في أحد الأيّام الدّراسية لعام 1928 قام مفتّش التّربية والتعليم في وزارة المعارف المصريّة بتفقُّد مدرسة قرية (الخطاطبة) ، ثم وجّه سؤالاً إلى طلّاب أحد الصفوف الابتدائية، ووعد من يُحسن الإجابة بأنّه سيقدّم له عشرين قرشاً مكافأة. أمّا السؤال فكان: «لو افترضنا جدلاً أنّكم ضعتم في إحدى الصّحارى ولم تتمكنوا من معرفة اتجاهكم، وفجأة ظهر أمامكم رجل ومعه بوصلة ثم طلب منكم عشرين قرشاً عن كل جهة يرشدكم إليها فكم تنقدونه؟» صرخ الأطفال جميعاً: نعطيه ثمانين قرشاً. غير أنّ طالباً وحيداً من بين خمسين طالباً خالف زملاءه وقال: «نعطيه عشرين قرشاً لا غير والسبب أنّنا متى عرفنا جهة واحدة أصبح باستطاعتنا معرفة بقية الجهات». أثار هذا الجواب العميق دهشة المفتّش واستغرابه في آن معاً وكان ذلك الطفل هو جمال عبدالناصر ولم يكن يخطر ببال أحد أنّ ذلك الطفل سيصبح عظيماً من عظماء العالم فيما بعد.