الخميس, نيسان 25, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الخميس, نيسان 25, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

إبن عطاء الله السكندري

الحكم العطائية

لعطاء الله السكندري

ذاعت شهرتها كأهم دليل موجز للمريد
في مجاهداته ومراقبته الدائمة لأحواله

تعتبر حكم ابن عطاء الله السكندري من أكثر النصوص الصوفية ذيوعاً في العالم وقد اكتسبت “الحكم العطائية” شهرتها الواسعة ليس فقط بسبب النظر إليها كدليل للسالكين في طريق الله، بل وبالدرجة الأولى نظراً للأسلوب المحكم والموجز الذي صيغت به تلك الحكم من دون ترتيب محدد للمواضيع لكن مع توال في السياق يجعل كلاً من تلك الحكم تمهد لما يتبعها أو تفصلها أو تشرحها.
ومن المؤكد أن ابن عطاء الله استهدف في استخدام صيغة الحكم الموجزة والمحكمة المعاني جَعْلَ كلا من تلك الحكم موضوعاً لتأمل المريد أو معيناً له على إدراك حاله ومقامه وما يعترض طريقه في السلوك من قواطع النفس أو امتحانات الحق تعالى. وأهم ما بني عليه سلوك التوحيد الصوفي هو الاعتقاد بأن الطريق إلى الله طريق مجاهدات ومراقبة وتضحية حتى المحو والموت عن النفس الترابية والقطع الكامل معها. لكن طريق المريدين إلى مرادهم محفوف بالامتحانات ومخاطر الشطط والوقوف والسقوط في حبائل الهوى وقد أراد ابن عطاء الله لذلك أن يضع بين أيدي هؤلاء دليلاً يمكن اعتباره رفيق الطريق والمعين عليها في حضور المرشد أو في غيابه..

من هو ابن عطاء الله
ولد ابن عطاء الله السكندري وعاش في القرن السابع الهجري وعاصر بذلك أعلاماً كبار مثل محي الدين ابن عربي وأبو الحسن الشاذلي وأبو العباس المرسي وأحمد البدوي وجلال الدين الرومي وابن الفارض وإبراهيم الدسوقي, لكن لم يلتق معظم هؤلاء في الغالب. كان رجلاً صالحاً عالماً يتكلم على كرسي ويحضر بين يديه خلق كثير، وكان لوعظه تأثير في القلوب، وكان له معرفة تامة بكلام أهل الحقائق وأرباب الطريق. تدّرج في طريق القوم على يد الشيخ ياقوت وقبله على يد الشيخ أبي العباس المرسي وقال عنه الشيخ زروق: “كان جامعاً لأنواع العلوم من تفسير وحديث وفقه ونحو وأصول وكان واعظا انتفع به خلق كثير وسلكوا طريقه”.
سلوكه طريق الصوفية
أشار ابن عطاء الله في كتابه لطائف المنن إلى حادثة التقائه بشيخة فقال إنها جاءت بعد مجادلته أحد أصحاب أبو العباس المرسي إذ قال له “ليس إلا أهل العلم الظاهر وهؤلاء القوم يدّعون أموراً عظيمة وظاهر الشرع يأباها” لكن ابن عطاء الله عاد وقال في نفسه بعد تلك، الخصومة: “دعني أذهب أنظر إلى هذا الرجل فصاحب الحق له أمارات”. ويقول:” أتيته فوجدته يتكلم في الأنفاس التي أمر الشارع بها فأذهب الله ما كان عندي” وعلى أثر ذلك تحول ابن عطاء الله إلى أحد خواص أصحاب الشيخ المرسي وقد لازمه اثني عشر عاماً حتى أشرقت أنواره عليه وصار من صدور المقربين.

مختارات من الحكم العطائية

مِنْ عَلامَةِ الاعْتِمادِ عَلى العَمَلِ نُقْصانُ الرَّجاءِ عِنْدَ وُجودِ الزَّللِ.
اجْتِهادُكَ فيما ضُمِنَ لَكَ وَتَقصيرُكَ فيما طُلِبَ مِنْكَ دَليلٌ عَلى انْطِماسِ البَصيرَةِ مِنْكَ.
لا يَكُنْ تأَخُّرُ أَمَدِ العَطاءِ مَعَ الإلْحاحِ في الدُّعاءِ مُوْجِباً لِيأْسِكَ. فَهُوَ ضَمِنَ لَكَ الإِجابةَ فيما يَخْتارُهُ لَكَ لا فيما تَخْتارُهُ لِنَفْسِكَ. وَفي الوَقْتِ الَّذي يُريدُ لا فِي الوَقْتِ الَّذي تُرْيدُ.
الأَعْمالُ صُوَرٌ قَائَمةٌ، وَأَرْواحُها وُجودُ سِرِّ الإِخْلاصِ فِيها.
كَيْفَ يُشْرِقُ قَلْبٌ؛ صُوَرُ الأَكْوانِ مُنْطَبِعَةٌ في مِرْآتهِ؟ أَمْ كَيْفَ يَرْحَلُ إلى اللهِ وَهُوَ مُكَبَّلٌ بِشَهْواتِهِ؟ أَمْ كَيْفَ يَطمَعُ أنْ يَدْخُلَ حَضْرَةَ اللهِ وَهُوَ لَمْ يَتَطَهَرْ مِنْ جَنْابِةِ غَفْلاتِهِ؟ أَمْ كَيْفَ يَرْجو أَنْ يَفْهَمَ دَقائِقَ الأَسْرارِ وَهُوَ لَمْ يَتُبْ مِنْ هَفْواتِهِ؟!
الكونُ كلُّهُ ظُلْمةٌ وإِنَّما أَنارَهُ ظُهورُ الحقِّ فيهِ. فَمَنْ رَأى الكَوْنَ وَلَمْ يَشْهَدْهُ فيهِ أَوْ عِنْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَه فَقَدْ أَعْوَزَهُ وُجودُ الأَنْوارِ. وَحُجِبَتْ عَنْهُ شُموسُ المَعارِفِ بِسُحُبِ الآثارِ.
ما تَرَكَ مِنَ الجَهْلِ شَيْئاً مَنْ أَرادَ أَنْ يَحْدُثَ في الوَقْتِ غَيْرُ ما أَظْهَرَهُ اللهُ فيِهِ.
طَلَبُكَ مِنهُ اتِّهامٌ لَهُ. وَطَلَبُكَ لَهُ غَيْبَةٌ مِنْكَ عَنْهُ. وَطَلَبُكَ لِغَيْرِهِ لِقِلَّةِ حَيائِكَ مِنْهُ. وَطَلَبُكَ مِنْ غَيْرِهِ لِوُجودِ بُعْدِكَ عَنْهُ.
ما مِنْ نَفَسٍ تُبْدْيهِ إلّا وَلَهُ قَدَرٌ فيكَ يُمْضيهِ.
ما تَوَقَّفَ مَطْلَبٌ أنْتَ طالِبُهُ بِرَبِّكَ. وَلا تَيَسَّرَ مَطْلَبٌ أَنْتَ طالِبُهُ بِنَفْسِكَ.
مِنْ عَلاماتِ النُّجْحِ في النِّهاياتِ، الرُّجوعُ إلى اللهِ في البِداياتِ.
مَنْ أَشْرَقَتْ بِدايَتُهُ أَشْرَقَتْ نِهايَتُهُ.
اخْرُجْ مِنْ أوْصافِ بَشَرِيَّتِكَ عَنْ كُلِّ وَصْفٍ مُناقِضٍ لِعُبوديَّتِكَ لِتَكونَ لِنِداءِ الحَقِّ مُجيباً، ومِنْ حَضْرَتِهِ قَريباً.
أَصْلُ كُلِّ مَعْصِيَةٍ وَغَفْلَةٍ وَشَهْوةٍ؛ الرِّضا عَنِ النَّفْسِ. وَأَصْلُ كُلِّ طاعَةٍ وَيَقَظَةٍ وَعِفَّةٍ؛ عَدَمُ الرِّضا مِنْكَ عَنْها. وَلَئِنْ تَصْحَبَ جاهِلاً لا يَرْضى عَنْ نَفْسِهِ خَيرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَصْحَبَ عالِماً يَرْضى عَنْ نَفْسِهِ
كانَ اللهُ وَلا شَيْءَ مَعَهُ، وَهُوَ الآنَ عَلَى ما عَلَيْهِ كانَ.
العَجَبُ كُلُّ العَجَبِ مِمَّنْ يَهْرُبُ مِمَّنْ لا انْفِكاكَ لَهُ عَنْهُ، وَيَطْلُبُ ما لا بَقاءَ لَهُ مَعَهُ. }فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ{.
لا تَرْحَلْ مِنْ كَوْنٍ إلى كَوْنٍ فَتَكونَ كَحِمارِ الرَّحى؛ يَسيرُ وَالمَكانُ الَّذي ارْتَحَلَ إلَيْهِ هُوَ الَّذي ارْتَحَلَ عَنْهُ. وَلكِنِ ارْحَلْ مِنْ الأَكْوان إلى المُكَوِّنِ، }وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى{.
لا تَصْحَبْ مَنْ لا يُنْهِضُكَ حالُهُ وَلا يَدُلُّكَ عَلَى اللهِ مَقالُهُ.
مِنْ عَلاماتِ مَوْتِ القَلْبِ عَدَمُ الحُزْنِ عَلَى ما فاتَكَ مِنَ المُوافَقاتِ. وتَرْكُ النَّدَمِ عَلَى ما فَعَلْتَهُ مِنْ وُجودِ الزَّلّاتِ.
لا يَعْظُمِ الذَنْبُ عِنْدَكَ عَظَمَةً تَصُدُّكَ عَنْ حُسْنِ الظَّنِّ باللهِ تَعالى، فإنَّ مَنْ عَرَفَ رَبَّهُ اسْتَصْغَرَ في جَنْبِ كَرَمِهِ ذَنْبَهُ.
لا صَغيرَةَ إِذا قابَلَكَ عَدْلُهُ. وَلا كَبيرَةَ إِذا واجَهَكَ فَضْلُهُ.
النّورُ جُنْدُ القَلْبِ، كَما أَنَّ الظُلْمَةَ جُنْدُ النَفْسِ. فإذا أرادَ اللهُ أنْ يَنْصُرَ عَبْدَهُ أَمَدَّهُ بِجُنودِ الأَنْوارِ وَقَطَعَ عَنْهُ مَدَدَ الظُلَمِ وَالأَغْيارِ.
لا تُفْرِحْكَ الطّاعَةُ لأَنَّها بَرَزتْ مِنَكَ، وَافْرَحْ بِها لأَنَّها بَرَزتْ مِنَ اللهِ إلَيْكَ. }قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ{.
ما بَسَقَتْ أَغْصانُ ذُلٍّ إلّا عَلى بِذْرِ طَمَعٍ.
ما قادَكَ شَيْءٌ مِثْلُ الوَهْمِ.
أنْتَ حُرٌ مِمّا أنْتَ عَنْهُ آيِسٌ. وَعَبْدٌ لِما أنْتَ لَهُ طامِعٌ.
مَنْ لَمْ يُقْبِلْ عَلى اللهِ بِمُلاطَفاتِ الإحْسانِ قِيْدَ إلَيْهِ بِسَلاسِلِ الامْتِحانِ.
مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النِّعَمَ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِزَوالِها، وَمَنْ شَكَرَها فَقَدْ قَيَّدَها بِعِقالِها.
إنَّما جَعَلَ الدّارَ الآخِرَةَ مَحَلّاً لِجَزاءِ عِبادِهِ المُؤْمِنينَ؛ لأَنَّ هَذِهِ الدّارَ لا تَسَعُ ما يُريدُ أنْ يُعْطِيَهُمْ. وَلِأَنَّهُ أَجَلَّ أَقْدارَهُمْ عَنْ أنْ يُجازِيَهُمْ في دارٍ لا بَقاءَ لَها.
إذا أَرَدْتَ أنْ تَعْرِفَ قَدْرَكَ عِنْدَهُ فانْظُرْ في ماذا يُقيمَكَ.
خيرُ ما تَطْلُبُهُ مِنْهُ ما هُوَ طالِبُهُ مِنْكَ.
الحُزْنُ عَلى فُقْدانِ الطّاعةِ مَعَ عَدَمِ النُّهوضِ إلَيْها مِنْ عَلاماتِ الاغْتِرارِ.
رُبَّما أَعْطاكَ فَمَنَعَكَ وَرُبَّما مَنَعَكَ فأَعْطاكَ.
كَفى مِنْ جَزائِهِ إيّاكَ عَلى الطّاعَةِ أَنْ رَضِيَكَ لَها أَهلاً.
مَنْ عَبَدَه لِشَيْءٍ يَرْجوهُ مِنْهُ أَوْ لِيَدْفَعَ بِطاعَتِهِ وُرودَ العُقوبَةِ عَنْهُ، فَما قامَ بِحَقِّ أَوْصافِهِ.
مَتى أعْطاكَ أَشْهَدَكَ بِرَّهُ، وَمَتى مَنَعَكَ أَشْهَدَكَ قَهْرَهُ. فَهُوَ في كُلِّ ذلِكَ مُتَعَرِّفٌ إلَيْكَ وَمُقْبِلٌ بِوُجودِ لُطْفِهِ عَلَيْكَ.
رُبَّما فَتَحَ لَكَ بابَ الطّاعَةِ وَما فَتَحَ لَكَ بابَ القَبولِ. وَرُبَّما قَضى عَلَيْكَ بِالذَّنْبِ فَكانَ سَبَبَاً في الوُصولِ.
مَعْصِيَةٌ أَورَثَتْ ذُلاً وافْتِقاراً خَيرٌ مِنْ طاعَةٍ أوْرَثَتْ عِزّاً وَاسْتِكْباراً.
مَتى أَوْحَشَكَ مِنْ خَلْقِهِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ يُريدُ أَنْ يَفْتَحَ لَكَ بابَ الأُنْسِ بهِ.
لا تُطالِبْ رَبَّكَ بِتَأَخُّرِ مَطْلَبِكَ وَلكِنْ طالِبْ نَفْسَكَ بِتَأَخُّرِ أَدَبِكَ.
وُرودُ الإمْدادِ بِحَسَبِ الاسْتِعْدادِ. وَشُروقُ الأنْوارِ عَلى حَسَبِ صَفاءِ الأسْرارِ.
الغافِلُ إذا أَصْبَحَ يَنْظُرُ ماذا يَفْعَلُ، وَالعاقِلُ يَنْظُرُ ماذا يَفْعَلُ اللهُ بِهِ.
لولا جَميلُ سَترِهِ لَمْ يَكُنْ عَمَلٌ أهْلاً لْلْقَبولِ.
النّاسُ يَمْدَحونَكَ لِما يَظُنُّونَهُ فيكَ، فَكُنْ أنْتَ ذاماً لنَفسِكَ لِما تَعْلَمُهُ مِنها.
إذا أَرَدْتَ أنْ يَفْتَحَ لَكَ بابَ الرَّجاءِ فاشْهَدْ ما مِنْهُ إلَيْكَ. وَإذا أَرَدْتَ أنْ يَفْتَحَ لَكَ بابَ الخَوفِ فاشْهَدْ ما مِنْكَ إلَيْهِ.
حَظُّ النَّفْسِ في المَعْصِيَةِ ظاهِرٌ جَليٌّ، وَحَظُّها في الطّاعَةِ باطِنٌ خَفيَ، وَمُداواةُ ما يَخْفى صَعْبٌ عِلاجُهُ.
غَيِّبْ نَظَرَ الخَلْقِ إلَيْكَ بِنَظَرِ اللهِ إلَيْكَ، وَغِبْ عَنْ إقْبالِهِمْ عَلَيْكَ بِشُهودِ إقْبالِهِ إلَيْكَ.
مَنْ عَرَفَ الحَقَّ شَهِدَهُ في كُلِّ شَيْءٍ، وَمَنْ فَنِيَ بِهِ غابَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَمَنْ أحَبَّهُ لَمْ يُؤْثِرْ عَلَيْهِ شَيئاً.
إنَّما حَجَبَ الحَقَّ عَنْكَ شِدَّةُ قُرْبِهِ مِنْكَ.
إنَّما احْتَجَبَ لِشِدَّة ظُهورِهِ، وَخَفِيَ عَنِ الأبْصارِ لِعِظَمِ نُورِهِ.
جَلَّ حُكْمُ الأزَلِ أَنْ يَنْضافَ إلى العِلَلِ.
رُبَّما دَلَّهُمُ الأَدَبُ عَلى تَرْكِ الطَّلَبِ اعْتِماداً عَلى قِسْمَتِهِ وَاشْتِغالاً بِذِكْرِهِ عَنْ مَسْألَتِهِ.
مَنْ أُذِنَ لهُ في التَّعْبيرِ فُهِمَتْ في مَسامِعِ الخَلْقِ عِبارَتُهُ، وَجُلِّيَتْ إلَيْهِمْ إشارَتُهُ.
مِنْ عَلاماتِ اتِّباعِ الهَوى المُسارَعَةُ إلى نَوافِلِ الخَيْراتِ، وَالتَّكاسُلُ عَنِ القِيامِ بِالواجِباتِ.
مَنْ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَ النِّعَمِ بِوجْدانِها عَرَفَها بِوُجودِ فُقْدانِها.
تَمَكُّنُ حَلاوَةِ الهَوى مِنَ القَلْبِ هُوَ الدّاءُ العُضالُ.
أنْوارٌ أُذِنَ لَها في الوُصولِ وَأَنوارٌ أُذِنَ لَها في الدُّخولِ.
فَرِّغْ قَلْبَكَ مِنَ الأَغْيارِ تَمْلأهُ بِالمَعارِفِ والأسْرارِ.
لا تَسْتَبْطِيءْ مِنْه النَّوالَ، وَلكِنِ اسْتَبْطيءْ مِنْ نَفْسِكَ وُجودَ الإقْبالِ.
ما فاتَكَ مِنْ عُمُركَ لا عِوَضَ لَهُ، وَما حَصَلَ لَكَ مِنْهُ لا قيمَةَ لَهُ.
ما أحْبَبْتَ شَيئاً إلا كُنْتَ لَهُ عَبْداً، وَهُوَ لا يُحِبُّ أنْ تَكونَ لِغَيْرِهِ عَبْداً.
لا يَزيدُ في عِزِّهِ إقْبالُ مَنْ أَقْبَلَ، وَلا يَنْقُصُ مِنْ عِزِّهِ إدْبارُ مَنْ أدْبَرَ.
وُصولُكَ إلى اللهِ وُصولُكَ إلى العِلْمِ بِهِ، وَإلّا فَجَلَّ رَبُّنا أنْ يَتَّصِلَ بِهِ شَيْءٌ أوْ يَتَّصِلَ هُوَ بِشَيْءٍ.
النَّعيمُ وإنْ تَنَوَّعَتْ مَظاهِرُهُ إنَّما هُوَ بِشُهودِهِ وَاقْتِرابِهِ. وَالعَذابٌ وَإنْ تَنَوَّعَتْ مَظاهِرُهُ إنَّما هُوَ لِوجودِ حِجابِهِ. فَسَبَبُ العَذابِ وُجودُ الحِجْابِ، وإتْمامُ النَّعيمِ بِالنَّظَرِ إلى وَجْهِ اللهِ الكَريمِ.
مِنْ تَمامِ النِّعْمَةِ عَلَيْكَ أنْ يَرْزُقَكَ ما يَكْفيكَ وَيَمْنَعَكَ ما يُطْغيكَ.
العِلْمُ النّافِعُ هُوَ الَّذيِ يَنَبِسِطُ في الصَّدْرِ شُعاعُهُ ويُكَشَفُ بِهِ عَنِ القَلْبِ قِناعُهُ.
خَيرُ عِلْمٍ ما كانَتِ الخَشيَةُ مَعَهُ.
إذا عَلِمْتَ أنَّ الشَّيْطانَ لا يَغْفُلُ عَنْكَ فَلا تَغْفُلْ أنْتَ عَمَّنْ ناصِيَتُكَ بِيَدِهِ.
مَنْ أثْبَتَ لِنَفْسِهِ تَواضُعاً فَهُوَ المُتَكَبِّرُ حَقّاً. إذْ لَيْسَ التَّواضُعُ إلّا عَنْ رِفْعَهٍ. فَمَتى أثْبَتَّ لِنَفِسَكَ تَواضُعاً فَأنْتَ المُتَكَبِّرُ حَقّاً.
التَّواضُعُ الحَقيقيُّ هُوَ ما كانَ ناشِئاً عَنْ شُهودِ عَظَمَتِهِ وَتَجَلّي صِفَتِهِ.
المُؤْمِنُ يَشْغَلُهُ الثَّناءُ عَلى اللهِ عَنْ أنْ يَكونَ لِنَفْسِهِ شاكِراً. وَتَشْغَلُهُ حُقوقُ اللهِ عَنْ أنْ يَكونَ لِحُظوظِهِ ذاكِراً.
الكائِنُ في الكَونِ، وَلَمْ تُفْتَحْ لَهُ مَيادينُ الغُيوبِ، مَسْجونٌ بِمُحيطاتِهِ، وَمَحْصورٌ في هَيْكَلِ ذاتِهِ.
أنْتَ مَعَ الأكْوانِ ما لَمْ تَشْهَدِ المُكَوِّنَ، فَإذا شَهِدْتَهُ كانَتِ الأكْوانُ مَعَكَ.
كَيْفَ تَطْلُبُ العِوَضَ عَلى عَمَلٍ هُوَ مُتَصَدِّقٌ بِهِ عَليكَ، أمْ كَيْفَ تَطْلُبُ الجَزاءَ عَلى صِدْقٍ هُوَ مُهْديهِ إلَيْكَ؟!

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading