الإثنين, شباط 24, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الإثنين, شباط 24, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

الأديرة في جبل لبنان الجنوبي:

الحديث عن بناء الأديرة والكنائس في جبل لبنان الجنوبي ليس بالأمر اليسير، فهو يستلزم الكثير من البحث والتنقيب، وسبر أغوار الماضي لتاريخ إمارة جبل لبنان التي شكّلت على مدى ثمانية قرون الأرضية الصّلبة لنشوء الكيان اللبناني الذي اتُّفق فيما بعد على تسميته في الأول من أيلول 1920 بـ: دولة لبنان الكبير. فمنذ زمن الإمارتين الأرسلانية والتنّوخيّة إلى الإمارة المعنيّة المترامية الأرجاء التي بلغت أوجَها في عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني الكبير حيث امتدّت حدودها من عسقلان جنوباً إلى إنطاكيا وحلب شمالاً، وإلى مشارف دمشق شرقاً. فالإمارة الشهابية التي نشأت على أنقاض المعنيّة وما حملته من مآس وفتن داخلية، لعلّ أبرزها فيما جرى إبّان حكم الأمراء حيدر ويوسف وبشير الشّهابي التي أسست إلى التقاتل الطائفي والمذهبي وتمزيق النسيج الوطني. إلى عهد المُتصَرِّفية التي انتهت باندلاع الحرب العالميّة الأولى.

من هذا التاريخ المُفعم بالتّضحيات والانتصارات والخَيبات مئات لا بل ألوف الحكايات عن التسامح الديني وترسيخ عُرى التّعايش الأخويّ الذي مورس من قبل الموحّدين الدّروز أصحاب الأرض حيال إخوانهم المسيحييِّن الذين استجاروا بهم ينشدون الأمن والأمان ورفع الحيف عنهم وما قاسَوْه من الظّلم والقتل والتنكيل على أيدي المماليك والطغاة الذين أتَوْا من بعدهم. فتقاسموا معهم لُقمة العيش وأمدّوهم بما يلزم للسكن جنباً إلى جنب والسماح لهم بممارسة طقوسهم الدينية بحرّية. فأقطعوهم جزءاً من أراضيهم ليقيموا فيها ويشيدوا عليها أديرتهم وكنائسهم في بادرة حسن جوار قَلَّ نظيرُها في التاريخ.

الأديرةُ والكنائس في جبل لبنان الجنوبي عنوان للشّراكة والتّسامح الدّيني وشاهد على محبّة الموحّدين الدروز واحتضانهم لإخوانهم المسيحييِّن.

الضّحى، ومن منطلق السّير على نهج السّلف الصالح وتدعيم هذا التعايش وترسيخه بين طائفة الموحّدين الدّروز وإخوانهم المسيحييّن. ليبقى حجر الزاوية في قيامة هذا الوطن، أرادت وبمناسبة عيدَيّ الميلاد ورأس السّنة المجيدَين، أن تسلّط الضوء على بعض المعالم الدينية الأثريّة لدى الطوائف المسيحية في الشّوف وعاليه، وخاصة تلك التي كان للأمراء والمشايخ الدروز الدّور الأبرز في تشييدها وظهورها على ما هي عليه من الطراز المعماري الجميل القائم منذ مئات السنين.

تختلف الرّوايات حول اسم دير القمر فبعضهم يقول: ميزة هذه البلدة أنّها تستقبل الشمس صباحاً والقمر مساء، ولذلك سُمِّيت بـ دار القمر ثمّ استُبْدِلت كلمة دار بكلمة دَير فأصبح اسمها دير القمر. ويقول المؤرخ فؤاد إفرام البستاني إنّ دَير القمر ترجمة لاسم آرامي أصلي قد يكون “بيت سهرو” وسهرو تعني في الآرامية ” شهر في العبريّة والعربيّة” معناه القمر، ومنه في العربية الجاهلية “السّاهور” وفي لهجتنا اللبنانية “السَّهرة. وقد يدلُّ على هذا أنّه كان مكاناً لعبادة القمر في هذه المنطقة، ولعلّه يرقى إلى عهد الفينيقيين. ومعروف أنَّ القمر كان من أهم معبودات الفينيقيين فلا غرابة أن يكونوا قد أنشأوا له المعابد في شمال البلاد ووسطها وجنوبها، فتكون دير القمر من تلك المحطات العريقة في القدم التي أنشأها الفينيقيون في مسلك الجبل وأقاموا فيها إلى جانب مساكنهم أحد الهياكل وكرّسوه لعبادة القمر. وفي هذه الحال لا يجوز الاعتقاد أنَّ هذا الاسم أُطلق على البلدة جِزافاً من دون قيام هيكل فيه لعبادة القمر. وهناك مراجع تاريخية تقول: إنَّ دير القمر كانت مأهولة منذ القدم وهي تُعتبر قصبة المناصف (هي مجموعة من القرى تقع إلى الغرب دير القمر) وكانت تابعة للإمارة التنوخيّة وتحت سلطة مشايخ آل النّكدي الذين هم فَخْذ من أفخاذ التّنوخييّن. ويقال أنَّ بني نبا الذين طردهم المماليك من كسروان (جبل في القسم الشمالي من محافظة جبل لبنان اشتُهر بحملة المماليك ضد سكانه من غير السنّة عام ١٣٠٥) استجاروا بالتّنوخييّن فأسكنوهم دير القمر فعمّروها وعمّروا عدداً من قرى المناصف وكان ذلك في العام ١٣٠٥م.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي