زراعــة أصنـاف التفــاح الجديــدة
تستهدف هذه المقالة مساعدة الراغبين في زراعة التفاح على تكوين ثقافة زراعية أولية حول هذه الشجرة، التي تعتبر ربما ملكة أشجار الفاكهة وأكثرها شهرة وشعبية في العالم.
نبدأ بالقول إن زراعة التفاح تخضع لمعايير عامة تتعلق بزراعة الأشجار المثمرة، وهي معايير تهتم بتنظيم وتأهيل الأشجار المثمرة وتطوير إنتاجها اقتصادياً، كما تركّز على الأعمال الحقلية من تقليم وريّ وحراثة وتنظيم إثمار وتسميد (حسب الحاجة) ومكافحة، إذا لزم الأمر، ثم القطاف، وذلك بهدف الحصول على أفضل إنتاج من حيث الجودة والكمية، وبالتالي القيمة الاقتصادية.
واعد عامة في زراعة الأشجار المثمرة
تخضع زراعة الأشجار المثمرة إلى مجموعة من المحددات الطبيعية والمناخية، ولا بدّ من مراعاة تلك المحددات عند التفكير في زراعة صنف معين من الفاكهة أو الأشجار المثمرة. ومن أهم العوامل التي لا بدّ من مراعاتها خصائص المناخ ومدى ملاءمته للشجرة التي يراد الاستثمار فيها، وكذلك موقع الأرض وخصائصها الطبيعية. وسنفصل كلاً من هذين العاملين في الفقرات التالية:
أولاً : عامل المناخ
يتيح لنا فهم المناخ معرفة الأصناف التي يجب زرعها، والتي تعطي مردوداً اقتصادياً، وهذا العامل لم تتم مراعاته في السابق عندما أهدرت مساحات في الجبل لتجربة أصناف زراعية جديدة بلا جدوى، لأنها لا تنمو الا على ارتفاع معين وفي تربة خاصة. من تلك الأمثلة زراعة أشجار المشمش على ارتفاع 1300 متر عن سطح البحر، وهي خيار غير مجدٍ لأن شجرة المشمش تحتاج إلى حرارة معتدلة في مرحلة الإزهار. ومن أهم مكونات المناخ:
-1 الحرارة: تحتاج الأشجار المثمرة إلى درجات حرارة تختلف باختلاف أصنافها، فمنها ما يحتاج إلى درجة معينة من البرودة كأشجار التفاح والكرز والكستناء، ومنها ما يفضل حرارة معتدلة كأشجار المشمش والدراق والإجاص والخوخ وغيرها، بينما تفضل أشجار أخرى حرارة معتدلة إلى دافئة في فصل الشتاء مثل أشجار الحمضيات.
-2 الأمطار: تنجح الأشجار المثمرة في المناطق التي يزيد فيها معدل الأمطار على 700 ملم سنوياً خاصة في الأراضي المزروعة بالأشجار البعلية، أي التي تعتمد على موسم الأمطار ولا يجري ريها في موسم الشحّ. أما في الجبل، فان معدل الأمطار يزيد على 700 ملم سنوياً هذا يعني أن جميع مالكي الأراضي في الجبل قادر على استصلاحها وغرسها بالأشجار المثمرة وخاصة التفاح والتين والكرمة والكرز والجوز والزيتون … الخ.
-3 البرودة: تحتاج بعض أصناف الأشجار المثمرة إلى البرودة خلال فصل الشتاء من أجل مرحلة السكون والراحة اللتين تمر بهما، أي ايقافها عن النمو، خاصة الأشجار التي تتساقط أوراقها. أما الأشجار دائمة الخضرة، فهي أيضاً تحتاج إلى فترة من الراحة ولكنها تستمر في تغذية أوراقها بشكل جزئي من العناصر الغذائية التي ادّخرتها خلال موسم النمو والنشاط (خلال فصلي الربيع والصيف).
-4 الارتفاع عن سطح البحر: تزرع الأشجار المثمرة في الاماكن حسب ما تحتاجه من ارتفاع ملائم لها ومدروس اقتصادياً، أي أن أشجار التفاح لا جدوى اقتصادية من زراعتها على ارتفاع اقل من 800 متر عن سطح البحر، وعلى عكسها الحمضيات فهي لا تزرع على ارتفاع يزيد على 700 متر عن سطح البحر.
موقع الأرض
-1 التربة الملائمة: تعتبر التربة من العوامل المهمة لنجاح زراعة الأشجار المثمرة وإنتاجها وتأتي في الدرجة الثانية بعد عامل المناخ. مثلاً، إن أشجار التفاح وخاصة المطعمة على أصل جذر تنمو وتتلاءم مع جميع التربة، أما بعض الأشجار الأخرى لا تنمو وتعطي مردوداً اقتصادياً وفيراً الا في أتربة خاصة؛ مثلاً، الزيتون ينمو ويعطي مردوداً اقتصادياً في التربة الكلسية الطميية، وبينما شجيرات الكيوي لا تعطي “إنتاجاً” مطلقاً في التربة الكلسية.
-2 المسافات بين الأشجار: تختلف المسافات من صنف لآخر وحسب حجم وعمر الأشجار اقتصادياً وطبيعة التربة وخصوبتها، وحسب الأصل الجذري المستخدم، فإنَّ أصناف التفاح المطعمة على أصل جذر تزرع على شكل خطوط متوازية يكون بين الخط والآخر 3،5 أمتار وبين الشجرة والأخرى أيضاً 3،5.
-3 عمق التربة وخصوبتها: تحتاج الأشجار المثمرة إلى تربة عميقة نوعاً، منها ما يحتاج إلى تربة عميقة لأن جزءاً من جذورها وتديا كأشجار الكرز، ومنها ما يحتاج إلى تربة متوسطة العمق بين (150-200سم) مثل التفاح، وأخرى إلى أقل من ذلك مثل أشجار الدراق والكرمة، وكذلك حسب أنواع الأشجار وأحجامها.
-4 استصلاح الأرض: من المفضل قبل زرع النصوب استصلاح الأرض أي نقبها وتسطيبها إذا كانت منحدرة على ان لا يزيد انحدارها على نسبة 40 في المئة.
-5 الطرقات: قرب البساتين من الطريق عامل مهم في الزراعة لأنه يوفّر تكاليف وعناء توصيل الشتول والمعدات المستعملة للزراعة والأسمدة العضوية وغيرها، وكذلك نقل الإنتاج منها وإلى الأسواق.
-6 الريّ: من المفضَّل توفير مصدر مياه للريّ لمساعدة الأشجار على اجتياز الحرارة الشديدة في الصيف، كما حصل في هذا العام خاصة في بداية نموها وبعد زرعها في الأرض المستدامة، لأن عندما تقلع النصوب من المشاتل يبقى قسم لا يستهان به من جذورها الشعرية الماصة في أرض المشتل وأيضاً تقلع قبل سقوط أوراقها، وهذان العاملان يؤديان إلى ضعف الشتول وحاجتها إلى الريّ.


القواعد الخاصة بزراعة أشجار التفاح
تعتبر زراعة التفاح من أقدم الزراعات التي عرفها الإنسان في حقل الأشجار المثمرة. وعرفت هذه الزراعة منذ حوالي أربعة آلاف سنة وتعتبر أشجار التفاح أكثر الأشجار المثمرة انتشاراً في العالم بعد الزيتون.
وفي بداية القرن العشرين بدأت شجرة التفاح تنتشر في الشرق الأوسط بعد أن استطاع بعض المهاجرين العرب التعرّف عليها وتعلُّم على كيفية زراعتها. وقد أثبتت شجرة التفاح تأقلمها وملاءمتها للظروف المناخية والتربة في لبنان خاصة في جبله، حيث أُنشئت البساتين وزُرعت بأشجار التفاح، ومما زاد انتشارها إقبال المزارعين على استيرادها وزراعتها في حقولهم.
ولأشجار التفاح أهمية كبيرة في جميع أرجاء العالم بسبب فوائدها الاقتصادية والغذائية والصحية، كما أن ثمارها لذيذة الطعم وموجودة في الأسواق بشكل دائم لإمكانية تبريدها وحفظها لمدة طويلة نسبياً، وكذلك تتحمل ثمرة التفاح النقل بدرجة كبيرة بالمقارنة مع ثمار الأشجار الأخرى.
كما تحتوي ثمرة التفاح على مواد غذائية للجسم (ماء 85 في المئة – سكريات نحو 14في المئة – أحماض 0،8في المئة – مواد عفصية 0،2 في المئة – فيتامينات أ، ب1، ب2 وسي). (راجع الفوائد الطبية للتفاح في مكان آخر).
> أصنـــــاف التفـــــاح
إنتاج نصوب التفاح المحسنة قد يتراوح
ما بين 40 و200 كلغ في السنة للشجرة الناضجة
-1 أصناف التفاح القديمة:
وهي منتشرة في مناطق عديدة من لبنان، إلا أن هذه الأصناف بدأت بالانقراض لأسباب عديدة منها إهمال المزارع لها لقلة إنتاجها ورخص ثمن ثمارها وعدم مقاومتها للآفات الزراعية، ومن هذه الأصناف التفاح السكري – التفاح البلدي – التفاح الانكليزي – والأحمر المخضر وغيرها.
وغالباً ما تكون هذه الأصناف غريبة الشكل، ومتنوعة في الملمس واللون، حيث يجد البعض أن للأصناف القديمة نكهة أفضل من الحديثة، ولكن ربما تواجه الأصناف القديمة مشاكل أخرى تجعلها غير قادرة على البقاء تجارياً، مثل العائد المنخفض، وسهولة المرض، أو التحمّل الضعيف للنقل والتخزين. ولكن هناك أصنافاً قديمة قليلة لا تزال تنتج على نطاق ضيق، ولكن بعض المزارعين أبقى على قيد الحياة على بعض تلك الأصناف في الحدائق المنزلية، وهم يبيعون إنتاجها مباشرة إلى الأسواق المحلية. هناك العديد من الأصناف الغريبة والمهمة محلياً التي تحمل نكهاتٍ ومظاهر فريدة؛ وبدأت حملات حفظ التفاح في جميع أنحاء العالم للحفاظ على هذه الأصناف المحلية من الانقراض.
-2 أصناف التفاح الحديثة:
هذه الأصناف مستوردة من الخارج ومطعمة على أصول جذرية أوروبية من إنتاج خضري للتفاح. تم اختيار هذه الأصول بعد أبحاث علمية أجريت على عشرات من أصول التفاح البري من أنحاء العالم وانتخب منها حوالي خمسة أصول تتميز بمواصفات عالية لتأقلمها مع جميع أنواع التربة وتنمو من دون ريّ (بعل) وتتحمل البرودة الشديدة والحرارة المرتفعة ومقاومة للآفات الزراعية. أهم الأصناف المطعمة على الأصل الجذري هي: سكارليت سبور- ايس – توب ريد – ايرلي ريد – ايرلي ريد وان – ايرلي غولدن – ريد شيف – غيل غالا – غولدن ديليشوس- ريد ديليشوس – غراني سميث – فوجي وغيرها. جميع هذه الأصناف تعطي إنتاجاً وفيراً وثماراً جميلة اللون والحجم ومردوداً اقتصادياً جيداً لأنها مرغوبة في الأسواق المحلية والخارجية وأسعارها مرتفعة نسبة للأصناف القديمة، كما أنها صالحة للتصدير والتخزين لفترة طويلة وذات قيمة غذائية عالية. أما أسعار هذه الأصناف، وبحسب مؤسسة جورج ن. إفرام (مؤسسة تُعنى بتأصيل الأشجار المثمرة) في سوق الجملة، جمعت بواسطة مسح ميداني أجري في جميع الأقضية ما بين 15 و31 تشرين الأول 2009 فهي كما يلي وفق الجدول المرفق.


إكثار التفاح:
تتكاثر أشجار التفاح بطرق عديدة أهمها: البذرة، التطعيم، الأصول الجذرية، الفسائل والأخلاف. وسنكتفي بالتحدث عن الأصول الجذرية للأصناف الجديدة المحسنة لأنها الأفضل اقتصادياً.
تتميز الأصول الجذرية بالمجموع الجذري الكبير الذي يساعد الأشجار على النمو بسرعة وتثبيتها في الأرض، كما أنها مقاومة للآفات الزراعية ومقاومة أيضاً للجفاف، وقدرتها السريعة على التأقلم مع غالبية أنواع التربة.
وتزرع هذه الأصول (البادرات) على شكل خطوط في المشتل، ويتم تطعيمها في العام الثاني بالأصناف الحديثة والمرغوبة اقتصادياً، ثم تزرع في الأرض المستدامة (البساتين) في العام التالي. وتعطي هذه النصوب إنتاجاً ابتداءً من العام الثاني بعد غرسها في البساتين والحقول، كما أنها تعطي إنتاجاً غزيراً ومتجانساً في اللون والحجم الكبير نسبياً بالمقارنة مع أصناف التفاح القديمة التي تتأخر في الإنتاج، أي بعد عامها الرابع من الغرس.
تعطي الأشجار الناضجة بدءاً من 40 كيلوغراماً في السنوات الأولى (بين السنة الرابعة والسادسة) من إنتاجها إلى 200 كيلوغرام من التفاح كل سنة (بين السنة الثانية عشرة والخامسة عشرة)، على الرغم من أن الإنتاجية تتفاوت من سنة إلى أخرى حسب العوامل المناخية والخدمات الحقلية. وتتفاوت الأصناف في قوتها والحجم النهائي للشجرة، حتى عندما تنمو على الفسيلة الجذرية نفسها.
اختيار النصوب من المشتل: يفضّل اختيار الشتول المستقيمة والتي يتراوح طولها ما بين 1.5 و2 متر وغير مصابة بالأمراض وتكون تامة الالتحام بين الأصل والطعم، وارتفاع الأصل يكون نحو 40 سم وخالياً من أي أخلاف جانبية، وجذورها كثيفة وقوية وتكون جميع أوراقها متساقطة وتقلع أمام المزارع.
> الشــــــروط المنــاخيــــــة
التفاح يحتاج إلى مناخ معتدل مائل إلى البرودة
ويفضل ارتفاعات لا تقل عن 800 متر عن سطح البحر


للتفاح احتياجات مناخية ومتطلبات بيئية أهمها:
-1 الحرارة: ينمو التفاح في المناطق المعتدلة والمائلة إلى البرودة وتفضّل المناطق التي تكون فيها الحرارة معتدلة وتتحمل الحرارة المنخفضة أثناء فصل الشتاء لإكمال مرحلة السكون من دون أي ضرر، لأن الأشجار متساقطة الأوراق ترتاح خلال فصل الشتاء. أما في مرحلة الإزهار وإذا انخفضت الحرارة إلى ما دون الصفر لأيام عدة، لا تتحمل الأزهار فلا يتم عقدها وتسقط على الارض. اما بالنسبة لارتفاع درجات الحرارة، فإن الأجزاء والنواة الحديثة والحساسة تتأذى عندما ترتفع درجات الحرارة إلى أكثر من 40 درجة مئوية؛ وأفضل درجات الحرارة التي ينمو فيها التفاح والثمار وكافة أجزاء الشجرة هي ما بين 15 – 28 درجة مئوية.
-2 البرودة: تحتاج أشجار التفاح خلال فصل الشتاء إلى برودة كافية من أجل مرحلة الراحة والسكون على أن تكون الفترة ما بين 500 و1500 ساعة ولا تزيد فيها درجة الحرارة على 7 درجات مئوية وحسب أصنافها.
-3 الامطار: تحتاج أشجار التفاح في الزراعات البعلية إلى أمطار يزيد معدلها على 700 مللتر سنوياً وما فوق كي تكون الزراعة اقتصادية.
-4 الارتفاع عن سطح البحر: تزرع أشجار التفاح في جبل لبنان على المرتفعات، والذي يكون ارتفاعها ما بين 800 و1800 متر عن سطح البحر (حسب الأصناف)، وذلك لتوفر البرودة الكافية لفترة الراحة والركود.
-5 التربة: تتميز أشجار التفاح المطعمة على الأصل الجذري بمجموعة جذرية كبيرة وعالية. فهي تنمو في جميع التربة، ولكن تفضل التربة الطميية الخصبة والعميقة وجيدة الصرف.
-6 الضوء: إن دخول أشعة الشمس إلى داخل الأشجار ضروري لمساعدتها على تكوين براعم ثمرية من الداخل، وبالتالي إنتاج الثمار الجيدة من حيث اللون والطعم. لذا يستحسن في التقليم إزالة الأغصان والفروع المتشابكة والمتزاحمة لزيادة المساحة الغذائية المناسبة.
-7 إنشاء البستان: بعد اختيار الموقع المطلوب والملائم للاغراس المنوي زرعها، يتم تحضير التربة آخذين في الاعتبار خصائص المجموعة الجذرية لأصناف التفاح من حيث النمو. ويستحسن تنفيذ الأعمال الزراعية التالية:
نقب الأرض: تنقب الأرض على عمق حوالي 90 سم وتنظف من الأحجار وجذور الأشجار البرية إن وجدت، وذلك خلال شهر آب عندما تصبح التربة قليلة الرطوبة لمنع استمرار النباتات البرية المزاحمة على الغذاء مثل العليق، النجيليات (التيّل، الرزينة، السعد)، ونباتات برية أخرى. في المرحلة الثانية، تحرث الأرض على عمق 40 سم على جرار جنزير ثم تحرث حراثة سطحية بواسطة فرامة لتسوية سطح التربة وتكسير الكتل الترابية.
تخطيط الأرض: طرق الغرس كثيرة أفضلها الشكل المثلث والمربع مما يتيح زرع أكبر عدد ممكن من النصوب. يتم تخطيط الأرض لتحديد موقع النصوب وتكون المسافة ما بين خطين متوازيين 3،5 أمتار وبين شجرة وأخرى 3،5 أمتار. كما أن هذه المسافات بين الخطوط تتيح المجال لاستخدام الآلات الزراعية مثل جرار الحراثة.
زرع الشتول: يستحسن قبل الزرع وضع قليل من السوبر فوسفات الثلاثي في قاع الحفرة لأنه يساعد المجموع الجذري على نمو أفضل، مما يؤدي إلى زيادة حجم أكبر للأغراس.
-8 التقليم: يعتبر التقليم من أهم الأعمال الحقلية لشجرة التفاح لأنه من الأعمال الأساسية لزيادة الإنتاج وجودة الثمار وزيادة عمر الشجرة اقتصادياً. وتساعد عملية تقليم الأشجار على التحكم بطبيعة واتجاهات نموها. وأفضل أشكال التقليم هو الشكل الكأسي الذي يمكّن الشجرة من الإثمار من الخارج وفي الداخل أيضاً، كما يسمح بدخول الشمس والضوء.
تبدأ عملية التقليم بعد الغرس مباشرة على ارتفاع يتراوح ما بين 50 و70 سم ويفضل أن تكون الساق قصيرة، لأنها تتعرَّض للعوامل الطبيعية من حرارة وصقيع. وفي الوقت نفسه، يجب الانتباه إلى السماح بمرور الآلات الزراعية بين الأغراس من دون تضرّرها.
في العام الثاني، يبدأ التقليم التكويني فينتخب المزارع ثلاثة أو أربعة فروع وتقطع الفروع المتبقية. أما الفروع المنتخبة، فيقص نصفها العلوي على أن يراعى اختيار البرعم العلوي المتجه إلى خارج الشجرة، وذلك بهدف توجيه الفرع الجديد الذي سينبت منه إلى الخارج أيضاً والحفاظ على الشكل الكأسي للشجرة. في العام الثالث أيضاً يستمر التقليم التكويني مع بدء تقليم تنظيم الإثمار خاصة في هذه الأصناف مبكرة الإنتاج. وتقلم الشجرة بالطريقة نفسها على أن تراعى البراعم الثمرية ويكون هذا التقليم خضرياً وتنظيم إثمار في آن واحد.
ومع تقدم عمر الأشجار، تزداد نسبة عملية التقليم لتنظيم الإثمار على التقليم الخضري للمحافظة على عمر الأشجار والحمل السنوي. من المهم والضروري جداً في تقليم الأشجار أن نحافظ على استمرار نمو الأشجار نحو الأعلى، وأن تبقى مستقيمة وليست ملتوية كي يكون ممر العصارة النباتية المشبعة بالمواد الغذائية سهلاً وسريعاً وتصل إلى الأوراق وتطبخ وتوزع إلى جميع أجزاء الشجرة (أوراق، فروع، ثمار، أغصان، جذع وجذور). وكذلك التقليم الإثماري يهدف إلى تنظيم الحمل بين الفروع والأغصان ليكون متساوياً نوعاً ما مع الإبقاء على بعض الفروع الثانوية لتكوين براعم ثمرية جديدة. وأفضل توقيت لتقليم أشجار التفاح يكون خلال الفترة الممتدة من تشرين الثاني إلى كانون الثاني، أي بعد دخول الأشجار مرحلة الراحة والسكون وتساقط أوراقها.


> تسميـــــد أشجــــــار التفــــــاح
أفضل السماد هو السماد العضوي
وأفضل العضوي سماد الدجاج البلدي
تحتاج أشجار التفاح إلى نسب عالية من العناصر المعدنية خاصة عند مرحلة النمو والإثمار. فإن جميع أنواع التربة تحتوي على العناصر الضرورية للأشجار بنسب مختلفة وحسب أنواعها مثلاً: التربة الطميية أغنى أنواع التربة والتربة الرملية أفقرها. لذا يستحسن وضع الأسمدة العضوية البلدية المخمرة كالسماد الحيواني (المعتمد في غذائه على النباتات والحبوب الخالية من المواد الكيميائية) أهمها سماد الدواجن، سماد الماعز، سماد البقر، سماد الخيل والغنم.
هذه الأسمدة هي الحاضنة الطبيعية والوحيدة لتكاثر الكائنات الحية الدقيقة التي تفكك وتحلل وتحول المواد الغذائية لامتصاصها من قبل أشجار التفاح. جميعها غنية بالآزوت (اليوريا) وتلعب دوراً أساسياً في خصوبة التربة وتساعد على تباعد حبيبات التربة الصغيرة مثل التربة الطينية والثقيلة وتقرب الحبيبات الكبيرة كما في التربة الرملية لتسهيل مرور الجذور بينها. كما إنها تساعد التربة على الاحتفاظ بالرطوبة لوقت أطول وتجديد جذور الأشجار وزيادة عمرها الاقتصادي واكتسابها مناعة لابأس بها ضد الجفاف والآفات التي تعتريها.
وإن سماد الدواجن البلدية التي تتغذى من المواد العضوية مثل القمح والأعشاب وبقايا الخضار والفواكه وغيرها هو من أفضل الأسمدة العضوية وأغناها بالعناصر الغذائية ويتميز باحتوائه على حوالي 7 في المئة من الفوسفور، بالإضافة إلى بعض العناصر الأساسية والنادرة التي تحتاجها أشجار التفاح.
جني الإنتاج
تقطف ثمار التفاح قبل نضجها بحوالي الأسبوع كي تتحمل أعمال التوضيب والنقل والاستهلاك والتبريد. لكن لأصناف التفاح مراحل عدة للنضج حسب أنواعها؛ منها يتم نضجه خلال شهري تموز وآب مثل الغالا، وخلال شهر أيلول مثل الريد ديليشوس وغولدن ديليشوس وسكارليت سبور، وخلال شهري تشرين الأول والثاني مثل غراني سميث وغيرها. تعتبر ثمرة التفاح ناضجة عندما تأخذ الحجم واللون الطبيعي لها وعندما يحتوي مذاقها على القليل من المادة القابضة (البكتين). وتحتاج أصناف الستاركن إلى 130 يوماً لتنضج، والغولدن إلى 135 يوماً. كما يمكن معرفة درجة نضج الثمار من اكتمال اسوداد بذور الثمرة. اما عند قطاف الثمار، فيجب مراعاة النقاط التالية:
1. الانتباه لعدم الضغط على الثمار باليدين لأنه يؤدي إلى تلف الثمار بعد القطاف بوقت قصير، وخاصة الأصناف الصفراء والمبكرة في النضج.
2. عدم جرح الثمار عند القطف.
3. يجب قطف الثمار مع العنق الذي يحملها وبرفعها إلى الأعلى تنفصل عند نقطة الالتحام بالغصن، مع الانتباه إلى البراعم الأخرى التي يعتمد على إنتاجها من السنة المقبلة.
التفاح الطيب معجزة
الغذاء والطب الطبيعيتشكّل الأشجار المثمرة الجزء الأهم والأساس من الزراعة وتعتبر ثمارها مصدراً غذائياً للإنسان، كما أنها تعدّ من المواد الخام الضرورية للصناعات الزراعية الغذائية.
ولثمرة التفاح فوائد طبية عالية وعناصر غذائية مختلفة كالبروتين والفيتامينات والأحماض والدهون ،اذ تساعد الانسان بعد تناولها على الهضم وتليين الجهاز العصبي والألياف وتنظيم الدورة الدموية.
والتفاح يقوي الدماغ والقلب، والمعدة، ويفيد في علاج آلام المفاصل والخفقان، يسكن العطس، ويوقف القيء، ويداوي عسر التنفس ويصلح الكبد، وهو ينقي الدم من السموم، ويقوي عضلة القلب، وبذوره تقتل دود البطن. التفاح غني بفيتامينات أ، ب، ج. كما يحتوي على مواد سكرية وبروتين ومواد دهنية وبكتينية وأحماض عضوية وأملاح معدنية مثل البوتاسيوم والكالسيوم، والصوديوم وغيرها مما لا غنى عنه في تغذية الخلايا وإنمائها وتقوية العظام وتجديد الخلايا العصبية. أما الأبحاث الطبية الجديدة، فتشير إلى أهمية التفاح في المساعدة على تعديل سكر الدم عبر حثّ البنكرياس على ضخ هورمون الأنسولين لتنقية الدم من السكر الزائد للحفاظ على معدل أفضل لسكر الدم. كما دلّت الأبحاث على أن تناول التفاح يخفض خطر التعرض لمرض الألزهايمر.
ظهرت منافع التفاح كمضاد لأنواع عديدة من السرطانيات خاصة سرطان القولون وسرطان الثدي وإنما بشكل خاص في سرطان الرئة، وكذلك في الحد من خطر التعرض للربو. ومثل المزايا المضادة للسرطان والمضادة للربو في التفاح، وقد ارتبطت فوائد التفاح مع العناصر الغذائية المضادة للأكسدة وللالتهابات.
أيضاً، التناول المنتظم للتفاح يخفّض الكولسترول الضار والتريغليسريد مما يؤدي إلى منع انسداد الشرايين
(تصلب الشرايين)، وبالتالي مشاكل القلب والأوعية الدموية الأخرى. لذا نقول “تفاحة يومياً تغنيك عن الطبيب”
“An apple a day keeps the doctor away”