الأربعاء, أيار 8, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الأربعاء, أيار 8, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

أوقاف الدروز في التاريخ المعاصر

أوقاف الدروز في التاريخ المعاصر

الأمير السيد والشيخ أمين الدين وضعا أسسها
لكن الأهواء وضعف الإدارة عرقلا مسيرتها

تفاهم كمال جنبلاط الأمير مجيد أرسلان حسم الخلافات
وقانون 2006 وضع دستور مرحلة المؤسسات

اهتم الموحدون الدروز بالوقف كصدقة جارية، وطبقوا بشأنه نظمهم الاسلامية، ويعتبر الأمير السيد جمال الدين عبدالله التنوخي (ق)، أول من طبق مفهوم الوقف على نطاق واسع في الطائفة من خلال وقفيته المؤرخة سنة 884 هـ/ 1379 م، والتي سميت بالوقف التنوخي وشملت أموالاً معلومة، لمصلحة رجال الدين والمساكين والمهمشين. وسلك بعض المشايخ التقاة من الأعيان لاحقاً مسلك السيد الأمير، ومن أبرز هؤلاء الشيخ أحمد أمين الدين، الذي تولى مشيخة العقل وكان يتمتع بمكانة رفيعة في إمارة جبل لبنان. وقد أوصى الشيخ أمين الدين الذي توفي سنة 1224 هـ/ 1809م. بجميع أملاكه في عبيه والبنيه وغيرهما من قرى الشحار الغربي وقفاً لطائفة الموحدين الدروز، وهي أملاك واسعة تقدّر بمئات آلاف الأمتار. ومن هذه الأوقاف أنشئت مدرسة الداودية”.
هذا الوقف الخيري العام هو الأكبر مساحة، أما الأكبر من حيث القيمة المادية فهي أوقاف بيروت نظراً لأهمية العاصمة وللإرتفاع الكبير الذي طرأ على أسعار الأراضي فيها.
تشكّل الوقف الخيري عند الموحدين الدروز من هاتين الكتلتين الوقفيتين (الامير السيد والشيخ أمين الدين)، وتكمن أهميتهما في أنهما وضعتا وبحسب إرادة الواقف في تصرف مشيخة العقل.
أما الأوقاف الخيرية الأخرى، وبالرغم من كثرتها وتنوّعها وتوزّعها على مناطق جبل لبنان، فلم يكن لها دور مهم في مجتمع الموحدين الدروز، ومع أنها شكّلت قضية خلافية في زمن ادارتها، الا أن آثارها المادية والمعنوية بقيت محدودة ومن بين تلك الأوقاف وقف الشيخ ناصيف أبو شقرا من قرية عماطور الذي دوّن وصيته بخط يده سنة 1161ه/ 1748م، وزاد عليها ملحقاً سنة 1164 ه/ 1750م.
هذا بالإضافة إلى أوقاف ذرية حلّت مع الزمن. وخفت مع مرور الوقت الحماسة لإجراء الوقفيات المهمة وتباطأت حركة الوقف خصوصا بسبب الأوضاع التي سادت بين الستينات والتسعينات من القرن الماضي، إلى أن توقفت الوقفيات الجديدة بصورة شبه كلية، أضف إلى ذلك أن الأوقاف القائمة نفسها تعرّضت للإهمال بسبب غياب إدارة فعّالة لها ثم بسبب تراجع ثقافة الوقف، كما حصلت انقسامات وخلافات داخل الطائفة وأدت تلك النزاعات إلى وضع اليد على الأوقاف من قبل بعض المستثمرين، ورسمت تلك الأمور صورة على قدر من السلبية أثرت كثيراً في دعم الجمهور الدرزي للأوقاف.

إنشاء المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز:
كان التفاهم الذي تمّ في مطلع الستينات بين قطبي الطائفة كمال جنبلاط والأمير مجيد أرسلان واشترك فيه شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ محمد أبو شقرا تطوراً إيجابياً مهماً بالنسبة لأوضاع الأوقاف، إذ تمكّن مجلس النواب اللبناني بسببه من إصدار قانوني 13 تموز 1962 اللذين نظما إنشاء “المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز”و “انتخاب شيخ عقل لطائفة الموحدين الدروز”. وأعطي المجلس المذهبي بموجب قانون العام 1962 في مادته الأولى حق “الإشراف على الأوقاف وعلى مؤسسات وجمعيات الطائفة الدرزية باستثناء خلوات البيّاضة التي أبقيت تحت إشراف وتصرف شيوخها.
وحمل القانون المشار إليه ما اعتبر في ذلك الوقت بداية التشريع لضبط الأوقاف ومعالجة حالة التسيب التي سادت لفترة من الزمن، إذ نصت المادة الثالثة من القانون على أنه”لا يجوز بيع أو شراء أو استبدال أو رهن أو تأجير جميع أو بعض الأوقاف العائدة للطائفة الدرزية، أو ايجاد حق عيني عليها أو تغيير بنائها من دون مصادقة المجلس”.
على الرغم من الاتفاق السياسي بشأن هذين القانونين فإنهما لم يستقبلا بالإجماع الذي كان مأمولا من الطائفة. فقد اعترض على القانون أولاً شيخ عقل الدروز الثاني الشيخ رشيد حماده وشاركه في الاعتراض متولي الأوقاف السيد عارف النكدي. ودعا الشيخ حمادة أبناء الطائفة الى مقاطعة انتخاب أعضاء المجلس المذهبي. أما النكدي فاعترض على “إهمال المدارس وبخاصة الداودية وإقحام المؤسسات الخيرية في قوانين عامة”. ويوم انتخاب المجلس المذهبي بتاريخ 23 تشرين الاول 1962 استقال عارف النكدي بموجب برقية معتبراً أن مهمته انتهت وأنه يقوم موقتاً بتصفية العلاقات التي تعود للأوقاف”، وبعد أخذ ورد قرر المجلس تعيين مدير عام جديد، واتخذت الاجراءات الإدارية الكفيلة بإحصاء الأوقاف العامة.
وقدمت دعاوى أمام القضاء المدني لتصحيح الملكية العقارية لعدد من العقارات، وصدرت أحكام ببعضها لصالح المجلس المذهبي وبعضها الآخر كان لا يزال قيد النظر حتى نهاية القرن العشرين، ومن المؤسسات التي أخرجت من حلبة التجاذب المدرسة الداودية وأوقافها والمدرسة المعنية.
استمر المجلس المذهبي المؤسس حسب قانون 1962 في إدارة الأوقاف العامة حتى سنة 1970 حيث تعذر إعادة تشكيله بطريقة الانتخاب لأسباب سياسية، كما شغر مركز المدير العام للأوقاف بعد 15 آذار 1992 وبالرغم من العثرات التي واجهت مشيخة العقل بشخص الشيخ محمد أبو شقرا، فقد كان هناك توافق ضمني ضمن الطائفة على الإبقاء على واقع الأوقاف العامة مجمداً بما فيه الدعاوى التي ينظر فيها القضاء المدني اللبناني.
وبعد وفاة الشيخ أبو شقرا سنة 1991 اختير الشيخ بهجت غيث، قائما مقام شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، الذي كلف لجنة مؤقتة للأوقاف، الى أن صدر في 29 تشرين الثاني 1999 المرسوم الرقم 1767 الذي قضى بتأليف مجلس سمي “مجلس أمناء أوقاف الطائفة الدرزية” تمّ بموجبه نزع صلاحيات شيخ العقل من كل ما يتعلق بالأوقاف، ولكن هذا المرسوم طعن بدستوريته، فأبطل بعد سنة 2000.
بعد هذه المراحل المتقلبة في طائفة الموحدين الدروز وانعكاسها على “الأوقاف” التي غدت في حالة تجاذب مستمر، كان لا بد من اتخاذ قرارات حاسمة تنظمها. وجاءت الظروف الملائمة مع انتخاب المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز بتاريخ 24 حزيران 2006، والذي انتخب “لجنة الأوقاف الدرزية” التي أوكل اليها وضع استراتيجيّة متكاملة للاهتمام بهذه الأوقاف بعد إجراء مسح شامل لأنواعها، وتوزُّعها الجغرافي، وحاجات ترميمها، ومساحات الإفادة من الخدمات الممكن أن تقدّمها بغية تعزيزها، أو الاستثمار فيها في ما لو كان يحكمها الشلّل، الى إطلاق آلية تدقيق في المحفظة المالية لكلّ منها، وتسوية أوضاع ما بات يحتاج منها الى ترتيب قانوني أو إداري أو مالي مع إزالة التعديات حتماً عن تلك التي تعرّضت لذلك، والدّفع باتجاه استملاكات جديدة.
تسلّمت رئاسة المجلس المذهبي الدرزي ولجنة الاوقاف، من مجلس الأمناء وبلغت قيمة المحفوظات 1.307.103 دولار أميركي. كما تسلّمت من الشيخ سلمان عبد الخالق محفظة مليئة بالشؤون القانونية والدعاوى المتعلقة بتنظيم الأوقاف. أمّا الشيخ بهجت غيث، وفي مراجعة معه لمحفظته، أفاد بأنّ الاموال النقدية التي كانت في عهدته استعملت في تحسين مقام النبي أيوب عليه السلام والطريق المؤدية اليه، كما أن مشيخة العقل ولجنة الاوقاف تسلمتا مقام الست شعوانة (ر) ، ومقام النبي أيوب (ع)، ومقام الامير السيد عبدالله (ق)، وبقيت محفظة خاصة لمقام الامير السيد( ق) في عبيه بأمانة الشيخ أبو محمود سعيد فرج.

ن. ع.

ما هو الوقف

الوقف قانوناً هو تخصيص عقارات وأموال لنفع عيال الله الذين يستحقونه من رجال الدين والفقراء الذين يستحقون المساعدة. وهذا الوقف على نوعين: وقف عام ووقف ذري.
الوقف العام الخيري يبقى موقوفاً ليوم الدين ولا يمكن حلّه بأي طريقة. أما الوقف الذري، فهو عائلي حيث يقف أحد الناس مالاً ويمنع التصرف به لفترة. وينص القانون على انه مع انقضاء طبقتين (جيلين) من تاريخ وقف هذا المال أو العين يستطيع الورثة التقدم بدعوى حل الوقف الذري الى المحكمة المذهبية الدرزية، وتبلّغ الأوقاف العامة الدرزية بالدعوى التي تتمثل بها للاستفادة من حصة خيرية قيمتها 15 % من قيمة الوقف المنوي حلّه وتجيّر لنفع العموم.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading