الإثنين, كانون الثاني 6, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الإثنين, كانون الثاني 6, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

الدافعيّةُ للتَّعلُّم

تُعْتَبر الدافعيّة من الشّروط الأساسيّة التي يتوقف عليها تحقيق الهدف من عملية التعلّم في أي مجال من مجالاته المتعددة، سواءً في تعلُّم أساليب وطرق التفكير، أو تكوين الاتجاهات والقيم أو تعديل بعضِها، أو تحصيل المعلومات والمعارف، أو في أساليب السلوك المكتسبة. وتُعَد الدافعية من مفاهيم علم النفس التربوي التي لا يمكن ملاحظتها بشكل مباشر إلّا من خلال سلوك الأفراد ضمن البيئة التي يعيشون فيها.

ولكن ما هي الدافعيّة؟

يمكننا تعريف الدافعيّة بأنها محرّك أو طاقة هدفُها تمكين الفرد من اختيار أهداف معينة والعمل على تحقيقها، ويمكننا القول بأنها عملية داخلية تَنْشَطُ لدى الفرد وتقوده وتحافظ على فاعلية سلوكه عبر الوقت. كذلك يمكن تعريف الدافعية للتعلم بأنها مجموعة المشاعر التي تدفع المُتَعلم إلى الانخراط في نشاطات التعلُّم التي تؤدي إلى بلوغه الأهداف المنشودة وهي ضرورة أساسية لحدوث التعلُّم، وبدونها لا يحدث التعلم الفعّال، وافضل المواقف التعليمية هي التي تقوم على مراعاة دوافع المتعلّمين وإشعارهم بأهميَّة استثارتها ودفعهم نحو التعلّم ومن هنا يجب أن ترتبطَ الموضوعات بمشكلاتهم ونواحي حياتهم بهدف تحقيق حاجاتهم.

ولهذا فان عملية التعلم وخاصةً على المستوى الإنساني تخضع لعديد من الشروط المميّزة التي تؤثر بشكل فعال على سلوك الفرد في الموقف وأهمُّها التخطيط لعملية التعلم Planning for Learning اذ يُعتبر التخطيط للموقف التعليمي من الشروط الهامة التي يتوقف عليها تحقيق الهدف من عملية التعلم، ويتضمن ذلك مجموعة وظائف منها:
– الحاجة إلى معرفة إمكانيات المتعلم، وخاصةً قبل حدوث التَّعلم وما هو مستواه حالياًّ وما هو المستوى المطلوب الوصول إليه ؟
– ماهي الشروط الأساسية المتطلَّبة في تحقيق تعلّم مهارة أو اكتساب عادة مُعينة، أو تنمية مستوى معيَّن من الأداء ؟
– ماهي المتغيّرات الرئيسة في الموقف التعليمي؟ سواءً المُتغيرات المستقلة وهي مجموعة المثيرات التي سيتعرض لها المتعلِّم، أو العمليات النفسية الوسيطة التي يرتكز عليها أسلوب التعلُّم.
– كيف يمكن تنشيط دافعية المتعلم لكي يبدأ ويستكمل تعلُّم المهارة أو اكتساب العادة ؟
– كيف يمكن توجيه ميول المتعلم واهتماماته حتى يكون السلوك مضبوطاً وموجَّهاً نحو الهدف المُحدد؟
– ماهي أساليب قياس الاستجابات الصادرة عن الفرد المتعلم؟
ويبدو واضحاً أنَّ الحاجة إلى تحقيق هذه الوظائف في أي نظام تعليمي يُعتبر ضرورة لكي يمكن تحقيق تعلّم فعال ويقع عبء ذلك على المعلم وضرورة فهمه لهذه الشروط المختلفة لأنّ معرفة هذه الشروط تمكنه من تحقيق الأهداف المطلوبة من عملية التربية.

ما الذي يؤثر في الدافعية؟

تهدف الدوافع بصفة عامة إلى خفض حالة التوتّر لدى الكائن الحي وتخليصه من حالة عدم التوازن، إذ إن الدافع هو حالة داخلية جسمية أو نفسية لا نلاحظها بل نستنتجها من الاتجاه العام للسلوك الصادر عنها. يؤثر في الدافعية نوعان من الدوافع وهما :
1- الدوافع البيولوجية:
وهي الدوافع التي تنتج عن حاجات جسم الإنسان الفيزيولوجية كالجوع أو العطش أو الراحة أو النوم وتكون على درجة كافية من القوة، فيترتب عليها حالة من عدم التوازن، أو حالة من التوتر الذي ينجم عن هذه الحاجات، و يتّجه السلوك بعدها نحو تحقيق إشباع الحاجة القائمة في وجهة معينة، بدرجة من النشاط تتكافأ ومستوى شدة الحاجة، حتى يتم إرضاؤها بالقدر المناسب، فيتم خفض التوتر والشعور بالارتياح ومن ثم استعادة التوازن.

وهذا النوع من الدوافع لا يتعلمها الفرد أو يكتسبها ولكنها موجودة فيه بالفطرة أي يولد مزوّدًا بها ويظهر بعضها بعد الولادة مباشرة ويتأخر البعض الآخر إلى ما بعد ذلك.

2- الدوافع الاجتماعية:
وهي التي تنتج عن تفاعل الإنسان مع المجتمع الذي يعيش فيه وتأتي نتيجة نمو الفرد واتصالاته بالآخرين واحتكاكه بظروف الحياة العامة وما تقتضيه هذه الظروف مثل الحاجة إلى التقدير الاجتماعي والى النجاح والشعور بالأمن، وتحقيق الإنجازات والتقدم، وغيرها.
وتتبدى أهمية الدافعية من الوجهة التربوية من حيث كونها هدفاً تربوياً في ذاتها، فاستثارة دافعية الطلّاب وتوجيهها وتوليد اهتمامات معينة لديهم، تجعلهم يُقبِلون على ممارسة نشاطات معرفية وعاطفية وحركية خارج نطاق العمل المدرسي وفي حياتهم المستقبلية، وهي من الأهداف التربوية الهامة التي يُنشدها أيُّ نظام تربوي كان.

كما تتبدى أهمية الدافعية من الوجهة التعلُّمية من حيث كونها وسيلة يمكن استخدامها في سبيل إنجاز أهداف تعليمية معينة على نحو فعال، وذلك من خلال اعتبارها أحد العوامل المحدّدة لقدرة الطالب على التحصيل والإنجاز (Gage and Berlinre,r1979)، لأن الدافعية على علاقة بميول الطالب فتُوجِّه انتباهه إلى بعض النشاطات دون أخرى، وهي على علاقة بحاجاته فتجعل من بعض المثيرات معزِّزات تؤثر في سلوكه وتحثّه على المثابرة والعمل بشكل نشيط وفعّال.
وإثارة دافعية التعلّم تمّ وصفها باعتبارها استراتيجية تحتاج فنّاً ومهارة من العلم، ذلك لأن الطلاب قد يأتون إلى المدرسة بمستويات دافعية مختلفه ومتنوعه فمنهم من يملك الدافعية والهمة العالية ومنهم من يملك الدافعية المتوسطة ومنهم من لا يهتم ولا يملك دافعية نحو التعلم.

Happy school teacher gives young schoolgirl a high five after getting a math question correct. The teacher is using flashcards to help the young student.
طرق إثارة دافعية الطلّاب نحو التعلُّم

الاهتمام بإشباع حاجات الطلاب النفسية و نذكر منها :
أ‌ – الحاجة للانتماء والحب: فكل طالب يحتاج للشعور بأنّه محبوب ومرغوب وسط زملائه، ومن هنا دور المعلم حين يبدأ العام الدراسي حيث يعرّفهم بنفسه ويتعرّف على طلابه في الصف الدراسي ويعرّفهم بالمادة التي سيقدمها لهم وأهدافها. كذلك يجب أن ينادي الطلاب بأسمائهم ويتفقد غيابهم وأن يشجعهم على العمل الجماعي التعاوني.

ب – الحاجة للشعور بالأمن والسّلامة: ويتحقق شعور الأمن والسلامة لدى الطلاب من خلال معلّمهم إذ عليه أن يتجنب استخدام الترهيب والتهديد بالرسوب وبخاصة للطالب الضعيف لأن ذلك سيشعره بالقلق ولا يثير دافعيته نحو التعلم بل على العكس وجب على المعلم معرفة نقاط الضعف في طلابه وعلاجها.

ج – مساعدة الطلاب على صياغة أهدافهم والعمل على تحقيقها: من هنا يأتي دور المعلم فعليه أن يكون مرشداً لطلابه ومساعداً في وضع أهدافهم وتذكيرهم الدائم بها ودفعهم لمحاولة تحقيقها دون كلل أو ملل.

د- تجنب الروتين، والتنويع في أساليب عرض المادة الدراسية: فمن العوامل التي تثير انتباه الطلاب التنوع في أساليب وطرائق التدريس والتقليل من استخدام طريقة الإلقاء كطريقة تدريس بل استخدام أساليب عديدة كطريقة المناقشة والتعلم التعاوني والصف المعكوس وغيرها.

هـ – تبسيط المادة العلمية وتوفير فرص النجاح لكافة الطلاب: إذ إنه ينبغي على المعلم أن يحاول جاهداً تبسيط مادة تخصصه للطلاب وأن يقلل من احتمالات الفشل قدر المستطاع، فمثلا أن يعطي الطلاب ذوي الدافعية المنخفضة للتعلم مهامّ يسهل تحقيقها والنجاح بها، أمّا الطلاب ذوو الدافعية المتوسطة والمرتفعة فيعطيهم مهامّ أصعب وفقاً لمستواهم .

و – استخدام «التعزيز الإيجابي» في كل حصّة دراسيّة: فمن العوامل الهامة لتحفيز دافعية الطلاب نحو التعلم هي كثرة تشجيع المعلم لطلابه بصورة مستمرة. والتعزيز الإيجابي نوعان:
مادّي: من خلال كلّ ما هو مادي كالجوائز والأموال .
معنوي: من خلال المدح والثناء وتصفيق الطلاب وغيرها .
وقد أكد الخبراء في المجال التربوي أنّ التعزيز يلعب دوراً مهمًّا في تحفيز الطلاب على التحصيل الدراسي، بل ويساهم في تكوين الطلاب صورة إيجابية تجاه أنفسهم.

أنواع الدافعية

ويمكن تصنيف الدافعية إلى نوعين:
«الدافعية الخارجية»: مصدر إثارتها خارجي كالمعلم أو أولياء الأمور، الأصدقاء أو الإدارة المدرسية وغيرها.
وهنا يُقبِل المتعلم على التعلًّم لإرضاء من حوله وكسب إعجابهم أو حتى من أجل الحصول على الجوائز من المسابقات وخلافه.
«الدافعية الداخلية»: مصدرها داخلي من المتعلم نفسه، إذ يُقبل المتعلم على التعلم لكي يرضى عن ذاته ويحقق ذاته دون أن يكون مدفوعاً من أحد ، فهو يميل لحب المعرفة والرغبة في التعلم وبالتالي فالدوافع الداخليّه للتعلم تعد شرطا من شروط التعلم مدى الحياة والتعلم الذاتي.

وتؤكد التربية الحديثة على أهمية نقل دافعية التعلم من المستوى الخارجي إلى المستوى الداخلي، مع مراعاة تعليم المتعلم كيفية التعلم وذلك منذ نعومة أظافره، في دور الحضانة ورياض الأطفال، وفي هذه الحالة يكون بمقدوره الاستمرار في التعلم الذاتي في المجالات التي تطوّرت لديه، مما يدفعه إلى مواصلة التعلم فيها مدى الحياة.

ختاماً

 يمكن تلخيص وظيفة الدوافع في عملية التعلّم بالنقاط التالية:

  1. توجد علاقة طرديّة بين قوة الدافع والطاقة التي يبذلها الإنسان في سلوكه.
    مثال: « كلما زاد إحساس الفرد بالجوع كلما زاد ما يبذله من الجهد للحصول على الطعام».
  2. وجود دافع هو أمر ضروري لعملية التعلّم وضعف هذا الدافع يؤدي إلى نقص الطاقة التي يبذلها الفرد في ممارسة أوجه النشاط التي تساعده على التعلّم. كلما ارتفع مستوى الطموح لدى الطالب كلما زاد ما يبذله من جهد وطاقة في دراسته، كما أن قوة الدافع تحدد درجة إصراره على الوصول إلى هدفه مهما قابله من صعاب مختلفة.
  3. توجد علاقة عكسية بين قوة الدافع ودرجة إشباعه وبالتالي فإن الدوافع التي يمكن إشباعها بعد فترة زمنية قصيرة لا تصلح لعملية التعلّم. مثال ذلك دافع الجوع الذي ينتهي تأثيره بمجرد تناول الفرد للطعام. أمّا الدوافع التربوية التي تصلح لعملية التعلم فهي تلك الدوافع التي تتحكم في سلوك الفرد والتي لا يمكن إشباعها إلّا بعد فترة زمنية طويلة ومن ثم يستمر الفرد في بذل أقصى طاقته لإشباعها. مثال ذلك، رغبة الطالب في الالتحاق مستقبلاً بكليَّة معينة حتى يُرضي ميوله ورغباته.
  4. لا يوجد دافع بمفرده بمعزل عن باقي الدوافع ولكن الفرد دائمًا مُعرَّض لضغط من عدة دوافع في الوقت نفسه ومعنى هذا أن الفرد لا يتعلم تحت تأثير دافع واحد بل غالباً ما يكون واقعاً تحت تأثير مجموعة من الدوافع.
  5. مبدأ الغرضية: تؤدي الدوافع إلى توجيه السلوك نحو غرض أو هدف معيَّن، حيث ينبغي أن يتبيّن التلميذ حقيقة الغرض ممَّا يتعلّمه، فكلّما كان الغرض واضحاً كلّما أدى ذلك إلى الارتفاع بمستوى الدافع إلى التعلم. فالطالب الذي يدرس مادةً معينة ويعرف جيداً الهدف من وراء دراسته لهذه المادة، عادة ما يكون مستوى الدافع للتعلم لديه مرتفعاً، وهذا يمكّنه من اكتساب الكثير من المعلومات والخبرات بأقل جهد ممكن. وتركز التربية الحديثة على أهمية وجود غرض واضح يدفع التلاميذ نحو التعلم، عن طريق إتاحة الفرصة أمامهم للمشاركة في اختيار الموضوعات والمشكلات والأنشطة التي تتصل بواقع حياتهم، وكذلك اشتراكهم في توزيع المسؤولية وتنفيذ الخطط وتوزيع العمل، وكلّما كان الغرض الذي يسعى إليه المتعلم قابلاً للتحقيق، كلما ازدادت فعالية الغرض وأثره في تحقيق التعلُّم.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي