السبت, شباط 22, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

السبت, شباط 22, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

السياحة الدينية في منطقة حاصبيا التيميّة

المعالـــــــمُ الدّينيّةُ فـي منطِقـــــــــة حاصبيّـــــــــا

علامــاتُ حضـارةٍ وتاريــــخٍ تستحـقُّ الزّيــــــــارة

كتبنا في عددٍ سابقٍ من الضُّحى عن ميزة في منطقة حاصبيّا تفرّقها عن مناطقَ كثيرةٍ من لبنانَ وهي غنى المنطقة بالمعالم الدينيّة والمقامات التي يزورها الناس بهدف أخذ العبرة والتبرّك وذكر الله تعالى في رحابها، وأوّل ما تتميز به تلك المعالم والمزارات أنّها مقصودة ليس فقط من الموحّدين الدروز بل من الناس على اختلاف مشاربهم وعقائدهم وهذا يدل على كرامة لأصحاب تلك المزارات الذي شدد القرآن الكريم على أنّ الإسلام لا يفرق بينهم:
}قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ{ (البقرة 136)
أما الأمر الثاني الذي تتميز به تلك المزارات فهو احترام الموحّدين الدّروز بخاصة لها وحرصهم على خدمتها وقد قام أفراد منهم عبر الأزمنة ببناء أكثرها والعديد منها يتولّى الموحدون خدمتها ويعتبرون ساكنيها أو من أقيمت على نيّتهم من أنبيائهم وقديسيهم. وهذا يشهد على اتّساع حدود التّوحيد وشموله وانفتاحه كما أوصى الإسلام وكتاب الله العزيز.
في هذه المقالة سنقوم مع القارئ بجولة على تلك المعالم الرّوحيّة على سبيل التعريف بمنطقة حاصبيّا وغناها بآثار الأقدمين الصّالحين ومن ثم التّعريف بكلّ من تلك المزارات وإعطاء معلومات موجزة عن أصحابها وعن تاريخها وقصدنا أيضا تشجيع قرائنا الكرام على زيارة المنطقة واستكشاف معالمها والتبرّك بقديسيها وصالحيها لأنّ في ذلك كسب للفائدة وللأجر في آنٍ معا.

مقام النّبي حزقيال
أولاً مع الزائرين لمنطقة حاصبيّا عبر طريق- بيروت – صيدا النّبطية، والذين يمكنهم أوّلاً أن يجتازوا بلدة مرجعيون متّجهين شمالاً نحو بلدة بلاط حيث سيواجههم مزار ومدفن النّبي حزقيل (حزقيال) (ع) وهو بناء قديم يعود مع السنديانة التي أمامه إلى مئات السنين، وممّا يشار إليه عند ترميم وتجديد بنائه أيام العهد العثماني ما رواه أمامنا رجل من آل حسيكي في بلدة بلاط إذ قال إنّ جدّهم من بلدة بيصور الشّوفيّة ومن آل ملاعب قد أتى به الأتراك لتجديد البناء، غير أنّ ما صادفه كان يدعو إلى الدّهشة والاستغراب إذ إنّ ما كان يبنيه في النّهار كان يُهدم أثناء الليل. ولما تكرّر الأمر ذهب إلى مشايخ البيّاضة وسألهم عن سبب ذلك، فكان جوابهم أن سألوه عمّن يدفع له أجر عمله، فقال إنّها الدولة (العثمانية) فأجابوه: هذا هو السّبب، فإن أردت إكمال البناء فعليك أنْ تشتغل لوجه الله دون أجر، وذلك ما حدث واستكمل البناء بإذن الله. ويضيف الرّجل إن القوّات الإسرائيليّة أجرت حفريّات أمام المزار عند اجتياحها لبنان في العام 1982 واكتشفت مدافن من الصّخر الطبيعي يتّسع كلّ منها إلى ثمانية نووايس لكن تم ردم الموقع في ما بعد لأسباب لا نعرفها.
وعن النّبي حزقيال تقول بعض المراجع المخطوطة إنّ من أخبار سيرته عليه السلام، أنّه كان من جملة أسرى بني إسرائيل في عهد نبوخذ نصّر الكلداني وكان عددهم سبعين ألفا، على ما قيل، فأقام فيهم مدّة ثم تنبـّأ بهم عشرين عاما وكان يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المُنكر، فصدّقته القِلَّة وكذّبه الكَثرة منهم. فلما ألحّ عليهم بالإنذار وبالغ في النّصح والتّذكار ردّوا كلمته وقتلوه غير خائفي الله من فعلتهم، وهذه عاداتهم في قتل الأنبياء.

النبي رؤبيل حاصبيا
النبي رؤبيل حاصبيا

 

مقام الداعي عمار في ابل السقي
مقام الداعي عمار في ابل السقي

مقام الدّاعي عمّار
بعد زيارة ذاك المقام الشريف، ينتقل الزّائرون إلى بلدة إبل السقي، حيث أقيم على التلّة المقابلة لبلدة بلاط لجهة الغرب مقام في المكان الذي يُعتقد أنّه شهد سقوط أوّل شهيد لدعوة التوحيد هو الداعي حسن بن يقظان المعروف بالدّاعي عمّار، وأصله من طرابلس الغرب وقد أتى إلى وادي التيم لردع جماعة مارقة عن البدع والأفعال الرديّة، فلمّا اخبرهم بالمهمة التي بُعِث بها وبيّن لهم قُبح أعمالهم أنكروا وأعرضوا وأصرّوا ولم يتركوه بل أوقعوا به وجرحوه، ولمّا خرج من عندهم تبعوه إلى أرض إبل السّقي فدلّهم على مكان تواجده رجل من آل بصبوص فقتلوه وغيّبوه إلى رجمة من الحجارة، ويُعتقد أنّه المكان الذي أقيم عليه المقام الحالي على نيّة صاحبه.

مقام النبيّ شُعيب
بعدها يمكن الانتقال إلى بلدة الفرديس حيث مقام النبي شُعيب (ع)، لكن يمكن للزّائرين وهم على الطريق بين مرجعيون وحاصبيّا أن يعرّجوا إلى مكان يدعى الهرماس على نبعٍ صغير ملاصق للطريق المذكوره ويُعرف بنبع مار جرجس أو الخضر عليه السلام، وهو نبع يعتقد بعض الناس أنّه مبارك، وحتى وقت ليس ببعيد كان الناس يأتون إليه بكل إمرأة عاقر أو بالبنات اللّواتي ينشد ذويهِنّ تزويجهنّ للاستحمام في مياهه، لكن هناك شرط على الناذر والمنذور هو التزام الصمت وعدم التحدّث لأحد وذلك اقتداء بالسيّدة مريم التي أمرها القرآن الكريم بذلك بعد ولادة السيّد المسيح بقوله جلّ من قائل:
}فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا{ (مريم: 26) وبالمناسبة فهذا النّبع يُزار من جميع الطّوائف والمذاهب.
أما مقام النّبيّ شعيب (ع) في بلدة الفرديس فكان يُزار سابقاً من قبل سكّان البلدة في القرون السّابقة وهم من الطائفة الأرثوذكسيّة ويتباركون به. كما أنني كنت أشاهد في طفولتي النّسوة من النّصارى وهنّ يزرنه ويشعلن السّرُج من زيت الزّيتون لإيفاء النذور. وهو في الواقع مقامٌ بديع البُنيان، أقيم فوق الكهف الذي كان كان يسستظلّه النبي شعيب في نسكه وصلواته، وتكتنف البناء أشجار الصّنوبر من جهاته الأربع، ويوم العُطَل كأيّام الجمعة والسّبت والآحاد ربّما لا تجد مكاناً للجلوس مع عائلتك في بهوه أو في الأماكن المحيطة به لكثرة الزوّار ومن شتى المناطق والبلدان.
وسيرته كما ورد ذكره في القرآن الكريم أنّه وُلد في مدْيَن على ساحل الحجاز لجهة البحر الأحمر وكان قومه (قوم مديَن) يغشّون الناس في البيع والشراء، فإذا باعوا شيئاً استعملوا المكيال الصّغير، وإذا اشتروا استعملوا المكيال الكبير، فأرسل الله تعالى إليهم النبيّ شُعيب يأمرهم بعبادة الله وعمل الخير والصّدق في البيع والشراء. وذات يوم جاء النّبيّ شعيب تاجر من إحدى القرى وشكا إليه أنّ تجار المدينة باعوا له مئة كَيلة فلمّا كالها وجدها ثمانين كَيلة، فغضب النبيّ على هؤلاء التّجار المخادعين، وأخذ بيد التاجر وخرج معه إلى السّوق يدعوهم إلى التّوبة وإعطاء التاجر حقّه وينذرهم من عاقبة أعمالهم ومن عقاب ربّ العالمين، لكنّهم استمرّوا في ضلالهم وهددوا شُعيباً والذين معه بالطّرد، فابتهل النبيّ شعيب إلى الله تعالى قائلاً: }رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ{(سورة الأعراف:89).
آنذاك سلّط الله عليهم ريحاً صرْصَراً ثم زلزالاً قويّاً فأحرقهم وأهلكهم. وتقول الرّوايات إنّ النبي شعيب انتقل إلى بلادنا أي من شماليّ فلسطين إلى جبل عامل ووادي التّيم، وإنّ إحدى دلائل تواجده لمدّة في المنطقة وجود مزار له في حطّين في فِلِسطِين ومزار له في الفرديس يقال أنه بُني فوق الكهف الصّخري الذي كان يتعبّد فيه، كما يوجد له مقام في “ السّفينه ” في موقع تابع لبلدة الكفير وهناك بئر وجامع على اسمه في بلدة بليدا العاملية، وقد اشتغل النبيّ شُعيب بالأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر والدّعوة إلى توحيد الله ونبذ الأصنام والضَّلال. وتُوفي شُعيب ودُفن في مغارة في جبل حِطّين من أعمال فلسطين المحتلّة.
وقد ورد ذكر النبي شعيب 11 مرّة في القرآن الكريم مثل قوله تعالى:
}وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إلــه غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذلكم خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ{(الأعراف:85)

3مقام-النبي-حزقيال-في-بلاط
مقام-النبي-حزقيال-في-بلاط

“احتضان الموحّدين الدّروز للمقامات والمزارات الرّوحية على تنوّعها يشهد على اتّساع التّوحيد وشموله وأنّ عمره من عمر الدّيانات السماويّة جميعها”

في رحاب خلوات البيّاضة
بعد الجولة على المزارات يمكن التوجّه لزيارة مباركة لخلوات البيّاضة في حاصبيّا منارة التّوحيد وركن اجتماع الأمّة وقِبلة المؤمنين الزّاهدين، وتقع خلوات البيّاضة على هامة رابية من الرّوابي التي تحيط ببلدة حاصبيّا لجهة الجنوب، وهذه الرّابية ربّما قّدستها وأعلت مكانها كموقع إقامة وتنقّلات الدّعاة الأوّلين في شِعاب وهضاب وادي التّيم وكذلك الإقامة الدّائمة فيها منذ مئات السنين للزّهاد الموحّدين الذين نذروا أنفسهم للعبادة وخدمة المؤمنين والزائرين فأصبحت رمزاً للبساطة والفَقر والتّواضع في سبيل الله وبرز منها مشايخ أكابر رفعوا راية الحق وكانوا بمثابة الحصن الحصين للطّائفة في المُلِمّات. وأهمّ ما في خلوات البيّاضة ابتعادها عن كل ما يفرّق الموحّدين فلا توجد هنا سياسة وولاءات وانتماءات بل اتّفاق على الوحدة ونبذ الفرقة وشؤون الدنيا وفي رأسهاسهأسها السّياسة.
نشأت البياضة في أواسط القرن الحادي عشر للهجرة أي نحو 1650 ميلاديّة، وهي لتاريخه، بالإضافة إلى الخلوة الكبيرة أو ما يُعرف “بالمجلس” تحيط بها أكثر من خمسين خلوة لجميع المناطق والعائلات التوحيديّة، ومن أهمّ مميّزاتها تواضع وبساطة المفروشات والزّهد والتقشّف في المأكل والمشرب من قبل سكانها. وفوق هذا وذاك مُحرّم العيش فيها من قبل الأزواج ومهما تكن الظّروف صعبة عند المتعبّدين الكبار، فالعُرف الدّيني يحتّم عليهم البعد عن كل الشّبهات، إذ إنّ العيش فيها فقط للعبادة والتّفقّه والتعلّم وحفظ ما هو مطلوب ومعلوم وليس التّنعّم أو المفاخرة أو المباهاة، والزّيارات مسموح بها للجميع بعد استئذان الحرّاس أو القيّمين عند مدخلها.

المجلس-الكبير
المجلس-الكبير

مزار النّبي رؤبين
بعدها ينتقل الزّائر من خلوات البيّاضة لزيارة مقام وقبر النبي رؤبين في حاصبيّا وموقعه عند أسفل البلدة بالقرب من القصر الشّهابي وبجانب مجرى ماء شتوي يُعرف بالبصيص.
والنبي رؤبين هو من الأسباط الاثني عشر من أولاد يعقوب (ع) وهو أكبرهم. وكلمة الأسباط في اللغة العربية ومعناها ولد الولد. أمّا الأسباط في بني إسحاق فهم كالقبائل في بني اسماعيل، وقوله تعالى في القرآن الكريم : }وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا{(الأعراف: 160)

“مقام النبي شُعيب في الفرديس مقصد يتمتّع بشعبيّة كبيرة بين مختلف الطــّوائف ويزار من مختلــــف مناطق لبنان”

النبي شعيب الفرديس
النبي شعيب الفرديس

مزار السّتّ صالحة
وبعد الانتهاء من زيارة بلدة حاصبيّا ينتقل الزّائرون إلى بلدة ميمس حيث مزار السّتّ صالحة كمال، التي ولدت في مطلع القرن التاسع عشر وتُوفّيت قبيل أحداث عام 1860، وكانت منذ ولادتها ضريرة، وكانت تتقن اللغة اليونانية بالإضافة إلى العربية. ويوم أحرق ابراهيم باشا المصري الحيّ الجنوبيّ من بلدتها ميمس والذي يعرف بالبيسانيّة سابقاً عام 1837 بقيت مع إمرأة أخرى ضريرة ورجل آخر ضرير في أحد أقبية القرية وإذ بجنود من بلاد البلقان يتجوّلون في القرية ويتكلّمون اللّغة اليونانية، فخاطبتهم بلغة بلادهم وبكلام قاسٍ: لماذا أحرقتم قريتنا، ولماذا هذه الأعمال الوحشيّة؟ ممّا أدهش الجنود، فتقدّم أحدهم وخاطبها: هل أنت من اليونان؟ فأجابته: نعم، آنذاك أخرج من جيبه كتاباً دينياً وقدمه إليها قائلاً: خذيه، ربّما قُتِلتُ في أحدى المعارك فأنت أولى به. هذا الكتاب انتقل بعد السّتّ صالحة فيما بعد إلى خلوات البيّاضة وبقي يُتَداول به حتى إحراقها عام 1925 من قبل المستعمر الفرنسي إذ فُقد مع جميع محتوياتها.
ويُنسب إلى السّتّ صالحة كلام عن ملامح آخر الزّمان جاء فيه: “عندما تشربون من الحيط، وتضيئون بالخيط وتكرّجون الغربال، أي الدولاب، فيصل إلى عريش مصر وأخيراً تأتي بلادنا عساكر ترتدي زي الضفادع (الثياب المرقَّطة)..أمّا مزارها ومدفنها عند مدخل بلدة ميمس الغربي الجنوبي فهو بناء لائق ويُسمح بزيارته في كل الأوقات.
بعد ذلك يمكن الانتقال إلى بلدة الخلوات حيث يقع في ظاهرها لجهة الشرق معبد النّبيّ “شئت” وهو معبد مقام ربّما فوق معبد رومانيّ أو وثنيّ قديم، ويعود تاريخه إلى آلاف السّنين، واللّافت للأمر الناووس الضّخم أمامه وهو كناية عن حجر كبير مجوّف من داخله ليتّسع الجثمان وفوقه غطاء صخري من قطعة واحدة، ويروي الكثيرون من المُعْمرين عن المستعمرين السابقين كالأتراك والفرنسييّن وسواهم أنّهم زاروا هذا المدفن وربّما قاموا ببعض الحفريات إذ لتاريخه لم تزل هناك العديد من النّواويس وبقايا هياكل وأعمدة، وحديثاً أقام أبناء البلدة بناء يليق بالعبادة والاستقبال وفيه ما يحتاجه المقيمون والزائرون.
ويروي عن هذا المقام الشيخ شرف الدين عمار من مزرعة النبيّ شِئت، وهو من مرافقي وتلامذة الشيخ الفاضل (ر) أي منذ حوالي 375 سنة إذ يصفه بقوله إنّ أمامه سنديانة ربّما هي السّنديانة الحاليّة والتي يلزم لإحاطتها سبعة رجال.

مقام الشّيخ الفاضل
أمّا مسك الختام فزيارة سيّد المقام والمقال الوليّ الطّاهر الشيخ محمد أبي هلال والمعروف بالشّيخ الفاضل في بلدة عين عطا، ومدفنه ومزاره فوق تلّة صخريّة تعانق السماء بشموخها وأوّل ما يستقبلك نَسرٌ كبير منحوت في الصّخر فاتح جناحيه، وقد بُني المدفن والمزار فوق معبد روماني قديم. والواقف على شرفاته لا يحجبه عن رؤية البحر سوى بُعد المسافة وتكاثف الغمام والضباب في الأفق البعيد، ويتألّف البناء من عدّة طبقات وقاعات وغرف للمنامة من قبل الزّوار.
ولد الشيخ الفاضل في بلدة الشّعيرة قرب كوكبا أبو عرب، وهي اليوم بلدة دارس، وله مزار في بلدة كوكبا المذكورة غير أنّه قضى معظم أيامه وحياته في بلدة شْوَيّا، إذ كان يأوي ليلاً إلى كهف يقع بين الكروم لجهة الجنوب ويأتي نهاراً إلى القرية حيث يجلس مع مريديه تحت سنديانة لم تزل قائمة مع المزار المقام على نيّته لتاريخه.
في النّهاية نقول إنّ من تيسّرت له هذه السّياحة الدينية المكرّمة لمنطقة حاصبيّا التيميّة، وهذا ليس بالصّعب في هذه الأيام، وخصوصاً لسهولة التنقّل وتيسّر الأمان، وبالإمكان زيارتها في يوم واحد والعودة إلى أيّ مكان.
إنّ القيام بهذه الزّيارة للمعالم والمقامات الرّوحية تثبيت وتجديد للاعتقاد وتعزيز للإيمان لكن شرط وجود النيّة لذلك والالتزام باحترام تلك الأمكنة وعدم التلهّي عن الهدف بأنواع التّسلية والطّعام والسّمَر كما يحصل في بعض الأحيان.
(الصور الفوتوغرافية للمصور زياد الشوفي مع الشكر)

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي