مطرانيّة بيت الدّين… كُرسي بيت الدّين
تفيد المراجع التاريخية أنّ مطرانيّة بيت الدين كانت في الأساس قصراً للأمير بشير الشهابي. بناه إكراماً لزوجته الثانية الستّ حسن جِهان وهي من أصول شركسيّة قبل إرغامها على اعتناق المسيحيّة على يد المطران أصطفان الدّويهي. ولقد أخبرنا المطران مارون العمّار أنّ الستّ حسن جهان كانت مع ابنتها تستقبل زوّارها في هذا القصر منذ العام 1828. وبعد نفي الأمير بشير وعائلته إلى جزيرة مالطا، وانتقاله منها إلى اسطنبول ووفاته هناك، عادت الستّ حسن جهان إلى لبنان وباعت قصر بيت الدين الشهير إلى المتصرّف داوود باشا الذي حوّله إلى مقرٍّ للمتصرّفية، كما باعت القصر المُخَصّص لها والأراضي التي تحيط به إلى المطران بطرس البستاني في العام 1863 ليصبح المقرّ الصيفي لمطرانيّة صيدا المارونيّة، وكان في وقت من الأوقات المقرّ الدائم للمطرانيّة. وفي العام 1929 قام المطران أوغسطين البستاني ببناء الطابق الثاني وكنيسة سيّدة الخلاص، وتعاقب عليها مطارنة عديدون. وفي 8 أيلول من كلّ عام يجري الاحتفال بعيد سيدة الخلاص بحضور أهالي بيت الدين والقرى الشّوفيّة المجاورة. وفي أيام الانتداب الفرنسي شكّلت المطرانيّة إلى جانب المختارة مَرْجِعيَّتَين كبيرتين للدّروز والموارنة في الجبل، نظراً للعلاقة الودّية التي كانت تربط الستّ نظيرة جنبلاط سيدة قصر المختارة وزعيمة الشّوف آنذاك بالمطران أوغسطين البستاني بحيث كان على المفوّض السامي عندما يزور المختارة أن يُعرِّج على المطران أوغسطين. وانتقل هذا التقليد الى عهد الاستقلال لدى رؤساء الجمهوريّة عند انتقالهم للاصطياف في قصر بيت الدين في كلّ سنة، اذ كان المطران يشارك في استقبالهم ويترأّس بحضورهم قدّاس القصر، وهم بدورهم يشاركون بقدّاس عيد سيدة الخلاص في المطرانيّة بالإضافة الى زيارة صداقة وتقدير الى دار المختارة.
