجليل سلمان الفارسي ومقالاً شاملاً عن الحكيم الشهير راماكريشنا الذي كان لشخصيته الفذة والجليلة أثر هائل ليس فقط داخل الهند بل في مختلف بلدان العالم أيضاً. وتضمّن العدد أيضاً مثالاً عن الشاعر الفارسي الحكيم سنائي ومختارات من ديوان الصوفي الكبير أبو بكر الشبلي.
في هذه الأثناء حافظت المجلة على تركيزها المستمر على الأرض وأهمية التعلق بها كجزء من نمط حياة سليمة وصحية، وذلك عبر مواضيع تناولت التنمية الزراعية في الجبل وزراعة الزيتون والكستناء، كما تابعت أيضاً نشر الإرث الشعبي الغني والتعريف بالقرى اللبنانية وإرثها وفي الوقت نفسه التحديات التي تواجهها بسبب ما يسمى “التطور”.
تابعنا أيضاً التركيز على الطاقة المتجددة كبديل اقتصادي وغير ملوث في الكثير من الحالات للطاقة الناجمة عن حرق البترول ومشتقاته، وأوردنا بصورة خاصة إرشادات عملية حول سُبل الأخذ بالطاقة المتجددة وإدخال مزاياها في الحياة اليومية للبيت اللبناني.
وشهد العدد أيضاً إدخال باب عن البيئة وآخر عن الصحة والغذاء يستهدف التعريف بأفضل نظم الغذاء وبالمزايا الغذائية والطبية التي تشتمل عليها الكثير من أعشابنا المعروفة وغير المعروفة.
هذا وصف سريع أردنا منه إعطاء فكرة عن رؤية التحرير وتوضيح الغايات التي تصدر المجلة بهدف تحقيقها أو تحقيق بعضها. ولحسن الحظ فقد لاقت هذه الرؤية تأييداً واسعاً من القرّاء والأصدقاء، وهذا التأييد الحماسي هو ما نعوّل عليه الآن من أجل إنجاح طرح المجلة في الأسواق وعبر المكتبات، فضلاً عن إطلاق حملة اشتراكات الدعم والتي نأمل أن تحقق للمجلة ما يكفي من الموارد للاستمرار وكذلك لتطوير دورها ومساهمتها في ترقية مجتمعنا المعروفي العربي الإسلامي.