الخميس, نيسان 10, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الخميس, نيسان 10, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

التّحنان لِصِلَة أمير البيان بجبل عامل

الشيخ أحمد عارف الزين:

تشعرك نصوص الشيخ أحمد عارف الزين في كتاباته عن أمير البيان بالحنين إلى طوق تلك العلاقات التي كانت تجمع الرجلين، فلا يزال صاحب العرفان يزيّن صفحات عرفانه تذكارا لأمير البيان صوراً41 وكتابات، فنقرأ في العرفان عام 1928 ما عنوانه: «كلام الأمير أمير الكلام» وتحته ينشر رسالة تلقّاها من الأمير بخصوص القضية السورية والمطالب الوطنية أمام جمعية الأمم، والتي يجب أن تعرف أننا «مُجمعون على مطالب واحدة… تنحصر عندنا في استقلال حقيقي للوطن، إذا متنا من بعده نموت ووجداننا مستريح وأنفسنا راضية مطمئنة». ويعلّق صاحب العرفان بعد متن الرسالة: «حيّا الله الأمير الجليل فإنّه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها وردّ عليها بما يناسب المقام، وهو دائب على خدمة أمته ووطنه بما استطاع بل فوق المستطاع ومثل الأمير فليعمل العاملون»42.

الشيخ أحمد عارف الزين (1884م – 1960م) هو كاتب وصحفي لبناني
من أهل الجنوب اللبناني العاملي.

وفي العام 1929 يقدمه لقرّاء العرفان: «لعطوفة أمير البيان وكاتب العصر الأمير شكيب أرسلان»، وعنوان المقالة: «تعليل الظَّفر في نظر المارشال فوش ومقابلة ذلك بكلام سيدنا علي كرم الله وجهه»43. يوضح فيها الأمير تعليل الجنرال فوش سبب الانتصار: بأنّ المعركة هي صراع بين إرادتين، والفوز هو القوة المعنوية أولاً والقوة العقلية ثانياً، ثم يقارن أمير البيان مقولة فوش بكلام الإمام علي عليه السلام في تعليل الظفر لمّا سئل: يا أمير المؤمنين، كيف اتّفق أنك ما بارزك أحدٌ إلّا صرعته وقتلته؟ فقال: كنت أحمل على الفارس فأعتقد أنا أني قاتله ويعتقد هو أيضا أني قاتله، فنصير أنا وهو عليه… وهو عين ما كان يقوله فوش… إلّا أن كلام سيدنا علي أعلى وأبلغ، وأنّى لفوش وغير فوش أن يؤدي مرامه بالقلب الذي كان يؤدي به أمير المؤمنين..»44.

وفي العام 1930 يخصّص صفحة لصورة تجمع أمير البيان في حفل تكريمه في المغرب وبصحبة مجموعة من أهل الفكر كتب تحتها: «صورة جميلة لأمير الفصاحة والبيان الأمير شكيب أرسلان بين فريق من أهل الفضل المحتفلين بتكريمه في تطوان بالمغرب الأقصى..»45. يليها مقالة للأمير بعنوان: «أشياء عن طنجة وطيطوان» كانت نشرتها صحيفة «الشورى» القاهرية وأعاد صاحب العرفان نشرها لقرائه46.

ولعلّه من المناسب هنا أن نذكر من شيم الأمير ما ذكره صديقه أحد كبار أعلام جبل عامل العلّامة محمّد جواد مغنية، عندما كان حاضراً في تكريم لأمير البيان
في القاهرة، حيث ارتقى أحد الحاضرين المنصّة وقال فيما قال: رجلان في التاريخ يستحقّان أن يُلقبا بلقب أمير البيان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وشكيب أرسلان، فيقوم الأمير من مجلسه غاضباً ويذهب إلى المنصة فيعتب على صديقه الذي عمل هذه المقارنة بينه وبين الإمام علي عليه السلام، ويقول: «أين أنا
وأين علي بن أبي طالب، أنا لا أعدّ نفسي شسع نعل لعلي عليه السلام»٤٧.

علم من أعلام الأمة العربية، […] وأديب من أدبائها أصحاب الأدب الرفيع، وشاعر من شعرائها المجيدين، وأمير نال الإمارة عن تراث لا كلالة…

ولمّا وافت المنية الأمير صدّر الشيخ أحمد عارف الزين في عرفانه مقالة جاء فيها:

أين لــــــيَ نجـــــوى إن أطقــــتَ بيانــــــا       ألـســــــتُ لعـــــدنانٍ فمـــــــاً ولســـــــانـــــا

علم من أعلام الأمة العربية، وعبقري من عباقرتها الأفذاذ، ونابغة من نوابغها المجلّين، وعالم من علمائها المصلحين، وأديب من أدبائها أصحاب الأدب الرفيع، وشاعر من شعرائها المجيدين، وأمير نال الإمارة عن تراث لا عن كلالة… وهو في كل حالاته ونزعاته (عربي عربي عربي)، عرفت الأمير شكيباً في شرخ الشباب وأنا في عهد الطفولة٤٨ وذلك سنة 1320هـ/1902م، وقد آب من فلسطين معرّجاً على النبطية، فزار أستاذنا العلامة العامل المرحوم السيد حسن يوسف [مكّي] طاب ثراه، وكنّا بحضرته مع بعض أكابر تلاميذه وفي طليعتهم الشيخ سليمان ظاهر والشيخ أحمد رضا، فقرأ علينا قصيدته الشهيرة في معركة حطين ومطلعها»٤٩.

أحســـــن مـــــا فيـــــه يســــــرح النظــــــر      واد بـحـــيـــــــــــث الأردنُّ يـنـــفـــجـــــــــــر

ويقول بها:

يــــــا شـرق هونيـــــن كم لديـــــــك جرى         مَـعـيـــــــــــن مــــــــــــاء حـصـبــــــــــاؤه دُرَرُ

الشطر تـــــــــل القاضــــي يســــــلســــــــه              والشـــــــطر من بانـيـــــــاس ينحـــــــــدر

والحـــــــاصبانـــــــي بـــــــــات إثرهـــــــــما            يشتـــــــد في الجري لـــــــيس يصطبر٥٠

وقرأ له يومئذٍ الشيخ سليمان ظاهر مرثية في الحاج علي عسيران، وكان توفّي حديثاً، فأعجب بها غاية الإعجاب وقال: لو سمعناها قبل تلاوة قصيدتنا لما تلوناها، ومطلع القصيدة:

إن تكــــــن غــــــــاية الحيـــــــاة الممـــــــات     فســــــــــواء حيـــــــاتنـــــــــا والممـــــــــات٥١

ولا غرو فالأمير كان معجباً جدّاً بالشعر العاملي وله به كلمة طيبة جدّاً وشهادة عدل حسنة في [مجلة] العرفان…»٥٢. ويروي الشيخ أحمد عارف الزّين عن والده أن الأمير رثى أحمد باشا الصّلح [ت1893] بقصيدة لم تذكر في الديوان، وقرأها له مرة الشيخ ديب بيضون بصوته الشجي، فنقده الأمير عشر ليرات عثمانية ذهبية٥٣.

هذا ونشر صاحب العرفان عن تأبين الأمير وذكرى وفاته٥٤، واستذكاراً له ولمكانته المحفوظة وبعد مرور ثماني سنوات على وفاته يكتب صديقه الأستاذ الشهير محمّد علي الطاهر (1896-1974) صاحب جريدة «الشورى» التي كانت تصدر في القاهرة مقالة بعنوان: ذكرى أمير البيان الأمير شكيب أرسلان، ويعلّق الشيخ أحمد عارف الزّين مُتلوّعاً بالحنين إلى أيام صلته بالأمير: «ما أحسن هذه الذكريات»٥٦. وعلى مدى أكثر من عشر صفحات يستعرض الكاتب لمآثر أمير البيان وشخصيته وعلاقاته وجهاده.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي