«الضرورة تُطيعُ حُبّاً أو قَسْراً العَلِيَّ، الذي يُبدِع كُلَّ شيءٍ في الكون تَناغُماً وفقاً لتَناسُبٍ دقيق»، قالها أفلاطون في مُحَاورَتِه الشهيرة «تيماوس» (Timaeus) مُردِّداً أصداءً عريقة للمفاهيم الفيثاغورية التي تُصوِّر العالَمَ بتناغُمٍ رياضيّاتي، وانسِجامٍ مُوسيقي، وصوفيّةٍ عَدَدِيّة. وانتشرت هذه الرمزيّةُ الفيثاغورية في شتى مُحَاورات أفلاطون الذي كتبَ بغزارةٍ وثراءٍ للعامّة لكنّه أخفَى الحقائقَ و«رَسائِلَه للمستقبل» طَيّ تلك الكلمات. بل إنّ أفلاطون لم يَستلْهِم التناسُبَ المُوسيقي الرياضيّاتي في فَلسفتِه فحسب، بل اعتمده أيضاً في صَوغِ مُحاورَاتِه التي أخْفَت إيقاعاً رياضيّاتيّاً مُوسيقيّاً يتردّد في ما بين عَدَدِ الكلمات والأسطر، والتَناسُقِ الصوتي للكلماتِ والعبارات في كُلّ مُحَاورة، وكأنّما ثمة لَحنٌ خَفِيّ ما وراء ظاهِر الكلمات لا يسمعه إلَّا المُهَيَّأون....
This content is locked
Login To Unlock The Content!