الشيخ سليمان ظاهر:


الشيخ سليمان ظاهر شخصية علمية أدبية وطنية، كان مصداق الصداقة للأمير شكيب أرسلان، وتبيان ذلك من تبادل الرأي والرسائل والمطارحات، ومنها بتاريخ 7 مارس/آذار 1930 من لوزان، كتب الأمير جواباً للشيخ سليمان على رسالة إليه يعزّيه بوفاة ابن عمه الأمير فؤاد أرسلان، جاء فيها: «حضرة الأخ القديم والشهم الكريم والأستاذ العظيم الشيخ سليمان ظاهر أطال الله بقاءه… لا أثقل عليك قولي: الأخ القديم؛ فكلنا صرنا قدماء، ولا نعلم هل نتمكن من مشاهدة بعضنا ولو بنظرة قبل الممات، أم نفوت وكل ما بيننا مناجاة أرواح ومراسلات نفوس. إنّا لله وإنّا إليه راجعون. مضى أخي نسيب ولم أقدر أن أشاهده، وأخشى أن أمضي ولا أشاهد سليمان الظاهر ولا أحمد رضا ولا أحداً ممّن تسكن نفسي إليهم، وتشعر بوجدانها الاتحاد مع نفوسهم…»٣٤.
وبتاريخ 4 محرّم الحرام 1355هـ/ 1936م، يرسل الأمير من جنيف كتابا للشيخ سليمان ظاهر يطارحه فيه قضايا وشواغل العالم العربي والإسلامي. وفي بدايتها بعد التحية والدعاء يشكره على قصيدته بعنوان «التزويرة» والتي نظمها الشيخ سليمان دفاعاً عن الاتهامات التي سيقت على الأمير، واعداً له بنشرها في كتاب لصديقه سيف الدين رحّال في «بونس أيرس» عن: ابن زين الدين العاملي [الشهيد الثاني] لكن اللّافت في هذه الرسالة سرٌّ يوصي به الشيخ بالقول: «تطلعون عليها الأخ العلّامة الأستاذ أحمد رضا ومن تثقون بهم لا غير». ثم يشير على الشيخ بالحصول على بعض الكتب، وبعدها يبثه همّه بمصائب الأمة والمفاوضات بين مصر والإنكليز والمخاطر التي تحدق بها وهمّ استقلالها٣٥.
ووفاء لذكرى أمير البيان يكتب الشيخ سليمان ظاهر سنة 1947 مقالة في العدد الخاص من مجلة العروبة لصاحبها محمّد علي الحوماني صديق الأمير٣٦. وكذلك عام 1955 في مجلة العرفان بعنوان: الأمير شكيب أرسلان؛ جهاد فقيد العرب والإسلام في سبيل العروبة والإسلام، يبين فيها حقيقة إسلام الأمير شكيب أرسلان على أنّه «روح الإسلام»٣٧، منذ تربيته البيتية إلى مرحلة جهاده من أجل وحدة المسلمين أينما وجدوا كان ناصرا لقضاياهم، ومثالاً يذكر الشيخ ظاهر أنّ الأمير كتب له كتاباً من جنيف بتاريخ 27 ذي القعدة 1354هـ/1936م، يشرح فيها شرحاً وافيا ضافياً لمجريات فضائح الحبشة وإساءاتهم للمسلمين، ويرجو من الشيخ ظاهر والشيخ أحمد رضا أن يرسلا إلى مصر ويشتريا كتاب «الإسلام في الحبشة»٣٨، ثم يشير إليهم بما كتبه عن الموضوع في «حاضر العالم الاسلامي». وعلى ما يبدو أنّ أحد العاملييّن تناول الموضوع آخذاً على الأمير موقفه، فعلّق الأمير في الرسالة: «حتى تعلموا وتنصحوا مثل هذا الجاهل الذي من بنت جبيل بأن لا يهرف بما لا يعرف»٣٩. ويختم الأمير «كتابه رضوان الله عليه: ومنّي سؤال خاطر الأستاذ الشيخ أحمد رضا. وكثيراً ما أفكر في جبل عامل وأتخيّل تلك الديار، ولكني أذرف الدموع عندما أتذكر صديقي المرحوم كامل بك الأسعد الذي لم أكن أعزّ عليه أحداً، وكذلك من درجوا إلى رحمة الله من آل الفضل، فالله يروّح أرواحهم عند ربهم ويطيل بقاءكم»٤٠.