لم يكن الانفجار الكارثي الذي هزّ أرجاء العاصمة وأشعل مرفأ بيروت، مسبوقًا بظروفٍ معيشيّة طبيعيّة، فقد أرخت الأزمة الاقتصادية التي اشتدّت منذ أواخر العام الماضي، بظلالها على مختلف الشرائح الاجتماعية، في مشهديّةٍ أعادت إحياء زمن الحروب والأزمات، لا سيّما مع عودة بروز طوابير الخبز والغذاء والتهافت على مادّتَي البنزين والمازوت، وحتّى على الكاز والشّمع مع زيادة ساعات التقنين الكهربائي. فالأزمة التي ربطت مصير اللبنانيّين بالسعر اليومي لصرف الدولار الأميركي قيّدت مفاصل حياتهم كافّة، بعد أن بات قُوْتهم اليومي رَهن العملة الصعبة مع الارتفاع الجنوني في أسعار المواد والسلع الغذائية والاستهلاكية.
هي مرحلةٌ عصيبةٌ أجبرتْ المواطنين على استرجاع أساليب بدائيّة ظنّوا أنّه قد عفا عليها الزمن، وإذ بهم يسارعون إلى شراء المؤن الغذائية وتغيير أنماط حياتهم، سواءً لناحية التركيز على الأولويّات أو التخلّي عن العديد من الأصناف والماركات، واللجوء إلى بدائل أرخص بِغضّ النّظر عن الجَوْدة والنوعية.
وفي جولةٍ لمجلة «الضحى»، يتّضح حجم المعاناة التي تقاسيها العائلات في الجبل، كما السّبل العمليّة المُتَّخذة لمواجهة التحديات الراهنة، حيث تداعت النساء على وجه التحديد إلى تدارك الواقع الأليم باتّباع آلية تقشّفيّة دفعت نحو ابتكار أصنافٍ جديدة أو تعلّم طرق إنتاج وتحضير أصنافٍ أخرى باعتبارها الملاذ الوحيد للصمود بوجه الفقر والجوع، كما أرغمتْ اللّواتي اعتدْنَ بيع المنتجات البلدية، على الاحتفاظ بها لعائلاتهنّ والتوقّف عن الإنتاج.
ماجدة أبو زكي الأعور: الغلاء الفاحش يعيق منتجاتنا البلدية
ففي بلدة قرنايل، تتفنّن السيدة ماجدة أبو زكي الأعور في ابتكار منتجاتٍ جديدة من المربّيات كمربّى البطيخ والتوت الهزّاز أو في إعداد كعكتَي الشاي والكنافة وخبز البرغر واللبن واللبنة والجبنة، سعيًا منها إلى احتواء الأزمة، لا سيّما أنّها من السيّدات اللّواتي اعتدن تحضير المنتجات البلدية لعائلتها، قبل أن تحوّل وزوجها مطعمهما الصغير إلى محلٍّ لبيع هذه المنتجات من الكشك وعصير ودبس البندورة إلى دبس الفليفلة الحلوة والحَرّة، مرورًا بدبس الرّمان ومكدوس ومربّى الباذنجان وورق العنب، إلى التين المطبوخ والتين “كويزات” واليابس ومربّى الخوخ والمشمش، إلى جانب تجفيف الفليفلة الحرّة والملوخية.
ماجدة، الوالدة لشابّين والأستاذة المتعاقدة منذ 20 عامًا، باشرت التقشّف في المصروف المنزلي بشكل جدّي، خصوصًا أنّها لا تحصل على راتبها بشكل كامل وأنّ حركة البيع لدى المحلّ أصبحت خفيفة جدًا مع الارتفاع الجنوني للدولار بعد أن كانت قد انعدمت مع الحجر المنزلي، ما اضطرّهم إلى الإقفال خلال تلك الفترة. “على صعيد البيت، لقد استبعدنا اللّحوم واكتفينا بشراء الدجاج والبيض، كما أصبحنا نبحث عن أرخص النوعيّات ونفكّر مليًّا إن كنّا سنشتري أُوقية من الجبنة والمرتديلا والحبش أم لا، فالأسعار ارتفعت كثيرًا حتّى إبريق الحليب أصبح باهظًا وكذلك دواء الغسيل والنسكافيه والموزاريلا وغيرها الكثير”، تقول الأعور…
وتضيف: “على صعيد المحل طالما حلمنا بتطويره، غير أنّ ظروف البلد عاكستنا وعجزنا عن تحضير أيّ من المنتجات البلدية هذه السنة، حيث لا زلنا نبيع ما تبقّى من منتجات العام الماضي”. وتتساءل: “كيف أنتج الكشك وكيلو البرغل ارتفع أربعة إلى خمسة أضعاف لغاية شهر تموز/ يوليو 2020، وكذلك اللبن الذي ارتفع بما يقارب ثلاثة أضعاف، وهل لي أن أبيعه بأقلّ من 50 ألف ليرة لبنانية كحدّ أدنى بعد أن كان كيلو الكشك بـ 20 و 25 ألف ليرة؟! أين قيمة تعبي وجهدي، وأين كلفة المواد؟!”.
وتتابع الأعور: “الأمر ذاته بالنسبة لمربّى المشمش، حيث ارتفع الكيلو بما يقارب خمسة أضعاف وكذلك ارتفع سعر كيلو السكر، ناهيك عن كلفة الغاز وكلفة دزينة الأوعية التي قاربت 25 ألف ليرة بعد أن كانت خمسة أو ستة آلاف ليرة، حتّى أنّ الخضار والفاكهة على أنواعها من بندورة وكرز وغيرهما باتت باهظة الثمن ولا يمكن الحصول عليها لإنتاج المونة المنزلية. للأسف نحن نأكل بعضنا البعض”.
وتختم بالقول: “لا يجوز أن يشكو أهل الجبل من نقص الخبز وأن يصطفّوا أمام الأفران، بل علينا العودة إلى الخبز على الصاج كما إلى الزراعة”.
جيهان ضو عبد الخالق: عُدنا إلى أيام زمان
“كل شيء تغيّر”، تقول جيهان ضو عبد الخالق من بلدة مجدلبعنا، “فنحن نعيش فعليًّا حالة تقشّف تراعي الأزمة الحالية، وما كان بوسعنا سوى العودة إلى أيام زمان، حيث بدأنا نعتمد على الإنتاج المنزلي سواء للألبان أو الأجبان أو المكدوس أو المونة على أنواعها، ولم يعد بإمكاننا شراء هذه المنتجات جاهزة، كما كنّا سابقًا نظرًا لكوننا نساء عاملات”.
جيهان، التي تجمع بين عملها المنزلي ودوامها المدرسي كمعلّمة منذ 20 عامًا، تثابر مع أبنائها الثلاثة على سدّ حاجاتهم المعيشية منذ أن توفّي زوجها، غير أنّ الوضع اليوم بات صعبًا، لا سيّما أنّ ابنها وابنتها يعملان بنصف راتبٍ، وابنتها الصغرى لا تزال في مرحلة الجامعة. وتقول: “ربطة الخبز أصبحت بألفَي ليرة، فكيف يمكن للعائلات الكبيرة أن تشتري الخبز؟!”، مشيرةً إلى أنّ البعض ينوي إعداد الكشك في المنزل، وكذلك المخلّلات من خيار ومقتي وغيرهما، وأنا منهم، لا سيّما في ظلّ المصير المجهول”.
وتضيف: “استغنينا عن أصنافٍ كثيرة، فعلى سبيل المثال لم نعد قادرين على شراء الباب الأول والماركات المعروفة من كل صنف غذائي أو استهلاكي، وبتنا نبحث عن بدائل لهذه الأصناف بأسعارٍ مقبولة أو بأسعارٍ أرخص، بغضّ النظر عن الجَودة والنوعية”.
وترى عبد الخالق أنّ “على النساء في الجبل التأقلم مع الظروف الاقتصادية الصعبة، تمامًا كما فعلن زمن الحرب الأهلية، كون المرأة أثبتت قدرتها على الصمود، إلى جانب ريادتها في مجال العمل داخل المنزل وخارجه”، آملةً أن “يتدبّر المواطنون والمواطنات أحوالهم/نّ وأن تتحسّن أوضاع لبنان بعد أن عاثه الفساد، لدرجة أنّني أصبحتُ كغيري على استعدادٍ تام للهجرة ولو في هذه السن، حيث سأكون أوّل من يحمل حقيبة السفر في حال استمرار هذا الواقع المأزوم”.
ليلى أبو نجم مطر: لن نفرّط بمونة العام الماضي
من جهتها، تكشف الشيخة ليلى أبو نجم مطر أنّ “نمط الحياة قد تغيّر كثيرًا خلال هذه الأزمة، غير أنّ المرأة في الجبل قادرة على التأقلم وتدبير أمورها وأسرتها، سواءً لناحية لجوئها إلى المونة المنزلية أو الخبز على الصاج أو إلى جمع “السّليقة” البريّة، أو حتّى إعداد الطعام باستخدام موقدة الحطب في حال ارتفع سعر الغاز أو انقطع”.
ليلى التي تتّخذ من المونة المنزليّة سبيلًا لسدّ حاجات عائلتها ووسيلةً لبيع ما تيسّر منها، علّها تسند زوجها المزارع الذي يعاني بدوره ارتفاعًا في أسعار المبيدات والأدوية الزراعية، تقول: “على صعيد المنزل، تقشّفنا في كل شيء فقد استغنينا عن اللّحوم والمعلّبات والمرتديلا وغيرها، ولم يبقَ سوى الدجاج “بفشّلنا خلقنا” وفي حال ارتفع سعره نستغني عنه”.
وتضيف: “عدنا إلى العدس والحِمَّص والبرغل والمعكرونة والزعتر الذي أقوم وزوجي بجمعه، كما أنّنا نعتمد على المونة القديمة من زيت الزيتون وورق العنب والبازيلاء الخضراء المجمّدة والجزر المجمّد، إلى دبس البندورة والخلّ وكبيس الخيار والمقتي وغيرهما من المخلّلات، وكذلك الكشك وعصير التوت. وسنبدأ بإنتاج الطحينة للاستهلاك المنزلي فحسب. وأواظب كذلك على تأمين الخبز لأولادي من خلال الخبز على الصاج رغم ارتفاع سعر الطحين والخميرة والغاز، عوض الوقوع تحت رحمة الأفران وغلاء سعر ربطة الخبز”.
أمّا على مستوى منتجاتها البلدية، فتشرح مطر “كيف توقّفت حركة البيع كلّيًّا بسبب الأزمة، غير أنّ الارتفاع الجنوني للأسعار أعاق قدرتنا على إعداد أيّة مونة جديدة، كما أرغمنا على الاحتفاظ بما تبقّى من مونة العام الماضي والتي كانت مُخصّصة للبيع، وعدم التفريط بها سعيًا إلى سدّ حاجات العائلة”، وتتساءل: “كيف لي أن أعدّ مكدوس الباذنجان على سبيل المثال وكلّ مواده الأساسية باهظة الثمن؟! كيف سأعدّ الكبيس الذي يحتاج إلى زيت الزيتون؟!”.
ليلى التي يبقى مدخولها وزوجها هو الأساسي لإعالة عائلتهما المؤلّفة من 5 أفراد، تسرد كيف أنّها اعتادت قبل الأزمة ألّا تغفل عن صنفٍ يمكن إنتاجه للبيع من نعنعٍ ومردكوشٍ وحبقٍ يابسٍ، ولوبياء، وورق عنب، وفليفلة حرّة، وكبيس مقتي وخيار وكبيس مشكّل، ومكدوس، وصلصة بندورة، ودبس البندورة، ودبس الرمان، وكشك، وزيتون، ومربّى الباذنجان، وكبيس الجزر والدرّاق، والتين المطبوخ، ومربّى ليمون البوصفير وغيرها من المنتجات التي تحرص على تدوين تاريخ إنتاجها.
فيفيان هلال حريز: مُرغمون على التقشّف
“صحن البيت”، مشروعٌ منزليّ أرادت من خلاله السيّدة فيفيان هلال حريز أن تقدّم لزبائنها من معلّمات المدارس والموظّفات وحتّى ربّات المنازل، وجبة غذاءٍ بيتيّة يوميّة تلبّي أذواقهنّ وعائلاتهنّ، غير أنّ الظروف التي عصفت بالبلد أجبرتها على تعليق المشروع في شهر آذار/ مارس الفائت.
حريز، التي ما لبثت أن أسّست مشروعها العام الماضي دعمًا لزوجها، تواجه اليوم كغيرها من المواطنين والمواطنات أزمةً حقيقيّةً بعد أن خفّ الطلب على الصحن اليومي بشكلٍ كبيرٍ وتوقّف عمل زوجها الذي كان يسعى إلى تأمين مدخول بسيطٍ من خلال بعض أعمال التجارة الحرّة، إلى جانب ابنهما الكبير الذي يعمل في الخارج. وتقول: “تغيّر نمط حياتنا بأكمله ولم نعد قادرين على شراء كل ما نرغب به، فالأولويّة للطعام والدواء والطبيب والحالات الطارئة. تخلّينا عن العديد من الكماليّات والثياب والأواني المنزلية وغيرها، لكنّنا سنواصل الدعاء بأن تتحسّن أوضاع البلد”.
لم تكن تدرك فيفيان من بلدة رأس المتن، أنّ طموحها بتطوير مشروعها سيصطدم بالغلاء الفاحش الذي أرغمها على رفع سعر الوجبة بدايةً من 10 آلاف ليرة لبنانية إلى 12 ألف ليرة بحلول السنة الحالية 2020، قبل أن توقف مؤخّرًا العمل نهائيًّا تفاديًا للبيع بخسارة.
وتوضح أنّها كانت تُعدّ كلّ يوم وجبتين أساسيّتين (وجبة لحمة ووجبة زيت أو خضار) ليتمّ الاختيار بينهما، بالإضافة إلى صحن سلطة أو شوربة وقطعة حلويات، وتضيف: “كان ابني الأصغر يساعدني بعد دوام جامعته في توصيل الطلبيّات (الدليفري)، بدءًا من رأس المتن وصولًا إلى حمّانا، مرورًا بقرنايل، ففالوغا، وبتخنيه، والقلعة، وبزبدين وأرصون. كما أنّني استقدمتُ عاملةً أجنبيّةً لتساعدني في أعمال التنظيف والجلي، وحاليًّا مع أزمة الدولار لم يعد أمامي أيّ خيار سوى إعادتها إلى بلدها الأم”.
وتتابع حريز: “على الصعيد المنزلي، استغنينا عن المعلّبات واللّحوم ولجأنا إلى كلّ ما يعتمد على الخضار والإنتاج الزراعي ولا تترتّب عنه كلفة باهظة. كما أنّنا أصبحنا نكتفي بالمونة المنزلية التي تشمل الخضار القابلة للتجفيف مثل الملوخية وغيرها، حيث يتعذّر علينا حاليًّا الاعتماد على تقنية التجميد في ظلّ الانقطاع المستمر للتيّار الكهربائي، كما نركّز على المونة التي يمكن حفظها خارج البرّاد مثل الكشك، علمًا أنّ سعر الحليب الطازج قد ارتفع وكذلك سعر البرغل”.
وإذ تؤكّد أنّها لن تكون قادرة على إعداد مونةٍ منزليّة متنوّعة كما الأعوام السابقة نتيجة ارتفاع الأسعار، تشير إلى أنّها ستعتمد على “المونة القديمة من فاصولياء عريضة ولوبياء وملوخية ومكدوس ودبس البندورة والمخلّلات والمربّيات، حيث إنّه من الصعب إنتاج مربّيات جديدة مع غلاء السكر والمشمش على سبيل المثال، وسنكتفي فقط بمربّى التين، كون شجرة التين موجودة في أرضنا. فنحن مرغمون اليوم على التقنين وتخفيف المصروف”.
غنى الجردي: استرجعنا المأكولات القديمة
غنى الجردي، الشابّة الجامعية التي بادرت وشقيقتها وزوجة أخيها إلى شراء الأصناف الغذائية القابلة للتخزين، خوفاً من انقطاعها، وإلى الاستغناء عن الأصناف الباهظة الثمن وشراء الأرخص أو حتّى الاستغناء نهائيًّا عن البعض منها، تقول: “عدنا إلى المأكولات القديمة التي تعتمد على الطحين ودبس البندورة والحبوب كالمجدَّرة وغيرها، وابتعدنا عن اللّحوم التي كنّا نعتمد عليها بكثرة لدى إعدادنا الطعام، أو بتنا نضع القليل منها”.
وتضيف: “نركّز اليوم على إعداد المخلّلات وورق العنب، حتّى أنّنا قمنا بإعداد كبيس الذرة، وبتخزين كميات من الجزر واللوبياء والبازيلاء، وبتجفيف الملوخية. كما بادرنا إلى إنتاج جبنة الموزاريلا والجبنة البلدية واللَّبنة والمربّيات، ونحن بصدد إعداد الكشك”.
وتتابع الجردي: “استغنينا عن الزبدة والشوكولا وعن أصناف الباب الأول والنوعية ذات الجودة العالية، وتقشّفنا حتّى في المواد الاستهلاكية من صابون وشامبو ومحارم ورقية وغيرها. كما أنّنا أصبحنا نحرص على إعداد الكمية اللازمة من الطعام اليومي، عوض إعداد كميّات كبيرة ومن ثمّ رميها”، لافتةً إلى أنّهنّ بادرن كذلك إلى القيام بأعمال طرش جدران المنزل، تفاديًا لدفع تكاليف إضافية.
وتقول: “حتّى الأولاد باتوا يسألون ما علاقة الغلاء بفيروس كورونا؟ حيث كانوا معتادين على شراء أصناف متنوّعة من دون أن نرفض لهم أيّ طلب، لكنّنا أصبحنا مضطرّين اليوم أن نحتسب الأسعار ونمتنع عن شراء بعض الأصناف، لا سيّما أنّ مبلغ العشرين ألف ليرة لبنانية على سبيل المثال، كان يمكّننا من أن نطبخ وجبة يومية، لكن اليوم ما هي قيمة هذا المبلغ؟”.
أدال المصري: تغيّر نمط حياتنا بأكمله
«كنّا نقيم كل نهار أحد عزيمة على المشاوي من لحوم ودجاج وسمك، لكن اليوم أين اللّحوم وأين السمك، كلّه لاحق الدولار، وربّما الدجاج أيضًا سيرتفع سعره أكثر»، بهذه الكلمات تختزل السيّدة أدال المصري من بلدة المريجات الواقع العصيب، وهي التي تعيش مع ابنها وعائلته منذ أن توفي زوجها، وتقول: «ابني سائق سيارة أجرة «تاكسي» لا يعمل منذ نحو 6 أشهر، نظرًا للظروف المستجدّة».
وتتابع: «تغيّر نمط حياتنا بأكمله، لكنّنا نحاول قدر المستطاع تدبير أمورنا اليومية، سعيًا للصمود والبقاء، حيث استغنينا عن اللّحوم في الطبخ واعتمدنا الزيت النباتي رغم ارتفاع سعره أيضًا. كما أنّ إنتاج الكشك والألبان والأجبان وكذلك الزبدة ودبس البندورة بات من اختصاصنا مع الغلاء الفاحش»، لافتةً إلى أنّهم تخلّوا أو خفّفوا من استهلاك الكثير من الأصناف والمنتجات، مثل المايونيز والكاتشب والخردل والقشطة والكريما والحلويات والشوكولا والكاكاو وغيرها الكثير».
المصري التي أصبحت تبحث كغيرها عن أرخص الأسعار، تتحدّث عن آلية التقشف المتّبعة في منزلهم تفاديًا للعوز والجوع، واعتمادهم على مونة العام الماضي من مربّيات المشمش والسفرجل والكرز وغيرها، لا سيّما أنّ كيلو الفاصولياء على سبيل المثال ارتفع بشكلٍ كبيرٍ، بعد أن كان سعره بمتناول الجميع».
إيمان سعيد: حُرِمنا الكثير
وتشرح السيّدة إيمان سعيد من البلدة نفسها (المريجات) كيف أنّ «المُعاناة واحدة لدى مختلف شرائح المجتمع اللبناني، كلّنا نعيش هذه الأزمة وكلّنا حُرمنا من أمورٍ كثيرة أجبرتنا على العودة إلى البيت، وإلى الاعتماد على ما تبقّى من مونة منزلية من العام الماضي، حيث إنّ الأوضاع اليوم لن تسمح لنا بشراء المواد الأولية المطلوبة للمونة. حُرمنا اللّحوم وحتّى مونة الشتاء من مربّيات وغيرها، فالأسعار نار».
وتضيف إيمان، الأم لولدين: «نكتفي فقط بالأساسيّات، فزوجي موظّف يتقاضى نصف راتب حاليًّا، وكل همّنا تأمين إيجار المنزل والأدوية وأجرة الطبيب في حال اضطررنا لذلك».