الجمعة, نيسان 19, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, نيسان 19, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

إفتتاحية رئيس التحرير

ثوابت مجلة … مستمرّة

هوذا العدد 22 من الغرّاء، الزاهرة دائماً، بإذن الله.
يتوجب علي بداءةً، منطقياً وأخلاقياً، وفي مفتتح العدد الجديد (العدد 22)، التعبيرعن خالص تقديري للذين أولوني، أواخر العام الفائت، شرف رئاسة تحرير ، أخصّ بالذكر سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز القاضي نعيم حسن – الوافر الاحترام – وإخوانه أعضاء مجلس الإدارة واللجنة الادارية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز. ومن الطبيعي، بل المُلزم، بالتالي، أن أبادلهم ثقتهم الغالية بالعمل الدؤوب، في كل المجالات، وبوضع ما أملك من إمكانات ومعرفة وخبرة في خدمة الغرّاء لتستمر أمينة على الرسالة الثقافية والروحية والوطنية والأخلاقية التي وُجدت من أجلها، بل لتزداد رسوخاً في رسالتها السامية، وتألقاً في صورتها البهية، كما في سعيها لاستقطاب أوسع جمهور يجتمع بفرح حول صفحاتها وموضوعاتها وكتّابها، تملأه الثقة التامة بأهمية ما يقرأ، وبعلمية وموضوعية من يقرأ لهم، أولئك الذين نقّبوا وبحثوا وكتبوا ونشروا في . و معنيةٌ، أولاً وأخيراً، باهتمامات جمهورها، وأسئلته، وإذا شاء بنقده وملاحظاته أيضاً.
نقول هي معنية باهتمامات جمهورها، وتلك هي أكثر الصيغ بساطة في التعريف بـ وهويتها وماهيتها. فـ في الأصل ليست مطبوعة أخرى تنضاف إلى ما هو موجود من مطبوعات، ولا هي مجرد مجلة فصلية ثقافية رصينة تنافس ما هو قائم من مجلات ثقافية أخرى.
في الحقيقة أكثر من ذلك. هي، بتعبير دقيق، مجلة ثقافية ملتزمة، وذات مرجعية فكرية واضحة. لذلك فهي تتوجه إلى مجتمعها، ووطنها، وأمتها بأهداف عامة متميّزة وبرسالة اجتماعية محددة.
فعلى صعيد الأهداف العامة، تلتزم من دون تردد المرتكزات الروحية والعقلانية والأخلاقية والوطنية الجامعة هوّية لها، وعلى قاعدة توجهها الثقافي والفكري الأساسي. وأولى مرتكزاتها الفكرية قناعتها الثابتة الراسخة أنْه من غير المنطقي، أو المقبول، النظر إلى الكون وما فيه كما لو كان تجميعاً للمصادفات والأسباب المادية الآلية وغير الآلية لا أكثر. وقناعتها أيضاً أنه من غير المنطقي أو القبول اعتبار حياة البشر فوضى من دون قاعدة أو مسرحاً للتوحش من دون حساب تطغى فيه القوة والشر والفساد على ما هو حق وخير وفضيلة، ومن دون حساب أو محاسب، ولا رقيب أو مراقب.
لا ترى ذلك البتة. الكون هو بخلاف ذلك تماماً، والمجتمع أيضاً. فالكون بما فيه، ومن فيه، من تنوع عجيب مدهش في الكائنات، ومن تكامل وانتظام يفوقان الوصف، إنما يدلّان بجلاء إلى فعل الخلق العظيم وما انطوى عليه من خير ورحمة وغاية وجمال، وإلى الخالق من ثمة، بعيداً عن غطرسة وغرور هذا أو جهل وتجاهل ذاك.
أما في المجتمع، فرسالة تقوم في الحض على الأخذ بالعلم والعقل والثقافة، وبأسباب النهوض والتقدم والوحدة بين المواطنين؛ وعلى اعتبار الآخر أخاً في الإيمان بالله والرسُل والملائكة واليوم الأخِر، وفي فعل الخير والأعمال الصالحات؛ وهو أخٌ أيضاً في المواطنة، في القرية والحي والبلدة والمدينة والوطن، كما في الأخلاق الحميدة. الأخلاق والمواطنة حقلان محددان يلتقي فيهما، وعلى أهدافهما، المواطنون، كلّ المواطنين، تحت سلطة القانون ووازع الآداب العامة.
بهذه المعاني، الروحية والأخلاقية والوطنية، تتوجّه وكتّابها إلى جمهورها: تدعوهم أولاً إلى القراءة ثم القراءة ثم القراءة، وتخاطب، ثانياً، ما انطووا عليه من قوى وطاقات خيّرة، ما يسهم بالتأكيد في تنمية مواقفهم الإيجابية، وطرائق تواصلهم، وحوارهم، واجتماعهم الذي يجب أن يكون على البر والخير، وعلى إعلاء المصلحة العامة والشأن العام والأخلاق، وتحكيم العقل – لا الغرائز أو العصبيات – في حياتنا الفردية والاجتماعية والوطنية.
مع رئيس تحريرها الجديد ستبقى كما كانت دائماً: أمينة على أهدافها الروحية والأخلاقية والوطنية، كما على رسالتها الاجتماعية أعلاه. وكما كانت في السابق، ستستمر في المستقبل منفتحة على كل رأي، ترحب بكل مساهمة أو اجتهاد لا يتناقضان وهويتها وماهيتها وأهدافها الجامعة. لا مكان في ، لا سابقاً ولا في المستقبل، للسياسة بالمعنى اليومي المباشر، ولا لكل ما يشقّ الصف الوطني الواحد، ولا ما يجزّئ أو يقسّم أو يحرّض أو يستفز. هي مجلة الوحدة الوطنية في الوطن، اللبناني والعربي؛ هي مجلة التجديد الفكري والنهضوي والاجتماعي؛ وهي أخيراً مجلة الوحدة الدينية الروحية في الإطار الإسلامي المنفتح الواسع، تماماً كما هي مجلة قبول الآخر، المختلف.
هذه هي ، على مستوى الهوية والأهداف، في العدد الجديد وما سليه، وكما كانت في كل أعدادها السابقة.
لكن تعدُ أيضاً بالتجديد والتطور، وهما سمتا الكائنات الحيّة، سمة كل ما هو مخلوق وحيّ. فالسنوات الثماني التي تلت إعادة إطلاق أظهرت بطرائق مختلفة ما هو ثابت وضروري ومطلوب من أبوابها، ويجب الاحتفاظ به، وما يحتاج إلى تعديل لجهة الحجم والمساحة والموضوعات، ويجب تعديله، وما هو جديد ونافع وضروري، فيجب الأخذ به وإضافته. وستظهر هذه التغييرات تدريجاً بدءاً من هذه العدد، وبما يخدم أولاً وأخيراً رسالة ومصلحة جمهورها واهتماماته.
باختصار،
، مجلة الوحدة في زمن التمزق، بل التشظّي والتذرر. لقد أراد أعداء أوطاننا وأمتنا العربية الإجهاز على ما تبقى من وحدة سياسية لبلداننا، ومن وحدة اجتماعية بين مكوناتها. وللرد على ذلك، بات علينا في كل عمل أو خطاب نسوقه تجنّب زيادة التوتر والتمزّق، والحضّ بالعكس على كلّ ما يسهم في استعادة وحدة أوطاننا ومجتمعاتنا والسلم الأهلي فيها.
مجلة العقل والعقلانية في زمن الجنون، واللامعقول الذي لم ترَ مثله عين أو تسمع به إذن، أو يخطر ببال، حتى في أكثر الأزمنة السابقة جهلاً وسواداً. لقد فشى الجهل وطغى خطاب الغرائز والعصبيات حتى بات عنواناً مع الأسف للمرحلة هذه، و معنية بقدر ما تستطيع في إعلاء خطاب العقل لا الغرائز.
مجلة التنوع الثقافي والروحي في مجتمعاتنا العربية وباعتباره عامل إغناء لهذه المجتمعات وإظهاراً لإسلامنا المنفتح المتسامح الذي جذب حتى اليهود إلى مجتمعه السمح، ناهيك بالمسيحيين المشرقيين وهم شركاء المسلمين في كل حلٍّ وترحال، في انتصاراتهم كما في هزائمهم، وما الموقف الأخير لرؤساء الطوائف المسيحية من مؤامرة الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني غير برهان آخر على تمسكهم، كما شركاؤهم في الوطن، بالثوابت الوطنية القومية الجامعة.
مجلة المسؤولية في ممارسة الحرية، أيّاً كان مجالها؛ فالحريات التي تمارس اليوم في بعض جوانب المجال الإعلامي، وبخاصة المرئي منه، باتت لا تمت بصلة لا الإخلاق المعروفة فقط، وإنما للثوابت والبدهيات الاجتماعية المسلّم بها. لقد غدا الانحراف هو السائد والقاعدة وعلى حساب الأسس والقواعد الأخلاقية التي نطقت بها أدياننا، أو بلغتنا من التراث الناصع لأسلافنا. ولن تتوانى في الدفاع عن المسألة الأخلاقية واعتبارها واسطة العقد في حياتنا الاجتماعية، من البيت والأسرة، إلى المدرسة، إلى المجتمع في مجاله الأوسع.
و، إلى ذلك، هي الذاكرة الثقافية لمجتمعنا ووطننا وأمتنا. فالجماعات لا تعيش من دون ذاكرة. وقد قدّمت جماعتنا التوحيدية لأوطانها، كما لمحيطها العربي والإسلامي، رجالاً أفذاذاً تركوا بصمات عميقة الأثر في صفحات أزمنتهم، بل أمسكوا أحياناً بناصية أهم القرارات التاريخية، فما اختاروا إلا ما فيه مصلحة عليا لوطنهم وأمتّهم، متناسين ما يتطلبه ذلك من تضحيات تجرّعوا علقمها عن طيب خاطر. وفي العدد 22 هذا نتوقف عند علمين من بين أولئك الرجال: كمال جنبلاط – الإنسان والمثقف والمعلّم – نحتفل بمئوية مولده بملف خاص تفتتحه بالمناسبة، والأمير شكيب ارسلان.
و، أخيراً وباختصار، هي مجلة الاعتدال. وإذا كان الاعتدال هو رمز الحكمة والعدل في كل زمن، فهو في زمن الغلو والتطرف الذي نعيشه أكثر إلحاحاً وأولوية، وكما قال سماحة شيخ العقل القاضي نعيم حسن في تقديمه لأحد أعداد السابقة. فسماحته يدفع، وعن حق، بفضيلة الاعتدال إلى المقدمة، وذلك بجعلها ركناً من أركان ممارسة التوحيد، حين يقول: «…يجب التنبّه إلى إلى أخلاق الموحّد هي اعتدال الميزان في عقله وقلبه…والتوحيد إما أن يكون ثمرة الاعتدال، وإما أنه لن يتحقق بالطريقة التي يستشعر فيها الإنسان غبطة الداخل التي سمّاها السلف الصالح “فضيلة الذات”. والاعتدال في يعني، عملياً، نوع الموضوعات التي ننتقي الكتابة فيها، ثم شكل الكتابة نفسها، فتأتي علمية، موضوعية، موثقة، وخلواً مما يحيل او بستثير إلى عاطفة أو غريزة أو عصبية. الغرائز والعنصبيات لا مكان لهما في خطاب مجلة .
هي ذي بعض ثوابت أحببنا التذكير بها، تذكير أنفسنا كما الآخرين، لنؤوب دائماً إلى سواء السبيل، في قولنا وخطابنا كما في أفعالنا وبخاصة تلك التي تتحول بدورها إلى قاعدة وسابقة يقتدى بها، ولطالما كانت سِيرُ أهل التوحيد مضرب المثل في صدق النية كما في حُسنِ القول والمسلك، وخطاب سيكون في خط الثوابت التوحيدية الغرّاء تلك.
وبعد
يقتضي الواجب التنويه بالمساعدة الإدارية والتقنية التي لقيتها من أمانة سرّ المجلس، ومن الفريق التقني فيه، في خلال الفترة القصيرة التي تسلّمت فيها مسؤولية تحضير هذا العدد. كما أنوّه بالجهود الصادقة المخلصة التي بذلها رئيس التحرير السابق، الصديق الأستاذ رشيد حسن، في إعلاء كلمة وإيصال رسالتها الخيّرة والنبيلة إلى أوسع جمهور ممكن.

والله وليّ التوفيق.
رئيس التحرير
د. محمّد شـيّا

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading