الخميس, نيسان 25, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الخميس, نيسان 25, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

أهمية وجود مطمر تخمير الأعشاب في بساتين الجبل وحدائق المنازل

في هذا العدد تفتتح مجلة “الضُحى” باباً خاصاً يتعلَّق بالثقافة الزراعية وثقافة البيئة، وتبدأه هذه الحلقة الخاصة عن كيفية صُنع مطمر تخمير الحشائش وتحويلها إلى تورب Compost والإفادة منه في الزراعة الجبلية.

كثير من الناس سيفوته مغزى هذا النداء، إذ بات الجميع ينظرون إلى الحشائش على اعتبارها عبئاً وإزعاجات ينبغي التفكير بكيفية التخلّص منه، وبالنظر الى تراجع ثقافة الزراعة والحدائق وانشغال أكثر المالكين في أمور كثيرة وبالنظر الى ارتفاع تكلفة العمالة الزراعية، فقد اتجه الناس في اتجاه خاطئ لتخلّص من تلك الثروة الخضراء وفاتهم أنَّ هناك العديد من الوسائل لتحويل الحشائش إلى ثروة حقيقية عن طريق تخميرها وتحويلها إلى تورب زراعي بدل رشِّها بالمبيدات أو حرقها، كما يتمّ في حالات كثيرة.
في سابق الأيام كانت للأعشاب وظيفة اقتصادية مهمة، بحيث كان يتمّ للتخلّص منها يدوياً بهدف تقديمها كعلفٍ للماشية التي كانت أغلب البيوت تحتوي على واحد أو أكثر منها على الأقل، مثل: البقر، والماعز، والحمير؛ وفي حالات أخرى كان يتمّ ترك الماشية لترعى تلك الحشائش تحت رقابة المالك. كان ذلك ما يمكن اعتباره عهد السلسلة الزراعية المتكاملة، بحيث لم يكن هناك شيء تعطيه الأرض يذهب أو يتلف من دون الإفادة منه.

لكن مع انحسار الاهتمام بالماشية المنزلية فقدت الحاجة إلى استغلال الحشائش، وتسلَّلت من ذلك الباب المبيدات العشبية، ثمَّ ظهرت الآلات المحمولة لقطع الحشيش والتي تتميَّز بفعالية كبيرة لكنها مرتفعة الثمن وتستخدم العمالة والوقود المكلف أيضاً.
يجب الإقرار أولاً بأنَّ استخدام الحشائش كعلف للماشية لم يعدّ كافياً للتخلّص من الكميات الكبيرة التي تنتجه الطبيعة منه في كلِّ ربيع وأحياناً مرتين في العام. وذلك عائد لواقع أنّ الناس انقطعوا عن اقتناء الماشية والإفادة من خيرها، غالباً بسبب هيمنة نظرة الاستعلاء على أسلوب الحياة التقليدي للمزارع وحلول السوبر ماركت كبديل سهل لتأمين احتياجات الغذاء اليوميَّة.
لكن إذا كان استخدام أطنان الحشائش كعلفٍ لم يعدّ عملياً، فإنَّ رشِّها بالمبيدات ليس حلاً لأنَّ الاستخدام الواسع لها له محاذيره الكثيرة لأنَّه مبيدات جهازية، ولأنَّها تلوِّث البيئة ومجاري المياه الجوفية، ولأنَّها قد تؤدِّي إلى خلق حشائش مقاومة للمبيدات ولا يمكن التخلّص منها بتلك الطريقة في المستقبل.
من هنا يطرح الحلّ الأمثل لإعادة استخدام الحشائش في الجبل، وهو تخميرها وتحويلها إلى تورب زراعي مفيد جداً لتخصيب الأرض وتحسين نوعية التربية وزيادة البكتيريا المفيدة فيها، وهو ما يؤدِّي إلى خصوبة عالية وإلى محاصيل ممتازة للفاكهة أو الخضار.

نذكر هنا أنَّ تخمير أوراق الأشجار اليابسة والحشائش البريَّة يعتبر أمراً طبيعياً في حياة المزارعين في شتَّى أنحاء العالم، وهو منتشر في الخارج أولاً لأنَّ له فوائده الكبيرة، وثانياً لأنَّه غير مكلف البتة، كما أنه سهل التطبيق ولا يحتاج إلى خُبرات أو تقنيات خاصة.

أولاً: ما هو تخمير الأعشاب والمواد العضوية؟
تتحوّل بقايا النباتات إلى تورب Compost، عندما تتحلَّل تلك هي وغيرها من المواد العضوية، وتتحوّل بعد مُدَّة من الزمن إلى ما نعرفه بـ “التورب” الزراعي، وهي مادة بنية داكنة أشبه بالتراب، لكنَّها أخفّ بكثير منه وتتميّز أيضاً بأنها غنية بالبكتيريا المفيدة للتخصيب وبموادٍ آزوتية وتساعد على تهوئة التربة والاحتفاظ بالرطوبة لفترة أطول نسبياً. إنَّ استثمار بقايا النبات في صُنع التورب فضلاً عن فوائده العظيمة للتربة وللموسم الزراعي، ينسجم مع اتجاه الناس في كلِّ مكان لإعادة استخدام المواد النباتية العضوية في وجه يُسبِّب الفوائد الجَمَّة للأرض وللمزارعين. ولن نتحدَّث هنا عن تدوير النفايات المنزلية، فهذا موضوع آخر قد نتطرق اليه في المستقبل ويختلف عن تخمير البقايا النباتية للطبيعة.

متى نبدأ عملية التخمير؟
أهمُّ فترة لعملية تخمير النباتات الطبيعية هو فصل تكاثر الحشائش في الربيع لكن قبل أن تبلغ النبات البريَّة مرحلة البلوغ، وبالتالي تكوين البذور لأنَّها في تلك الحال ستحمل الكثير من بذور الحشائش البريَّة إلى مطمر التورب، وهذا يعني أنَّه من الأفضل البدء بتكوين كومة التورب باكراً وأنَّ على المزارع أن يراقب مراحل نموّ الحشائش.
يدخل في كومة التورب أيضاً ما يكون قد جمع في فصل الخريف من أوراق الأشجار المتساقطة، خصوصاً الكرمة والفاكهة وغيرهما من الأشجار، وكذلك ما قد يتجمَّع تحت أحراش السنديان والملول من طبقات من الأوراق اليابسة والتي تكون عملياً في طور التحلُّل بصورة طبيعية. لكن الكمِّية الأكبر التي سيتمّ الحصول عليها هي، ولا شكَّ في الربيع، حيث يمكن حصد الأطنان من تلك الحشائش من الحقل وجمعها بهدف تخميرها. ولا ننسى بقايا شتول الخضار في آخر الصيف وما ينتج عن قلع موسم البطاطا، أو ما قد يتمّ جمعه من الدكان من خضار تالفة.
المهم ألا يضاف إلى كومة التورب الأغصان اليابسة والقاسية لأن تحلّلها يطول سنوات، كما أنَّ وجودها يفقد التورب نعومته ويعرقل “حصاده”، عندما يحين الوقت لذلك، وهو غالباً ربيع العام التالي. ويحذر من إضافة المواد الحيوانية والشحوم والنباتات المصابة أو المريضة أو الضارة، مثل: النجيل، وغيره .

عناصر نجاح كومة التورب

يعتمد نجاح عملية تخمير النباتات وتحويلها على إيجاد البيئة المناسبة داخل كومة التورب، وخصوصاً الرطوبة و”الخميرة” المناسبة والهواء أو الأوكسجين، لأنَّ تحويل التورب يتم بواسطة ملايين وربما مليارات البكتيريا النافعة والكائنات المجهرية التي تبدأ على الفور بالتغذي على النبات وتحويله إلى المادة التوربية الخفيفة وداكنة اللون. وغالباً ما يؤدِّي العمل الهائل لهذه البكتيريات إلى ارتفاع حرارة كومة التورب إلى 70 درجة مئوية، وهذه الحرارة كافية لقتل ما يكون قد تسرَّب من بذور أعشاب ونباتات إلى الكومة، لكن الحرارة العالية موجودة في وسط الكومة وليس على أطرافها، وهذا هو أحد الأسباب التي تدعو المزارع إلى تقليب الكومة من حين إلى آخر، بحيث يدفع بالمواد الموجودة في الغلاف الخارجي للكومة إلى الداخل.
ويتمُّ الحصول على بيئة مناسبة داخل كومة التورب أو المطمر، عن طريق الحفاظ على توازن جيِّد بين العناصر الأربعة الرئيسية المكوِّنة لعملية التخمير؛ وهي:
– المواد الكربونية: وتأتي من الحشائش اليابسة.
– المواد الآزوتية: وتأتي بالدرجة الأولى من الأعشاب الخضراء والسماد العضوي.
– الرطوبة: ويتم توفيرها عبر رش المياه قليلاً على الكومة، إذا كانت مائلة إلى الجفاف، أو إضافة نسبة كافية من النباتات الخضراء.
– أخيراً هناك الهواء أو الأوكسجين الضروري لمدِّ البكتيريا العاملة على تحليل النباتات بالطاقة الحيوية لعملية التحليل.
التوازن يعني أنَّه من الأفضل أن لا تكون الرطوبة عالية (عبر الريّ الكثيف بالمياه)، لأنَّ ذلك قد يفسد التورب فيجعله لزجاً، كما أنه يقلِّل الهواء والأوكسجين اللازم للبكتيريا، كما أنَّ النيتروجين مصدر مهم للبروتين الذي تستخدمه البكتيريا وهو يأتي من النباتات الخضراء ومن السماد العضوي، لكن كثرة النيتروجين على حساب الكربون، قد تُفسد عملية التخمير.

يعتمد نجاح عملية تخمير النباتات وتحويلها على إيجاد البيئة المناسبة داخل كومة التورب، وخصوصاً الرطوبة و«الخميرة» المناسبة والهواء أو الأوكسجين

مواقع بناء كومة التورب

أفضل أنواع التخمير تلك التي تتمّ ضمن “خندق” طبيعي، أو يتمّ حفره وعند وجود حقول مترامية الأطراف، يجب على المزارع أولاً تعيين الأماكن المناسبة لإنشاء أكوام التورب ومن الأفضل اختيارها، بحيث يمكن تغطية الأرض وتخفيف عبء نقل الأعشاب من مكان إلى آخر.. وقد تقدم طبيعة الأرض نفسها تجاويف طبيعية يمكن استخدامها لجمع النباتات المراد تخميرها، لكن يمكن للمزارع ببساطة جمع التورب في أكوام أو “تلال” لكن فعالية عملية التخمير لن تكون نفسها.

بناء كومة التورب

يجب على المزارع بناء كومة التورب على شكل طبقات بسماكة 30 أو 40 سم لكل طبقة، وأن يفلش فوق كل طبقة خميرة التورب التي يمكن أن تكون مزيجاً من السماد العضوي، مثل: سماد الدجاج المنزلي (لا تستخدم سماد الدجاج الآتي من المزارع)، أو سماد الماعز أو البقر، الذي يضاف إليه التراب (مقدار تنكة أو أكثر حسب حجم الكومة)، ويفضل سماد الدجاج لأنه السماد العضوي الوحيد الذي يحتوي على نسبة عالية من الفوسفور (نحو 7 في المئة)، وكلَّما تمَّ جمع طبقة من الحشائش والنباتات بهذه والنباتات بهذه الصورة يجب ريّها بالمياه لإعطاء المزيج الرطوبة اللازمة لتحلُّل الخميرة وازدهار البيئة البكتيرية داخل الكومة وتكاثرها. ثم يبدأ بجمع الطبقة التالية من الحشائش والعناصر العضوية إلى أن يتمّ استهلاك الحشائش كلها، عندها يمكن أن تغطى الكومة بستار (شادر) بهدف زيادة الحرارة في الداخل وإطلاق عملية التحلُّل وتخفيف عملية تبخُّر الرطوبة، الأمر الذي قد يخل بالتوازن داخل الكومة لأنّ جفاف كومة الحشائش يؤخِّر عمل البكتيريا ويضعف تكاثرها. 

من المهم هنا أن تكون كومة التورب محتوية على مزيج من الحشائش والنباتات اليابسة والخضراء، وذلك بهدف الإبقاء على توازن الكومة لأنَّ النباتات الخضراء تحتوي على نسب عالية من النيتروجين، كما أنَّها تُسهم بتوفير الرطوبة للكومة ولعمل البكتيريا.
من المهم أيضاً اختيار موقع كومة التورب في مكان ظليل واجتناب المواقع التي تتعرّض للشمس معظم النهار.
العمل الأهم في تحليل كومة الأعشاب والنباتات تقوم به ملايين البكتيريا في المرحلة الأولى، وهذه يمكنها تحمُّل الحرارة العالية التي قد تصل في وسط الكومة إلى 70 درجة. لكن مع تقدُّم عملية التحلُّل تبدأ كومة التورب بخسارة حرارتها العالية، فتدخل في عملية التخمير عندها أنواع عديدة من الطحالب والفطريات والكائنات المجهرية. وفي المرحلة الأخيرة من التحلُّل والتخمُّر سنجدّ في كومة التورب حشرات مختلفة ودود الأرض وخنافس وغيرها، وهذه تأتي في المرحلة الأخيرة لتُسهم في عملية التفكيك والتحليل العضوي للكومة.

طريقتان للتخمير

هناك طريقتان معروفتان لتخمير التورب:
-1 التخمير البارد: حيث لا يحتاج المزارع إلى قلب الكومة في مرحلة التخمر أو تهويتها، وفي هذه الحال فإنَّ نضج التورب وحصاده يحتاجان إلى ما بين 6 أشهر أو سنتين.
-2 التخمير الحار: الذي يستخدم فيه قلب الكومة وتهوِئتها، وأحياناً إضافة بعض الرطوبة إليها يسرع في عملية تحليل المواد العضوية بحيث أن كومة التورب قد تصبح جاهزة في 6 أو 8 أسابيع.
إنَّ اختيار الطريقة المُثلى يتوقَّف على المزارع. إذا كانت الأرض تنتح  كمِّيات كبيرة من الحشائش، فإنَّ المزارع قد يختار تجميعها في أكوام أو خنادق عديدة ويصبر عاماً واحداً لحصاد الموسم الأول من التورب . وفي هذه الحال فإنَّ الحصاد قد يحصل في الربيع، بحيث يتمّ جمع التورب في أماكن مُخصَّصة له (من الأفضل جمعه في “كاراج” أو تخشيبة كبيرة في الحديقة)، وبحيث يتمُّ إخلاء الخنادق أو أماكن التخمير لتستقبل الأكوام الجديدة من الأعشاب والحشائش. وهنا فإنَّه من الأفضل الإبقاء على كمِّية من التورب وخلطها مع الأعشاب الجديدة لأنَّ ذلك يسرِّع في انطلاقة عملية التخمير.

متى يمكن “حصاد” التورب؟
يصبح التورب جاهزاً لاستخدامه في تحسين التربة عندما تتحلَّل الأعشاب والمواد العضوية تحلُّلاً تاماً، ويصبح التورب مثل التراب الخفيف وبلون البني الداكن أو المسوّد. ويُستدلُّ على نُضج التورب أيضاً من تراجع الحرارة في داخله، ممَّا يعني أنَّ عملية التخمير والإنضاج قد بلغت منتهاها.
ومن المهم عدم استخدام التورب غير الناضج في التربة لأنَّ البكتيريا التي لا تزال حيَّة في التورب غير المكتمل، ستدخل في تنافس مع البكتيريا المتواجدة في التربة، الأمر الذي قد يؤدِّي إلى مظاهر نقص في تغذية النبات.

كيف يستخدم التورب؟
إذا كانت الأرض تنتج كمِّيات كبيرة من التورب، فبإمكان المزارع فلشه على التربة بسماكة 4-8 سم ثم حرثه بحيث يختلط بالتربة مشكِّلاً طبقة من التراب الخفيف الذي يحفظ الرطوبة ويمرِّر الهواء، هذا فضلاً عن كونه مقوّى بعناصر التغذية والخصوبة التي يحتاجها النبات. مثل هذا التراب ينتج محاصيل متفوِّقة وممتازة من حيث النشاط والنموّ وقوَّة الثِمار. وأكثر ما يفيد هذا الأسلوب في الأرض الفقيرة أو الدلغانية التي تحتاج إلى تحسين تركيبتها العضوية وخصائصها البيولوجية. وفي هذه الحالات فإنَّه من المفيد إضافة السماد العضوي إلى التورب قبل حرث التربة، والحصول تالياً على مزيج متوازن وغني للزرع. تجدر الإشارة إلى أنَّ الاستخدام المُتكرِّر للتورب في تخصيب وتعديل تركيبة التربة يؤدِّي مع الزمن إلى تربة سوداء ناعمة وغنية وسهلة المعاملة، وهو ما سيشكِّل أفضل مكافأة للمزارع الصبور والمثابر.
في الحالات التي يكون فيها إنتاج التورب محدوداً يمكن للمزارع تركيز

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading