هــــــــــوَى الفـــــارس الآتــي من بـاريــــــــس
الشاعر والأديب والكاتب الأستاذ أحمـد منصور، مدير مكتبة الأمير شكيب أرسلان الدولية في مدينة الشويفات، هـوى مـن على منبـر المكتبة الوطنية في بعقلين، بتاريخ 26/9/2015، أثناء إلقائه كلمة، خلال اللقاء الثقافي للمثقفين والهيئات الثقافية، الذي عقـد في المكتبة الوطنية في التاريخ المذكـور حيث أصيب بعارض صحّي مفاجئ فسـقط أرضاً وما لبث أن فـارق الحيـاة.
ولـد الأستاذ أحمـد منصور سنة 1942، في بلدتـه حاصبيا الجنوبية، وهـو ينتمي إلى عائلة “الكاخي” في البلدة المذكورة. تلقّى دراسته الإبتدائية والتكميلية في مدارسها، والثانوية في مدارس مختلفة، ثـم سافر إلى القاهرة ونال شهادة التعليم الثانوي.
وفي سنة 1967، غادر إلى باريس وانتسب إلى كلية الآداب في جامعة السوربون لمتابعة دراسته الجامعية، وعمـل في التعليم والترجمة ونظم الشعر، ونشر المقالات الصحفية، وأنشأ مكتبة خاصّة حـوت مئات الكتب والوثائق والمجلّدات.
عـاد إلى لبنان، وكان قـد تـمّ إنشاء مكتبة عامّـة في مدينة الشويفات، أطلق عليها “ مكتبة الأمير شكيب أرسلان الدولية”. عيّـن الأستاذ أحمـد مـديراً للمكتبة، فقام بنقل جميع محتويات مكتبته الخاصة من باريس إلى لبنان وقـدّمها هبـة إلى مكتبة الأمير شكيب المذكورة.
خلّـف الأستاذ أحمد منصور إرثاً ثقافياً ضخماً في الشعر والنثر، باللغتين العربية والفرنسية، منها:
1. باللغـة الفرنسيـة:
قاموس السبيل، لاروس، (تصحيح ومراجعة) – ودراسة حول البنية العروضية “كتاب الحب” شعـر نـزار قباني – وديـوان شعـر.
2. باللغـة العربية:
عشـرة دوادين شعـرية منشورة، وثمانية دواوين شعرية غير منشورة وجاهزة للنشر، منها ديوان شعري باللغة العامية وثلاثة كتب نثرية جاهزة للنشر أيضاً، بالإضافة إلى مئات المقالات والقصائد نشرت في صحف: الأهرام “مصر” – القدس العربي “لندن”- الإتحاد الإشتراكي
“ المغرب”- وثماني صحف ومجلات لبنانية في بيروت.
بـدأ الأستاذ أحمـد منصور بنظم الشعر صغيراً. هـو والشعر تـؤمان، يتفاعلان ويتلاحمان، فكلاهما واحـد الشاعـر والموهبـة. شعـره عميق الجـذور. يأخـذ من القلب حنينه إلى الجمال، ومـن العقل توقـه إلى الحقيقـة. مـن يقـرأه، يـرى إبداعه في سبك العبارات وصقلها ووزنها، وفي تصوير المعاني، والتحليق في الخيال والحكمة. يـوقن أن البلاغة لـم تخـلق خلقـاً ولا تصنع صنعاً، إنها تركيب دقيـق يعمل فيـه الشاعـر والطبيعـة.
في ديوانـه “مـدار الشمس”. يبدأ بذكر المعلّم كمال جنبلاط، شهيد المستحيل. ص 16
إرتجـــــــف الكــــــونُ نجـومــــــــــاً وجبـــــــــــــالا وجبيـنُ الشمس كالفحـم اسـتحالا
والسّـمــــــا انشقّــــــت بــــــزلـــــــزال هــــــــــــــــــــــوى في مـداه الشّـهبُ سـحبٌ تتعـالى
هـــــــــــــــــــل همـــــــت فــــــي بــــــعلبـك عـمــــــــــــــــــــــــــــــدٌ أم همـى “صنّين” في البحر وسالا
ألف أدهى..صرخوا..قلت إذن جنـدل الأوباش في الشـرق الهلالا
وفي ديوانـه “ حبّة من تراب غـزّة” يقـول: ص 48
أطفـال غـزّة والحـرائق أعيني
كبـدي لظـى .. نبضُ الفـؤاد جِـمارُ
أشـبال غـزّة صـولة في أمّـة
حِمـمٌ تهـبّ وطِيسـُها قهّـار.
أحمـد منصور شاعـر طليعيّ بارع، ورائـد نهضة، ومن المجـدّدين في الشعر. كما بلنـد الحيدري، ومحمـد الفيتوري، وعبد الوهاب البياتي، وسميح القاسم، ومحمد علي شمس الدين، ومعين بسيسو، ومحمود درويش، وأدونيـس، وأنسي الحاج وغيرهـم، الذين نجحـوا في تلقيح الشعـر بـدم التجديـد، النابـع من صـدق المعاناة لقضايا العصر الذي عايشـوه، والإنفتاح على ثقافات الغرب.
رحـل الأستاذ أحمـد منصور، لكنه باقٍ في ذاكرتنا وفي ضميرنا. رحمه اللـه.
8/10/2015