الجمعة, شباط 21, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, شباط 21, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

التلوّث، مناعة الجسم والأمراض

الحقيقة العلميّة الأولى: هي أنّ تركيبة جسم الإنسان البيولوجيّة تأتي من المكوّنات التي تدخل الجسم من الطبيعة المحيطة به، من هواء، ماء، وغذاء.
ومناعة جسم الإنسان في صراع مستمر مع العوامل الضارة التي تدخل إليه، من فيروسات، أو جراثيم وجزئيات مختلفة مثلاً. في ثمانينيّات القرن الماضي كانت جميع المختبرات والأطباء يعتبرون أن عدد الكريات البيضاء فوق عشرة آلاف تدل على أّنها علامة التهاب في مكان ما من الجسم. بينما اليوم هذا الرّقم هو طبيعي وعادي. هذا يدل على أن جهاز المناعة قد استنفر وزاد من أعداد جيشه للدفاع عن الجسم من المخاطر التي ازدادت بدورها.
أحد المخاطر هي التلوث. تلوّث الهواء. الدراسات العلمية الحديثة ومنها الدراسة التي تم تقديمها في الجامعة اللبنانية المؤتمر العلمي الأوّل تشير إلى أنّ تلوّث الهواء يساهم في زيادة نسبة الرّبو لدى الأطفال والكبار، أمراض الحساسيّة والالتهابات المختلفة في القصبة الهوائية والرئتين وزيادة حالات سرطان الرّئة بمعدل 10%.

خلية سرطان الرئة في طور الانقسام

 

فسرطان الرئة مثلا حسب منظمة الصحة العالمية يكون مرتبطاً بنسبة 50% بأسباب وراثيّة، و50% بالملوّثات التي تدخل الجسم، مثل المواد التي يستنشقها الإنسان من التدخين الإيجابي والسلبي، والمواد التي تدخل من عوادم السيارات والمولّدات وغيرها.
تسجّل منظمة الصحة العالمية 44 حالة إضافية إصابة بسرطان الرئة لكلّ 100 ألف شخص. وتنخفض هذه النسبة في الأرياف حيث تكثر الأشجار والطبيعة النظيفة.

تلوث المياه يكون كيميائيّاً أو جرثوميّاً. التلوث الكيميائي بالمعادن الثقيلة مثل الزرنيخ والرصاص والزنك ويؤدي إلى أمراض مُزمنة وخطيرة في الجهاز الهضمي والكُلى على الخصوص.
وزيادة مستوى الكلور لتعقيم المياه يسبب أنواعاً من الحساسية والتلف في وظائف الكبد. أمّا التلوث الجرثومي للمياه فيؤدّي إلى شتّى أنواع الالتهابات في الجهاز الهضمي وبعض حالات تسمّم الجسم، ونشوء أعراض مرضيّة مثل الاستفراغ والإسهال وآلام المغص الحادّة وغيرها.
وبناء على الدراسات التي تمّ عرضها في المؤتمر العلمي للجامعة اللبنانيّة لمركز الجَوْدَة تَبَيّن أنّه حتّى مياه الشرب في بعض المدارس مصابة بشتّى أنواع الجراثيم.
وما نسمعه اليوم عن تلوّث مياه اللّيطاني كيميائياً وجرثومياً وما تسببه من أمراض لمستهلكي المزروعات المرويّة بمياههِ الملوثة غير دليل على خطر المياه الملوثة على الصحّة.
وهذا ما دفع بوزارة الصحة العامة منذ أيام قليلة إلى إصدار قرار إلزامي بوجوب فحص جميع المياه المعبأة والمُباعة للشرب على جميع الأراضي اللبنانيّة في المختبرات المعتمدة، ودفع كتلة اللقاء الديمقراطي لتقديم مشروع قانون حماية المياه الجوفية والآبار الارتوازية من التلوث، بمشاركة خبراء من المركز الوطني للجودة في الجامعة اللبنانية.

لا يمكن في مقالة قصيرة الإحاطة بشكل كامل بمشاكل تلوّث المياه وتأثيرها على الصحّة. لكن يكفي للمرء أن يرى كثرة أنواع ومصادر المياه المباعة للمستهلك. وهي الدليل على وجود مشكلة لدى المواطن في تأمين مياه نظيفة صالحة للشرب والاستعمال.
تسبب الأغذية الملوثة، التي تحتوي على بكتيريا أو فيروسات أو طفيليات أو مواد كيميائية، في الإصابة بأكثر من 200 نوع من الأمراض، التي يتراوح مداها ما بين الإسهال وصولاً إلى الإصابة بالأمراض السرطانية، مروراً بأمراض أعضاء شتّى في الجسم كالكبد والكلى وغير ذلك.
ووفقا لما تشير إليه إحصاءات منظمة الصحة العالمية WHO، فإنّ الأطفال هم أكثر المتضررين من الأمراض المنقولة بالغذاء الملوّث، إذ تبلغ نسبتهم 40 في المائة من بين أولئك الذين تصيبهم تلك النوعيّة من الأمراض، التي يُمكن بتدابير بسيطة الوقاية منها.

الأطعمة الملوثة  أنواع من الميكروبات تتسبب بأمراض.

الأغذية الملوثة على نوعين، نوع هو بالأصل عُرضة للتلوّث الطبيعي بالميكروبات، مثل الأغذية الحيوانية المصدر غير المطهوّة جيدا. أو الفواكه والخضراوات الملوثة بالفضلات، أو أنواع المأكولات من الحيوانات البحرية النيئة. وهذه النوعية تتطلّب التّنظيف الجيّد والطّهو الجيّد، أو البسترة للحليب ومشتقات الألبان. وذلك قبل تناولها. والنوع الآخر من الأطعمة الملوثة يشمل أنواعا مختلفة من المنتجات الغذائية أو الأطعمة المطهوّة، التي لا يتم حفظها بطريقة سليمة، ما يُعطي فرصة لتلوثها بالميكروبات بعد أن كانت خالية منها.
وعادة ما تكون الأمراض المنقولة من الغذاء الملوث ذات طابَعٍ مُعدٍ أو سُمّي. والعدوى تتسبب فيها مجموعة من البكتيريا أو الفيروسات أو الطفيليات التي إمّا تضرّ الجسم بذاتها عبر الأمراض التي تنقلها، أو عبر إفرازها لموادَّ كيميائيةٍ ضارّة تدخل جسم الإنسان وتسبب له إمّا التسمّم الغذائي الحادّ وإمّا الأمراض طويلة الأمد كالسرطان.
ومن بين أنواع البكتيريا، ثمّة بكتيريا السالمونيلّا Salmonella، وبكتيريا العطفية Campylobacter، وبكتيريا الأشريكية القولونية المعوية النّزفية Enterohaemorrhagic Escherichia coli، وهذه المجموعة تُعتبر من أعلى مسبّبات الأمراض المنقولة بالغذاء الملوث والتي تصيب ملايين البشر سنويّاً، وأعراضها قد تشمل حمّى ارتفاع حرارة الجسم والصّداع والغثيان والقيء والآم البطن والإسهال.
ومن أمثلة الأغذية ذات العلاقة بمرض السالمونيلّات Salmonellosis، البيض والدواجن وسائر المنتجات الحيوانية المصدر حين لا يتم طهوها بطريقة كافية، أو لا يتم حفظها بطريقة سليمة قبل أو بعد الطهي.
ومن أمثلة الفيروسات، العدوى بالنوروفيروس Norovirus، التي تتسبب بالغثيان ونوبات القيء الشديد والإسهال المائي والآم البطن. ويُعتبر الغذاء الملوث هو السبيل لإصابة الإنسان بأنواع مختلفة من أمراض الطفيليات مثل الديدان المشوكة أو الدودة الشريطية Tapeworms، وديدان الأسكارس Ascaris، أو الكريبتوسبوريديوم Cryptosporidium، أو الديدان المتحوّلة إلى حالة النّسج Entamoeba histolytica، أو ديدان الجيارديا Giardia، وهناك أيضاً البريونات Prions، التي هي عوامل مُعدية تتألّف من البروتين، وتتسبب بأمراض مثل مرض جنون البقر Bovine Spongiform Encephalopathy.

خطوات لحفظ الأطعمة في الثلّاجة

الخطوة الأهم في ضمان حفظ الأطعمة بطريقة صحية في الثلّاجة هو إبقاء درجة حرارة الطعام أقل من 4 درجة مئوية. ووجود مقياس لدرجة حرارة الثلّاجة مفيد في التأكّد من ذلك. كما يجدر ملاحظة ضرورة أن تكون درجة الحرارة في جميع أجزاء الثلّاجة أقل من 4 درجات مئوية بحيث يكون أي مكان في داخل الثلّاجة ملائماً لحفظ الطّعام. في حال انقطاع التيار الكهربائي، يجدر تقليل فتح باب الثلّاجة للإبقاء على البرودة فيها، وحين تبقى الأطعمة لمدّة تتجاوز الساعتين في درجة حرارة أعلى من 4 درجة مئويّة فإنّ ذلك يُعرّض تلك الأطعمة للتّلف.
وتشير إدارة الغذاء والدّواء الأميركية إلى أنّ وجود البكتيريا في بيئة مناسبة للنّمو وفي درجة حرارة أعلى من 4 درجات مئوية يُوفّر لها فرصة للتكاثر بمقدار الضعف خلال 20 دقيقة فقط، ومن هنا يتّضح لنا أن حفظ الطعام في الثلّاجة تحت درجة 4 درجات مئوية هو الخطوة الأولى لضمان حفظ الطعام بطريقة تمنع تكاثر البكتيريا التي قد تكون موجودة فيه، وأنّ دوام حفظ الأطعمة بأنواعها طوال الوقت في تلك الدرجات المنخفضة نسبياً من الحرارة، يهيّئ الفرصة لحفظ سلامة الغذاء.

المناعة وسوء استعمال المضادّات الحيوية

حذّر باحثون من منظّمة الصحة العالمية من أنواع البكتيريا التي تنتشر في مستشفيات العالم وتتسبب بأمراض يستعصي علاجها. وتمّ رصد مئات من العيّنات للبكتيريا في 78 مستشفى من أنحاء مختلفة من العالم، حيث خلص العلماء إلى أنّ هذه البكتيريا تغيّر الحمض النّووي مما يتيح لها مقاومة المضادات الحيوية الأكثر شيوعاً في المستشفيات.
وأفاد الباحثون أنّ هذه البكتيريا سريعة الانتشار من جرّاء الاستخدام المكثف للمضادات الحيوية. وقد حذّرت مجلّة “نيتشر بيولوجي” من أنّ مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية هي من أكبر المخاطر المُحدقة بالرعاية الصحية في العالم أجمع.
هناك سباق بين اكتساب الجراثيم المناعة على المضادات الحيويّة الموجودة واختراع مضادّات حيوية جديدة أكثر سمّيّة، لا يتاح للجراثيم الوقت لاكتساب المناعة ضدّها. من هنا أصدر وزير الصحة العامة في 10 آب 2018 قراراً يقضي بمنع صرف أي مضاد حيوي دون وصفة طبية وذلك للحد من كثرة وسوء استعمال المضادات الحيوية.

تمكنت البكتيريا في المستشفيات في تغيير حمضها النووي لتقاوم معظم المضادات الحيوية

 

 

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي