الجمعة, نيسان 19, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, نيسان 19, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

الصفحة الأخيرة

الصفحة الأخيرة

سيّد الإعتدال والحـــوار

تربطني بالسيّد هاني فحص علاقة قديمة تعود إلى منتصف التسعينيات، وحدث أن اختلفنا في الرأي حول قضايا راهنة، لكنه كان دائماً يتمسّك بالحوار، ولم يتوقف مرة عن التواصل سواء أكانت الآراء متفقة أم مختلفة، وهذه واحدة من ميزاته العديدة.

فَقَد لبنان برحيله علماً من أعلام الحداثة والتنوير في زمن الظلمات والعتمة الفكريّة. هو قامة وطنية كبيرة ترجح بين الإنسانية والقومية والعروبة والإسلام، تفتح منافذ الحداثة من دون أن تقفل أبواب التراث، تنادي بالتجديد وتحافظ على التقليد.

غزير الإنتاج والكتابة، يتنقل بالقارئ بين الأسطر من فكرة إلى فكرة بسلاسة وهدوء من دون أن يغفل إمكان استفزازه بمواقف جريئة ندر أن صدرت عن رجل دين في عصرٍ تشوّهت فيه المعالم الدينية، وارتدى التطرف لباس الدين مفككاً معانيه الأساسية في التسامح والمحبة والتعايش.

متقدّم هو في نظرته للدين والدنيا. كلماته الرشيقة تفتح أبواب العقل وكأنه مسكون بإبن رشد الذي ألفّ مرجعاً هاماً بعنوان: «فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من اتصال» في مسعى عقلي، مبني على الوعي والإدراك، للجمع بين العقل والدين والقول إنهما لا يتناقضان بل يتكاملان.

فالإيمان العقلاني قد يكون أحد مرتكزات تفكير السيد هاني فحص الذي يرغب دائماً في إعلاء شأن العقل، رافضاً الفهم الضرير لمكونات الفقه الديني من دون العمل البحثي والعقلي الجدي على مختلف المستويات.
يبحث دائماً عن المشتركات والمساحات التي تجمع بين الثنائيات، يأسف لأن يكون المتداول من الأديان والمذاهب هو المستوى التكفيري فيها، ولو أنه يملك مفهوماً قاموسياً وفقهياً لمسألة التكفير.

يرى أن كل جماعة فيها من فئة التكفيريين ومن فئة الحواريين طارحاً السؤال الأهم: كيف نُغلب أهل الحوار على التكفيريين؟ هو الذي قال يوماً: “الطائفة اختيار ثقافي.”

لطالما إلتزم السيد هاني فحص بنهج الإعتدال رغم إدراكه أن «الاعتدال صعب ومكلف، وكلما دفعت الثمن، أحسست بنور الإعتدال وجماله»، على حدّ وصفه. ومع أهمية هذا الإعتدال، فإنه يمتلك الوضوح في الرؤية تجاه قضايا في غاية الحساسية والتعقيد، فيقول مثلاً: «ليس لدي إيمان بالعصمة أمام المقامات»، وهذا القول ينطوي على الكثير من الجرأة والشجاعة في الزمن الذي تحوّل فيه الكثير من «القيمين» على الدين (أو الذين يدعون هذا الدور على الأقل) لا يقبلون نقاشاً أو رأياً مغايراً. فأن يصدر هذا الموقف عن رجل دين معمم، فهذه مسألة مهمة للغاية يجدر التوقف عندها.

حذر دائماً من ضرورة الابتعاد عن الإقصاء لقوى سياسية تحمل مشروع الإسلام السياسي، لكنه دعاها في الوقت ذاته كي لا تعيد إنتاج أخطائها مراراً وتكراراً مثلما حدث في مصر. وقال في هذا الأمر:«الشمولية مهلكة، والإسلام السياسي إذا لم ينتبه إلى نفسه، سوف يلحق بالشيوعيين».

رامي الريِّس

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading