الأحد, أيار 5, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الأحد, أيار 5, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

الشيخ ابو سعيد امين ابو غنام

على طريق الأولياء الصالحين

المغفور له الشيخ أبو سعيد أمين أبو غنام

1914-2013

فقدت طائفة الموحدين الدروز علماً بارزاً من أعلام هيئتها الروحية العليا، وعابداً زاهداً، صالحاً ناصحاً، مصلحاً آمراً بالمعروف، وناهياً عن المنكر، قدوة للسالكين العابدين الذاكرين الشيخ أبو سعيد أمين أبو غنام الذي توفّاه الله في بلدته عرمون عن عمر ناهز الـتسعة والتسعين عاماً.
سلك الشيخ الفقيد طريق التوحيد والطاعة والزهد منذ مطلع شبابه، وجاهد في حياته كلها في العبادات والخلوات وترقية النفس واكتساب الخصال والمحامد التوحيدية، وقد نال الكثير من تلك الجواهر النفيسة على يد شيخه المرشد العلم المرحوم أبو حسين محمود فرج الذي عاش بين العامين 1866 و1953 وكان في حياته منارة للسالكين وشيخاً قدوة أصبحت حياته الزاخرة بالفضائل وخصال التوحيد سيرة تتناقلها الأجيال التالية على سبيل حفز النفس على الإقتداء والتزام الصراط المستقيم.
كان من علامات نجابة الشيخ الفقيد وتفتحه المبكر على طريق الزهد والعبادة الخالصة أنه كان مازال في مطلع شبابه عندما من ّعليه معلمه الشيخ أبو حسين محمود فرج ومجتمع المشايخ الثقات بتكريمه بالعباءة البيضاء المقلمة بالأسود وهي منحة تشير إلى توافق عقلاء الطائفة على استكمال السالك لواجبات الدين وفرائضه وخصاله واستحقاقه بالتالي أن يكون من حلقة العقلاء الراشدين الذين يشكلون في الحقيقة حصنها وملجأها المنيع في الشدائد. واستمر في حياته على طريق الاولياء الصالحين في مسيرة حافلة بالمآثر حتى توافقت الهيئة الروحية العليا للطائفة التي كان في مقدمها المرحوم الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين في العام 2006 على تتويج الشيخ أبو سعيد أمين بالعمامة المكولسة أو «المدوَّريَّة» وهي التي تمنح فقط إلى كبار المشايخ الثقات الذين أمضوا عمراً طويلاً في العبادة وخدمة الموحدين وأظهروا في عملهم الرشد والجرأة والأخذ بالخصال الشريفة للسلف الصالح وخصوصاً في الزهد والتواضع وزجر النفس وحماية الوحدة ومنع الفتن ورص الصفوف في المحن وتقديم الموعظة الحسنة والنصيحة لكل راغب مستجيب والقدوة الصالحة في أسلوب الحياة وفي معارج الزهد والطاعة والعبادة.
ويعتبر الشيخ أبو سعيد آخر حلقة في سلسلة المشايخ المتصلة بالشيخ أبو حسين محمود فرج في منطقة الغرب والذين يمثلون جيلاً مضى الآن من رجالات كبار طبعوا زمانهم وقدموا الأمثولات في التزام الأمر والنهي وتقديم صورة مشرقة عن المسلك التوحيدي وخصاله ومدرسته الزهدية.
وتخليداً لسيرة الشيخ القدوة أبو سعيد أمين ابو غنام أعدّت مجلة «الضحى» هذا الملف الخاص الذي يتضمن تغطية لمسيرته الروحية الحافلة كما تم توثيقها من المجلة وفي شهادات موجزة لبعض المشايخ الأفاضل. أيضاً يتضمن الملف تحقيقاً عن خلوة المونسة في بلدة عرمون ومقالاً يعرض للرجال الصالحين والأبرار الذين أنجبتهم قرية عرمون الزاهرة وجوارها في الأزمنة القديمة والحديثة.

تكريماً لذكرى الشيخ القُدوة أبو سعيد أمين أبو غنام

شيــــخ الحلــــم والطهــــارة

تكــرّس للخلــوة والعبادة وإصلاح النفس منذ شبابــه
فاستحــق العبــاءة المُقلَّمــة وهو في ســــن الـ 22

لازم عَلَـــم عصرِه الشيخ أبو حسين محمــود فــــرج
واكتسب من عمله وفوائده، وربطته رجاحة عقله
بكبار المشايــخ الثقــات في لبنــان وسوريــــــا

كانت له حصافة وحكمة ومهابة جعلت منه مقصداً
للسالكين ومعيناً لهم في أمور دينهم ودنياهــم

ورث عقال الموحدين الدروز منذ نشأة مسلك التوحيد الإرث العظيم لإسلام الفقر والزهد بالدنيا والخلوة والمجاهدة واختاروا طريق الرسول الأعظم وخلفائه الراشدين والصحابة الأبرار من أمثال سلمان وأبو ذر والمقداد والتابعين الكبار من أمثال إبراهيم إبن أدهم والبسطامي والجنيد وذو النون المصري واندمجت سيرة السلف الصالح بثقافة الموحدين الدروز فسعى كبار عقالهم والصفوة من أخيارهم إلى تقليد أولئك السابقين النجباء والأخذ بسيرتهم، فلم يتركوا حالاً من أحوال الزهد والتقشف والتأدب والتواضع والمراقبة إلا وأخذوا بها في مجهاداتهم، فصفت لهم الدنيا واشرقت أنوار الدين في سيماهم وصفا الناس بهم وأنِسوا إلى مجالسهم وصحبتهم واشتهر أمر الكثيرين منهم في الأمصار وكتبت الروايات والملاحم عن تقواهم وصلابة إيمانهم وشجاعتهم وكراماتهم.
هؤلاء الزهاد العارفون لم يخل منهم زمان وقد انتظموا في كل جيل حلقات في سلسلة لا تنتهي فكان كل جيل من العارفين ينقل أمانة التوحيد ومعارفه وخصاله ودستوره إلى الجيل التالي، فبقي مجتمع التوحيد بذلك غنياً ثرياً بهم ، منتفعاً ببركات مسالكهم ونصائحهم وارشادهم، وكان في أوقات الشدائد لائذاً إليهم وإلى حكمتهم وعزيمتهم وأدعيتهم وكم من الظروف الخطرة والملمات الحالكة انقشعت ببركة هؤلاء الصالحين مثلما تنقشع الغيمة السوداء عن أديم الأرض.

طريق الزهد ومجاهدة النفس
ينتمي الشيخ أبو سعيد أمين أبو غنام إلى حقبة المشايخ الذين طبعوا قرناً كاملاً من الزمان من بداية القرن العشرين المنصرم إلى مطلع القرن الحالي، وقد كان من إنعام الله على الموحدين الدروز على مدى الأزمان أن لم يجعل التوحيد كتاباً يقرأ ويحفظ فحسب بل جعله دستوراً معاشاً ومسلكاً يلتزم وتربية ومجاهدة ومراقبة كما جعل للموحدين بينهم مرشدين سالكين عارفين ليهدوهم إلى صراط التوحيد ويسلِّكوهم في قواعده وآدابه جاعلين من أنفسهم قدوة ومثالا في التزام تلك القواعد وتطبيقها، وهذا التطابق بين التعليم والسلوك هو ميزة يعتبرها مشايخ الموحدين العالِمين العامِلين في هذا المشرق قاعدة أساسية لاكتساب الدين، إذ لم ينل أي منهم منزلته بالدرس وسعة العلوم النظرية فقط بل نالوها بالفقر والتذلل لله ومجاهدة النفوس وحياة التقوى والزهد وإشراق المعارف اليقينية. لذلك فإن على من أراد التعرف على حياة التوحيد والاطلاع على أنواره وزينته أن لا يبحث في المعاهد ولا في الدور ولا في الصروح العظيمة بل عليه أن يبحث عنه في أهل التوحيد في الخلوات البسيطة وفي مجالس الذكر والتسبيح بين الساهرين القائمين الليل أهل الصلاح الثقات العازفين عن الدنيا وفتنتها المتعففين المضيئة وجوههم بسكينة التسليم ووداعة الرضا الآنسين إلى الله في كل آن.

ولادته ونشأته
ولد فقيدنا الكبير الشيخ أبو سعيد أمين أبو غنام في مطلع القرن العشرين وبالتحديد في شهر آب من سنة 1914 في زمن شهد نشاطاً كبيراً وحيوية في البيئة الروحية للموحدين الدروز، وشهد على ذلك الإيناع الروحي، العدد الكبير من المشايخ الأعلام أصحاب العمائم المكولسة أو المدوّرية الذين عاشوا في تلك الفترة وازدانت بهيبتهم وعلمهم مجالس الذكر وخلوات العبادة في لبنان وسوريا وفلسطين1. بين هؤلاء المشايخ برز في تلك الفترة الشيخ أبو حسين محمود فرج (1866-1953) في عبيه باعتباره الشيخ العلم القدوة المقدم والمرجعية الأولى للموحدين. كان إسم الشيخ أبو حسين محمود قد ذاع في سوريا وفي لبنان وكانت خلوة الشيخ احمد امين الدين في عبيه وهو احد مشايخ العقل من السلف الصالح وملقب بـ « بو عقلين» قد أصبحت في عهده مقصداً للمشايخ والمستجيبين التائقين لمجالسة الشيخ العلم وتحصيل البركة من قيام الليل والذكر بمشاركته، إذ كانت وفود الزائرين تأتي من المناطق القريبة والبعيدة وبعضهم كان يأتي من فلسطين أو سوريا تجتمع في الخلوة كل يوم جمعة وكان المرحوم الشيخ أمين طريف على صلة وطيدة بالشيخ أبو حسين محمود الذي سيُتَوِّجه لاحقا بالعمامة المكولسة. اما الشيخ أبو سعيد أمين أبو غنام فقد توجه منذ شبابه إلى خلوة عبيه عاقدا العزم على أخذ طريق العبادة والتطهر والاستزادة من المعارف على يد ذلك المرشد الكبير، وقد أحبّ المريد الشاب شيخه وتعلّق به وسعى لخدمته كما أن الشيخ نفسه أحب تلميذه النجيب ولمح فيه علامات النباهة والتكرّس وعلو الهمة في طلب المعرفة والأخذ بخصال التوحيد وآدابه التي كان يراها في شيخه الذي اكتسب صفة السيد بين المشايخ الكبار الذين كانت تزدان بهم المجالس وسهرات العبادة والذكر. وقد اشتهر الشيخ الراحل بتوقيره الشديد للشيخ أبي حسين محمود فرج وملازمته قدر الإمكان ولم يزل يعتبره المثال الأرقى والقدوة الأسمى، وكان كثير الحديث عنه وعن مآثره ومواعظه وخصاله مستشهداً بأفعاله وسيرته، وكان من عادته إذا زاره الشيخ أبو حسين محمود أو ضاف في بلدته أن يرافقه إلى أطراف البلدة لوداعه هناك تقديراً لشخصه الطاهر.

“كم من الظروف الخطرة والملمات الحالكة انقشعت ببركة هؤلاء الصالحين مثلما تنقشع الغيمــة الســـوداء عن أديم الأرض”

الشيخ-أبو-سعيد-أمين-أبو-غنام-في-شبابه
الشيخ-أبو-سعيد-أمين-أبو-غنام-في-شبابه”

شيخا مُكمَّلا في سن الـ 22-23
أصبح الشيخ أبو سعيد من المقربين إلى مرشده الشيخ أبو حسين محمود فرج وقد استلهم من سيرته وتعليمه الجد والتفاني في طريق الدين ومجاهدة النفس وظهرت ثمار كفاحه واستفادته من المشايخ في ما اشتهر به من ورع وتواضع وحلم وأناة ودماثة في الطباع وحصافة وحكمة ووقار ومهابة جعلت منه مقصداً للسالكين ومعيناً لهم في أمور دينهم ودنياهم نصحاً ووعظاً وإصلاحاً. وبسبب اشتهار أمره وفلاحه رأى الشيخ أبو حسين محمود أن يُكمِّله بتكريمه بالعباءة البيضاء المقلّمة وكان مازال في سن الثانية والعشرين أو الثالثة والعشرين، وهذا لا يحصل إلا مع من يكرمه الله بميزات الرشاد والتمييز والتقوى وعلو الهمة منذ فتوته وهذه من علامات المصطفين الأبرار.
فالعباءة البيضاء المقلّمة بالأسود هي العلامة الظاهرة على استكمال المريد لمسلك الاستقامة في الدين ومجاهدة النفس والعمل بآداب التوحيد والتخلق بخصاله، وهو ما يؤهله لأن يكون من تلك الصفوة التي تمثل حصن الدين والجماعة ونبراسها وملجأها في الملمات.
إن العباءة البيضاء المقلمة وكمال الوجه هما تتمة لمسلك روحي شريف يقتضي على الموحدين التمسك به وتوقيره وإزجائه الاحترام الذي يستحق.
في مجلس الشيخ أبو حسين محمود فرج وغيره من المجالس الزاهرة تعرّف الشيخ أبو سعيد على المشايخ الأعلام الآخرين وأقام صلات المودّة وأخوة الدين معهم وأخذ من خبرتهم وعلمهم الواسع كما انجذب إلى مسلكهم وحكمتهم وتعليمهم ومن هؤلاء الشيخ أبو محمود سليمان عبد الخالق والشيخ أبو علي مهنا بدر (خلوات البياضة) والشيخ أبو حسين يوسف أبو ابراهيم والشيخ أبو حسين محمود دربيه في لبنان والشيخ أبو حسين محمد الحناوي والشيخ أبو حسن يحيى الخطيب والشيخ أبو حسين محمد عبد الوهاب في سوريا. وربطت الشيخ أبو سعيد علاقة وطيدة مع المرحوم الشيخ أبو محمد صالح العنداري الذي كان رغم مرضه يحرص على زيارته في عرمون وهو في طريقه الى مستشفى الجامعة الأميركية للعلاج، ومع المرحوم الشيخ ابو سعيد حمود حسن من البنيه جد شيخ العقل الحالي.
يقول أفراد عائلته إنهم لم يشعروا يوماً بأنه غاضب بل أظهر على الدوام حسن الخلق وطول البال وجبر الخاطر وليونة غير موجودة عند الكثير من الناس، وكان على قدر ما يكون الانسان غاضباً عندما يتحدث الى المرحوم يزول غضبه على الفور.
ومن صفاته انه رغم تقدّم سنه كان يصرّ على خدمة نفسه عاملاً بمبدأ رفع الكلفة رافضاً أن يفعل أحد شيئاً لأجله، واذا قام أحد أفراد عائلته بواجب تجاهه كان يظهر له على الفور آيات الشكر والإمتنان. .

” كان في عبادته ملازماً بيته ولم يخرج للناس كثيراً حتى في زيارات دينية فكانت خلوته بيته ومســـجده ومحــراب تزَهُّدِه ومجــاهدته “

مع المرحوم الشيخ أبو محمد جواد
مع المرحوم الشيخ أبو محمد جواد

اهتمامه بالتعليم الديني
كان وعظ الشيخ ابو سعيد مؤثراً رقيقاً ودقيقاً وحازماً في الأوامر والنواهي وكان يشير في كلامه إلى ابتلاءات العصر وينصح مريديه من شباب عائلته وزائريه (حيث كان يقصده الكثير من الشباب من الاردن وحلب وحضر في سوريا) بملازمة الخوف باعتباره «منجاة من الزلل وعصمة لجميع العالمين ولي». وكانت عبارة «رأس الحكمة مخافة الله» ملازمة غرفته. وكان يقول: «لو خاف المرء من الله مثل خوفه من الناس كان ولياً» وكان يتعجب من مداراة الناس لكل قوي في الأرض وتفريطهم في أمر المولى القوي العزيز الحاكم القهار، وكان يشدد في وعظه على اجتناب المال أو الرزق الحرام، وذكر بعض المقربين أن أحد أحفاده طلب مرة رأيه في نيته أخذ قرض من البنك فكان جوابه له سريعاً قاطعاً: «لا تدخل الحرام الى بيتنا».
كان الشيخ الراحل محباً كاتماً للسر ناصحاً برقة ورأفة مسامحاً واسع الصدر صاحب بصيرة وفراسة موجزاً في كلامه مع فصاحة ودقة وكان حسن الاستماع يصغي بإهتمام لوجهة نظر الطالب ومراده ثم يقوم بإرشاده وفق ما يلمحه فيه من استعداد وقبول لكن مع التركيز دوماً على الأوامر والنواهي وأهمية الإستقامة في السلوك كشرط للتقدم في طريق الحقيقة والدين، وكان بارعاً في استخدام الأمثال والقصص وسير الصالحين كوسيلة للتعليم والتوجيه، لكنه كان يعطي كل إنسان على قدر طاقته الاستيعابية، فقلب اللبيب يتغذّى من أدنى إشارة، وكانت حكمته الواسعة وأناته وتعامله الصائب مع كل ظرف إحدى أبرز الصفات التي اشتهر فيها. وبالنظر إلى الإقبال المتزايد على مجلسه وتزايد عدد الطالبين في أسرته وعائلته فقد سعى الشيخ أبو سعيد أمين بمساعدة أصحاب الأيادي البيضاء في مجتمعه إلى تشييد خلوة تعليمية جعل منها باباً لتعليم العلوم التوحيدية على يد مشايخ لهم مكانتهم الدينية.

إعراضه عن السياسة
من الأمور التي عرفت عنه إعراضه عن السياسة والأمور العامة الدنيويّة وانصرافه للعبادة والخلوة، وهذه من خصال المشايخ الموحدين الذين يعتبرون السياسة وأدرانها من خلاف وغضب وشهوة سلطة وفساد نية وقول وفعل من أخطر قواطع الطريق بل هي في نظرهم من الخطورة بحيث يجب على أي سالك حصيف أن يفرّ منها كما يفرّ من النار. لكن بقدر إعراض المشايخ الموحدين عنها فإنهم يجتمعون كالبنيان المرصوص عندما تتعرض الطائفة المعروفية لأي تهديد، إذ تراهم عندها يهبون هبة رجل واحد من أجل حفظها ورد غائلة العدوان عنها.
ومن المواقف التي تروى عنه أنه بعد مصادمات أيار 2008 المؤسفة قصده وفد من علماء الطائفة الشيعية الكريمة للصلح والتوافق بين الدروز والشيعة فاستقبلهم ببشاشة وترحاب إلا أنه لاذ بالصمت لبعض الوقت بعد ان كلَّف بعض الإخوان للقيام بواجب الترحيب ثم اردف جملة إلى الضيوف إذ قال: «إنا خلقنا لكم عقلاً ومعرفة وتمييزاً لتدفعوا به الضرر وتستجلبوا به النعم» .
تواضعه الجم
من محامد الشيخ الفقيد التي ورثها بصورة خاصة عن مرشده الشيخ أبو حسين محمود فرج التواضع الجم وكره الشهرة وحب الخلوة فكان في عبادته ملازماً بيته على الدوام ولم يخرج للناس كثيراً حتى في زيارات دينية فكانت خلوته بيته ومسجده وموضع عبادته ومجاهدته، ومنها مثلاً عندما أصرّ المرحومان الشيخ أبو حسين إبراهيم أبو حمدان (مٍيمس) والشيخ أبو علي مهنا حسان (حاصبيّا) شيخا البيّاضة الشريفة في تلك الأيام على الشيخ بالقدوم إلى البياضة للتعبد هناك، فذهب ومكث أسبوعاً واحداً فقط، نزولاً عند خاطرهم ثم عاد بعدها الى داره وسلكه الثابت.
كان الشيخ الراحل لفرط تواضعه عندما كانوا يطلبون رأيه في أمر ما يفضل دوماً الشورى والاستئناس برأي المشايخ في الأمور ولاسيما المهمة منها، وكان موقفه هذا نتيجة ليس فقط لتواضعه بل لخشيته من كل خاطر عجب مهما كان صغيراً حتى عندما كان يرى في فكره رأياً في مسألة تهم الموحدين فإنه لم يكن يبديه أو يبدأ بطرحه أو اقتراح الأخذ به، بل كان يطلب من المشايخ رأيهم فيه حتى إذا اتجه الجمع بعد التشاور إلى ما يعتقد أنه الرأي الصواب وافقهم عليه، وإلا فإنه كان عند الحاجة يعرض رأيه بصيغة النصيحة تاركاً للجميع أمر الأخذ به أو عدم الأخذ به، لكنه كان بسبب رجاحة عقله وثقة المشايخ والناس بحكمته يحصل دوماً على موافقة الجميع، وقد بقي الشيخ أبو سعيد أمين على هذا النهج من التواضع وتمسكه بتقليد المشورة بعد تتويجه بالعمامة المكولسة وارتقائه بالتالي إلى صفوف أعيان مشايخ الهيئة الروحية لطائفة الموحدين الدروز.

صبره على المكاره
تميّز الشيخ المرحوم بالصبر على المكارِه وهو ما يشهد عليه عدد كبير من المشايخ ومن معاصريه والمقربين منه، فكان يصطبر على ألم المرض حتى لا يكاد يظهره أو يلفت نظر أهل بيته المقربين إليه. ومما يُروى عنه أنه أصيب بمرض بعد أيام من تتويجه بالعمامة المكولسة وبلغ أمر مرضه الشيخ العلم الزاهد أبو حسين محمد الحِنّاوي في سهوة البلاطة في سوريا. اتصل الشيخ الحِنّاوي للاطمئنان على صحته وفي الوقت نفسه المباركة له بالعمامة المكولسة وقد جرى بين الاثنين حديث دلّ على عمق المودة بينهما كما دلّ على تقدير الشيخ الحِنّاوي لصبر الشيخ أبو سعيد على المرض وقد توجه إليه بكلام نوه فيه بصبره على الشدائد ومما قاله على سبيل الوعظ: «فالصبر على الشدائد يفيد المؤمن الفوائد وحصول الدرجات ونيل الثواب» .

تتويجه بالعمامة المكولسة
في الرابع من تشرين الثاني 2006 حضر الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين رئيس الهيئة الروحية آنذاك إلى منزل الشيخ أبو سعيد أمين في صوفر لغرض تتويجه بالعمامة المكولسة تقديراً له على حياة مديدة أنفقها في العبادة والصلاح والإصلاح وكان قد قصد خلوة الشيخ أمين الصايغ (أطال الله بعمره) للغرض نفسه وقد رافق المرحوم الشيخ أبو محمد جواد عدد من المشايخ الثقات من عاليه وبيصور وبطمة والمنطقة، لحضور المناسبة والمباركة للشيخ أبو سعيد الذي كان بلغ 91 عاماً. يومها قال الشيخ أبو محمد جواد مخاطباً الحضور: «اللّفة (العمامة المكولسة) ما بتكبّرو وهويّ بيكبّرها وبِفلْ مبعود إذا ما بيقبلها». وكان قصد الشيخ الجليل يومها الإلحاح على الشيخ الزاهد بقبول العمامة المكولسة وقد بلغ في ذلك «وضع الحد» عليه وهو ما يشير إلى أن الشيخ بسبب تواضعه المعروف وكرهه للشهرة كان ربما يميل لأن يعتذر عن قبول العمامة المكولسة، وهو ما يفسر لهجة الشيخ أبو محمد جواد في الإلحاح عليه إلى حدّ إلزامه (وهو أعلى مرجع روحي في الطائفة) بقبولها. يومها أفاض الشيخ أبو محمد جواد في الشهادة للشيخ ابو سعيد بما هو أهل له وقابله التواضع والاعتراف والتذلل من الشيخ المحتفى به.

سماحة-شيخ-العقل-يؤمّ-صلاة-الجنازة-في-مأتم-المرحوم-الشيخ-أبو-سعيد-أمين-أبو-غنام
سماحة-شيخ-العقل-يؤمّ-صلاة-الجنازة-في-مأتم-المرحوم-الشيخ-أبو-سعيد-أمين-أبو-غنام

وفاته رحمه الله
توفي الشيخ أبو سعيد في 18 كانون الأول 2013 عن عمر ناهز الـ 99 عاماً وقد نعته طائفة الموحدين الدروز بهيئتها الروحية ومشيخة العقل وقيادات الطائفة ونوابها وفاعلياتها وعموم أبنائها، وكان له مأتم مهيب شاركت فيه القيادات الروحية والسياسية والامنية وجمع غفير من رجال الدين وشخصيات وفاعليات وهيئات حزبية واجتماعية ومدنية.
وقبيل الصلاة على جثمانه الطاهر ألقى شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن كلمة جاء فيها: “بالرضى والتسليم لمشيئته تعالى، نودع اليوم شيخاً فاضلاً كريماً، عيناً من اعيان زماننا، وعلماً من الأعلام الشاهدة على الرسوخ في السبيل القويم والنهج السليم، ونفحأً عطراً طيباً من نفحات أهل التوحيد والسلف الصالح الذين بذلوا في الله مهجتهم، فعمّت في البرايا بركتهم، وعلت بالحق كلمتهم.” وتوجّه بالرحمة للشيخ الجليل، ثم امّ الشيخ حسن الصلاة على الجثمان حيث ووري إلى جانب خلوة العائلة الدينية.
رحمك الله وأثابك عن الموحدين المسلمين يا شيخ الطهارة والتقوى والاستقامة، والضراعة إلى الله تعالى أن يجعل مثالك المضيء قدوة ومثالاً ونبراس هداية لجميع المؤمنين عبر الأجيال.

[su_accordion]
[su_spoiler title=”ش. سامي أبي المنى” open=”no” style=”default” icon=”plus” anchor=”” class=””]

نجمٌ من الغرب

رثاء العلم المبين والثقة الأمين الشيخ أبو سعيد أمين أبو غنّام رحمه الله

مقام-الشيخ-أبو-سعيد-أمين-أبو-غنام
مقام-الشيخ-أبو-سعيد-أمين-أبو-غنام

نَجمٌ من “الغرب” في الأرجاء قد سَطَعـا فَشَـعَّ في الشرق وهجٌ منه وٱلتمعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا
باهَـــــــــــــــــــــــتْ به “عَرَمـونُ” الغربِ أجبُلَهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا طَوداً عَلا من “أبي غنـــــــــــــــــــامَ” وٱرتفعــــــــــــــــــــــــــــــــــا
“أبـو سعيــدٍ” “أميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــنٌ” طـــــاهرٌ عَلـَــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمٌ في دار سَعْدٍ نمـا كالنُّــــــــــــــــــــــــــورِ وٱتّسَــــــــعــــــــــــــــــــــــــــــــــا
فزادَهــــــــــــــا عِــــــــــــــزّةً مـــن عِـــــــــــــــــــــــــــــــــزِّه، وغَــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدَا مِثـالَ خيــــــــــــــــــــــــــرٍ، لأهـــــــــــــــــــــــــــلِ الخيـــــــــــــــــــــــــــر،ِ مُتَّبَــــــعـــا
أيـــــــــــــــــــــــــــا كبيـــــــــــــــراً، سقــــــــــــــاكَ اللهُ حكمـــــتَـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه فمـا ٱرتويــــــــــــــــــــتَ، ولَمّـا تَعــــــــــــــــــــــــــرفِ الشــــــــّبَعـــــــــــــا
ومـا طمِعــــــــــــــــتَ بغيـرِ الحــــــــــــــــــــــــــــــقِّ، تطلُبُــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه شوقاً وإن كنتَ لا تستحسِنُ الطّمَعـــــــــــــــــــــا
ويـا مُحِبّــــــــــــــــــــــــــــــــــاً، تجلّــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى فـــي محبّتـــــــــــِــــــــــــــــــــــــــــه معنىُ الحيـاة، فكان المُخلصَ الوَرِعـــــــــــــــــــــــــــــــــــا
زرعتَ جُهداً فطابَ الزَّرعُ، يحصُــــــــــــــــــــــــــــدُه بفرحة القلبِ مَن في عُمرِه زَرَعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا
وكــــــــــــــان أوفـاه جَنيــــــــــــــــــــــــــــــــــاً، بــــــــــــــــــــــــــل وأطيبَـــــــــــــــــــه، غــــــــــــــذاءُ روحٍ، من التوحيــــــــــــــــــــــــد قد جُمِعا
نشـــــــــــــأتَ يا عاشــــــــــــــــــــــــــقَ التوحيدِ من صِغَــــرٍ كبِــــــــــــــــــــــــــذرةٍ، لُبُّهــــــــــــــــــــــــــا في الأرضِ قد وُضِعا
فـــــــــــــي أرضِ أرقـــــــــــــى أميـــــــــــــرٍ سيِّـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدٍ دَرَجَ الـــشيخُ الأمينُ، وفي ذاك العَرينِ سَعَــــــــــــى
من علمِــــــــــــــــــــــــــه غُــــــــــــــــــــــــــذِّيَـتْ أركانُــــــــــــــه شــــرَفــــــــــــــاً، من سرِّه العذبِ ســــــــــــــــــــــــــــــــرَّ الحقِّ قد رَضِعا
حتى بَدَا النُّضجُ في تلك الثِّمارِ، وقـــــــــــــد ذاقَ المُريدُ لذيـــــــــــــــــــــــــــذَ الطَّعـــــــــــــــــــــــــــــمِ وانتفعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا
ما أطيبَ العَيشَ في التوحيدِ، دوحتُــــه تُحيــــــــــــــي القلوبَ وتَشفـــــــــــــي الداءَ والوَجَعــا
يا سيِّدي الشيـــــــــــــخَ ما أغنـــــــــــــاكَ، مُكتَفيـــــــــــــِـاً بمــــــــــــــــــــــــا ﭐغتنيتَ بـــــــــــــه عن زُخـــــــــــــرُفٍ لمَعَـــــــــــــــــــــــــــــا
يا سيّـــــــــــــدي الشيـــــــــــــخَ ما أصفاكَ، مُرتقيـــــــــــــاً إلى السـلامِ،بعــــــــــــــــــــــــــين القلــــــــــــــــــــــــــبِ مُطّلِعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا
بالحــــــــــــــــــــــــــبِّ تَقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرَعُ بـــــــــــــابَ اللِه، مُبتهــــــــــــــــــــــــــِـــلاً وهكـــــــــــــذا يدخــــــــــــــلُ الأبــــــــــــــوابَ مَـــــــــــــن قَرَعَـــــــــــــــــا
دخلتَهـــــــــــــا مِن خصــــــــــــــــــــــــــالٍ فيــــــــــــــــــــــــــــــــك ناضجـةٍ ومن طِبـــــــــــــــــــــــــــاعٍ،بهـــــــــــــــــــــــــــا إيمانُكـــــــــــــــــــــــــــم طُبِعـــــــــــــــــــــــــــــــــا
بشاشــــــــــــــةُ الوجـــــــــــــــــــــــــــه تُنبـــــــــــــي عن محبّتكــــــــم ولطفُكـم كــــــــــــــــــــــــــلَّ همِّ النّــــــــــــــاسِ قد وَسِعَــــــــــــــــــــــــــا
أنوارُكـــــــــــــم في ظــــــــــــــلامِ الليــــــــــــــل مُرشِـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدةٌ والصــــــــــــــوتُ همـــــــــــــسٌ ولكـــــــــــــنْ يبلُـــــــــغُ السّمَعَا
ولستُ ألمسُ غيرَ الطُّهــــــــــــــــــــــــــرِ من يدِكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم ولا أشـــــــــــمُّ ســــــــــــــــــــــــــوى ِالأُنس الذي وُدِعَـــــــــــــــا
في نهجِكــــــــــــــــــــــــــم منهــــــــــــــــــــــــــجُ العُبّـــــــــــــادِ، سيرتـــــــــــــُه تَروي المُحِـــــــــــــبَّ بِمـــــــــــــا مِن طُهرِكـــــــــــــم نَبَعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا
وفـــــــــــــي رِضاكُـــــــــــــم وفي التّسليـــــــــــــمِ مدرســـــــــــةٌ تَعلَّــــــــــــــــــــــــــمَ النّـاسُ منهــــــــــــــــــــــــــا الصّبـرَ والوَرَعــــــــــــــــــــــــــا
طُوبـــــــــــــى لكـــــــــــــمْ ســــــــــــــادتي، نلتُم شهادتَكم ونالها في خُطاكــــــــــــــــــــــــم مَن سعى وَدعـــــــــــــــــــــــــــا
ألـــــــــــــفُ التَّحيّــــــــــــــــــــــــــاتِ يا روحَ الأميــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــنِ وألـفُ ألـفِ رحمةِ ربٍّ زادَكم ورَعـــــــــــــــــى
من الكـــــــــــــتاب العزيـــــــــــــــــــــــــــز ﭐلروحُ قد نَهــــــــــــــــــــلت من سُنّة المُصطفى الشيخُ الجليلُ وعــــــى
من الأيمّــــــــــــــــــــــــــةِ من ســــــــــــــــــــــــــرّ الثِّقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات رَوى المديـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدَ وأحيــــــــــــــــــــــــــــــــــــا ذاتَـــــــــــــــــــــــــــــــــــه ولَعَـــــــــــــــــــــــــــا
من الجدودِ ﭐستمدَّ العــــــــــــــــــــــــــــــــــزمَ من جَبَـــــــــــــــــــــــــــلٍ قــــــــــــــــــــــــــد صارعَ الظُلمَ حتى ذلّ وانصرعـــــــــا
من إرثِ أسَلافــــــــــــــــــــــــــه الأبرارِ، من قِيَــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمٍ فيها تحدّى بنـو معــــــــــــــــــــــــــــــــــروفَ مَن طَمِعــــــــــــــــــــــــــا
ومن سنا شيخِنا الشيخِ الجوادِ سنـــــــــــــتْ عمامةُ الطهرِ تاجاً سادَ إذ خضعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا
تلـك المكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــارمُ معـيـــــــــــــــــــــــــــــــــارٌ ومُنطَلـــــــَــــــــــــــقٌ مَن لم يعِش في حمى أسرارِها ﭐنقطعـا
حَيّيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتُ في”عرمونَ” اليـــــــــــــــــــــــــــــــــــومَ مدمعَهـا من كـلِّ بيتٍ به خطبُ الأسى وَقعـــــــــــــــــــــــــــــــــــا
كأنــــــــــــــــــــــــــــــــما ذكرياتُ العمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرِ حاضـــــــــــــــــــــــــــــــــــــرةٌ والصخرُ يبكي هنا والغصنُ قد دَمَعــــــــــــــــــــا
ووجـــــــــــــهُ “عاليهَ” دمـعُ “الجُـــــــــــــــــــــــردِ” يُغرِقُـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه لأنّ نجـمَ الرضــــــــــــــــــــــــــــــى من صوبِــــــــــــــــــــــــــه طَلَعــــــــــــــا
والشوفُ والمتنُ والتيمـــــــــــــــــــــانِ في أسَــــــــــــــــــــــــــفٍ ومَن وراءَ الجبـالِ السُّمـــــــــــــــــــــــــــرِ قد فُجِعـــــــــــــــــــــــــــا
واحســـــــرتـاهُ علينـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا، إن هــــــــــــــــــوى عَلَـــــــــــــمٌ أو غابَ عَينٌ، تحمّلنا الهمــــــــــــــــــــــــــومَ معــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا
نبكــــــــــــــــــــــــــــــــي عليــــــــــــــــــــــــــكَ، وفي أعماقِنــــــــــــــــــــــــا ألــــمٌ وأنت تمضــــــــــــــــــــــــــــي إلى مثــــــــــــــــــــــــــواكَ مقتنعـــــــــــــــــــــــــــــــــــا
عليـــــــــــــكَ رحمــــــــــــــــــــــــــةُ ربِّ الكـــــــونِ هاطلـــــــــــــــــــــــــــــــــةٌ فاهنأْ بفوزٍ، بختـــــــــــــمِ الحـــــــــــــقّ قد طُبِعــــــــــــــــــــــــــــــــــا

[/su_spoiler]

[su_spoiler title=”ش. ماجد أبو سعد” open=”no” style=”default” icon=”plus” anchor=”” class=””]

نــــــال شــــــــرف العبوديــــــــة
لعــــزّ الحضــــــــرة الإلهيــــــــة

مما ذكره الشيخ ماجد ابو سعد في وداع المرحوم الشيخ ابو سعيد امين ابو غنام.

بسم الله الرحمن الرحيم
الرضى بقضاء الله: قَالَ تَعَالىَ في سورة الفجر «يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي»صدق الله العظيم، انه نداء الحق تَعَالىَ للنفس المؤمنة. الموقنة المصدقة بلقائه، يبشرها مولاها بالانتقال من خبر اليقين بتصديق الوعود في الدنيا، الى عين اليقين في اليوم الموعود في الآخرة، لتسعد سعادةً دائمة بلقائه، بعد ان اشتاقت في دار الخدمة للقائه، وهذا هو حال نفس شيخنا الجليل الطاهرة الشيخ ابو سعيد امين ابو غنام اشتاقت للقاء مولاها في الدار الآخرة.

نشأته: نشأ المرحوم الشيخ منذ صغره على الخير والورع، متابعاً مجالس الذكر، فبرزت نفسه الى ميدان السباق، مشمّرة في الجدّ عن ساق، وسهرت عينه في طاعة الله مجاهدة، وبكت من خشية الله محاسبة، وغضّت عن محارم الله مراقبة، فنالت نفسه المنازل العالية، وحُرِّمت عليها نار العذاب الباقية، لذتُها الانس بمشاهدة الجلال، كما وعد العلي المتعالي.

مسلكه: قال تعالى:إنما يؤمن بآياتنا الذين اذا ذكّروا بها خرّوا سُجدَّاً وسبّحوا بحمد ربّهم وهم لا يستكبرون (السجدة 15)، وفي هذه الآية الكريمة خصال، تجمَّعت في شيخنا الجليل المفضال، من ركوع الخشوع، وسجود الخضوع، والتذلل والتضرّع لمولاه، فكان انسه القيام في جوف الليل، والدعاء والإستغفار، في ظلمة الإسحار، وخوف محرق، وشوقٍ مقلق، وعطف ولطف ونصح للاخوان، وهل جزاء الإحسان الا الإحسان «ولمن خاف مقام ربّه جنتان».

خوفه: رأس الحكمة مخافة الله، عبارة كانت ترافق شيخنا السّعيد مستحضراً قوله تَعَالىَ في كتابه المجيد: لمن خاف مقامي وخاف وعيدِ.(ابراهيم 14). كانت لاخوانه ومريديه مدرسةً في بذر الخوف في القلوب وتربية المهابة في النفوس، وبالتالي فلا ينال حقيقة الكرامة في دار السرُور، إلاَّ مَنْ خاف وأبى وهم الكرامة في دار الغرور.
تواضُعُهُ: ملأ قلب شيخنا الفاضل التواضع خضوعاً للعزَّة الإلهية، فنال شرف العبودية لعزّ الحضرة الإلهية، وكرامة التقوى، وعزَّ الآخرة، فصار منارةً في تواضعه ووقوفه بنفسه عند قدرها، وعدم الإغترار بجاه الدنيا المنقرض.

تتويجه: عندما تكرم المرجع الروحي شيخ الزهد والورع والعفاف المرحوم الشيخ ابو محمد جواد ولي الدين بالعمامة المكولسة، ارتسمت في عيني شيخنا الخاشعتين دمعتا اعتذار، وفي لسانه العفيف الإعتراف والإستغفار، وفي قلبه الخاضع الدُعاء والإفتقار وهو يعلم ان العمامة كمالٌ ظاهر، وهو ظلُّ ورمزٌ لكمالٍ باطن، لِمَنْ اصلح سريرته، ونقَّى طويَّته. كما كان شيخنا التَّقي قد تصفَّى من كل كدر، فهيَّأ نفسه التقية لمشاهدة الجلال، وينتظره مع من سبقه من الأبرار، في دار الكرامة الكبرى، ما لا اذن سمعت ولا عين رأت ولا خطر على قلب بشر.

حِلْمُهُ: كان شيخنا الكبير القدير ملك حليمٍ في قهره لغضبه، وأسره لهواه. كما جاء في الحديث الشريف: «من كظم غيظه وهو قادرٌ على انفاذه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضىً». وقال الصادق الأمين:« إن هؤلاء في أمتي قليل الا من عصمه الله». وشيخنا الجليل من ذاك القليل من الصفوة. قد انكشفت له معاني الأسماء الرفيعة، والصفات الجليلة انكشافاً جليّاً يجري مجرى اليقين، فانبعث شوقه الى ذاك الأفق الأعلى، الى الجمال المقدَّس والجلال المعظَّم.

خاتمة: ان شيخنا السّعيد كم نغبطه على عمرٍ مديدٍ قارب المئة عام قضاها طاعة وجهاداً، ويقظةً واستعداداً، وورعاً وسَدادًا، قدمها قرباناً على مائدة الكرم السماوية العليا، وهو يرى ذلك قليلاً في تحصيل السعادة الأبدية القصوى، ونيل رضى المولى. فأقبل بوجهه عليه، ووفد بحسن ظنه اليه، ونفسه المباعة أنَفس القرابين التي قدمها بين يديه، خالصة من عيوب الرياء، مطيبة بأعمال الصفاء، مطهَّرة بنوايا النقاء، متوجّهة نحو قبلة الرجاء، مذكَّاةً بتسمية الولاء، مصدقة بوعد العفو والغفران، ونيل جميل الإحسان، في مقعد صدقٍ عند المليك الديان، الذي قال في محكم القرآن:كلا ان كتاب الأبرار لفي علييّن وما أدراك ما عِليُّون كتاب مرقوم يشهده المقرَّبون.(الآية 18-19-20-21 المطففين)

[/su_spoiler]

[su_spoiler title=”ش. منذر عبد الخالق” open=”no” style=”default” icon=”plus” anchor=”” class=””]

الشيخ أبو سعيد أمين أبو غنام رحمه الله

كلمات في سيرة روحية حافلة

ودعنا في الشهر الفائت علماً من أعلام طائفة الموحدين، وعيناً من أعيانها الأماثل، شيخنا الفاضل الشيخ أبا سعيد أمين أبو غنام، وقد أمضى حياته على الطريق المستقيم والنهج القويم آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر طائعاً لباريه محباً لإخوانه، مواظباً على تلاوة الكتاب العزيز وافياً بشروطه عاملاً بأحكامه السمحاء قائماً بالفرائض التوحيدية، محافظاً على المسالك الدينية العصماء، مقتنعاً بمبادئ الأسلاف الشريفة وتقاليدهم العريقة مقتفياً لآثارهم الغراء.
ولد الشيخ أبو سعيد أمين أبو غنام في بلدة عرمون – الغرب، سنة 1914م في بيت وُسم بسمة الدين وعائلة عرفت بكثرة الملتزمين في المسلك التوحيدي، فنشأ منذ نعومة أظافره نشأة صالحة وتعلّق بأهداب الدين فتى يافعاً يعمل دائباً بهمة ونشاط مساعداً أهله على تحمل أعباء العيش وشظف الحياة، وعندما بلغ مبلغ الشباب أخذ يهتم بدراسة الكتاب العزيز ويصرف معظم أوقاته بين أوراقه وصفحاته متفكراً في مضمونه وآياته، متعمقاً في معانيه وإشاراته، مواظباً على التلاوة والترتيل في ليله ونهاره وصبحه ومسائه مداوماً على مجالسة الشيوخ الكبار من عائلته متعلماً منهم مقتبساً من فضائلهم سائراً على مسلكهم مستفيداً من وعظهم وإرشادهم مهتماً بكل ما يسدون له من النصح، حتى غدا على جانب كبير من العلم ينظره الجميع بنظرة الإحترام ويتوقعون له مستقبلاً زاهراً. وعندما شعر أنه بحاجة الى التوسع والإستزادة في العلم، اتجهت أنظاره الى خلوة الشيخ أحمد أمين الدين المزدهرة في بلدة عبيه، والمتألقة بوجود سيدنا الشيخ أبي حسين محمود فرج، فصحبه مدة من الزمن مرافقاً له في حَلِّه وترحاله متأدباً بآدابه ناهلاً من فيض علمه، متأثرا بمسلكه وخشوعه ومراقبته، والتزامه الوضوح والدقة في كلامه، متقيداً بالقيود الصارمة في لحظه ولفظه وسائر حركاته وسكناته، فأصبح من تلاميذه النجب المياومين الذين اتسعت لهم في التوحيد أفسح الميادين.
سمت همة الشيخ أبو سعيد وارتفع قدره وأصبح من المشايخ المميزين في بلدته ومنطقته يعينه على ذلك عزم متوقد وفكر متجدد، وقوة جسدية تعينه على قضاء حوائجه في دينه ودنياه، فجاهد وعمل بكل قواه على صقل نفسه بالعلوم التوحيدية، فاستنار عقله الصافي بأنوار الهدى واليقين، واشتغل على تهذيب جوارحه وتقييدها بقيود الورع، مستسهلاً التعب والنصب والمشقات ، مقبلاً على الأوامر والفرائض، مدبراً عن المحارم والنواهي، مخلصاً في سره وجهره معتصماً بالصبر واليقين، فعلت منزلته وأصبح منزله محجة للقاصدين وملتقى الزوار الوافدين، فيلتقيهم بوجهه البشوش مرحباً بهم بأرق العبارات والألفاظ، باذلاً لهم أقصى ما يستطيع من الكرم والجود ومحياه طافح بالبشر والفرح والغبطة، فكثرت أصدقاؤه وخلانه وتضاعف محبوه وإخوانه، وازداد برّه وإحسانه للقريب والبعيد واشتهرت أياديه البيضاء التي عمّت جميع المناطق، فشاع خبره في جميع البلدان وانتشر ذكره في مجالس الأعيان مما أهله أن يكون من أصحاب العمائم المدوّرة، تتويجاً لعمره المديد الحافل بالجهاد والتضحية والعطاء، وهذه أبيات مؤرخة عساها تساهم في ايفائه بعض حقه:
بدر أضاء في سماء الغرب فاق عُلىً ســـامي المقام سَنِــيُّ الطهـر والنبــــــــل
بدا جليــــــــــاً ترقـــــــــى في معارجــــه يشـــــــعُّ نوراً ويجلــــــــو ظلمةَ الجهــــــــل
متوَّجــــــــا برفيع من مكـــــارمــــــــــــه يهديــه علم الهدى في الجزء والكـــــــل
مــــزودا بقــــويم من مســــــــالكــــــــه مواكـــبــــا للنهـــى مع راجح العقــــــــــــل
مقلَّــــــــــــــــــدا بوفيــــــــر من عزائمه راقي البصيـــرة زاكي الفرع والأصــــل
مجاهــدا في مياديــــــن الأُلى بطلا مراقبــــا خاشعــــا فــي أقوم السبـــــــــل
مرابطــــــا في حدود الدين مُؤتلقــا وحازما حاسمـــا فـــي الموقف الفصـــل
وآمــــرا ناهيـــــا مستكملا أدبـــــــــا مســدَّدَ الخَطـــوِ فـــــي الترحـال والحَــلِّ
أحب إخوانـــــه الأبرار محتضنـــــا ومحسنا منصفا فــــــي القطع والوصــل
مضى فقيـدا نجيدا مخلصا علما مُخَلِّفـــا غُصصا فــــي مُهجـــة الأهـــــــــل
ثـــوى كريمـــا جليـــلا سيدا ثقـــــــة ً يرجـــو ثواب ولـــــــــي الأمـــــر والفعـــــــــل
في جنّــــة الخلد لاقى وجه خالقـــه مسلمــــا راضيـــا فـــــي واحـــة العـــــــــدل
أحيـــى تراث أبي غنــــامِ أرَّخَـــــــــــــهُ أبــــو سعيـــدٍ أميـــنٌ مَعقــــِل الفضـــــــــــــل
سنة 1435 هجرية

[/su_spoiler]

[su_spoiler title=”عزت عبد الخالق” open=”no” style=”default” icon=”plus” anchor=”” class=””]

المرحوم الشيخ أبو سعيد أمين قبل تتويجه بالعمامة المدوَّرِيّة
المرحوم الشيخ أبو سعيد أمين قبل تتويجه بالعمامة المدوَّرِيّة

من أبرز الصفات التي اتصف بها المرحوم الشيخ أبو سعيد أمين أبو غنام الأخلاق العالية ورجاحة العقل والأناة حتى أصبح يُضرب به المثل ويقال لمن يقوم بهذه الأعمال من أبناء المجتمع الديني “كأنه الشيخ بو سعيد أمين”. وهكذا استقرت نفسه الطاهرة على هذه القاعدة من الأخلاق الحميدة، ولم يُذكر مرة أن فارقت الابتسامة ثغره، أو نظرة الحنان والرأفة والمحبة وجهه. أما الغضب وعلاماته والتعابير التي تصدر عنه وما ينتجه من أساليب قاسية في التعاطي، كلها لم تعرف أي سبيل الى نفسيّة الشيخ المرحوم أو طريقة تعاطيه في حياته أو علاقاته الاجتماعية، بل كان كلامه دائماً عذباً ومعبراً عن القيم التي آمن بها قلباً وعاشها مسلكاً.

أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر
لم تكن الأخلاق العالية، وان كانت السمة البارزة في شخصية الشيخ، منفصلة عن سواها من الفضائل، بل كانت جزءاً لا يتجزأ من القيم المتكاملة المتجسدة في نفسه المليئة بالايمان، منصبغة بصبغته الروحانية، والتي كان عمادها الدائم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وكان أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر منجبلاً في طينته الطائعة لخالقها، القائمة بالفروض والواجبات، اذ كانت الفضائل التي تلّف نفسه الروحانية ثمرة هذه الطاعة والإنقياد التلقائي لما أُمر به ونُهي عنه حتى لازمت حياته أينما حلّ وأينما ارتحل وأصبح صورة حيّة عن فضائل التوحيد وقيمه… أو على هذا الأساس المتين في التزامه الخاص، كان اشعاعاً في محيطه وبين عارفيه وفي مجتمعه، يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر، ولا يترك الأمور تسير بدون ضوابط ومعايير، عاشها في ايمانه وتصرفاته لحظة بلحظة، وبثها في نورانيته الصادقة بأسلوبه اللطيف وتعابيره السلسة وقلبه المحّب وابتسامته المعهودة، فتلقاها المجتمع بطيبة خاصة وسلك بها مسلك الصراط المستقيم، إذ لا خلفيات لهذه الأوامر سوى الامتثال للمرسوم الشريف والأخذ بالتعاليم الشرعية ليدرك الغاية الانسانية وصولاً الى الغرض الشريف الذي تتحقق به كرامة الانسان، بعيداً من المعاصي والموبقات وما يلوّث النفس البشرية بالمخالفة لوصايا الله التي تؤدي بالبشرية الى الإنسفال سواء على صعيد الفرد أو المجتمعات وتجّر التناحر والنزاعات.

إصلاحه بين الناس
كان الكثير من الناس يقصد الشيخ لاستشارته في ما يواجهونه من صعوبات ومشاكل تعترض حياتهم وتسبّب التباعد ونقص التواصل السليم وأحياناً التنافر والخلافات، فيرشدهم بما هو علاج شاف لهذه الأمراض النفسيّة والاجتماعية، لأن رأيه صاف ومجرد ومن وحي الايمان والاعتقاد الذي لا يأتيه الباطل ولا يعتريه الخلل، وكان الناس يتقبلون رأيه ووصاياه التي كانت في الغالب وقاية من الخلافات ولقاحاً فكرياً ونفسياً يعزّز الجانب العقلي والديني في الانسان ويعطي الدفع الايجابي، مما يحول دون وقوع الأخطاء ومعالجة تداعياتها السلبية على الفرد والمجتمع.
أما اذا واجه بعض المشكلات الصعبة، والتي كانت كثيراً ما تحصل بين الناس بسبب التعقيدات وتشابك المصالح الدنيوية والاجتماعية، فكان شيخنا الجليل بما يحمل من ايمان عميق ورأي سديد ولطافة معهودة وفكر ثاقب، لا يألو جهداً من سعيّه المبارك لتقريب وجهات النظر وتوسيع المساحات المشتركة واحقاق الحق والاصلاح العام، وحلّ اسباب النزاعات وتغليب عنصر الحق والخير واطفاء نار الغضب والحقد والحسد بماء الحقائق، وسدّ أبواب الخلاف من سائر وجوهها وأسبابها.
لمع نجمه وسطع وكان القدوة الحسنة والمقصد الأمين وموضع التكريم والإلتفاف حوله والأخذ برأيه في الشدّة والرخاء. وكان في القرن الذي عاش فيه علماً من أعلام التوحيد وقبساً وهاجاً تستضيء به الأفكار والقلوب ومعقلاً حصيناً لقوى الخير وموئلا آمناً ترتاح اليه النفوس، ومن ثمرة أفعاله العقل والحلم والسكون ومكارم الأخلاق، كل ذلك سلماً ومرقاة الى حدّ الانسانية الفاضلة التي أرادها الله لعباده.
هذه كانت شذرات من سيرة شيخ اتصف بالتقى وكان مرجعاً دينياً بارزاً تفتقده طائفة الموحدين الدروز.

 

 

content[/su_spoiler]

[su_spoiler title=”ش. سلمان محمد بو غنام” open=”no” style=”default” icon=”plus” anchor=”” class=””]

قيض الله سبحانه لهذا المذهب الإسلامي التوحيدي عدد كبير من الثقات الاصفياء، أصحاب العقول المدركة والأرواح الطاهرة والبصائر المنيرة ، سادات شيوخ علماء اولياء مخلصين
عمّرت بهمتهم المساجد وأقيمت المجالس وشُيّدت الخلوات وازدحمت مجالسهم بالطلاب المريدين وكان على رأس هذه الكوكبة سيد عظيم حكيم مرشد إمام كبير نقيب بل نقيب النقباء وسيد الأسياد هو المرحوم السيد الأمير جمال الدين عبدالله التنوخي قدّس الله روحه الذي ولد في العام 820 هجرية في عبيه وهو سليل الاسرة التنوخية العريقة الى العديد من الامراء التنوخيين، كما عاش في عصره الشيخ زهر الدين من آل ابي ريدان من بلدة البساتين كما تعرف اليوم.
والجدير ذكره على سبيل التعداد وليس الحصر الشيخ شمس الدين الصايغ الاصل من شمليخ ( بلدة شارون) وانتقل الى عبيه وكان يسكن في منطقة بواردين التابعة لبلدة البنيه وكذلك الشيخ زين الدين عبد الغفار تقي الدين وهو من بلدة بعقلين لكنه سكن في بلدة كفرمتى وتوفي فيها عام 965 هجرية ومدفنه فيها الى يومنا هذا.

المرحوم-الشيخ-أبو-حسين-محمود-فرج-كان-بمثابة-المرشد-الروحي-للشيخ-أبو-سعيد-أمين
المرحوم-الشيخ-أبو-حسين-محمود-فرج-كان-بمثابة-المرشد-الروحي-للشيخ-أبو-سعيد-أمين

كما نذكر الشيخ عساف أمين الدين وله مقام في بلدة عبيه والشيخ احمد امين الدين صاحب الوصية المشهورة بوقف املاكه على نية الخير.
واستناداً لكتاب مناقب الأعيان للمرحوم الشيخ ابو صالح فرحان العريضي نذكر في بيصور الشيخ ابو عز الدين ابراهيم بو حرب(العريضي) والشيخ ابو يوسف ضاهر ملاعب والشيخ ابو علي اسماعيل حسيكي ملاعب، ومن بلدة عيناب كان الشيخ احمد العنابي.
وفي بلدة كفرمتى نذكر الشيخ ابوعلي مسعود الغريب (الجدّ).
ولا بدّ لنا من ان نذكر صاحب الفضل العميم والقدر الكبير العلم الجليل سيدنا المرحوم الشيخ أبو حسين محمود فرج الأمين السادق الورع التقي وقد خصه الله سبحانه وميّزه عن مشايخ عصره بميزات كثيرة نذكر منها ميزة كلامه وصيانة لسانه مع الصدق التام، وتجنب الحرام والشبهات، فكانت هذه الخصال كما قال عنه ولده المرحوم الشيخ أبو محمد حسين فرج «من الدلائل الواضحة على سمو فضله وعلو مقامه وكبر منزلته».
ومن ميزته أيضاً أنه كان رحمه الله مع قلة كلامه دائم الحرص في مراقبة باريه، شديد الخوف، خاشعاً خاضعاً لعزته وكرامته وغدا بفضل تأييد الله تعالى سيداً ساد على جميع البلدان فغدت خلوته (خلوة عين الشاوي) في عبيه مقصد المشايخ الأعيان وملتقى الطلاب والمريدين يقتبسون من خصاله الحميدة وينهلون من علمه وإرشاده ما يستطيعون، ومن المشايخ الذين لازموا رفقة سيدنا الشيخ ابو حسين فرج نذكر منهم فقيدنا المرحوم الشيخ الجليل أبو سعيد أمين أبو غنام والمرحوم الشيخ القدير أبو علي محمد الحلبي، والمرحوم الشيخ الجليل الشيخ ابو سعيد حمود حسن، والذي ضريحه في منزل سماحة شيخ العقل، والمرحوم الشيخ الجليل ابو داود كامل حسن ، والمرحوم الشيخ الجليل ابو هاني ملحم خداج وله ضريح في منزله ، والمرحوم الشيخ الجليل ابو حسين محمود ملاعب.
وعرمون الزاهرة الزاخرة برجالها عرفت مجموعة كبيرة من المشايخ الثقات المؤمنين الموحدين منذ القدم، المثابرين المجتهدين الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر المجاهدين في معرفة الله عز وجل، الراضين المسلمين العابدين القائمين على تلاوة كتابه الكريم، شيوخ كرام بنوا الخلوات وشيدوا المجالس فكان منهم كوكبة كبيرة ساحت في إحياء الدين الشريف، نذكر منهم:

منظر-عام-لقرية-عرمون--2
منظر-عام-لقرية-عرمون–2

 

المرحوم الشيخ جمال الدين بن محمد بن جمال الدين بن يوسف الصايغ المتوفي سنة 1012 هـ – 1603 م وله حجرة في مجلس آل المهتار – عرمون
المرحوم الشيخ الشاب عبدالله ابن الشيخ حسن المعروف بالعرموني والمتوفي سنة 1135 هـ – 1722 م والمدفون في خلوات دير قوبل وله حجرة بناها الأمير بشير بن يوسف بن سليم في 12 صفر 1136 .
المرحوم الشيخ أبو حسن سليمان إبراهيم الجوهري والمتوفي سنة 1166 هـ – 1752 م وله حجرة في مجلس آل الجوهري.
الشيخ المرحوم أبو حسن جمال الدين المهتار صاحب خلوات المونسة عرمون والمتوفي سنة 1294 هـ 1877 م وله حجرة ضمت ولده الشيخ أبو يوسف المهتار باني مجلس آل المهتار.
أما مزار المرحوم الشيخ أبو حسن سليمان الحلبي المتوفي سنة 1325 هـ. فهو يضمّ جثمان نجليه المرحوم الشيخ أبو سليمان محمود والمرحوم الشيخ ابو محمد صالح وحفيديه المرحوم الشيخ ابو امين سليمان والمرحوم الشيخ الجليل أبو علي محمد الحلبي والكائن في ساحة آل الحلبي في عرمون.
وأما مزار المرحوم الشيخ الجليل أبو محمود سعيد أبو غنام المتوفي سنة 1347 هـ فهو يضم ضمّ رفاة والده المرحوم الشيخ أبو سليمان محمد سعد الدين وولده المرحوم الشيخ ابو سليمان محمود أبو غنام وهذا المزار له كرامات ويزار ويقبل النذر.
أما الشيوخ الأبرار من ثلة المؤمنين العابدين المسدقين فنذكر منهم المرحوم الشيخ القدير أبو حسين علي قبلان والمرحوم الشيخ أبو سليمان محمود سلوم أبو غنام ونجليه الشيخ أبو أمين رشيد والشيخ أبو حسن سليمان وحفيده اليوم الشيخ التقي الورع الشيخ أبو عفيف رفيق أبو غنام، كما نذكر المرحوم الشيخ ابو عادل نسيب ابو غنام.
نذكر أنه كان لشيخنا المرحوم أبو سعيد أمين أبو غنام عم كريم هو المرحوم الشيخ أبو محمود سعيد أبو غنام، صاحب المزار المذكور سابقاً، صادق مجاهد حفظ الكتاب ومكث مدة طويلة في خلوة جده المرحوم الشيخ جمال الدين المهتار في المونسة حتى ذاع إسمه في البلاد واصبح منزله مقصد المشايخ الأعيان ومن صفاته رحمه الله انه كان قليل الكلام خاشعاً لله محبّاً للإخوان كريماً حقاً لُقّب ببنك المشايخ وعمله هذا لوجه الله الكريم فقط.
وشيخنا المرحوم أبو سعيد أمين كان يقول: عمي سعيد كان يفعل كذا وكذا وكان يتصرّف كذا وكذا وهذا مما يدلّ على إعجابه وتقديره للمرحوم عمّه سعيد والمرحوم أبو سليمان سعيد هو باني مجلس آل أبو غنام.
وللمرحوم الكريم ولدان هما المرحومان الشيخ ابو سليمان محمود والشيخ أبو محمد توفيق وولده المرحوم الشيخ أبو سلمان محمد أبو غنام (والد الكاتب).
من جهة ذكر عائلة آل دقدوق منهم أفاضل كالمرحوم الشيخ ابو يوسف امين دقدوق. ومن جهة ذكر آل يحيى منهم افاضل كالمرحوم الشيخ ابوكمال شفيق حميد يحيى.

content[/su_spoiler]

[/su_accordion]

 

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading